كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
عقدت منديلا حول شعرها وأرتدت ملابس مريحة , وعلى الدراجة الهوائية توجهت الى البحيرة , أوقفت الدراجة وشرعت تشق طريقها نحو مقعدها المفضل حيث جلست ساعات وساعات تصغي الى صوت الصمت يقطعه حفيف الأوراق تهزها رياح آخر الصيف , وفجأة سمعت وقع خطى على الممر فلم تفتح عينيها ألا بعد لحظات لتجد رالف منتصبا أمامها.
حدقت لورا فيه وقلبها يكاد يقفز من صدرها , ولم تقو على الكلام أو حتى على التنفس , جلس الرجل الى جانبها صامتا وأمسك بيدها برفق ونعومة لم تعهدهما فيه من قبل , كذلك لاحظت أن التعب والقلق رسما على وجهه خطوطا واضحة , ولما أبتسم بعذوبة زالت الخطوط عن محياه وقال:
" يا حبيبتي.....".
وما لبث أن أحكم قبضته على أصابعها فآلمها حتى كادت تصرخ ولكنه سبقها :
" لقد هجرتني أذن! ".
وتناول أصبعها ليعيد اليه عنوة محبس الزواج ويطبع على يدها قبلة قوية , ثم أضاف :
" أنت مدينة لي يأيضاح".
حرر يدها وعانقها بحنان منتشلا أياها بلحظة من عالم اليأس الى عالم الأمل , وغرقا دقائق طويلة في عناق حميم , قالت بعده:
" لقد حصل سوء تفاهم توضح بعضه عندما ألتقيت جويس في المطار وأخبرتني بما حصل للاري ".
ضربت صدره العريض بقبضتها الناعمة وتمتمت :
" لماذا لم تطلعني على ما جرى؟".
" أقلت أنك شاهدتها في المطار ؟ ولكن , لماذا لم تذكر لي جويس ذلك؟".
" كيف علمت أذن أنني هنا؟".
" أتصلت بالمنزل فأبلغني هانز أنك رحلت منذ ساعات تاركة رسالة تتعلق بأطعام الكلبين , مما أقلقه , لذا ألغيت محاضرتي وعدت أدراجي الى البيت لأفاجأ برسالتك العظيمة , وبدأت أبحث عنك كالمجنون , أتصلت بوالدك وقصدت جدك , كما سألت جويس التي لت أنها لا تعرف شيئا , الى أن أتصل أحدهم من المطار يسأل عن مصير سيارتك المتوقفة هناك فعلمت فورا وجهة رحيلك , ألا تذكرين ما قلت عندما كنا جالسين هنا , أذا شئت الفرار يوما سألجأ الى هذا المكان".
وجهت لورا نظراتها الى عينيه وسألت:
" ظننتك مغرما بجويس فقررت التخلي عنك لأفساح المجال أمامكما.....".
ضحك رالف مقاطعا:
" أتعنين أن جويس أوهمتك بكل هذه التفاهات ؟ يا لها من حمقاء ! ألم تلاحظي أنني فقدت أي أهتمام بها منذ أن زارتنا في المنزل المرة الأولى , فأنا وقعت في شباك حبك منذ مدة ولكنني جبنت الأعتراف بذلك لك أو لنفسي , وتوضحت لي مشاعري أكثر عندما رأيتك من نافذة عيادتي تتجهين بالسيارة نحو أمستردام ...... ولما رأيت سيارتك فارغة على قارعة الطريق كدت أصاب بنوبة قلبية".
" كل هذا لا يعني أن تصرفك معي كان محمودا وكذلك موقفك من يان المسكين , لقد ذهبت معه الى أوتريشت لأقنع خطيبته بالزواج والسكن في منزلك , أما أنت فبدأت تختلق قصصا لا وجود لها ألا في خيالك المريض!".
كتم رالف قهقهة جديدة ورمقها بنظرات جائعة فأرتبكت لورا وصاحت:
" لا تنظر اليّ بهذه الطريقة فأنا أعلم أنني أمرأة قبيحة!".
" لا أنت أجمل فتاة على وجه الأرض , والله لو صحت شكوكي لأطحت رأسك ورأس يان!".
أحست لورا أنها بالفعل تحولت الى أجمل فتاة على وجه الأرض بضربة عصا من الساحر الحب.
" لم يخطر لي أبدا أنك تحفل بي يا رالف , فأنا لا أتمتع بالحسن ولا أجيد فن التحدث......".
وضع يده على فمها , فأسكتها وقال:
" يا لعنادك ! قلت لتوي أنك جميلة , وأقول الآن أنني أستسيغ الأصغاء الى أية كلمة تخرج من فمك".
ضمها الى صدره وأغرقها بعناق عبر عن مشاعره ولوعة أشتياقه , فقالت لورا بأرتباك:
" أكاد لا أصدق ما يجري! أفي حلم أنا أم في حقيقة؟ هناك أشياء كثيرة ما تزال غامضة ".
وبعد صمت أضافت :
" أظن أن فنجانا من الشاي مفيد جدا الآن".
" أنت شاحبة وهزيلة جدا يا حبيبتي , وكل ذلك حصل بسببي , سأحضر لك الليلة شاي العالم كله , ونعود في الغد الى المنزل".
" بأستطاعتنا النوم في الفندق".
" أعلم ذلك فقد مررت به وأبلغت المدير أننا سنعود اليه يوما مع الأطفال".
" الأطفال؟".
أجاب رالف بسعادة:
" نعم , فالمسألة مسألة وقت ليس ألا ".
أختلطت الأمور على لورا فهمست:
" رالف , أنت حبيبي!".
" أعد بألا أسبب لك حزنا وألما بعد الآن يا حلوتي".
" أظن أنني سأبدأ بالبكاء.....".
لم تخطىء لورا أذ أنحدرت الدموع على وجنتيها فأنهمك رالف بمسحها بأصابع كالجمر أحراقا:
" حسنا يا لورا , سأمنحك عشر دقائق للبكاء قبل الشاب".
ضحكت المرأة وسألت:
" هل أبدو قبيحة جدا بمنديلي وثيابي البلهاء".
" أعليّ أن أردد أنك أجمل فتاة على وجه البسيطة؟".
فأجابت من خلف عبرات السعادة:
" نعم يا حبيبي".
منتديات ليلاس
تمت
|