لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (12) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-03-11, 08:07 AM   المشاركة رقم: 106
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 






بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحكم خير وورد ومغفرة وبركات من المولى
.

أميرة أهلها.. تقبل الله ابنتك الهنوف القبول الحسن وجعلها حجابا لك من النار
.
يا الله
البارت 106
.
بارت خاص لأنه يعبر بنا مرحلة زمنية معينة..
وموعدنا كالمعتاد.. الأحد الساعة 9 صباحا..
.
قراءة ممتعة مقدما..
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.


بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وستة





" الحمدلله على سلامة أمش مزنة..
عشان ترتاحين شوي وتقرين عندي!! "


سميرة تشير بإبتسامة شفافة تخفي خلفها ألما شاسعا: الله يسلمك!!


تميم يلاحظ اليوم غرابة في تصرفاتها.. وهو يريد أن يخبرها بأمر مهم لذا أشار بحذر:
ترا نتايج الفحوص وصلت قبل كم يوم..
بس أنا كنت أبي أمي تطلع من المستشفى عشان أقول لش!!


سميرة كان يرتسم على وجهها الغموض وهي تسأله:
وش تقول النتايج؟؟


تميم استغرب عدم لهفتها مع أنها كانت ستموت لتعرف.. ومع ذلك أجابها بحذر وملامح وجهه يرتسم عليها حزن مدروس:
أنا عندي شوي مشاكل.. تستلزم إنه كلنا نعالج..
أنتي مافيش شيء بس لأنه مشكلتي عويصة شوي.. لازم أنتي بعد تأكلين علاج عشان الحمل يصير..
لا تحاتين حتى العلاج إن شاء الله ما يطول..


سميرة بذات الإشارة الغامضة: صحيح..؟؟ ياحرام يا تميم..
زين ولو قلت لك ما أبي أكل علاج.. أنا مالي ذنب إن العيب فيك.. عالج بروحك أو كيفك..

تميم شعر بالتوتر لم تعجبه إشارتها ولا نظرات عينيها.. أشار بحزم:
لازم تأكلين علاج معي.. هذا حقي عليش!!


سميرة حينها أشارت بحزم أشد: زين وليش ما يكون من حقي عليك إنك تطلقني.. دام فيك عيب...
مهوب الشرع يقول كذا؟؟


تميم تراجع بحدة: أطلقش؟؟ أنتي صاحية؟؟
أقول لش مشكلتي لها علاج.. مستكثرة علي تستحمليني شوي لين أتعالج..؟؟
شوي بس..

سميرة تزداد ملامحها صرامة: زين أنا أبي أشوف النتايج بنفسي..

تميم ارتبك: بلغوني النتيجة بالتلفون!!

سميرة بحدة: توك تقول إنها وصلت.. أشلون الحين بلغوك في التلفون..
وإلا قل إنك تبي تأخر علي الخبر وبس.. لين أزهق وما أقول وين الأوراق..



تميم مصدوم بالفعل ومجروح.. لم يتخيل أن ردة فعلها ستكون جارحة له هكذا!!

لذا انصدم من انهيار الملامح الحازمة على وجهها فجأة.. وهي تنتحب بحدة وتنهار على الارض..

تميم نزل جوارها على الأرض ليحاول تهدئتها وهي تتعلق بعنقه وتنتحب..
دموعها أغرقت عنقه بلهيبها.. وأحرقت قلبه بمرارتها..

استغرقت وقتا طويلا قبل أن تهدأ.. ليبعدها عنه برفق ويمسح وجهها ثم يشير لها بيأس: ليه تبكين حبيبتي؟؟
لذا الدرجة مالي خاطر عندش وتبين تخليني؟؟ والله العظيم المشكلة لها علاج..

حينها أشارت سميرة بيأس موجع من بين شهقاتها: والمشكلة اللي تقول لها علاج عند من؟؟

تميم تراجع وهو يشير بحزم يخفي ارتباكه خلفه: عندي أنا!!

سميرة بألم: أنت كنت عارف عن نتيجة الفحوصات وحن عادنا في ألمانيا.. بس ماكنت تبي تقول لي!!


تميم بارتباك: مهوب صحيح!!

سميرة بألم أعمق: إلا صحيح .. ليش يعني لذا الدرجة خايف ما استحمل الخبر تقوم تلزق العيب فيك!!

تميم تراجع بصدمة: وش ذا الكلام؟؟

سميرة ممزقة تماما : لأنه هذا هو الصحيح.. العيب فيني ومهوب بسيط مثل ماتقول.. وعلاجه طويل وصعب..

تميم بصدمة أشد: من اللي قال لش؟؟.. أنتي لقيتي النتائج؟؟..
مستحيل.. أنا مخليها في خزنة مكتبي في الشغل..

سميرة تمسح أنفها المحمر لتشير بألم: سويت فحص ثاني في الأهلي يوم عمتي مرقدة هناك..


تميم شدها ليحتضنها بقوة.. كان يريد تجنيبها الألم الذي يعرف أنها تعانيه الآن..
لم يخبرها في البداية حتى لا تسأله عن الورق..
ثم احتار ماذا سيقول لها وكيف.. حتى توصل لهذه الكذبة غير المتقنة.. ولكنها كانت أفضل ماوجد..


شدها ليوقفها .. وأجلسها على الأريكة..
أشار لها بحنان غامر: اسمعيني عدل.. أنا وأنتي تونا صغار..
والعلم تطور واجد.. والمشكلة اللي معش حتى لو كانت صعبة شوي بس لها علاج..
ليه مسوية ذا المناحة ياقلبي؟؟


سميرة دموعها تأبى التوقف: وأنت وش ذنبك تجبر نفسك تعيش مع وحدة يمكن تكون عاقر!!

ابتسم تميم وهو يمسح وجهها ثم أشار بذات الابتسامة الشفافة:
مثل ذنبش إنش عايشة مع واحد أصم أبكم..

سميرة أمسكت بكفيه وثبتتهما في حضنه وهي تشير بغضب:
ما أسمح لك تقول على نفسك ذنب!!

تميم أشار بولع: وأنا ما أسمح لش تقولين على نفسش كذا..
أنا أحبش ياسميرة.. ولو خيروني بين الدنيا كلها وبينش..
كفتش بترجح..
يعني قبلتيني على عيبي وهو عيب ماله علاج..
ما تبيني أقبلش على عيب له علاج!!






**************************************








" علوي حبيتي؟؟"


عالية ترفع رأسها عن تقارير تعدها وتنظر لعبدالرحمن الذي أنزل حاسوبه جانبا وتهمس بمودة: آمر دحومي!!


عبدالرحمن بمباشرة: أبي أسوي لش عرس..

عالية كحت ثم ضحكت: نعم؟؟ عرس؟؟

عبدالرحمن بجدية: إيه عرس..

عالية مازالت تضحك: نكتة الموسم ذي؟؟

عبدالرحمن بجدية أكبر: والله العظيم أتكلم من جدي.. خاطري أعوضش عن كل شيء..
وإحساسي بالذنب ذابحني.. لحد الحين ماني بقادر أتجاوز سالفة إني حرمتش فرحتش..

عالية وضعت أوراقها جانبا ثم نهضت لتجلس جواره وهي تشد على كفه وتهمس برقة:
أنت واللي في بطني فرحتي..

عبدالرحمن تنهد: زين بنسويه شيء على الضيق.. حتى لو تبين أنا وأنتي بس..
تلبسين فستان أبيض.. تصورين..
شيء نحتفظ فيه ونوريه لعيالنا..


عالية ابتسمت: صدقني ياعبدالرحمن شيء ماله معنى..
يمكن فيه بنات فرحتهم باستعدادهم لعرسهم وتلبس فستان..
بس كلهم نفس الشيء..

لكن أنا كنت شيء مميز..
تدري عبدالرحمن حسيت إني بطلة قصة خرافية.. والبطل خطف البطلة..
قصتي هي اللي بأحكيها لعيالي.. مهيب صورة بليدة داخل ألبوم كنه فستان العيد..

عبدالرحمن ضحك بأسى: والله على البطل اللي خطف البطلة.. مكسح وعلى كرسيه..

ضحكت عالية: الحين قول مكسح على كيفك.. صارت ذكريات صدقني إنها رغم قسوتها حلوة..
أردفت بعمق: تجربتي معك بكل اللي صار فيها.. اختارها بدل مليون عرس..
تجي تقول لي عرس وفستان أبيض..
لكل شيء إحساسه في وقته!!






*************************************








" يبه من جدك أنت موافق على خرابيط كل واحد منكم في جناح..
مرتك فوق وأنت تبي ترقد هنا بروحك؟؟"


زايد هتف بحزم وهو يجلس على سرير علي الذي أصبح سريره:
تبي ترقد عندي.. ماعندي مانع..

كساب بنبرة مقصودة: لا والله اسمح لي.. مرتي تنتظرني فوق..
وفيه وحدة فوق بعد راقدة بروحها خايفة ماعندها حد..
اكسب أجر فيها.. وخصوصا إنها تعبانة.. تبي من يوديها الحمام.. يعنـز لها..

زايد بحزم: بتنام عندها الخدامة.. أنا ملزم عليها..
ولولا إني ذال إنك تنتحر وإلا كان خليت كاسرة تنام عندها..



كاسرة بالفعل استأذنت كساب أن تنام عند أمها وهو أذن لها.. ولكن مزنة حلفت ألا تنام عندها..
وقالت أنها ليست بحاجة لها في وجود الخادمة معها..


لذا هتف كساب بنبرته اللئيمة: وأنا وش ذنبي في زعلكم.. ماصدقت الجو يروق بيني وبين مرتي..
عقبالكم..


زايد شد له نفسا عميقا ثم هتف بحزم: اسمعني زين.. عشانك معنا في البيت..
وداري إنه بيننا خلاف.. ما يعطيك الحق تتدخل بيننا..
آخر مرة أسمح لك تتكلم في ذا الموضوع... وياويلك أخوانك يدرون به..

كساب هز كتفيه وهتف بحزم مشابه: بكيفك.. خلكم عايشين الدور البايخ الله يهنيكم..






كساب حين وصل للأعلى..
همست له كاسرة بلهفة: وش سويت معه؟؟

كساب هز كتفيه بحزم: نفس اللي سويتيه مع أمش..

كاسرة بخيبة أمل: أمي مافي أذنها ماي.. (يعني مصممة على رأيها!!)

كساب بحزم: وهو مثلها..
خلاص خليهم على ذا الحال.. لين ينضجهم الشوق..
ثم أردف بإبتسامة: وعقبه تلاقين إبي مثلي يتعربش على الدرايش!!

ثم أردف بخبث: وأنتي وش سويتي عشان أمش تسوي مثله..؟؟

ضحكت كاسرة برقة: تسوي روحها زعلانة من علبشته على الدرايش وهي اللي خلت الدريشة مفتوحة..

ضحك كساب: يا النصابة مافتحتي لي الدرايش.. إلا كل يوم مسكرتها..
وأنا البرد يلفحني وأنا أحاول فيها لين أفتحها..







