كاتب الموضوع :
عهد Amsdsei
المنتدى :
روايات أونلاين و مقالات الكتاب
السلام عليكم
نادي أعداء مصاصي الدماء (الجزء التاسع)
في تلك الليلة تمددت ثلاث جثث اخترق الرصاص جباهها (رسوم فواز)
التغير في شخصية جيريمي أثار دهشة من يعرفه. هو نفسه لم يفهم قط كيف تحول من فتى مذعور خائف إلى شخصية قوية قادرة على قيادة عدة رجال أشداء. ثم أدرك أنها العناية الإلهية.. لا بد من شخص يقاوم هذا الوباء وقد اختاره الله لذلك..
لقد صار حازمًا قاسيًا.. وفي أحيان كثيرة كان أشد قسوة من أعدائه..
ففي تلك الليلة تمددت ثلاث جثث... جثث اخترق الرصاص جباهها..
بناء على تعليمات صارمة جلس الرجال ليضعوا حزمًا من الثوم في فم كل جثة.. بدا المنظر غريبًا كأنها التفاحة التي يضعونها بين شدقي الخنزير في مآدبهم. ثم بالمنشار ذي الصينية قطعوا الرءوس..
وفي الخلاء سكبوا الكيروسين على الجثث وأشعلوا النار..
الدخان يتصاعد لعنان السماء..
لاحظ أحد الرجال أن أحشاء هؤلاء القوم تتحرك حركة ذاتية كأنها تحاول الفرار.. أطلق صرخة رعب وبدأ يرتجف، لكن جيريمي أوقفه في حزم، وقال وهو يستقل السيارة الأولى:
- "سوف أرحل لكن عليكم التأكد من دفن هذه الجثث..".
- "هل نضع قطعًا من العملات الفضية على العيون؟"
- "لا.. هذه خرافات رومانية لا مجال لها هنا".
الحقيقة أنه كان مدينًا بشدة لـ(ك) برغم كل شيء.. كل نصائحه وتحذيراته لم ينسها وكان ينفذها حرفيًا.. هذه نقطة قوته: إنه يعرف أسلوب (ك) وتكتيكاته، وهذه أيضًا نقطة خطر (ك).. إنه يعرف كل شيء عن النادي الذي تعب في تكوينه.. عليك أن تغير كل شيء إذا أردت ان تظل حيًا..
****************
عندما ثمل (مارسيل) وفقد التحكم في مشيته وفي كلماته، جاء رجلان من العاملين في الملهى الليلي.. زنجيان عملاقان لا يمكن التفاهم معهما، وألقيا به في الزقاق الخلفي.. حاول الاعتراض لكنه تلقى ركلة في وجهه.. سقط جوار علبة القمامة..
قط فر هاربًا مذعورًا..
عندما استعاد (مارسيل) أنفاسه رأى هاتين القدمين تقفان فوقه.. رفع رأسه ببطء ليرى من هنالك. في الزقاق المظلم استطاع أن يرى هذا الوجه ذا الشعر المنتفش واللحية المشعثة، وقبل أن يفهم ما يدور كان الرجل المسربل في الظلام قد جثم على صدره، وأدرك أنه يحمل محقنًا يريد أن يغرسه فيه.. لماذا؟ ليقطع وريد عنقك يا أحمق طبعًا..
نهض على ركبتيه محاولاً المقاومة، هنا سقطت علبة السجائر التي يضعها في جيبه.. السجائر انتثرت على أرض الزقاق..
هنا حدث شيء غريب لم يستطع فهمه في البداية..
لقد ترك المهاجم كل شيء كي يجمع السجائر المتناثرة. غريب هذا! لقد رأى مدخنين مدمنين في حياته، لكنه لم ير قط هذا الحماس لجمع السجائر أثناء مشاجرة!
لا وقت للتفكير على كل حال.. مد يده لعلبة القمامة.. التقط الغطاء الثقيل.. هوى على رأس المهاجم.. مرة.. مرتين... سقط هذا متخاذلاً..
ثم إن مارسيل نهض وراح يركض فارًا من المكان.. يركض وهو يترنح فليس السُّكْر أفضل وضع تواجه به مصاص دماء في زقاق..
لكنه لم يفهم ما واجهه وإلا لمات هلعًا..
