دخلت دافينا مباشرة الى المطبخ ما ان وصلا وضعت اللحم على الفرن وبدات بتحضير الخضار وما تبقى من وجبة الطعام.
ما ان استحم ستيف وبدل ثيابه حتى عاد الى المطبخ ليجدها تغسل يديها, قال:
"كل شيء تحت السيطرة؟"
"اجل."
"اذاً لم لا تستحمين بينما اعد العصير."
نظرت دافينا اليه بقلق وتوتر وقد غطت عينيها موجة من الخوف, قالت: "اعتقد من الافضل.."
قاطعها بهدوء: "دافينا, انا في الخامسة والثلاثين من عمري, وهذا يعني ان لدي الكثير من التجارب في السيطرة على النفس, ان كان هذا ما يشغلك الان."
توهج وجهها من الاحراج وهذا ما لم تستطع السيطرة عليه, فهي تشعر بغضب شديد وتمنت لو انه استمر في التصرف وكأن لا شيء حدث على الشاطئ, وما يجعل الامر اسوأ فهي لاا تستطيع ان تفكر بأي شيء لتقوله.
قال بعد قليل بحزم: "هيا اذهبي, اللا اذا كنت تقترحين ان نتجنب رؤية بعضنا لشهر كامل؟"
رفعت راسها عاليا وخرجت من المطبخ وهذا ما جعله يبتسم.
احتاجت عشرين دقيقة لتستحم ولتجفف شعرها وترتدي ثوبا من القطن ازرق اللون يلتف حولها بكثافة ما ان تسير, وطوال الوقت كانت تفكر ان عليها ان تبقى قوية, لكن من الصعب عليها ان تنسى ما شعرت به عند الشاطئ, لان ما جرى حدث تلقائيا وبلا ارادة منهما معا.
منتديات ليلاس
"كيف جرت الامور بينك وبين مايف؟"
رشفت دافينا كوبها ونظرت عبر النافذة حيث اشعة الشمس تسطع بخطوطها الضعيفة على قمم اللجبال, وظهرت ابتسامة عللى وجهها واجابت: "كان عليك تحذيري."
"كنت لهربت على الفورر."
ضحكت وقالت: "لا لا داعي لذلك, فما ان عرفنا بعضنا حتى عملنا معا بطريقة جيدة, اه كيف تعامل معها جدتك وزوجة ابيك؟"
تستمران بالشجار معي لتتخلصا منها, فهما تنزعجان منها بشكل دائم, لكن مايف لا تلاحظ ذلك, والنتيجة فوضى كاملة."
تمتمت دافينا: "يمكني تخيل ذلك, اذاً انت لا تستطيع التخلي عنهاا بكل الاحوال."
"كانت اعتادت والدتها العمل عند والدتي هي وزوجها الذي توفي, وكان يعملل على احد قواربيز وسأشعر بتأنيب الضمير طوال حياتي ان تخليت عن مايف."
علقت دافينا: "انها من دون شك معجبة بك جدا."
قال بمرح: "وهل هذا يفاجئك؟"
لمم تجب بل تابعت احتساء شرابها ثم وضعته جاانبا وقالت:
سيصبح العشاء جاهزا بعدد ربع ساعة, اين ترغب في تناول الطعام؟ هنا؟ أم..."
واشارت بيدها نحو غرفة الطعام.
قال: "هنا, لماذا افقد المنظر الجميل؟ سأضع الاطباق على الطاولةة, لن تتخلي عني وتجعليني اتناول الطعام بمفردي, أليس كذلك؟"
قالت: "ليس هناك من داع لأجلي."
وضعت الطبقق الفضي المليء باللحم والصلصلة والبطاطا المشوية, اليقطين والبطاطا الحلوة, ثم احضرت صينية عليها زهرة القرنبيط والصلصة الخاصة بها, مع طبق من الحلوى.
قال متجاهلا ماا قالته: "هل اعددت كل هذا في هذا الوقت القصير؟"
"لدي خبرة كافية, هل تريد ان تقطع اللحم أم افعل انا ذلك؟"
"لا سأفعل ذلك بنفسي, اجلسي سيدة هاستنغز, ما هو ذلك المثل الشائع عن الطعام وقلب الرجل؟" وامسك بالسكين والشوكة.
اجابت بهدوء: "لقد تحدثنا عن الامر من قبل واتفقنا على ذلك, سيد وارويك."
قططع قطعة رقيقة من اللحم وقال: "لقد فعلنا ذلك, لكن هنالك اممور تتحدث عن نفسها بيننا."
"اعتقد يمكننا الاتفاق ان ما حدث امر عابر نظرا للوقت والمكان الذي كنا فيه." ونظرت اليه ببرودة عبر الطاولة.
قال وهو يتابع تقطيع اللحم: "حسنا, يبدو انك اكثر تماسكا الان."
منتديات ليلاس
ضغطت على اسنانها بقوة ولم تجب, وبدلا من ان تنهض لتسكب الخضار بقيت جالسة وتركت له تلك المهمة وهي تفكر انه فعلا لا يحتمل, لكن كلما اكتشفت المزيد عنه كلما علمت انه قادر على تبديل مزاجه والكلام بسرعة البرق, وهذا ما فعله.
"اخبريني عن هوايتك؟"
ترددت قليلا لكنها رفعت كتفها وبدأت بالكلام, اصغى باهتمام وهي تخبره كيف كانت دائما مولعة بالنور والظلام وكيف تمكنت من التعبير عنهما من خلال افلام التصوير."
