الفصل السابع
********************
- صباح الخير أنا ستيفاني ماركتيني اني على موعد مع السيد دي موجاندر في الساعة الثانية
تفحصت الفتاة الجالسة في استقبال مكاتب المصنع دهشة الفتاة الواقفة أمامها وتفحصت أيضا جزءا من معداتها في الحقيبة الخاصة بها أما الاخرى فكانت تحت قدميها
- انك إذن المصورة ؟اه !
- هل فاجأتك ؟
-لا سأتصل بالرئيس اجلسي
قالت لها هذا مشيرة بذقنها إلى المقعد
كادت ستيفاني تطير فرحا ها هي الان صاحبة مهنة أخذت تنظر إلى قاعة المدخل المزدانة بالزهور والنباتات الخضراء ذات الاثاث المناسب في ذوق رفيع كانت تبحث عن المكان الذي ستبدأ منه عندما أخبرتها موظفة الاستقبال - وقد ازدادت دهشتها - وهي تخفض سماعة التليفون
- سينزل لأخذك ربما يرغب بفناء المصنع هل تعرفينه ؟
- قليلا ....
هكذا أجابت الفتاة بابتسامة خفيفة
- إنه شاب جميل ...هيه ؟ ثم إنه دائما مؤدب ومحب لكنه منذ هذا الصباح زاد سحرا ووسامة ...
قطعت تعليقها عندما رأته يخرج من المصعد أسرع إلى ستيفاني وأمسك بحقيبتها ثم تأبط ذراعها وقادها إلى الباب الذي كان قد عمل على غلقه وقبل ان يغلق عليهما تمكنت ستيفاني من مشاهدة وجه موظفة الاستقبال الدهش
بدأت العمل في مكتب مارك في الطابق الثاني لمبنى مخصص للأبحاث والمطبوعات وحيث قامت بإعداد رسوم ضخمة عن ( ر. م . ع ) أي ( رئيس مدير عام ) وبعد ذلك نزلت إلى الطابق الاول وختمت جولتها بالفناء حيث يوجد المصنع الذي عملت على تصويره وعندما عادت إلى مكتبه قالت
- لقد أصبح الوقت متأخرا بالنسبة للداخل يا مارك سأواصل العمل غدا
- أنت المسؤولة عن إدارة عملك يا ستيفاني كما أن اليوم هنا بالنسبة للعمل سوف ينتهي بعد قليل للجميع إننا نلغي ساعة الغذاء حتى نتمكن من الانتهاء من العمل قبل زحام الطريق ... إذا كنت حرة وإذا كان يناسبك فهل ترغبين في تناول العشاء معي ؟
هكذا سألها مبتسما في حنان وهو يقترب منها وضعت جبينها على كتفه وأغلقت عينيها أجابت بكل البساطة التي في العالم
- أنت تعلم جيدا أني أتمنى أن أكون معك
وإذ تأثر مارك لهذه البساطة المتناهية لاطف شعرها أما صديقاته المعتادات فقد كن يجعلنه يلتاع أكثر إذن هذا يعتبر جزءا من اللعبة لكن ستيفاني كانت تبدي سذاجة طفولية تجعله يزمداد ارتباطا بها
عندما عادت في صباح اليوم التالي عجزت موظفة الاستقبال عن معرفة أي موقف تتخذه عملت ستيفاني في المصنع ثم ذهبت إلى مارك في مكتبه عندما دخلت رن جرس التليفون أشار لها بالجلوس قبل أن يرفع السماعة
- اه إنه أنت ؟ صباح الخير ...نعم ...السبت المقبل ؟ لم لا إنه محبب إليهم ... أعرف الدكتور لكن لن أكون بمفردي لا مصورة شابة سوف تتمكن كذلك من تصوير الاسطبل .. لا تترك السماعة سأسألها ! إنها في مكتبي ستيفاني , فروسية من نورماندي نهاية الاسبوع القادم هل تشعرين بالرغبة في ذلك ؟
وافقت في الحال
- اتفقنا ستحضر بكل سرور شكرا
ثم أخفض السماعة وهو يوضح لها
- لقد طلب سيرج دي مارفي من ابن عمه وهو أحد أصدقائي أن يدعوني في عطلة نهاية الاسبوع سوف تعجبين بزوجته وبه أنا واثق بذلك بولين دي مارفي مضيفة ممتازة قد تكون مثل ليديا سيتواجد أيضا أخوها وهو طبيب تزوج منذ فترة قصيرة وهو شاب ظريف قابلته منذ فترة لكني لا أعرف زوجته غير أنهم مدحوا لي صفاتها وعليك توثر خيول وأملاك مضيفنا ... ومن البديهي أنه سيكون زبونك الثالث !
