الفـــــــصــــــــــل الثـــــانــــــــــى
- تذكرت ايلين كلماتها الجريئه فى صباح اليوم التالى , عندما كانا يجلسان صامتين , ينتظران خارج مكتب كورد لاشونى الضخم الذى يقع فى الطابق العلوى من المبنى . غمر السكون المترف والفخامه العمليه هذا الطابق الذى يختلف عن الطوابق الاخرى , حيث الضجيج والحركه طيلة اليوم
- بدت سكرتيرته وكأنها اقتطعت من احدى مجلات الموضه كل شعره فى رأسها تلمع ومصففه باعتناء , كما وأن العيب لا يرقى الى تبرجها . جالت نظراتها بين تيم وايلين وكأنها تقيمها , وأبعدت نظرها عنهما وكأنهما دون أية أهميه. بعد أن أستعلمت عنهما بسرعه, اتصلت بمكتب كورد الخاص و أعلنت عن وصلوهما وبعد ذلك تجاهلت وجودهما وكزت على عملها , وراحت تطبع بسرعه , مبرهنه على انها تتمتع بالعقل والجمال
- استدار تيم منكمشا على نفسه على وسادات المقعد الوثيره , يتأفف متوترا . وكان الى جانب ذلك يلوى يديه المتشابكتين . انتاب ايلين شعور غريب من الهدوء فى اللحظات الاخيره , عندما أدركت بشكل تام , قوة وثورة كورد
- ايمانها بالقضاء والقدر كان كالمخدر الذى أسكن حواسها الى درجة أنها شعرت بالاسترخاء . لم تتوقع منه الرأفه ولن تطلبها
- يمكنكما الدخول الان ...قطع صوت السكرتيره البارد أفكار ايلين , التى رفعت رأسها عندما وقف تيم على قدميه , ونهضت ببطء وأمسكت بذراع شقيقها بقبضه محكمه
- انك متشوق للمذبحه ...لم تستطع ان تمنع نفسها من السخريه
- أريد فقط أن أنتهى من هذا الامر ...كان صوته كئيبا بخلاف رعبه , وشعرت بالذنب لانها تفوهت بتلك الكلمات , ففى نهاية الامر , لقد أتت الى هنا لتساعده
- أنا أعرف ذلك ...قالت وشدت ذراعه عليها , ونظر اليها بوجه شاحب , يبتسم ممتنا عندما فتحت السكرتيره المتجهمه الباب
- أنا مسرور لاكتشف أنكما تعتقدان أنه ما زال هناك شىء يستحق الابتسام ...كان صوت الرجل العميق باردا كما تذكرته , وعندما نظرت فى أرجاء الغرفه الضخمه رأته يجلس خلف المكتب المصنوع من خشب الجوز . شعرت بالحقد فى صدرها , وأخفضت نظرها بسرعه كى لا يلاحظ حقيقة مشاعرها
- شكرا لك يا جون , هذا كل شىء , حتى الان ...صرف سكرتيرته التى كانت واقفه بالباب تمسك بالمقبض , وبدا واضحا أنها تتعجب مما يريدرب عملها الذائع الصيت من شخصين غير مهمين كهذين
- سوف ينضم الينا عمكما خلال لحظات , ولكنى أريد أن أكلمكما على أنفراد أولا ...قال ذلك ببرود أعصاب بعدما أغلق الباب : يجب أن تستمعا الى ما سوف أقوله لكما , دون أية مقاطعه . هل هذا واضح ؟
- طبعا ...التقت نظراتها بنظراته ولم تكترث لاخفاء مشاعرها الان . ونظر اليها للحظات طويله متفحصا , ثم اختلس نظره الى تيم الواقف بجانبها بصمت.
- تعالا الى هنا واجلسا ...فعلا كما طلب منهما , وغاصا فى المقاعد الكبيره المريحه , التى وضعت الى جهه واحده من المكتب الضخم , مما جعلهما فى وضع غير متساو , حيث عليهما أن ينظرا الى اعلى , لموجهة كورد الذى يجلس فوق مقعد يزيد ارتفاعه حوالى القدم . انضمامه اليهما بارتفاعه غير العادى , له تأثير مرعب , لم تشك ايلين لحظه فى ان تلك كانت نية كورد.
- انت اولا ...نظر مباشرة الى تيم الذى بدا منزويا فى مقعده : من التقارير التى حصلت عليها , تبين لى انك بالغ الذكاء ...عندما تهتم باستعماله فى الاهداف التى تدربت عليها ...كانت السخريه تنبعث من كلماته , ولكن انفرجت اسارير تيم فهو يستطيع ان يحظى بمديح من هذا الرجل , مهما كان ذلك بعيدا .
- سوف تستعمل تلك القدره الان لى أنا وحدى , تعمل ساعات أكثر باجر أقل .. وهذا لن يترك لك الوقت ل....نشاطات دنيويه وحسب تقديراتى سوف يكلفك الامر أربع سنوات حتى تسدد النصف الذى تدين لى به من المال مع ما أخصمه لك من مرتبك الحالى , واذا اثبت أنك جدير بالثقه ويمكن الاعتماد عليك , سوف يزيد مرتبك الى ما كان يمكن أن يكون عليه بعد أربع سنوات لو أن هذا لحادث السىء لم يحدث , هل يمكننى اعتبار انك تعلمت درسك ؟
- هز تيم رأسه فى صمت مطبق , وخيم علي وجهه شعور بالدهشه : هل هذا كل شىء ؟؟ فهو لم يكن مصدقا أنه خرج من الموضوع بهذه البساطه ولا حتى ايلين تستطيع أن تصدق , لابد من وجود كمين فى مكان ما..كان الصوت البارد ساخرا : هل فهمت العباره من كل ما قلته ؟ أنت سوف تمنحنى السنوات الاربع القادمه من حياتك .يا شاب , عندما تصبح فى الثامنه والعشرين سوف تصبح حرا لتحيا الحياه التى تختار , ولكن حتى ذلك الوقت عليك أن تستجيب لندائى فى كل لحظه من اليوم , اذا انا رغبت فى ذلك , وحتى فى الليل أيضا ! هل أنت موافق ؟
- هز تيم رأسه مجددا : أى شىء , سوف أقوم بأى شىء , أعمل فى أى وقت ...
