المنتدى :
المنتدى الاسلامي
تعال بنا نؤمن ساعة
مهما تنعم الانسان في هذه الدنيا بالصحة والمال والجاه والسلطان ،فإن ذلك كله الى زوال ، ويقبل بعدها الانسان على الله تعالى بما قدم من خير او شر ،فإن كان خيرا ًفإلى جنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
وإن كان شراً فإلى النار تلظى ،وقودها الناس والحجارة ،لو سيرت بها جبال الدنيا لذابت من شدة حرارتها . فيجد الانسان فيها اسوأ واشد مما كان عليه في الدنيا من الآم ومتاعب ،وينسى بذلك كل نعيم وكل شهوة محرمة تمتع بها في الحياة الدنيا . ولشدة عظم الامر وهول المنقلب فقد خوف النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه مما امامهم من اهوال عظيمة ليحثهم على الاكثار من العمل الصالح والتزود للاخرة ، فقال صلى الله عليه وسلم (والله لو تعلمون مأعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، ولما تلذاذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم الى الصعدات تجأرون الى الله بالبكاء )فغطى اصحاب رسول الله وجوههم ولهم خنين .
والخوف من الله عزوجل هو راس الحكمة وجوهر الايمان وهو التقوى ومن عرف الله اكثر خافه اكثر قال تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء}ولا يكفي الخوف بدون عمل لان حقيقة الخوف تبعث على العمل ، فمن خاف الله وقدره حق قدره قام بفروضه والتزم حدوده واجتنب محارمه وكان دائما ًوابدا ًمراقباً له مستشعراً حضوره {وهو معكم أين ما كنتم } ولقد رغب الله عزوجل في الخوف في كتابه فقال {ولمن خاف مقام ربه جنتان}وقال تعالى {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي الماوى}وقال في الحديث القدسي (وعزتي وجلالي و أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين إن هو أمنني في الدنيا خوفته يوم اجمع عبادي وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم اجمع عبادي )والخوف من الله يدخل فيه الخوف من النار والبكاء من خشية الجبار والخوف المحمود هو ما حال بين صاحبه وبين محارم الله وحدوده.
وسئل ابن عباس عن الخائفين فقال :قلوبهم بالخوف فرحة، وأعينهم باكية يقولون كيف نفرح والموت من ورائنا ،والقبر أمامنا ،والقيامة موعدنا ،وعلى جهنم طريقنا ،وبين يدي الله موقفنا .
وأعظم الخائفين من الله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله كان إذا تغير الهواء وهبت ريح عاصفة يتغير ويتردد في الحجرة ويدخل ويخرج كل ذلك خوفاً من عذاب الله ، هذا خوفه صلى الله عليه وسلم أما خوف الملائكة فقد قال الله عز وجل { يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون }
هذه صفة المؤمنين الذين تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله والذين يبكون أذا تذكروا عيوبهم وذنوبهم ، والذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً يرجون رحمته ويخافون عذابه ، فأين نحن من هؤلاء القوم؟ لقد سار هؤلاء القوم ورجعنا ، ووصلوا وانقطعنا ، وأجابوا الداعي وامتنعنا ، قاموا لخوف القيامة بإتباع الأوامر واجتناب النواهي ، يشكون جرح الذنوب ، و أطار خوف النار نومهم ، وأطال ذكر العطش الأكبر صيامهم ، إذا ذكروا العفو طاب العيش وإذا تصوروا العذاب جاء الطيش .
كان فضالة بن صيفي كثير البكاء فدخل عليه رجل وهو يبكي فقال لزوجته :ما شأنه ؟ قالت :زعم أنه يريد سفراً بعيداً وما له زاد !!
ونحن مثله أصحاب سفر طويل ورحلة شاقة ولكن أين الزاد ؟
الزاد هو قصر الأمل في الدنيا والتزود للآخرة بالأعمال الصالحة ، إنها رحلة بدأت وستنتهي ،إننا نسير في دنيا كأضغاث أحلام ، وكظل زائل ، زمن يسير ، ثم نتوقف في موقف عظيم يوم يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور ، فلا تطمئن حتى تعلم أين مسكنك وقصرك ومستقرك ومنزلك .
وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى ، وجعلنا جميعناً ممن يخافونه ويخشونه حق خشيته .
|