وكان أيريك يختلف تماما عن والدته , فقد كان طفلا جادا أشقر , ولذلك ظن رواد الشاطىء خطأ أنه أبن فاي , وعلقت كليو على ذلك بقولها:
" أنك تمثلين الأمومة يا فاي , فالكل يحسبونك خطأ أم أيريك , ولذلك يجب أن كون لك طفل".
خجلت فاي وأصطبغ وجهها بالدم- أنها تحب الأطفال , والأطفال يحبونها , لكنها لا تظن أنهم مدرجون في تخطيط حياة لو , ولم تفهم كليو سبب جل فاي فقالت لها:
" هل معنى ذلك أنك تنتظرين طفلا بالفعل؟".
فهزت فاي رأسها بالنفي , أما كليو فأخذت تتطلع الى فاي وهي تحتضن أيريك بحيث يتجاوز رأساهما الأشقران وتقول:
" لو يختلف تماما عن تيد الذي يمكنك التصرف مع أمثاله من الرجال العاديين , أما لو مارش فهو وسيم للغاية , ألا يخيفك ذلك يا فاي؟ ألا تشعرين بالقلق دائما؟ لو كنت مكانك لفعلت , ولذلك أحمد الله على أن نصيبي تيد وأنني متأكدة أنه لن يسبب لي أي قلق مثل قلق باقي النساء".
فردت فاي تقول بعناية وهي تمرح مع أيريك وتدغدغه , وتخفي وجهها عن عيون كليو المليئة بالفضول:
" أنني لا أفكر فيما يأتي به الغد".
" لماذا تزوجت ذلك الرجل؟ أنا متأكدة أنه وسيم للغاية ولكنني أرى أنه أنسان لا يطاق , بينما أنت طفلة رقيقة طيبة القلب".
ثم أردفت بصراحة:
" أنك أطيب من أن تكوني زوجته !".
فنظرت فاي اليها وهي تبتسم وتسألها:
" هل فاجأت الجميع بشخصيتي؟".
منتديات ليلاس
" الكل يقولون أما أنه مجنون أو أنه مجنون بك , فأي الرأيين صحيح؟".
" ما هو رأيك أنت؟".
فراحت كليو تتفحصها وتتأمل وجهها وقامتها , ودقة عظامها , وعينيها الواسعتين الصريحتين , برغم ما يبدو فيهما من خجل , وفمها البريء الرقيق , ربما راقت فاي للوحش الكامن داخل لو مارش , فهي أنسانة رقيقة يمكنه أن يؤثر عليها بسحره ثم يحطمها , فهو على ما يبدو , تعب من تحطيم ذلك الصنف المجرّب من النساء , ثم هتفت كليو بأهتمام:
" يا فاي لا تحبي هذا الرجل كثيرا".
سألتها فاي قائلة:
" لماذا تقولين ذلك؟".
هزت كليو كتفيها قائلة:
" أنا متأكدة أنه قاس وأنني أشفق عليك فهو قادر أن يؤلمك".
الرجال من نوعه يصاحبون النساء , لكنهم لا يكنون لهن عاطفة الحب بل الأحتقار".
" قد يكون ذلك صحيحا".
وأدارت فاي نظرها نحو البحر الأزرق أذ لمست شيئا في عيني كليو وفي صوتها جعل أصابع الخوف تعصر قلبها , ماذا تعرف كليو عن لو؟ وماذا أتى بذلك القدر من األأشمئزاز الشديد الى عينيها البنيتن ؟
وشعرت فاي برغبة شديدة في أستجواب كليو عن ذلك , ولكن هذه الرغبة بعثت فيها رهبة قوية جعلتها تقفز واقفة وهي تمسك بيد أيريك وتسابقه على الرمال وتنزل معه في البحر.
لم تكن فاي تريد أن تعرف ما تعرفه كليو فهربت الى البحر , كل الماضي الذي عاشه لو قبلها لا يهمها في شيء , ففيه أيلام لقلبها , وفي ذلك الماضي الفتاة التي أحبها ثم قتلت ذلك الحب.
سمعت فاي كليو تقول ذات يوم :
" أنني أحمد الله على زوجي تيد".
ولم تمض أيام على ذلك حتى فوجئت فاي بدخول كليو وهي تنخرط في البكاء الحار وتلقي بنفسها على الأريكة , فركعت فاي بجانبها وهي تقول:
" ماذا بك يا كليو؟ هل حدث شيء لأريك؟".
فردت كليو تقول بين عبراتها:
" تيد يطلب الطلاق مني , أنني لا أصدق ذلك , فلقد ظننت أنه يحبني".
وخيّل لفاي أن عبراتها تكاد تقطع قلبها , أذ أخذت يداها تتقلصان على الوسائد الحمراء , وراحت فاي تراقب كليو , كانت واثقة من حب تيد لها , فقالت لها:
" أنني آسفة , يا كليو , آسفة جدا".
" كنت خالية الذهن فلم يخطر ببالي أن تيد له علاقة بأمرأة أخرى , وكنت أظن عندما يتأخر في العودة الى المنزل ليلا أنه ينهي بعض أعماله كنت أصدقه عندما يقول لي ذلك , وظللنا متزوجين لدى سبع سنوات يا فاي ".
ثم جلست وأزاحت شعرها الأسود عن وجهها المبلل بالدموع وقالت لفاي:
"هل تظنين أنك تعرفين رجلك بعد سبع سنين ؟ لا أبدا , وهذا يدل على أنه من السهل على المرء أن يخدع , أنهم وحوش , كل الرجال وحوش , وألا ما كانوا يقدمون على هذا العمل".
ثم أرتفع صوتها وتهدج وقالت:
" كيف نقع في حبهم ؟ ومن يدفعنا الى ذلك؟".
" ربما خلقنا أغبياء".
ثم أحاطت كليو بذراعيها وقالت:
" لست أدري ما أقول لك . فالكلمات لا تساعد في شيء .... أسمعي أنني ذاهبة الى المطبخ لعمل القهوة".
هزت كليو رأسها رأسها موافقة وأخذت تكفكف دموعها بمنديل صغير مشغول بالدانتيل وقالت:
" نعم , جهزي القهوة فأنني بحاجة لها".