- بدا الوجه القاسى وكأنه يريد الابتسام : سوف أذكرك بهذا الكلام عندما يزوى حماسك الاولى للخلاص . أذا كنت حكيما فباستطاعتك أن تحول هذه الحادثه الكريهه الى فائده حسنه . فالامر يعود اليك . لقد أعطيتك الفرصه ,ولكن اذا خدعتنى ....
- لم يتغير وجهه , ولكن أصبح صوته باردا جدا : ...سوف تكتشف أننى لا أصدر تهديدات من دون أن أنفذها
- انتقلت العينان الرماديتان الصلبتان الى ايلين : والان ننتقل الى الجزء امختص بك يا انسه مارسيل
- نقل تيم نظره بينهما بقلق , وقال : ولكنها ليست متورطه يا سيد لاشونى ..حقا أنا ....
- لا تبدأ ذلك من جديد , لقد أخبرتك مسبقا أننى لست رجلا صبورا ...قال ذلك ولم ينظر لتيم
- دعك من ذلك يا تيم ...كانت ايلين ممتنه وبدا صوتها هادئا مع أنها كانت تحترق فى داخلها من الغيظ . أبقت نظراتها مواجهه لنظرات كورد الثاقبه , وكانت مصممه على أن لا تخفض نظرها أمامه أبدا وتابعت : لن يفيد ذلك أبدا ...
- بالضبط ...بدا صوته هادئا وبدت شبه ابتسامه ترتسم على فمه القاسى : الان كما قلت الجزء المختص بك ...رفعت ايلين ذقنها قليلا وبدت مستعده لتواجه ما سوف يحصل , سجلت العينان الرماديتان تلك الحركه بأعماقهما الجليديه
- لقد فهمت من عمك أنك تدبرت أمر استلام وظيفه تعليم , وسوف تستلمينها بعد عطلة الصيف فى ....ونظر الى بعض الاوراق الموجوده امامه وقال : أسبوعين ؟ بقيت ايلين هادئه تماما ثم سأل : هل هذا صحيح ؟
- أنت تعرف أنها كذلك ...اصطدمت العينان المخمليتان البنيتان بالعينين الرماديتان
- لا تغضبى يا انسه مارسيل , فالغضب هو الصفه الاكثر تشويها للجمال
- أستطيع أن أفكر فى الاسوأ ...لم يكن دفاعها مفيدا وكل منهما عرف ذلك . تنهد متعبا وكأنه يتعامل مع طفله مشاكسه
- لا أشك بذلك , ولكن لندع أفكارك خارج هذا الموضوع ...لم تستطع أن تتحمل هذا الاستسلام , فجأه وبسرعه نهضت على قدميها . لانها , وهى واقفه تستطيع أن تعالج هذا الموضوع بشكل أفضل
- الى أين تعتقدين نفسك ذاهبه ؟ فاجأها أن تجد الحيره مسيطره على وجهه وشعرت للحظه بالرضى
لا لمكان , أنا أفضل أن أقف
- و أنا افضل أن تجلسى ...أشار الى المقعد وقد بدا عنيدا ولا سبيل لتغيير رأيه
- لا أريد أن أجلس
- اجلسى ...زمجر صوته وكأنه نباح وحتى أنها شعرت أنها جرو صغيره غير مطيع
- أنت تستمتع بذلك أليس كذلك ؟ قالت وهى تجلس مجددا على مقعدها , وشعرت بخديها يلتهبان من الاحتقار
- اه فى كل دقيقه ...كان صوته حادا وهو يقول : لا أستطيع أن أفكر فى طريقه لقضاء وقتى القيم أفضل من مطاردة طفلين وجدا طريقهما الى أموالى التى أكسبها بصعوبه , ان أشياء كهذه تجعل الحياه ذات قيمه
- أعتقد أن العم رون كان اهتمامك الرئيسى ؟.كان من الخطر أن تستفزه ولكنها لا تستطيع أن تمنع نفسها عن ذلك
- نظر اليها نظره حاده , جعلتها تثبت فى مكانها للحظه طويله ثم نهض ببطء عن مقعده ومشى ليقف فى مواجهتها ثم انحنى الى أن أصبح وجهه القاتم على مستوى وجهها . الان هو قريب منها حتى أنها استطاعت ان تتنشق العطر الثمين الذى يستعمله بعد الحلاقه , وأن تلاحظ القوه فى ساقيه الطويلتين عندما التصق البنطال بجسده وهو ينحنى أمامها , وشعرت بالخوف يقطع أنفاسها فجأه. لقد أيقظت نمرا نائما ولم تكن لديها القوه لتقف فى مواجهته . نظرت الى وجهه الخالى من التعابير , بعينين قاتمتين اتسعت حدقاتهما , وقد احست بالتهاب فى وجهها وانسدل شعرها فوق كتفيها مثل غيوم فضيه لامعه.
منتديات ليلاس
- أى لسان أفعى صغير تحفظين فى فم ناعم كهذا ...كان صوته هادئا ولكن عينيه كانتا جامدتين : سوف يسعدنى ترويضه ...تجمدت من الخوف ومن مشاعر اخرى , نوع غريب من الاحاسيس جعلت الارتعاش يسرى فى عمودها الفقرى ويحدث الما غير طبيعى فى معدتها : سوف أجعلك طوع يدى قبل أن ننتهى من هذا الامر ...كان كلامه تهديدا أكثر منه وعدا وتحرك تيم بجانبها متململا , لينظر بوضوح أنزعاجه وغضبه.
- حدقا ببعضهما البعض للمره الثانيه ثم خفضت ايلين نظرها بعد أن شعرت بدموع تحرق عينيها : أنا أكرهك ..كان صوتها همسا ناعما
- أنا أعرف..
