في تلك الليلة , وهما يتناولان العشاء , أخبرت فاي لو أنها أمضت بعد ظهر ذلك اليوم تسبح مع جيري كوفمان , وكان يتملكها الفضول عن كيفية تقبله ذلك الخبر , لأنها كانت تستشف كراهية لو له , ولكنها لم تتوقع أن ترى الغضب الخاطف الذي بدا في عينيه , أذ هتف يقول:
"يا للشيطان ! أظن أن هذا الوغد جاهد كي يفوز بالتعرف أليك!".
" هذه ليست طريقة لطيفة تتكلم بها عنه , فأنا أعتقد أنه أنسان لطيف".
" كوفمان! عندي ما أقوله عن هذا الرجل , يجعل شعرك الذهبي الجميل يقف هلعا, والأجدر بك الأبتعاد عنه".
ثم نظر في عينيها وقال لها:
" لا أطلب منك ذلك فقط ولكنني آمرك به".
فعجبت للهجته ونظرت اليه وكانت تنتظر منه أن ينهي الأمر بأبتسامة ويظهر لها أنه يداعبها , ولكن عندما لم يفعل تملكها حب التحدي , وقالت بطريقة صبيانية:
" قد تأمرني أن أقفز من النافذة ولكن ليس معنى ذلك أنني مجبرة على طاعتك".
" أذا كان الأمر يتلق بكوفمان فالأحسن أن تقفزي من النافذة , فهي طريقة أسرع".
" طريقة أسرع؟".
منتديات ليلاس
" أعني يا صغيرتي أن كوفمان قاتل خطير".
وسكب بعض الشراب في كأسه وأبتسم وهو ينظر اليها ثم قال:
" ماذا يدور في تفكيرك : أنني لست ملاكا منزها عن الخطأ ؟ وهذا ما يحزنني , تعودت أن تكون لديك فكرة طيبة ومتفائلة عني فماذا جرى أخيرا؟".
فنظرت الى وجهه المتسائل , وكان يرتشف الشراب وعيناه تسخران منها , ثم قالت:
" لم يعد يهمني أذا كان في أمكانك أو عدم أمكانك أن تتحسن , فأنت باق على حالك , وأنني أقبلك على علاّتك".
فرفع حاجبيه متسائلا:
" هذا قول مبهم يا صغيرتي , هل يمكنك تفسيره قليلا ؟ النمور لا تغير جلدها".
" كنت أعتقد أن في أمكانها أن تغيره , والآن وقد كبرت كثيرا فقد غيرت ذلك الأعتقاد".
ثم أخذ يتمعن وجهها ويدرس قسماته وعينيها المتحديتين يقول بهدوء:
" ماذا جرى يا فاي؟ ماذا فعلت؟".
وكانت الطريقة التي سأل بها هذا السؤال ذات تأثير قوي على فاي , وجعلت قلبها يعتصر ألما.
فنتجت عنها أنّة صغيرة , وقبضت على حافة المائدة بشدة , ثم قالت هامسة:
" لا تلق بالا اليّ فأنني صغيرة وهذا كل شيء".
" آسف لأن أكتشافاتك عني قد آلمتك يا فاي".
ثم رفع كأسه وشرب ما بها مرة واحدة بينما عيناه لم تفارقا وجه فاي , وكانت هذه النظرة ما زالت كفيلة بأن تجعل ركبتيها ترتعدان وذراعيها تتمنيان أن تضماه اليها , ضحك لو وقام عن المائدة وأستدار نحوها وجذبها من مقعدها وقال:
" تعالي نرقص , فكل هذه الأسئلة سوف تنسينها عندما أضمك اليّ".
حاولت فاي أن تبتعد عن جيري كما نصحها لو , لكنها ألتقت به حيثما ذهبت على الشاطىء يلحق بها , وأذا قصدت الحديقة لتستمع الى الفرقة الموسيقية يجيء ويتكىء على ظهر مقعدها , وفي الحفلات عندما يختفي لو ليحادث رجال السينما , يظهر جيري الى جانبها ويأتيها بالمشروبات أو يدعوها الى رقصة وكان دائما ودودا وطبيعيا ومستعدا لتسليتها , ولذلك لم تفهم فاي السبب الذي دعا لو الى أن يهاجمه , فلم تصادف من أحترمها كما فعل جيري حتى أثناء الرقص لا يستغل جيري الموقف ويضمها اليه كما يفعل بعض من يرتاد مثل هذه الحفلات , كما أنه لم يرفع الكلفة بينهما أبدا.
وراحت فاي تظن أن لو , بخلافه الدائم مع جيري أثناء العمل , بنى حكما قاسيا غير عادل على جيري , وكانت تعتقد أن جيري أقل خطورة من لو نفسه , ولكن برغم أن هذا الأعتقاد جعلها تشعر بعدم الولاء نحو لو , ألا أنها تمسكت به وجعلته سببا كي تنسى أوامر لو بأن تتجنب جيري , وتدعه جانبا.
جيري يروق لها , لكنها لم تشجعه على مرافقتها أبدا , متأكدة أن السرور الذي ينتابها عندما يضحكان معا على نادرة يحولها جيري الى نكتة بارعة , أو عندما يخفقان معا في ركوب الأمواج على الألواح الخشبية , أو عندما يدخلان معا الى أحد محلات السجق ويحاول جيري أن يجعلها تأكل السجق الحريف كما يأكله.
وما لبثت فاي أن أدركت أن جيري ملأ مكان كليو الخالي في حياتها , وأصبح هو الصديق الذي تحتاج اليه كثيرا , فتقبلته كصديق واثقة أنه لم يكن بالنسبة اليها أكثر من ذلك ولن يكون , ولم تلاحظ أبدا أنه وسيم للغاية , ولم يؤثر فيها أنه واحد من أكثر النجوم شعبية في هوليوود , فهو بالنسبة اليها مجرد جيري.... كانت غارقة في صداقته حتى أنها لم تلاحظ نظرات الغمز التي كانت تقابلهما في الحفلات.