كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
كان جالسا قرب المدفأة الضخمة , ولهيب النيران يحوّل لون شعره الى ذهبي متوهج , وكلب الصيد الآخر جالسا قربه بدون حراك , عندما رآهما فريتز قفز نحوهما بفرح وهو يحتك بساقي سيده , رفعت فيكتوريا معطفها وقالت بلطف:
" قمنا بنزهة أنا وفريتز , أنه حقا لمنعش التنزه في الهواء الطلق".
تحرك البارون ورأت فيكتوريا أن صوفي كانت جاثمة فوق مقعد خشبي قرب المدفأة تدفىء رجليها , كانت تبدو على ضوء الجذوع المشتعلة وكأنها قطة , ألقت على فيكتوريا نظرة وقحة ثم تطلعت الى والدها بهيام , قال البارون لها بنبرات حادة:
" هل فكرت بأن تسخري مني الليلة الماضية يا آنسة؟".
تجهم وجه فيكتوريا عند سماعها ملاحظته المحيّرة فأجابت وهي تهز رأسها:
" أخشى أنني لم أفهم ما تقصده يا سيدي البارون".
طوى البارون ذراعيه وقد بدا السيد الأقطاعي في كل ذرة من ملامحه , قال بنبرة كئيبة:
" الكلبان , تظاهرت بالجين أمامهما ( والآن تبدين بأحسن حال مع فريتز حتى أنك خالفت أوامري المتعلقة بالحيوانات".
أجابت فيكتوريا بغضب وأقتضاب:
" أذا كنت لا تعير أي أهتمام لما أقوله فيبدو أنك تريد أن تجادل حول مسألة تافهة , لم يكن خوفي في الليلة الماضية سوى حقيقة بصورة مطلقة , ولكن كما ترى أصبحت وفريتز صديقين".
" بل أريد منك أن تطيعي التعليمات".
بكل تأكيد لم يكن البارون معتادا أن يتلقى أجوبة من هذا النوع من مساعديه.
" لم تصدر تعليماتب بخصوص الحيوانات لتبقى مجرد حبر على ورق , بل لتطبق بحذافيرها , وعلاوة على ذلك يجب أن لا يكون موقفك من الوظيفة اللامبالاة بل عليك أن تعيريها مزيدا من الأهتمام".
رأت فيكتوريا وجه صوفي الصغير بنفسه وأرادت أن تصرخ لكنها بدلا من ذلك تمالكت أعصابها وقالت بنبرات تشوبها السخرية:
" ماذا تقصد بكلامك؟".
منتدى ليلاس
" بعد محادثتنا هذا الصباح توقعت أن تبتدئي بأعطاء دروسك لصوفي وبدلا من ذلك أختفيت مدة تزيد عن ساعة مع حيوان مزاجه الخاص غير موثوق به".
حدقت به فيكتوريا لفترة طويلة ثم أنصرفت , قال لها البارون بنبرات جافة:
" الى أين تذهبين؟".
خطت فيكتوريا الى الوراء وقالت بحذر:
" كنت ذاهبة الى غرفتي لأحزم أمتعتي".
مشى البارون بخطى واسعة أمامها وعلائم الغضب بادية على وجهه ثم صاح بنبرة حادة:
" ما هذه الحماقة؟ لا يجوز يا آنسة أن تتصرفي بأهتياج لمجرد حديث معك".
حملقت فيكتوريا به غاضبة وهتفت قائلة:
" أتسمّي هذا حديثا أمام فتاة صغيرة في التاسعة من عمرها........".
أجاب البارون بنبرة فاترة:
" أنه عبارة عن نصح وتحذير , من غير ريب لي الحق بصفتي رب عملك أن أسأل عن تحركاتك خلال الساعات التي أتوقع أن تقومي فيها بمهمتك".
داست بقوة على رجليها وأزالت آثار الثلج المتبقية على حذائها العالي الساق ثم رفعت بصرها اليه بكره وقالت:
" حسنا جدا , ربما كنت ذات حساسية شديدة في هذا الصباح".
تطلعت نحو صوفي فتشجعت عندما رأت أن صوفي بدأت تبدو مرتبكة.
فسأل بغرابة مركزة:
" ما الذي جعلك شديدة الحساسية يا آنسة؟".
ثم ألقى نظرة عجلى نحو صوفي قائلا:
" هل لأبنتي صوفي علاقة بهذا الأمر؟".
أصبح أكثر قدرة على الفهم عندما بدت صوفي أنها هي المقصودة بالحديث , ولم يعد ضروريا أن تبررر فيكتوريا موقفها وأن تسرد الحكاية وتهدم أحترام ذاتها وتنشىء عداوة مع صوفي في المستقبل , فرحت بأنفتاح باب مدخل الممر في تلك اللحظة حيث دخلت ماريا حاملة صينية عليها جرّة من الحليب الساخن وأخرى من القهوة وثلاثة كؤوس كبيرة وضعت الصينية على المنضدة الطويلة المصقولة , ترك البارون فيكتوريا وأقبل على ماريا والأبتسامة ترتسم على شفتيه وأومأ برأسه محييا بلطف:
" شكرا ماريا هذا ما يرحب به الجميع".
أحمر وجه ماريا خجلا وتطلعت الى فيكتوريا وقالت بشيء من الأرتياح :
" وهكذا رجعت يا آنسة , كان غوستاف على وشك الذهاب للبحث عنك".
" عني ولماذا؟ لم أكن ضائعة؟".
أذن البارون لماريا بالأنصراف بهز رأسه وبعد أن تركتهم المرأة المسنة قال:
" الطقس رديء في هذه الجبال , أن عاصفة ثلجية مفاجئة يمكن أن تفسد تقدم أكثر متسلقي الجبال خبرة فيهوون ويغطون بالزكام".
" لم أكن أتسلق الجبال , كنت أتمشى خارج أسوار القصر , هذا كل ما في الأمر".
" مع فريتز , حيوان لا تعرفين عنه شيئا... أشاع الرعب في أوصالك الليلة الماضية".
شعرت فيكتوريا الآن بأنها أصبحت متمردة فقالت وقد نفذ صبرها:
" ماذا تريد يا سيدي البارون أن أقول؟ أنا آسفة لأنني سببت لكم بعض القلق ولكن بالتأكيد لم أقصد ذلك , عندي الأدراك الكافي بعدم محاولة السير بعيدا عن القصر بدون حرس للحماية".
" يسرني ذلك".
|