لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-06-11, 01:18 AM   المشاركة رقم: 21
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 46839
المشاركات: 2,235
الجنس أنثى
معدل التقييم: هدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 757

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هدية للقلب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هدية للقلب المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

6- الغزالة الخائفة
أمطرت السماء أثناء دوران الطائرة الضخمة حول مطار هيثرو وهبطت من بين غيمة رقيقة رمادية. كام المدخل رقم ثلاثة مشغولا.. فثمة حديث عن اضراب يقوم به عمال المطار، ومن كان قادرا كان يحث الخطى للخروج قبل بدء الاضراب.
ودعت مينا فى المطعم الزوجين هولاند اللذين أصرا على دعوتها الى فنجان قهوة للمرة الاخيرة. قالت لها بينى تحثها: - عدينى بالمراسلة لأعرف كيف تسير الامور معك.. وان احتجت الى الراحة فى اى وقت فاعلمى اننا نرحب بك.. وبخطيبك. هل أخبرته عن موعد وصولك؟ ظننته سيخف الى استقبالك خاصة بعد ما عرف بخبر مرضك.
بان فى صوتها أثر للسخط فسارعت مينا تدافع عن كارسون شارحة انها لم ترد ازعاجه لذا أرسلت له برقية تقول فيها انها ستمدد اقامتها أسبوعا اخر على ان تتصل به لدى عودتها الى ربوع الوطن.
بدت لندن رمادية قاتمة كئيبة بعد الالوان الاستوائية المشرقة فى الكاريبى..ولكن ربما كان مزاجها الكئيب هو الذى صبغشوارع المدينة بالاكتئاب. وجدت نفسها منذ أن شفيت من الحمى تعيش فى عالم غريب ليس فيه ما هو مهم وكان التعب يلازمها وكأنه صديق رمادى قاتم حيث الاحساس الوحيد الذى تعرفه هو الالم الحاد كلما فكرت فى غايفنغ.
تقع شقتها فى مبنى سكنى صغير حديث.. وقد ساعدها رئيسها للحصول على رهن مناسب، كان دفع الاقساط يرهق كاهلها أحيانا ولكنها كانت تشعر بالرضى لأن الشقة ملكها.
المبنى السكنى محاط بحدائق مشذبة المروج مزروعة كيفما اتفق بالشجيرات المزهرة الصغيرة والاشجار الباسقة أشجار الكستناء العتيقة التى كان للبناء بعد النظر فى تركها كحد فاصل بين المبنى الذى تعيش فيه وبين المبنى الملاصق له كانت تضفى ألوانا رائعة على المكان.
انسحقت حبات الحصى تحت اطارات التاكسى وهو يتوقف أمام الباب الرئيسى. نقدت السائق أجرته غير أنها دهشت لأنه ترجل فى مكانه ليحمل لها حقائبها الى البهو حيث قال لها بصراحة وهى تعطيه مكافأته:- تبدين بحاجة الى عطلة ولا تبدين أبدا عائدة من رحلة.
نظرت فى مرآة المصعد الصغيرة . هذا صحيح. تبدو شاحبة فعلا فقد تلاشى اسمرارها وهى فى المستشفى وفقدت وزنا هى ليست بغنى عنه بدا على وجهها نظرة ضعف هشة وبدت عيناها مجروحتين بنظرة ألم.
تركتها رحلة الثمانى ساعات متعبة مرهقة . لذا توجهت راسا الى السرير الذى ما ان اندست بين أغطيته حتى غرقت فى نوم عميق كان الظلام قد حل عندما استيقظت مشتتة الفكر تشتتا أمضت معه عدة دقائق لتتذكر مكان وجودها.. كان النور الضئيل المنبعث من غرفة الجلوس الدليل الوحيد على انها فى شقتها. اشعلت المصباح قرب السرير، ونظرت الى ساعتها. الثالثة صباحا! وهو ليس الوقت المناسب للاتصال بكارسون وأخطاره بعودتها كما انها مضطرة للذهاب الى المكتب فى الغد. لقد اتصلت السلطات فى سانت ستيفان برب عملها لشرح سبب تأخرها فى العودة. نهضت من السرير وسارت فى الشقة ثم بدأت تفرغ ملابسها من الحقائب ترتبها فى كومات مرتبة استعدادا للغسيل.
كان معارفها يبدون الدهشة حين يرون شقتها وحتى كارسون الذى لا يحس كثيرا بما حوله أبدى عدم موافقته. لم تكن مينا نفسها تعرف ما الذى دفعها الى اختيار ألوان ناعمة واضحة طبيعية.
منتديات ليلاس
غرفة نومها مزينة بألوان خوخية فاتحة وخضراء ورق الجدران والاقمشة عائد طرازها الى العصور الوسطى أما الكرسى الهزاز الصغير فمشترى من دكان لبيع الاشياء العتيقة. كان منزل اهل كارسون مفروشا بأنتيكات فكتورية الطراز فظة المنظر رسمية مثلهما. وتعتقد مينا أنهما يتوقعان حين يتزوجان أن يفرشا منزلهما على الطراز الذى تفضله امه وابوه.
أعدت مينا لنفسها فنجان قهوة فى المطبخ الذى تطغى عليه النباتات الرائعة. حملت قهوتها الى غرفة الجلوس المزينة بالوانها المفضلة مع انها هنا طلت الجدران باللون الاخضر الفاتح عوضا عن اللون الخوخى.. أما الاريكة التى اشترتها مينا من محل لبيع الاشياء العتيقة فوضعت عليها قماشا دافئا تتراوح الوانه بين المشمشى والاخضر.
كانت خزانة ملابسها متجهمة صارمة عكس حال المنزل وكأنما كل الانقباض والكبت الذى تعلمته من عمتها انمحى تماما مع اثاث بيتها ليعود صارخا فى مظهرها الخاص.
لأول مرة أحست مينا برغبة فى تجربة ما هو أكثر من كريم الاساس كظلال العيون واحمر الشفاه. عندما جلست فى قطار الانفاق فى طريقها الى عملها وجدت نفسها تتأمل من حولهامن الفتيات تحاول المقارنة بين مظهرهن ومظهرها. لم تكن العمه مارولا توافق على الماكياج وتقول انه يشوه الوجه. ومع ان مينا الناضجة اعترفت بضيق أفق عمتها الا أنها كانت تشعر بان على الماكياج ان يكون خفيفا وهادئا لا تجميليا مع ذلك وجدت نفسها اليوم تتساءل عما اذا كانت تستطيع وضع الالوان البراقة كظلال العيون الليلكية وكاحمر الشفاه الوردى ذاك.
انصب اهتمامها وهى فى الطريق على واجهات المحلات خاصة على واجهة تعرض مجموعة رائعة من الملابس الداخلية الرائعة. فى الماضى كانت الملابس الداخلية المحتشمة حتى القبيحة منها تبدو ملائمة لها. لكنها الان تجد نفسها تحدق الى الملابس الحريرية التى تحيط بها الشرائط المطرزة. ولم تدر لماذا فكرت فى هذه اللحظة فى غايفنغ فنهرت نفسها. ماذا دهاها؟ انها تتصرف كمراهقة صغيرة.
- حسنا جدا .. أنت تحبين المخاطرة. كان المتحدث رئيس عمل مينا ميردوك بريستونز وهو رئيسها منذ ثلاث سنوات. عملا معا كفريق واحد بشكل رائع مينا هادئة مسيطرة وميردوك كثير التوتر أحيانا ولكنه يملك الحيوية وحاسة التميز اللتين تجعلانه ناجحا مميزا فى عمله الذى هو اكتشاف الكتاب الموهوبين وتشجيعهم قد تكون مؤسسة النشر هذه قديمة الطراز ولكن عملها ليس بالضرورة قديم الطراز فقد حقق ميردوك نجاحا ملحوظا فى السنوات الاخيرة.
