كاتب الموضوع :
زاهــــــــــــره
المنتدى :
القصص المكتمله
الفصل الثالث عشر
تقلبت مشيرة في فراشها و قد جافاها النوم... لقد مرت خمسة أيام على حريق المكتب غرقا فيهما في العمل كانا ينظمان الأوراق و الملفات قبل البدء في العمل اليومي على الرواية... لقد إستغرقت عملية التنظيم اليوم أكثر من المعتاد فقد أصر يوسف أن يتنتهيان منها كما انه تركها بعد العصر ليخرج في مشوار غامض لم يخبر به احد و هذا ما منعها من إكمال طباعة ما أملاه عليها... نظرت في الساعة إنها الواحدة بعد منتصف الليل، إرتدت روبها و نزلت إلى غرفة المكتب... مادمت لن أنام فبإمكاني عمل ما هو مفيد سوف أنتهي من طباعة الفصل الثالث و بعدها أحضر كوب من الحليب و أنام.
دخلت غرفة المكتب و هي في طريقها إلى طاولتها لفتت نظرها علبة صغيرة من المخمل الأسود، تقدمت من المكتب و أمسكت بها و فتحتها... شهقت ما ان رأت خاتم خطوبة رائع الجمال تلفتت لا شعورياً كأنها تبحث عن أحد في الغرفة ثم إستسلمت لإغراء إرتداؤه... مدت يدها أمامها تتأمله كانت مبهورة بجمال الماسة التي تتوسطه... إنه تقليدي لكنه ساحر، إنتفضت ما ان دخل يوسف الغرفة و وقف بجوارها... مدت يدها لتخلع الخاتم و قد بدى عليها الإرتباك فوضع يده على يديها يمنعها رفعت رأسها فتلاقت عينيها المرتبكتين بعينيه الحانيتين قال لها هامساً:
- إنه لكِ...فهل تقبلينه؟
نظرت له بتساؤل... ماذا يقول؟ لم تفهم ما يقصده ظهر هذا في عينيها فقال :
- لقد إشتريته اليوم لكِ.
قالت بذهول:
- لكنه خاتم خطوبة!!!
نظر لها بحنان و فكر... تلك الساذجة الصغيرة:
- و هل قلت غير ذلك؟
- لكن... لكن... لكن لو قبلته سوف يعني ذلك أن أكون خطيبتك!!!
ضحك:
- من الواضح أن عقلك الصغير الحاد الذكاء في إجازة الآن و يجد أن أقوم بذلك على الطريقة التقليدية.
نزل على ركبته و أمسك بيدها و قال و الهزل في عينيه:
- مشيرة... هل تتزوجيني؟
إتسعت عيناها دهشة... نظرت له غير مصدقة و إمتلأت عيناها بالدموع، وقف مصدوماً:
- لماذا البكاء؟ هل ضايقتك؟ لو أن طلبي ضايقك أو جرحك بأي طريقة فإنسي....
قاطعته سها التي إقتحمت المكان كعاصفة هوجاء:
- أيها الغبي إن غباءك في فهم موافقتها لا يوازي غباءها في فهم طلبك للزواج... إنكما أحمقان تليقان ببعضكما البعض.
نظر لمشيرة:
- هل ما قالته صحيح؟
عندما لم تجيبه قال ممازحاً:
- بصرف النظر على كوننا أحمقان فهذا ما لا أشك به... هل ما قالته صحيح؟
هزت رأسها فتساقطت دموعها على خديها... نظر لها بمحبة و قال:
- حسناً... هل يمكن لعروسي أن تكافئني بإحدى إبتساماتها الرائعة؟
ما أن سمعت كلمة عروسي حتى أحست بقلبها يطرق قفصها الصدري مطالباً بالخروج من مكانه.
توجهت مشيرة إلى غرفتها بعد أن رفض يوسف أن يدعها تكمل العمل و قال ضاحكاً أنه يشكر حبها للعمل و الذي دفعها لتنزل فرأت الخاتم معترفاً أنه كان xxxxxاً في الطريقة التي يقدم فيها الخاتم لها دون أن يشعر بالسخف... لم تستطع مشيرة النوم من فرط السعادة... ظلت تحدق في الخاتم حتى طلوع الشمس و لم تدري متى نامت.
