كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
ألقى كريستوس بشظايا الزجاجة في الفوطة، وأخذ يمسح الدم الجاف ويضمد إبهامها.
أمسكت أنفاسها وهو يضمد إصبعها، شئ ما في لمسته جعلها تشعر بدفء بالغ. لقد جعلها تشعر ب....بأمان بالغ. يا له من وهم! هل ثمة ظلم أكثر من هذا؟
نظر كريستوس إليها بوجه لا يكشف شيئا:
- أخبرني أبوك بأنك غير جديرة بالثقة. لكنني لم أكن أعلم أنه يعني بالنسبة إلي آنيتي البلورية.
لوي شفتيه ورفع حاجبيه، ولكن خلف لهجته الساخرة، أحست قلقا، فأخذت تعنف نفسها على الفور. هذه صفقة، صفقة زواج، وأنت عروس باهظة الثمن جدا.
حدقت في يديه دون أن تستطيع النطق. كان قفا يديه عريضا أسمر، أصابعه طويلة متناسبة، لمساته خفيفة وماهرة للغاية. كان بإمكانه أن يكون نجارا أو جراحا. انه، قانونيا، زوجها، زوج. . .وارتجفت، ومع ذلك لم يكن هذا نتيجة خوف، بل كان توقعا. كانت مخيلتها هائجة مائجة. ونظرت إلى وجهه متوترة فشعرت بقلبها يهبط وكأنها فأرة ريفية خائفة وليست إحدى أغنى نساء اليونان. لكن المال لا يقارن بالسعادة أو الثقة بالنفس. لا أحد يعرف ذلك أكثر منها.
- هل قلت إن أبي أخبرك بأنني غير جديرة بالثقة؟
- نعم.
فأحمر وجهها خزيا. ماذا أخبره أبوها أيضا؟ كانت تعلم جيدا أن صدق أبيها يمكن أن يكون قاسيا، فلطالما آذاها وأمها بتقويمه القاسي الجارح.
- إياك.
قال كريستوس هذا بصوت رقيق عاطفي وهو يمسح وجنتها المتوهجة بإصبعه.
شعرت بألم غريب بداخلها، فضغطت يدها المضمدة على بطنها. لقد شعرت بكل شئ بدائيا مكشوفا الآن. .بإمكانها أن تشم الملح اللاذع الحاد في الجو، ودفء الليل، وحركة السفينة وهي تشق الأمواج.
- إياي ماذا؟
منتديات ليلاس
- أن تفكري.
وتشكلت خطوط حول فمه، وتغضنت زوايا عينيه:
((فأنت تعذبين نفسك مرة أخرى)).
- أن أعذب نفسي أفضل من أن أعذبك.
وابتسمت بما تستطيعه من عدم الاكتراث، ابتسامة لعنة بها الشيطان وكانت حاربت بها العفاريت من قبل وانتصرت. وهي ستنتصر مرة أخرى، وستقوم بها دون عون كريستوس أو تدخله.
- فحص سريع آخر.
قال مصرا وهو يمسك بيدها ويرفع طرف الضماد ليفحص الجرح وكأنه ذو أهمية بالغة:
((ربما لن تكوني بحاجة إلى خياطة الجرح)).
- شكرا، يا دكتور.
- هذا من دواعي سروري.
كان المفروض أن يضحك، أو يبتسم ويقول شيئا مرحا. لكنه، بدلا من ذلك، أخذ يحدق في عينيها، بجد وإمعان، مقطبا حاجبيه. أقسمت أن بإمكانه أن ينفذ بنظراته إلى داخلها، فيرى مخاوفها، وأسرارها الصاعقة.
شحب وجهها، فيما كانت نظراته العنيفة تثير الأعصاب. ماذا رأى حين نظر إليها بهذا الشكل؟ ما الذي يعلمه؟ وشعرت بالذعر، ودلائل من الماضي.
- في الحقيقة، يا كريستوس، أنا لن أموت بسبب هذا الجرح.
كانت تعني المزاح. . .تخفيف التوتر، لكنها لم تري منه حتى ابتسامة وإنما توتر فكه ونفر عرق قرب أذنه:
- لأول مرة تستعملين اسمي الصغير.
ما الذي يفعله بها؟ يرقق قلبها الحجري؟ يقتحم دفاعاتها؟ هذا ما كان يفعله. وهي لا يمكن أن تسمح بذلك، لا يمكن أن تدعه يهدم الجدار الصلب العالي التي بنته حولها. .لا أحد يدخل إلى الداخل، أبدا.
كلما أسرعا في الوصول إلى ((سيفا لونيا)) كلما كان ذلك أفضل، لذا دفعت أليسيا كرسيها إلى الخلف ووقفت غير متزنة:
((لا أظنني جائعة، أرجو المعذرة، فأنا أريد العودة إلى غرفتي)).
- بالتأكيد، لماذا لا تذهبين إلى غرفتنا وترتاحين؟ وسأطلب إرسال العشاء لك فيما بعد.
نهاية الفصل الثالث
|