هذا ما فعلته,لكنني بدلت رايي الان, فلم لا تفعلين مثلي؟"
فتحت دافينا فمها واطبقته لمرات عدة قبل ان تتمكن من تنظيم افكارها, عملل راقبه بانتباه واضح, اخيرا قالت:
"هل تدعوني لاصدق انه من الممكن ان تبرهن انك لست اكثر رجل متفاخر ومزعج ومثير للاهانة قابلته في حياتي؟ او وغد بالكامل, ان اردت ان اعبر عن ذلك ببساطة؟"
ضحك واجاب بكلمة واحدة: "صحيح."
"لا..."
قال بقلق مفاجئ وهو يرفع كتفيه بتوتر: "اهه هيا سيدة هاستنغز, تقابلنا في ظروف خاطئة, الا يمككننا ان نتررك الامر على هذا النحو؟ هل تتوقعين اعتذارا مني؟ان كان الامر كذلك فأنا اعتذر..."
"لا تزعج نفسك..."
لكنه قاطعها فجأة بصوت اكثر حزما:
"اسمعي, ان كاان يجب ان تعلمي, يوجد فقط رجال قلائل يتحلون بالمناعة الكافية عند رؤيتك تتجهين نحوهم وانت مرتدية سترة وقميص بيضاء رطبة."
لمعت عيناه بمكر ما ان نظرت دافينا الى قميصها واغلقت سترتها على الفور, تابع باستياء:
"واعتتقد هذا امر طبيعي في الحياة, لكنني اعتذرت على ما قلته او مهما ترغبين في التفكير به, والامر الاخر الذي قلت فيه انك تبدين كممثلة افلام سيئة, لانك لا تبدين مطلقا كمدبرة منزل واستطيع ان اواجه اي شخص يحاولل ان يخبرني عكس ذلك."
منتديات ليلاس
تابع بلهجة لا تخلو من الغضب: "اذاً, اعترف انني اظهرت انزعاجي وبقسوة مما حصلت عليه وهذا ما استطيع فعله في الوقت الراهن ولست في خطر لاعتبارك كفريسة سهلة في منزلي, وهذا وعد."
واجهته دافينا: "ولماذا علي تصديق اي شيءء تقوله؟"
لكنها تفاجأت باحساس انها تستطيع ان تفعل, وتساءلت لم لأن كل ما قاله يحمل نبرة من الصدق, ربما؟ بعد ذلك ولتصبح الامور أسوأ, لم يزد السيد وارويك اي كلمة, لم يقل لها انها تستطيع ان تسأل ايا كان عنهز ببساطة وقف يحدق بها من دون اي اهتمام, لكن بفقدان صبر وتوتر خفي.
عضت دافينا على شفتها من الداخل واستدارت فجأة وهي تحرك راسها, لتتوقف فجاة زهي تحدق عبر الباب الزجاجي الذي يقود اللى موقف السيارات من الجهة الاخرى من المطار. توقف المطر وصفت السماء, فاتسعت عيناها وفتحت فمها بدهشة قبل ان تستدير وتقول للرجل الطويل بصوت مليء بالعاطفة:
"تلك الجبال, ما هي؟"
قال من دون ان ينظر او يفكر: "تلك الجبال ليدجبرد وغواور, لماذا؟"
قالت باهتمام: "هل تمانع ان التقطت لها صورا؟ مع مرور قوس قزح بينها؟ وهل هناك مكان استطيع التصوير فيه افضل من هنا؟"
تجهم وجهه وقال: "بالطبع, ولكن.."
"لا اعتقد انني رايت منظرا اجمل, فعندما لا اكون اعمل كمدبرة منزل انا هاوية تصوير بشكل قوي جدا, كما ترى سيد وارويك."
تابعت بقرار مفاجئ: "لاقول الصدق اشك كثيرا اننا نستطيع العمل معا وبأي شكل من الانسجام, لكنني اخشى القول انني لا استطيع مغادرة لوردهوواي بسرعة كما خططت, فانا بحاجة لاصور هذه الجبال. لذلك ان كنت تستطيع تأجيل هذا النقاش لفترة قصيرة, حيث يمكنك ان تاخذني الى مكان مناسب قبل ان يغيب قوس القزح, وساكون ممتنة لك."
