إن سمح لها بأن تدخل إلى قلبه و الله وحده يعلم كم يرغب ذلك سوف تكتشف بطريقة قاسية جداً أمراً فهمه هو منذ وقت طويل عندما كان طفلاً " رفضه من قبل المجتمع الذي يضمها إليه بكل فخر و حب .
عندها سوف تصاب بجرح لن تشفى منه أبداً . لن تتمكن ناتالي من تجاوز صدمة قاسية كهذه , و هو لن يسمح لها بأن تستدرجه ليثبت لها ذلك .
كان بإمكانه أن يجعل الأمور أكثر سهولة بينهما , لو إنه شرح لها لماذا يقدم نفسه للمجتمع كرجل عادي فقير ورث هذه الفيلا المهدمة , لكنه أقسم منذ زمن بعيدا ألا يبرر تصرفاته لأي كان .
أولئك الأشخاص الذين يحيطون بها , جعلوا حياة جدته بائسة و حزينة , و هو لا يستطيع تغيير نفسه إلى درجة تمنعه من الإحساس بالسعادة و الرضى حين يأتي الوقت المناسب و يندمون على ما قاموا به . لن تتمكن ناتالي من رؤية ذلك الأن , لكنه يقدم لها خدمة بإبقائها بعيدة عنه , لأن الجميع سوف يكرهونه عندما يتفذ إنتقامه . جدتها و أصدقاؤها لن يسامحوه مطلقاً لإنه سيكون قد سخر منهم , و أثبت لهم إنهم أغبياء , و إن كانت ناتالي تسانده و تناصره , فهم لن يغفروا لها أيضاً .
بعد مرور أربعة أيام , ذهب ديمتريو إلى بوستيانو ليعاين معدات محلية الصنع لدى سمكري يقيم هناك , و عندما عاد إلى شاحنته , وجد العجلة الخلفية مثقوبة .
اجتاحه الغضب بشكل لا يحتمل , فرفس العجلة المثقوبة بقدمه . صحيح إن الشاحنة تبدو قديمة لكن العجلات جديدة , لذلك إستغرب الأمر , و لم يعرف السبب الذي أدى إلى ثقبها . أما الأسوأ من ذلك كله فهو إنه مضطر إلى إفراغ الشاحنة من المواد التي إشتراها للتو ليتمكن من الوصول إلى العجلة الإحتياطية , وفي هذا الطقس ذي الحرارة المرتفعة الخانقة .
أطلق زفرة طويلة قائلاً بتذمر :
(( يا لها من نهاية سيئة لأسبوع سيء , إنه أشبه بالجحيم ))
أفرغ كل المعدات من الشاحنة , و أخرج العجلة الإحتياطية و الرافعة .
- تباً لهذه العجلات الرديئة !
- هل تحتاج إلى المساعدة ؟
رفع ديمتريو نظره , فالتقت عيناه بنظرات رجل يمر بقربه . بدا الرجل في الثلاثين من عمره , يرتدي بنطلوناً قصيراً و قميصاً قطنية قصيرة الكمين , وينتعل حذاء رياضياً و يحمل آلة تصوير علقها حول عنقه , و قد تخلل شعره الأسود الداكن , بضع خصلات من اللون الأشقر , فيما تدلى قرط فضي صغير من إذنه اليسرى . الإنطباع الذي يعطيه هذا الرجل للمشاهد العادي هو إنه مجرد سائح يتجول مستمتعاً بالمناظر المحيطة به , أما ديمتريو الذي يملك تجارب كافية مع الشرطة تعود إلى أيام شبابه , فيتعرف مباشرة على الشرطي المتخفي ما إن يصادفه , حتى لو راح هذا الأخير يبتسم له بمودة .
رفع نحور العجلة بمفتاح الربط , و بدأ يفك المسامير , ثم قال :
(( منذ اللحظة التي أعلنت فيها عن إسمي و أدرك الناس من أنا , أظن إنني أصبحت شخصاً مشكوكاً بأمره في هذه المنطقة ))
إنحنى الرجل قربه , و عرف عن نفسه بصوت منخفض :
(( التحري كريستوفاني روسو ))
بدا الأمر بالنسبة للناظر إليهما كأن الرجل يقدم له المساعدة في إصلاح عجلة الشاحنة . تابع الرجل قائلاً :
(( أعلمك إن إسمك هو نقطة لصالحك و صالحنا معاً , في هذه الفترة ))
- و كيف ذلك ؟
- أتى لزيارتك شخص منذ عدة أيام ... مستثمر يدعى كاتانسكا .
- أتقول لي إنني تحت مراقبة ؟
- أنت لست كذلك سنيور بل كاتانسكا , فكل تحركاته تثير الشبهة لدينا .
- إذاً , من المحتمل أن تكون قد عرفت إنه يريد شراء الفيلا .
منتديات ليلاس
هز روسو رأسه , و أجاب معلقاً :
(( أراد إمتلاكها منذ وقت طويل , و أعتقد إنه سيحصل عليها في نهاية الأمر , حتى ظهرت وبدأت في ترميمها و إعادتها إلى سابق عهدها ))
- و أنت مهتم بالأمر بسبب ... ؟
- وضع خطة تقضي بتحويل أرضك إلى مجموعة من عشرين منزل صغير , و بذلك سيضيف إلى ثروته مبلغاً ضخماً ببيعها بأسعار خيالية .
- في تلك المنطقة ؟
استمر ديمتريو في العمل بسرعة لينزع العجلة , ثم نظر إلى الشرطي بإستهزاء و هو يتابع :
(( لا مجال لذلك مطلقاً , إتحاد المقيمين سيصوت ضد ذلك العمل ))