ثم هز جيري كتفيه ونفث سيكارته وعاد يقول:
" لكن العقبة كانت أنها لا تجيد التمثيل برغم جمالها الصارخ , وكان لو مفتونا بها , فأوعز الى ك. ك. أن يبرم معها عقدا يتيح لها تمثيل دور في فيلم كان يخرجه وقتئذ , ولكن عندما وضعت أينز قدميها في الفيلم أختل كل شيء , فالممثلة الأولى جاني ستريتر أصيبت بوباء وكان لا بد من تغييرها , ثم شبّ حريق في بعض الأفلام الخام وفي أحدى غرف العرض , كذلك في بعض المناظر المكلفة وتدخل لو لحماية أينز عندما صمم ك. ك. المتطير أن يطردها من الفيلم وتلا ذلك أن أضرب كاسي أندرسون , الممثل الأول عن العمل , وأخبر لو أنه سوف يستمر في الأمتناع عن التمثيل أذا لم يمتثل لأوامر طردها , ولكن كايسي لم يكن يريد تنحية أينز لرداءة تمثيلها , بل لأنها كانت تكرهه وتكره محاولاته مغازلتها , وقد واجهته بذلك أمم جميع ممثلي الفيلم وممثلاته , لكن لو كان يعلم مقدار أهمية كاسي للفيلم من جهة نجاح الشباك والأيراد".
ولذلك أتهم لو أينز أنها لا تعدو أن تكون مجرد دمية , وأنه يأمرها بأن تترك العمل حتى يبقى كاسي وكان لو غليظا معها لأنه لا يقر بأنصاف الحلول , وأعتقد أنه كان قد ملّ من أينز وهي تتلف منظرا تلو منظر من الفيلم بتمثيلها الرديء فأخبرها أنه ما كان ليتحملها حتى ذاك الوقت لولا أنها تلبس خاتم خطوبتهما في أصبعها فما كان منها ألا أن ألقت باخاتم في وجهه , فداسه لو بقدمه وفتّته".
ثم أشعل جيري سيكارة أخرى وأكمل يقول:
"سمعت عن ذلك النزاع من أينز نفسها عندما تقابلنا مساء اليوم نفسه في أحد المقاهي , وكانت أينز تشرب بشراهة فلم أحاول منعها فقد كانت بحاجة الى الشراب , وعندما خرجنا كانت في حالة عدم مبالاة وذهبنا بعد ذلك الى الرقص , وقد خيّل أليّ أنني أنني وقعت في حبها , فلما أقترحت عليّ أن أذهب معها الى شقتها فعلت".
منتديات ليلاس
وأبتسم جيري لفاي وقال:
" كانت جميلة جدا وكانت فتاة لو الذي أكرهه , ربما لأن كل شيء يأتيه بسهولة وير ولم يجاهد كما جاهدت في سبيل الوصول الى القمة , وربما كرهته لأنه لا يراعي شعور الغير , وأستمر الحال كذلك لأكثر من أسبوع أعتقدت أنها رجعت الى صوابها , وعند خروجنا من السينما ذات مساء قالت لي أينز أنها ستذهب الى لو وتطلب منه أعادة علاقتهما , فالحياة كالجحيم بدونه , فأوصلتها الى منزله وأنتظرتها في السيارة , وكنت أعلم أنها منساقة الى طريق مسدود , وأن كرامة لو المتعالي لن تغفر لها أنزلاقها , وكنت على حق , أينز خرجت باكية من كريستابل كورت , وهي تعدو خارج منزل لو , كنت أنتظرها على الجانب الآخر من الطريق في سيارتي , فرأيت ما حدث بالضبط , نزلت من الرصيف في طريقها اليّ لتلقى حتفها تحت سيارة النقل , وفي التحقيق أعترف لو بأنه طردها من شقته , وقال السائق أنها ألقت بنفسها تحت سيارته , ولم أكن في حال تمكنني أن أنقض تلك الأقوال فأيّدتها".
قالت فاي بهدوء:
" وأذيع أنه حادث أنتحار! ولكن لماذا فعلت ذلك بلو يا جيري؟".
فهز جيري رأسه وقال:
" لأنها قصدته بحبها وبكرامتها الجريحة , ولكنه ألقاهما في وجهها الجميل".
فأرتجفت فاي وتثلّجت يداها وقالت:
" أن للو كرامته".
" بل أنه قاس دائما , ماذا يجعلك تحبينه يا فاي؟ ماذا ترين فيه وهو رجل مجرد من العاطفة والتفاهم؟".
" لا أدري- لا أدري".
ثم قال لها بهدوء يكاد يكون خضوعا:
" أنا أمتلك الصفتين , وها أنا أرحب بك أذا أتيت أليّ الآن".
" ولكنني أحمل طفله يا جيري – وأرجوك أن تتركني وحدي".
فألقى ببقية سيكارته في نار المدفأة الخابية وقال :
" حسنا يا صغيرتي – سأذهب الآن , ولكننا سوف نلتقي لأنه مقدر لنا اللقاء".
ونظرت الى وجهه وقالت:
" هل هذا حقيقي يا جيري؟".
وراحت تتطلع الى وجهه وكأنها تدخر كل قسماته في ذاكرتها , عيناه اللوزيتان وفمه الساخر , وشعره الأسود المجعد الذي يغطي جبهته , ثم قالت:
" شكرا لك يا جيري".
" أنا أ‘طيك الدنيا كلها , أذا طلبت مني ذلك... وها أنا سأرحل في الصباح الباكر , فالوداع يا فاي".
" الوداع يا جيري".
ثم قامت الى فراشها , لكن قدميها تعثرت بشيء , لم يكن سوى علبة سكائر جيري الذهبية , فحملتها معها وهي لا تذكر أنه سيغادر الفندق باكرا في الصباح.