ثم أغلق باب الحمام عليه , وراحت فاي تنظر في المرآة وتفكر... أنها ليست المرة الأولى التي كذبت على لو , فكلما كثرت مقابلاتها لجيري أزذاد كذبها على لو , وتهيبت مما سوف يحدث عندما يكتشف زوجها علاقتها مع جيري , لكنها صممت على الأستمرار في صداقتها له , لماذا لا تتخذه صديقا ؟ أن صحبته تريحها لأتزانه وجاذبيته , فهو يبث فيها الهدوء ويوقظ فيها حب العودة الى الطفولة , ولكن الى طفولة سعيدة تختلف عن الواقع.
ولما خرج لو من الحمام قال لها , وهو يجفّف شعره المبتل بالمنشفة وينظر اليها نظرة قلقة:
" أسرعي الى الحمام يا حبيبتي , ففقد ملأت لك البانيو , أذ ليس لدينا وقت نضيعه , وقد وضعت لك ملء حفنتين من أملاح الحمام المعطرة بالبنفسج فهل هذا يكفي؟".
فأبتسمت له وقالت :
" أن حفنتين من حجم يدك كافيتان جدا".
وفي طريقها الى الحمام مدّت يدها ومرّت بها على ظهره , فعندما يبدو كالصبي نظيفا بعد أستحمامه , ويبرق جلده الأسمر وتموج عضلات ظهره وذراعيه بالصحة , لا يبدو في أمكانه أرتكاب أي شي حقير , وكان مثل رمز أسطوري أسمر طالع من نبع عميق نظيف كله سحر , وهو يلمع من فرط النظافة.... نظافة الروح والجسد.... وكانت تعتقد في مثل هذه اللحظات أن كل ما يقال عنه من سوء يكمن أساسه في نفوس قائليه وعقولهم , وكان من الممكن في هذه الحالة أن تعتقد أنه قد تسبب في القضاء على فتاة جميلة.
وأتم لو أرتداء ملابسه قبلها وراح يستعجلها وهي ترتدي ثوبها فقالت له:
" تعال وأقفل لي السحّاب".
منتديات ليلاس
وكان لو يريد أن ترتدي فاي ثوبا جميلا في أول زيارة لها الى آل كريستابل , فطلب من أوليف هادلي أن تفكر في ثوب خارق يصلح لفاي فقط ولكن فاي كانت تعتقد سرا , أنها آخر شخص في العالم يمكنه أرتداء مثل ذلك الثوب , وهو من الحرير الطبيعي , يضيق الى الردفين ولونه بنفسجي رقيق , وبعد الردفين يأخذ لونا بنفسجيا غامقا , بينما ينسدل في أتساع مثل أوراق الأزهار في طرفها خرز صغير براق , وكان الثوب , والحق يقال , جميلا , يجمع بين البراءة والغرابة , ولكن فاي لما نظرت الى نفسها في المرآة , شعرت بالنفور وهو الشعور نفسه الذي أجتاحها عندما كانت تجربه أوليف للمرة الأولى.
وشعرت بيد لو على ظهرها وهو يقفل السحاب , وعندما ضمها الثوب أستدارت من المرآة وطلعت منها صيحة خجل.
أمسك لو بذراعها وقال لها:
" ماذا هناك؟".
" أشعر أنني عارية".
فضحك لو عاليا , وراح ينظر الى تأثير الثوب عليها بسرور وقال بحماسة:
" تبدين كالصورة الجميلة , بل كالبراءة الناصعة وهي تعربد , أوليف أتحفتك بشيء ثمين – وسوف تديرين الرؤوس هذه الليلة يا صغيرتي".
ثم جذبها اليه وراحت يداه تتحسسان جسمها , لكنها بقيت جامدة وبان عليها الخجل , فلماذا يشعرها لو دائما أن ما يحببها اليه هو جسمها!
ثم قالت له:
" لا تقبلني حتى لا تتلف أحمر الشفاه".
فضحك وتركها , ثم ذهب الى غرفة الجلوس , فراحت فاي تنظر الى خيالها في المرآة بدون حماسة , وسألت نفسها : هل تلوّن عينيها حتى تلائم ذلك الثوب الذي يشبه أثواب الممثلات ؟ وهل تعمل ما في وسعها كي تؤثر على كريستابل وزوجته؟ فمن الطبيعي أن لو كان في نيته أن يجعل فاي تبهرهما.
وجلست فاي أمام المرآة وفتحت صندوق أدوات الزينة الكبير الذي أهداه اليها لو والذي نادرا ما كانت تستعمله , وأخرجت منه دهان الأهداب وعلبة الظلال البنفسجية اللون وراحت تلوّن عينيها بعناية , ثم تنظر الى البريق الذي ظهر فيهما نتيجة تلك الألوان في شيء من التعجب والسخرية.
ولما رجع لو الى الغرفة أستدارت اليه باسمة وأهدابها ترمش , وأنتظرت أن يبدي حكمه على شكلها فراح ينظر اليها ثم قالت له:
" لقد أضف شيئا جديدا على مظهر العربدة يا لو!".
" هذا واضح , فهل تشعرين الآن أنك أقل عريا من قبل؟".
فهزت رأسها , ثم قامت وجاء لو فأدارها حتى صار ظهرها أتجاهه , وألبسها عقدا من الماس , ألتصق بخدها الناصع البياض , وراح يلمع بضوء باهر , ثم أضاف على ذلك حلقا من الماس يضاهي العقد.
وبدت عيناها في زرقة قاتمة أهدابها المكسوة بالدهان , كما كانت الظلال تكسو جفنيها , وراحت تنظر الى عينيه السوداوين الضاحكتين , وتقول وقد أرتجف صوتها فجأة :
" لماذا تتحفني دائما بالهدايا؟ أنا لا أريد هدايا دائما".
" ربما كان هذا هو سبب تقديم الهدايا اليك".