أثناء هذا الحفل الصغير أعلن كل من ديللا وويل عزمهما على الزواج, وكانت ديللا ترتدي ثوبا من الحير يكسو وجهها الخجل وهي تعلن هذا النبأ , أما ويل فبدا كالطفل الذي يمتلك كل لعب العالم , وأبدت السيدة مارش رضاها بهزات متتابعة من رأسها.
وراحت فاي تراقب لو خلسة فوجدت عينيه يبرقان بمكر خفي , وهو ينهض بقامته الطويلة , ويمسك فنجان الشاي عاليا محييا ديللا وويل , قائلا:
" كان يجب أن نشرب نخبكما لكن هذا يكفي .... أنا أبارك هذا العقد ولا تنسيا أن تسمّيا أول ولد لكما بأسمي!".
ثم أحتسى نخبهما وسرته نظرة جدته القاسية , وقالت السيدة مارش:
" تجاوزت الحدود يا لو مارش , لماذا لا تذهب ألى هوليوود حيث تقيم؟".
فرد عليها قائلا:
" سوف أعود أليها يا جدتي العزيزة بعد أن أمضي شهر العسل".
" ماذا تقول؟".
" شهر العسل – الشيء الذي يفعله كل الذين يتزوجون".
ثم وضع فنجانه بعناية على المائدة وأستدار وجذب فاي من مقعدها قائلا:
"تعالي نتمشى معا".
جذبها معه قبل أن تتمكن من الأحتجاج , ثم قادها تحت شجر الحديقة والخوف والتخبط جعلا قلبها يسرع بدقاته حتى أنها لم تتمكن من صدّه , وعندما كف عن المشي فجأة وجذبها أليه وأحاطها بذراعيه القويتين , وشعرت بعناقه , فأرتجفت بين يديه وودت لو دفعته عنها , لكنها لم تكن راغبة في ذلك , وكل ما أمكنها قوله هو :
" يجب ألا تفعل هذا.....".
منتديات ليلاس
فرد عليها :
" ولكنني سوف أستمر في ذلك يا صغيرتي , هل تودين أن أكف؟".
فقالت له:
" نعم ".
" أيتها الكاذبة الصغيرة !".
عانقها مرة أخرى , ولم تشعر فاي بعد ذلك بشيء , وأرتجفت كالفراشة أمام شعلة عواطفه , حتى سمعته يقول :
" تزوجيني وعيشي معي في هوليوود , فقد سئمت الوحدة والعيش بمفردي".
ثم راح يلمس شعرها الذهبي ويتحسس وجنتها ويتمهل بأصابعه على فمها الجميل الحالم , لم تكن فاي جميلة ... فوجهها هادىء للغاية ولكن تبدو عليها جاذبية كامنة , وكانت عظام جسمها دقيقة وصوتها خافتا وعيناها زرقاوين , ويميّزها مظهر من الوحدة الأخاذة .
ردت عليه قائلة :
" ولكنك لا تحبني يا لو ".
فضحك عاليا وقال :
"الحب !".
وصلا ألى الكوخ في تمام الثامنة , غابت الشمس فأكتست السماء باللون البنفسجي , وتحرك نسيم الخريف بين الأشجار ,وغنت الطيور لأقتراب الليل.
فتح لو باب الكوخ , ونقلا كيسين كبيرين مملوءين بالطعام أشترياهما من بلدة مرا بها , ووقفت فاي قرب الباب ... وحيدة مع زوجها.
وشعرت أنها تحلم , وأنها سوف تستيقظ بعد برهة وتجد أن كل ما يحيط بها , بما في ذلك لو نفسه وزواجها منه , وهذا الكزخ المطوق بالأشجار جزء من ذلك الحلم , ورأت لو يخطو نحو الكوخ المظلم ويضع الكيس على أحد المقاعد ويفتح النافذتين على أتساعهما , فغمر الضوء المكان وكادت فاي تصرخ من فرط أعجابها ودهشتها , ووجدت فاي أريكتين كبيرتين ومدفأة وبين الأريكتين منضدة طويلة لامعة , وكست أرضية الصالة السوداء اللامعة قطع من السجاد المنسجمة مع الجدران , تزينها معلقات وأعلام من فن الهنود الحمر , وعلى جانب أحد الجدران مكتب قديم لامع أسود تواجهه خزانة مليئة بالكتب , كانت الغرفة جميلة ذات سقف عال , فبرقت عينا فاي أعجابا وهي تتلفت وتعجب بكل شيء , فسألها لو قائلا:
" هل تروق لك هذه الغرفة؟".
" أعشقها".
" ليست هناك عناكب أو آثار للرطوبة , تعالي , سوف أريك المطبخ".
ذهبت معه حاملة كيس الطعام , ولما وصلا ألى المطبخ الأنيق الصغير أخذ لو الكيس من يدها ووضعه على المائدة ,ثم أبتسم عندما لاحظ أعجابها المتسم بالدهشة , وسألت :
"كيف تحافظ على الكوخ نظيفا مرتبا؟".
فرد قائلا :
" هناك أمرأة تسكن في الوادي , تأتي لتنظيف الكوخ , فأحيانا أحضر ألى هنا أثناء شهور الصيف".
ونظرت فاي ألى الخزائن فأبتسم لو وفتح لها أحداها , فرأت كمية ضخمة من المعلبات يحتوي بعضها على الفاكهة , وقال :
" هل رأيت أننا لن نجوع هنا أبدا".
ثم فتح الخزانة الثانية مضيفا :
" أما هذه الخزانة فتحتوي على وقود للمصابيح والموقد , وهنا نحتفظ بأغطية الأسرة وأدوات المائدة وأواني المطبخ , والآن تعالي لتري غرفة النوم والحمام".
قالت فاي:
" كلمة كوخ لا تصف هذا المكان يا لو ".
" نعم , أنا متأكد أن تخيّلك هذا الكوه يعني أنه كوخ مهدم , فيه سريران ضيقان , ومضخة ماء يا صغيرتي , لكنك لم تتزوجي شخصا مفلسا".