***************************************







اليوم التالي
.
.


يجلس على مائدة الإفطار.. معه كساب وكاسرة..
عيناه تبحثان عنها بوجع..

ربما كانت أكثر مرة يلتهم فيها فطورا في حياته..
كان يأكل ببطء حتى لا ينتبها أنه ينتظر شيئا ما..

حتى غادر كساب وكاسرة لعملهما..
ما أن غادرا حتى بادر بسؤال الخادمة بنبرة حازمة تخفي خلفها لهفة موجعة:
مدام مزنة وين؟؟

الخادمة بعفوية: راحت بابا كبير قبل شوي..


زايد بتأفف خافت: وأنا قاعد حارس الفطور أحسبها بتجي..

ثم أردف باهتمام: ماكلت فطور..؟؟

الخادمة باحترام: أنا كلام مدام يبي فطور.. هي كلام أكل سوا بابا كبير..



زايد تنهد .. يريد أن يراها فقط..
لا يطلب الكثير..
يريد الاطمئنان على وضعها..
فهل هذا كثير؟؟






************************************






" حبيبي أنا آسفة لو كنت أحرجتك مع خواتك!!"


نايف يتنهد: لا أحرجتيني ولا شيء.. هي كلمة حق وقلتها..
وهم فعلا قالوا إنهم قالوا الكلام اللي قلتيه..


نايف يشعر بصداع فعلي.. فحوار حاد دار بينه وبين شقيقاته..
فهن اعترفن أنهن من بدأن فعلا وأنهن قلن ماذكرته زوجته .. ولكنهن مهما يكن سيدات كبيرات..
وهن يتوقعن منها الاحترام لأنها في سن بناتهن.. ولا يرضين أن ترد عليهن بهذه الطريقة الندية..

نايف لا يعرف فعلا كيف يتصرف معهن.. لكنه مبدئيا قال لهن بكل مودة واحترام :
يعني مرتي وأهلها ما يستحقون تحترمونهم عشاني.. وإلا أنا مالي قدر عندكم..
لأنه لو لو لي قدر عندكم وإلا تحيوني مثل ما تقولون..
ماكان ضايقتوا مرتي بذا الطريقة... لأني أنا اللي عايش معها.. ولو هي تضايقت أنا بأتضايق..
معنى كذا إنكم تبون تضايقوني أنا من البداية!!


أخواته صمتن.. لكنه يعلم أنهن غير راضيات .. وسكتن على مضض!!


"الله يعدي كل شيء على خير!! "







***************************************





بعد أسبوعين..


.
.



" جميلة.. أنتي زعلانة علي؟؟"



جميلة انتفضت بجزع رقيق: لا والله.. ليش تقول كذا؟؟


فهد تنهد ثم هتف بحزم: مهوب أنا اللي أقول.. تصرفاتش اللي تقول..

جميلة بيأس: ليه أنا وش سويت؟؟

فهد همس بيأس أشد قسوة.. فهو عاشق يشعر أنه لا يلاقي مايوازي عشقه:
جميلة كملت أكثر من 3 أسابيع من يوم رجعت..
وأنا ما باقي في قواميس الدنيا كلام حلو ماقلته..
وأنتي بصراحة باردة معي بشكل موجعني..

جميلة بيأس مختلط بالحزن: ليه وش اللي قصرت فيه؟؟

فهد تنهد بوجع: أدري ماقصرتي بشيء لا في حقي ولا في اهتمامش بأغراضي وملابسي.. ولا حتى في احترامش لهلي..
وأدري إني أكون متطلب لو طالبتش بشيء أكثر..
بس اللي يحب ما يبي من حبيبه يعامله كأنه مجرد واجب يسويه على أكمل وجه وخلاص..
جميلة أنا أحبش فوق ما تتخيلين.. وأنتي صرتي عارفة ذا الشيء زين!!
ما أقدر أجبرش تحبيني غصبا عنش..
بس على الأقل أبي أحس إنه فيه أي مشاعر في قلبش لي..
مودة على الأقل!!

ثم أردف بسخرية موجوعة: صرت أحس إنش تستانسين يوم أتأخر..
كأنه وجودي ثقيل على قلبش..


جميلة تشعر بحرج فعلي.. أ لهذه الدرجة مشاعرها واضحة له؟؟
رغم أنها تحرص ألا تظهر..

همست باصطناع: فهد حرام عليك.. صدقني أفكارك هذي كلها غلط..

هز كتفيه بذات السخرية المرة: إيه غلط!!



فور انتهاءه من عبارته تصاعدت طرقات حادة على باب جناحهما..
جميلة انتفضت بجزع..
بينما فهد توجه ليفتح ليعود لها بعد دقيقة وهو يهمس باستعجال ويرتدي ملابسه:
بسرعة جميلة بدلي والبسي عباتش..
مرت عبدالله بتولد.. وهو مايبي يقول لأمي ولا أمها يروعهم .. وأختي وأختها حوامل..
ويبي وحدة تدخل معها للولادة..








***************************************







" فهد يا أخيك ما تقدر تكلم مرتك تطمنا..
أعصابي مهيب مستحملة!! "


فهد بحزم: عبدالله اصطلب شوي.. قلت لك قبل تلفونها مسكر..
وأنا قايل لها لو صار أي شيء تطلع وتطمنا..
شوف حالتك.. ما باقي إلا تبكي!!


عبدالله زفر: تدري فهد ترا ماني بناقصك الله يرحم والديك!!

فهد جالس في مقعده ينظر لعبدالله الذي لم يجلس حتى.. رغم مرور أكثر من 3 ساعات على وصولهم..
يروح ويأتي.. وهو حينا يزفر.. وحينا ينظر للساعة.. وحينا يتمتم بالدعاء..


"أ يُكتب لي أن أشعر أنا بهذا التوتر اللذيذ والانتظار الشهي في يوم من الأيام؟؟

قد أكون ألوم عبدالله ظاهرا..
لكن قد يكون ما أشعر به هو محض غيرة صافية..

يحبها وتحبه بجنون.. والكل يعلم ذلك!!
ينتظران مولودا يتوج هذا الحب والسعادة..

وأنا كل ما أنتظره أن تشعر بي فقط!!
لا أنتظر مولودا أعلم أنه قد لا يأتي مع ما مرت به من ظروف من صحية..
أنتظر إحساسا فقط.. محض إحساس!! "



بعد دقائق رن هاتف فهد..
فهد خرج من استراحة الرجال للممر..
عبدالله لم يستطع الصبر حتى وهو يخرج خلف فهد..
سيجن من قلقه على جوزا ورعبه من أجلها..


جميلة حين رأت عبدالله مع فهد ابتسمت بشفافية وهي تهمس باحترام رفيع:
مبروك يا أبو حسن جالك ولد يجنن.. يشبه حسون..


عبدالله بأنفاس ذاهبة.. كان يشهق: المهم جوزا.. جوزا أشلونها؟؟

ابتسمت جميلة بتاثر: جوزاء طيبة.. وولادتها كانت من أحسن وأسهل مايكون ماشاء الله..

حينها تنفس عبدالله بارتياح وهو يزفر بسعادة محلقة: الحمدلله الحمدلله..

فهد ابتسم: ألف مبروك يأبو حسن.. على البركة الرجّال..

عبدالله احتضن فهد وهو يهتف بسعادته الغامرة:
ترا الرجّال اسمه فهد عليك!!





*********************************





اليوم التالي
.
.
.


" كذا يام حسن تسمون الولد على فهيدان
وأنا اللي قاعد حارس حسون في البيت عقب ماكدرتوا نومي..
ما تسمون علي!!

يعني عشان فهيدان ترس لكم الغرفة ورد وحلويات..؟!
لو سميتو علي كان جبت لكم وردتين من الزرع اللي على الكورنيش.. وقوطي رهش من سوق واقف !!"


جوزا تهمس بإبتسامة أخوية من خلف جلالها الذي يغطي وجهها:
ماعليه يا ابو خالد السموحة ذا المرة..
جهز لنا الوردتين وقوطي الرهش حق ولادتي الجاية إن شاء الله!!


هزاع يميل على كتف أمه مقبلا: شهدتي يمه؟؟ مهوب يكذبون علي..
ترا الولد الجاي حقي وباسمي.. كيفي فيه عقب.. إن شاء الله أقلصه في الجيب!!

ضحكت أم صالح: شكلهم يأمك بيدعون ماعاد يجيهم إلا بنات..

هزاع بتأفف: أفا يأم صويلح كذا.. تشتمين الأعادي فينا..

عالية تضحك: الأعادي هذي مقصود فيها أنا؟!!

هزاع بمرح: أنتي قلتيها مهوب أنا...
ماتبين لش أنتي بعد وردتين وقوطي رهش؟؟

عالية بإبتسامة مرحة: لا يأختك.. الله الغني... عادني ابي ولدي.. دور لك خروف تقلصه في جيبك!!
ثم أردفت بذات الابتسامة: يا الله قوم بسلامتك... لمتى وأنت مبلط.. عبدالله راح وأنت قاعد..

هزاع يعدل غترته فوق رأسه ويهمس بمرح: القعدة عند الوالد تونس... عيشة وفلة حجاج..

عالية بمرح: خلني لين أولد وأتنفس وأجي عندكم وتشبع عيشة يا الدب..
قوم خالاتي بيجون الحين.. قلنا لك ألف مرة.. وعبدالله استحى على وجهه وراح
وأنت السحا ماتعرفه..!!

هزاع بحماس: يا سلام خالاتي جايين.. وهذا المطلوب.. خالتي الجازي بتجيب عصيدة؟؟
أموت على عصيدتها..

عالية تشده لتوقفه: خلاص قوم.. عط أم حسن مجال تتنفس..
وخالاتي بناتهم معهم بتقعد معهم بعد؟؟

هزاع بتأفف مازح: واخيه على كذا بنات.. هذولا تسمينهم بنات..؟؟
اللي مهيب النوري هي الوحيدة اللي تنبلع لا صار معها ماي بس.. وإلا الباقيات أنا أحلى منهم..

أردف بمرح وهو يقف ويتجه لسرير فهد الصغير ويضع فيه ظرفا:
أنا بأروح عشان خاطر أم حسن بس تأخذ راحتها!!






***********************************






" لو أدري خالاتش هنا كان أجلت زيارتي شوي.."


عالية تبتسم وهي تميل على أذن وضحى بخفوت: اللي يسمعش مايقول إنهم كل يوم طابين عليش في البيت..

وضحى بإبتسامة.. فشر اليلية مايضحك: ماعليه في البيت الفضايح ملمومة..
أخاف الحين يقطون كلمة مالها سنع ويحرجوني قدامكم..

عالية بتحدي: خلهم يقطون.. واعرفي أشلون تردون عليهم!!
ثم أردفت في أذنها: خالاتي احترميهم بس عرفيهم حدعم.. هم صحيح ماراح يخلون قط الحكي
بس ترا الوضع بيكون أخف عليش بواجد..
شوفي الحين.. ماعاد يوجعون جوزا بالحكي مثل أول.. لأنها ردها جاهز عليهم.. ترد كلمة جامدة وباحترام..
جميلة مايقولون لها شيء لأنهم خايفين من فهد يشرشحهم.. وفهد في الحق ماعنده يمه ارحميني!!


