4 - الجميع يريدونها...
غادرت اللايدي دافنبورت الفندق باكرا في صباح اليوم التالي , بعد أن أبلغت سمانتا أنها ذاهبة الى محاميها تاركة لحفيدتها الحرية في ترتيب شؤونها الخاصة , وشعرت سمانتا أن باربرا لا بد أن تحضر قبل الظهر وتطلب منها تفسيرا لما حدث , فقررت الخروج وتأجيل الشجار شبه المحتم بينهما .
وبينما تهم بالخروج , رنّ جرس الهاتف.
ونادت أيميلي طالبة اليها الرد على المخابرة , بينما رفعت السماعة قائلة:
" جناح اللايدي دافنبورت , هل يمكنني مساعدتك؟".
" بالفعل يمكنك".
خفق قلب سمانتا , كان الصوت صوت باتريك مالوري فسألته مضطربة:
" آه , صباح الخير يا سيد مالوري , هل تريد محادثة أمي ؟ أنها ليست هنا".
قاطعها باتريك:
" كلا , أنني أريد أن أحدثك أنت , ألم تتوقعي ذلك؟".
الحقيقة أنها أنتظرت حدوث ذلك ليلة الأمس , أما اليوم , فأنها كادت تنسى الأمر لعجلتها في التهرب من والدتها , وأجابته متنهدة:
" توقعت ذلك , وأعتقد أنك تريد تفسيرا , الحقيقة أنني لا أعرف من أين أبدا".
" كلا , أتصور أن من الصعب التطرق الى الحديث الآن , أسمعي , لا أرغب في مناقشة الأسرار الشخصية على الهاتف , بل أريد رؤيتك ".
أرتمت سمانتا على كرسي واطىء هاتفة:
"آه , هل تريد ذلك ؟".
" أجل , والآن فورا ما هو برنامجك اليوم؟".
" حسنا.... قال آندرو أنه سيتصل بي , ولست أدري برنامج جدتي التي قصدت محاميها هذا الصباح".
" حسنا , هذا يعني أنك حرة حاليا".
" أعتقد ذلك , هل تريد أن تحضر الى هنا؟".
وسمعت سمانتا ضحكة باتريك العذبة:
" آه , كلا , فأنا أتصور أن باربرا ستزوركما في أي وقت , ولا أرغب أن تقطع محادثتنا بسبب قدوم أمك العزيزة".
" حسنا , ماذا تريدني أن أفعل؟".
وشعرت سمانتا بالأضطراب أذ لم تتأكد أن من واجبها مقابلة باتريك مالوري في أي حال , ولكن , كيف يمكنها أن ترفض؟ وأستأنفت حديثها متمهلة:
" أصدقك القول بأنني لا أعرف أذا كان من واجبي مناقشتك في أي أمر من الأمور دون موافقة أمي.....".
رد عليها تريك بصوت بارد تغلب عليه لهجة الأمر:
" أذا لم تحدثيني الآن , فستكون لي مع والدتك بضع كلمات حاسمة".
وأيقنت سمانتا أنه سينفذ تهديده , وكانت أعصابها مشدودة لأنها وجدت موقفها غاية في الحرج , ولم تزدها معالجة باتريك للأمر حبا له , وأعتراها غضب جارف بينما قالت:
" حسنا , وماذا تقترح أن أفعل يا سيد مالوري وأنت كما يبدو تمسك بكل الأوراق؟".
" هذا أفضل , أطمئني يا سمانتا , فأنا لن ألتهمك حتى ولو كنت طبقا شهيا , وأنني أريدك أن تحضري الى منزلي".
ذهلت سمانتا ورددت:
" منزلك ؟ وهل تملك منزلا في لندن؟".
أجابها بجفاء:
" هذا واضح, وعنوانه 24 هاي تاور رود وهو متفرع عن شارع غرايت بورتلاند , فهل أنت قادرة على التوجه اليه؟".
عضت سمانتا على شفتها حتى سال منها الدم , وأجابت بجفاء:
" أفترض أن أي سائق تاكسي يعرف أين يقع هذا العنوان".
فقهقه باتريك :
" آه كم تغيرت يا سمانتا , فلأسبوع خلا لم تكوني على دراية بطريقة طلب التاكسي".
ردت عليه بحدة:
" الناس لا تبقى على حال".
وبدا أنه ينتظر ردها , ولما لم تفعل , أستأنف كلامه:
" حسنا أنتظر قدومك بعد قليل".
فقالت بهدوء:
" أجل يا سيد مالوري".
وأقفلا الخط , ولم تلبث أن أنطلقت الى هدفها بعد أن طلب لها البواب سيارة أجرة وبدت هادئة بالرغم من أضطراب معدتها , فأن هي سمحت للذعر بأن يتملكها , لآخفقت في مسعاها , وعليها أدارة لقائهما بطريقة توافق عليها باربرا , صحيح أنها لا تريد أرضاء أمها , ألا أن جدتها تستحق هذه الألتفاتة , كما يجب أن يفهم باتريك مالوري أنه ليس من السهل أرهابها.
صرفت سائق التاكسي بعد أن دفعت له أجرته , ثم تسلقت ثلاث درجات حجرية الى منزل رقم 34 ذي الباب الواسع , والمطرقة النحاسية , ورفعت القارعة , ثم أفلتتها لتنتظر أن يفتح لها الباب وقد أدخلت يديها في جيبي معطفها بعصبية.
كان يوما لطيفا ومعتدلا , ألا أن سمانتا , التي لم تألف تغير الطقس المفاجىء , شعرت بلذعة برد , وفجأة فتح الباب ووقفت أمامها سيدة متقدمة في السن ترتدي بزة سوداء ومئزرا ذا مربعات , وتأكدت سمانتا أن السيدة ليست ألا مدبرة منزل باتريك , فقالت لها:
" أنني... أنني قادمة لمقابلة السيد مالوري , وأنه بأنتظاري".
فأبتسمت المرأة لها بدفء:
" آ , أجل , لا بد أنك الآنسة كنغزلي , تفضلي بالدخول , سأاوصلك الى مكتب السيد مالوري الذي ينتظرك".
كان نظام التدفئة المركزية في المنزل يهيء جوا أفضل بكثير من الهواء البارد في الخارج , فتحررت سمانتا من
معطفها جزئيا وهي تنظر الى ما حولها بشغف.