ولعل اخر ما حققه كانت قصة سياسية (لملتزم) من هونغ كونغ وقد بيعت النسخة بكثرة منذ الاسابيع الاولى على نشرها وكان على مينا أن تسانده فى أثناء الركود المؤقت الذى يحدث ما بين اكتشافاته.
ما ان خلعت معطفها حتى لاحظت أن ميردوك فى مزاج (علوى) اخر . ها هى جميع الدلائل موجودة : انشغال البال والقلق والمسير فى المكتب الصغير جيئة وذهابا وشرب القهوة المتواصل والصمت المطبق الطويل .. حسدته مينا على قدرته على اغراق نفسه بالكامل فيما يفعل، أولا لأن هذا يبعد اهتمامه عنها ولكنه مع ذلك علق بأنها لا تبدو سمراء.لم يتوقف ميردوك للغداء وهذه عادته عندما يكون مشغولا بمشروع ما.
قال لها بحماس: اظننى اصطدته.. سيكون كتابا عظيما حقا.. ولكننى لا استطيع اخبارك المزيد عنه.
سألته مينا:- أتعارض أن أتصل بكارسون من المكتب؟ فهو لا يعرف حتى الان بعودتى.
نظر اليها بدهشة:- لا يعرف؟ ما خطب هذا الرجل؟ لماذا لمينتظرك فى المطار ليحملك الى.. قاطعته متجهمة: الى منزل والديه؟ هذا ليس أسلوب كارسون.
- أعرف .. فالرجل كالقميص المنشى . عينة تحتاج الى متحف. المسألة أن ..
نظر اليها متأملا ثم أردف:- انها المرة الاولى التى تنتقدين فيها كارسون. هل أعدت النظر؟ وهل فى الافق حب عطلة؟
ردت بحزم:- ركز على اكتشافك الجديد ميردوك!.
- آهه ! انها لا تنكر. أتساءل . ماذا يعنى هذا؟ انه يعنى أننى كسائر النساء أحب ترك الرجال فى حيرة.
تلك الليلة قال ميردوك لزوجته بأنها المرة الاولى التى يرى فيها ان مساعدته الهادئة المسيطرة على نفسها تتصرف كأمرأة وأكمل:- انها واقعة فى الحب .. سجلى كلامى! قالت ميراى بريستونز التى قابلت مينا فى أكثر من مناسبة واحست بالاسى علها:- بالطبع واقعة فى الحب .. أليست مخطوبة؟
تعرف مينا ان كارسون يكره أن تتصل به فى مكتبه لانه حريص على الشكليات، فقد قال لها مرة أن هذا سيكون مثالا سيئا لبقية الموظفين، ووافقت على ذلك ولكنها تحس بالانزعاج كلما تذكرت.
كانت مينا كفراشة خرجت للتو من شرنقتها فهى غير قادرة على التوفيق ما بين المخلوقه المتزمتة غير المتجاوبة التى كانتها يوما وما بين المخلوقة الجديدة التى تحاول الانطلاق الى الحياة بفضل حبها لغايفنغ.
قالت سكرتيرة كارسون، وهى ابنة صديق لأبويه وبصوت متكبر ان كارسون مازال فى نيويورك واضافت:- سيتصل بعد الظهر.. هل أبلغه رساله؟
طلبت منها أن يتصل بها لدى عودته ثم عادت الى عملها فى الرابعة أعلن ميردوك أنه اكتفى من العمل فقد أمضى الساعة الاخيرة وهو يرسم الدوائر على الورق ناظرا الى الهاتف بتركيز شديد جعل مينا تستنتج أن الامور لا تجرى كما يخطط لها.
قالت له: هل أبقى هنا قليلا على سبيل الاحتياط؟ أتنتظر مكالمة؟
- كنت انتظر .. لكن حدسى يقول اننى لن أتلقاها ليس اليوم على اى حال، لا..اذهبى الى البيت مينا فأنا أراك متعبة.
وهى متعبة فعلا، كان ذلك ما اعترفت به بعد عشر دقائق وهى تتأمل صورتها فى مراة غرفة الملابس. اليوم استرعى انتباهها لسبب مجهول صالون التجميل اليزابيت اردن الذى كانت تمر به يوميا فى السنوات الماضية الاخيرة بدون ان تلقى عليه نظرة.. تذكرت وجوه الفتيات المتبرجة الجميلة التى شاهدتها هذا الصباح وقارنتها بوجهها.
دخلته لا اراديا فوجدت فيه موظفة مشرقة الوجه تبتسم لها راحت الموظفة تقول لها انها محظوظة لأن احد خبراء التجميل موجود وهو قادر على اعطائها دروسا. لم تتوقع مينا ان يكون الخبير رجلا جذابا. بعدما قبلت دعوته الى الجلوس راح يتأمل وجهها بصمت مطبق قبل ان يقول:
- بنية عظام وجهك رائعة وبشرتك بشرة جيدة ولكنك اهملتها.. وهذه الظلال الزرقاء حول العينين قاسية جدا.
أزال بسرعة الماكياج الذى على وجهها، تاركا بشرتها ناعمة طرية ثم استدار الى مجموعة واسعة من ادوات الزينة:- نستخدم أولا كريم الاساس على الا يكون كذاك الذى تستخدمينه ، لانه سميك وثقيل على بشرتك أن تتنفس، وبهذا يظهر جمالها الحقيقى.
وضع لها كريم الاساس بأسفنجة مبتلة فأذهلها أن ترى أن السائل غير بشرتها واضفى عليها لمعانا لؤلؤيا ناعما . فى الساعة التالية اكتشفت مذهولة كيف يمكن لظلال العيون الليلكية التى استخدمها فرانسوا أن تظهر عينيها كبيرتين بنفسجيتى اللون..
قال فرانسوا ناصحا، محذرا:- الرقة هى المفتاح.. عيناك رائعتان كعينى ظبية خائفة .. قبل ان تخرجى سأصبغ لك أهدابها. لا أنكر أنها سوداء ولكن زيادة حدة اللون ستساعدك على تضخيم حجمها. لمع أحمر الخدود على وجنتيها ببروز أكثر مما تذكره مينا ، وانسابت لمسة رقيقة من أحمر الشفاه على شفتيها فأظهر جمالها بشكل ساحر.
بمساعدة فرانسوا استطاعت شراء أنواع جديدة من الماكياج من المحل.. وأخذت كلماته الاخيرة، ترن فى أذنيها وهى تسرع مرة أخرى الى الشوارع المزدحمة. قال لها:- اتركى شعرك منسدلا.. انه أجمل من أن تخفيه فى عقدة بشعة.. وان كنت مضطرة لدفعه فاختارى تسريحة افضل وعدت نفسها ان تجرب نصائح فرانسوا اليوم بالذات.
أثناء العودة فكرت فى أن عليها انهاء الخطوبة فى الغابة استخدمت الخطوبة وسيلة دفاع عن النفس، لمنع غايفنغ من التفكير فى انها تحاول الايقاع به لعلاقة دائمة ولكنها الان ليست فى الغابة وعلى كارسون ان يعرف الحقيقة..
كانت قد دخلت الى الفراش لتوها حين رن جرس الهاتف . للوهلة الاولى فكرت أن المتكلم غايفنغ ولكنها سرعان ما أدركت أنه حتى ولو حاول الاتصال بها لا يعرف أين تعيش. حين التقطت السماعة كان صوت بينى يأتيها سائلا عن صحتها وردت بخفة:- انا بخير الى درجة اننى انفقت ثروة على ماكياج جديد.
- هذا جيد لك!
بدت الموافقة الحقيقية على صوت بينى.. وتحدثتا لبضع دقائق ثم انهتا المكالمة. ان تجد من يهتم بها لتجربة جديدة لمينا التى كانت تضع مسافة قصيرة بينها وبين الناس ولكن بعدما دخل غايفنغ الى حياتها تغير حالها كله . ما كادت تضع السماعة فى مكانها حتى رن الهاتف مجددا وفى هذه المرة كان كارسون هو المتكلم وقد سألها غاضبا:- من كان على الهاتف حين اتصلت منذ خمس دقائق؟
لكنه هدأ حين أخبرته فأردف:- قالت كولت انك تريدين محادثتى؟
قالت لنفسها منتقدة ان كارسون لم يظهر أقل قلق عليها أو اهتمام بها فى الماضى لم تجد خطأ فى كارسون ولا يمكن لومه على اظهار شخصيته التى جذبتها اليه أصلا.. ولو سألته عن هذا فما من شك أنه سيرد بسخط متعجرف انها ما كانت لتعود لولا استردادها عافيتها.
- أجل . طلبت محادثتك متى تعود؟