****************************** كانت الساعة الثانية عشر ظهراً عندما إستيقظت مشيرة ما أن نظرت في الساعة حتى قفزت من السرير و أسرعت ترتدي ملابسها... نزلت السلم راكضة توقفت في اللحظة الأخيرة قبل أن تصطدم بيوسف الذي كان على أول درجة ما أن رآها حتى إبتسم:
- مهلك يا فتاة سوف توقعيني أرضاً.... يبدو لي أن مساعدتي ستستغل الخطوبة لتتغيب عن العمل.
إحمر وجهها و نظرت أرضاً فضحك:
- يبدو أنك لم تعتادي الأمر بعد.
نظرت له:
- هل تريد الصدق؟ نعم لم أعتد الأمر... لقد ظللت أتأمل الخاتم طوال الليل لكن هذا الأمر لم... صمتت و قد أدركت إندفاعها الغبي بالكلام.
ضحك مرة أخرى:
- ما أجمل أن تقولي لي ما يخطر ببالك.... و الآن هيا إلى المطبخ لتتناولي فطورك بسرعة و بعدها نبدأ العمل... لن أسمح لك بالتقاعس لمجرد أنكِ أصبحتِ خطيبتي.
همست:
- متسلط.
أحنى رأسه:
- ماذا قلتي.
ابتسمت:
- لا شئ.
دفعها بإتجاه المطبخ:
- لقد سمعتك أيتها الماكرة.
توقفت:
- لا أريد أن أتناول الفطور... لقد إقترب موعد الغداء فلنبدأ العمل...
قاطعها:
- لا... لا أريد أن تتهمني توحه أو سها بتجويعك.
- متسلط.
قال:
- ها هي تلك الكلمة أسمعها مرة أخرى و في نفس الدقيقة...
حذرها ممازحاً:
- إن سمعي حاد... حاذري مما تقولينه.
قالت بمرح:
- اسمح لي سيد عياش... عندما تتصرف بتسلط لا تتوقع من الناس إلا أن تدعوك بالمتسلط.
همهم:
- لقد بدأ كلام الزوجات.
ضحكت و سبقته لغرفة المكتب:
- إلحق بي سيدي... إنك تضيع الكثير من الوقت.
بعد ان دخلت الغرفة تنهد و قال:
- نعم إنني أضيع الكثير من الوقت... فتاة كهذه لا يضيع الوقت معها في الخطوبة.
************************** بعد الغداء خرجت مشيرة و سها لمقابلة نشوى التي ما أن عرفت بالخطوبة حتى قفزت صارخة و عانقت أختها التي حاولت أن تهدئها فرواد المطعم كلهم أخذوا يحدقون بهم لكن نشوى لم تتوقف عن الضحك و قول ((لا يمكنني أن أصدق)) شاركتها سها حماستها مؤنبة مشيرة:
- دعيها تعبر عن فرحتها.... أخيراً وجدت من تماثلني حماسة.
قالت لنشوى:
- لا يمكنك أن تتصوري كم يحبطني أخي... و أختك أيضاً تشبهه إنها متزنان أكثر من اللازم.
ضحكت نشوى:
- معك حق لكننا معهما لإضفاء روح المرح... أليس كذلك؟
- نعم.... لن نتركهما يهنآن بحياة هادئة مليئة بالجدية.
قالت مشيرة:
- حزب المرح... كفى... و الآن لقد حان الوقت لنعود إلى المنزل يا سها و أنت يا نشوى ألم تقولي أن غداً عندك إختبار؟
قالت سها:
- لما لا تأتين معنا يا نشوى لتتعرفي إلى يوسف و بعدها يمكنني أن أوصلك إلى منزل صديقتك.
- كنت أتمنى ذلك لكن كما سمعتِ غداً إمتحان مادة الكيمياء و لا أريد أن أغضب أختي بالحصول على درجة منخفضة...مرة أخرى إن شاء الله سوف أجعلكم تقيمون إحتفال لهما إريد أن أمرح و بصخب.
نظرت لمشيرة و ضمتها:
- كوني سعيدة أختي... أرسلي سلامي لزوج أختي المستقبلي إلى ان أراه و أُوصيه عليكِ... و سلامي لتوحه أيضاً قولا لها أنني مما سمعت عنها أصبحت متشوقة لتذوق طعامها.