- وقف ببطء ومشى على غير عجله حول مكتبه ليأخذ مكانه : عندما يأتى عمكما بعد برهه قصيرة , علينا جميعا أن ننفذ ذلك . لا أدرى اذا كنتما على علم بذلك , ولكن قلبه لم يكن سليما فى المده الاخيره ...وعندئذ التقت عيونهما الحائره بعينيه فهز رأسه وقال : اعتقدت انكما لا تعلمان , لقد احتفظ رونالد بهذا الامر لنفسه . مهما يكن . هناك مشكله , ولا اريد أن اسبب له مزيدا من القلق أكثر مما عانى
- انتقل نظره بسرعه الى تيم : سوف تشرح بشكل مفصل كل شىء عن المقامره , وسبب غباءك , لقد اخبرته للتو أنك أنيت الى لتعترف . وهذا سوف يكون فى مصلحتك , لن تبعده عن اوهامه ...هل فهمت ؟
- نعم ...بدا صوت تيم حزينا . استدار كورد الى ايلين
- عمك يصدق قصتك بشكل تام عن جينى الغامضه وزوجها الثرى , مع انه كان لزاما عليه أن يعترف بأنه لم يسمع قط عن هذه الصديقه من قبل . انه واثق من أن فتاته الصغيره لا يعقل أن تكون متورطه فى امور كهذه . ولا اريد ان تجرحه الحقيقه أكثر من ذلك ...شعرت ايلين وكأن النظرات البارده قد اخترقت عقلها : لذلك علينا أن نلقى بكل المسئوليه على كتفى شقيقك ...ثم أضاف والاشمئزاز يعلو محياه : ولكنك لن تتملصى بهذه السهوله , يا يمامتى اصغيره , سوف تكتبين فورا رساله لمدرستك ,تخبريهم فيها انه توجب عليك مغادرة البلاد بشكل مفاجىء , بسبب طارىء عائلى ولن تتمكنى من تنفيذ العقد المتفق عليه , اعلمينى اذا واجهتك اى مصاعب
- نظر اليها بحده , ثم أردف : سوف تسددين الجزء المتوجب عليك من المال , بالعمل كمساعدتى الخاصه لمدة عام فى فرنسا فى قسم الاستيراد والتصدير . أنا أنفذ مشروعا جديدا هناك وطلاقة لسانك فى اللغه الفرنسيه ستكون مفيده جدا , وكذلك اخلاصك التام لكل ما اطلب واحتاج
- فتحت عينيها مندهشه فضحك ساخرا : بالطبع , ضمن المعقول , لن اتطفل على أخلاقياتك , طبعا
- أنت تريد عبدا ...كان صوتها خاليا من التعبير
- هذا شىء درامى ولكننى أرى أنك تفهمين مغزى كلامى , طبعا الامر برمته يعود اليك , أحب أن أذكر أنك أنت وشقيقك تمثلان صفقه واحده . اما الكل او لا شىء , كما يقول المثل
- والبديل ؟...
- ستجازفين بصحة عمك , وبموجهة السلطات
- لا خيار لى اذا ..رفعت رأسها الاشقر بكبرياء ونظرت الى وجهه : لقد قبلت بشروطك يا سيد لاشونى وسوف أعمل عندك لمدة سنه بكامل قدرتى على العطاء الافضل , سوف اعمل كل الساعات التى تطلبها وسوف أقوم بكل ما تريده , ولا يتعلق بالامور الشخصيه , ولكننى أريدك أن تعرف هذا...
- انتظر دون حراك , كى يسمع ما تريد أن تضيف , وكان وجهه قاتما ومترقبا
- لن أكون , أبدا طوع يديك , كما سبق وفسرت الموقف , ولن أسمح لك حتى بالتطفل على حقيقتى , أنت مستبد رذيل وأنا سوف أكرهك وأحتقرك طالما بقى نبض واحد فى جسدى
- بدا وكأن شررا يتقد خلف عينيه عندما انحنى فوق مكتبه باتجاهها , ولكن بدا على وجهه تعبير من الرضى : لا أستطيع أبدا أن أقاوم أى تحد ..مد يدا سمراء ضخمه ليصافحها وقال : أهلا بك موظفه , يا انسه مارسيل
- حالما شعرت بأن يدها الصغيره قد أسرت ضمن قبضته الثابته الدافئه , أحست بشىء يشبه صدمه كهربائيه تسرى فى ذراعها ..شكرا لك ...قالت ببرود وضاقت حدقتا عينيها عندما لمحت السرور والسخريه تنبعثان من وجهه : أنا امل أن لا تعيش لتندم على هذه الشهامه..