وسرعان ماحضر ماتخشى منه وضحى.. إذا هتفت نورة بصوت عالي:
ها وضحى وأنتي ماسويتي شيء..؟؟


عالية كانت من ردت باستظراف مصطنع: سوت قهوة وشاهي وهذي هي جابتها معها..
وجابت لنا سلة ذا الشكولت الفخمة الذوق اللي يخلي غاليها..

نورة بحدة: ما سألتش يا بنت صافية..!!
كم مرة قلت لش اللقافة شينة..
أنا أسأل مرت أخي..

أم صالح كانت هذه المرة من ردت بحدة: وبنت صافية وش فيش حاطتها على رأسش..؟؟
وخلي مرت نايف منش.. البنية توها مالها شهر ونص معرسة..
لو صار شيء بتدرين به!!

نورة بغضب: إنش اللي مقوية رأس بنتش.. ماكني بأختش الكبيرة وأكبر خالاتها..
ترد الكلمة بكلمة!!

صافية ردت بغضب مشابه: على رأسي وأنتي دارية.. بس مافيه داعي تحرجين الوضيحى.. توها تقول ياهادي!!

الاثنتان سكتتا.. مع همسات شقيقاتهما المتواجدات..(بس الله يهداكم)


وضحى مالت على أذن على عالية بحرج: شفتي الإحراج.. وخالتي أم صالح تمشكلت مع أختها بسبتي..

عالية باستغراب: صحيح أمي أحيانا ترد عليها.. بس لا استفزوها صدق..
بس الحين توها خالتي نورة تسوي تحمية مابعد نزلت الملعب.. غريبة حدة أمي!!



أم صالح تتنهد في داخلها.. لم تكن تريد الرد على نورة..
ولكن نايف رجاها بشدة أنه في حال تواجدها.. ألا تسمح لشقيقاتها الأخريات بمضايقة وضحى!!
وأن تخبره بالذي يحدث!!

فهو متعب من هذا الأمر ويريدها أن تساعده..
وهي تدخلت هذه المرة من أجله!!

لم يطلب من عالية.. لأن عالية سيبقى لها حدود تلتزمها.. وهن سيغضبن منها..
لكن صافية يعلم يقينا اتفاق شقيقاتها على معزتها!!






**************************************








" يا الله يا ام حسن..
صحيح ماطولتي في الولادة..
بس مرت علي ذا الثلاث ساعات كنها ثلاث سنين!!"


جوزا شدت على أنامل عبدالله التي تحتضن كفها وهي تهمس بتأثر:
الله لا يحرمني منك.. الحمدلله على عطاه يوم عطانا..

ابتسم عبدالله بمرح وهو يقف ويميل على الصغير ليقبله: عقبال ما تجيبين لنا بنوتة..
خلاص مانبي عيال.. عشان ما ينشب لنا هزاع بالوردتين وقوطي الرهش..


ضحكت جوزا: ياحليله هزاع.. يستاهل نسمي عليه..
هو أكثر واحد خاطره وسيع على البزران هو الوحيد اللي يستحمل ولدي وعيال صالح لا تجمعوا عليه!!
وبعدين يا أخي أخاف أجيب بنت يجيك حالة أخيك صالح..

عبدالله يعود ليجلس جوارها على السرير ويحتضن كتفيها بولع باسم:
لا صالح انعدل حاله الحمدلله.. وأنا الحمدلله حالي معدول من زمان!!






************************************






" ياحليله أخيك عبدالله..
مابعد شفت رجال جنتل وحساس كذا..
لدرجة إنه يحلف ماحد يبات عند مرته غيره!! "


فهد ابتسم: ولا يهمش.. لا ولدتي.. والله مايمسي عندش حد غيري..
دام بتمدحينا..


جميلة همست بانكسار: فهد أنت تعايرني عشان عارف إني عندي مشكلة في الحمل..؟؟

فهد بجزع رجولي حقيقي وهو يشد كفيها: والله العظيم ولا خطر ببالي..
أنا كنت أمزح معش بس!!


جميلة شدت كفيها من يديه وهي تهمس بذات الانكسار: وإلا تقصد.. عادي!!

فهد تنهد وهو يشدها ليحتضنها ويهمس في أذنها بوجع رجولي خالص:
ياشينه الواحد لا درا بغلاه.. ويدور اللي يوجع مغليه!!
مايوجعني كثر ذا النظرة والنبرة!!







****************************************










بعد أربعة أشهر
.
.
.





" الحين يمه من أكبر.. فهودي وإلا غنوم؟؟"


نجلا تبتسم وتجيب ابنها خالد: غنوم أكبر بحوالي شهرين يأمك..

خالد بتأفف طفولي: زين ليش فهودي أكبر من غنوم؟؟

جوزا انفجرت بالضحك: نجلا.. كنه ولدش يتنظل ولدي؟!!

عالية تضحك وهي تشد خالد وتحتضنه وفقا ما يسمح لها بطنها المتضخم بعد أن دخلت شهرها السابع:
هذا يا حبيب عمتك.. عشان أمك جابت فيران.. مهوب بزران..
فلا تقارنهم بالبزران العاديين..

جميلة تضحك وهي تشد خالد ناحيتها وتحتضنه برقة حانية: حرام عليش عالية..
صدق ما عندش إحساس.. تقولين للبزر كذا؟!!

ثم أردفت بحنان شفاف: حبيبي خلود.. غنوم ومهاوي كانوا تعبانين شوي..
كل ما يكبرون كل ما يصيرون أكبر!!


خالد يمد أنامله الصغيرة ويشد لفات شعر جميلة اللولبية التي طالت قليلا لتصل إلى كتفيها.. ويهمس بطفولته الشفافة:
خالتي جميلة لا جبتي أنتي وعمي فهد بنت.. أنا بأتزوجها.. عشان بتصير حلوة مثلش!!

عالية تضحك: الولد هذا خربان.. أكيد هزاع مخربه!!

نجلا تضحك: لا والله لا تتهمون هزاع ظلم.. هذا صالح قلبه أخضر..
يقول لهم اللي من عمانكم بيجيب بنت حلوة بنأخذها..
والشينة بنخليها لعيال عبدالله!!

جوزا بمرح: يا سلام عليكم.. واحنا يعني مسمين على فهد ببلاش..
بنت فهد لنا..
وأنتو خذوا بنت غانم اللي سميتوا عليه.. هذي مزون حامل..



جميلة سكتت.. مشاعر متضادة اخترقت روحها..
قد تكون لا تريد أن تحمل.. وتحمد الله أن حملها تأخر..
فمشاعرها تجاه فهد مازالت تعاني البرود والضبابية والجمود رغم محاولاتها لتغيير مشاعرها تجاه شيء أكثر إيجابية..


ولكنها على الجانب الآخر.. لا تنكر رغبتها لتصبح أم.. فمهما يكن هذه رغبة مغروسة في كل أنثى..


أخرجها من أفكارها اتصال من فهد يطلب منها أن تحضر له..
استغربت.. (هل يكونون قد انتهوا من غداء يوم الجمعة المعتاد؟؟)


جميلة استاذنت لتخرج مع مجموعة من التعليقات غالبها من عالية..

حين وصلت للأعلى.. وجدت فهد قد فتح حقيبته على السرير..
همست باستغراب: بتسافر مكان؟؟


فهد باستغراب أكبر: بأسافر؟؟
قايل لش قبل كم يوم إني الجمعة بأسافر عندي دورة أسبوع في الامارات!!

ثم أردف بتذكر يائس: إيه نسيت... أكيد كنتي منتي بمنتبهة معي كالعادة!!


جميلة تحاول بحرج أن تتذكر.. فلا تستطيع.. والمأساة أنه محق..
فهو في أحيان كثيرة يندفع في الكلام.. لتسرح هي ولا تركز في شيء مما يقوله
لشعورها بالتأفف من كثرة حديثه.. وهي لا تريد أن تبدو أمامه غير مهتمة ..فتسرح..!!


جميلة أجابته بإصطناع: إيه تذكرت.. سامحني.. كان لازم أرتب شنطتك قبل..

صمت وهو يجلس جانبا.. مطرزا بحزن شفاف..
يعلم أنها لم تتذكر..

بل يعلم ماهو أكثر من ذلك ألما...
يعلم أنها لولا شعورها بالخجل وإلا لا كانت انفجرت أمامه الآن من الضحك لشدة سعادتها أنه يفرج عنها أخيرا!!


والمأساة أنه كان محقا أيضا.. فجميلة كانت تغالب ابتسامتها حتى لا تظهر..
فهي فعلا سعيدة أنها أخيرا ستأخذ مساحة من الحرية بعيدا عنه..


فطوال الأشهر الماضية.. كان عمله له طبيعة معينة.. فلم يكن يتغير.. بل في وقت ثابت صباحا كدوام الموظفين..
لذا لم يسمح لها أن تبات عند أمها ولا لليلة واحدة..

وهو ملتصق بها بطريقة كانت تثير ضيقها.. ومع ذلك تحاول أن تظهر رضاها الذي كان يعلم أنه ليس أكثر من رضى مصطنع..

وهو يقول لنفسه:

" (كثر الدق يفك اللحام) لو سمحت لها أن تبتعد عني.. ستعتاد..
أريدها أن تعتاد على وجودي في حياتها..
أريدها ان تشعر في قربي .. ببعض مما أشعر به في قربها..
أريدها أن تشعر أي لهيب يحرقني وهي في حضني..
بينما هي تتسربل بالصقيع الذي أحاول يائسا ألا يصل لعمق روحي!!"



جميلة أنهت الحقيبة وأغلقتها..
وقف ليقترب منها وهو يهتف بسكون: تبين أوديش هلش الحين؟؟

همست برقة: لا.. بأتغدى مع أمي صافية والبنات..
وأرتب مكاني.. والعصر بأخي أمي ترسل سواقتها لي!!!
تروح وترجع بالسلامة..


هتف بذات السكون: من قلبش ذا الدعوة؟؟

جميلة همست بغضب عذب: فهد وش ذا الكلام؟؟

فهد هز كتفيه وهو يتناول الحقيبة وينزلها أرضا:
أحسه عادي عندش لو رحت.. وما رجعت!!

جميلة بذات الغضب الرقيق: إحساسك هذا أسخف إحساس ولا له معنى..!!

فهد شدها ليحتضنها بقوة..
رغم أن عظامها آلمتها لشدة احتضانه لها ولكنها لم تقل شيء وهو ينهي احتضانه لها بقبلة على أذنها..
وهو يهمس في داخل أذنها بوجع يختفي في طيات حزم صوته: اللي موجعني إنه إحساس صدق وأنتي عارفة إني عارف!!

جميلة صمتت.. ماذا لديها لتضيفه وهو يحمل حقيبته ويهتف بحزم:
أنا حطيت في حسابش فلوس زيادة من أمس..
سلمي لي على عمتي وخلي بالش من نفسش!!