خرج الثلاثة و وقفن أمام المطعم، بعد أن ركبت سها السيارة سارعت نشوى تسأل مشيرة:
- هل أخبرت يوسف؟
- لا..
- ماذا؟ ماذا تنتظرين أن يعرف من عوني أو من أي مصدر آخر؟
- لقد حاولت لكن لم تسنح الفرصة... لكنني سأحاول.
- أسرعي بإخباره.. هيا إركبي السيارة قبل أن تتساءل سها... بالمناسبة إنها فتاة لطيفة جداً...أعتقد أنها تختلف عن أخيها..
غمزتها:
- عن خطيبك.
لكزتها مشيرة:
- توقفي عن هذه الحركات يا فتاة إنتبهي لدروسك... سوف أتصل بكِ غداً لأطمئن.
- حسناً... إلى اللقاء اختي... و مبروك.
أصرت سها أن تقيم حفلة بمناسبة خطوبة يوسف و دهشت من رغبته في كتم الخبر عن الإعلام و صاحت به:
- هل ستتزوجان سراً؟
صاح بها راعداً:
- سها.
صمتت سها و إندست بزوجها الذي كان يجلس بجوارها على الأريكة... نظرت مشيرة إلى يوسف لقد سدد لاخته تلك النظرة النارية التي كانت تراها في أول أيامها هنا، لقد كانت تلك النظرة تجمدها لكن هذه الأيام ولت قالت له:
- لا تصرخ بها بهذه الطريقة... لا تنسى أنها الآن كبيرة و متزوجه.
نظر لها ببرود:
- ألم تسمعي ما قالت؟
- نعم سمعت و مؤكد أنك تعلم أنها لم تقصد ما فهمته... كل ما تريده أختك أن تفرح بك فلا تغضب و تعود لذلك اليوسف الذي لا يمكن معاشرته.
نظر لها بذهول حل محل الغضب الذي كان يسيطر عليه فابتسمت... لقد نجحت ربتت على ذراعه:
- و الآن بعد أن هدأت يمكننا أن نتفاهم و كل منا يقول رأيه.... أنت لا تريد أن تعلن الخبر لكي لا تزعجنا الصحافة و أنا معك في ذلك لكن في نفس الوقت سها تريد أن تحتفل بنا و أنا معها في ذلك....
قال:
- ماذا تقولين؟ كيف يمكن...
قالت له:
- لا تقاطعني يا رجل.
ابتسمت توحه بإستمتاع بينما ضحكت سها و نظرت لزوجها الذي ابتسم و أشار لها بالصمت أكملت مشيرة:
- يمكننا أن نحتفل معاً بعيداً عن الصحافة... أنا و أنت... سها و محمد... و بالطبع شيفنا الكبير توحه.
تدخلت توحه:
- مرحى لكِ... إنني موافقة و سوف أحضر لكم أشهى الاطباق.
قالت سها:
- أنا موافقه ... و محمد أيضاً.
قال محمد:
- هذا ما أسميه تسلط الزوجات.
ضحكت مشيرة:
- لكن تسلط زوجتك يرافقه بصيرة نافذه... أليست محقه... أم أنك معترض؟
- لا إنني موافق؟
قالت:
- إذن لما هذا الكلام عن التسلط... أرأيت يا سها؟ ياللرجال!
كان الكل يشارك في الحديث إلا يوسف الذي إكتفى بالنظر إلى مشيرة بإعجاب... كم تمنى لو أمسك بيدها و ذهب على أقرب مأذون ليتزوجها لم يكن يصدق أن في الحياة هناك فتاة بهذا الشكل و الإسلوب و العقل.
نظرت مشيرة إلى يوسف:
- ها؟ ما رأيك؟
اختفت الابتسامه من على وجهها عندما رأت النظرة التي يرمقها بها... لماذا ينظر لي بهذه الطريقة؟ أحست أن عينيه تحتضنانها... و ياله من إحساس؟ يجب عليه أن يتوقف الآن و إلى إنتهى بها الأمر مغشياً عليها تحت قدميه... تساءلت هل هاتين نفس العينين اللتان كانتا تقذفان سهام الغضب منذ لحظات؟... كم تمنت أن يعود للغضب فعلى الأقل غضبه لن يدفع قلبها إلى حنجرتها.