منتديات ليلاس
تشكل تلك الجبال الناحية الجنوبية من الجزيرة, وهي ليست عالية كما يفترض بالجبال ان تكون, لكن ما تفتقده في الارتفاع تعوض عنه بطرق مختلفة, هذا ما اكتشفته دافينا وهي تقفز حافية القدمين في ارض رطبة, تصور الجبال المرتفعة في وسط البحر مع سماء داكنة وراءها وقوس قزح يمر خلالها, وكل انواع طيور البحر تزقزق في ذلك الوقت المتأخر من بعد الظهر. كل هذا في وسط المحيط وبعيدا مئات الاميال عن اي مكان اخر, شعرت وكأنها قبطان في قصة خيالية, ولم يكن ينقصها غير سفينة طويلة تقف عند رصيف البحر, كانت منشغلة تماما بما تراه وهي تصور, تنهدت عندما التقطت اخر صورة وادركت ان السيد وارويك يقف على بعد خطوات منها يراقبها باهتمام.
"اه شكرا لك, اصبح الضوء خافتا الان ولن التقط المزيد من الصور. اقدر لك احضاري الى هنا وربما تعتقد انني مجنونة."
وبدأت باعادة الكاميرا الى الحقيبة, ونظرت حولها باستغراب وقالت: "آه..."
قال بلهجة ساخرة: "كنت ستقولين وماذا الان؟"
ابتسمت بانزعاج وقالت: "اجل."
"ما رايك بتناول شراب ما؟"
"آه, انا.."
"لا تجادلي سيدة هاستنغز, افعلي فقط ما يطلب منك, فما زال امامنا حديثا لنكمله. واعتقد هذا اقل ما تدينين لي به."
ترددت دافينا, لكن ليس هناك اي شيء اخر تستطيع القيام به, فليس امامها الا هذه الجزيرة والمحيط, لذلك صعدت في الشاحنة القوية. لم يبتعدا كثيرا عن الموقع السابق, بل اتجها نحو سفح جبل ليدجبرد, مرا امام منزل صغير قبل ان ينعطف نحو طريق ضيق ليصلا الى عدد من المنازل في الوادي.
سألته: "هل هذا المكان مأهول في الجزيرة؟"
"نعم انه كذلك."
"انه مهجور جدا."
"ستحتاجين الى عشرين دقيقة على الدراجة لتصلي الى مركز الجزيرة للتسوق."
لم تقل دافينا شيئا وتبعته عبر طريق قصيرة محاطة بالاشجار نحو المنزل الرئيسي. اعترفت انه منزل جميل بني من اغصان الشجار من طابقين وسطح منحدرز لاحظت ايضا ان الباب الامامي غير مقفل, شهقت من السعادة ما ان رات منظرا اكثر جمالا على رغم النور الخافت للجبال التي صورتها سابقا.
قال: "هذا هو السبب الوحيد لاختياري هذا المكان."
انتظر للحظات قبل ان يضيء الغرفة وهكذا لم تعد المناظر في الخارج بارزة للعيان بوضوح.
قالت بهدوء: "فهمت."
ونظرت حولها غير قادرة على اخفاء تاثرها بجمال المكان, هناك درجتان الى اسفل تقود الى غرفة جلوس واسعة حيث جدرانها نوافذ تشرف على المناظر الراائعة, وكلها محاطة بخشب سميك مع ارضمن خشب مشع براق, على زاوية واحدة وضعت ثلاثة مقاعد طويلة مفروشة بوسائد منتفخة وفي الوسط طاولة من زجاج واطارها من حديد, غطيت الوسائد بقماش ذات لونين زهري واخضر, في الاتجاه المقابل وضعت طاولة طعام وهي ايضا من زجاج حولها ثمانية كراسي, ووزع عدد من الطاولات عليها مصابيح من حديد والوان مختلفة, كما وضعت المقاعد الصغيرة فوق سجادة جميلة, وبدا لها كل ما في المكان انيق مريح وفيه متسع للجميع.
رفعت نظرها فرات ان الطابق العلوي على شكل دائري, فعلمت ان غرف النوم في الاعللى وكانت تبحث عن الدرج المؤدي اليها عندما قال:
"اجلسي سيدة هاستنغز, ماذا ترغبين ان تشربي؟"
ترددت وقالت: "حسنا اريد كوب مياه معدنية وقليل من عصير الحامض."
ابتسم وقدم الكوب: "لكنك ما زلت غير واثقة بي."
حدجته بنظرة معبرة وعبرت الدرج نحو قاعة الجلوس وقالت من وراء كتفها:
"لا, وان كنت تسل ان كنت ساعجب بك يوما فأنا اشك بذلك ايضا, سيد وارويك."
اجاب: "حسنا لن اقلق بشأن ذلك. لن تكوني بمفردك ولن نرى بعضنا كثيرا."
رفعت دافينا راسها ثم نظرت الى المنظر امامها.
