كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ضربت الأرض بقدميها وهي نافذة الصبر وراحت تجول حول المطبخ كانت هنالك قطع كثيرة من الخشب ولكن لم تجد واحدة منها ملاءمة لما هي بحاجة اليه , والخشبة التي وجدتها ستكون عديمة النفع لفسادها , هل بأمكانها فتح مصاريع النوافذ التي وراءها وتخرج منها بهذه الطريقة؟ هل يمكن أن يكون خشب مصاريع النوافذ فاسدا أيضا؟ ومع أنها حاولت أزاحة الأقفال ذهب تعبها أدراج الرياح , فالذي ثبّت هذه النوافذ والأبواب حعلها محكمة بصورة لا يستطيع المهاجمون أن ينجحوا في أقتحامها والدخول الى القصر , الحيوانات وحدها تستطيع ولوجها جيئة وذهابا من خلال الفجوة , أما هي فلم تكن صغيرة الجسم لتزحف عبر الفجوة , في تلك اللحظة سمعت صوت نبش بالأظافر ورأت القطة الأم عائدة من جولتها بحثا عن الطعام فكشفت عن أسنانها لفكتوريا التي أدركت أن الهرة كانت برّية , أصبحت الآن حبيسة مقفل عليها في مطبخ غير مستعمل وفي جناح مهجور وبرفقتها قطة متوحشة معادية , تتالت أفكار كثيرة في ذهنها , فكرت بكتابة رسالة على ظهر القطة على أمل أن يجدها شخص ما ولكن هذا كان بدون ريب غير ذي فائدة أذ ربما لا يشعر بها أحد وربما مزقت القطة يديها لو حاولت لمسها.
ما عساها تفعل؟ أخيرا جرت المقعد بأتجاه الفجوة , كان من الصعب وضع أي ثقل وراء هذا المقعد الثقيل ولكن المحاولة كانت ضرورية , وبعد أن رفعت طرفه جرت نحو الباب تدفع المقعد أمامها فأصطدم الباب بقوة ووسع الفجوة التي تنفذ منها القطة بضع بوصات فقط لا تفي بالغرض , كان عليها أن تحاول هذه الطريقة في الطرف الآخر من المقعد ,قامت بعدة محاولات وشعرت بالدموع تسيل من مقلتيها كان المقعد الخشبي الطويل ضخما يصعب تحريكه ونقله , راحت تلهث من الفزع , أدارته عموديا وجلست عليه وقد أخذ التعب منها مأخذه , نظرت الى الباب بغضب وبعينين مغرورقتين.....
أتسعت فتحتا عينيها ذهولا ووثبت فوق المقعد الخشبي الطويل فلم يؤد الأصطدام الى خرق الخشب فوق الفجوة التي تنفذ منها القطة بل أدى الى نتيجة أخرى جيدة , ولو أن الأبواب كانت صلبة وقاسية فأن ما يطوقها كان معطوبا بالرطوبة كما كانت أشياء أخرى لم تتبينها جيدا.
كانت ضرباتها المستمرة على القسم الأسفل من الباب قد أدت الى تليين المسامير المعلقة بالمفاصل وأصبح الآن نصفها معلقا خارج الدعائم , ودفعت بالمقعد الخشبي الطويل جانبا وتشبثت بالمفصلة العليا , تكسرت أظافرها بأندفاعها السريع ولكنها لم تكن تهتم بيديها.
أنفكت المفصلة تماما وبقيت معلقة بالباب وبسرعة عالجت الأخرى أنها صعبة المنال لكن أهتياجها على درجة عظيمة مما جعلها تحرز قوة جبارة وبمثل لمح البصر أصبح الباب طليقا , كان فتحه أكثر صعوبة فلم يكن هنالك مقبض , أخذت تشد بقوة على المفاصل لتجعل الباب يتحرك , صفرت الريح بضراوة عبر الشقوق فبردت أصابعها وأوصالها بشدة وأصبحت جليدية وبدأت ترتعش من هواء الليل القارس , لا بأس بذلك طالما أنها بدأت تحرك الباب بيديها ولو ببطء وما هي سوى دقائق حتى كان بأستطاعتها أن تشق طريقها بالضغط خارج الغرفة.
ما رأت السماء من قبل في أبهى جمالها كما هو حالها في تلك الليلة كما أن الريح الشرقية الباردة كانت جذابة , وبذراعين وكتفين أصابهما الألم مشت بخطى واسعة سريعة عبر الطريق الى الساحة الداخلية ومن هنالك عبر الأبواب الرئيسية , أذا صادف أن هذه الأبواب كانت موصدة فعليها أن تذهب الى المطبخ على أمل أن ماريا وغوستاف غير نائمين.
وكم كان ذهولها عظيما عندما وجدت أضواء غرفة الجلوس الكبرى تتلألأ عبر الساحة وأضواء في كثير من الغرف , لم تر قط القصر متألقا هكذا بالأنوار من قبل وجرت الى المدخل بلهفة , من الممكن أنهم أفتقدوها؟
كان الوقت متأخرا لكن ربما ظنوا أنها في غرفتها , أندفعت تفتح باب الردهة وأذا بغوستاف يمر من هناك آتيا من المطبخ فحدّق بها وهو لا يصدق عينيه.
" يا ألهي أين كنت يا آنسة؟".
ثم بدأ بسيل غير منسجم من العبارات باللغة الألمانية , أغلقت فكتوريا الباب الخارجي ومشت بسرعة نحو النار التي كانت تتّقد بصورة زاهية في المدفأة , دارت حولها بسرعة مدفئة جسمها بينما كان غوستاف يفوه بكلام لا يعبّر عن مجاملة ثم أستدار وتوارى من حيث جاء.
جلست فكتوريا في المقعد الخشبي الطويل وتطلعت الى الباب الضخم الذي كان يقود الى الجناح الشمالي , بدأت ترتجف خوفا سيمضي وقت طويل قبل أن تفكر بالذهاب اليه مرة أخرى , تساءلت أين فريتز وهيلكا , لم يكونا في مكانهما المعتاد قرب المدفأة وفيما أذا كان البارون قد أصطحبهما معه لنزهة خارج القصر , اللهم ألا أذا كان يفتش عنها وأخذ الكلبين معه , طبعا ماريا كانت تعلم أنها لم تترك القصر , فجأة حدثت ضجة عارمة في باب الردهة وأذا بالشخص الذي كانت تفكر فيه منتصبا واقفا على الباب ويحدّق فيها بغضب لا يصدق عينيه.
كان غوستاف يحوم وراءه , ولاحظت فكتوريا أن الرجلين يرتديان معاطف غليظة وأحذية عالية الساق كأنهما آتيان من الخارج.
|