عند نهاية الزقاق فوجئ بشخص يقف في الظلال وفي فمه لفافة تبغ.. رفع الغطاء مهددًا ليهشم رأسًا آخر، لكن الواقف في الظلال رفع كفه منذرًا:
- "حذار.. أنا صديق.."
جيريمي: لا أحد يهاجم الناس في الأزقة من أجل السجائر (رسوم فواز)
لم يكن هذا الواقف الذي يرخي القبعة على وجهه سوى جيريمي..
- "أنت واجهت مصاص دماء.. لم تفهم هذا لكنها الحقيقة، وسوف أشرح لك كل شيء..".
قال (مارسيل) بلسان معوج:
ـ"هذا.. لص.. لص.. يريد سجائري!"
ضحك الغريب في الظلام وقال:
- "لا أحد يهاجم الناس في الأزقة من أجل السجائر.. فقط السجائر هي التي أنقذتك.. كل مصاصي الدماء عندهم وسواس قهري لهذا لا يمكن أن يتركوا شيئًا على الأرض دون أن يجمعوه.. في أوروبا الشرقية ينصحونك عند المرور على المقابر ليلاً أن تملأ جيوبك بالحبوب كي تنثرها وقت الهجمة.."
ثم نفث المزيد من دخان السيجارة وقال:
- "ستعرف هذا وأكثر منه فيما بعد.. فقط أنا أبحث عمن واجهوا مصاص دماء وظلوا أحياء.. هؤلاء هم الرجال الذين أريدهم.."
- "أنت تهذي.."
- "ربما.. لكني كذلك أطلب فرصة للكلام معك..".
حكّ (مارسيل) رأسه ونظر للجدران المظلمة ذات الرائحة الكريهة، وقال:
- "وكيف عرفت أن هذا الشيء سيهاجمني ؟"
قال (جيريمي) باسمًا:
- "لأن (مايكل المسعور) يعمل هنا في هذا الزقاق.. أجوب هذا الزقاق من وقت لآخر بحثًا عنه، واليوم كانت الفرصة ممتازة.. له ولنا".
سمعا صوت صرخة شنيعة ثم صوت سكين تضرب الحجر..
قال (جيريمي) وهو يمسك بيد الرجل:
- "لقد أنهى الرفاق قصته.. (مايكل المسعور) لم يعد له وجود ولم يعد لجسده رأس.. والآن هل تأتي معي؟"
سيأتي معك بالطبع ولنر ما سيحدث..
****************
الحارس سقط من على مقعده وقد بدأ المخدر يؤدي عمله.
انتزع (مارسيل) المفاتيح من جيبه وراح يجربها في القفل إلى أن انفتح أخيرًا..
كان المخزن مظلمًا خاليًا كريه الرائحة.. عشرات الصناديق التي تمرح بينها الفئران. حلق وطواط أو اثنان فارين من الضوضاء حيث كانا يتعلقان بعوارض السقف..
اتجه (مارسيل) مع رفاقه إلى الصندوق الأول. أدخل رافعة فيه وجاهد حتى فتح الغطاء... شرائط أقراص..
رفع الشريط وتفحصه على ضوء الكشاف فقرأ الاسم (نرفونورم)..
لاحظ كذلك أن تاريخ الصلاحية انتهى منذ أشهر...
- "إنه هو.. المخزن الذي تحدث عنه (ج).."
وفي صمت وكفاءة راح الرجال يسكبون ما معهم من كيروسين في جراكن حول الصنايق كلها، وبدأ التراجع للباب ببطء... عندما بلغوا الباب كانت الرائحة الجميلة المميزة للكيروسين تزكم الأنوف..
أشعل (مارسيل) عود ثقاب وألقاه على السائل.. وراقب اللهب الأخضر يرتفع ثم يزحف كأنه وباء...
- "فلنفرّ".
وهرع الرجال إلى الخارج حيث تنتظرهم السيارة الفان..
وعندما انطلقوا نحو الأفق كان اللهب يتصاعد لعنان السماء..
هذه ضربة قوية جدًا لمصاصي الدماء؛ فالمخزن الذي يحوي عقارهم المفضل قد احترق..
كان (ج) أو جيريمي يتصرف ببراعة وبدأت قيادته تبدي آثارها...
لكنه ظل قلقًا.. لا أثر لـ(ك).. لا يمكن أن يختفي.. إما أنه ينتظر في الظلام لتوجيه ضربة كاسحة.. وإما أنه في مصر الآن.
يُتبَع
|