كاتب الموضوع :
هدى 2008
المنتدى :
الارشيف
[CENTER]_11_[/CENTER]
بداخل الفيلا
اتجهت ليلى مع الدكتور يحيى الذي كان مسؤولا عن متابعه حالتها إلى العياده النفسيه الملحقه
ما إن دخلا إلى العياده حتى احست ببعض التوتر الذي لاحظه الدكتور فورا من حركه يديها العصبيه
جلست على الكرسي المخصص لها
بينما قام الدكتور بتشغيل اسطوانه موسيقيه ، فانبعثت الموسيقى الهادئه تغمر الاجواء
بادرها بالكلام محاولا التخفيف من ارتباكها : أتمنى أن تعجبك الموسيقى
اجابته بنعم
د. يحيى : ليلى أنا لن أسالك أي سؤال الان ، اريد منك أن تتحدثي عن نفسك وحياتك بما تريدين
أريد منك أن تخبريني عن ليلى الطفله ، والمراهقه ، والشابه التي أراها أمامي الان
أجابته بحيره : لا أعرف كيف أبدأ
اجابها بمحاوله لمساعدتها على التركيز: ما رأيك أن تبدئي بطفولتك
اجابت بمراره : طفولتي؟؟
لا أذكر منها غير الالم والخوف والقسوة
انتظر د. يحيى استرسالها بالكلام فلم يعلق
أكملت ليلى : لا أذكر شيئا عن والدتي ، ولم امتلك يوما أي صورة لها ، وقد كان الحديث عنها محرما ، أذكر مرة أني حاولت سؤال والدي عنها ، فصرخ علي بقوة أنها ماتت
لكني كنت أسمعهم يتهامسون ويتكلمون بالسوء عنها
ثم وقد تهدج صوتها بالبكاء : يقولون أنها خائنه
أمي أنا خائنه
خائنه
لم أكن أفهم معنى الكلمه وقتها ، لكن عندما أدركت معناها أحسست ،
ثم صمتت عن الكلام وقد غلبها الانفعال
احترم الدكتور صمتها
ثم أكملت : أحسست بالغضب منها ، لكني مع ذلك لا اريد تصديقهم
أنا لا أصدق انها ميته
وعندي أمل أني سالتقيها يوما ما
نعم عندي أمل
ثم التفت إلى الدكتور وهي تقول : أريد معرفه الحقيقه ، لماذا خانت والدي؟وهل خانته فعلا ؟ او هي كذبه اخرى من اكاذيبهم التي لا تنتهي
سألها الدكتور : هل سمعت والدك يتحدث عنها ؟
اجابته وهي تهز رأسها بلا : لم أسمعه مطلقا يتحدث عنها ، لكن عماتي وزوجه والدي وأبناها هم من يتحدثون
لكنهم لا يجرؤن على فتح الموضوع امامه
د. يحيى : أكملي
رجعت ليلى إلى حيرتها مرة أخرى فقد كان بداخلها الكثير
ساعدها الدكتور مرة أخرى: منذ متى تعيشين معهم؟
اجابته : كل ما أعرفه أن والدي أحضرني إلى المنزل عندما كنت بالثانيه من عمري ، ولم أكن أدرك شيئا وقتها
لكني كنت أحس بأني مختلفه عنهم
استفسر منها د. يحيى : مختلفه ؟ كيف؟
ليلى : كانوا يعاملوني بطريقه مختلفه عن أخوتي ، فقد كنت أحس بالفرق خصوصا بيني وبين أختي التي تكبرنتي بعام واحد فقط
ثم أخذت نفسا عميقا وأكملت: أذكر أني كنت أنام بغرفه الخدم ، بينما البقيه كانت لهم غرفهم الخاصه
وكنت ممنوعه من الجلوس على مائده واحده معهم
