كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ترددت فكتوريا وألقت نظرة عجلى على ماريا التي كانت مستغرقة في عملها ثم سارت أمام رب عملها عبر الرواق , كانت تتوقع أن ترى صوفي في المكتب وبعد المجاملة المعتادة قال البارون:
" صوفي مرهقة , تناولت طعامها قبل الموعد وهي الآن في فراشها , وعدتها أن أمر بها وأتمنى لها ليلة سعيدة عند رجوعي من العناية بالحيوانات , ربما تعذرينني ريثما أقوم بهذا الواجب الصغير".
" طبعا".
ضائعة في الأفكار التي تراودها وأذا بالباب يفتح مجددا ويدخل مضيفها , وثبت من مكانها بصورة لاشعورية وهي لا تستطيع أن تعي ما حولها , أدركت بعدئذ حقيقة وضعها ووقفت منتصبة عندما سار البارون عبر الغرفة بأتجاه المدفأة.
كان قد بدّل كنزته الصوفية بقميص أبيض من النسيج الصقيل تعلوه ربطة عنق زرقاء داكنة وسترة طويلة ضيقة مطرزة لا أكمام لها من المخمل الداكن , كان يبدو في ثيابه الداكنة أصغر من عمره تساءلت فكتوريا ما أذا كان بدّل ثيابه لأجلها , ولكنها كانت تشك في ذلك .
" حسنا هل أستطيع أن أقدم لك شرابا قبل تناول وجبة الطعام؟".
" شكرا لا ضرورة لذلك , لا أشرب شيئا".
وبعد أن ألقى عليها نظرة عجلى ذهب وسكب لنفسه شرابا أخذ يحتسيه وهو يحدق باللهب ثم نظر الى فكتوريا مرة أخرى وضاقت فتحتا عينيه, وأضاف بأقتضاب:
" قالت لي صوفي أنكما قمتما بعمل شاق هذا اليوم".
طوت فكتوريا يديها في حضنها وقالت موافقة:
" أشتغلت صوفي كثيرا وأصبحت مطيعة , ليست متأخرة على الأطلاق كما جعلتني أعتقد , وستلحق بمستوى مثيلاتها في أقرب وقت , وعلى وجه التخصيص خطها جيد".
تأمل البارون السائل في كأسه :
" وهكذا تعتقدين أننا أجتزنا العقبة الأولى؟".
منتدى ليلاس
تجهمت فكتوريا قليلا وقالت:
" أعتقد ذلك يا سيدي البارون , ولكن لا تتخيل أنني غير متفهمة لوضع صوفي , أعرف أن الطريق أمامنا لا تزال طويلة , وهي متيقنة من أنني لست أقل حساسية من المربيتين الأخريين".
أبتلع البارون ما تبقى من شرابه وأستدار ليسكب لنفسه قدحا آخر , وتساءل متهكما:
" وأنت يا آنسة؟".
" أعتقد ذلك".
" أنك حتما مختلفة يا آنسة".
كانت نظرته مصوّبة اليها بشدة:
" لماذا أخترت تبديل ثيابك للعشاء؟".
نهضت فكتوريا غير قادرة على الجلوس في هذه الحظة من التدقيق :
" كما قلت يا سيدي البارون , تعبت من أرتداء البنطال , هذا الثوب ليس بذاته رسميا".
" ثوب طويل ليس رسميا".
" طبعا لا , في أنكلترا ترتدي السيدات الفساتين الطويلة عند األأفطار وعند العشاء".
" كما ترين أنني من الطراز القديم".
كان بود فكتوريا أن تقول بأن ملابسه لم تكن من الزي القديم , بالعكس كان دائما يبدو وسيما في كل ما يرتديه وذلك بسبب طول قامته , كبحت رغبتها في هذه الأقوال وقالت بدلا عنها:
" أنني الآن أسألك عن ملابس صوفي يا سيدي البارون".
كانت عيناه باردتين فأجاب:
" آه نعم".
ترددت فكتوريا وكانت تختار كلماتها بعناية فقالت:
" أن ملابس صوفي ليست جذابة تماما , أليس كذلك؟".
" ماريا تحيك لها ثيابها , أنها ماهرة".
" هل من الضروري أن تكون هكذا واسعة وعملية؟ أنها بحاجة الى ألوان زاهية تزيل شحوب قسمات وجهها , أنها بحاجة لثوب يتفق مع الزي السائد".
" هل تذمرت صوفي؟".
" طبعا لا , أنا لا أزال في طليعة أعدائها !".
شد البارون على شفتيه بصورة طفيفة:
" أذن هذه هي فكرتك , محاولة أخرى لكسب ثقتها؟".
" آه ما الفائدة! يمكن القول أن تعبيرك يدل على عدم تأثرك".
أصبحت نظرات البارون دكناء.
" هل هذه هي الطريقة التي يتعامل بها أحد المستخدمين مع رب عمله في أنكلترا؟".
" لا أعرف ذلك , لم أستخدم أي شخص قط !".
تذكرت قصة كانت قرأتها مرة حول أمير وفتاة فلاحة , حتما كان للبارونبعض اللحظات يثبت فيها منزلته الرفيعة وهذه اللحظة هي أحداها. فقالت :
" لا أعني ذلك , أجد فقط أن وضعك غير منطقي".
" غير منطقي يا آنسة؟ وكيف؟".
شعرت فكتوريا بأنها تخوض شيئا فشيئا في ماء متجمد , بدأت تتكلم كلاما غير مناسب.
" حسنا , أن مشاكل صوفي لا يمكن حلها في حجرة التعليم".
" أنها حتما المشاكل التي لها علاقة بك يا آنسة".
حدقت فكتوريا فيه بنفاذ صبر وصاحت قائلة:
" لماذا أنت لدقيقة واحدة هادىء ولطيف وفي الأخرى تنفجر تماما بوجهي؟ أنا لا أحاول أن أتدخل في شؤونك الخاصة , أريد فقط أن أساعد صوفي بأية وسيلة كانت1".
بات البارون مستشيطا غيظا الآن , رأت ذلك في عينيه المتجمدتين المتلألئتين , وفي صلابة فمه وفي الخطوط العميقة المرسومة حواليه , أحتسى الكأس الثانية من الشراب ثم أعاد الكأس على المنضدة محدثا قرقعة واضحة , ونهض منتصبا على قدميه وقال بحدة:
" من الأفضل لك أن تساعدي صوفي وتساعدي نفسك بتوجيه نشاطاتك بأتجاه الأمور الدراسية الرسمية! لا أريد أن تملي عليّ الأوامر من فتاة وصلت الى ربشيستين منذ أقل من شهر".
|