- فى نهاية الاسبوع .. رتبت الامور لنذهب الى منزل اهلى وهناك ستتمكنين من اخبارهما عن عطلتك رغم عدم موافقتهما عليها.. فأمى لا تظن ان من اللائق بفتاة تمضية العطلة بمفردها.
سألت يائسة:- كارسون .أيجب ان نذهب؟ ثمة ما أريد مناقشته معك.
- سنناقشه فى نهاية الاسبوع.. اذ يمنحنا والداى دائما الوقت الكثير لنمضيه معا. وهذا لا يتجاوز النصف ساعة ليلا
- كارسون.. هذا ليس شيئا.. قاطعها:- اسمعى مينا . لاأستطيع الكلام الان .. سأصحبك فى الوقت المعتاد يوم الجمعة .. وسيكون لدينا عندئذ الوقت الكافى لمناقشة ما تريدين.. يجب أن أذهب الان.
لماذا لم تدرك من قبل مدى ضيق أفقه وغروره. كانت جاهزة قبل الثامنة والنصف نظرا لمعرفتها بدقة مواعيد كارسون. حضرت ثيابا لتمضية عطلة الاسبوع .. فاختارت فستانا حريريا للعشاء يوم السبت لان عائلة كيكورد ترتدى ملابس السهرة دائما للعشاء، والفستان جديد ليلكى فيه ظلال فضية ستفعل الاعاجيب بعينيها.
بدأت عملا بنصيحة فرانسوا تمشط شعرها لينسدل على كتفيها وقد زارت مزينا للشعر نصحتها به زميلاتها فى العمل فشذب أطراف شعرها وأزال ما هو زائد فيه تاركا اياه ناعما متجعدا على شكل جرس حول وجهها..
كانت شمس الكاريبى قد فتحت لون شعرها قليلا. وزادت ظلال العيون الليلكية عينيها عمقا رهيبا وابرز احمر الشفاه التوتى الفاتح دفء استدارة فمها.
ارتدت للسفر ما هو مختلف عما ترتديه عادة. سروالا قطنيا رائع التفصيل ليلكيا أيضا، وبلوزة ذات شرائط عند الكتفين وسترة مماثلة. وصل كارسون فى تمام الثامنة والنصف فبدا ساخطا عندما نظر اليها. قال: لايمكنك السفر بثياب كهذه!
ردت ببرود : ولم لا؟ انها مريحة وهى تعجبنى.
- تبدين كالمراهقة.
ولكنها رفضت ان يؤثر فيها كلامه، فالاكبر منها سنا يرتدين ثيابا تفوق هذه بهرجة على أى حال اليس من حقها أن تنقذ ما تستطيع من تلك السنوات الضائعة التى عاشتها مع العمة مارولا التى سرقت منها لذة الشباب؟
حمل كارسون حقيبتها بصمت الى سيارته فتبعته وهى تعرف أن لا مجال للحديث معه فى السيارة لأنه يكره التحدث أثناء القيادة وفيما كانت السيارة القوية تلتهم الاميال وجدت أن توترها يتضاعف ليتها أنهت خطوبتهما فى لندن! ليتها غير مضطرة لاخباره بقرارها عند اهله! فكرت فى الانتظار حتى عودتهما لكن الصدق المتأصل فى نفسها يدفعها الى ان تبوح له بقرارها حالما تستطيع فلا يمكنها البقاء تحت سقف والديه بأدعاء زائف.
يقع منزل آل كيكورد فى (كوستولد) بلاد الامراء الشبان كما تحب السيدة كيكورد أن تصفه بتعجرف.. وجدا أهله بانتظارهما حين وصلا.. تناولا المرطبات معهما فى غرفة الاستقبال وهناك لم يفت نظر مينا الطريقة التى كانت أمه ترمقها بها، مما جعلها تشعر بالتسلية لان السيدة تفكر أن مينا غير مناسبة زوجة لابنها.. لاشك انها تفضل كوليت الانيقة المتحدرة من نسب رفيع.
منتديات ليلاس
قال الكولونيل باستكبار أثار أعصاب مينا:-حسنا .. سنترككما أيها الصغيران معا.
ان مينا تفضل الاب على الام .. ولكن ما كان يصيبها بالاحباط هو احساسها بأن كارسون سيكون صورة طبق الاصل عنه بعد ثلاثين عاما. أردف الاب قائلا: لاشك أنك تريدين اخبار كارسون عن عطلتك.
قالت السيدة كيكورد: كانت تجربة رهيبة بالنسبة لك بدون شك! على المرء أن يكون حذرا فى تلك الاماكن. أنا شخصيا لا أحب الطقس الحار.. ولم أكن مؤمنة أن من الحكمة الذهاب بمفردك والسير فى الغابة..
قاطعها الكولونيل بسرعة:- تعالى عزيزتى .. سنراكما فى الصباح.
بدت غرفة الاستقبال خانقة قابضة للنفس. وشمت مينا رائحة عطر السوسن البرى الذى تستخدمه والده كارسون. أرادت ان تقترح عليه التنزه فى الحديقة فربما هناك تجد من السهل التحدث اليه.
قال كارسو بلهجة حزينة : أتعلمين؟ أظن ان أمى على حق، فلم أكن موافقا على فكرة سفرك ولكنك أصريت.
قالت متوترة: وكأنك تقول بكلمات أخرى ان لسعة العنكبوت كانت عقابا ملائما.
لماذا لم تدرك من قبل مدى دلاله وفساده. - حسنا.. يجب أن تعترفى أنك ما كنت ستتعرضين الى ذلك الاذى لو بقيت فى الوطن. فجأة بدت لها المهمة سهلة وشكرته فى نفسها على تسهيله الامر عليها من غير قصد..
قالت :- كأى خطيبة تعرف واجباتها ؟ .. اسمع كارسون.. هناك ما على قوله لك . خلعت الخاتم السوليتير من يدها. أظن أن علينا فسخ خطوبتنا.. فلا أظنها خطوة مناسبة لأى منا. أنت بحاجة الى زوجة تنفعك اجتماعيا ككوليت أما انا فلا أظننى أناسبك حقا.
رد كارسون بدون لباقة:- ربما ، ولكنك ستتعلمين. ستعطيك أمى دروسا فى هذا المضمار.
- كارسون .. لا أظنك تفهم .. ليست المسألة قدرتى على أن أصبح كما تريد بل الامر ببساطة أننى لا أريد ان اكون زوجتك.
بدأ يحمر بشدة : وهل قابلت شخصا آخر.. هل تورطت فى علاقة رخيصة أثناء السفر ؟ كان قريبا من الحقيقة بحيث لم تؤلمها اتهاماته:- لم تكن بذيئة أو رخيصة خاصة من جهتى..
- ستندمين كنا سنعيش حياة جيدة. لاحظت مينا أنه لا يحاول اقناعها بالتراجع.. وأضاف:- ثمة أمر واحد. هل لك أن تتركى الامور على حالها فى الوقت الراهن؟ لقد دعا والداى جارا للعشاء غدا .. انه ثقيل الظل وسيكدرهما أن ..
- وترتيبات مائدة أمك ؟
- تدينين لى بهذه على الاقل سيعرف والداى أنك من فسخ الخطبة ان أخبرتهما الان .. فلو كان الاتفاق مشتركا لما صحبتك الى منزلهما هنا .. لذلك أفضل الانتظار حتى عودتنا الى لندن. وجدت مينا أن لا مفر لها من القبول فأعادت بتردد كبير الخاتم الى أصبعها..
قال كارسون :- سوى الامر اذن.. عظيم . لا اريد غايفنغ كلينتيس أن يضحك على من وراء ظهرى .. يكفينى ما نلته منه فى أيام الدراسة.
أحست مينا وكأن أنفاسها انتزعت من رئتيها من حسن الحظ أن كارسون لم يكن ينظر اليها، والا لأدرك الحقيقة.
غايفنغ كلينتيس؟ أهذا صوتها المرتجف هكذا؟
- أجل .. انه يعيش على مسافة أميال من منزلنا.. ورث مكانا كبيرا عن عمه .. أمضى وقتا فى الجيش ولا أعرف ماذا يفعل الان . لم يدعه أهلى الا أملا فى أن يسمح لهما بالصيد فى أرضه..
نظر الى ساعته، ثم أردف :- سآوى الى فراشى . تذكرى مينا أننا مازلنا بالنسبة للجميع خطيبين. يا لسخرية القدر الظالمة!
غايفنغ كلينتيس جار آل كيكورد وعليها مواجهة غايفنغ على مائدة السيدة كيكورد الادواردية الطراز.. غايفنغ كلينتيس، الذى وعدها الا يقول شيئا لخطيبها عما حدث.. غايفنغ كلينتيس الذى لا يجب الا يعرف أنها فسخت خطوبتها لئلا يظنها تتوقع منه شيئا.