قال بعد قليل: "اذاً انه طموح العمر, وكيف حدث انك تركت ذلك وتعلمت اعداد الطعام؟"
"هذا بسبب والدتي التي اصرت ان يكون لدي مهنة ثابتة اعتمد عليها, انها من الاشخاص الذين يعتقدون ان الفن امر جميل لكنه ليس بكاف عندما يقع المرء على ظهره, وتبين انها على حق, مع ان ما كاانت تفكر به ان يكون لي عملي الخاص من خلال تعهد حفلات فاخرة للاثرياء والمشاهير."
"لكن اعتقد انك قادرة على ذلك فهذا الطعام شهي حقا."
"انا استمتع حقا بالطهي, كما وانني اعددت لك طبقا من انواع الجبن والفواكه."
"لا بأس, لكن لا داعي لعجلة"
نظر الى عينيها مباشرة وسألها:
"وكيف حدث انك سقطت على ظهرك؟"
نظرت دفينا الى البعيد وقالت: "افضل الا اتحدث عن ذلك."
"احيانا الكلام عن الامور المزعجة يخفف من ازعاجها."
ومع شخص غريب بالمطلق؟ لا اعتقد ذلك."
"نحن لسنا غريبين بشكل مطلق, كما وان الغرباء لديهم القدرة على الحكم بمنطق اكثر."
سألته: "ماذا تريد ان تعرف؟ انا سعيدة بما انا عليه, لا تصدق ذلك ان شئت."
تراجع الى الوراء على مقعده ونظر اليها مليا قائلا: "الزواج من شخص يعتقد انك مملة وباردة وهذا امر علمنا انه غير صحيح ولو عن طريق الصدفة."
"اعتقد ان الامر كريه بالنسبة اليه اكثر مما كان بالنسبة لي."
اخذ وقتا ليتفهم ما قالته وسألها: "اذً كل ذلك مجرد تمويه؟"
"لا بالطبع, فهو لم يعجبني يوما ان اردت الحقيقة."
"هل اجبرت على الزواج به؟"
"بل تم خداعي, وان اردت كل القصة لترتاح, فقد واجه والدي الافلاس وزوجي السابق كان الشخص الوحيد الذي كان بامكانه انقاذه او تدميره, وانا كنت ضحية الاتفاق الذي تم بينهما ها قد علمت ما تريده."
سألها بعد لحظة: "وبعد ان تم الاتفاق اكتشفت ان الامر لم يكن بهذه السهولة؟"
"بعد الزواج اكتششفت ان والدي ما زال معرضا للافلاس في نهاية الامر."
"لقد انكر وعده."
"كان وااحدا من مجموعة مستثمرين اثرياء والذين استثمروا اموالهم في كل استراليا, وتعرضوا للخسارة معا."
تذكر ستيف وارويك تلك الاحداث فقطب جبينه, علمت دافينا انه يحاول ان يضع اسما لذلك الرجل فحبست انفاسها.
لكنه قال: "اذاً خدع والدك ايضا؟"
مررت اصبعها على غطاء الطاولة واجابت: "اصبح والدي يائسا, ووالدتي شعرت بالقلق كيف سيؤثر الامر على صحة والدي, وكانت محقة فقد اصيب بازمة قلبية اودت بحياته."
"يؤسفني سماع ذلك, هل عندها قررت ان تنهي زواجك؟"
"نعم بطريقة ما."
"كم كان عمرك عندما وقعت في تلك المصيدة؟"
"في العشرين." قالت باختصار.
"وكم كان عمره؟"
"في الاربعين, لكنه يبدو وسيما وشابا, يمكنني ان اعترف بذلك."
"وكيف تعرفت اليه؟"
ضاقت عيناه ورمقته ببرودة وهي تقول: "في حفلة."
تمتم ستيف: "واي مكان افضل؟"
"ماذ تقصد؟"
"عزيزتي دافينا, كنت في حفلة وفي ثوب سهرة بالطبع سوف تلفتين النظر."
اغمضت عيناها للحظة وتذكرت الثوب, كان لونه اسود بدون كتفين وضيقا, ارتدت ايضا قفازين طويلين لونهما ابيض مع عقد من اللؤلؤ, وتذكرت الاحساس بالغثيان الذي شعرت به عندما علمت انها اخطات وكان عليها ان ترتدي ثيابا ملطخة بالرماد عندما راته ينظر الليها مصمما ان يحصل عليها بكل وسيلة.
وقفت على الفور وقالت: "اجل صحيح, ها قد علمت كل شيء, لكن انتهى وقت سرد الروايات, سأحضر الجبن."
سألها بنعومة: "اذً كرهت كل الرجال منذ ذلك الحين؟"
منتديات ليلاس
قالت من بين اسنانها: "اجل, من المؤكد انني لا اثق بهم واذا كنت ستقول لي انني اتصرف ببحماقة لانني اعمم رايي هذا, فمن فضلك لا تضيع وقتك علي."
وقف وهو يقول "لن افكر بذلك, فكثير من الناس يستمتعون بالاحساس بالبؤس."
جمدت دافينا في مكانها وتمنت لو تستطيع ان تسكب ما تبقى من الصلصة عليه, لكنها قالت بدلا من ذلك:
"ان لست يائسة, وهذا ما لا تفهمه, لا تشعر كل النساء ان السعادة الحقيقية هي مع الرجال."
قال وهو يقلب شفتيه: "قبل ان يتطور ههذا النقاش اكثر من ذلك, اعتقد انني لا اريد تناول الجبن, فلدي عمل لكنني لن ارفض فنجان قهوة, وسأتنااوله في مكتبي."
حدقت دافينا بقامته الفارعة الطول باحباط, ثم عدت الى العشرة لتتمكن من السيطرة على غضبها.
لم يتحدثا بعد تلك الامسية, فعادت الى جناحها وهي تشعر بالفضول ولم تتمكن من النوم سريعا.