- أعتقد أن كلماتك الخمس الاولى تعبر عن مشاعرك الحقيقيه يا انسه مارسيل ...وذهبت كل البهجه عن وجهه وهو يمسك بيدها المأسوره فى يده : أنا لا أقوم بشىء وأندم عليه , وعندما تعرفيننى على وجه أفضل , سوف تدركين ذلك ...كانت تلك الكلمات تحذيرا واضحا , وقبلت بتلك الكلمات عندما حاولت أن تحرر يدها , ولسبب ما كانت لمسته تحدث أشياء جنونيه فى داخلها
منتديات ليلاس
- فقط كونى حذره ...لقد بدا وكأنه يدرك تأثير لمسته عليها : قد يغريك اللعب بالنار , ولكنى سوف أجهد على التأكيد لجعلها تحرقك تماما , فأنا لا أسمح لاحد أن يخطىء مرتين
- أنا واثقه من أنك لا تفعل ...تمنت لو يترك يدها , لقد أعتراها فجأه , احساس اليم برجولته البدائيه والمستبده , رجوله مثيره لا يمكن نكرانها , وشعرت بركبتيها تضعفان
- هل أرعبتك ؟ هذا حسن فهذا يبقيك دائما ...على الخط الصحيح ..لقد باتت متأكده الان من أنه يحمل فى عروقه القليل من الدم الانكليزى , لا رجل فيه قطرة دم انكليزيه , يمكن أن يتفوه بعباره مهينه كهذه , فى هذه الايام وهذا العصر ويؤمن بها . تستطيع أن تفهم الان لماذا لم ينجح زواجه , فلا يوجد اية أمراة عصريه ترضى أن تعيش مع رجل متعصب عنيد مثله
- - كلا انت لا تخفينى يا سيد لاشونى , بل تشعرنى , ربما , بالقرف ولكن لا تخيفنى
- ابتسم وبدا الابتهاج على وجهه , وسرى الدم فى عروقها , باردا عرفت بأنها وقعت فى المصيده التى نصبها لها والتى يدرك تماما أنه لا يوجد أى مهرب منها
- عندما فتحت ايلين باب شقتها ورمت بأكياس البقاله المليئه على الطاوله الرخاميه فى المطبخ الصغير , فكرت بأنه لا يعقل أن يكون قد مر شهر حتى الان منذ تلك الليله فى مكتب تيم
- لقد مرت الاحداث بسرعه تخطف الانفاس بعد موافقتها على طلب كورد , لقد تأثر عمها بما دعاه : فرصة العمر
- أنت حكيمه جدا لاستغلال الفرصه التى منحك اياها كورد يا عزيزتى ...هذا ما قاله عندما شرحت له عرض كورد فى مكتبه وقد حدث ذلك تحت وطأة نظر كورد المراقب : سوف تكون تجربه ممتازه لك , وبعد ذلك باستطاعتك أن تعودى الى التعليم فى وقت ما ...لقد بدا وجهه اللطيف المجعد حائرا قليلا ولم تستغرب عندما حضر الى شقتها فى اليوم نفسه
- هل كل شىء على ما يرام يا ايلين؟ سألها عندما جلسا على الاريكه وهما يحملان فنجانين الشاى : لا تبدين فرحه بالعمل كما توقعت . هل ما زلت قلقه بشأن عمل تيم ؟
- كلا أنا بخير ..كذبت وى تبتسم له : فقط لم أستطع أن ألتقط أنفاسى لكثرة تلاحق الاحداث فى الايام القليله الماضيه
- قال عمها موافقا : أنا أستطيع أن أفهم ذلك , انه لكرم كبير من كورد أن يرشحك لمنصب مترجمه فى هذه الظروف , وهذا العمل بطبيعته هو الاكثر تطلبا للامانه , فأنت سوف تعملين كمساعدته الخاصه , هذا ما فهمت ؟ ربما هذه طريقته كى يؤكد لنا انه مازال على ثقته بعائلتنا ...استطرد عمها قائلا ببطء : أنا أعرف أن لا علاقه لك بعملية الاختلاس , ولكن مع ذلك ...ما رأيك ؟
- وضعت يدها الصغيره فوق يده وهى تقول : نعم أنا متأكده من أن الامر كذلك ,لقد تعلم تيم درسه يا عمى رون , وهو ليس فتا سيئا حقا
- هل تعتقدين اننى لا اعلم ذلك ؟ربت عمها على خدها محاولا تهدئتها وتابع : مشكلته انه ينقاد بسهوله , لقد كان والدك مثله تماما , بحيث توجب على أن أرعاه دائما , ولكن أصبح الامر أسهل عندما التقى والدتك , فقد كانت امرأه رائعه
- أنا أعلم ذلك ...شعرت بغصه فى حنجرتها وتابعت : مازلت افتقدها كثيرا ..مسحت دموعها لانها لو بدأت بالبكاء الان فلن تستطيع أن تتوقف أبدا
- ماذا تعرف عن كورد لاشونى ؟ سألت وهى مثبته نظرها على كوب الشاى ثم أضافت ملعقتين من السكر فوق السائل البنى اللون
- لما تسألين ؟كانت عينا عمها تراقباناها باهتمام عندما رفعت رأسها اخيرا
- لا لسبب خاص ...هزت كتفيها بخفه , غير مباليه , لكن الاحمرار الذى علا خديها , فضح ما يعتمل بنفسها : كل ما فى الامر اننى سوف اقابله كثيرا فى الشهور المقبله وأردت أن أعرف أى نوع من الرجال هو . واذا امكننى القول . أستطيع أن أتجنب بعض المزالق
- أخذ عمها كلامها على محمل الجد واستوى فى مقعده وهو يقول : انه رجل حسن , واحد من أفضل الرجال ...قاس لكنه عادل , هذا ما اكتشفته , وحتى احذرك , انا اعترف بأننى لم أر الا الجانب الحسن منه , لقد قيل لى , انه يتحول الى رجل شيطانى عندما يعارض ...والى اية درجه تساءلت ايلين بأسى
- أليس هو انكليزيا ؟ سألت وهى تحاول جاهده أن تبقى وجهها هادئا
- ليس باسم عائله مثل عائلته , لاشونى ..قال ذلك وهو يحاول مضايقتها ثم تابع : حسبما فهمت , لقد كانت أمه انكليزيه , لست متأكدا من جنسية والده , ايطالى او اسبانى , لا اعلم ...نظر اليها نظره غريبه ثم سأل ك وكيف يؤثر ذلك على عملك ؟
- كنت أحب أن اعلم , هذا كل ما فى الموضوع