- اه يا مارك ! شيء جميل إني عاجزة عن التعبير ....
نهض دار حول مكتبه ثم أمسك بيديها رفعهما إلى فمه قبل أصابعها معصميها .... وهو يتمتم
- لا تنطقي بكلمة ... إنك تغريني يا ستيفـــاني بسماحك لي بمعاونتي لك .... إني ...
ثم انتصب دون أن ينهي جملته
وفي اليوم الذي تلا فترة التصوير في المصنع كانت ستيفاني في شقة ال ترو كــاديرو تناقش أحد فناني الديكور عن وضع الستائر وورق الحائط وإذا ب اورورا تدخل مضطربة جدا
- يا عزيزتي ! يا عزيزتي ! فيتوريو سيكون في باريس غدا ! لقد اتصل بي هاتفيا لقد تجازو الحدود مع عربة النقل والحمالين لأن فترة الاقامة في الجمرك كانت طويلة سوف يتوقفون في الطريق إنه متعب - عزيزي المسكين - ولا يرغب في القيادة بالليل يا إلهي م سيعاوننا على الاستقرار !
- لا تقلقي سنتمكن - فيتوريو وأنا - من القيام بذلك كما أن عاملة النظافة التي كانت تعتني بشقة الانسة ميركادييه اتت وأبدت استعدادها لمعاونتنا وقبلت عرضها هذا
حينئذ تدخل رجل الديكور
- في إمكاني أن أرسل لك شابا ذا كفاءة إذا شئت يا
سيدتي
شكرته اورورا بحرارة معلنة أن المسائل المداية لا تهمها وانصرفت مطمئنة حينئذ تبادل المكلف بالديكور نظرة مسلية مع ستيفــاني قبل العودر إلى العمل
ولما كان الكونتيسة قد أخيرت قنصل إيطاليا بوصول لوحة دافنشي أخطر هذا الاخير بدورة مقر الشركة الذي أرسل مراقبين لكي يعملوا على المراقبة حول المنزل وها هو إنتاج الفنان الايطالي - الذي وصل في صندوق خشبي - قد حل بكل حرص ووضع في الصالون وكذلك باقي اللوحات وعادت سيارة النقل إلى فينيسيا
أعلن فيتوريو أنه سيقضي الليلة معهما بما أن احتياطات الامن - تجنبا للسرقة - لم تتم
حينئذ قالت له ستيفــاني
- لا تقلق لقد تم كل شيء لقد جعلني مارك على اتصال بالمختص فعمل هذا الاخير - أمس وأول امس - على وضع أجراس الانذار كما عنده بالضبط هذا بالاضافة إلى أن جزءي هذا العقار الاخرين يشغلهما ملحقون بالسفارة وبناء عليه الشرطة دائمة التجول في هذه المنطقة
ولما ظل صامتا أاضافت
- أتعشم أن تكون الان مطمئنا ؟
أيد ذلك بإشارة م رأسه كان قد تم إعداد الشقة قبل عطلة نهاية الاسبوع بيومين اضطرت ستيفاني إلى مساعدة فيتوريو بالرغم من وجود الشخص الذي أرسله فني الديكور وكذلك عاملة النظافة بذلك أصبحت الفتاة مضطرة إلى رفض دعوة مارك للعشاء مكثت لوقت متأخر من الليل بمفردها مع شقيق اورورا لكي تعمل على تنسيق اللوحات والسجاد والاثاث في انسجام كانت الكونتيسة متعجلة مغادرة ال جوج الخامس لأنها كنت متطلعة غلى حفل نهاية الاسبوع التالي
أردف فيتوريو بلهجة ساخرى إلى حد ما
- أعتقد أنك ستدعينني أحضر غدا مساء الجمعة
- اه ...نعم ! لقد انتهينا حقا في وسعك القيام بما تبقى بدوني !
- وإلى أين ستتوجهين في فترة عطلة نهاية الاسبوع هذه المرة ؟
- إلى نورماندي لا أعرف من سوف يستضيفانني إنهما صديقا مارك وربما يصبحان زبونيني جديدين هكذا أكد لي مارك
هز فيتوريو كتفيه وأخذ يضحك ساخرا في شراسة
- زبائن ! ما الذي تقومين به أحيانا في غباء ؟ هيه ... إني أشفق عليك من ذلك ...
