فبدا السرور بشكل واضح على وجه باتريك:
" هل تحبين فعلا؟ حسنا , أتصور أن أحدى مسرحياتي لن تعرض قبل كانون الأول ( يناير) المسرحية الجديدة ستفتتح في الطرف الغربي من لندن في مسرح غروسفنيور , وستقوم أمك بدور البطولة , وأحسب أنك ستحضرين العرض في ليلته الأولى , هذا أذا لم تكوني قد مت من الركود والملل في دافن".
" آه ! أتعرض أحدى مسرحياتك في لندن الآن؟".
" الحقيقة كلا , فالمسرحية الأخيرة توقفت عن العرض قبل ستة أسابيع , وهي الآن تجول المناطق والأقاليم المختلفة".
وخابت آمال سمانتا لأنها كانت تتطلع الى مشاهدة مسرحية من تأليفه , أما هو فعلق بجفاء:
" عليك بضبط فضولك , أخبريني شيئا عن حياتك في أيطاليا , فأنا أرغب أن أعرف ماذا فعلت هناك".
فتطلعت اليه وقد راودها شيء من الشك:
" هل ترغب فعلا؟ الحقيقة أنها كانت حياة بسيطة , فقد عشنا في أحدى الفيلات وكان والدي يعمل فيما كنت أمضي وقتي أساعده في كتابة رسائله أو أعاون ماتيلد في عمل البيت , ولا أتوقع أن يكون هناك شيء يثير أهتمامك".
فهمس متكاسلا:
"لا أوافقك على ما قلته , فوالدتي تعيش في أيطاليا في فيلا بالقرب من بحيرة كرمر , وقد أمضيت الشهر الماضي كله معها , ألم تشتاقي الى المناخ؟".
" أعتقد ذلك رغم أنني منذ وصولي كنت مشغولة.... بأمور أخرى".
فعلق ببعض السخرية , على حد ما ظنت:
" يمكنني أن أصدق ما قلته , ولكن , متى تذهبين الى دافن؟".
" لست أدري , أظن خلال أسبوع , فجدتي لا تطيق صخب لندن وضجيجها , وهي تفضل هدوء دافت".
" حسنا من المؤكد أن بأمكانك الأقامة هنا مع أمك بعض الوقت , أذ أن شقتها واسعة كثيرا".
" لا أعتقد أن باربرا.... أقصد.........".
منتديات ليلاس
وصمتت سمانتا وقد أحست بعجزها , فيما تولى هو الكلام عنها:
" ربما لا توافق , ولكن يجب أن نتأكد أنك تستمتعين بما تبقى لك من وقت في اندن , أليس كذلك؟".
فذهلت سمانتا , وسألته:
" من تقصد ب ( نحن)؟".
" أقصد أنا وباربرا".
تركت سمانتا الحرية لقلبها بأن يخفق بجنون , أذ كان يصعب أن تتصور أنها تقضي السهرة مع باتريك مالوري , من المؤكد أنه ليس جادا , وحتى لو كان فباربرا لن تسمح بحدوث هذا , وهنا سألها متهكما:
" ألا يعجبك أن تخرجي معي؟".
وتيقنت أنه أدرك رغبتها بمرافقته , فقالت:
" حسنا , أعتقد ذلك , على أنني لا أتصور أن أمي ستوافق".
" حتى ولو دعوتها أيضا؟".
خفت ضربات قلب سمانتا , أذ لم ترق لها الفكرة أبدا , فمجرد التفكير بمشاركتها لأمها وباتريك مالوري سهرتهما , يجعلها ترى نفسها في دور الدخيل والمتطفل الدائم , فهما يكبرانها سنا , كما أن تصرفها كأبنة ست عشرة سنة سيكون أسوأ مما لو كانت قد أعترفت بعمرها الحقيقي , فستكره على شرب الليموناضة أو الكوكاكولا , ولن يمكنها أن تدخن! وهنا علق باتريك :
" بأمكاني أن أتصور أن الفكرة لا تروق لك".
وفطنت أنه تفحص ملامحها المعبرة وقرأ أفكارها , وهمست بهدوء:
" لا أتصور أن أيا منكما سيسر بتطفلي عليكما ,والى ذلك , فأن آندرو وعد أن يتصل بي اليوم".
" أعلم ذلك , فلقد أتصل بي قبل وصولك وبرزت عليه معالم الأعجاب للمرة الأولى , لكنني أنصحك بألا تأخذي أقواله على محمل الجد , فهو معروف بقلة أخلاصه".
ووقفت سمانتا لتضع فنجان قهوتها على الطاولة , قالت وقد أختنق صوتها:
" أشكرك على القهوة يا سيد مالوري , وكذلك تفهّمك , لكن , يجب أن أذهب".
فأبتسم لها , ووقف بجانبها , وكان قريبا منها بحيث أستطاعت أستنشاق رائحة رجولته الممتزجة برائحة معجون الحلاقة الذي يستعمله والتبغ الجيد الذي يدخنه , وأربكها قربه منها , فأحست الخفقان المجنون في قلبها ثانية , لماذا يؤثر عليها بهذه الطريقة؟ وقال لها بحنو:
" لا تذهبي وأنت غاضبة مني يا سمانتا".
فأجابته بأضطراب :
" لا أستطيع أن أفهمك , وأحسبك تسخر مني".
أفتر ثغره عن أبتسامة أشد جاذبية من أي أبتسامة رأتها أذ خلت من المكر والسخرية , وعبرت عن الدفء والحنان والتفهم ,ألا أنها أبتعدت عنه بسرعة.
" علي .... علي أن أذهب , فوداعا يا سيد مالوري".
فصحح قولها برقة:
" الى اللقاء".
منتديات ليلاس
وأنطلق بسرعة ليفتح لها الباب , فتقدمته الى القاعة.
قاد باتريك مالوري سيارته الى موقف منعزل هادىء في منطقة تشلسي حيث يقيم أبن شقيقته آندرو مع كين مايدسون في شقة مشتركة , وكان الموقف صغيرا , فأضطر الى المناورة بسيارته حتى يدور حول الدرابزين المركزي الذي تقوم وسطه شجرة حور ظليلة.
وكانت الشقق المنفتحة على الموقف المنزل ثمينة بالرغم من صغرها.