والدي لم يكن متواجدا بالمنزل بصفه مستمرة بسبب اعماله فأوكل لزوجته مهمه تربيتي
بل أحس بأنه لا يريدني
لم أحس يوما بحبه لي ، وكأن وجودي بحياتهم كان غلطه يريد الهرب منها
عوملت كنكرة بالمنزل
حتى أسمي لم يكونوا ينادونني به اغلب الاحيان
كانوا ينادوني بانتي او يشيرون لي بهي
ثم بيأس وضعت رأسها بين كفيها وضغطت عليه بقوة: لماذا؟ ما هو ذنبي؟
والتفت إلى الدكتور وقد تجلى بعينيها كل حزن الدنيا: هل ترى أنني استحق ؟
هل أنا سيئه ؟
ثم أكملت : أتعلم من الممكن ان استوعب كراهيه زوجه ابي واولادها لي، لكن ما يعجز عقلي عن استيعابه هو كراهيه والدي لي
حتى عماتي أشعر بعدم تقبلهم لي
سألها د. يحيى : كيف ؟ هل حصلت بينك وبينهم مواقف او ما شابه؟
أجابته بحزن: نعم
دائما ما يقولون بأنني ساصبح مثلها، مثل والدتي
خائنه وبانني لابد ساجلب العار لهم يوما
أتعلم بانني خائفه
د. يحيى: مما؟
اجابته : من الزواج
أخاف ان اتزوج واكون مثلها
قاطعها الدكتور : ليلى ، يجب ان تتوقفي عن التفكير بهذه الطريقه
أنتي قلتي مسبقا بانها من الممكن ان تكون كذبه
قاطعته : وان لم تكن كذبه
أكمل قائلا: نحن لا نستطيع الحكم على شخص بدون سماع اقواله ومبرراته
انا لا ابرر الخيانه ولكني لن اسمح لانسانه رقيقه وذكيه مثلك بان تعيش هذا الوهم
ليلى بداخلك الكثير من الامور الجيده
لماذا تسمحين لهذه الافكار بالسيطره على عقلك وتوجيهك؟
أتفهم تماما مدى المك وحزنك وربما تشعرين بالغضب المكبوت بسبب والدتك
تشعرين بالحيره بسبب عدم وضوح الحقيقه امامك
ولكن
ما حدث قد حدث، وانتهى
انتي الان انسانه راشده ويوما ما ستكونين مستقله بحياتك بعيدا عن زوجه والدك
أجابته : لكن بداخلي الكثير والكثير
أجابها : وانا ساسمعك، ساصغي لكل كلمه تقولينها
ولكن دعينا نتفق اولا
اجابته بنظرة متسأله : على ماذا؟
رد عليها : نتفق بانك ستتكلمين عن كل احزانك وسنلقيها معا وراء ظهرك
ستتكلمين
ولكن لتكوني افضل
سيكون بوح الامك بنيه التغيير من الداخل
ستكون مأسي الماضي هي سلاحنا الذي نواجه به مستقبلنا
سيكون عذابك هو مصدر قوتك
فقط اعطي نفسك الفرصه لترين كم ليلى جميله من الداخل ، اسمحي لنفسك ان ترى حقيقتها بدون ان تغلفها ظلمات الماضي
أنا ارى ان لديك قوة داخليه هي التي ساعدتك على البقاء رغم الحزن ، رغم القسوة
فلا تحجميها بأفكار قد زرعوها بداخلك
انتي نقيه وبريئه يا ليلى
والحياه ستبتسم لكي بكل تأكيد
ولم يكن يعلم وقتها بان كلماته كانت كنبؤة ستتحقق قريبا
فقد كانت الاقدار التي قست عليها كثيرا ، تخبئ لها ما ينير دربها ويخرجها من حيرتها ويكون كالبلسم يشفي كل جراحها
انهى الدكتور الجلسه لهذا اليوم واكتفى بهذا القدر
.....