- قست ملامح وجه عمها واستوى فى مقعده وهو يقول : لا تهتمى له بشكل رومانسى يا ايلين , انا اعرف انه يبدو مختلفا , بشكل مثير , عن الفتيان الذين كنت تخرجين معهم , ولكنه يا حبيبتى لا ينتمى الى عصبتك , فعنده من النساء ماهو أكثر عددا من الوجبات الساخنه التى حصلت عليها , ولا يدمن طويلا , لا اريدك أن تتعرضى للاذى
منتديات ليلاس
- فكرت ايلين يائسه , اه ياعمى , لو تعلم , ولكنها أرضت نفسها و أشعرته بالارتياحبعدما ربتت على ذراعه , مع انها كانت تحب أن تبكى طويلا فوق صدره الحنون : سأذهب هناك لاعمل فقط لا غير , أنا اعدك بذلك , انه اخر رجل على وجه الارض أفكر بأن أتورط معه , ولاكون صادقه معك , انا حتى لا أستلطفه كثيرا
- استمرا فى لحديث لمدة ساعه , ثم تركها عمها مطمئنا الى أن عالمه الصغير قد عاد الى طبيعته بفعل قادر, فلوحت له مودعه بابتسامه مشرقه وقلب حزين
- خلال اسبوعين كانت قد استقرت فى مبنى صغير فى ضواحى بوالن , المدينه التجاريه الفرنسيه الجميله, حيث تقع مكاتب كورد , ولم تندهش عندما علمت أنه اشترى المبنى لاسكان الموظفين الانكليز الذين حضروا معه مؤخرا , فى ذلك الشهر , لقد بدا وكأنه يسيطر على كل شىء وعلى كل شخص
- ولم تكن قد رأته منذ ذلك اليوم فى مكتبه , وكل الاجراءات كانت تتم مع سكرتيرته التى سلمتها لائحه بكل التعليمات و أطلعتها على أنه من مهامتها تسهيل الطريق للسيد لاشونى حتى يكون كل شىء جاهزا عند وصوله
- اجتاحت فرنسا موجه من الحر الشديد فى منتصف ايلول /سبتمبر . لطالما تاقت ايلين لاكتشاف سحر الريف الفرنسى , ولكن الحر الشديد كان بغيضا ومرهقا . كانت تعمل من الصباح الباكر حتى وقت متأخر من الليل , تقوم بعمليات ضبط وتنظيم المكاتب الجديده , وتحاول حل المشكلات قبل حلول نهاية الاسبوع وهو موعد وصول كورد
- ما أن يشارف يوم العمل على نهايته حتى يكون الارهاق قد أخذ منها كل مأخذ وغالبا ما كانت تفوتها وجبات الطعام . كانت أحيانا تصل الى شقتها عندما يلامس الغسق السماء بأنامله السوداء , كانت تعود تعبه لا تقوى على القيام بشىء , غير ان تستحم وتنام الى ان تسمع صوت المنبه الصغير يوقظها فى اليوم التالى , على الاقل ان العمل المضنى منعها من التفكير بشأن انكلترا , ولم يكن لديها الوقت لتفكر بتيم , الا عندما يصادف أن يتصل بها مرة أو اثنتين أسبوعيا
- تركت المشتريات فوق طاولة الفطور , واستحمت بماء بارد فى الحمام الفخم الحديث , فراحت المياه النظيفه المنعشه تجلو ارهاق وغضب اليوم , بعد أن أزالت المساحيق عن وجهها . غسلت شعرها , وتركته ينسدل فوق كتفيها ليجف على شكل غيمه فضيه ناعمه , لفت منشفة الحمام الكبيرة حولها على شكل سارى هندى , عندما كانت تضع السلطه واللحم البارد . مازال الجو حارا جدا ولا تستطيع أن تأكل كثيرا , وبرغم النوافذ المشرعه , لم يكن هناك أى نسمة فى الهواء
- ذعرت لرنين جرس الباب الحاد ولكنها استرخت عندما تذكرت السبده كونسيليو ,الارمله الكبيره التى استخدمها كورد كمشرفه على المبنى وتقيم فى شقه فى الطابق الاسفل . كانت قد طلبت من ايلين ان تشترى طعاما لقطتها . وهى حتما أتت لتأخذ المشتريات , فأحضرت علبة الطعام من بين العلب الكثيره الموجوده فى الاكياس فوق طاولة الافطار وذهبت الى الردهه وهى تشد المنشفه حول جسدها النحيف باحكام
- هذا طعام موغ....وماتت الكلمات فى حنجرتها عندما ارتفعت نظراتها الحذره أعلى فأعلى لتصل أخيرا الى الوجه القتم الساخر لكورد لاشونى, الواقف امامها وكانت نظراته تلمع بخبث عندما وقع نظره عليها
- شكرا لك ولكنى تناولت طعامى منذ قليل ...اندفع أمامها الى الداخل حيث وقفت صامته متجمده , استطاعت ان تستنشق رائحة عطره المثيره الذى يستعمله بعد الحلاقه , وفى الوقت نفسه أدركت أنه يبدوحسنا بشكل مذهل فى القميص المقلم القصير الكمين والبنطال الانيق اللذين كان يرتديهما : الاحظ انك أنت لم تتناولى طعامك بعد
- بينما كانت تتبعه الى المطبخ لاحظت عبوسه عندما شاهد وجبة طعامها الضئيله والتى كانت على وشك ان تبدأ بتناولها : لا يمكن أن تعيشى على ذلك القدر , ولا يمكنك ان تتبعى حميه معينه وأنت لك مثل هذا القوام...بدأ اللون الملتهب يغلى من اخمص قدميها فى شكل تصاعدى : الا يكفى ما خصصته لك من أجل الطعام والمصاريف
- ملائم بشكل تام , شكرا لك ...بدا صوتها اجش ...لقد جعل المسكن يبدو ضيقا أكثر
- أنت طبعا تفضلين أن تموتى جوعا على ان تطلبى منى المزيد أذا لم يكن كافيا , ألن تفعلى ذلك ؟وكان فى نظرته تعبير لم تستطع ايلين أن تفهم معناه
- لقد أخبرتك انها ملائمه , لدى ما يكفى من الطعام يا سيد لاشونى , كل ما فى الامر , انى لا أستطيع ان أتناول الكثير من الطعام عندما يكون الجو حارا جدا , كهذا
- لقد فهمت , حسنا , أرجوك تناولى طعامك , فلا أريد أن أقاطعك
- سوف أتناول طعامى فى وقت لاحق ...وضعت الصحن فى الثلاجه قبل ان يتحرك ويستدير وعلى وجهه ابتسامه براقه مصطنعه . قالت : أنا اسفه , كان يجب أن أقدم لك بعض المرطبات .هل تحب كأسا من الشراب؟
