كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
10- الغوص في الماضي
مر اليوم بسرعة زائدة , حملت ماريا الى فكتوريا خبرا هو أن البارون وضيفته وصوفي لن يرجعوا الى القصر قبل موعد تناول الغداء.
سمعت صوت سيارة تدخل ساحة القصر فنهضت ومشت نحو النافذة لترى من القادم , كانت سيارة الدكتور زيمرمن , ورآها تتطلع في الخارج فلوّح بيديه محييا كما فعل في المرة السابقة , لم تفكر في هذا الوقت بالذات أذا كان يستطيع تسليتها بغياب البارون , كان يريحها جدا أن تجد شخصا تتحدث معه ويصرف أنتباهها عن الجو الخانق الذي يكتنفها , فتحت له الباب عند وصوله وأرتسمت أبتسامة على وجهه عندما رحّبت به بسرور , قال مقلدا نبرات البارون العميقة:
" ماذا تعملين هنا يا آنسة؟ هل تنتظرين رجلا ما؟".
أبتسمت فكتوريا وقالت:
" لا تكن سخيفا يا كونراد , تفضل وأدخل , الجو متجمد في الخارج , قال البارون أنه طلب منك الحضور لزيارتي , لم يكن بحاجة لذلك من الوجهة الطيبة أذ أنني على أتم ما يرام صحيا".
" هل هذا صحيح؟ لماذا كنت تتسلقين المرتفعات أذن؟".
" كنت أحاول القبض على هيلكا , رفضت المجيء معي عندما ناديتها فحاولت الأمساك بها".
" هذا صحيح".
هز رأسه علامة الموافقة , ووضع حقيبته الطبية فوق المنضدة.
" بما أنني هنا فسألقي نظرة على الأصابة وعندئذ ربما دعتني ماريا لتناول الغداء".
نزع معطفه وأردف قائلا:
" أذا لم تقع حالة طارئة وهذا ما لا أتوقعه فأنني حر لمدة ساعتين , كنت أتوقع أستقبالا أكثر حرارة".
" آسفة , أشعر بأنني لست حرة بأن أستضيفك وأنا مجرد مستخدمة هنا".
" لا بأس ماريا ستسمح لي بذلك , تناولت طعام الغداء هنا مرات عديدة عندما كان هورست خارج القصر طوال اليوم".
فتح حقيبته الطبية وقال:
" أرني رأسك".
منتدى ليلاس
بقي كونراد حتى ما بعد الظهيرة جالسا في المطبخ مع المرأتين يمتعهما بسرد النوادر المضحكة عن مرضاه , تراءى لفكتوريا أنه شخص لطيف فتساءلت لماذا أقحمها قدرها المشؤوم بين أناس كانوا على خلاف ذلك".
بعد ذهابه بقيت مع ماريا تلمس بأصابعها سطح خزانة الأطباق وأدوات الطهو اللامعة وترفع قدرا صغيرا ذات مقبض متألقة تتفحص مظهرها الخارجي وهي مستغرقة في التفكير , ثم أستدارت وقالت:
" من هي والدة صوفي يا ماريا؟".
بقيت ماريا لحظة ثابتة في مكانها ثم قالت أخيرا:
" آه , لا شأن لي بذلك يا آنسة".
فتنهدت فكتوريا:
" لماذا كل هذه الأسرار ؟ كل من أسأله يمتنع عن التكلم حول موضوع هذه المرأة , لماذا؟ ماذا حدث؟".
" لماذا لا تسألين البارون يا آنسة؟".
" قال لي البارون هذا الصباح أن والدة صوفي تعيش في ستوتكارت , هل هذا صحيح؟".
أجابت ماريا:
" أذا كان سيدي البارون قال هذا فمعناه أنه صحيح".
" وقال أيضا أن لا زوجة له".
" هذا أيضا صحيح يا آنسة".
" على أنني عندما سألتك عند حضوري أين البارونة قلت أنها ليست هنا ملمحة الى أنها في مكان آخر".
هنا أومأت برأسها موافقة:
" هذا صحيح , البارونة هي والدة البارون , تأتي الى ريشيستين في الصيف ولكن في الشتاء حين يشتد البرد تبقى في فيينا مع شقيقته".
أستوعبت فكتوريا هذا الكلام بصعوبة , وهكذا فللبارون والدة وشقيقة , تخيلت بطريقة أو بأخرى أن البارون آخر شخص منحدر من أسرته بأستثناء صوفي طبعا , قالت أخيرا:
" فهمت , وهكذا فأن والدة صوفي لم تكن البارونة".
" آه لم أقل ذلك يا آنسة".
" هل تعنين أنهما تطلّقا؟".
أرتبك وجه ماريا فجأة :
" سيدي البارون لا يؤيد الطلاق".
" وهكذا لم يتزوجا قط".
" بلى أنهما تزوجا في الكنيسة الصغيرة الجميلة الواقعة في ضواحي القرية , لقد شاهدتها وكانت ترتدي ثوبا مزركشا مصنوعا في البندقية ,كم كان جميلا؟".
هزت ماريا رأسها والألم يعصرها لهذه الذكرى المرة , تجهم وجه فكتوريا وهتفت بيأس:
" أعتقد أنك تحاولين متعمدة بلبلة أفكاري".
رفعت ماريا حاجبيها:
" ربما يا آنسة أكون كذلك".
ثم هزت كتفيها أستهجانا :
" في أي حال لم يبق البارون بعدئذ كما كان عهدنا به".
بقي شيء واحد كانت ترغب في أيضاحه , سألتها بتردد:
" قولي لي يا ماريا , هل البارون يكره الشعر الطويل؟".
كان هذا السؤال يبدو سخيفا وأنتظرت الجواب وهي محتارة , رفعت ماريا بصرها اليها وقالت:
" كان شعر والدة صوفي طويلا , أعتقد أن سيدي البارون فكر بها عندما رأى شعرك الطويل ".
في الأيام القليلة التالية لم تر البارون والآنسة سيباغل لم تغادر القصر في يومين كما كان متوقعا , وأذا كانت أسباب بقائها أكثر من ذلك غامضة بالنسبة الى فكتوريا , فلم تكن كذلك بالنسبة الى صوفي .
|