في هذه الأثناء
أقترحت د. شيرين على فاتنه التجول قليلا بالخارج لكنها رفضت بشكل قاطع
وبدون إبداء أي سبب
فما كان من دكتورة شيرين الا ان رضخت لرغبتها ، واختيارها لجلوسهما بغرفتها الخاصه
وكانت في قرارة نفسها تعلم انه ما من اسباب منطقيه لهذا العند ورغبه المقاومه التي ابدتها فاتنه غير احساسها الدائم بالرفض من الاخرين ورغبتها الشديده بمضايقتهم حتى لو كان على حساب مصلحتها الشخصيه
عندما استقر بهما المقام بغرفتها
جلستا على الكرسيين الموجودين بالغرفه ، ثم بدأت فاتنه الكلام بسخريه موجهه حديثها إلى الدكتورة قائله:
ها نحن هنا الان ، تفضلي وخلصيني من امراضي النفسيه
لكن د. شيرين لم تكترث لسخريتها اللاذعه وقامت من مكانها متوجهه إلى الطاوله بجانب سريرها ومدت يدها تقلب بالكتب الموجوده عليها
شيرين: أرى ان اهتماماتك طبيه بحته (فقد كانت عناوين الكتب بالانجليزيه تشير إلى ذلك)
اجابتها فاتنه وقد احست بالغيظ بداخلها من برودها : وهل هذا دليل على اني مريضه نفسيا؟
شيرين : لا ، ابدا
فاتنه : إذن؟
شيرين وهي تعلم ان فاتنه تتعمد استفزازها لتفتعل جدالا : إذن ، ماذا؟
فاتنه وقد بدأت تحس بالحيرة ولكنها قاومتها ورجعت مجددا إلى السخريه: الن تحقنيني بمهدئ وتطلبي مني الكلام عن طفولتي والى اخر هذا الهراء
اجابتها د. شيرين وقد اتخذت مجلسها امامها مجدا وهذه المرة ركزت عينيها بعيني فاتنه المليئتين بالتحدي : إن كنتي تعتقدين انه هراء ، فمعنى ذلك ان وجودك هنا هو هراء ، فلماذا لا تحزمين حقائبك وتغادري
سبب قولها هذا صدمه لفاتنه التي لم تتوقع بأي حال من الاحوال هذا الرد الصريح ، وهي التي تعشق بداخلها المراوغه
فسكتت قليلا وهي تنظر لشيرين بعينين مفتوحتين على اخرهما من الصدمه
إستمرت شيرين بالنظر اليها بثبات : ماذا ، الان؟
أدارات فاتنه رأسها إلى الناحيه الاخرى وهي تغمغم بكلمات غير مفهومه
أخذت شيرين نفسا عميقا وهي تفكر كم مهمتها صعبه ، وان عليها بدايه وضع حد للتمرد الذي يغمر فاتنه حتى تصل كلاهما إلى بدايه الطريق الصحيح للعلاج
ثم استطرت وهي تقف : سأتركك الان لتفكري بهدوء إن كنتي تريدين البقاء هنا حقا والاستفاده من هذا البرنامج،
أو والتفت مرة اخرى إلى فاتنه واردفت بصوت عميق : او ان كان لك اهداف اخرى من القدوم هنا ،
في حاله وصلت بداخلك إلى الجواب الصحيح فأنا بانتظارك لتبلغيني به
ولم تنتظر أي رد من فاتنه التي الجم لسانها وتركتها وغادرت
بعد خروج الدكتورة من غرفتها ، بقيت فاتنه وحدها وهي تشعر بمزيج من خوف وغضب
خوف من ان تكون شيرين قد احست بنواياها الغير طيبه تجاههم
وغضب لانها لم تستطع استفزازها كما كانت تخطط
وأخذت تمتم بينها وبين نفسها : ساجعلك تدفعين ثمن هذه الكلمات ، سانتقم منكم جميعا
وقفت واخذت تذرع الغرفه مجيئه وذهابا وهي ترتجف من الغضب
وقد صورت لها نفسها المريضه بالشر أن الجميع يكرهها وانهم ارسلوا الدكتورة لمحاوله التخلص منها واقصاءها عن البرنامج
بالنهايه لم تحتمل نفسها كل هذا التوتر فانفجرت باكيه ووقعت ارضا وهي تنتحب بشده
وتقول : لماذا يكرهونني ، لماذا لا يوجد شخص واحد على هذه الارض يحبني
بكت بشده وقد مر امامها شريط حياتها فزادها بؤسا على بؤس
بعد ان انتهت نوبه البكاء نهضت إلى الحمام الملحق بغرفتها وغسلت وجهها بالماء البارد واخذت تنظر إلى وجهها بالمرآه وهي تحادث صورتها : لا تقلقي يا فاتنه فنتي ستعتنين بنفسك جيدا كما كنتي دائما
ثم رفعت حاجبيها واردفت بتصميم ، لن يهزمني احد
.....