- كم هذا لطيف ...كان فى صوته بعض السخريه من الطريقه الرسميه التى تعامله بها : هل تريدين مشاركتى الشراب؟
- نعم بالطبع, هل تمانع لو ذهبت وبدلت ملابسى ؟
منتديات ليلاس
- أرجوك لا تفعلى هذا لاجلى , فان مظهرك اللائق يناسب أمسيه حارة فى المنزل...لقد كان يحب ذلك , الثور الشرير !وهى مستعده لدفع اى شىء مقابل أن تمحو ابتسامة التفوق عن وجهه الوسيم . وبينما كان عقلها يبحث عن جواب , شعرت وكأن الارض قد انسحبت من تحت قدميها عندما تحرك بشكل مفاجىء ووقف امامها ثم وبيد رقيقه لمس اللون القاتم تحت عينيها : لم تكن هذه الدوائر موجوده عندما كنت فى لندن , أنت تعملين بكد
- نظرت اليه متعبه , انها خدعه ثانيه ؟ اذا انكرت فهو حتما سوف يسال لما لا , ولو وافقت على ملاحظته سوف تكون مخطئه . لكنه قرأ تعبيرها بشكل صحيح وأدهشها انه !ترخى فجأه وهو يضحك فى خفوت مبتهجا : اه هاتان العينان ! تقولان الشىء الكثير . أنت لا تثقين بى أبدا , أليس كذلك ؟أنا اسف ايلين لم يكن ذلك عدلا
- اذا ماهو الشىء الجديد ؟ رفعت ذقنها بتحد . فهو لا يحتاج لان يعتقد أنه يستطيع استغباءها بالتقرب منها بهذا الاسلوب الرقيق , لقد كان مغويا , خبيرا بالحياه والناس , تستطيع أن تتغلب على هذا الكابوس فقط اذا أبقت كل دفاعتها على أهبة الاستعداد ولم تسمح للعدو باختراقها
- كان يراقبها بصمت , أخفضت نظرها وهى تتراجع الى الخلف وتقول : سوف اذهب وابدل ملابسى ...عندما اجتازت الردهه الى الامان ى غرفة نومها اعتقدت انها سمعته مره ثانيه يضحك فى خفوت , أغلقت الباب وراءها وأوصدته بالمفتاح وقد احمرت وجنتاها بشعور مزدوج من الغضب والاحتقار . انه يختلف عن كل الاشخاص الذين تعرفت اليهم , ربما لانه يحمل فى عروقه دما أجنبيا , لم تكن تعلم , وكان هناك سحر غامض حوله , يجعلها تفقد أعصابها , انه رجل , أى رجل....
- شعرت انها تستطيع ان تسيطر على الوضع اكثر , بعدما ارتدت بلوزه خفيفه من دون كمين وبنطالا قطنيا خفيفا , سرحت شعرها وعقصته الى الخلف ثم الى اعلى راسها , وتركت بضع خصلات صغيره تنسدل منه , ولكنها لم تستعمل ايا من مساحيق التجميل , لانها لا تريد أن يعتقد أنها تحاول التأثير عليه , وهى لا تهتم بما يعتقده أو يفكر به عنها
- عندما انضمت اليه فى غرفة الجلوس كان قد سكب لنفسه كأسا من الشراب وجلس مجددا على المقعد الواسع المريح وهو مغمض العينين , لقد بدا وكأنه يملا الغرفه , لم يكن ذلك بسبب حجمه , وهو أمر يثير الاعجاب , ولكن بسبب نوع من قوه متفجره غامضه , وجاذبيه رجوليه , بدت وكأنها تصل اليها وتنقلها الى ادراك حسى , ولم تحب ما جعلها تشعر به , كيف تستطيع ان تعمل معه يوما بعد يوم ؟ جعلتها هذه الفكره ترتجف , فتح عينيه الرماديتين فجأه , وكانت نظراته ثاقبه , فقال وهو يبتسم برقه :هل ذلك افضل
- كان وجهها حازما وهى تقول : نعم , شكرا لك
- استرخى يا ايلين .فأنا لن التهمك, لقد اخبرتك منذ قليل أننى قد تناولت طعامى ....وأشار الى كأس أخر موضوع على طاولة القهوه الطويله : لقد منحت نفسى بعض الحريه وسكبت لك كأسا ايضا . كنت واثقا من أن ذلك مسموح به ؟ كانت لكنت الخفيفه وطريقة تركيبه للكلمات توحيان من جدد بأنه ورث هذه اللكنه عن بلد أجنبى , وتساءلت متى تعلم اللغه الانكليزيه للمره الاولى. لكنها أبعدت هذا الخاطر عن أفكارهاوقالت لنفسها بحزم : ابقى متيقظه وحذره لانك سوف تحتاجين لذلك فى تعاملك مع هذا الرجل
- شكرا لك ...جلست بحذر على حافة الاريكه وعلى ابعد مسافه ممكنه منه , لكنها قفزت عندما جلس فجأه ووجهه حازم وجاد
- اسمعى يا ايلين ....تردد للحظه ثم تابع : لقد حضرت الليله الى هنا لسببين . الاول لأرى اذا ما كنت قد انهيت الامور بشكل حسن , ولاعلمك بانى حضرت باكرا و وطبعا لاشكرك على جهدك فى العمل لمدة اسبوعين
- والسبب الثانى ؟
- لقد كان جادا حقا الان , وعندما التقت نظراته بنظراتها , استطاعت ان تدرك فجأه لم تحول الى رجل فاحش الثراء فى عمر مبكر , لقد كان ذا قوه لا يغفل عنها : سوف نتعامل مع بعضنا بعضا فى الاشهر القليله المقبله , وسوف نكون قريبين من بعضنا بعضا , لغتى الفرنسيه ....مقبوله , ليس اكثر من ذلك , وانت سوف تكونى مفيده لى فى أكثر من ناحيه ...لم يكن كلامه نفاقا وكانت ايلين تصغى اليه بهدوء : حتى تكون هذه العلاقه مفيده فيجب علينا ان نتبادل الحديث على الاقل . هل تفهمين ما اعنى؟
- هل تطلب ان تعلن عن هدنه بيننا؟ كان تيم يقول دائما ان بامكانها ان تكون غير لبقه , لكن عرضها الصادق جعل كورد لا يتفوه بكلمه للحظه , شعرت ايلين بشعور غريب ينتابها لاول مره
- أجل اعتقد أن هذا هو تماما ما كنت احاول ان أقوله ...كان صريحا تماما مثلما كانت هى
- نظرت اليه بامعان ولاحظت فكه المربع الشكل وعينيه الصافيتين الثاقبتين وسألت بحذر : هل أستطيع أن أثق بك ؟
- أعتقد أنه فى ظل هذه الظروف ,أنا من كان يجب عليه أن يطرح هذا السؤال ...