تظاهرت بأنها لم تسمعه وهي تنقل قطعة من الاثاث
وكانت نهاية الاسبوع في ال نورماندي ناجحه بقدر ما كانت السابقة وسيرج دي مارفي أصبح بذلك الزبون الثالث ل ستيفاني أما عن سهرة الكونتيسة ماركتيني فقد كانت أكثر من رائعة إذ كان البوفيه من نوع نادر كان عدد المدعوين قليلا وجميعهم من طبقة متميزة لقد دعيت كورين بالتأكيد لكن للأسف - هكذا أجابت بكلمة مختصرة لكن لطيفة إنها ستغادر باريس لفترة غير محددة على خلاف القنصل الذي أبدى هو وزوجته سرورا عظيما للقاء الكونتيسة وابنة زوجها
كان مارك أول الوافدين إلى الحفل ومن بعده بقليل ال جالان عندما رأى ستيفاني تتقدم نحوه في فستان أنيق أبيض على طراز شرقي مطرز بالذهبي والفضي وشعرها في شينيون منخفض على عنقها وعلى وجهها المساحيق في اعتدال والاساور الذهبية في معصمها ألفى إليها نظرة إعجاب غير قادر على إخفائها كما أنه قاوم بصعوبة رغبته في ضمها إليه بين ذراعيه
لم تكن الكونتيسة موجودة حتى تلك اللحظة لأنهاكانت في حجرتها من أجل الاستعدادات الاخيرة لكن عندما ألقى مارك نظرة دائرية في الصالون الكبير رأى رجلا يدير ظهره لأنه كان يصب كأس شراب واقفا أمام البوفيه وإذ كانت ستيفاني تتابع نظرات مارك نادت
- فيتوريو ؟ ها هو مارك دي موجاندر الذي ....
لم تتمكن من إضافة أكثر من ذلك من شدة ارتباكها لقد أبدى لهما وجها محبا مشرقا بابتسامة عريضة ها هو أصبح فجأة الصةر ذاتها التي للمضيف الذي يحسن استقبال ضيوفه شاعرا بمسرة الحياة تساءلت ستيفاني لحظة إذا كان هو ذاته فيتوريو رينالدي الذي يشد على يد مارك قبل أن يقوده نحو المشرب متسمسكا بأن يملأ لهما كأسين بنفسه رافضا معاونة الساقي لكي يبدي رغبته في إظهار البساطة الودية
أخيرا بعد أن استعدت اورورا وتزينت بالمجوهرات وارتدت فستانا ضيقا حريريا وصففت شعرها دخلت في سرية في اللحظة التي كانت ستيفاني تقدم مارك الى قنصل إيطاليا وأصبح الحديث شاملا وفي هذه الاثناء وصل هنري باردو - بعد أن ألقى نظرة سريعة على الجدران - وسأل الكونتيسة عن المكان الذي خبأت فه لوة دافنشي اللوحة التي كان يتوقع مشاهدتها في مكان بارز فما كان من القنصل إلا أن اعترف بأنه تساءل هو أيضا نفس السؤال ؟
أجابت اورورا
- إنها عندي تكرمي يا ستيفاني باصطحاب أصدقائنا إلى هناك لمشاهدتها
تقدمت الفتاة القنصل ومارك وهاوي الاشياء الاثرية إلى الصالون الصغير الملحق بحجرة اورورا أضاءت ستيفاني المصباح الموجود أسفل اللوحة فبدت رائعة
إن وجه العذراء وهي تحتضن الطفل مؤثر جدا والمنظر الخلفي للوحة ينبئ بأن الرسام سيتقدم في الفن عندما ينضج لم يخطئ جالان عندما قال ل مارك إن لوحة دافنشي تشبة ال جيوكندا فما كان من باردو غلا أن صاح
- رائع ! اشعر بنفس الاحساس الذي لاحقني في فينيسيا منذ اثني عشر عاما ...
وكان للقنصل نفس رد الفعل ومارك كان يتأمل في صمت معجبا بها عندما لحق بهما جيلبير الذي بعد أن تأمل هذا الانتاج البارز ودون أن نيطق بكلمة واحدة همس في أذن صديقة
- إن الكونتيسة تمتلك كنزا ... أتمنى أن تكون الحراسة مشددة على المسكن !
