ترددت دافينا عندما لاحظت كم ان لوريتا جدية بما تقوله, اجابت: "حسن, لكن هناك مشكلة انني لا اذهب الى اي مكان حيث يمكن ان يراني احد ما."
تراجعت لوريتا الى الوراء وعضت على شفتها قبل ان تقول: "اه, لكن الناس ستراك هنا."
سالتها دافينا غير مصدقة: "هنا؟"
"امرمثير للعجب كم ياتي الى لوردهوود اشخاص مشهورون, على رغم الطراز القديم للجزيرة, لانها فريدة في جمالها كما ترين,لقد قابلت رؤساء ووزراء هنا, ابطال افلام سينمائية واعلاميين, ستشعرين بالذهول لرؤيتك العديد من الاشخاص المعروفين في انحاء العالم."
قالت دافينا وهي تضحك: "كفى صدقتك, لكن يبدو انك نسيت انني مجرد ربة منزل, لذلك ما زلت غير قادرة على رؤية كل من ذكرتهم."
جلست لوريتا وقالت: "انت لا تعرفين لافينيا, فهي بالرغم من كل الصفات الخرى فهي ناشطة في الحياة الاجتماعية, واعتقد انها تعتبر نفسها كالملكة المتوجة لهذه الجزيرة. اعطها بضعة ايام فقط وهي ستقدم على دعوة عدد من الاشخاص لاقامة حفلة هنا, ان لم نقل عددا من الحفلات."
تمتمت دافينا قائلة: "اه يا للهول, هذا مثير للقلق."
ضحكت لوريتا قائلة: "اعلم ما تقصدين."
وقفت دافينا قائلة: "لكن مهما يكن, ما زلت مدبرة المنزل, ولا اعتقد ان لديك خزانة مليئة بالثياب المناسبة لي, لذلك اسمعي, اقدر لك ما تفكرين به, لكن شكرا, لا اعتقد ان ذلك سينجح."
تراجعت لوريتا قائلة: "هذه مشكلتك."
"حسنا اعتقد انه من الافضل ان اذهب الى السرير. فانا بحاجة الى كثير من القوة, عمت مساء."
نهضت دافينا ودت ذراعيها قليلا قبل ان تسال بفضول: "لم لا تعيش لافينيا هنا ان كان هذا شعورها نحو الجزيرة؟"
اجابت لوريتا: "الشتاء قاس عليها جدا, فالطقس بارد وعاصف, انها تعيش في كوينزلاند هذه الايام, وهي تحب الاهتمام بالعائلات التي تعيش في المنطقة الرئيسية هناك."
"هكذا..."
توقفت دافينا عن المتابعة, لكن لوريتا قرات ما تفكر به وقالت:
"اجل ترك والد ستيف امبراطورية كبيرة له وكانديس جزء صغير منها ايضا. كما وان هناك اكثر من مصنع اقامته لافينيا بنفسها تهتم بالنباتات وتصديرها, ولهذا تجد عملها اكثر انتاجا واهمية, لذا افكر دائما هذا هو السبب الذي يدفع ستيف للعيش هنا, مع ان عليه ان يمضي الكثير من الوقت هناك ايضا, لكن من دون شك هذا هو المنزل المفضل لديه. اعتاد والده على اخباري كم كان يكره ابعاده من هنا الى المدرسة, وهذا امر اخر, انهم عائلة تؤمن بالثقافة العالية والالتحاق باكبر المداس والجامعات, واشعر منذ الان ان الضغط بدا يزداد علي لانه حان الوقت لارسال كانديس الى مدرسة داخلية. وهذا يعني انني ساخسرها, هل تعلمين سيحل الكثير من مشاكلي لو ان ستيف حظي باطفال له, وانا متاكدة عندها ان لافينيا ستتوقف عن مراقبتي."
قالت دافينا بحزم: "انني ذاهبة الى النوم الان."
"اه حسنا, هناك مرشحات غيرك, وواحدة منهن هنا في الجزيرة, علي ان اعمل عليها." قالت لوريتا ذلك بمرح وتابعت: "عمت مساء."
لكن النوم لم يكن فعلا ما تحتاج اليه دافينا,هذا ما اكتشفته ما ان اصبحت اخل جناحها, لانها عادت تشعر بالقلق والتوتر, ربما بسبب كل ما سمعته هذا المساء, لذا ستتقلب بفراشها من دون ان تتمكن من النوم. تنهدت ثم اخذت المصباح الذي تبقيه في حقيبة الكاميرا وقررت ان تسير قليلا فقد تتمكن الاسترخاء.
كانت ليلة رائعة الجمال والسماء تشع بنجومها الساطعة, قطعت الطريق وسارت عبر الحقول باتجاه الشاطئ حيث الامواج تتكسر على الصخور والرمال. كانت قد لاحظت وجود مقعد هناك, فرفعت مصباحها لتتمكن من رؤيته, هذا ما فعلته, لكن على بعد عشرين خطوة وجدت ان هناك شخصا ما وصل قبلها. شخص وقف وعلمت انه ستيف وارويك.
قالت بانزعاج: "اه لا اسفة, لم ارغب في ازعاجك, سارحل على الفور."
"انت لا تزعجيني, وليس هناك من سبب لترحلي, اجد الامر مريحا جدا ان اسير قليلا قبل النوم لاستمتع بالهدوء والسلام, اتخيل انها كانت امسية مزعجة لك."
تمتمت: "انت لست مخطئا بقولك." لكنها بقيت واقفة وكانها ترغب بالفرار.