- هل أستطيع ؟
- نعم تستطيعين أن تثقى بى يا ايلين...وبدا الامر واضحا أنه لا يحب أن تكون ثقته عرضه للتساؤل . فكرت ايلين وكأنها فى معركه : حسنا يا سيد لاشونى ولا أنا أحب ذلك أيضا
- بما أننا وصلنا الى اتفاق , أفضل أن ننسى ما مضى و أن نركز اهتمامنا على العمل الذى سوف نؤديه , هذا العقد مهم جدا بالنسبه لى وللاشخاص الذين يعتمدون على فى تنفيذه , وأنا لا أستطيع أن أسمح بأى الهاء . يجب على أن أدير بعض الاعمال الاخرى من وقت لاخر لذلك أنا بحاجه لوجود شخص ما هنا أستطيع أن أعتمد عليه كليا ويستطيع ان يستوعب كل ما يجرى , حسنا , هل أستطيع أن أتكل على دعمك و امانتك .
منتديات ليلاس
- فكرت بما قال للحظات عديده , وبسبب اعتقاده عما فعلت مع تيم , فان هذا كان اقتراحا عادلا: نعم , أعتقد أننى أستطيع أن أقوم بذلك ....ابتسمت للمره الاولى منذ وصوله ولمع فى عينيها بريق دافىء ناعم
- أصبح هادئا تماما وهو يحدق بها . وركز نظره على خصله الشعر الصغيره التى تدلت من الخصلات المعقوصه فوق رأسها : ان شعرك الناعم وعينيك القاتمتين تشكلان مزيجا غير عادى , خاصة مع لون بشرتك الشاحب ...كان صوته اجش
- رابطة الجأش ولكن هناك نار خلف هذا الهدوء ...حدقت به وهى تشعر وكأنها تحت تأثير منوم مغناطيسى فابتسم بازدراء قائلا : ولكننى أعتقد أن الكثير من الرجال قد قالوا هذا الكلام لك
- اه المئات ...حاولت أن تبدو طبيعيه ولكن صوتها أفسد تـأثير المحاوله لانه جاء حادا بشكل واضح
- هل هناك رجل معين فى حياتك الان ؟
- لا ..أخفضت نظرها لتبعد عن نظره الثاقب وتابعت : أنا لست مؤهله لاقامة علاقه . وكان تيم يطلق دائما على الروح المتمرده , فأنا لا اح العلاقات عندما تميل الامور الى التأزم
- تفكير واحد ...كان صوته جافا : لا أستطيع أن اقول , حتى يفرق الموت بيننا , ولا يستطيع الطرف الاخر أن يقوم بشىء لاجلى
- اه , أنا لست ضد فكرة الزواج....مشت الى النافذه المفتوحه ووقفت وظهرها اليه وراحت تتنشق الهواء الساكن الغنى بشذا الصيف , امتد أمامها بستان مزروع بشكل رائع , عبر الطريق الضيقه المؤديه للمبنى المؤلف من أربع طبقات , كانت الاشجار مثقله بثمار الكرز والمشمش والخوخ والتفاح وأنواع أخرى من الفواكه , والجو يعبق برائحة الثمار الناضجه , واستنشقت الاريج الفواح , ان العمل هنا , فى هذه الظروف له تعويضه
- أنت لا تمانعين ؟ أعادها كلامه الفضولى الى حديثهما , وهزت رأسها نفيا من دون أن تنظر اليه
- كلا لا امانع , ولكن لم ألتق شخصا أستطيع أن أتحمل العيش معه بقية حياتى , وحتى ذلك الوقت أفضل أن تبقى كل علاقاتى سطحيه
- م م م , هل هذا يعنى أنك لم ....تكونى على علاقه مع احد من قبل ؟
- استدارت وواجهت نظراته : هل تسأل اذا كنت قد أقمت علاقه مع رجل ؟ سألت وفى صوتها شىء من الجديه
- لا يستطيع أن يتهمك أحدا بالانحلال والابتذال و أليس كذلك ؟ لم تكن متأكده فيما اذا كانت كلماته تلك , نقدا أم اطراء
- اتمنى ان لا يحدث ذلك...نظرت الى وجهه مباشرة وتابعت : ردا على سؤالك الذى لم يطرح , كلا , لم أقم أى علاقه مع رجل من قبل . لست خجله من ذلك , وقد يبدو لك الامر غريبا , لقد كان لدى الفرص لذلك
- هذا امر استطيع تصديقه ....أجابها ببطء , وضاقت حدقتاه فلم يعد باستطاعتها أن تقرأ التعبير فى عمقهما الرمادى القاتم . مشى اليها قبل أن تدرك ما كان يفعل , وأبعد الرباط عن شعرها حتى تساقطت الخصلات الفضيه الكثيفه اللامعه فوق كتفيها بشكل فوضوى : أحبه عندما يكون منسدلا ...كانت نظراته متحديه وقد ارتسمت ابتسامه ساخره على زاوية فمه : حسنا , حسنا . اذا كنت صادقه , فأنا أرى أمامى فتاه جميله , عذراء فى الرابعه والعشرين من العمر . وقد أخبرونى أن زمن المعجزات قد ولى...
