استدار حول الطاولة, فسحب لها الكرسي الهزاز لتجلس عليه, وأضاف :" سأعد لك شراب الكاكاو".
قال ذلك وهو يدير لها ظهره. تابع بيرس كلامه: " لا يجدر بك أن تتناولي حبوب الدواء ومعدتك فارغة. مشروب الكاكاو الساخن مع كعك الشوكولا سوف يفيان بالغرض ".
" شكراً لك, أيها الجدَ ".
رد بيرس بجواب مفحم وسريع قائلاً: " هاي! كلانا نرتدي ملابس النوم. إذا كنت أنا الجد فأنتِ الجدة".
يجدر بها أن تجيبه برد مفحم ما! لكن الردود التي طرأت على ذهنها بدت كلها خطيرة ,لذلك خضعت شاني لما أعتبرته الصمت المحترم.
أخبرها بيرس: " يمكننا أن نذهب إلى الشاطئ يوم غد. تلقيت ما لا يقل عن خمسة اتصالات هاتفية تعرض علي الإعتناء بالقطيع في أي وقت أحتاج فيه إلى استراحة , بفضلكِ أنتِ".
ابتسم لها بدفء زائد عن الحد , فبدأت وجنتا شاني تحمران خجلاً.
سألته :" ما الذي تعمل عليه؟ ".
رغبت أن تقول شيئاً ما حتى تملأ السكون. كما أنها مهتمة بالأمر في الحقيقة , مع أن كتفها تؤلمها ألماً مبرحاً.
" إنها محطة للقطارات. أترغبين برؤيتها؟ ".
" أنا.. نعم "
أرادت شاني أن تنهض , لكن بيرس أزاح الطاولة جانبياً كي تصير بمتناولها. رفع أول مجموعة من المخططات فوضعها على ركبتها قائلاً: " هذا هو المنظر الشامل,والبقية هي تصاميم البناء التفصيلية ".
منتديات ليلاس
عاد بيرس إلى تحضير الكاكاو. حاولت شاني أن تركز اهتمامها على المخططات . همست : " هذا مشروع ضخم, وهو محور أساسي في العاصمة. إنها شبكة مواصلات جديدة. أظنني رأيت هذا الإعلان في لندن. ألم يجروا مسابقة لإختيار أفضل العروض ؟".
" نعم , فعلوا .ونحن فزنا بتلك المسابقة ".
كاد هذا الخبر يجعلها تنسى ألم كتفها .حملت شاني مخططاً تلو الآخر, وراحت تنظر إلى التفاضيل الدقيقة ,فضلاً عن المخطط الرئيسي المذهل حقاً.
أخيراً علقت: " كم أنت لامع!".
" أعلم "
قال بيرس ذلك وهو يضع كوبي الكاكاو وكعك الشوكولا بالإضافة إلى حبتي دواء أمام شاني. تابع قائلاَ:" ... ووسيم وقوي البنية, وشديد التواضع إلى درجة لا تصدق".
غصت شاني .
أمرها بيرس قائلاً : " تناولي حبتي الدواء ".
" أمرك , سيدي ".
وهذا ما فعلته
" روبي تقول أنك لست عادية, أنت أيضاً ".
" روبي تقول ألطف الأشياء ".
" هذا ما تقوم به حقاً.اَه ! بالكلام عن روبي وأبنائها......"
استدار بيرس ,وبحث تحت رزمة الأوراق الموضوعة على الطاولة ,ثم تابع قائلاً : " اتصلت هاتفياً ببلايك.. بلايك هو أحد ابناء روبي, وكلمته بشأن مايك واستخدامه لبطاقتكما المصرفية المشتركة "ملاذٌنا
" مهلاً! ".
ما الذي بفعله بيرس؟... تابعت تقول : " لا يحق لك.."
رد بيرس بأسى قائلاً : " هذا ما قاله بلايك, ربما تصرف مايك بشكل مخالف للقانون ,لكنه لا يستطيع ملاحقته , ما لم تسمحي له أنت بمعرفة التفاصيل الخاصة بك. أرسل لي بواسطة الفاكس نموذجاً حتى تملئيه. إذا رغبتِ بالتوقيع والمواقفة عليه , فسوف ينظر بالأمر".
منتديات ليلاس
" ليس هنالك ما يستطيع بلايك أن يفعله ".
قال بيرس بتواضع : " سأخبرك أمراً, روبي تقول إننا سلالة سوف تحكم العالم".
قالت شاني : " لا فائدة من تأسيس السلالات إن لم يقم أي منكم بإنشاء عائلة".
ثم أكلت كعكة بالشوكولا, وهي تقرأ بغير تركيز النموذج ,ثم وقعت عليه. قالت مقترحة: " ربما يمكنكم أن تشكلوا سلالة بالفعل , عالماً يدبره أشخاص من دون امهت ا".
فكرت شاني بأمها , وحملقت قائلة: " قد ينجح الأمر".
خمن بيرس إلى أين ذهب تفكيرها, فقال:" مهلاً! والداك أجرا منزلهما فقط".
منتديات ليلاس
قالت شاني بغموض: " لدي دمية في غرفة نومي, تدعى سوزي بيل .إن لعب أي ولد بسوزي بيل.."
" أترغبين بأن ننظم حملة لإستعادة سوزي بيل؟ رجال مسلحون تحت جنح الظلام, يكستحون المكان قائلين: " لا أحد يتحرك! الدمية لنا ".
ابتسمت شاني ابتسامة عريضة قائلة: " أتريد أن نحاول؟".
" سام يعمل في قوى الأمن. سوف نجعله المسؤول عنا ".
" سام... أتعني سام ابن روبي؟ ".
" قلت لك, نحن سلالة ".
حملقت شاني به للحظة مطولة. فجأة شعرت بالارتباك ,فأشاحت ببصرها ,وحدقت بلهب النار من خلال أبواب الموقد المفتوحة. هذا أكثر أماناً بالطبع!
" يجدر بك أن تعودي إلى السرير ".
قال بيرس ذلك بصوت بدا مشدوداً بعض الشيء. يجدر بها أن تفعل ذلك. لكن هذا الجو رائع , إذ إن المطبخ ما زال يعبق بالرائحة اللذيذة لطبق اللحم بالكاري الذي جاءت به والدة دواين عند العشاء. بالاضافة إلى الحلوى وبقايا تارت التفاح التي ما زالت على المنضدة بإنتظار الغد. هذا المطبخ لطيف, محبب , دافئ , وهناك رجل يعمل على طاولة المطبخ لإنجاز مخططات مذهلة . إنه رجل لطيف حقاً...