ابتسم قليلا نحو الضوء الساطع من المصباح ثم قال: "اطفئي المصباح دافينا, واجلسي فانا لن اقدم على التهامك."
ترددت قليلا قم جلست, فجلس قربها, لكنها كانت مشدودة الاعصاب.
قال بعد مرور لحظات: "ما الذي يزعجك؟"
"انا... لا شيء فعلا."
رفع حاجبه وسالها: "متاكدة؟ الم يحدث بينك وبين جدتي نقاش اخر عن موافقتك لتكوني عروسا لي؟"
ارتجفت دافينا وسالته: "كنت تعلم, وها انت تضحك؟"
قال: "علي الاعتراف انني اجد الامر مسليا على ضوءما حدث بيننا, الا ترين ذلك, لو يمكنك ان تكوني فراشة على الجدار؟"
قالت بمرارة: "يا ليتني هكذا, ومع ذلك ما زلت لا افهم السبب, لا بد انها تحول حياتك االى رعب ان كانت تفعل ذلك طوال الوقت."
ابتسم واجاب: "اتمكن دائما من الهرب, وان كان يريحك الامر, فهي تبالغ هذه المرة بسبب وجود لوريتا هنا, فهي تصاب برعب حقيقي خوفا من ان يحدث شيء بيني وبين لوريتا, هل تحدثت معها من جديد؟"
"لا"
"اذن كيف فهمت ما يحدث؟"
"لوريتا اخبرتني بذلك."
"اه." ولم يقل شيئا اخر.
سالت دافينا على مضض: "وماذا تعني بذلك؟"
اجاب بدون اهتمام: "لوريتا ليست بحمقاء. وماذا اخبرتك ايضا؟"
"لا شيء مهم. حسنا طلبت مني ان اعرض بعض الثياب لها, لكن تفاهمنا انه عمل غير عملي ولا يمكن تحقيقه. اشعر وكانني مثل اليس في بلاد العجائب. اجل وكانني سقطت في حفرة ما."
ووضعت يديها على وجهها فجاة.
تحرك ستيف قليلا, لكنه تتوقف فجاة وقال بفظاظة: "ربما يجب ان تذهبي الى السرير, تعالي ساوصلك بنفسي." مد يده اليها.
اسقطت دافينا يديها ونظرت الى وجهه الخاي من اي تعابير, ثم نظرت الى يده, وبدلا من ان تضع يدها في يده وقفت قائلة:
"اسفة." ثم استدارت وبدات بالسير نحو المنزل, ثم اضافت: "انا لست معتادة على ذلك او مهما كان."
قال بصوت قاس: "اعتقد ان هناك امرا واحد لا يمكننا نسيانه."
قالت بصوت مرتجف: "وما هو؟"
"عندما يعلم اثنان ان بامكانهما الحصول على الراحة والامان مع بعضهما, ويعملان على انكار ذلك."
قالت بصوت مضطرب: "لقد وعدتني."
وتعثرت فامسك بيدها وقال: "انا لا افعل شيئا, فقط اعلق على ما يجري."
"لو ان لديك.. او انك تملك..."
اجابها: "صفات الرجل النبيل؟"
"اجل لما كنت قلت شيئا من ذلك."
"لم اكن اعلم ان يكون المرء صاقا لا يعني انه نبيل. هل النساء تفضلن التصرف بتعال بدلا من الصدق؟"
تنفست بهدوء وقررت تجاهله. قالت: "وما الذي يجعلك تعتقد اننا سنحصل على الراحة والامان معا بدلا من العذاب والشجار؟"
توقف عن السير ثم استدار لمواجهتها, قال:
"هل يمكنني ان اخبرك شيئا عن نفسك دافينا؟" لم ينتظر سماع اعتراضها بل تابع: "انت في الخامسة والعشرين من عمرك ولن تمضي بقية حياتك وحيدة, اعلم ان لديك اسباب لتشعري بالمرارة والقلق, ولكن يمكنني ان اتصور كيف كنت قبل ذلك, كنت كريمة حنونة ومليئة بالحياة والنشاط تماما كما انت ذكية, وهل تعلمين ماذا بقي منك؟ وجه جميل وقامة رشيقة وروح مثقلة بالمرارة والشك, وكل ذلك بسبب انك تضعين كل اخطاء رجل على كل الرجال, هل تعلمين متى تظهر تلك الشخصية السارقة؟ فقط عندما تصورين او عندما تتحدثين عن صورك, او عندما تكونين مع كانديس, عندما تكونين شخصا اخر."
حدقت به لفترة ثم قالت: "تبا لك, انت لا تعلم مطلقا كيف يمكن ان تشعر المراة عندما تتعرض للاعتداء في ليلة زفافها, لذا لا تحاول ان تنتقدني."
"ما كان عليك الزواج به دافينا."
"هناك امر لم اخبرك به, لم يكن هناك فقط تعريض والدي للافلاس بل ايضا ارساله للسجن لعدم كفاءته في ادارة اسهم الشبكة. هل كنت ستقف جانبا وتترك والدك يتعرض لكل ذلك ولديك الوسيلة لمنعه؟"
اغمض عينيه وتنهد ثم قال: "دافينا انا اسف, لكن لا يمكنك ان تحملي كل هذا الحقد طوال حياتك."
ثم رفع يدها وطبع قبلة على اصابعها وتابع: "من الافضل ان تذهبي الى النوم الان."
استدار وسار مبتعدا عن المنزل في الظلام.
وضعت يدها على شفتها ثم تابعت سيرها نحو جناحها بحزن والم.
نهاية الفصل الخامس وبعتذر عالتاخير مرة تانية