- سترى امعجزات لو أمعنت النظر
- أمسك خصلة شعر بين أصابعه الطويله ولمسها برقه ثم قال : كنت أعلم أنها كالحرير ... تكلم وكأنه يحدث نفسه , أما هى فكانت عاجزه عن الحركه أو الكلام , كان فى صوته خشونه وفى نظراته بريق جعلها تشعر بجفاف فى فمها وبخفقات قلبها السريعه اقويه
- أنت أمرأه محببه ...رفع ذقنها بيد قويه وهو ينظر الى عينيها : ولكنك يا يمامتى الصغيره لست مقنعه أبدا , ان ما يراه المرء ليس تماما ما يدركه , من أنت حقا ؟ كان صوته مثل همس ناعم يضرب على ما تبقى من تماسك اعصابها وشعرت بقوه مغناطيسيه فى داخله تجذبها اليه , لم تعرف هذه المشاعر الحسيه من قبل , وقد اذهلتها , كانت مثل كائن حى , يجعل عضلات معدتها تنعقد وترسل نبضات ايقاعيه فى كافة انحاء جسمها
- حرك يده ببطء فوق وجهها الملتهب وراح يرسم حدود شفتيها بأنامل متكاسله
- ايلين ...ايلين ....ردد اسمها وهو يضمها اليه ويعانقها
- ولكن رنين جرس الباب جعلهما يبتعدان عن بعضهما البعض بصمت , وللحظه وقفت مرتجفه تنظر اليه بعينين واسعتين قاتمتين
- أعتقد أنه من الافضل أن تجيبى ...قال ببطء عندما راح الرنين يضج فى الشقه بالحاح , وعندما استدارت ومشت مضطربه بقدمين مرتجفتين, التقط كأس الشراب الممتلىء الى انصف واجترعه دفعه واحده
- مرحبا سيده كونسيليو ....شعرت بدوار عندما نظرت الى المرأه المبتسمه الواقفه فى الرواق : لقد جلبت لك طعام موغ ...دقيقه من فضلك ...مدت يدها الى الطاوله الصغيره وأخذت الكيس من حيث وضعته عند وصول كورد : أموالك المتبقيه فى الكيس ...دهشت ايلين كيف أن صوتها بدا طبيعيا مع أن داخلها كان يهتز بصوره لا يمكن السيطره عليها
- هل ذهبت ؟ سأل بصوت بارد قاس بعدما اغلقت الباب , وهذا ما جعلها ترفع عينيها بسرعه الى اعلى لتقابل نظراته
- تقدم ليقف امامها , كان وجهه القاتم , قاسيا وصلبا : بالنسبه لفتاه لا تعرف الكثير عن الرجال , فأنت حتما تحتفظين بعدد كبير منهم
- لم يصدقها والجمها الالم عن الكلام
- قال بصوت قاس : دعينى أقدم لك نصيحه , اذا اردت أن تلعبى فاختارى اشخاصا من جيلك للعب معهم , فأنا قد تخطيت تلك المرحله منذ زمن بعيد , وانت قد نلت الليله أكثر بكثير مما كنت تتوقعين . هل تفهمين؟ أو ربما قد توقعت ذلك ؟
- انتظر ليسمع جوابها وعندما لم تجب مشى ببطء الى الباب وقال بصوت حاد وقاس : لا تعتقدى أن هذا الحدث الصغير يعنى شيئا بالنسبه لى , هل تفعلين ؟ أنت لا تتخلصين من الصناره بسهوله . تذكرى انك أنت هنا معى لفتره محددة من الوقت...ثم فتح الباب واستدار فى الرواق , وكانت حدقتاه ضيقيتين وهو ينظر الى وجهها الشاحب المذهول : لقد التقيت بالكثير من النساء اللواتى حاولن ان يلعبن لعبتك ليصلن الى مرادهن , وذلك لم ينفعهن ,اننى مدرك لكل تلك الحيل , لو كانت تلك هى ورقتك الرابحه فلقد كشفت امرها
- كانت كلماته وكأنها سياط تضربها , وعندما أغلق الباب خلفه بهدوء وتركها وحيده مع أفكارها , انهارت على مقعدها وهى ترتجف وتحتضن وجهها بين يديها , كيف أمكنها أن تكون ضعيفه وغبيه بهذا الشكل ؟ ما الذى . بحق السماء سيطر عليها وجعلها تتصرف بتلك الطريقه ؟ شعرت بوجهها يحترق من الهوان فيما تتابعت أمام عينيها صور ما حدث
- لقد أعتقد أنها كانت تستدرجه ليقيم معها علاقه , ثم يشعر انه مضطر الى اعفائها من العقد المتفق عليه بينهما . ومن أعتقد أنها تكون ؟ جعلها الجواب تئن بصوت مسموع وهى تتلوى فى مقعدها . كيف أمكنها أن تتجاوب بهذا الشكل مع شخص لا تعرف عنه الكثير ؟ لقد كان شيئا بعيدعن الاخلاق أن تشعر بالسعاده لسيطرته بسهوله على مشاعرها
منتديات ليلاس
- يجب عليها ألا تتخلى عن حذرها أبدا . ان ما حصل كان تحذيرا لها وقد استطاعت ان تخرج من هذا الموقف تقريبا دون اى ضرر . بعدما اوت الى فراشها تلك الليله , شعرت بالراحه للافكار التى تواردت الى ذهنها . فمن الان فصاعدا عليها ان تكون حذره . أدركت فجأه أنه لم يكن أمامها عدو واحد فقط . لقد تبين لها ان العدو الاكثر غدرا كامن فى مكان ما فى أعماقها واذا ارادت أن تتخطى هذه المأساه بكبرياء , وغير مهانه ومشاعر غير جريحه يمكن أن تنساها , عليها ان تراقب كل كلمه تقولها , وكل حركه تقوم بها , و أن لا تسمح له أبدا بمعرفة حقيقة تأثير قوته عيها