*********************************

 
 

 

عرض البوم صور هدية للقلب   رد مع اقتباس
قديم 11-06-11, 05:38 PM   المشاركة رقم: 22
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 46839
المشاركات: 2,235
الجنس أنثى
معدل التقييم: هدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 757

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هدية للقلب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هدية للقلب المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

7- دموع مرة
غايفنغ هنا !
لاتكاد تصدق ذلك ! عرفت أنه وصل فقد سمعت هدير سيارته فوق الحصى فى الخارج ثم رنين جرس الباب الامامى. أمضت اليوم كله فى توتر ولكن من حسن حظها أن والدى كارسون لم يلاحظا شيئا.
خرجت وكارسون فى نزهة بعد الغداء. فآل كيكورد يؤمنون بفوائد الهواء الطلق ، فقد قالت أم كارسون ان على مينا الخروج لتعيد بعض النضارة الى وجهها. ثم أضافت بخبث أن للماكياج الجديد هذا التأثير الرهيب فى وجهها.
عضت مينا بشدة على لسانها لتمنع نفسها من الرد ، وقالت لنفسها انها العطلة الاخيرة التى تقضيها فى هذا المكان لذا عليها الصبر حتى تمضى. كانت النزهة آخر ما ترغب فيه بعد الغداء..فى الواقع أحست بالغثيان فالعائلة مغرمة بالطعام الدسم، ومينا مازالت ضعيفة بسبب لسعة العنكبوت لقد قال لها طبيب الجزيرة ان السم الذى ضخة العنكبوت يشبه فى تأثيرة مخدر مشابه لمهدئ الاعصاب..
والان بعدما أقنعت نفسها بأن الامر انتهى وانقضى من حياتها تراه ثانية. جعلتها هذه الفكرة ترتجف وهى تضع ماكياجها . يا ألهى .. لن تستطيع مواجعته. لا تستطيع! ولكنها مضطرة. فلو اختفت الان وذكر غايفنغ صدفة أنه كان فى سانت ستيفان، فى الوقتالذى كانت فيه هناك فسيجمع كارسون حساباته ويستنتج ما لا يريد أن يعرفه. كما سيعرف عندئذ غايفنغ أنها وقعت فى حبه وهذا أعظم ذل قد تتعرض اليه، فهو يحتقرها حتى قبل أن يعرف بوقوعها فى حبه.
أجبرت نفسها على التركيز على مهمتها فى وضع الماكياج كما علمها فرانسوا.. ولكن عليها الا تضع الماكياج بل طلاء الحرب لتبدو أشجع مما هى عليه الان
أن افراد عائلة كيكورد من المتزمتين بالنسبة للمواعيد لذا كانت جاهزة فى تمام الثامنة مرتدية فستانها الليلكى والفضى مزينة وجهها بحذر ودقة صاقلة أظافرها بلون وردى ناعم أما شعرها فتركته ينسدل على كتفيها كجرس طليق .
توقفت أمام الباب ثم عادت أدراجها لترش باندفاع شجاع أخير العطر العصرى الغالى الثمن الذى اشترته، فوق معصميها ومنتصف عنقها، وخلف ركبتيها، ثم التقطت وشاحا فضيا مشغولا كالشبكة ووضعته حول كتفيها لأنها تعلم أن آل كيكورد حريصون على فواتير التدفئة، وغالبا ما تكون غرفة الاستقبال الضخمة باردة.
كان الاخرون قد سبقوها الى غرفة الاستقبال. وكانت ميرا الفتاة القروية التى تأتى لمساعدة السيدة نيمبز فى الطبخ وتقديم الطعام تقدم كوب عصير كرز لغايفنغ..
لم يكن أحد قد ىحظ وصول مينا فشعرت باندفاع جبان للهرب والى الجحيم بالنتائج! ثم رفع كارسون رأسه وتقدم اليها جعلت الملابس الرسمية جسده متصلبا.
منتديات ليلاس
- آه .. أهذه أنت حبيبتى؟ ... همم رائحتك جميلة .. ما اسم العطر؟ - لور بلو ..
قفزت عيناها نحو غايفنغ ففضحتا مشاعرها للحظة وجيزة، ولكنها تماسكت واستدارت لتتناول الكوب من ميرا .. أعجب جزء منها برباطة جأشها أما الجزء الاخر فسخر منها يقنعها بان هذا لن يدوم .
قالت والدة كارسون:- ما هذا الثوب الجميل عزيزتى انه لون غير عادى كذلك لا أظننى رأيتك مرتديه اياه من قبل لم تكن الفتيات فى شبابى يعملن كفتيات اليوم، ولكننى أذكر أننى كنت أدخر المال لشراء أشياء لخزانة ملابسى .. لكن الامور تغيرت بالطبع الان.
ترى بما كانت ستشعر لو كانت تحب كارسون فعلا؟ قاطعها الكولونيل:- غايفنغ .. دعنى أقدم لك كنتنا القادمة .. مينا عزيزتى، هذا غايفنغ كلينتيس أقرب جيراننا.
- سيد كلينتيس . تعجبت مرة أخرى من هدوء صوتها ومن ثبات أصابعها عندما صافحت غايفنغ..
- مينا .. أخشى أننى مضطر لمناداتك بهذا الاسم اذ لم يقل الكولونيل اسم العائلة.
كان فى صوته سخرية ما وشئ اخر اقل لطفا ان نوع من القسوة برزت واضحة فى كلماته ولكن لم يدرك أحد سواها الجو المشحون الذى ساد فجأة والذى سيلون الامسية كلها وكأنه خيط فضى فى صوف رمادى كئيب.
اعترفت مينا ان وجوده كشحنه كهربائية فى هذا المكان. تحدث والدا كارسون عن جور ضريبة الدخل ومشاكل ترك املاك المرء لعائلته ..
- طبعا، سيستولى كارسون على هذا المكان يوما .. فلقد امتلك آل كيكورد هذه الارض منذ أيام الملكة فيكتوريا.
سأل غايفنغ بدون اكتراث وكان سؤاله موجها الى الكولونيل أما عيناه فحطتا على مينا :- وكيف تشعر مينا بصدد العيش فى الريف؟
تدخلت السيدة كيكورد قبل أن يرد غيرها:- آه ! تعرف ان كارسون لن يعيش طويلا فى مكان اخر.. ومن واجبات المرأة طبعا العيش حيث يعيش زوجها .. لا العكس .
نظر غايفنغ الى وجه مينا المتورد قليلا:- أظنك لا تعملين مينا؟ كما أظن أن لاطموح خاص لديك ؟ أدركت أنه يتعمد اثارتها، بل هو يحاول ايلامها.
قالت والدة كارسون بثبات :- ولماذا يكون لديها طموح. من المؤسف أنها ترفض الصيد والقنص ..بهذه الطريقة حولت دفة الحديث الى الموضوع الذى كان سبب هذه الدعوة وأخذ أفراد العائلة الثلاثة يناقشون فوائد الصيد بحماس، ويسألون بين حين واخر رأى غايفنغ بالموضوع ولكنه كان يرد عليهم بحذر كبير فلم يفضح باجاباته تلك عما فى نفسه أو عما ينوى عمله بالنسبة للصيد على ارضه.
أعلن الكولونيل بعد أنتهاء الطعام:- حسنا .. أقترح أن نلوذ نحن الرجال الى مكتبة للتدخين .. وهذا ما سيمنح النساء فرصة لمناقشة خطط الزفاف.ايه..مينا ؟
لا حاجة للقول انهما لم يتباحثا شيئا من هذا القبيل بل الواقع ان السيدة كيكورد تجنبت الموضوع بخبث وهذا ما أرضى نفس مينا لا تعلم السيدة كيكورد أنها ستحقق أكبر أمنياتها قريبا. عندما انضم الرجال اليهم مجددا اعتذرت مينا مدعية الصداع ولكنها عرفت من تعابير وجه الكولونيل الحمراء أن لا شئ سار على ما يرام كما كان يتوقع وهذا ما تأكد لها حين سمعت غايفنغ يقول :
-أجل انا واثق أنك على حق كولونيل .. وأنا أبعد من ان أفسد متعة أحد .. أنما لدى خطط لأرضى لا تشمل الصيد.
هيأت مينا نفسها للنوم فملأت المغطس بالماه ثم نزعت ثيابها رامية الفستان الحريرى الى الارض بلا أكتراث عندما عادت الى الغرفة منتعشة التقطت رائحة عطرها الغريبة واجفلتها المتعة الغريبة والصورة التى تنتج عنه الصورة التى اصبحت عليها هى الان .
ان الشئ الوحيد الذى اكتسبته من معرفتها بغايفنغ هو الاحساس بالسعادة كانت قد شرعت بتنظيف الماكياج عن وجهها عندما سمعت طرقا خفيفا على بابها فالتقطت الروب عن السرير ووضعته على كتفيها وتقدمت تفتح الباب ان اخر ما قد ترغب فيه الان هو جدال مع كارسون فالصداع الذى كان ذريعه اصبح واقعا الان
عندما فتحت الباب قالت ضجرة :-آه كارسون .. أرجوك .. ليس الليلة .
- حسنا جدا .. لقد تغيرت أمور كثيرة منذ سانت ستيفان !
ودخل غايفنغ كلينتيس من الباب . ان كانت بذلة السهرة قد ناسبت كارسون فأنها قلبت غايف وجعلته فاتنا كامل الرجولة ارتدت مينا الى الوراء مذعورة لأنها عرفت الخطر الذى يمثله أمام دفاعاتها الهشة.
أردف غايف :- أنت بكل تاكيد مخلوقة عجيبة .ز ماذا حدث؟ أم ترانى أستطيع التخمين ؟ أتحاولين ايجاد طريقة لجر كارسون اليك بعدما فشلت فى جرى الى احضانك؟ لكننى أحذرك ان حماتك المبجلة غير مخدوعة بك فهى لا تريد ان تراك متزوجة بوحيدها.