جميلة همست برقة: زين طمني عنك أول ما توصل!!


أجابها بسكون: ما أقدر أكلمش... بيأخذون تلفوناتنا أول مانطلع الطيارة..
بأرجع السبت الجاي إن شاء الله..


لن يأخذوا هواتفهم.. لكنه قرر أن يريحها فعلا منه..
ويريح نفسه من لهفته التي يعلم أنها لن يجد مقابلا لها إلا البرود أو اهتمام مصطنع سيؤلمه أكثر من برودها..

وما يؤلمه أكثر وأكثر أنه يعلم أنها لن تكلف نفسها أن تتصل بهاتفه حتى..
لتعلم هل هو محق أو لا...!!!



ما أن أغلق الباب خلفه حتى تنفست جميلة بعمق..
وهي تشير بيدها علامة (yes) وتهمس بسعادة: يس.. يس.. يس.. وأخيرا.. أجازة لي.. حتى المكالمات رحمني منها..
ما بغى يفارق ويفك مني شوي..
كنت خلاص بانفجر من ثقل وجوده على قلبي..






***************************************






يتحسس بطنها المتكور بحنانه الخاص وهو يهمس بنبرة حنانه الخاصة أيضا:
مهوب كن بطنش صغير... بطن عمتي أكبر!!


ابتسمت كاسرة وهي تضع يدها فوق يده برقة: أنا في السابع وأمي في الثامن..
يا أخي خل غيرك هو اللي يراقب بطن أمي..

كساب ابتسم: غيري راقب لين أحولت عيونه..
شوفيه بس لا مرت عليه يحط نفسه مهوب منتبه وهو ماباقي إلا ينط من مكانه..
حركات عاجنينها وخابزينها..

كاسرة تنهدت: والله طولوا واجد وحالهم مايسر.. والمشكلة رأسهم يابس اثنينهم..

كساب بثقة: خلينا منهم.. تعبونا معهم كنهم بزران..
أنا عندي اقتراح.. اشرايش أروح أنا وأنتي للمزرعة يومين..
الجو الحين يجنن.. وخاطري اقعد انا وانتي بروحنا لا شغل ولا دوشة..

كاسرة بتردد: وأمي أخليها بروحها؟؟
ثم أردفت بابتسامة لا تخلو من خبث: أخاف عليها من إبيك.. وهم بروحهم في البيت..

كساب بابتسامة محملة بالخبث: ياحرام مساكين.. قاعدين بريحاتهم لا أنيس ولا ونيس.. والشوق ذبّاح.. والشيطان شاطر!! و..........


كاسرة احتضنت رأسه وهي تضحك برقة: بس كساب الله يقطع ابليسك!!


اسند رأسه لصدرها وصمت..
مكتفيا بسماع دقات قلبها وأناملها تعبر خصلاته بحنان..

طوال الأشهر الماضية.. تبادلا سعادة صافية حقيقية..

لا يخلو الأمر من مشاحناتهما المعتادة وحدة شخصياتهما..
ولكن كل منهما بدأ بتقبل ذلك كجزء من بهارات الحياة..

كاسرة تمرر أناملها بين خصلاته بولع حقيقي..
قد يكون مطلقا لم يقل لها أنه (يحبها ) ككلمة.. ولكنها ماعادت بحاجة لسماعها لتعلم كم يحبها!!

أصبحت تعلم يقينا أن الحب ليس مجرد كلمة تُقال.. بل هو موقف ومسؤولية وإحساس..
وكلها منحها إياها كساب.. كما منحته هي إياها..


تنهدت وهي تشعر بالندم على كل لحظة أضاعتها في انتظار هذه الكلمة وكساب أمامها وبين يديها..

شدت رأسه لتحتضنه بقوة أكبر.. (أنت أكبر من كلمات الحب التي قيلت والتي لم تُقال!!)


لا تنكر أنها تتمنى سماعها من بين شفتيه.. لأنها تشعر أنها ستنفجر لتقولها له..

تشعر أنها من بين شفتيه ستكون كقنبلة لا مثيل لقوتها بين حناياها..
ستفجر كل مشاعرها المكبوتة.. والتي تحاول إظهارها وتجد نفسها عاجزة ولا تعلم السبب..








****************************************






كم هو محق ابنه اللئيم..!!


يراقبها بوجع.. بل بما هو أشد من الوجع!!
يراقب تغيراتها بدقة.. بطنها التي تكبر.. وهو يشعر أنه سيذوي لمجرد أن يتحسسها بيدها!!


تتحاشى أن تتصادف معه.. وقد يمر يومين أو ثلاثة لا يراها..
يشعر حينها أنه أوشك على أن ينضج تماما..
ويحاول أن يصتادها حينها بأي طريقة.. يرابط في الصالة السفلية قريبا من الدرج
وهو يدعي مشاهدة الأخبار!!
أو يذهب لزيارة والدها في غرفته!!

حينا تنجح محاولاته وأحيانا تفشل..
وكل ما يناله منها حديث رسمي مقتضب..



والمؤلم أكثر من كل شيء!! والجارح لأبعد مدى!!
أنه لم يرى وجهها منذ آخر مرة رآها في المستشفى!!
فهي تنزل وتصعد ببرقعها على وجهها كعادتها!!
سيموت ليرى ابتسامتها فقط!!


وما يؤلمه أيضا.. (ويا لا كثرة مابات يؤلمه..!!)
أنه منذ أشهر.. منذ تحسنت حالتها الصحية.. وهو يعلم أنها من ترتب جناحه وملابسه..
يعرف لمساتها.. يشعر بها!!


حين يدخل.. يكاد يقسم أنها كانت هنا قبل ثوان...
فمازالت رائحة عبقها تعطر الجو.. وتعتصر قلبه بلا رحمة..

حاول جاهدا أيضا أن يصتادها ولو لمرة واحدة في جناحه..
فقد يرى وجهها حينها..
ولكنه في هذا الأمر لم ينجح ولا لمرة واحدة!!



منذ ماحدث بينهما في المرة الأخيرة وهو يراجع طبيبا نفسيا..
الطبيب يقول له منذ عدة أسابيع أنه ماعاد فيه ما يستدعي الزيارة!!

فكل ماهنالك أنه رجل عاشق عجز عن السيطرة على مشاعره
وأظهر عقله الباطن هذه المشاعر سواء بمناداته له أو بإمساكه القوي له..

كل ما يحتاجه هو تقنية السيطرة على مشاعره وتوجيهها التوجيه الصحيح..
فهو كان يناديها واستمر في منادتها لأنه لم يخبرها بمشاعره كما يجب!!

لو أنه لم يسكت عن إخبارها بمشاعره بعد أيام من زواجهما..
لكان كبت السنوات كله ليخفف رويدا رويدا.. لتتحول مشاعره لاتجاه إيجابي..

لكنه عاود كتم مشاعره.. لذا استمر في مناداتها كما كان..
وحين شعر أنه ماعاد قادرا على مزيد من الكتمان ومشاعره تتحول نحوها لاتجاه أكثر قوة وتجذرا هو كان يرفضه..
كان تمسكه بها بهذه الطريقة لدرجة أن تغوص أنامله في جسدها!!


هكذا فسر له الطبيب حاله.. وعلمه على تقنية السيطرة على المشاعر..

ولكنه مازال يخشى عليها هي من مشاعره التي يشعر بها تتضخم كل يوم أضعافا مضاعفة عن اليوم الذي قبله..
يخشى عليها من حبه.. الذي يخشى أن يكون خطرا عليها!!






***************************************








اليوم التالي
.
.



" جميلة يأمش.. وجهش كلش مهوب زين من صبح..؟؟


جميلة بإرهاق: مارقدت من أمس يمه.. تعبانة باموت أبي أرقد..
تكفين يمه.. خلني أكل بنادول نايت ..

عفراء بإصرار غاضب: أنا حالفة عليش من زمان إن ذا البنادول ماعاد يطب حلقش!!

جميلة بإرهاق عميق: يمه صرنا عقب الظهر وأنا مارقدت.. أنا ما أصلي.. خلني أكل بنادول وأنام..
تكفين يمه..

عفراء برفض: إذا فيش نوم بترقدين بدون حبوب..
ثم أردفت عفرا بإبتسامة: ترا ذا الطبع أنتي خذتيه مني.. أنا عقب ما تعودت على النوم جنب منصور..
اليوم اللي عنده زام في الليل ما أقدر أنام!!

جميلة بحرج جازع: يمه وش دخل؟؟

ضحكت عفرا: وش دخل؟؟ كل السالفة إنش مشتاقة لفهد وعشان كذا منتي بقادرة تنامين..
لا تعبتي بتنامين!! وماوراش شي.. حن في إجازة الربيع ذا الحين..


جميلة زفرت بغضب: غلطانة يمه.. أساسا أنا أبيه يفك مني شوي عشان أرتاح..

عفراء بإبتسامة عذبة: على أمش ياجمول؟! الحين انتي البارحة أو قبل البارحة.. أو الشهر اللي فات..جاش ذا الأرق؟؟


جميلة تحاول أن تتذكر.. وتتمنى أن تكون شعرت بهذا الأرق.. تعتصر ذاكرتها.. فلا تجد شيئا..

ما تتذكره أن فهدا يمد ذراعه لها.. لتضع رأسها على كتفه..وتدفن وجهها في عنقه..
وهو يهمس لها بدفء موجع بالكثير من الكلمات التي تعي بعضها ولا تعي البعض الآخر لأنها تكون غرقت في النوم!!


جميلة زفرت وهي تحاول أن تهمس بطبيعية: زين عمي منصور ماقال لش إن فهد كلمه..؟؟



عفراء هزت رأسها بلا.. وهي تتلقى بإبتسامة حنونة زايد الذي بدأ يخطو خطواته الأولى منذ أيام!!







************************************






تعبر أمامه بتوتر..
وهي عائدة للتو من بيت ابنها..

وتعلم أنه لا يوجد في البيت سواهما بعد ذهاب كاسرة وكساب منذ الصباح للمزرعة..

لأول مرة يخلو عليهما البيت منذ عودتها من المستشفى!!
حتى لو سافر كساب لعمل.. فكاسرة موجودة معها..
ولا تستطيع أن تبقى في بيت ابنها وهم يعلمون أن زايدا في البيت!!


همست بالسلام وهي تعبر من أمامه متجهة للأعلى!!
رد عليها السلام وهو يهتف بحزم قبل أن تهرب:
زين تعالي اقعدي معي شوي.. أنا ما تعشيت.. وخاطري أشوف حد قدامي وأنا أكل!!


توترت بشدة..
فهي لا تضطر للجلوس معه إلا في وجود مزون أو شعاع.. وكلاهما يمثلان الطبيعية رغم أنهما يجلسان متباعدين..
وعلى كل حال لم تجلس معه وحيدة مطلقا!!