إلتفت يوسف و مشيرة إلى سها التي صاحت:
- هااااي... أنتما الإثنان.
بدى الذهول على كلاهما فقالت:
- أين كنتما.... لقد كنا نتناقش في أمر الإحتفال و إنتهى بكما الأمر و أنتما تحدقان في بعضكما البعض كأن كل منكما ينظر إلى كائن فضائي.... صمتت ثم أضافت مشاكسة:
- أم أقول إلى نصفه الآخر.
قالت توحه ما أن رأت وجه مشيرة يبدأ بالاحمرار كعادتها عندما تشعر بالخجل:
- ماذا قررتم يا أولاد؟
قال يوسف:
- موافق.... إنها فكرة جيدة....سوف يكون إحتفال عائلي صغير يمكنك أن تذهبي أنت و سها إلى أختك نشوى لإحضارها أعتقد أن توحه لن تحتاج لأكثر من ثلاثة ساعات لتنتهي من التحضيرات.
- لن تستطيع نشوى أن تحضر...يجب أن تدرس ينتظرها غدا امتحان....
قاطعت سها مشيرة:
- لكنها أرسلت لك تحياتها...قالت لي أن أسلم على زوج اختها المستقبلي حتى تراه.
نظر لمشيرة:
- يبدو لي أن سها وجدت توأم روحها.
ضحكت مشيرة:
- نعم... لم أكن أدرك مدى تشابه طباعهما حتى رأيتهما تجلسان معاً.
************************* ساعدت مشيرة توحه في حمل الأطباق و الأكواب إلى المطبخ .... كانت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل قالت مشيرة:
- لقد تأخر الوقت كثيراً يجب أن تذهبي للنوم.
ابتسمت توحه:
- أعلم أم سيدة عجوز مثلي لا يجوز لها السهر لمثل هذا الوقت لكن لم يدخل الفرح إلى هذا المنزل منذ وقت طويل.... إن الإحساس بالإثارة يحرمني النوم سوف أنظف المطبخ.
- حسناً سوف أساعدك فانا أيضاً لن أستطيع النوم.
- لكن يوسف يظنك في فراشك الآن.
- لقد قلت له أنني سوف أنام فوراً لكي يأوى إلى فراشه إنه بحاجه للنوم... لا تنسى أنه يحتاج للتركيز في عمله و إذا إستيقظ غداً مع صداع لن ينجز شئ... كما أن سها كانت تشعر بتوعك في آخر السهرة و لو قلت لها أنني أنوى أن أساعدك لفضلت البقاء معنا لمساعدتنا رغم تعبها.
ابتسمت توحه:
- لا تقلقي عليها فأنا أظن أنني أعرف ما بها.
نظرت مشيرة لها:
- لا تقولي أنها.... صمتت فقالت توحه:
- نعم... أخيراً سوف تصبح طفلتنا الشقية أم.
هتفت مشيرة بفرح لكنها وضعت يدها على فمها بسرعه فضحكت توحه:
- هيا إلى العمل.
إنتهتا من ترتيب المكان بسرعة و جلست توحه إلى طاولة المطبخ و بين يديها كوب كاكاو و وضعت أمام مشيرة كوب حليب:
- إجلسي يا ابنتي... أريد أن أتحدث معكِ قليلاً.
نظرت لها مشيرة بقلق إنها المرة الأولى التي ترى فيها توحه بهذه الجدية كما أنها لم تدعها بابنتها قبل الآن:
- ما الأمر؟
- إنه يوسف يا ابنتي لابد أنكِ عرفت معظم الأمور عن حياته لكن مهما ظننتِ أنكِ تعرفين كم قاسى فذلك لا شئ لا يمكنك أن تدركي مدى جرحه... لقد تزوج والداه و كانت حياتهما سعيدة إلى أن إنصرف والده إلى العمل مهملاً والدته بصورة بشعة لكنها ردت عليه أبشع رد و إنتهى بها الأمر منتحرة و كان من سوء حظ يوسف أنه إكتشف كل هذا و عاصره ... إستطاع أن يبعد اخته عن كل هذا ليحميها من المرارة التي يعيش فيها و نجح في ذلك... باركه الله...لذلك ترينها خالية البال دائمة المرح.