قال: "هلل يمكنك ان تخبريني ماذا قصدت بقولك انك مصورة عندما لا تعملين كمدبرة منزل؟"
شربت دافنا القلييل من الكووب واجابت: "اختيار سيء للكلمات لكن ما قصدت قوله ان التصوير هي المهنة التي احبها, لكن لا استطيع جني المال منه, لذا من وقت لاخر اقوم باعمال اخرى, وانا ماهرة في ادارة المنزل, وهذا عمل مثالي. كما والا تقلق بشان قيامي بوظيفتين, فانا مختارة من قبل الوكالة والتي لديها معايير حازمة جدا وقد عملوا على التاكد من مهارتي من اصعب عمل الى الاسهل, لذا يمكنك ان ترتاح كما وانني حائزة على شهادة جامعية في اعداد الطعام, هل هذا كاف سيد وارويك؟"
جلس براحة ورمقها بنظرة معبرة وقال: "اذا قررت ان تقبلي العمل في النهاية؟"
رمته بنظرة باردة واجابت: "لا لم ابدل رأي بعد, انا كنت احاول ان اثبت انني اهل للثقة ومحترمة."
قال بشكل متعمد: "ما زال ذلك امرا غريبا, كما ويبدو انه نوع فريد للعيش, وكيف حدث ذلك؟"
منتديات ليلاس
قالت بلا اهتمام "هذه هي انا, على ما اعتقد."
رفع حاجبيه وسأل: "كما وان هناك قفزة بين التصوير وشهادة جامعية في اعداد الطعام."
لم تجب بل تابعت تناول كوبها. اكمل قائلا:
"وكيف, انت مصممة انك سيدة متزوجة ولا تضعين في اصبعك خاتم زفاف؟"
"اعتقد قلت لك, هذا امر لا يعنيك."
اقترب من حافة المقعد وقال: "حسنا قد لا يعنيني, لكن هل كنت عملين وانت متزوجةو ام ان هناك اسباب تفضلين الاحتفاظ بها لنفسكز"
ابتسم قبل ان يتابع: "وقد يكون ذلك من الامور التي تعنيني ايضا."
لا استطيع ان ارى السبب."
"|ساقول لك السبب, لانك ان اخطأت في تقديم نفسك في امر ما فقد تخطئين في امر اخر, عللى الرغم من مدح الوكالة بعملك."
ابتسمت دافينا وقالت: "ما زلت لا ارى كيف سيؤثر ذلك في عملي لديك وفي الحقيقة, انا لا ارغب في العمل لاحمي نفسي منك..."
"من كل الرجال العازبين في اجزيرة؟ هل هذه هي المسألة؟"
حدقت بغضب وقالت: "لسوء الحظ لا."
مدت يدها الى حقيبتها واخرجت منها خاتك زفافها ووضعته في اصبع يدها اليسرى وتابعت هذا هو دليل زواجي, وان كنت على حق في امر ما سيد وارويك, انني لست متزوجة الان, لكنني صادقة ان قلت انني سيدة ولست انسة, كما وانني استعمل عادة خاتم الزفاف عندما اذهب الى مثل تلك الاعمل ان كنت في حاجة الى الحماية."
"لكنك لا ترتدين الخاتم دائما؟"
"وكيف علمت ذلك؟"
"لاحظت ان اسمرار بشرتك عادي حتى تتحت اثار الخاتم, هل نسيت ان تضعيه؟"
"اجل هل يمكنك ان تتوقف عن ذكر هذا الموضوع؟"
قال بكسل: "لماذا؟ من المؤكد يمكنك ان تخبريني ان كان متوفيا او ما زال على قيد الحياة او انك مطلقة."
"حسنا انني مطلقة."
"لماذا؟"
حدقت دافينا بخاتم زفافها, وعلت وجهها جمود قاتل, ولم تدرك كم بدت عيناها حزينتان ومليئتان بلمرارة وهي تقول:
"ان كنت حقا تريد ان تعلم, كان يرى انني باردة ومن بين اشياء كثيرة غيرها."
وضعت كوبها على الطاولة وتابعت:
"سأرحل الان واكره ان ازعجك اكثر من ذلك, لذلك ان طلبت لي سيارة اجرة ساكون ممتنة لك."
فكر للحظة قبل ان يقول: "لسوء الحظ سيدة هاستنغز انا غير قادر على القيام بذلك."
ارتفع صوتها وقالت بانزعاج: "ولم لا؟ اسمع سيدي انا..."
اجاب بهدوء: "فقط لان ليس هناك سيارات اجرة في هذه الجزيرة."
منتديات ليلاس
نهاية الفصل الاول
قراءة ممتعة