وهــــي
في غيابه الحقيقي/ وجوده الظاهري

متوترة.. ويائسة.. ومرهقة..
تعبر شهور حملها الثقيلة وحيدة.. تئن طوال الليل من الألم ..
وأقصى ما تحلم به هو يده تشد عليها كلما اعتصرتها الآلام!!!


تدعي أنها بخير أمام الجميع بلا استثناء..
رغم أن حملها منهك جدا.. لا تكاد تتنفس من الثقل الذي تشعر به..
وتعاني من الزلال.. وقدماها منتفختان على الدوام..والمشي بات أشبه بمأساة لها..
ومع ذلك تمشي.. وتمشي.. وهي تقوم بمهامها للجميع دون أن تشتكي..

بنتا لجابر..
وأما لأبنائها وأبناء زايد.. ولسميرة ونايف معهم..
وربة لبيت زايد وهي تهتم بترتيب أغراضه وعزائم ضيوفه..


هي كل شيء..... إلا امـــرأة....
تفتقد لشريك حياتها ووجوده جوارها إلى حد الوجع المضني!!!


وقفت أمامه دون تجلس.. وصحن العشاء الليلي الخفيف مغطى أمامه منذ وقت طويل..

همست بسكون: العشا شكله برد.. خلني أسوي لك غيره..

أجابها بثقة: هو أساسا بارد.. سلطة وسندوتش وعصير.. بأكل الحين
بس اقعدي..


جلست.. وهي ترخي ثوبها الطويل على قدميها حتى تخفيها..

حينما يجلس شخصان وحيدان..
ملاحظة كل منهما للآخر تقفز للذروة..لأن تركيز كل منهما على الآخر
فكيف بمن هما في حالهما؟؟
كل منهما سيموت ليحضى بنظرة من الآخر!!


خشيت فعلا أن يرى قدميها.. ولو كان معهما أحد ثالث ربما لم تكن لتخشى أن يلاحظ..

وهو أيضا.. بدت له حركتها في إخفاء قدميها غير عفوية إطلاقا..
لذا هتف بحزم مباشر: مزنة رجلش وش فيها؟؟

مزنة همست بحزم مشابه: مافيها شيء؟؟

زايد بذات الحزم: زين ليش تدسينها؟؟

ردت بذات المستوى الذي لا يتذبذب من الحزم: مادسيتها.. واسمح لي.. تبي تتعشى أو أقوم أروح لغرفتي؟؟

زايد بأمر صريح: خلني أشوفها..

مزنة وقفت وهي تهتف بثقة: اسمح لي..

أجابها بنبرة حادة أقرب للغضب: تعصيني؟؟ قلت لش خلني أشوف رجلش..
تنفذين..
واقعدي أنا ماقلت لش قومي!!

مزنة تنهدت وهي تجلس: زايد هذا مهوب أسلوب تكلمني فيه..

زايد شد له نفسا عميقا..
يتمنى لو قال الكثير.. وبأسلوب مختلف.. مختلف..!!

هتف بمهادنة راقية: الله يهداش أقول لش أبي أشوف رجلش.. تعاندين..

مزنة تنهدت بيأس: ما أبيك تشوفها.. من حقي تحترم رغبتي...

زايد بإصرار: ومن حقي تطيعين أمري..

قالها وهو يقف ليجلس جوارها ويرفع طرف ثوبها بنفسه.. ليكشف عن ساقيها وقدميها..


مزنة تمنت أن تمنعه.. فالموقف كله محرج ومؤثر وموجع.. لأول مرة يجلس جوارها منذ أشهر.. ليتصرف هذا التصرف!!

وتعم أنها لو حاولت منعه سيعاند أكثر.. وهي مرهقة تماما نفسيا جسديا!!

تتمنى لو كانت لبست حذاء رياضيا كما كانت تفعل طوال الفترة الماضية حتى لا يلاحظ أحدا ساقيها..

لكنها اليوم تهورت ولبست صندلا.. لأن كل شيء بات يضايقها فيها..
وهي تعلم أن لا أحد في بيت تميم إلا والدها..
لأن تميم دعا وضحى وسميرة للعشاء خارجا الليلة!!



زايد حين رأى قدميها .. تراجع بجزع وهو يكاد يئن..يئن فعلا!!

يكاد يقسم أن صندلها الذي تلبسه أكبر بخمس مقاسات عن مقاسها السابق..
كان شكل قدميها مرعبا..كانتا متضخمتان.. وخطوط الصندل تغوص فيها بشكل واضح..

وساقاها متضخمتان بشكل أكبر والضربات واضحة فيهما لأن من يعاني من الزلال.. أي ضربة حتى لو كانت بسيطة تترك أثرا واضحا!!

همست بسكون موجوع: ارتحت الحين؟؟


بينما زايد هتف برعب مثقل بالرجولة: أنتي صاحية؟؟ تدرين إنش المفروض ما تمشين كلش..
أشلون وأنتي أساسا ما تقعدين على حيلش؟؟

مزنة تنهدت: خلاص هانت.. بأدخل شهري قريب..

زايد يشعر أنه لشدة الألم يريد أن يبكي فعلا..
أ تكون تعاني هكذا.. وهي تعبر أمامه بخطاها الثقيلة.. وهو لا يشعر بها حتى!!

هتف بحزم موجوع: والكلى عندش أشلونها؟؟

مزنة هي من تريد أن تبكي فعلا الآن.. تأثرها يقفز للذروة وهي تحاول أن تجيب بثبات:
زينة..!!


أجابها بغضب حقيقي: كذابة.. مستحيل يكون الزلال معش كذا.. ومايكون متعب الكلى..

تنهدت مزنة بيأس: تعب وقتي.. بيروح لا ولدت..

زايد غضبه يتزايد ويتزايد: والبهايم اللي عايشين معنا.. مايشوفون حالتش..
أشلون ساكتين ومخلينش طالعة نازلة الدرج وأرجيلش كذا ؟؟
وإلا عادي.. كل واحد ماهمه إلا نفسه؟؟

مزنة بسكون: الزلال في أرجيلي بس.. وأنا على طول لابسة جوتي رياضة..
ماحد يدري..
كل واحد مشغول بهمه.. ليش أشغلهم بنفسي بعد؟؟


يا الله .. أتكون تعاني كل هذا؟؟
وهو لا يخفف عنها حتى بكلمة .. والكل لاه عنها هكذا!!



زايد هتف بحزم بالغ: خلاص.. فوق والله ماعاد تطلعين.. بتنامين تحت..

مزنة بحزع حقيقي: وين تبيني أنام؟؟

زايد تأفف: لا تخافين ما أبيش تنامين عندي..
الجناح اللي جنبي فاضي.. من الليلة بتنامين فيه..


مزنة تنهدت.. تعلم أنه لن يتراجع مادام قد حلف: زين خلني لين بكرة..
لين أجيب أغراضي..

زايد بصرامة: أنا حلفت وانتهينا..
الليلة أنا بأجيب لش اللي تحتاجينه.. ومن بكرة الخدامات ينزلون أغراضش.. والله ما تحطين يدش في شيء..


مزنة حرجها يتزايد: زايد الله يهداك منت بعارف تجيب لي أغراضي.. بأطلع أجيبها وبأنزل..

زايد تنهد بحزم أشبه بتنهيدة الوجع: تراني كنت معش في غرفة وحدة لشهور..
يعني مالحقت أنسى وش تستخدمين.. وش تلبسين..


" ليتكِ تعلمين كم استعدت في ذاكرتي
كل عاداتك اليومية كشريط لا أمل من إعادته وتكراره..!!
حتى حفظت كل شيء كمقرر سيمتحنونني فيه!!
أنا الآن أكثر معرفة مما مضى!!"


مزنة لا تنكر تأثرها المتعاظم..
ففي خضم كل هذا الإرهاق.. يكون الإنسان بحاجة للمسة حانية مهما يكن..
فكيف واللمسة الحانية منه؟؟

كيف استطاع اكتشاف كل آلامها من أول جلسة معها..
بينما الجميع يمرون عليها وكأنهم لا يبصرونها!!

قد يكون أبنائها مهتمون لأبعد حد بها.. لا تنكر.. لكن لا أحد منهم لاحظ ما تخفيه!!
لا أحد منهم كلف نفسه أن يفتش خلف ماتخفيه أمه القوية التي يريدها قوية على الدوام..

لكن هــــو بحث عن ضعف الأنثى فيها... ووجـــده!!


صعد بالفعل وأحضر أغراضها ووضعها في كيس..
وهي مازالت تجلس في الصالة السفلية ممزقة بين حرجها وتأثرها..

هتف لها بحزم: عطيني يدش أقومش..

مزنة بحرج: زايد الله يهداك أنا جاية من عند إبي أمشي مافيني شي..
تبي تمشيني ذا الخطوتين!!


زايد تنهد.. قد تكون محقة.. ربما هو يبحث عن أي سبب ليلمسها!!
ليشعر بملمس أناملها بين أنامله من جديد..

أو ربما هو فعلا يشعر بالذنب تجاه تركه لها تعاني كل هذا دون أن يبدي أي اهتمام بها!!






**************************************






" ها يامش الساعة صارت تسع.. ماتبين تنامين؟؟"


جميلة بنبرة مرهقة تماما: مافيني نوم..

منصور بنبرة رجولية حنونة: خلها لين تعشى وعقبه تنام..

جميلة تتجه بالحوار لمنصور وهي تهمس بخجل: يبه فديتك.. فهد كلمك؟؟

منصور بأبوية: لا يأبيش.. كلميه.. خلصوا تدريب أكيد من زمان..

جميلة شعرت بتشوش ما.. كيف يقول لها أن تهاتفه وهاتفه ليس معه..
همست بحذر: أخاف تلفونه مهوب معه!!


ابتسم منصور: دام طلع من التدريب أكيد معه.. وين بيروح؟؟
ليه أنتي ما كلمتيه تطمنين عليه البارحة؟؟


جميلة بحرج: بلى كلمته.. بس اليوم ماكلمته!!

جميلة حملت هاتفها وخرجت..
" معقولة يكذب علي وماخذوا تلفونه؟؟
زين ليش؟؟
ليش يافهد؟؟"


جميلة تنهدت وهي تتصل بعمتها أم صالح..
بعد السلامات المعتادة همست بطبيعية: يمه فهد كلمش الليلة لأني أكلمه تلفونه مسكر؟؟

أم صالح بعفوية حنونة: توه مكلمني من شوي فديته..

جميلة سألت بحذر وهي تشعر بتوجس عميق من الإجابة : كلمش من تلفونه؟؟
أو تلفون ثاني..؟؟


أم صالح تستطيع أن تقرأ قليلا وإن كانت لا تكتب.. وهي تحفظ الأرقام والاسماء المخزنة في هاتفها..


فجرت الإجابة تأثرا عميقا في نفس جميلة وهي تسمع جواب أم صالح القاطع:
من تلفونه يأمش..


جميلة ألقت الهاتف جوارها وهي تنفجر في بكاء غير مفهوم..
بكت بعمق شفاف.. كما لو كانت تكتم وجعا عميقا منذ زمن وتشعر الآن برغبة في تحريره!!


