كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
أطلق تنهيدة خفيفة وهو يفتح الباب المؤدي الى الجناح الثاني.
" لا قدرة لأكثريتنا على تحمّل نفقات صيانة هذا البناء الضخم , أعرف تمام المعرفة أن بيع القصر الى نقابة مهنية أو ربما تحويله الى فندق للسياحة سيكون عملا تجاريا رابحا".
ثم هزّ كتفيه أستهجانا وقال:
" أنني بطبيعتي لست رجلا أجتماعيا , مشهد تعبئة المبنى بثرثرة من يقضون العطلة من المرتدين ملابس ما بعد التزلج المبهرجة تملأني أشمئزازا , لذلك نعيش عيشة بسيطة غير مزودين بالتجهيزات العصرية".
كانت فكتوريا مرهفة السمع اليه , وكان ينظر اليها نظرة تشوبها بعض السخرية وسألها وهو يسير عبر الردهة الطويلة الى مكتبه ومنهالى غرفة صوفي وفكتوريا تسير وراءه:
" هل تعتبرين ذلك حماقة؟".
" بالعكس لا يمكن لأي أنسان أن يجد أشياء كهذه أكثر أهمية من المال , أنها أثر رائع".
" أأنت واثقة من أنك لا تهزأين بي؟ حتما امال هو أساس هذا العصر".
أرتسمت أبتسامة على شفتي فكتوريا وقالت:
" أعتقد ذلك على الرغم من أن معظم الناس يجدون أنه لكي يعيش الأنسان على ما يرام يجب أن يحظى بالأمان وهذا لا يتوفر تحت وطأة الضغط والتوترات العصرية ألا بالمال الذي يؤمن الأستقرار".
" نعم ربما كان ذلك , القصر هو منزلي وأنني مستعد لعمل أي شيء لأبقائه على حاله".
وبينما كانت فكتوريا تتقبل هذه الملاحظة كان البارون قد توقف عند أحد الأبواب وفتحه وسمح لفكتوريا أن تتقدمه الى غرفة صوفي.
كانت شقة جذابة للسكن , جدرانها مغطاة بصورة بديعة بورق ورسوم وتجهيزات كاملة يمكن أن تحتوي أكثر لعبها , أما فراشها فكان يبدو ضخما كفراش فكتوريا وكانت صوفي تبدو ضائعة فيه , والواقع كان يبدو عليها الشحوب وشكت فكتوريا بأن سبب وجود مدفأة ضخمة تشتعل في الغرفة الخالية من الهواء الطلق.
منتدى ليلاس
شابت سمة دكناء سحنة صوفي عندما رأت من كان برفقة والدها ولو أن زيارة فكتوريا نصف مقبولة فقد أعتذرت لعدم مجيئها الى هنا من قبل.
تقدم البارون من الفراش وجلس قربها وقال:
" هل تشعرين بتحسن يا حبيبتي؟".
أمسكت صوفي بيديه ونظرت اليه بهيام:
" أنني على ما يرام يا أبي".
ثم أستطردت قائلة بنعومة:
" أنك تعلم كم تكون أوجاع الرأس مؤلمة في بعض الأحيان؟".
أجال البارون يده الناعمة فوق جبينها وقال:
"أعلم ذلك , أبقي في محلك وسأطلب من ماريا أن تحضر لك شرابا باردا".
كانت فكتوريا واقفة قرب الباب فشعرت أن هذا أكثر مما ينبغي , على أن والد صوفي أستدار وقال:
" أنظري , جاءت الآنسة مونرو لتستفسر عن حالتك الصحية , لقد أصيبت بخيبة أمل كبيرة لعدم أبتدائك الدروس في هذا اليوم".
أزدرت صوفي هذا الكلام ولكنها لم تتفوه بأي كلمة أما فكتوريا فأبتسمت أبتسامة باهتة , كانت تشعر بأن صوفي لا تزال تؤدي ألاعيبها لذلك من الصعب بيان أية عاطفة لا تشعر بها نحوها وبدلا من ذلك قالت:
" الغرفة مغلقة جدا هنا يا سيدي البارون ألا تعتقد أن قليلا من الهواء يفيد صوفي؟".
حرر البارون نفسه من يدي أبنته ومشى في الغرفة.
" نعم ربما أنت على صواب يا آنسة؟ هنا جو حار غير صحي , هل ترغبين يا صوفي بأن نفتح لك أحدى النوافذ؟ تستطيع ماريا أن تغلقه عندما تحضر لك شرابك".
قطبت صوفي حاجبيها وقالت:
" ألا تجلس معي يا أبي؟".
أجابها البارون والأبتسامة تعلو شفتيه :
" لا يمكننا أن نقضي جميعا أيامنا في الفراش , هناك أعمال يجب القيام بها".
قال ذلك برشاقة محاولا أشاعة الأبتهاج في نفسها.
أمتقع وجه صوفي وهتفت:
" وعدتني بأن تأخذني معك عندما ستذهب الى القرية".
" لا تخافي سيتحقق هذا الأمر في المرات المقبلة والآن سنتركك للراحة".
قطبت صوفي شفتيها أستياء ولم تجب بشيء , أشار البارون الى فكتوريا أن تسبقه الى الخارج , وما أن أصبح في الرواق حتى هز رأسه بشدة قائلا:
"أنها لمحنة كبيرة هذا الصداع الذي ينتاب صوفي من حين لآخر".
أخفت فكتوريا غيظها وسألته قائلة:
" هل فحصها طبيب؟".
" نعم ولكن بدون فائدة".
" أن الأمر غير خطير أذن , ربما كانت بحاجة الى نظارات".
ألقى عليها البارون نظرة عجلى تتسم بالهزل وقال بجفاء:
" هذا الأقتراح غير ملائم لأبنتي يا آنسة".
عندما قادرت السيارة نحو القصر في المساء منذ يومين كان الظلام قد بدأ يرخي سدوله فلم تستطع رؤية ما حولها , كانت المنطقة عبارة عن سلسلة من الوديان بعضها الآخر مع ممرات ضيقة فيما بينها , أشارت مرة فكتوريا الى برج مبني من الحجر ظاهر فوق الأشجار , فسرد لها البارون قصة ذلك البرج وهو أنه كان ديرا ولكن لم تكن فيه غير منازل قليلة , لفتت أنتباههما مداخن السطوح والدخان المتصاعد فقطبت وجهها وقالت:
" هل هناك مزارع كثيرة في هذه الأرجاء؟".
أدار البارون سيارة الستايشن حول منعطف حاد قبل أن يجيب:
" هناك مزارع كثيرة ولكن بسبب وضع الأرض لا يمكن رؤيتها جميعها من الطريق , في أشهر الصيف تجدين نشاطا أكبر بكثير , الآن الحيوانات قابعة في زرائبها والتربة مدفونة تحت طبقة كثيفة من الثلوج".
|