ردت عليه بحدة والغضب يحل مكان الصدمة:- المهم ما نريده نحن أنا وكارسون.
- وكارسون يريدك؟ لا استغرب ذلك! فبارتداءك مثل هذه الملابس تصبحين حلم كل مراهق تجسد الى الحياة. دوت الصفعة على فكه فى ارجاء الغرفة ثم تركت مينا بضاء سقيمة تكره نفسها بسبب العنف الذى أجبرها عليه.
قال ساخرا متجاهلا الاحمرار الذى خالط بشرته السمراء بعلامات مميزة:- آه ! هيا الان .. ما كان يجول فى رأسك؟ دغدغة بصرية تتبع ليس الليلة؟ أراهن أن المسكين لا يعرف حتى ما سيصيبه .. أنه ممن يظن أن النساء نوعان : نوع يتزوجه، ونوع يعاشره ولاشك انه يظن بأنه حصل على صفقة العمر معك فقد نال النوعين فى وقت واحد . لذلك أنوى الكشف عن الاثارة قليلا بنفسى..
صاحت به من بين اسنانها:- اخرج من هنا أخرج ..!
كان ما حدث بعد ذلك أسوا بكثير مما تصورته حتى فى كوابيسها فعلى الرغم من الابتسامة على الشفتين كانت العينان باردتين برودا رهيبا أحست مينا أن فى أعماقة غضبا لا يلين وهذا بالضبط ما جعلها تتراجع محاولة عدم فضح تأثيرها فيها.
رد عليها بهدوء:- سأخرج حين اكون مستعدا .. أتعلمين منذ تركتك فى المستشفى وانا اشعر برغبة كبيرة فيك لقد كرهت نفسى لأننى لم آخذ منك ما عرضته علي لا ادرى لماذا أصبحت تجرين فى دمى بهذه القوة.
- لماذا جئت الى هنا؟ ألتفسد على حياتى ؟
- ماذا دهاك؟ أخائفة أن يفسخ كارسون الخطوبة ؟
أطلق احتقاره لها عقال غضب هائل فى اعماقها. ولماذا تظن ان كارسون يريد فسخ الخطوبة ؟ انه يرغب فى كثيرا.
تشنج جسد غايف فشعرت بالانتصار عليه ولكنه عندما تمتم بعذوبة:- حسنا ربما على تذوق ما يرغب فيه. شعرت بالخوف . تحرك بسرعة لم تتح لها الفرصة للفرار ثم عانقها بقسوة ووحشية فاختنقت بدموعها ولكن جسدها الخائن أخذ يضعف ويضعف بين ذراعيه واستجاب للدعوة الغريزية فاشتبكت يداها خلف عنقه .. وعندما انتزعها عنه كانا يرتجفان غايف غضبا ومينا شوقا.
- ايتها الفاسقة .. هل أعجبك عناقى ؟
حدقت مينا وهى تشعر بالغثيان لقد عرفت أنه تعمد مهاجمتها ليهينها وليشعرها بالخزى ولكن كيانها لا يعرف سوى أن لمسته مثيرة سواء أكان يهدف الى مداعبتها أم معاقبتها.
- مينا .. هل لى أن أدخل ؟
تجمدت الدماء فى عروقها عند سماع صوت كارسون، فشدت الروب حولها مرتجفة متجنبة النظر الى الفم القاسى والى العينين الساخرتين اللتين كانتا تراقبانها فجأة تذكرت أنها تركت مياة الحمام جارية فردت :- لحظة فقط.
وأسرعت الى الحمام لتوقف المياه ثم اتجهت لتفتح باب غرفتها ..فليختلق غايفنغ كلينتيس ما يشاء من اعذار عن سبب وجوده فى غرفتها فهى لم تعد تهتم لاشك أنه يفكر فى أذلالها وايلامها ولكن الشخص الوحيد الذى سيتألم هو كارسون. فهى تعرف ان الضربة ستكون قاضية لكبرياء كارسون ولمشاعره.
دخل كارسون يقول :- أردت مكالمتك عن ليلة أمس .. وصمت ثم قطب جبينه بشدة وهو ينقل بصره بينهما :ماذا ..
قال غايفنغ بسهولة : - سألت أمك أيها غرفة مينا لأنها تركت هذا فى الاسفل . قال قوله ذاك ثم أخرج بطريقة عجيبة وشاحا فضيا من وراء ظهره وكانت قد تركته مينا فعلا هناك .
- كنت أرده لها . حين اصبحا وحدهما قال لها كارسون:- لماذا لم تقل له أمى انها سترد لك الوشاح بنفسها .. اليس غايفنغ نوعا غريبا من الشبان؟ والان مينا بشأن ليلة أمس ..
ردت بحزم:- ليس بيننا ما يقال . لقد انتهت خطوبتنا يا كارسون .. ولو كنت صادقا مع نفسك لاعترفت أن هذا أفضل طريق.
صباح الاحد غرقت مينا فى النوم فلم تذهب الى الكنيسة لذا أبدت أم كارسون استياءها بوضوح عندما عادت مضيفة أن على مينا عندما تأتى للعيش فى كوتسولد أن تكون مثالا للقرويين فى الذهاب الى الكنيسة.
فى السيارة أعادت الخاتم لكارسون .. ولم يقترح بأن يلتقيا ثانية أو بان تعيد التفكير وعرفت أنه سرعان ما يجد السلوان فى مكان ما . كان الموضوع الرئيسى فى رحلة العودة الى لندن غايفنغ . بدا لها واضحا أنه يكرهه لسبب لا تعرفه .. من كارسون عرفت أن غايف قد ورث مؤخرا أملاك عمه ومنزلا كبيرا معها ولكنه قال متذمرا :
- انه ليس من طرازنا .. كانت أمه ممثلة مسرح .. واخر ما عرفناه عنه انه كان فى الجيش .
- حسن جدا .. لاشك أن والدك راض عن هذا .
- اعتقد أنه كان يرضى لو استفاد من الجيش .. لكنه سرح منه ومنذ ذلك الوقت وهو يتسكع بلا عمل .
تسألت مينا ما قد يقوله كارسون لو عرف أن غايف أبعد ما يكون عن التسكع لأنه انضم الى فرقة الانقاذ الخاصة .. صباح الاثنين حين استيقظت لتذهب الى عملها أحست باعياء شديد عزته الى التوتر الذى أصيبت به فى عطلة الاسبوع.
قال ميردوك انها شاحبة وان عليها الذهاب الى طبيب ما ليعاينها. من الافضل أن تلزمى جانب الامان لا يستطيعأحد الوثوق بالحمى الاستوائية ..
- شكرا لك .. لقد لدغنى عنكبوت سام أتذكر ولم تضربنى اللاسا!
منتديات ليلاس
ضحك ميردوك .. كان يرتدى ثيابا تدل على أنه فى سبيل اصطياد شئ كبير، وخرج من المكتب يصفر وهذه اشارة أكيدة أن الامور بدأت تتبلور .. اقتنعت مينا بان ميردوك يستمتع باصطياد المواهب الجديدة .
حين عاد بعد الغداء سألها مجددا:- أكل شئ على ما يرام؟ .. مينا؟ هل تفكرين فى الزواج قريبا؟ ولكن ان حدث ذلك منيت أنا باكبر خسارة .
قالت له بهدوء : لن يكون هناك زواج .. انظر لا أحمل الخاتم.
- لكن لا يمكن حتى لأحمق ككارسون أن يتركك .
- انت مخطئ لأننى من فسخ الخطوبة .. لم أستطع الزواج به لأننى لا احبه .
فجأه تحول اهتمامه اليها:- هكذا اذن .. همم .. لقد لاحظت نوعا محددا من الازدهار مؤخرا .. اشراق فى الوجه ، كان دائما هناك ولكنه مهجور اذا صح التعبير .. اذن أتخططين للزواج بالرجل الاخر ؟
هزت مينا رأسها مصدومة:- لقد عرفته مدة وجيزة ولكننى أحببته . آه دعنا الان من هذا الموضوع هل سأبقى سكرتيرة لك؟
- لاأرى ما يحول دون ذلك ،أعرفك مينا معرفة تجعلنى متأكدا من أنك لست من ذاك النوع الذى يدع عواطفه تؤثر فى عمله. هل قابلته فى الكاريبى . قلت انك أحببته .. أواثقة أن الامر ليس مجرد افتتان عابر؟ قد لا يكون كارسون أكثر الرجال اثارة .. لكن ..
هزت رأسها بحزم : الرد لا على السؤالين.
- حسن جدا .. أعرف متى أواجه سيدة تعرف ما تريد .. وهذا يذكرنى بالحديث عمن يعرف ما يريد .. لقد تواعدت مع مؤلف جديد. وسنذهب لمقابلته يوم الجمعة القادم سنتناول الغداء فى منزله الفخم..
ابتسم متمتعا بتعابير وجهها ثم اردف:- انت على وشك مقابلةانسان يحب الانسانية .. يريد ان يحول منزله الى مركز لاعادة تأهيل الاولاد المتشردين وهو يعتمد على الكتاب لأنه سيساعده فى تمويل مشروعه.
- وما هو موضوع الكتاب ؟
- السياسة .. ولكنه سيكون فى هذه المرة عن لعبة السلطان أنه داهيه ماكر، وهو الى ذلك ضليع فى ميدانه كذلك .. وكله عزم على عدم بيع نفسه رخيصا.
يبدو لى مخيفا .. أتريد أن أسجل الملاحظات أم تستخدم اله التسجيل ؟
- من الافضل أن نكون مستعدين فبعد الرسالة التى أرسلها لى أرى أنه ليس هناك الكثير للمناقشة .. فلقد درس الادب الانكليزى فى جامعة كامبردج وهو يجيد صياغة أفكاره .
مر ما تبقى من اليوم فى فيض من الاتصالات الهاتفية ، وفى غمرة العمل الدؤوب نسيت كل شئ ولكن عندما رجعت الى شقتها عاد غايفنغ الى تفكيرها حذرت نفسها من الضعف أو اللين امامه اذ سيكون من الغباء الشديد أن يعرف بانها غارقة فى حبه حتى أذنيهافلو عرف لبادرها بالسخرية والهزء . كانت تبتسم حين اندست فى الفراش ، ولكن الدموع تسللت الى وجنتيها فحبها لغايف سعادة مرة حلوة .. وهى تعرف أنها لن تراه بعد اليوم .
********************************************

