كاتب الموضوع :
قلب حائر
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
" قمت بالانعطاف بصورة مخالفة للقانون ...والسبب فى ذلك هو ان الرؤية محجوبة كليا.
واخرج الدفتر الخاص بمخالفات السير ثم حدق عن كثب بحمولة السيارة وسأله "ما هذا؟ هل سرقت متجرا؟".
كان من السهل عليه ان يمئ بالايجاب ليرى ما قد يحصل ...
"هل تحمل فاتورة بهذة المشتريات؟".
ناوله مايكل الفاتورة .
" حسنا اشتريت خمسين معطفا ...فما الغايو من ذلك؟".
اراد مايكل ان يجيبه ان الامر لا يعنيه لكنه ادرك ان مزاج الشرطى لا يسمح له بتقبل رد مماثل .
قال على مضض وقد شعر بالانزعاج لظهوره فى مظهر فاعل الخير " اشتريت هذة المعاطف من اجل جمعية بابا نويل السرية ".
اغلق الشرطى دفتر مخالفات السير على عجل واعاده الى جيب قميصه"وهل كنت ذاهبا لتسليمها؟".
لم يشأ ان يقول له انه كان ذاهبا لتسليمها ثم عاد وغير رأيه لئلا يثير ارتباكه , واكتفى بايماءة من راسه.
نظر الشرطى الى الطريق المزدحم بالسيارات وقال "هذة حال واشنطن فى هذة الساعة من النهار ...هل كنت تنوى ان تسلك طريق ويلمور؟".
ارتأى مايكل ان يكون صريحا معه فأجابه "فى الواقع , قررت العودة الى المنزل وتأجيل تسليم المعاطف الى وقت لاحق".
قطب آدامز جبينه وهو ينظر الى زحمة السير الخانقة , غير ان اساريره ما لبثت ان انفرجت وصرخ قائلا " علينا ان نسلم المعاطف الى جمعية بابا نويل السرية بسرعة ...اتبعنى ".
وتغيرت تعابير وجهه ولغة جسده وقد غمرته الحماسة لمشاركته فى هذا العمل الخيرى .
وبخ مايكل نفسه فى سره بعد ان وجد نفسه متوجها بمواكبة سيارة الشرطة الى المكان الذى قرر منذ لحظات قليلة الا يطأه ثانية...تملكه التوتر وهو يتساءل الى اى مدى سيتمكن من الآن وصاعد من التحكم فى امور حياته
كان الحى معتادا على سماع دوى صفارات سيارة الشرطة , دوى اصبحت كريستين قادرة على تجاهله تماما كالموسيقى التى تصدح فى المصعد ...
توافد المتطوعون بأعداد هائلة طوال فترة بعد الظهر , لكنهم غادروا جميعا قبل موعد العشاء وتركوها وحدها .
حملت كريستين الكتيب والسعادة بادية على وجهها , وراحت تتأمله عن كثب .
كانت القطعة التى تحمل اسم " حب فى منزل صغير فى البرارى"جميلة ايضا لكنها لا تضاهى قطعة "فارس فى درع لامع ".
ازداد دوى الصفارات حدة وكأنها تدعوها ان تعيرها اهتمامها, واضاء اللونان الاحمر والازرق مكتبها فجأة ...فوضعت الكتيب جانبا وقد تملكها الفضول , وتوجهت نحو النافذة الامامية ورفعت طرف الورق اللاصق الذى تستخدمه لئلا يختلس الاولاد الفضوليون النظر الى ما يخبئه بابا نويل لهم فى كل سنة.
توقفت سيارة فخمة , سوداء اللون امام مكتبها فظنت للوهلة الاولى انها من نوع هوندا ...وبفضل الخبرة التى اكتسبتها من خلال عملها فى هذا الحى , ادركت على الفور ان تلك السيارة تختلف كليا عن السيارات السريعة المفضلة لدى مروجى المخدرات...
توقف دوى صفارة الانذار ...وترجل الشرطى من سيارته فحذا سائق السيارة الاخرى حذوه ...انه هو ...لما عاد الى هنا؟.
تمنت كريستين فى سرها ان يفرض الشرطى عليه غرامة مالية لمخالفته القانون , رافضة التساهل معه لانه وسيم , وشديد الثقة بنفسه ويقود سيارة مماثلة ...سيارة تسلط الضوء على اناقته , ورجولته النابضة وتؤكد لها كم هو صعب المنال بالنسبة الى فتاة مثلها.
