"يمكنك ان تأخذي هذا النهار كإجازة دافينا."
انها التاسعة النصف وليس هناك غيمة واحدة في السماء, واشعة الشمس تسطع بقوة على سطح البحر.
"اه ليس هناك من داع..."
"اسمعي, افعلي فقط ما يطلب منك." قال ستيف ذلك بتوتر وهو يقف عند حاجب باب المطبخ يتلاعب بمفاتيح سيارته, بدا واضحا منذ ان رأته عند الصباح انه ليس بمزاج جيد.
تابع قائلا: "قد لا تحصلين على فرصة ثانية, كما وان المنزل بمنتهى النظافة."
نظر حوله لكن بدون اي اهتمام وتابع: "بكل الاحوال سأتناول العشاء خارجا الليلة."
"حسنا."
"وكذلك الغداء..." وتابع بسخرية: "هذا اذا كنت تهتمين لتعلمي برنامج عملي وتحركاتي للنهار كله, كما وانني..."
قاطعته بسرعة وهي تستدير لتخفي غضبها: "لا تزعج نفسك."
"هذا ما اردت معرفته البارحة, بمطلق الاحوال."
"فعلت ذلك ضمن نطاق عملي سيد وارويك, يمكنك ان تذهب الى القمر اليوم, فلا يعنيني البتة."
"ويمكنك الذهاب الى الججحيمم ايضا, أليس هذا ما اردت قوله سيدة هاستنغز؟"
قال ذلك وغادر تاركا دافينا وقد اتسعت عيناها لانه على حق فيما قاله, ولأن الاجواء تختلف كليا كلما التقيا.
جلست االى الطاولة وهي تعلم انها قد تتهم بأنها بدأت العداووة اليوم, لكن لا عجب انه لم يتزوج, فهو اكثر الرجال تبدا للمزاج, وبالطبع ليست هي المسؤولة عن ذلك.
منتديات ليلاس
حدقت بالفراغ للحظات عدة, ثم هزت رأسها محاولة ان توجه افكارها نحو مكان اخر, او ماذا ستفعله بيومها, تذكرت انها وجدت كتابا في جناحها يدعى الدليل الى لوردهوود, فذهبت لاحضاره.
وهكذا بعد نصف ساعة اعدت بعض السندويشات شرابا وكاميرتها ووضعتها في حقيبة تحمل على الظهر, وسارت عبر الطريق المؤدي اى جبل ليدجبرد. اختاارته لانها علمت ان جبل غوير لا يمكن التجول به بلا دليل. عندما اصبحت في منتصف الجبل لاحظت مدى انحداره. الممر ضيق ومليء بالجذور, كما وان ارضه زلقة بسبب المطر الذي تساقط منذ يومين, شعرت وكأنها تكتشف احدى غاابات الامازون وبسبب كثرة النباتات وانعدام النور الكافي قرت الصعود الى القمة.
ما ان ابتعدت عن الغابة ووصلت الى القمة الصخرية حتى ادركت كم بذلت من جهد, فتوقفت لتنناول الغداء ثم تأكدت من الديل ان كانت تستطيع الوصول الى كهوف الماعز, فتابعت طريقها صعودا حتى وصلت الى اعلى قمة في الجبل بدأت بالتقاط الصور وصرخت من الفرح عندما تمكنت من التقاط صورة لهرم بال وكأنه يطفو كقلعة في البحر في احدى االقصص, نسيت نفسها وهي تحاول ان تلتقط قدر ما تشاء من الصور في ذلك المكان الرائع, خصوصا ان هناك نباتات ذكرت في الكتاب موجودة امامها.
منتديات ليلاس
اخيرا قررت العودة وهي تشعر بالمتعة من تلك المغامرة, لكنها تفاجأت بمنظر يطير نحوها, غيوم سوداء قادمة من الغرب ووكما يبدو سيبدأ المطر بالهطول على الجزيرة.
شهقت وهي تعلم ان الممر خطر وهي تصعد الجبل فكيف وهو رطب, فمن المستحيل عليها اجتيازه.
