كاتب الموضوع :
قلب حائر
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
9- ينبوع الماء العذب
تسعة أيام قبل حلول عيد الميلاد ....
ركن مايكل سيارته أمام المبنى الواقع عند طرف الشارع على مقربة من مكتب جمعية بابا نويل. لم يكن وكيل العقارات قد وصل بعد فجلس مايكل ينتظره في السيارة وهو يفكر ملياً في ما جرى بينه وبين كريستن مساء أمس
كان راضياً جدا عما آل إليه شجارهما الأول مع أنه شعر بشيء من الندم لأنه لم يستفزها بشكل كاف.
عندما كان والداه يتشاجران، كان التوتر يخيم على المنزل لكن ما إن تمر بضعة أيام، حتى يسارع والده إلى طلب الغفران فيشتري لها الورود وتعود الأمور إلى مجاريها. يقول البعض إنه لا ينبغي أن يتشاجر الأهل أمام الأولاد لكن مايكل ليس واثقاً ما إذا كان يوافقهم الرأي. فالتوتر الذي كان يسود علاقة والديه بين الحين والآخر علمه أن الحب ليس سريع العطب وأن الخلافات بين الزوجين مسألة طبيعية.
منتديات ليلاس
نظر إلى ساعته، مازال أمامه متسع من الوقت ليلقي عليها التحية قبل أن يصل وكيل العقارات..
ترجل من سيارته وقطع الشارع مسرعاً. كانت كريستن جالسة في مكتبها، ما إن لمحت طيفه حتى أعادت كتيبها المفضل إلى الدرج العلوي من مكتبها، وشبكت يديها على الطاولة، ثم نظرت إليه بتكلف وقد بدت عيناها شديدتي الحمرة، وسألته قائلة: " نعم؟ ".
- هل انت بخير؟
- طبعاً. إنني على أحسن مايرام . . ولم لا أون بخير؟
اجتاحته رغبة ملحة في أن يتكئ على طاولة مكتبها ويعانقها بشغف، لكنه فضل أن يتعامل معها بطريقة أقل حدة.
- طرأ علي عمل ضروري هذا الصباح ولم أتمكن من الحضور.
أجابته وهي تحاول أن تتظاهر بأنها متفاجئة: " حقاً؟ "
- هل ظننت أنني لم آت لأنك طرتني من منزلك؟ ....... من الصعب التخلص مني.
- حقاً؟
ثم أضافت على عجل: " حسناً . . شكراً لأنك أعلمتني . . . الوداع "
أجابها محاولاً ألا يفقد صبره معها: " هذا ليس وداعاً ".
- لست مجروحة القلب . . . ولا أحتاج إلى شفقتك.
إنها الكلمات التي تفوه بها قبل أن يغادر منزلها ليلة البارحة. كان يشعر بالأسف نحوها. أشاحت بنظرها بعيداً عنه، وخيل إليه أنها تحدق بتوق كبير في الدرج حيث وضعت كتيبها المفضل.
أطلق مايكل تنهيدة طويلة. إنها امرأة صعبة المراس ومعقدة. لم اختارها قلبه من بين نساء العالم كلهن؟ لأنها امرأة صعبة المراس ومعقدة، ولأن فتنتها لا حدود لها، ولأنها تبذل جهدها لزرع الفرح من حولها مع انها محطمة الفؤاد.
لم تكن امرأة عادية. . لم تكن امرأة سطحية. . كانت أشبه بينبوع ماء عذب متفجر من قلب الأرض، ومن يتذوق مياهه، يجد صعوبة في تذوق أي شيء آخر.
- اسمعي كريستن. .
منتديات ليلاس
نظرت إليه بعينين خاليتين من أي تعبير، وقد افتر ثغرها عن ابتسامة زائفة. وتراءت له الحقيقة فجأة: هي تحب ارتياد النوادي الأدبية وهو شاب خشن وقاس، عمل طوال حياته على كسب رزقه من عرق جبينه، ولن يتمكن أبداً من إيجاد الكلمات المناسبة لإقناعها.
أراد أن يطلب منها أن تثق به، لكن الثقة هي من الأمور التي فقدتها يوم تعرض ابن أختها لحادث سير، وانهار عالمها الوردي الجميل. لقد فقدت قدرتها على أن تثق بأحد. واختارت من كلامه الكلمات التي أرادت أن تصدقها وقررت أن تصدق أنه يشفق على حالها.
- من الصعب على المرء أن يشفق على شخص يرغب في خنقه.
واجتاز الغرفة الصغيرة متوجهاً مباشرة نحوها، لم يكن بإمكانها الهرب منه فكرسيها تستند إلى الحائط في ذلك المكنا الضيق.
مال نحو مكتبها، ووضع راحتي يديه عليه فسارعت إلى تغطية حنجرتها بيديها وكأنها تريد أن تحميها، ما أثار انزعاجه. هل تصورت أنه ينوي خنقها فعلاً؟
|