قالت شاني من دون اقتناع حقيق:" سأذهب حالما أشعر بالدفء".
بدا بيرس قلقاً ,لكنه ظل واقفاً بالباب من دون أن يدنو أكثر . قال : " أترغبين بتناول العصير؟".
" لا .أنا ...لا ,شكراً ! هل قلت إن البوابة كانت مغلقة؟ "
تردد بيرس لكنه بقي في مكانه وهو يقول: " تحققت منها مرتين .ثم قطع السلسلة بقاطعة الاقفال, وكأن أحدهم حرك كلايد وأثاره. أنا لن أهدد بذبحه وبتحويله إلى نقانق بعد الآن.إنه واقف بملاصقة السور,وهو يرتعد بقدر ما ترتعدين أنت تقريباً. هنالك سلسلة من الجروح الضغيرة على خاصرته. أظن أن شيئا ما كمسدس الخرز قد أستخدم لأذيته. في العادة, حتى لو فتحت بوابة كلايد, فهو لا يلاحظ أنها مفتوحة. لكنك لو فتحتها , وبدأت بإطلاق الكرات الصغيرة نحوه, فهو قد يصاب بالرعب. ولو استمر بالتألم من دون أن يفهم السبب, فمن المرجح أن يهاجم أي شيء متحرك أمامه
راحت شاني تحدق به مرعوبة, وقالت :" لكن هذا .. هذا عمل إجرامي. ذلك أمر شنيع".منتديات ليلاس
قال بيرس بتجهم:" أظنهم يستهدفونني . إنهم يفترضون أنني أنا من سيخرج لتفقد الماشية التي تتجول بحرية في الحديقة .لن يفترضوا أن صبياً في السابعة من عمره هو من سيخرج".
" هل يكرهونك بهذا القدر؟ ".
رد بيرس بعبوس: "ليست الكراهية .كل ما في الأمر أنهم لا يعرفونني. أنا مليونير أتيت لتمضية عطل نهاية الاسبوع, وقد أوقفت مسار إنشاء مصنع يحتاجه هذا المجتمع. وفضلاً عن كوني غنياً وغبياً, أجبرت المجتمع على خسارة مصنعه, فأنا أيضاً أب عازب تراقبني مصلحة شؤوت الاطفال لتنال مني بتهمة إهمال الاطفال. نعم, إنهم يريدون لو أنني أوضب أغراضي وأرحل من هنا ".
سألت شاني بحذر: " اذاً لماذا لا تفعل ذلك؟ بإمكانك أن تعود إلى عملك في الهندسة المعمارية في المدينة , أما الأطفال فبإمكانهم أن يذهبوا إلى المدرسة ثم إلى حضانة ترعي الأطفال خلال النهار .يمكنك أن توظف مدبرة منزل بسهولة أكبر في المدينة".
هز بيرس رأسه وقال:"لن ينجح الأمر, أو ربما لستُ واثقاً من أنه قد ينجح. ربما قد أصل إلى هذا القرار ,لكن مورين أردات بشدة أن ينال هؤلاء الأطفال مساحة ليتمتعوا بحرية".
ترددت شاني,ثم قالت: "حسناً! على الأقل سأكون أنا موجودة لبعض الوقت...إذا أردتي".
سادت لحظة من الصمت ,ثم قال بيرس بقوة حادة جعلت شاني تطرف بعينيها :"أنا أريدك فعلاً".
تدبرت شاني أن ترسم ابتسامة على وجهها ,وقال :"حسناً ! شكراً لك ".
سألته بعد لحظات من الصمت :" ألست في سياق البحث عن زوجة؟
" ما رأيكِ أنتِ؟ لدي خمسة أولاد, وأنا حتماً ... بحق الجحيم ! لست بحاجة إلى زوجة أيضاً.
تدبرت شاني أن تقول:" أنا محظوظة لأنك أخبرتني. إذ بدأت التخطيط مسبقاً لحفل الزفاف".