لم يخرجها من دوامة البكاء سوى رنين هاتفها..
لم تكن تشعر برغبة لسماع صوت أي أحد أو الرد على أي اتصال
سوى اتصال شخص واحد.. تريد أن تفرغ فيه غضبها الذي تشعر به الآن..
تريده أن يتصل فيها الآن لتصرخ فيه وتعاتبه وتسبه..
تركت الرقم الذي لم تعرفه يرن حتى انقطع!!

ثم انتفضت بجزع وشيء مرعب وجارح يخطر ببالها..

"الخاين النذل الخسيس يمكن أساسا ما يكون عنده دورة
ويمكن أساسا ماراح الامارات!!
الله أعلم وين راح؟؟ ووش يسوي؟؟
الخاين.. والله لأسود عيشتك.. والله لأسود عيشتك!!"


تناولت الهاتف من فورها لتتصل بفهد بأنامل مرتجفة.. وغضب عارم يجتاح روحها..

فور تناولها للهاتف... وردها اتصال من ذات الرقم الغريب..
فتحت الاتصال دون أن تقصد..

لتتفاجئ بالصوت الرجولي غير الغريب أبدا وهي تهمس بصدمة كاسحة:


خــــلــــيــــفـــــة؟؟!!!







**************************************






" كاسرة.. تعالي بس..
حن جايين هنا عشان تقعدين في المطبخ؟؟"


كاسرة بمودة: بأسوي لك عشا بس..

كساب بمودة أعمق: العشا تلاقين الطباخ سواه أساسا..
وأنا ما أبي عشا..
شوفتش قدامي مثل الحلى اللي عقب العشا..
خبرتي حد يتعشا عقب ما يأكل الحلى ؟!!


ابتسمت برقة: لا ماخبرت.. مثل إني ماخبرت إنه حد يشبع من كلام..
ومع كذا أنا شبعت مع أني كنت جوعانة..

ابتسم كساب وهو يشدها لتجلس جواره: بنتعشى بس بعد شوي
لو مهوب عشاننا... عشان ولدنا مايموت من الجوع..
ثم أردف باهتمام: إلا أنتي ماقلتي لي.. عجبتش المزرعة عقب التغييرات اللي سويتها فيها؟؟


كاسرة احتضنت عضده برقة وهي تهمس بعفوية حانية: تجنن والله..
أصلا أنت كل اللي تسويه يجنن..
ليتك بس تدري وش كثر..................


بترت عبارتها شعرت لثقل ما ستقول أنها عاجزة عن إخراجه كما تشعر به..

بينما هو شعر لحظتها كما لو أن دقات قلبه توقفت انتظارا لما ستقوله..
أنفاسه أصبحت ثقيلة لأبعد حد وهو يهمس بهذا الثقل كما لو أن خروج الكلمات يمزق حنجرته: وش كثر ويش؟؟ ليه سكتي؟؟

همست بإبتسامة تخفي خلفها أنفاسها اللاهثة المتقطعة: وش كثر خاطري أسمع منك سالفة دخلتك السجن واللي صار عقبها؟؟

كساب بإصرار موجوع ( أحقا كانت ستقولها؟!!) : لا ماكانت كذا.. أنا متأكد..

همست كاسرة بابتسامة عذبة مثقلة بالولع: إذا قلت لي السالفة.. كملت لك العبارة اللي أنت صرت عارف تاليها..


حينها ابتسم كساب بأمل شفاف: وعد.. اسمع الجملة كاملة.. لو قلت لش السالفة كاملة..
بس تجمدين لي قلبش..

ابتسمت بحماس: قلبي حديد وجامد.. والجملة تبيها مقدم قلناها..

شد كفها بولع حقيقي: خليها في الآخر عشان الكلام يجر كلام أكبر!!
وخلينا في سالفتي أخلص منها ومن همها..

وعشان تفهمينها عدل.. لازم نرجع بالزمن ورا خمس سنين ونص بالضبط...





#أنفاس_قطر#
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 27-03-11, 07:58 AM   المشاركة رقم: 107
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وسبعة

 



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح الخير ياوجيه الخير...
صباح الأمن اللي ندعي به لكل أخواننا في كل مكان
أنعم الله عليهم بنعمة الأمن والاستقرار.. ورحم موتاهم وتقبلهم القبول الحسن
.
.
الدعاء بالشفاء لزوزو .. وفقط نقط.. اللهم اشفهما شفاء لا يغادر سقما..
وبثبات حمل أنت نور في سما عمري.. اللهم ثبت حملها وارزقها طفلا تاما..
.
أم عجايف الحمدلله على السلامة ومبروك ماجاك بنوتة وإلا ولد؟؟
وجميلة من أيام العلاج تدري إنه بيكون عندها مشكلة في الحمل عشان الدورة وقفت معها أكثر من سنة..
ومنصور بلغ فهد أيام الخطبة..
.
شكر خاص جدا لـ (لامارا) اللي سوت بارت إبداعي سبيشل لهزاع...
خلاص يا لامارا كفاية على هزاع بارتك يكفيه عن ألف عرس :)
هو يطول؟؟ يحمد ربه :)
.
البنات بعدهم يتساؤلون عن عادة لبس البرقع للمرة حتى عند زوج بنتها..
أمي شخصيا في سن مزنة تقريبا... زوجي ما عمره شاف وجهها :)
.
.
.
أبو البقاء الرندي قال:
لكل شيء إذا ماتم نقصان....

وروايتنا لازم لها يوم وتنتهي .. وتأكدوا مثل ماقلت ألف مرة إنها بتنتهي بالضبط مثل ماقررتها من البداية
لا مشهد واحد زايد.. ولا مشهد ناقص!!

ترا ما أقصد اليوم :)
يعني اقراو براحتكم مهوب البارت الأخير.. لكن أنا بس حبيت أرد على نبضات القلب اللي يتساؤلون
والله يديم المودة بين قلوبنا..
.
بارت اليوم بارت خاص جدا... ورجائي الخاص..
إنه ماتقفزون لنهاية البارت قبل ماتقرون كل حرف من البداية
وإذا وصلتوا للنهاية عرفتوا السبب..
.
يا الله البارت 107
.
أدري بتقولون قصير.. مع إنه موب قصير :)
بس لأنه صياغته لازم تعتمد على هالمشاهد بس
وتعويضكم ببارت طويل يوم الثلاثاء الساعة 9 صباحا على خير..
.
.
قراءة ممتعة مقدما..
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.


بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وسبعة








تناولت الهاتف من فورها لتتصل بفهد بأنامل مرتجفة.. وغضب عارم يجتاح روحها..

فور تناولها للهاتف... وردها اتصال من ذات الرقم الغريب..
فتحت الاتصال دون أن تقصد..

لتتفاجئ بالصوت الرجولي غير الغريب أبدا وهي تهمس بصدمة كاسحة:


خــــلــــيــــفـــــة؟؟!!!



صوته وردها مرتبكا محرجا بعيدا: مساج الله بالخير جميلة...

ردت بارتباك أكبر: هلا خليفة.. فيه شيء؟؟
عمي أحمد فيه شيء؟؟


خليفة ارتبك أكثر..وأكثر... وكثير مما يريد قوله يتسرب من خياله...

( أ حقا هذا صوتها؟؟ لماذا يبدو لي مختلفا؟؟
خاليا من نغمته الحلوة..
بل أقرب للبلادة!! )


خليفة يجمع كل حزمه رغم ارتباكه: أنا صار لي 3 شهور أنتظر ذا اللحظة..
حسبت لها يوم بيوم وشهر بشهر..


جميلة تشعر باستغراب عظيم وبضيق أعظم.. تتمنى لو انتهى هذا الاتصال بسرعة..

تشعر أنها تخون فهد بتلقيها لهذا الاتصال والسماح لصوت خليفة بدخول أذنها
وهي تعلم غيرة فهد الشديدة وتضايقه من مجرد اسمه..


بل شعرت بإحساس غريب وهي تسمع صوت خليفة بعد مرور كل هذا الوقت..
أن زخم حضور خليفة السابق في روحها يتضاءل ويتضاءل.. وهي تراه باهتا تماما أمام إشعاع فهد وألقه في روحها..
كما لو أنك أطفأت مصباحا فجأة... ثم أشعلت مصباحا آخر فورا..


همست بهذا الضيق والاستغراب: وليش 3 شهور بالضبط؟؟

خليفة ارتبك أكثر.. وأفكاره تتشوش تماما... يتمنى لو أنه لم يتصل..
بدت له هذه المرأة غريبة.. باردة.. جافة..
وخالية تماما مما كان يفتنه فيها!!
(وش كان عاجبني فيها؟؟!!)

يشعر لأول مرة برغبة عارمة أن يترك كل هذا ليتوجه ليدفن وجهه بين كفي زوجته ويغمرهما بقبلاته..

وهو يعلم أنها تنتظر مولودهما الأول بين لحظة وأخرى بعد أنهت شهرها التاسع تقريبا..
وتوجهت لتقضي أيامها الأخيرة عند أهلها.. بعد أن يأست أنها قد تثير في نفسه التفاعل الذي تتمناه..

بينما هي تكاد تقتل نفسها لتحصل منه على مجرد ابتسامة رضا..
يضن بها عليها وهو يتسربل ببرود غريب رغما.. رغم أنه يحاول أن يبدي لها طيب تعامله ردا على طيب تعاملها..

ولكنه كان يحلق في عالم آخر بعيدا عنها.. وهي احتملت من أجله كل شيء!!


حرر عنقه من أزراره العلوية.. وهو يشعر بالاختناق والكلمات تجف على شفتيه..
وجميلة همست بذات الضيق والحرج: خليفة فيه شيء؟؟ أو اسمح لي أسكر..

خليفة باختناق: أنا كنت أنتظرج تخلصين عدتج.. عشان يكون لي حق أكلمج..

جميلة بصدمة: عدة؟؟ أي عدة؟؟

خليفة بحرج أشد: سمعت إنج تطلقتي قبل 3 شهور..

جميلة باستنكار: تطلقت؟؟ من اللي قال ذا الخرابيط..
عمي أحمد قال لك كذا..؟؟


خليفة حرجه تزايد وتزايد: لا.. وحدة من خالاتي قالته.. وأنا حفظت الوقت واستحيت أسأل عن التفاصيل..


جميلة تنهدت وهي تهمس بحزم: غلطان أنا ما تطلقت..
ولولا حشمتك كنت سكرت التلفون لأني ما أرضى أكلم رجّال غريب من ورا رجالي..


خليفة حينها ابتسم..ابتسامة شاسعة...
شعور غريب بالحرية والانطلاق اخترم روحه من أقصاها إلى أقصاها..

كان يظنها طُلقت بسببه.. وخطرت بباله عشرات الأفكار التي حالت بينه وبين زوجته..

ثلاثة أشهر وهو ينتظر شيئا لا معنى له..!!

وشهور قبلها يبكي حلما فر من يديه... حلم لم يكن يوما له..

يبتسم لأنه الآن حر..