وسمعت صوتا فى داخلها يقول لها بنبرة قاسية :عليك ان تجيدى اللعب لتتمكنى من نيل مطلبك .
وهذا ما لا تجيده ابدا ..حسنا ...عليها الاعتراف بانها تمر بين الحين والآخر بلحظات ضعف , كما حصل بعد ظهر اليوم ...انها الطبيعة البشرية ...ولكن كريستن مدربة خير تدريب على ضبط النفس , فالحب سريع العطب , وسهل الكسر وغير جدير بالثقة.
لكنها وجدت نفسها تتامله مفتونة وهو يتوجه نحو الشرطى بثقة فائقة فى النفس ...صحيح ان الشرطة لم تجبرها يوما على ركن سيارتها الى جانب الطريق , الا انها تعى تماما انه يفترض بالسائق ان يلازم سيارته ...ويتم التشدد فى تطبيق هذة القاعدة فى هذا الحى حيث يشهر السلاح فى وجه المرء وتوجه اليه الشتائم من كل حدب وصوب!غير انها لم تر احدا يشهر السلاح فى وجهه او يوجه اليه الشتائم ..كلا..بدا على وفاق تام مع الشرطى .
اطلقت كريستين تنهيدة طويلة وقد ادركت انه من النوع الذى يتمتع بالثقة فى النفس ...ثقة تجلت من خلال سهولة تعامله مع الشرطى من دون خوف او ارتباك
بدا الشرطى وكأنه يحرر مخالفة سير , فاخذها الرجل منه من دون ان ينظر اليها ووضعها فى جيب سترته الجلدية ...لم يكن يشعر بالبرد مع ان الليل ارخى سدوله واخذت الحرارة فى الانخفاض .
فى المقابل , كان الشرطى يتنقل من رجل الى اخرى وقد احنى كتفيه من شدة البرد.
علا صوت جهاز اللاسلكى فى سيارة الشرطى فهرع هذا اليها ..ولم تكد تمضى دقائق قليلةحتى دوت صفارة الانذار من جديد وانطلق الشرطى بسيارته مسرعا.
اتكأ الرجل على باب سيارته حاملا بين يديه ..المعاطف ..وعندما رأته يسير مترنحا نحو باب مكتبها , هرعت الى الخارج وامسكت باحدى السترات قبل ان تقع ارضا ..كانت السترة زهرية اللون ومزينة بالفراء , سترة لا يعقل ان يختارها رجل مثله .
سبقته الى الداخل لتبعد الاغراض المتراكمة على الطاولة ...ثم قالت له لاهثة" ضعها هنا".
وقفت تحدق فيه مذهولة وهو يضع المعاطف البالغ عددها عشرين تقريبا على الطاولة ...لم يشتر سلعا قديمة مستعملة ...بل اختار معاطف جديدة من متجر فخم , ومن كافة الاشكال والالوان والمقاسات ...كانت بطاقات الاسعار لا تزال معلقة بها ..
" سأجلب ما تبقى".
" ما تبقى؟".
" قلت انك بحاجة الى خمسين معطفا".
شعرت بغصة الانفعال تسد حلقها وتكاد تخنقها ...
اثناء خروجه الى السيارة وعودته حاملا كومة اخرى من المعاطف , استعادت كريستن رباطة جأشها وكأنها معتادة دوما على استلام معاطف جديدة على سبيل الهبة.
لسوء الحظ كانت سترة زهرية اخرى مزينة عند الكمين والياقة بالفراء تعلو كومة المعاطف.
قالت له اخيرا وقد شبكت ذراعيها فى محاولة منها لمواجهة المشاعر التى تعتمل فى داخلها " حسنا...من انت؟".
مد يده مصافحا واجابها " مايكل برويستر".
مدت كريستن يدها لتصافحه بدورها فاحست بقشعريرة تسرى فى اوصالها ...ونجحت فى ان تتمتم "كريستن موريسون
ردد اسمها ببطء...ما هى النبرة التى سمعتها فى صوته ؟ اهى نبرة المفاجأة؟.
هذا غير عادل ...كيف يعقل ان يكون وسيما , وشديد الثقة بنفسه وطيب القلب فى آن معا؟ كريستن فتاة واقعية وتدرك معنى الحياة ..وحقيقة الرجال ..فجميعهم خونة مثل جيمس, وزوج اختها الذى اوحى للجميع بأنه رجل كريم الاخلاق ولا يعقل ان يتورط ابدا فى علاقة مع سكرتيرته...
|