بعد خروج د. شيرين من غرفه فاتنه كانت تتمنى ان يكون كلامها قد اثر بفاتنه ويدفعها إلى التجاوب اكثر معها ، كانت تعلم بداخل نفسها ان كلامها سيؤلمها وسيدفعها إلى الاعتقاد انها لا تريد مساعدتها لكن كان لها بالحقيقه هدف اخر وهو اعتقادها بان لكلماتها دور لتكشف فاتنه عن اهدافها الحقيقه ، كانت تريد لدوافعها الحقيقيه الخروج والاعلان عن نفسها
كانت تعلم انها تتعامل مع شخصيه من اذكى الشخصيات واكثرها مراوغه
وفاتنه من الشخصيات التي لديها عقده نقص واضحه تحاول تغطيتها بالهجوم والتجريح المستمر بالاخرين
وكانت تعاني شعورا بالاضطهاد سيطر على تفكيرها ومنع عن بصيرتها رؤيه مشاعر الحب والاعجاب من الاخرين
بل ربما بكثير من الاحيان تترجم هذه المشاعر إلى نقيضها
نزلت إلى الطابق الاسفل فوجدت ياسمين جالسه لوحدها بالصاله
القت عليها التحيه ، وجلست بجانبها مبتسمه
التفت اليها ياسمين بابتسامه
سألتها عن حالها اليوم
فاجابتها انها بخير
التفت الدكتورة حولها ، ثم سألت ياسمين : لا ارى اسراء ؟
اجابتها ياسمين بانها مع الدكتور امجد وسما بمكتبه
.....
بمكتب أمجد
جلست إسراء وسما تصغيان اليه باهتمام
فقد كان يحمل لهما خبرا جديدا وهو تلقيه اتصال من عضوين اخرين بالمنتدى يطلبان الالتحاق بالمجموعه
كانت احدى خريجات كليه
علم النفس ترغب هي وخطيبها الانضمام لهما ، بغرض زياده خبراتهما
علقت سما على الموضوع بقولها: وما رأيك انت؟
رد امجد : فكرت بالموضوع كثيرا هذا الصباح وقد قررت الموافقه فلما مانع لدي من قدومها ليستفيدا ويفيدان
طبعا هذا بعد موافقه بقيه اعضاء الاداره
والان ما رأيكما انتما ؟
اجابت إسراء وسما بالموافقه
قال امجد : إذن ساخبر البقيه اليوم
والان إسمحا لي ، فأنا اود اخذ ياسمين بجوله إلى المدينه القريبه ، واتمنى ان ترافقينا يا اسراء وكذلك انتي يا سما
رحبت اسراء بالفكرة بسرور بينما اعتذرت سما وقد قررت ان خروج الشابتين لوحدهما افضل
ثم نهض ورافقتاه إلى الخارج
....
بالصاله فوجئ الجميع بوجود الدكتورة شيرين والذي كان مخططا لها بان تكون مع فاتنه
اجابت شيرين على استفسارتهم الصامته بانها انهت جلسه اليوم
فاحترم الجميع كلامها ولم يعلقوا فهي اعلم منهم بعملها وكيفيه التعامل مع الحاله التي تشرف عليها
ثم توجه امجد بحديثه إلى ياسمين وطلب منها ابدال ملابسها لانها سترافقه إلى المدينه
أحست ياسمين بالاحراج لخروجها معه واحمر وجهها ولكنه اردف بسرعه بان اسراء سترافقهم ايضا
فتنفست الصعداء ، فقد كانت فكرة جلوسها بالسياره معه لوحدها تثير اضطرابها
صعدت الاثنتان بمرح لتغيير ملابسهما
وهنا التفت الدكتورة إلى امجد وطلبت منه اخذ فاتنه معهم
فلم يرد امجد بدايه لانه احس بان وجود فاتنه قد يسبب ضغطا على اعصاب ياسمين وهو الذي كان يهدف إلى محاوله دفعها إلى المزيد من الاسترخاء والتقبل لهم
لكنها وضحت اسباب طلبها بان الجميع منشغل بجلساته الخاصه ، وان فاتنه قد يدفعها تفكيرها إلى الفهم بانه لا احد يهتم بها وبانهم يؤثرون البقيه عليها
فوافق امجد وطلب منها ان تخبرها لتستعد
|