يبتسم لأنه لو لم يكلمها لكان بقي أعمى طوال عمره من أجل شيء لا يستحق...
كم يبدو لنا الشيء عظيما لأنه بعيد.. ولم نحصل عليه..
بينما ماهو بين أيدينا هو الأعظم والأجمل..

قد تكون جميلة حلما جميلا.. تعب من أجله وتمناه.. وزاد من حسرته أنه لم يستطع الوصول له..

لكن زوجته كانت حقيقة واقعة.. واقع ناضج.. وصله دون تعب... لذا لم يتحمس له..
لم يفكر ببساطة أن زوجته كانت مكافأة له على أيام الشقاء التي قضاها مع جميلة..

وكم من الأشياء العظيمة تكون بين أيدينا... وتضيع.. لأننا لا نعرف قيمتها..
سعيد لأنه عرف قيمتها قبل أن يفوت الآوان..!!


هتف بذات الابتسامة: أنا بس حبيت أقول لج..
إنج بنت عمي وعلى رأسي.. وتأكدي دوم إن وراج أخوان..
وأنا يوم طلقتج.. طلقتج لأني كنت مجروح وايد من تصرفج معاي..
ما قصدت أقلل من قدرج ولا قيمتج وادري إني غلطان وأنا آسف سامحيني..

كان لازم أقول هالكلمتين عشان أقدر أعيش مع زوجتي بدون ما أحس بالذنب..
زوجتي مرة مافي مثلها.. بس لاني حاس بالذنب من ناحيتج ماقدرت أقول لها وش كثر هي نادرة..!!
وش كثر أنا أحبها..!! وش كثر أنا سعيد إنها بتيب لي ولد أو بنت تعطيهم من طبايعها الرايقة وقلبها الطيب وروحها الحلوة..!!



ابتسمت جميلة ابتسامة شاسعة بشفافية: أنت متصل لي عشان تتغزل بزوجتك؟؟
كلمها وقول لها ذا الكلام كله..

خليفة ضحك.. وضحك.. وضحك.. : الحين بأروح بنفسي وأقول لها ذا الكلام وأكثر..


لم يكن مطلقا هذا هو الكلام الذي خطط ليقوله لجميلة..
كان هناك كلام مختلف.. تبخر كله حالما سمع همسات جميلة.. وقبل أن يعلم أنها ليست مطلقة حتى..
وصورة زوجته تتضخم وتتضخم لتحتتل هي كل الذاكرة وأكثر..


جميلة همست بشجن: وقبل ما تسكر ودامك كلمتني بنفسك..
خلني أقول لك.. إنك أنت رجّال مافيه مثلك.. والله يهنيك مع مرتك..
وأنه جميلك فوق رأسي طول عمري.. وإني لو شكرتك ألف مرة ما وفيتك حقك...
وأنا يوم مارضيت أرجع معك من المطار.. ماعفتك..
لكن كنت أبيك أعطيك حرية الخيار بس..
وسبحان الله هذا أنت لقيت نصيبك وأنا لقيت نصيبي..
لأنه نصيبنا عمره ماكان مابعض..!!



انتهى الاتصال...
وجميلة اختلطت شفافية دموعها بابتسامتها..
إحساس خيالي بالحرية والانطلاق والرحابة.. تشعر به..
لا تعلم.. لو لم يهاتفها خليفة كيف كانت ستبقى على عمى بصيرتها..

وكأن الأمرين يجتمعان ليزيلا الغمة من أمامها...
سفر فهد.. واتصال خليفة...

فلو أن خليفة اتصل وفهد كان موجود لا تعلم كيف كان من الممكن أن تكون النتائج..

ولو أن فهدا سافر.. وخليفة لم يتصل.. لربما بقي إحساسها بخليفة يكدر علاقتها بفهد..

فهل لابد لنا من هزة لتفيقنا من الغيبوبة؟؟!!



جميلة تنهدت من أفكارها وهي تمسح دموعها وتتنهد بعمق.. تتنفس أنفاسا مثقلة بعبق حرية مختلف تماما..
لتعود وتتذكر المهمة المعلقة..


فـــــــــهـــــــد..!!


تشعر الآن أنها ستجن من إحساس لذيذ اســمــه (الـغـيـرة )!!
وكل شيء يبدو واضحا أمامها لدرجة صفاء الصورة المذهل..

قلبها يُعتصر.. يعتصر من كل شيء!!
وأكثر شيء يعتصر قلبها.. اشتياقها له..
مشتاقة له كأنه غائب من عامين وليس من يومين... وكأنها باشتياقها له تريد أن تعوضه عن برودها معه لليالي متطاولة!!!!



جمعت كل شجاعتها.. واتصلت..

حينها كان فهد يتعشى مع مجموعة من زملائه في مطعم..

حين رأى اسمها يضيء الشاشة.. كادت الملعقة تسقط من يده..
وهو يضع الهاتف على الصامت.. وينتظر قليلا ليتماسك!!

بينما هي اتصلت عدة مرات ولم يرد عليها..
كادت تجن وهي تحاول دون رد عليها..


هو ماعاد قادرا على أن يتناول لقمة واحدة .. ثم استأذن وخرج للشارع ليكلم بحريته..

" غريبة.. وش عندها متصلة؟؟
لا تكون غلطانة الأخت بس!! "


حالما وصلها اتصال منه..
تصاعدت دقات قلبها بعنف..
إحساس جديد آخر تختبره لأول مرة!!
هذه اللهفة... والأنفاس المبهورة.. والدقات المتصاعدة!!

فتحت الهاتف لتجيب فورا بحزم مقصود يخفي اختلاج أنفاسها: يعني تلفونك معك؟؟ ماخذوه منك؟؟

أجابها ببساطة أقرب للسخرية: هذا أنتي يوم فكرتي تتصلين لقيتيه معي..

جميلة بغضب: وليش قلت لي إنهم بيأخذونه..
وش عندك ما تبيني أعرفه؟؟

فهد يشعر باستغراب حقيقي (وش عندها ذي): نعم؟؟ وش عندي يعني؟؟

جميلة بذات النبرة المشتعلة: أنت أدرى؟؟
ثم أردفت بإصرارها المشتعل:وينك الحين ووش تسوي؟؟

أجابها ببساطة: في مطعم.. أتعشى..

سألته بحدة: ومن اللي معك؟؟

نهرها بحزم: نعم؟؟ تسألين من معي؟؟
مالش شغل...

جميلة انفجرت: الرجال اللي يكذب على مرته كذا..
يكون عنده شيء داسه.. كنه سواد وجهه!!

فهد صرخ فيها بغضب: أص ولا كلمة... إني ولد إبي.. أنا تقولين لي كذا؟؟
زين ياجميلة دواش عندي لا رجعت..

حينها انفجرت تبكي بهستيرية: زين ارجع.. ارجع وسوي فيني اللي تبيه بس ارجع.. ارجع الحين..


فهد لم يفهم نبرة الوجع والاشتياق في صوتها!!
أو ربما لم يصدقها !!.. أو لم يستوعبها..!!

فكل مافهمه أنها تتحداه.. وكأنها تقول (كن فيك خير ارجع وسو اللي تبي)


هتف بغضب حقيقي: كلها كم يوم وأرجع.. وأقص لسانش اللي يبي له قص!!


أغلق هو الهاتف في وجهها..


وألقت هي هاتفها جوارها وهي مستمرة في النحيب.. بلا توقف..
بلا توقف!!!






*************************************






" ها وضحى أوديش لبيتش..
وإلا تروحين معي لبيتنا وتكملين السهرة معنا لين يجيش نايف"


وضحى تشير بمودة: أبي بيتي فديتك.. الساعة صارت 11..و نايف معزوم على العشاء عند رياجيل..
وأكيد على وصول!!
أبي أكون قبله في البيت...



وضحى نزلت لتتفاجأ بوجود نايف ومعه شقيقتيه نورة وسلطانة..

سلمت عليهم.. ثم جلست جوار نايف وهي تهمس في أذنه بمودة:
ليش ماقلت لي إنهم هنا.. كان رجعت بدري..


نايف همس بمودة باسمة: هم اهجموا علي وأنا كنت بأروح للعشاء..
قلت دام طلعتي خربتي ليش أخرب طلعتش..
تونا تعشينا.. وهذا أنا معهم .. وش يبون بعد؟؟


ولكن لم يكن رأيه كرأيهن.. إذ همست نورة بنبرة أقرب للغضب:
والله يأمش ماخبرت المرة تلوب بين البيوت ورجالها قاعد يحرس البيت..
(تلوب= تدور بالمعنى السلبي
لوبة= اسم لمن لا تقر في بيتها)


وضحى تنهدت بعمق وهي تشد لها نفسا عميقا وتحاول أن تتحامل على نفسها:
أنا طلعت مع أخي ومرته.. ونايف كان بيطلع وراي.. لأنه معزوم على عشا..
لو دريت انكم بتجون ماكان رحت..

حينها سألت سلطانة بفضول: مرت أخيش ماحملت..؟؟

وضحى شدت نفسا آخر: لا.. الله يجيب خير من عنده..


حينها هتفت نورة بمباشرتها القاسية: الظاهر أخوانش كلهم عندهم مشاكل..
كاسرة ماحملت إلا عقب سنة..
وذا تميم كملت مرته سنة ونص ماحملت..
وأنتي قدش بتكملين ست شهور..


وضحى ابتلعت عبرتها بالفعل.. قد يكون موضوع الحمل لا يشغلها حاليا لا هي ولا نايف.. فما زال الوقت مبكرا..
لكن هذا التجريح الجامع جرحها بالفعل..

والأسوأ أنها كانت تنتظر من نايف تحركا ما..
لم تكن تريد أن ترد عليهم في وجوده.. قررت أن تصمت حتى ترى ردة فعله..

وهو لم ينطق بحرف.. ووقت الرد فات..
وخصوصا أن نورة عاودت الاستئناف بذات المباشرة الحادة:
اللي أنا مستغربته بنت آل ليث اللي كنها زبدة وش مصبرها على أخيش..؟؟
أطرم ولا فيه عيال...


حينها انفجرت وضحى فعلا وهي تقفز واقفة وترتعش: لا.. لين هنا وبس..
حتى أخي.. لحقتوه بالحكي..
انتهينا..
أنا طالعة من ذا البيت اللي رجالي ماعرف يحشمني فيه..

من يوم خذته وأنا حاشمتكم من حشمتي له.. وأنتو ما حشتموني عشانه..
وليش تحشموني وهو أساسا ماحشمني!!
وخلا كل وحدة منكم تمد لسانها علي وش طوله!!


نايف أخيرا نطق بتمزق: وضحى عيب عليش..

وضحى انفجرت بغضب أشد: الحين طلع لك لسان.. الحين حكيت..
اشبع بخواتك وخلهم يشبعون فيك..

أنت أساسا ماتبي لك مرة.. تبي لك بقرة..
تأكل علف وتهز رأسها وهي ساكتة..
أنا خلصت من ذا الدور... شبعت من دور البقرة..
دور لك بقرة غيري..


