وقبل دخولها غرفة الأستقبال قال لها ويل:
" أسمعي يا فاي , أذا كنتما على خلاف فلا تخبري ديللا بذلك , فلو لم يشر لها بشيء , ولما سألته عنك قال أنك تعانين من نزلة برد منعتك من الحضور , أما ديللا فهي ليست على ما يرام لأنها تنتظر موللودا , بالأضافة الى صدمة وفاة جدتها".
" مولود! أنه شيء عظيم".
" ديللا تريد صبيا , أما أنا فأتقبل ما يرزق به الله".
" وهل ديللا سعيدة بالمولود المنتظر؟".
" كانت سعيدة حقا الى أن حدثت وفاة السيدة مارش , فقد كانتا متعلقتين بعضهما ببعض".
وفتح باب الغرفة وتقدمته فاي فرأت كل شيء على حاله لم يتغير وشعرت بلو وهو يراقبها ويقف ويقول:
" فاي!".
ثم ركعت فاي بجانب ديللا وأحتضنتها , فقالت ديللا وهي تبكي على كتف فاي:
" أنا سعيدة بحضورك يا فاي , وجدتها ميتة على كرسيها , وظننت لأول وهلة أنها نائمة... كنت أحبها كثيرا".
وظل لو واقفا ومد يده الى جيبه وأخرج سيكارا أشعله وراح ينفث الدخان الأزرق وينظر من خلاله الى فاي.
وتمت مراسم الجنازة في اليوم التالي وكانت ديللا هادئة لكنها فقدت هدوءها عندما قرأت الوصية بعد ذلك , وفيها أعلنت السيدة مارش أنها تركت كل ما تملك الى ديللا , بما فيها هذا المنزل , أما لو فلم تشر اليه في الوصية أبدا , وصاحت ديللا تقول للمحامي ووجهها محتقن:
" هذا ليس عدلا لا بد أن أتقاسم الميراث مع لو , فلست راغبة في كل التركة".
فقام لو وأحتضن ديللا وهو يقول للمحامي:
" أنا موافق على الوصية , راض بها , فلم أتوقع أن تشملني أبدا , وهي عادلة , فلقد كنت يا ديللا الشمس التي تضيء حياة جدتنا , بينما كنت أنا الصبي الشقي , ولذلك تركت لك كل متاعها الدنيوي فأطيعي رغبتها وأملأي لوريل باي بنصف دستة من الأطفال".
منتديات ليلاس
ولم تنس ديللا موضوع الوصية , فتحدثت عنها مع فاي وهما تتمشيان في طرقات الحديقة وتقول:
" أن لو لا يهتم بالجانب المادي ولكن جدتي آلمته بأخراجه من الوصية , فهي لم تحبه أبدا ".
وكانت ديللا تمسك بيد فاي , وفجأة قالت لها:
" أين خاتم زواجك؟".
أضطربت فاي في الأجابة فأستطردت ديللا تقول:
" لا داعي للأجابة ولا داعي للتفسير".
" كان يجب ألا أتزوج لو , ولكنني كنت مختالة لطلبه الزواج مني".
" والآن , بماذا تشعرين؟".
" لا أشعر بشيء , فالسحر قد زال ولذا صرت أفكر في لو بأتزان بعد أن كان الشمس المشرقة على حياتي , والسحر الخارق الذي يشدني اليه , والآن أصبحت أحدق في لا شيء".
فقالت ديللا:
" أنه لشيء ممحزن".
فقالت فاي:
" لا تقلقي علينا يا ديللا , فالأحسن بنا أن نفترق".
" ولكن ما السبب؟".
" لأن الزواج يا عزيزتي , مثل البيت , لا يمكنه أن يقوم على حائط واحد , ولقد حاولت لمدة سبعة أشهر أن أقوم هذا الزواج ولكن الأنهيار المحتوم وقع في النهاية , وليست لدي النية لأعادة البناء على الأنقاض".
" وهل طلب لو منك أعادة البناء؟".
" لا أريده أن يطلب مني ذلك , والآن هل أنت سعيدة مع ويل ؟".
" نعم أنه طيّب معي وصبور".
" سوف يكون نعم الأب".
" ومثله لو .... أقصد أن الرجال الذين لم يكونوا سعداء في طفولتهم يجاهدون كي يكون أطفالهم سعداء".
" ألم يكن لو سعيدا في صباه".
ورأته فاي في خيالها صبيا يافعا طويل القامة متعاليا , ينغمس في الشر وهو يضحك تماما كوالدته الجميلة , ولذلك لم تشعر جدته بأي حنان نحوه , ثم قالت ديللا:
" كان لو لا يحكمه شيء , ولم تفهمه جدتي , وأحبتني لأنني كنت صغيرة أطيعها وأتبع أرشاداتها , ومن الغريب أن لو كان يعبد والدتنا".
ففتحت فاي عينيها دهشة وقال:
" لم أكن أعلم ذلك , وكنت أظن أنه يكرهها".
" لقد كرهها بعد أن تزوجت وتركتنا , وكان في الثانية عشرة من عمره , وكصبي في سنه تألم من هذا التصرف الذي قتل فيه كل ثقة بالنساء , وأنا متأكدة أنه تسبب في ألمك , وألا ما رغبت في الخلاص منه , ولكن لا تكرهيه يا فاي".
" ولكنني لا أكرهه".
وأثناء العشاء في تلك الليلة قال لو لفاي:
" أخبرتني ديللا أنك ستعودين الى المستشفى يوم الخميس المقبل , وبما أن لدي بعض المهام في هوليوود فلماذا لا نسافر معا؟".
وقبل أن ترد عليه صاحت ديللا تقول:
" ودّعي مستشفاك يا فاي وأبقي هنا دائما".
وضحكت فاي ولم تجد أي مانع من السفر معه , ولكنها شعرت بالحرج لأن وجودهما في القطار سوف يترتب عليه محادثات شخصية , ولكنها كانت قادرة على مواجهة هذا الموقف , فلم يعد لو يخيفها , بل وجدته تغيّر قليلا , فقد تقبّل الوضع بأنها لم تعد ملكه , ولذا لم يعد ينظر اليها من عليائه.