جاء صوت دونالد من خلف أجمة الكاميليا. فأخذت البقرة تتحرك باتجاه صوته.إنها ضخمة جداً
" دونالد! ".
صرخت شاني , وقد أقرت لنفسها أخيراً ,بأنها خائفة فعلاً. مهما كان ما أخبرتها به جولز عن الأبقار, وبعدم كونها مؤذية , بدا لها فجأة أنها لا تصدق أي كلمة من ذلك : " دونالد ! ".
أخفض الحيوان رأسه الهائل,وركز كل ذرة من انتباهه على شيء ما خلف نبتة الكاميليا .إنه يقترب ...
" شـ . . . شاني. . .! ".
بدا ذلك همساً مرتعباً, أما بالنسبة إلى ذاك الحيوان فبدا صوت دونالد كصوت المسدس الذي يعطي إشارة الانطلاق. إذ اندفع الحيوان بقوة إلى الأمام.
" دونالد! ".منتديات ليلاس
صرخت شاني وهي تنطلق في الظلام من دون أن ترى شيئاً. كان الحيوان يندفع بقوة نحو صوت دونالد المرتعش , فصدمته شاني على جانبه, فضربته بكل ما أوتيت من قوة حتى أزاحته من مساره. صرخت للصبي: " أدخل إلى المنزل . اركض, دونالد .اركض ".
صرخ الطفل بصوت مرتفع :" بيرس ! بيرس! ".
رأت الحيوان يتأرجح على جانبه . راح يشخر ويتراجع إلى الخلف. يا إلهي ..! ما الذي يفعله مصارعو الثيران؟ هذا المخلوق يستدير ليواجه دونالد مجدداً . دونالد كان يحاول الصعود متخبطاً نحو الشرفة ,لكن الشرفة تعلو عن الحديقة حوالي الثلاث أقدام, أما الدرج فهو بعيد جداً عنه .إنه لن يتمكن من رفع نفسه .بدأ الحيوان يتحرك مجدداً.
" لا! ".
انطلقت شاني إلى الأمام مجدداً صارخة , وراحت تطرق بقبضتيها على جانب رأس الحيوان.
أستدار الحيوان حول نفسه بسرعة كبرى, حتى إن شاني لم تستطع أن تتحرك لتتفاداه. صرخ دونالد مجدداً : "بيرس".
لدى هذا الحيوان قرنان. إنه ثور! قبضت شاني على أحد القرنين , وتعلقت به. تأرجح الحيوان بجموح تام ,وقذفها جانباً , فاستقرت عاجزة على بعد أربعة أقدام من رأسه . تراجع الحيوان لينظر إلى الشخص الذي هاجمه, وأخيراً انحرف عن دونالد. انقلبت شاني على جانبها ,محاولة إيجاد القوة لتقف على قدميها .
" لا! "
دفعت شاني نفسها بقوة إلى جانبها, فانقلبت على الحشائش. أه ,يا إلهي ! صدم الثور كتفها بخبطة مثيرة للغثيان .أحست شاني بشيء ينسحق وبألم حاد واخز, لكنها استمرت في انقلابها على الارض.
فجأة ظهر لاعب جديد على الساحة :" اخرج,اخرج,اخرج".
هذا كان صوت رجل يصيح بحدة.إنه بيرس .جاء راكضاً نزولاً عن الشرفة, وهو يصرخ بأعلى صوته من أعماق رئتيه, حتى ملأت صرخاته عتمة الليل. أجفلت شاني متوقعة الصدمة التالية , لكنها لم تأتِ.
" اخرج!اخرج!اخرج!
انقلبت شاني مجددا إلى عمق الظلام, ثم تجرأت أن تنظر . كان الثور يحدق بها, وهو يضرب الأرض بحافره كأنه يتحين اللحظة المناسبة للضربة التالية. لكن بيرس وصل إلى جانبه ,وقد ظهرت حدود جسده الخارجية في ضوء القمر. كان يؤرجح شيئاً ما يبدو كالبندقية. فكرت شاني أنه يجدر به أن يطلق النار على الثور, لكنها شعرت بالدوار,ولم تقوَ على التفكير أكثر.
" هيا .. تحرك,تحرك,تحرك! "
اندفع بيرس بقوة نحو الثور, وراح يجلده ببندقيته كما لو أنها سوط .استدار الثور ليواجه بيرس.
" أخرج,أخرج,أخرج! "
لم يعطه بيرس وقتاً للتفكير . وقف مباشرة أمام الحيوان وهو يلوح بسلاحه ويجبره ليسير إلى الأمام . راح بيرس يصرخ , يضرب , يدفع..تراجع الثور, ثم تراجع أكثر. أما بيرس فلحق به. دفعه للعودة إلى الوراء , إلى خارج الحديقة . استدار الثور مرتبكاً , وراح يسير متثاقلاً نحو البوابة. ما إن خرج من البوابة الخشبية الضخمة حتى تأرجحت البوابة وانغلقت بصفعة قوية .رمى بيرس السلاح جانباً.
" دونالد,هل أنت بخير؟ دونالد..! "
راح بيرس يمشي بخطوات واسعة عبر الحديقة ,ثم قفز إلى الشرفة ,فجذب دونالد بين ذراعيه ,وقال:"ماذا بحق الجحيم. . . ؟".
ارتجف صوت دونالد وهو يقول :" شاني. . . ".
" هل أنت بخير؟ "
استطاعت شاني أن ترى شكليهما على الشرفة سوياً. جاء كلام دونالد همساً وهو يقول : " نعم .لقد هاجم شاني .إنها في الأسفل".
" شاني ؟أين؟ "
وضع دونالد بعيداً عنه على مسافة من ذراعيه.
" كان يحاول أن ينطحها . أنا ... أنا أظنه فعل ذلك ".
" أبقَ هنا يا ,صغيري. لا تتحرك ".
قفز بيرس عن الشرفة ,أخذ يسحق الأعشاب ويسير من خلالها باحثاً .
قال : " شاني ...شاني ! أين أنتِ ؟ شاني ...! ".
أرادت شاني أن تتكلم ,لكن صوتها لم يجدِ نفعاً, ثم تدبرت أن تقول : " أنا هنا ".
أطلق بيرس شتيمة ثم أخرى ,فيما غاص بين الأعشاب, وركع إلى جانبها . وضع يده على كتفها ,فأحس بلزوجة الدم الدافئ. توقف عن اللعن .. توقف عن التنفس حتى .
دخلوا جميعاً إلى المطبخ .. الجميع. كانت وندي تجلس على الكرسي الهزاز قرب النار, وهي تحتضن بيسي, أما دونالد فوقف على مقربة من وندي على قدر ما استطاع أن يدنو منها . فيما جلست اَبي عند قدمي دونالد. أما برايس فقرر أن الجميع بحاجة إلى الكاكاو الساخن, فأخذ يحضره ببطء شديد.إذ كانت يداه ترتعدان. شاني نفسها كانت ترتعد بشدة. مزق بيرس سترتها. فكشف عن خدش طويل, أمتد من تحت ذراعها حتى كاد يصل إلى عنقها. حمل بيرس طاساً فيه ماء مع الصابون وراح يغسل جرحها وهو يشتم تحت أنفاسه..............