 
 

 

عرض البوم صور هدية للقلب   رد مع اقتباس
قديم 11-06-11, 06:04 PM   المشاركة رقم: 23
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقب عام
قارئة مميزة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة

البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 206072
المشاركات: 13,844
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميعزهرة منسية عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 66888

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة منسية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هدية للقلب المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

سلمت يداكى

 
 

 

عرض البوم صور زهرة منسية   رد مع اقتباس
قديم 13-06-11, 10:37 PM   المشاركة رقم: 24
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 46839
المشاركات: 2,235
الجنس أنثى
معدل التقييم: هدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 757

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هدية للقلب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هدية للقلب المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

8- الرجل الاخر
فى الاسبوع التالى، أعلن ميردوك أنهما سيقومان فى اليوم التالى بزيارة المؤلف الجديد.
- لم يعدنا بشئ حتى الان.. ولكننى امل أن أبرم معه عقدا بعد ظهر الجمعة، لذلك عليك أن تبتسمى له أحلى ابتساماتك . فى اليوم التالى وصل ميردوك ليصحبها فنظر الى ملابسها المنتقاة باعجاب . عندما ماتت العمة مارولا، تركت لمينا البيت والمال اللذين ورثتهما عن والدى مينا.. واحتفظت بالميراث جانبا لابنة ابن اخيها .. ومع ان مينا لم تفكر كثيرا فى الامر مؤخرا الا أنها حمدت الله على ما ورثته. فالمبلغ الوحيد الذى أنفقته منذ وفاة العمة كان لشراء الشقة ولكنها عمدت منذ عادت من العطلة لاحياء خزانة ملابسها.. وقد كانت بدلة اليوم أحد المشتريات.
كانت التنورة الزرقاء البترولية عادية ولكنها مصنوعة بذوق رفيع يلفت النظر أما البلوزة البيضاء فكانت مزينة بأزهار مطرزة على قماش من الساتان على الكتفين والصدر
قال ميردوك باعجاب:- رائع جدا .. تعجبنى تسريحة شعرك انه اجمل بكثير وهو مسترسل على كتفيك فهو يظهرك أقرب الى الناس.
- أرجو الا يقربنى كثيرا منهم . فتح لها باب السيارة، وقال موبخا:- استيقظى ايتها الحالمة.
ليس غريبا عليها زيارة المؤلفين برفقة ميردوك.. فالمؤسسة تؤمن بتدليل المؤلفين.. وغالبا ما كانا يزوران المؤلفين بدلا من ازعاجهم بالتوجه الى لندن. كانت مينا عادة تبقى جانبا حاملة دفتر ملاحظاتها مصغية الى ما يمكن أن ينساه ميردوك.
توجها فوق الطريق الدولية نحو بريستول .. كانت الطريق نسبيا هادئة والريف ينعم بيوم مشمس ليس فيه سوى غيوم بيضاء صغيرة تشبه ما يرسم فى قصص الاطفال اتكأت مينا برأسها الى الخلف تستمتع بأحاسيس ممتعة سعيدة كانت تمر بها .
كانت غلوتشستر أول بلدة مرا بها عندما اجتازا شارع عريض تذكرت ان البلدة كانت يوما منتجعا للحمامات الطبيعية والينابيع الحارة. اما كوتسولد فكانت مألوفة بالنسبة لمينا لأنها كثيرا ما قصدتها عندما كانت تقوم بزيارة أهل كارسون ولكنها لم تكن لتتعب من الاعجاب بجمال حقولها الخضراء والذهبية..
قال ميردوك مخطئا فى تقدير تنهيدتها ظانا انها متعبة:- اقتربنا من هدفنا نحن نبحث عن قرية (وارتون- اندر- ذاهيل) ولن يمضى وقت حتى نرى اللوحة المدون عليها اسم القرية.
عندما وصلا أمام اللوحة سلك طريقا متعرجة عبر مروج مورقة ببقدونس البقر الذى كان يطير منها طير ( الروبن) الاحمر الاشعث الريش.. أنزلت مينا زجاج نافذتها لتتنشق هواء الصيف اللذيذ، فمينا برغم تبجحات والدة كارسون تحب الريف فعلا..
منتديات ليلاس
سألت مينا بفضول:- أهى بعيدة؟
- ثلاثة أو أربعة أميال .. مضيفنا رجل مثير للاهتمام لم أكن أظنه شخصا انسانيا الى هذا الحد.. مظهره قاس وماكر ولكنه كاد يصعقنى حين قال انه سيجهز منزله بعائدات كتابه لتحويله الى مركز تأهيل المشردين ..
تحرك فضول مينا، فقاطعته سائله:- كيف هو شكله؟
تصورت لسبب ما ، رجلا مهيبا فى الستين من عمره، انيقا رشيقا ساحرا.
رد ميردوك:- اصبرى قليلا حتى تقابليه. ما رأيك بمخطط الكتاب الرئيسى ؟
كان قد أعطاها اياه لتقرأه فى بداية الاسبوع :- مؤثر جدا ومخيف تقريبا ولكنه مزيج بين الواقع والخيال .
اذهلها ميردوك بالقول:- لست واثقا من هذا.. أعتقد أن مؤلفنا يستخدم الوقائع لا الخيال ولكنه خفيها باحتراس ليخفف من وقع صدمتها. كانت الافكار الرئيسية التى قراتها مينا تدور حول تسرب أخبار عن مشروع عسكرى تحاول السلطات كتمها بكافة الطرق وقد وجدت نتائج هذا القمع المخيفة مثيرة للقشعريرة ومرعبة نظرت الى ميردوك مرتبكة قلقة لتسأله:- لكن كيف لها أن تكون حقيقية؟
- لا أدرى.. غير أننى أعرف ان له اتصالات رفيعة المستوى فى الجيش وربما حصل على معلوماته الاولى منهم آه يبدو أنه المكان المنشود. واشار الى بوابات حديدية بدت أمامهما فجأة على جانب الطريق .
بدت غرفة الحرس الصغيرة مهجورة فاضطرت مينا للنزول من السيارة لفتح البوابة.. عجت الطريق الداخلية بالاعشاب البرية وبالخلنج وبنباتات الأضاليا..
قالت مينا معلقة :- كان المكان جميلا فى يوم ما .
وقع بصرها على بحيرة صغيرة مغطاة بالطحلب المائى، ثم تفرعت الطريق الداخلية فجأة .. فعبس ميردوك مفكرا فى التعليمات التى أعطيت له :- سنسلك الجهة اليمنى لأن المنزل الرئيسى لا يستخدم فى الوقت الحالى بسبب مشاكل فى السقوف.
وجدا القسم الذى يقصدانه وعندما شاهدت المنزل الملوكى الضخم حبست مينا أنفاسها.أوقف ميردوك سيارته قرب سيارة بورش أنيقة .. من الواضح أن المؤلف الجديد الذى اكتشفه ميردوك لا يفتقر الى المال.
فتح لهما الباب رجل فى أواسط العمر وقفته عسكرية ، ثم أدخلهما الى بهو مستطيل، فيه سلم مزدوج يفضى الى رواق معمد.. لمحت مينا الديكور الابيض والذهبى ، وروعة الثريات الكريستالية والمدفأة القديمة الطراز.. ثم انفتح احد الابواب.. فجأة تلاشى كل ما فى رأس مينا التى تسمرت فى موضعها بعدما رحل اللون عن وجهها تاركا اياه ابيض جافا.