عادا إلى الصالون حيث كان أفراد اخرون قد وصلوا من بينهم الاستاذ ديرييه المحامي قادته ستيفاني - بناء على طلبه - إلى لوحة دافنشي رافقهما مارك حيث كان يرغب في مشاهدة الصورة مرة أخرى وبالرغم من أن السهرة قد طالت إلا أنه لم يستأذن أحد منهم لان الاحاديث كانت شائقة والحفل ناجحا في جو من المرح والالفة بين المدعوين
اقتربت ستيفاني من جالان وأخذته جانبا قالت له
- إن صورك معي يا جيلبير هل ترغب في مشاهدتها ؟ إذن اتبعني لكي أريها إياك
وافق مرحبا اخذا طريق الاتيليه يتبعهما مارك الذي كان لا يبعد عن الفتاة قط لقد بدأت الحجرة تتحول إلى مكان عمل كانت تتسم بالنظام وكل ما فيها مرتب فردت الفتاة صور الممثل الكوميدي على لوح م الخشب طويل موضوع على حوامل فحصها هذا الاخير بعين مدربة ناقدة تناول بعضا منها واولها ما تبقى مبتسما
- أجدها كلها جيدة لكن بما أن جميعها سوف تفيد الدعاية الخاصة بي فأنا مضطر إلى احتجاز سبع او ثماني صور منها اتصل بالسكرتير وارسلي له الفاتورة ذلك عنواني
- شكرا جزيلا لك يا جيلبير ليتك تعلم مدة سروري لهذا الامر !
ثم أطلقت إحدى ضحكاتها المرحة البريئة وإذا ب مارك يعجز عن الامتناع من تحويط كتفيها بذراعه وصمها قليلا إليه تحت نظرات صديقه الماكرة
- إننا يا جيلبير نحضر بداية مصور صحفي هل تعرف سيرج دي مارفي ؟
- نعم .. إني أشتري له خيولا لماذا توجه لي هذا السؤال ؟
- لقد قامت ستيفاني يوم الاحد الماضي بتصوير إسطبله وسوف يعمل على نشر بعض هذه الصور في إحدى الصحف الاسبوعية للدعاية بداية طيبة أليس كذلك ؟
تركوا الاتيليه وكان الحديث يدور حول مهنة ستيفاني التي تسير قدما كان مارك لا يزال ممسكا بكتفيها إلى أن ولجا غلى الصالون بسرعة أنزل ذراعه لكن مع ذلك ليس بالسرعة التي تمكن فيتوريو من ملاحظته حول الايطالي رأسه وفي عينيه شعاع حقد غير أن هذه السيدة التي لا تغفل عن كل ما يدور من حولها لك وأكثر من ذلك لاحظت كل شيء
اقتربت إذن من أخيها - مستمرة في الابتسام - همست إليه امرة إياه بأن يتخلى عن دورة كشاب ساحر من الستطاع - بما له من موهبة- غزو قلوب كل مدعوية
ثم رويدا رويدا ترك كل المدعوين الصالون لكن ليس قبل تقديم الشكر غلى الكونتيسة على هذا الحفل الناجح ....
تلكأ مارك وكان اخر من انصرف لأنه لم يكن يرغب في مفارقة ستيفاني وعندما عاد إلى مسكنه لم يدخل إلى مخدعه في الحال بل جلس - كعادته - في المقعد الوثير الذي في مكتبه وهو الذي يلجأ إليه كلما شعر بمشكلة تقلقه واستسلم لحلم طويل لم يسبق لفتاة أن أسرت فكرة إلى هذا الحد وكانت هذه هي المرة الاولى التي يشعر فيها بمثل هذا الاحساس لقد أصبح وجود ستيفاني ضروريا بالنسبة له
كانت وجبة العشاء ممتعة برفقتها حتى أصبح غير قادر على التخلي أو الابتعاد عنها وكان لا يجد فيها أي غش أو زيف أو دلال مخادع فهو يشبهها بنبع صاف أفكارها أصلية وثقافتها تزيد من سحرها وجمالها لكن عندما فكر في الرفبة التي له فيها استعاد رؤية هاتين العينين الزرقاوين التين تفحصانه في ثقة حينئذ نهض من على مقعده هز كتفيه كمن يتخلص من فكرة عملت على مضايقته حكم بأنها تعمل على تحطيم سكينته ودخل إلى حجرته وقد بدا مهموما