كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
7- المأزق الحرج
مرّت الأيام القليلة التالية خالية تقريبا من الأحداث , كان من الواضح أن صوفي أصبحت تتقبل دور فكتوريا كمربية لها وأنهمكت في تلقي دروسها بحماس محدود ,وشعرت فكتوريا أنها تستمتع سّرا بنجاحها وأزدهرت كالزهرة تحت تأثير التشجيع , لكن خارج حجرة التعليم لم تكن الأمور تسير بهذا الأتجاه فقد رفضت صوفي بأزدراء صداقة فكتوريا وقضت أكثر وقتها على أنفراد , أما في الأصطبلات مع الخيل أو في مكان آخر حول ممتلكات القصر.
أحيانا كانت ماريا في المطبخ أو برفقة غوستاف عندما يقوم بأعماله لكنها لم تكن تحب رفقة فكتوريا , لم تغضب فكتوريا لهذا الأمر علما منها بأن صوفي كانت ترغب في ذلك , كانت مستعدة للأنتظار , فالفتاة تحت عنايتها لمدة لا تقل عن خمس ساعات يوميا ولم تكن تتوقع أنهزاما فوريا في كل جهة.
كانت فكتوريا تملأ يومها بتعليم صوفي وتهيئة الدروس لليوم التالي .
وظلت تتناول وجبات طعامها مع ماريا وغوستاف في المطبخ ولم تحاول مرة أخرى أن ترتدي أحسن ما عندها للعشاء.
تتحاشى ربّ عملها قدر أستطاعتها ألا عندما تكون بحاجة لتوجيهاته حول أبنته.
منتدى ليلاس
قبل بضعة أيام وصلتها رسالة من عرّابتها , كان بصورة مميزة طويلة وفيها وصف مسهب عن الحوادث التي وقعت خلال الأسبوعين من مغادرة فكتوريا لأنكلترا , نوّهت بكل مناسبة أجتماعية حضرتها , وأعطت قائمة مفصلة عن الضيوف , قرأت فكتوريا بالرسالة بنفاذ صبر مدركة أن عرّابتها كانت تتحاشى ذكر مرديت , لكنها فوجئت بها تنوّه به , قرأت العبارة المتعلقة به بفضول لا يمكن أخفاءه :
" أنك تنتظرين بلهفة سماع أخباري حول مرديت هموند , ماذا يمكنني أن أقول عنه؟ كيف يمكنني ألا أستخف بغرور هذا الشاب؟ أنه يعتقد أن له عليك سلطة علوية , أصرّ على مضايقتي بصورة متواصلة , حتى كاد يصير رأسي من الغيظ.
في أي حال جعل نفسه بغيضا جدا ولا يمكن أن أتصوّر ما الذي جذبك اليه , لا يفكر ألا بالمال ويعتبر بأن كل شخص يمكن شراؤه بالمال! تصوّري ذلك! حسب ما تناهى الى سمعي أنه لم يأل جهدا في التفتيش عنك وأجد هذا الأمر الصغير منه مثيرا , أنه يتقفى أثرك , ما هو حالك ؟ لم تكشف الرسالة البريدية ألا القليل.
ماذا يشبه القصر ؟ أتعلمين أنني شديدة الشوق لسماع أخبارك؟ ما هي أخبار أهل القصر؟ هل البارون وزوجته يعاملانك كعضو في الأسرة ؟ هل يستضيفان كثيرا من الناس , أعتقد أنه جبال الألب مناسبات أجتماعية كثيرة في الشتاء , وربما هناك مراكز ألعاب رياضية أو ما يشابه ذلك , قولي لي يا عزيزتي هل ألتقيت بشبان جميلين ؟ آمل ألا تتورطي بعد الآن مع أشخاص غير مناسبين , يجب أن تكتبي لي أيضا عن الفتاة الصغيرة صوفي أفترض أنكما أصبحتما الآن صديقتين حميمتين , كنت دائما أعتقد أن الأنسجام مع البنات أسهل ".
رسالة الخالة لوري أنيقة كما هو شأنها دائما في جميع رسائلها .
شعرت بأرتياح لمعرفة أن مرديت يفتش عنها ويرغب في أعادتها الى لندن وهذا ما جلب الأمان نوعا ما الى شعورها ولو أنها أدركت أنه لو حضر لعندها فسيكون بأمكانها التعامل معه على نحو كامل الآن , وفي اليوم التالي أخبرتها ماريا عند تناول طعام الأفطار بأن البارون سيقود سيارته الى قرية ريشيستين مصطحبا معه صوفي , أكدت ماريا بحزم :
أن الفتاة لم تتناول طعام الأفطار منذ أيام طويلة , أنه لمن المفيد لها أن تخرج مع والدها".
" لا أعتراض لي على ذلك".
رفعت ماريا حاجبيها وأدخلت يديها في العجين تجبله بمهارة:
" على الرغم من ذلك منذ مجيئك يا آنسة لم يخصص البارون غير وقت قليل لأبنته".
ساور فكتوريا الشعور بالسخط لهذا الأتهام وأذا بالبارون يدخل ويحييها بلطف , ويسألها وهو ينزع معطفه السميك المصنوع من جلد الغنم قائلا:
" هل قالت لك ماريا بأنني سأقود سيارتي الى قرية ريشيستين؟".
" نعم يا سيدي البارون".
" حسنا , حسنا , هذا صباح منعش ستتمتع صوفي بهذه الرحلة في السيارة".
" أنا متأكدة بأنها ستستمتع بها".
" هل أنت جاهزة يا آنسة".
كان يراقبها بدقة وهو يزرّر معطفه , وهتفت فكتوريا بصورة غير متّزنة وكانت عيناها مصوبتين بسرعة الى ماريا :
" أنا".
تجهم وجه البارون وقال :
" طبعا ! ألا ترغبين بالمجيء؟".
أطلقت فكتوريا أيماءة لا شعورية , أحست بأن نظرات ماريا مصوبة أليها وتأكدت بأن المرأة المسنة ستقترح بأن تترك البارون وأبنته يخرجان معا لوحدهما.
لم تكن تعرف ماذا تقول أو ماذا تفعل , كان وضعها محرجا , وأخيرا قالت:
" أعتقد أنه من الأفضل ألا أرافقكما يا سيدي البارون".
أومضت قسمات وجه ماريا كثيرا ولكن يظهر أن البارون لم يكن يشاطرها هذا الشعور , قال بحزم :
" صوفي على علم بمرافقتك يا آنسة فلا حرج من هذه الناحية".
" أرجوك , أفضل أن أبقى هنا , عندي أشياء يجب أن أعملها , يجب أن أنظف غرفتي , وأغتسل".
رد بحدة:
" حسنا جدا يا آنسة , فهمت".
وبدون أن ينبس بكلمة أخرى مشى بخطى واسعة الى خارج المطبخ .
|