تقدم ميردوك الى الامام قائلا:- غايف! ما أروع رؤيتك! هل لى أن أقدم لك مساعدتى؟ مينا .. تعالى لتقابلى مؤلفنا الجديد .
وجدت نفسها تتحرك بحركات آلية كدمية خشبية. كانت شفتاها متشنجتين بسبب الجهد الذى تبذله لتظهر عليهما ابتسامة خفيفة. غزا جسمها برود عظيم وعجزت عيناها عن مقابلة العينين الخضراوين الباردتين اللتين تتذكرهما جيدا.
تمتم غايف بدون انفعال :- سبق أن التقيت ومينا فى الكاريبى، ثم التقينا مؤخرا فى منزل أهل خطيبها. أخبرينى، هل تمكنت من اقناع أهل خطيبك أننى لن أسمح لهم بالصيد فوق أرضى ؟
ردت مينا ردا مناسبا ولكنها أحست بأن ميردوك يراقبها بريبة مفاجئة. تجسدت مخاوفها كلها حين سمعته يقول لغايف:- أقلت انكما التقيتما فى الكاريبى؟ يا لها من صدفة.. وهل استمتعت بعطلتك؟
- كانت ممتعة فى بعض الاحيان.
لم تجرؤ مينا على النظر الى أحد الرجلين .. وندمت لأنها أسرت لميردوك بامر وقوعها فى حب رجل التقته فى الكاريبى، فهو ماكر بعيد النظر وسرعان ما يعرف الحقيقة.
كتمت أنفاسها حين قال غايف لميردوك:- أفهم أنك مضطر قريبا للتفتيش عن سكرتيرة جديدة ؟
بدا ميردوك حائرا للحظات ، ثم قال بسرور:- تعنى حين تتزوج؟ ستبقى معى حتى وقت طويل .. اذ لم يحدد موعدا حتى الان اليس كذلك مينا ؟
- أجل .. هذا صحيح .
- الغداء جاهز كولونيل!
كولونيل ! اتجهت عينا مينا الى غايف فهذا ما لم يقله لها أثناء أسرهما. حين كان يتكلم عن تحمله للمسؤولية فكرت بانه كابتن أو ميجور ..
قال غايف يشرح بفظاظة:- ينسى لاوسون أننى تركت الجيش . كان تحت امرتى، وتقاعد.. لكن العادات العسكرية لاتموت بسهولة.
تمتم ميردوك وهما يتبعان غايف الى غرفة طعام رائعة الاثاث:( كولونيل .. هه؟) كانت الغرفة مطلة على حدائق محاطة بالمروج الخضراء تحدها من الخلف .
عاد لاوسون ليصب لهما العصير .. فشعرت مينا بأنه يحرس غايف ككلب الحراسة والويل لمن يقترب منه .. قال لاوسون لغايف بجفاء قبل أن يخرج:- السيدة ميلوكس مستعدة لتقديم الغداء .. كولونيل .
قال غايف مرحا :- يحاول لاوسون القول اننا ان لم نجلس الى المائدة أصب بالجنون فى المطبخ . فى الواقع ، أنا محظوظ بوجود لاوسون والسيدة ميلوكس مع أنهما لا يتفقان ولاوسون، كما ترى يكره النساء، أما السيدة ميلوكس فتفتش عن زوج ثان .. على أى حال، انها طباخة ماهرة.. شاهدت خطيبك منذ أيام .. كان يركب الخيل مع فتاة سمراء جذابة اسمها كوليت ..
- ربما هى كوليت سالنجر سكرتيرة كارسون وجارة أهله.
- يا للخبر !
رحبت مينا بالبطيخ لأنه قطع ذاك الحديث غير المستساغ ركزت مينا على الفاكهة اللذيذة أما ميردوك فراح يحدث غايف بلباقة عن مؤلفه.تألفت الوجبة الرئيسية من ضلوع حمل مسلوق ومجموعة متناسقة من الخضراوات. حين دخلت السيدة ميلوكس لتأخذ الصحون . قال غايف معتذرا :- أخشى أن لا تحلية سوى الجبن والبسكويت فحينما قال ميردوك انه سيصحب معه مساعدا توقعت رجلا.
ضحك ميردوك :- ذاك محال فما من رجل قد يتمتع بهذا الجمال كله. مينا هى أفضل سكرتيرة استخدمتها. كم من الوقت سيستغرق انهاء الفصل الاول؟ سأحاول نشر الكتاب قبل معرض الكتاب ولكن ذلك يقتضى العجلة . سأسافر الى ميلانو فى الاسبوع المقبل لآتباحث فى أمر كتاب ما ، فثمة شخص يدعى أنه يعرف كل شئ عن المافيا فى ايطاليا.. يقول ان لديهم علاقات رفيعة المستوى مع الحكومة .. ربما فى هذا مبالغة، ولكننى لا أقوى صبرا على التحقيق فى الامر .
سأله غايف بأدب :- كم ستغيب ؟
- أسبوعين الى ثلاثة .. والان فلنعد الى مؤلفك .. متى تعطينى الفصول الأولى منه؟
من الواضح أن ميردوك يحاول الزام غايف بعقد محدد ولأنها قرأت ما يمكنه أن يكتب، فهمت السبب . رد غايف بلطف :-ساعطيك الفصول الثلاثة الاولى حين تعود شرط أن تعيرنى خدمات سكرتيرتك.
تعالى صوت حاد بعد وقوع سكين مينا من يدها المرتجفة، ثم قال ميردوك بسرعة:-طبعا سأجد لك سكرتيرة غايف .. فى المكتب سكرتيرات كثيرات سيسرهن أن ..
قاطعه غايف بالسرعة نفسها : - هذا لطف كبير منك ميردوك .. لكننى أفضل العمل مع شخص أعرفه ولا أظن أن هناك توصية بحق مينا أكثر من عملها معك. قلت انك مسافر فلماذا ترفض طلبى ؟ واعلم أننى لن أستخدم مواهبها مجانا.
هل لاحظ ميردوك الطريقة المهينة التى أطال الوقوف بها عند كلماته الأخيرة؟ عرفت أن ميردوك يشعر بأن بينها وبين غايف شيئا ما .. كما يشعر بانه الرجل الاخر الذى أشارت اليه لذا حاول أن يتجنب طلب غايف بلباقة .. فرد غايف ببرود :- الامر عائد اليك .. ان كنت تريد تلك الفصول ..
- طبعا .. طبعا .. هل لديك اعتراض مينا ؟
قالت بفظاظة :- لا ادرى ماذا أستطيع تقديمه من مساعدة من المحتمل الا أقدر على التنقل الى هنا ..
أدركت متأخرة أنه ربما يتوقع منها الاقامة عند أهل كارسون .. ولكنها أصيبت بالخيبة حين هز كتفيه قائلا ببرود:- لن تستطيعى التنقل . انما ليس ذلك بمشكلة، عندى نصف درزينة من الغرف الفارغة .. فى الواقع سيكون من المناسب بقاؤك فى المنزل .. وأظنك لا تعترضين على العمل مساء؟ ساعوضك بالطبع عن عملك الاضافى .
عم تعوضنى؟ أرادت أن تصرخ عليه بسبب الطريقة المهينة التى ينظر فيها اليها ويحدثها بها ولكنها كبحت كرامة لميردوك كلماتها الحادة
وردات :- ان كان فى عملى معك فائدة لانهاء الكتاب فى وقت أقصر فذلك سيكون المكافأة التى احتاجها .
أحست بالرضى لأنها رأت بشرة غايف تحمر بشدة لكن حين استدار ليقول شيئا لميردوك أحست مينا بموجة غثيان تجتاحها ، فوقفت بسرعة وشفتاها شاحبتان كبشرتها ثم ترنحت:- مينا!
ما هى الا لحظة حتى كان ميردوك الى جانبها فاضطرت الى الابتسام والقول كاذبة :-انا بخير.. ليتنى أستطيع الخروج قليلا لأتنشق بعض الهواء العليل .
- طبعا .
فتح غايف لها الابواب الزجاجية ثم رافقها مفسحا لها المجال للخروج قبله ، أنها المرة الاولى التى تحس فيها بهذا الوهن الى هذا الحد. وتاقت للتسلل الى مكان بعيد لتكون بمفردها وكان من حسن حظها أن جذب ميردوك اهتمام غايف فأدخله الى غرفة الطعام .. فسارت مينا فى الشرفة المسيجة بدرابزين حجرى مستنشقة الهواء العليل .. كانت على وشك النزول الى الحديقة حين شعرت من جديد بوهن شديد فاضطرت الى اسناد رأسها الى الحائط الحجرى البارد منتفضة الجسد.
