وفي التاكسي سألت فاي لو وهي تراقب وجهه على ضوء مصابيح الشارع:
" هل أعجبك ماكس وميمي فورستر يا لو؟ أنك كنت مندهشا , فماذا كنت تتوقع ؟ أنهما لا يعرفان التعالي ولا التظاهر الكاذب , أنهما طبيعيان جدا وهما أحسن من عرفت".
فقال لو:
" هما على شاكلتك , لا بريق ولا سخرية لاذعة ولا أطماع دنيئة".
" نعم".
ثم ضحكت فاي وألقت برأسها الى الوراء على مقعد التاكسي وقالت:
" هما طبيعيان ولطيفان ومستقيمان".
ثم تثاءبت وغطت فمها بيدها وقالت:
" يبدو أنني تعبت قليلا , فهل تشعر بالتعب يا لو ؟ هذا أول يوم لك خارج المستشفى , ويعتبر أن هذا يوم طويل بالنسبة اليك".
فرد لو يقول:
" أمضيت ساعات عديدة في الفراش خلال الأسابيع الفائتة , ولذلك أحمد الله على أنني أقف على ساقي ثانية".
كان لو يراقبها وهو يتكلم , فأندهش لجاذبيتها وأهتمامها به , لم تكن لها أساليب أو محاولات أغراء , بل كانت صبية حلوة نقية تبدو منقوعة في الندى كأزهار الصباح , وشعر أنه غير واثق من نفسه وراح يتساءل كيف يتحاشاها وهو يريدها بكل قوته , بل يشتاق الآن لأن يتحسس خدها الجميل وخصلات شعرها الذهبي القصير , ويشك في قدرته على أن يخمد ذلك الشوق , ولن يرتاح طالما هي في بيته يراها تقوم بدور الممرضة الغريبة عنه , أو الصديقة الصغيرة المؤدبة , فلن يكون ذلك هينا عليه , ثم همست فاي تقول:
" أنني معجبة بالدكتور رانسوم , فهو أنسان متكامل".
" وهل يدهشك أنني معجب به أيضا ؟ أنا أشعر أنني أود أن أدق عنقه كلما رأيته ينظر اليك , بعكس ما كنت أشعر أتجاه جيري كوفمان".
" تدق عنق الدكتور رانسوم؟ لماذا نفعل ذلك , وأنا لا أعني شيئا بالنسبة اليك!".
منتديات ليلاس
" بل أنت الدنيا لي وأكثر".
ثم تنبه لما صرّح لها به , فأعتدل في جلسته , وقال:
" لا تلقي بالا لما قلته يا فاي, فهو مثل سطر رخيص داخل أحد الأفلام".
" أنه ليس رخيصا , بل يساوي الكثير أذا كنت تعنيه".
وساد سكون متوتر بينهما , ثم مد لو يده اليها وعندما لمسها تبخّركل تحفظه كي يداري حبه لها وأشتياقه اليها , وهمس يقول:
" لا أقبل منك شفقة , ولكن أن كان عندك شيء آخر فسأقبله وأنا أجثو على ركبتي".
فأحتوت فاي وجهه بين يديها وقالت له:
" لو , يا حبيبي , لا داعي لأن تجثو".
ثم لفت ذراعها حول عنقه وقالت له:
" يا قرصاني الصغير , أنني أكره أن أراك ساجدا , أنه شيء لا يناسبك ".
" أنك تدعينني بالقرصان العزيز وتنسي كم آلمتك؟".
" أسكت".
ثم أخذت فاي تتحسس برفق شعره الأسود , بينما راحت نبضات قلبها تقفز فرحة لقربه منها , وقد مضى ذلك الغريب الذي ودعته في أنكلترا , أما لو الحالي فكان مختلفا لأنه يبوح لها بحبه .... ثم همست تقول:
" كل ما مر بنا قبل هذه اللحظة لا يهم , أما هذا الحب الذي وجدناه سويا فهو كل شيء".
" ولكنك صرّحت لي أن سعادتك هي في البعد عني , وأنا أريد سعادتك ولن أتسبب في تكبدك المزيد من الألم".
ثم ألصق وجهه بوجهها وشمّ رائحة العطر الخفيف العالق بثوبها وشعر بدقات قلبها المتلاحقة فقال:
" أنك جميلة وحلوة ولن أدعك تذهبين".
" ولكنني لا أريد الذهاب , كنت مجنونة عندما قلت لك أن سعادتي هي في البعد عنك , أنا لا أحيا أو أحس أذا بعدت عنك , قل لي أنك لا تريدني لمجرد خدمتك يا قرصاني الحبيب".
" أنني أريدك لذلك يا ملاكي!".
وشعر بالرضى والسعادة وهو يدخل ثانية فردوس حبها الدافىء ثم قال لها وهي لاصقة به , وقد ندت عنها أنة تعبر عن رضاها وسعادتها:
" هل تعرفين ما أنوي شراءه لك؟".
فضحكت وقالت :
" ولكنني لا أريد أية هدايا".
" سوف تريدين هذه الهدية.... سأشتري لك منزلا كمنزل ميمي فورستر مع حديقة واسعة , فما قولك؟".
لم ترد عليه لتأثرها وتأكدها من حبه لها , ثم تأكدت كذلك أن السحب القاتمة لن تضلل ذلك البيت أبدا , بل ستظل الشمس تسطع فوقه دائما , وأجابت بحنان:
" سوف نسكن معا ذلك البيت يا حبيبي!".
تمت