جعله هذا الكلام يجفل ,فقال:" اللعنة ! شاني,أنا لم أقصد..".
علقت شاني بهدوء:" لا بأس ! أنا قمت بما يكفيني من التخطيط للزفاف .. ما يكفيني طوال العمر".منتديات ليلاس
ط مع مايك الذي تلقى دلو الماء المثلج؟ ".
استنشقت شاني نفساً عميقاً ,محاولة تصفية ذهنها . قررت أن تكشف جميع أوراقها, فقالت :" كم كنت غبية ! أنا حقاً في ورطة. أستخدمت كل قرش أملكه حتى أعود الى استراليا, فوجدت أن والدي أجرا منزلهما , أما صديقتي الحميمة فتقيم في شقة صغيرة جداً .كنت خارج البلد لمدة سبع سنوات,وليس هنالك أي شخص اَخر يمكنني أن أتطفل عليه بإستثناء روبي وسيداتها اللواتي يشتغلن بالتطريز
قال بيرس :" يا لها من شقة علوية تقيم فيها! إنها أربعون قدماً من الفخامة ,تطل على مرفأ سيدني".
عبست شاني ,وقد شت تفكيرها فجأة, روبي...! روبي التي لم تمتلك يوماً قرشاً واحداً باسمها , فجأة صارت تختال في شقة علوية في الضاحية الأكثر تميزاً في سيدني: " هل قدمت لها تلك الشقة؟ ".
" نحن جميعاً فعلنا.ألم تخبرك روبي عن بقية أبنائها؟ ".
" بالطبع فعلت ".
تذكرت شاني الصورة الفوتوغرافية التي كانت روبي تحملها معها إلى كل مكان . روبي العجوز اللطيفة, التي كرست كل دقيقة من حياتها لأولادها ." روبي اَوتنا , وقدمت لنا كل ما نحتاجه. بمناسبة عيد مولدها السبعين قدمنا لها الشقة, شرط ألا تبيعها وألا تهبها للمشردين. لم يعد مسموحاً لها أن تأوي المشردين ".
" غير مسموح؟! "
" اَن الأوان لأن نحميها من نفسها . لو لم نشترط ذلك , هل كنتِ تأملين باستخدام غرفة الضيوف لديها الاَن ؟ ".
تنهدت شاني, وقالت : " لا . حسناً! لولا صفوف تعليم التطيريز, فهي لا ترفض أي شخص يطلب المأوى ".
" هل أنت فعلا يائسة؟ "
" يمكنني أن أحصل على وظيفة. مع أن عالم الفنون صغير جداً ,والناس يعرفون أن صالة العرض الخاصة بي فشلت.
" إذاً سوف تقبلين بهذه الوظيفة؟ ".
" أظن ذلك... لا بد أنني مجنونة لأبقى هنا. حقاُ ! لا بد أنني بلهاء. جل ما علي فعله هو أن أتصل بوالدي, وسأكون بخير , لكنني أعرض عليك أن أبقى هنا ".
" لماذا؟ ".
" لأن دونالد كان سيتولى أمر ذاك الثور بنفسه , بدلاً من أن يحملك على ترك أخته الطفله لتفعل ذلك , ولأن وندي تبدو أكبر سناُ من عمرها الحقيقي , ولأن هذا المنزل في حالة من الفوضى ..كما أنني بحاجة إلى وظيفة ,لذا يجدر بي أن أؤدي وظيفة تستحق أن اقوم بها . أتقول إنك ثري؟.".
إنه تغيير مفاجئ في التكتيك جعله يرمش قائلاً : " أنا .. نعم ".
" هل يمكنك أن تتحمل نفقات أخذنا جميعاً إلى شاطئ البحر؟ "
" البحر؟ "
" هؤلاء الأطفال يبدون كما لو أنهم يتوقعون أن يهبط ثقل العالم على رؤوسهم في أي لحظة. هل ابتعدوا عن هذا المكان منذ وفاة والدتهم؟ ".
" لا, لكم..."