- ما بك؟ ولماذا ؟
كان غايف متكئا الى الحاجز الحجرى ينظر الى وجهها بغضب شديد كاد يخيفها .. فسألت :- لماذا .. ماذا ؟
- لاتقولى انك غير متعبة .. لذا أسألك ثانية .. لماذا ؟
صاحت به ، وقد طفح الكيل :- لا شأن لك
- لاشأن لى؟ أعلمى أننى لن أسمح لك أثناء أقامتك تحت سقف منزلى بقضاء أوقاتك عند آل كيكورد .
ردت بحزم :- كارسون فى نيويورك.
- الم تحددا موعد الزواج حتى الان ؟ الن تستطيعى الانتظار مدة أطول. تكورت أصابعها بنفاد صبر فى راحتيها ، تتوق الى مسح هذه النظرة الساخرة عن وجهه المتغطرس .
- مينا .. هل أنت على ما يرام .
منتديات ليلاس
ظهر ميردوك فى الشرفة متغضن الجبين :- غايف هلا أريتنا المنزل وشرحت لنا الخطط التى أعددتها له؟
ظنت للوهلة الاولى أنه سيرفض طلب ميردوك ولكنه على ما يبدو غير رأيه . سأله ميردوك وهما يسيران فى الحديقة أثناء العودة الى المنزل الرئيسى :- ما الذى أوحى اليك بالفكرة أساسا؟
- أوه .. لقد تطورت معى تدريجيا .. ورثت المكان عن عمى ولم أكن أتوقع ذلك الارث . كان المنزل الرئيسى مهملا منذ سنوات، وقد عرضه العجوز على الحماية الوطنية للاثار ولكنهم رفضوه لأنهم ل يأخذون منزلا كهذا بدون المساهمة فى صيانته، وهذا ما رفضه جورج العجوز. وعقابا لهم ترك المكان ينهار أمام عينيه ، وكان من حسن حظى أن اهتم آخر مستأجرين به وتركاه فى حاله جيدة . أما بالنسبة لتحويل المنزل الرئيسى الى مركز تأهيل فأعتقد أن بذور الفكرة عنت على بالى أثناء قيامى بجولة فى ايرلندا الشمالية، فلا فرصة للاولاد هناك أذ تحشر الكراهية الدينية منذ ولادتهم فى عقولهم ويتشربونها مع حليب الام .. وكذلك الحال بالنسبة للاولاد الذين يصبحون فى النهاية مجرمين، وضحايا للعنف العرقى .. وما اريد القيام به هو منحهم فرصة لاكتشاف طريقة أخرى للحياة .. وللعيش فى مكان يعلمهم احترام النفس، والاعتماد عليها ..
صمت فجأة ،ثم استدار :- آسف لقد استرسلت بالحديث.
ابتسم ميردوك :- لا تعتذر.. أنا معجب بك بل أرانى أحسدك.. أتمنى لك كل النجاح.
رد متجهما :- سأحتاج الى دعائك هذا كما سأحتاج الى ما يدره على الكتاب .
- افهم ذلك .
استداروا حول آخر منعطف فى الطريق ، فبرز أمامهم المنزل الذى بدا كئيبا مغما للنفس فالقرميد مكسورة والنوافذ محطمة . سأله ميردوك فجأة :- لماذا انضممت الى الجيش ؟ ألم تكن فى جامعة كامبريدج؟
- أجل .. فى تلك الايام كنت أريد أن أصبح كاتبا .. ولكننى وجدت نفسى أفقد سحر العالم فتركت كامبريدج قبل أن أنال شهادة التخرج وطفت فى العالم كله مدة سنتين ثم تورطت مع جماعة من المرتزقة فى أفريقيا ، واكتشفت أن عندى موهبة القيادة فكان أن عدت الى بلادى وانخرطت فى الجيش .
وبما انه اكتسب المهارات التى تجعله لا تقدر بثمن للفرقة الخاصة فى الجيش فقد تمسكوا به .. وهذا أمر تشك مينا أن يعرفه ميردوك . جال بهم غايف فى المنزل الضخم المتداعى ، يدلهم على الامكانيات الكافية فيه . ثمة مزرعة متصلة بالاملاك يستطيع الاولاد العمل فيها .
- لن نستطيعأن ندعم أنفسنا بأنفسنا .. ولكن المزرعة تدر الارباح وثمة مكان رحب للوحدات الهندسية المتخصصة التى قد نستعين بها هنا .
كان الوقت متأخرا عندما غادر ميردوك ومينا المكان .. سارا عدة أميال بصمت ،ثم قال ميردوك بلطف :- أنه هو ؟ أنه الرجل الذى وقعت فى حبه .
- وهل كنت شفافة الى هذه الدرجة ؟
- لا ولكننى جمعت الوقائع .. ويؤسفنى أن أسلمك اليه لمساعدته فى كتابه .
- لم يكن بيدك حيلة . يظننى مخطوبة لكارسون .. ولم أقل له الحقيقة .. لأننى ..
- لأنك لا تريدين أن يعرف بحبك له ؟ لقد بدا مصرا على أن تعملى معه.
ردت بأختصار :- عقابا لى فهو يظننى أجبر كارسون على زواج لا يريده .. بل اتهمنى بأننى غيرت طريقة لباسى وزينتى لأؤثر فيه .
ساد الصمت برهة ثم قال ميردوك :- مينا .. ان كنت تشعرين بأنك غير قادرة على تحمل هذا أو اذا شعرت أنه سيسبب لك أوقاتا عصيبة .
قاطعته ممازحة :- كان يجب أن تكون الادوار مقلوبة .. كيف تتغير الامور! فى الماضى كانت المرأة تكره مغويها النذل .. أما الان .. الان.. اندفع منديل ابيض ناعم الى يديها المرتجفتين .. وتركها ميردوك تبكى بضع دقائق،ثم سيطرت على نفسها
-مينا.. أواثقة أنت؟ بامكانى الادعاء بأنك غيرت رأيك .
ان فعل ميردوك ذلك اكتشف غايف أنها أنفصلت عن خطيبها وهذا ما لا تريده ردت بثبات :- لا ،ل تفعل ربما هذا أفضل ما يحدث لى فقد أتمكن بوجودى قربه من ..
- من التغلب على مشاعرك تجاهه .. أتظنين ذلك ؟
- أظن أن أمورا أغرب من هذه وقعت لى .
لكنها تعرف ان ميردوك على حق وأن العيش فى المنزل نفسه مع غايفنغ قد يزيدها شغفا به أن لم يستطع الاحتقار والكراهية قتل حبها له فما الذى سينجح فى ذلك ؟
***********************************************

 
 

 

عرض البوم صور هدية للقلب   رد مع اقتباس
قديم 13-06-11, 11:43 PM   المشاركة رقم: 25
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 46839
المشاركات: 2,235
الجنس أنثى
معدل التقييم: هدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عاليهدية للقلب عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 757

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هدية للقلب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هدية للقلب المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

مساء الخير
حبيبتى شكرا لأهتمامك وانا ما راح انقلها لمنتدى أخر وهى حصرية لليلاس وشكرا لجهدك معايا وتحياتى لك
واتمنى ان تكون اعجبتك الرواية وشكرا

 
 

 

عرض البوم صور هدية للقلب   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
احلام, بيني جوردن, دار الفراشة, خارج الزمن, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:26 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية