لماذا وافق على أن يذهب الى بيت الطبيب فورستر , لم يكن السبب خوفه من أخفاقه في تناول الطعام في محل عام , بل لأنه يود أن يكون بجانب فاي , فهو متدله في حبها , وهذه هي الحقيقة التي يعرفها جيدا... أنه يشعر بقلبه يخفق وهو واقف بجانب غرفتها , ولم يتصوّر أن يتملكه حبها بهذا القدر الذي يجعله يريد أن يذهب اليها ويطلب صفحها لأنه لم يحبها من قبل.
دقت فاي جرس باب بيت الدكتور فورستر , وأبتسمت للو وقالت له:
" لا داعي لأن تبدو كأنك تزور طبيب الأسنان!".
" فعلا أشعر بمثل هذا الشعور".
وفتح ماكس الباب وبدت على وجهه نظرة أستغراب وهو يتفحص لو الذي مد يده اليه وقال:
" أنا لو مارش , أرجو ألا أكون متطفلا".
ونظر ماكس الى كم لو الخاوي الذي ظهر من تحت معطفه الخفيف , وهو يمد يده لمصافحته , والى أبتسامته الودية , وكان ماكس مستعدا أن يكره لو لأنه آلم فاي , ولكن الآن , وهو ينظر الى تلك الذراع المبتورة , وهو يتذكر الحادث الذي أدلت فاي بتفاصيله في رسالة الى ميمي , تلاشى ذلك الشعور بالعداوة نحوه , هذا الشيطان الوسيم لا يمكن أن يكون حقيرا , فحب فاي الذي أبدته له في الماضي يثبت ذلك , ووثوبه التلقائي اليها في القطار ليحميها من الموت كان عملا شجاعا خاليا من الأنسانية , راق ماكس كثيرا , قال ماكس:
" تعال أعرفك بميمي".
وكانت ميمي قد سمعت صوت رجل غريب , ثم رأته داخلا غرفة الجلوس , فبدا على وجهها التساؤل , فأبتسمت فاي وقالت لها وهي تقبلها:
" أصكحبت لو معي , وأرجو ألا يضايقك ذلك".
وكانت ميمي قد أخذت بذلك الرجل الأسمر الباسم فسألته:
" أنا في قمة صحتي".
منتديات ليلاس
وراح ينظر الى جمال ميمي بتقدير واضح , فأحمر وجه ميمي وأدركت الآن لماذا قالت فاي مرة أنها لم تتمكن من مقاومة سحر لو , كالقطة الصغيرة التي لا تقاوم كرة الصوف المعقودة , وسمعت ماكس يقول:
" دعني آخذ معطفك".
فخلعه وأعطاه الى ماكس شاكرا , ثم وقع نظر لو على دمية لطيفة من دمى الأطفال , وهي عبارة عن دب ملقى بجانب التلفزيون , أحدى أذنية برتقالية اللون ملتوية بشكل مضحك , ويرتدي رداء من الورق الوردي , فأبتسم وقال لميمي:
" أخبرتني فاي أن عندك ثلاثة من الصبية".
" نعم ثلاثة شياطين .... أنهم نائمون الآن في الطابق العلوي , أرجو أن تجلس , ماذا تشرب؟".
فصاحت فاي عبر الغرفة قائلة وهي تسلم معطفها الى ماكس :
" عصير البندورة".
وراح لو ينظر الى فاي وهي تخلع معطفها , فبدا من تحته ثوبها المرجاني اللون الذي أظهر قوامها النحيل , ثم قال لميمي:
" لا تأبهي لها فهي من الناس الذين يدوخهم عصير البرتقال , وأنني أرثى لها ".
فضحكت ميمي وقالت وهي تمزج المشروبات :
" سأقدم لك خليطا أخترعه ماكس , وأرجو أن تدعوني بميمي".
" حسنا".
ثم جاءت فاي , وجلست على ذراع مقعد لو , وأخذت تصلح من رباط عنقه وتقول:
" أنا لا أحسن رباط عنقك كما كنت تربطه من قبل فأنا لست بالخادم الماهر".
" ولكن لا بأس بما تفعلين".
قال ذلك وهو ينظر الى رأسها المنكس.
وجاءت ميمي بالمشروبات وقد راعها منظر فاي وهي منحنية تصلح رباط الرقبة للو , الشخص الوسيم المهيب , أما لو فأخذ يرشف المشروب ويهز رأسه رأسه أعجابا به , ثم سأل ميمي:
" هل ستقدمين المشروب نفسه الى فاي , أنه مشروب قوي".
فردت فاي تقول:
" لا , لن تقدم ميمي لي هذا المشروب".
قالت ذلك وهي تتقبل من ميمي عصير البرتقال العتيد.
وكان العشاء لذيذا جدا , وبعده دار حديث شائق عذب , وشعور بأسترخاء وأستمتاع , وعجب لو من فرط سعادته , فقد راقت له الغرفة الهادئة بمقاعدها المريحة , وبدمى الأطفال الموضوعة قرب التلفزيون , وبالطريقة المرحة التي كانت تأكل بها فاي وميمي الشوكولاتة كالأطفال في رحلة.
وتجسمت فاي أمامه في ذلك البيت المريح , فأذا نظر اليها رآها على سجيتها , وقد تخلصت من خجلها ومن مخاوفها , وأذ سمعت ميمي أحد الأطفال يبكي , فطلبت فاي من ميمي أن تصعد هي أليه , وقالت :
" أنه رولو , دعيني أصعد اليه يا ميمي , فسأعرف كيف أعيده الى النوم ثانية".
فضحكت فاي وقالت:
" بالتأكيد فأن رولو هو حبيبك".
ولما غادرت فاي الغرفة , سأل ماكس لو وهو يشعل له سيكارة:
" هل تعاني من ذراعك؟".
" أشعر أحيانا أنني ما زلت أحتفظ بيدي وأنني قادر على تحريك أصابعي".
" سوف نتخلص من ذلك الأحساس بالتدريج , وهل ستستخدم ذراعا صناعية بعد ذلك؟".
" لا بل أرفض الأطراف الصناعية , وسأعرف كيف أتصرف بدونها".
" أني أقرك على ذلك".