أومأت مشيرة برأسها إيجاباً بينما تابعت توحه:
- بعد ذلك دخلت سوسن حياته ظن أنه سيجد الراحة... منذ اللحظة الأولى لم أحب تلك الفتاة لقد كانت تمثل البراءة و الضعف و سلامة النية بصورة مبالغ فيها لكن حاجه يوسف للحنان جعلته ينخدع فيها... رحبت بها لأنني رأيت تعلقه بها كما تقبلتها سها لأنها كانت ترى سعادة أخيها معها... سعادة لم تدم لأكثر من سنه بعدها تحولت تلك الفتاة إلى مستهلك للأعصاب و الأموال... لم تكن تتوقف عن شراء أشياء لا حاجة لها... كان يوسف في بداية حياته المهنية و ذلك كان يستنفذ موارده المالية بصورة بشعة لكنه لم يعترض لكن ما أن وصل الأمر إلى السهر خارج المنزل إلى منتصف الليل و ممازحه الأغراب حتى ثارت ثائرته... إعترض و تشاجر معها ... لن أقول لكِ أنها خانته جسدياً... لكنها فعلت ذلك على أكثر من صعيد آخر... المشاعر... الماديات...كل شئ... حتى أنها دمرت ذكرى والدته لأنها حملته على وضعهما في خانة واحدة.... لقد حطمت روحه بمعنى الكلمة...لن أنسى ما قيل في آخر مواجهة بينهما كانت آخر مرة تحدثا فيها صرخت بوجهه قائلة ((إنك كوالدك... رجل فاشل لا يمكنه إسعاد إمرأته... لقد تزوجتك من أجل المال لكن حتى أموالك لم تجلب لي السعادة... أنت ووالدك صنف واحد إن كل ما تلمسانه يصبح رماداً لقد قضى على والدتك و دفعها للإنتحار و إعلم أنك أيضاً دمرتني و سلبتني سعادتي و إذا فكرت يوماً بإنهاء حياتي سيكون ذلك بسببك)) يومها خرجت بالسيارة و لم تعود.... وجدوا سيارتها على الطريق الصحراوي بين الإسكندرية و القاهرة... لقد صدّق يوسف كلامها الذي حفر في روحه جراح عميقه لم تندمل إلى بعد دخولك حياته... لقد أعدتِ له ثقته بالحب و بالناس و الحياة يا ابنتي فلا تأخذيها منه مرة أخرى.
قالت مشيرة بلوعه:
- سوف أبذل كل ما أملك لأسعده يا توحه فهو يستحق أن يحيا سعيداً... لم أكن لأتصور أن سوسن بتلك البشاعة لو كانت حية لكنت قتلتها بكل سرور.
ابتسمت توحه إزاء لهجة الشراسة التي بانت في كلام مشيرة و قالت:
- لكنها الآن ميته و فوق كل هذا لا أظن أنها إنتحرت فوالدة يوسف كانت تحب والده لذلك أقدمت على فعلتها بعد أن يئست من فعلتها التي إرتكبتها في حق نفسها و حق زوجها الذي تحب... لكن سوسن لم تكن تحب إلا نفسها و لا أظن انها كانت لتقتل نفسها لأجل أحد... إنني متأكدة أن موتها لا يتعدى كونه حادث سير.
قررت مشيرة أن تنزل حملها الثقيل عن أكتافها فقالت:
- توحه أريد أن أخبرك بأمر لكن عديني أن يبقى الأمر بيننا.
- لكِ وعدي.
أخبرتها بكل شئ و عندما إنتهت كانت تبكي:
- لا أعلم ماذا أفعل... حقاً لا أعلم... لكن صدقيني لم أخطط لأي شئ حتى دخولي حياته كان صدفه.
- إنني أصدقك يا صغيرتي.
نظرت مشيرة بقلق:
- لكن هل سيصدقني يوسف؟
- أخبريه و أعتقد أن حبه لكِ سوف يجعله يرى الصواب.
- كم أتمنى ذلك... سوف أخبره غداً لقد حاولت أكثر من مرة و في كل مرة يقاطعنا شئ لكنني سوف أنهي الأمر غداً و أدعو الله أن يصدقني و يسامحني.
|