3- ليس الى الأبد.....
بقيت رينا أكثر من أسبوعين دون أن ترى لوجان بعد تلك الحادثة , حتى أنها تساءلت أذا لم تكن قد أبعدته نهائيا هذه المرة , وكان هذا التفكير يملؤها خوفا ويأسا , وعليها أن تتقبل ذلك مجبرة , وهو على كل حال لم يكن بالنسبة اليها الكل في الكل .
هكذا كانت ترضي نفسها , وتكرر بأنها أمرأة راشدة وعاقلة , وأهل لأن تتحمل المسؤولية دون الأعتماد عليه .
ومع ذلك فقد فوجئت بنفسها عدة مرات قرب الهاتف , تمنع نفسها من أن لا تطلبه في المطار , وأخيرا وللضرورة أتصلت به عيد ميلاد داني يقترب وأعرب الطفل عن رغبته الملحة في حضور العم لوجان , نظمت له رينا حفلة مع عدد من رفاقه,علها ترضيه وتذرعت بعدة أسباب لأنشغال لوجان , ولكن الطفل أستشرس في سبيل تلبية رغبته وكان على أمه أن تخضع لتنفيذ رغباته.
شرحت الموقف للوجان بصراحة وهي ترجوه ألا يجبر نفسه على الحضور أذا كان لديه أرتباط آخر , وليشرح ذلك لداني .
سأل بخشونة:
" بمعنى آخر , تفضلين عدم حضوري؟".
ردت بسرعة :
" لا ".
" سأكون هناك في الوقت المحدد , وأشكرك على الدعوة".
وأقفل دون أن يضيف أية كلمة , وأرادت رينا ألا تعلق أهمية على ذلك , فيجب ألا تعنيها مشاعر وآراء هذا الرجل .
وأثناء الحفلة , بدت مهذبة ولكن متحفظة , وحاولت أن تتحاشى فتح حوار معه , بقي لوجان حوالي الساعة والنصف , كانت كافية لتفرح داني وعندما ودع رينا أرتسمت على شفتيه أبتسامة ساخرة , نظرت اليه بقلب منقبض وهو يرحل , ولكنها لم تعد تتحمل خطر دعوته.
منتديات ليلاس
بعد عدة أيام عاد من تلقاء نفسه مع باقة كبيرة من النرجس , أبتسم بصعوبة أمام النظرة الحذرة والمصدومة التي لاقته بها , لأن هذه هي المرة الأولى التي يقدم لها أزهارا.
" هذه الزهور تعبر عن شكري لأنك كنت مضيافة في معظم الأحيان".
" ما كان عليك أن تفعل ذلك ( أجابت بخشونة ) نحن ندين لك بكثير.....".
" لا تدينان لي بشيء على الأطلاق".
أبتسمت رينا وهي تهز رأسها , سبقته الى الصالون حيث كان داني يتصفح كتابا مصورا وعندما لمح لوجان شع وجهه فرحا وأرتمى حول عنقه.
" عمي لوجان , أنت جئت لتأخذني بنزهة بالطائرة".
" ليس اليوم يا بني ( أجاب وهو ينحني بجانبه) يجب أولا أن أحدد موعدا مع أمك".
" لكنك وعدت......".
قالها وكأنه يوجه اليه أتهاما.
" لا تقلق , سأفي بوعدي عن قريب ولكن بعد أن آخذ رأي أمك".
تسمرت رينا في مكانها وصعد الدم في رأسها وصرخت كالمجنونة من الغضب:
" أبدا".
نظر اليها داني بأستغراب بينما كان لوجان يتفحصها بنظرات ثاقبة:
" أنا آسفة يا عزيزي , أنت لا تزال صغيرا....".
" أنا لست صغيرا , عمري أربع سنوات ( صرخ داني منزعجا ) العم لوجان أقسم أن يأخذني".
ضمته رينا بين ذراعيها.
" أضع اليّ يا عزيزي.........".
لكن داني دفعها بقسوة وضربها بقبضته وركاها بقدميه وتقلص وجهه , وبدأ يصرخ:
" أنا أكرهك يا ماما , العم لوجان وعدني".
رفعت رينا يديها لتحتمي من ضربات داني العشوائية , رفع لوجان الطفل عن الأرض ووضعه أمامه وأمسكه بعنف من كتفيه وأمره بقسوة:
" يكفي هذا يا دان".
توقفت فورا نزوة داني وبشكل قطعي , وأحس بأن لا حيلة له , وطفرت الدموع من عينيه , ولم يكن لوجان قد تحدث مع داني بهذه اللهجة من قبل.
" لا يهم ( تابع لوجان بهدوء أكثر ) ربما لم يكن من المستحسن أن نعرض الفكرة بهذه الخشونة والمفاجأة على أمك , لنترك لها الوقت لتقبلها , والآن أذا كنت تعتبر نفسك شابا عليك أن تتصرف بتعقل , أن الولد الحسن التربية لا يضرب النساء وخاصة أمه , وأرجو أن تطلب منها العفو.
تمتم داني:
" لا".
" ربما فيما بعد ( قال لوجان بأبتسامة خفيفة) والآن دعني لوحدي مع أمك وأذهب أنت لتلعب في غرفتك".
نظر داني الى أمه نظرة أستياء مليئة بالعدوانية وأطاع الأمر , نظرا الى بعضهما بعد أن سمعا صوت الباب وهو يغلق.
سأل لوجان بسذاجة:
" أين تكمن المشكلة؟".
" يجب ألا تعد داني بأي شيء مهما كان بدون أذني".
" في الحقيقة , أرجو أن تسامحيني , أردت أن أكون عرابه في الطيران لأول مرة يوم عيد ميلاده , وبما أن الفرصة لم تكن سانحة في تلك الفترة أن أسألك رأيك في الموضوع , أردت أن أسعده وأسعد نفسي بأعطاء هذا الوعد , ولكنني لم أفكر ولا للحظة أن أتجاوز رغبتك".
" على كل حال لقد كنت حازمة".
" لماذا؟ ( قطب حاجبيه مدهوشا) ستكون تجربة رائعة بالنسبة اليه , عيدا حقيقيا".
" أنه أبني , ولا أجد سببا أقدمه لك".