لكن هذا ما حدث, في اقل من نصف ساعة, تساقط المطر واصبح الممر مليئا بلوحل, فكرت برعب لا بد انها ستضيع هنا او على الاقل ستنزلق وتكسر ساقها, او ربما ستسقط عن المنحدر وتموت. جلست على صخرة وتنفست بعمق ونظرت حولها في تلك الغابة المظلمة, فحتى في النهار لم يكن الضوء كافيا لتحدد الطرق, وهكذا اعتمدت على الاشاراات الحمراء المرسومة على الاشجار, اما الان فهي لا تستطيع ان تراها. اغمضت عينيها وتذكرت فجأة انها تحمل مصباحا في حقيبتها, فبحثت عنه وشعرت بالراحة من خلال ضوئه الاصفر المشع, وقالت لنفسها انها ستتمكن م النجاة ان كانت حذرة وسارت على مهل وببطء شديد.
منتديات ليلاس
هذا مافعلته, لكنها احتاجت الى اربع ساعات وهذا يعني ضعف الوقت الذي احتاجته لتصعد الجبل, وعندما وصلت اخيرا الى الارض المنبسطة والتي تبعد ربع ميل عن المنزل كانت تشعر بتعب شديد والم في كل جسمها وتعرج, وكانت الساعة قد جاوزت السادسة والنصف وعلمت انها ان توقفت عن السير فلن تتمكن من المتابعة, لكن ستتمكن من تجنب رئيس عملها, فلا بد انه غادر الان.
لكن لم يكن قد غادر فما ان سارت وهي تعرج عبرر الطريق الفرعية المؤدية الى المنزل حتى غمرتها اضواء الشاحنة وستيف وارويك يتجه مبتعدا عن المنزل.
توقف على الفور وقفز من الشاحنة من دون ان يطفئ الضوء.
توقفت دافينا عن السير وتنهدت فالسماء لاا زالت تمطر.
قال بحرارة وهو يقف امامها: "يا للهول. هل هذا انت حقا سيدة هاستنغز؟"
"هذه انا بالفعل, وسأقدر لك ان لم تقل اي كلمة اضافية."
"حسنا." سار نحو الشاحنة ليطفئ الانوار ثم عاد اليها ليرفعها بين ذراعيه متجاهلا تمامما حقيبتها التي ازعجتها تماما كما ازعجته, وتوجه نحو المنزل.
"ما الذي تفعله؟"
سلها هل استطيع التكلم؟"
"اجل."
"ساخذك الى غرفة الغسيل حيث يمكنك ان تخلعي ثيلبك وتستحمي هناك وتتخلصي من كل هذا الوحل قبل ان يتسخ المنزل, بعد ذلك ستذهبين الى جناحك لتري ان كانهناك اي ضرر, ألديك سؤال؟"
عضت على شفتها لان هذا ما كانت ستفعله بالتحديد, ولا بد ان غرفة الاستحمام في غرفة الغسيل لهذا الغرض, لكنها قالت:
"ما عليك ان تفعل ذلك, كما وانني لم اصب بأي ضرر, فقط اشعر بالتعب والتشنج."
"حسنا دافينا, اخشى القول ان عليك تقبل ذلك والا البديل لن يعجبك."
"اي بديل؟"
"عندما افقد اعصابي واقول لك انك حمقاء لانك صعدت الى جبل ليدجبردفي هذا الطقس لانك كدت تقتلين, وحيث سأخبرك الا تغادري من دون ان تتركي رسالة تخبرين فيه اين انت لانني كنت سأرسل فريق بحث عنك."
وفتح بكتفه باب غرفة الغسيل ووضعها على قدميها ثم اضاء الغرفة.
منتديات ليلاس
ترنحت دافينا حيث تقف, فركبتاها تصطكان وتكادان تنهاران تحتها, كما وان الصدمة واضحة في عينيها, تلعثمت قائلة:
"لكن لماذا قلقت علي؟ لانني قد اكون غادرت المنزل لتناول العشاء."
"هذا ما فكرت فيه, لكن من الصعب ان تغادري سيرا فالدراجات جميعها هناك كذلك الشاحنة الاخرى, كما وان لدي حدسي, والان هل يمكنك ان تخلعي ثيابك وتستحمي؟"
قالت: "من فضلك فقط ارحل, فانا ببساطة لا استطيع تحمل كل ذلك في ذات الوقت."
نظر ستيف اليها مليا وقال:
"لا تشعري بالاحراج دافينا, فانا لم ار يوما فتاة بنصف جمالك في مثل هذه الظروف, سأحضر لك شرابا ساخنا بينما تستحمين وسأحضره الى جناحك." ثم غادر.
نهاية الفصل الثالث
قراءة ممتعة