سلطانة بذهول توجه الحوار لشقيقها: أنت بتسكت وهي تسبك كذا..؟؟

وضحى ماعادت تسمح لأحد أن يتكلم وهي متفجرة تماما:
وش تبين بعد؟؟
يضربني قدامكم عشان ترتاحون؟؟
قلت لش أنا طالعة.. باخلي لكم الجمل بما حمل..
اشبعوا في أخيكم.. لأنه أنا مالي رجّال في ذا البيت..
الرجال هو اللي نزلني هنا.. وراح..
والحين بيرجع يأخذني..


وضحى أنهت عبارتها وخرجت فعلا وهي ترسل رسالة لتميم أن يعود ليأخذها فورا بدون تأخير..
لأنها ستنتظره في الشارع..


نايف للتو يفوق من الغيبوبة.. كان يريد الركض خلفها...
لولا أن نورة حلفت بصرامة: والله لا تطلع وراها إني ماعاد أرفع برقعي لك..(يعني أهجرك من السلام)..
وأن لساني ما عاد يخاطب لسانك..
خل بنت مزنة.. خلها...
مثل ماطلعت بروحها.. بترجع بروحها وهي ماتشوف الدرب!!!


نايف ينظر نحو الباب بتمزق حقيقي: نورة الله يهداش.. عيب في حقي أخلي مرتي تطلع ذا الحزة من بيتها..
بأوصلها بيت أهلها بس..
استغفري يأخيش.. طالبش..


نورة بصرامة أشد: أنا حلفت خلاص..
وكنك فجرتني؟؟.. والله ماعاد أعرفك.. لا أنت أخي ولا أعرفك..
واشبع حزتها ببنت مزنة!!






**************************************







هاهما وصلا مكانها الجديد منذ بعض الوقت..
وهي جلست على المقعد.. بينما مازال هو واقفا..

هتف زايد بحزم: منتي بمبدلة ملابسش؟؟

مزنة بحرج: زايد الله يهداك.. إذا طلعت بدلت..

زايد بإصرار: باقعد هنا لين تنامين..


عاجز عن الاقتراب.. لكنه أيضا عاجز عن الابتعاد.. يريد أن يرى وجهها..
كيف أثرت فيه علائم البعد؟؟
هل حفرت فيه علائم الشوق كوجهه؟؟

يريد أن يشعر برائحتها قريبة.. يراها خارج إطارها الرسمي الذي تسربلت به طوال الأشهر الماضية..


تتنهد هـــي بيأس وهي تراه قريبا هكذا..

وحيدان.. وكل ماحولها يضغط عليها لتتقبل قربه الذي يعرضه..
ولكنها تخشى أن تقبل هذا القرب.. فيعود هو لدوامة الذنب التي تعلم أنها تخنق روحه الطاهرة..
سيعذب نفسه ويعذبها..

وعذابها لا يهمها.. فقد اعتادت الألم.. ولكنها لن تحتمل رؤية ألمه مرة أخرى..
وهو يرجوها أن تتركه لأنه يتعذب في قربها...


زايد تنهد بصرامة: مزنة لا تصيرين عنيدة كذا..
أبي أتاكد إنش تمددتي قبل أروح..
وإنش ماتبين شيء..
عاجبش حالتش؟؟


كانت مزنة على وشك الرد.. لولا الاتصال الذي وردها!!







********************************************






" كاسرة.. تعالي بس..
حن جايين هنا عشان تقعدين في المطبخ؟؟"


كاسرة بمودة: بأسوي لك عشا بس..

كساب بمودة أعمق: العشا تلاقين الطباخ سواه أساسا..
وأنا ما أبي عشا..
شوفتش قدامي مثل الحلى اللي عقب العشا..
خبرتي حد يتعشا عقب ما يأكل الحلى ؟!!


ابتسمت برقة: لا ماخبرت.. مثل إني ماخبرت إنه حد يشبع من كلام..
ومع كذا أنا شبعت مع أني كنت جوعانة..

ابتسم كساب وهو يشدها لتجلس جواره: بنتعشى بس بعد شوي
لو مهوب عشاننا... عشان ولدنا مايموت من الجوع..
ثم أردف باهتمام: إلا أنتي ماقلتي لي.. عجبتش المزرعة عقب التغييرات اللي سويتها فيها؟؟


كاسرة احتضنت عضده برقة وهي تهمس بعفوية حانية: تجنن والله..
أصلا أنت كل اللي تسويه يجنن..
ليتك بس تدري وش كثر..................


بترت عبارتها شعرت لثقل ما ستقول أنها عاجزة عن إخراجه كما تشعر به..

بينما هو شعر لحظتها كما لو أن دقات قلبه توقفت انتظارا لما ستقوله..
أنفاسه أصبحت ثقيلة لأبعد حد وهو يهمس بهذا الثقل كما لو أن خروج الكلمات يمزق حنجرته: وش كثر ويش؟؟ ليه سكتي؟؟

همست بإبتسامة تخفي خلفها أنفاسها اللاهثة المتقطعة: وش كثر خاطري أسمع منك سالفة دخلتك السجن واللي صار عقبها؟؟

كساب بإصرار موجوع ( أحقا كانت ستقولها؟!!) : لا ماكانت كذا.. أنا متأكد..

همست كاسرة بابتسامة عذبة مثقلة بالولع: إذا قلت لي السالفة.. كملت لك العبارة اللي أنت صرت عارف تاليها..


حينها ابتسم كساب بأمل شفاف: وعد.. اسمع الجملة كاملة.. لو قلت لش السالفة كاملة..
بس تجمدين لي قلبش..

ابتسمت بحماس: قلبي حديد وجامد.. والجملة تبيها مقدم قلناها..

شد كفها بولع حقيقي: خليها في الآخر عشان الكلام يجر كلام أكبر!!
وخلينا في سالفتي أخلص منها ومن همها..

وعشان تفهمينها عدل.. لازم نرجع بالزمن ورا خمس سنين ونص بالضبط...


تراجعت نبرته لتتحول لشيء غامض.. خليط من وجع ومرارة وذكريات قاسية:

نرجع لأيام ماخلصت مزون الثانوية...

أذكر زين تيك الأيام..
ماكنت أنام .. سهران معها وهي تدرس.. حفظت دروسها من كثر ماكنت أسمع لها..

خليت شغلي وكنت أقعد على باب المدرسة من يوم أوصلها لين تطلع علي..
عشان أشيك معها على إجاباتها..
كنت حاس كأني اللي أمتحن.. من كثر ماكنت أحاتيها..

وعقب ماخلصت... حسيت الأيام ماتمشي وأنا أنتظر نتيجتها..

يوم طلعت نتيجتها فرحت فيها أكثر من فرحتي أنا يوم خلصت ثانوية وجامعة ألف مرة..

أسألها وين تبين تدخلين؟؟ تقول لي طيران.. حسبتها تمزح.. بس هي صممت وإبي قوى رأسها..


حاولت فيها بكل طريقة.. حتى قلت لها بأروح معها أي مكان في العالم عشان تدرس شيء ثاني..
كنت مستعد أوقف حياتي كلها عشانها.. وهي ماهان عليها ترد على رجاي أنا وعلي!!


مع إن ذا السالفة انتهت.. بس حتى تذكرها يوجعني.. ما تخيلين وش كثر ترجيتها.. ماباقي إلا أبكي قدامها..
وهي مارحمتني.. ما تخيلت إن مزون اللي أغلى علي من روحي ممكن تسوي فيني كذا..

مزون ماكانت أختي.. كانت بنتي.. من يوم دخلت صف أول ماكان حد يدرسها غيري..
كنت أعرف أسماء مدرساتها وصديقاتها وكل شيئ يخصها مهما كان صغير!!


كسرتني هي وإبي كسرة شينة.. شينة..!!
صرت حتى قعدة المجالس أتجنبها.. أظن الكل يتكلم عنا.. وعن أختي اللي دخلت طيران!!

وعقبه تجنبت الكل.. دخلت نادي رفع أثقال.. كنت أقعد فيه من الصبح لين الليل.. ما أطلع إلا للمسجد..
أبي شيء أفرغ فيه حرتي وابردها.. وحرتي عيت تبرد.. عيت تبرد..


عقبه قررت أهج برا الدوحة.. سجلت ماجستير ادارة أعمال في أمريكا..
كنت أبي شيء يشغلني عن التفكير والقهر.. لا أستخف..


دراسة الماجستير كانت سهلة علي واجد.. دوام صبح قصير ومقررات سهلة..
كنت أبي شيء يشغلني أكثر..
فدخلت هناك نادي رياضي..

كنت أقعد فيه من يوم أطلع من الجامعة الظهر تقريبا.. وما أطلع منه لين يسكرونه..
كانت طاقة القهر تخليني ما أكل ولا أمل.. خلال 3 شهور بنيت عضلات يبي له الواحد سنة عشان يبنيها..


كان فيه واحد يتدرب معي.. ويراقبني بدقة... والأكيد طبعا إنه سوى تحريات عني..

في يوم قرب مني.. قال لي النادي ذا ما يناسبك.. قدراتك تفوقه بواجد..
أدلك على مكان أحسن هو اللي بتقدر تفرغ فيه طاقتك..

سألته وين مكانه؟؟

قال لي أنا بأوديك.. بس تراه مكان غالي واجد.. مهوب الكل يقدر على قيمته...


وفعلا وداني مكان.. تخيلي يتبع من؟؟

الجيش الأمريكي... طبعا هو غير مصرح إنه يتبع الجيش الأمريكي..
بس أي غبي بيفهم إنه التقنيات والامكانيات ذي لهم...

مكان تتدرب فيه وممكن تأخذ شهادة مدرب جيش لو قدرت توصل لين الأخير...
بس أنا لأني ماني بعسكري الشهادة ذي ماتفيدني!!
بس أنا حسيت بالإغراء والمغامرة... مكان مثل ذا هو اللي بيشغلني فعلا..


تدرين إن الجيش الأمريكي هو اللي مدرب المرتزقة والإرهابيين المنتشرين في العالم..
أي حد يشوفون عنده إمكانيات.. يجيبونه عشان يتدرب.. ويصير له ملف عندهم..
ويأخذون منه مبلغ مهول فعلا...



المهم تدربت عندهم أربع شهور لين خلصت الماستر اللي كان كله سبع شهور..

كنت أروح عندهم من عقب الجامعة لين الفجر..
أتدرب 14 ساعة متواصلة... فخلصت في فترة قياسية كل متطلبات البرنامج..

ما تتخيلين أيش اللي سووه فينا في ذا التدريب..؟؟

كان معاي عيال ناس أغنياء جابتهم هنا البطرة والرغبة في المغامرة..
شفتهم قدامي يبكون مثل البزران..
وفيه اللي شفته يطيح من فوق الجبال ويتقطع..
وفيه اللي مايعرف يفتح المظلة ويتكسر..
وطبعا كل واحد منا موقع إنه المسئول الوحيد عن نفسه!!


بس كله يهون يهون.. قدام اللي شفته عقب..


كاسرة بدأت دقات قلبها تتصاعد بعنف وريقها يجف أكثر وأكثر وهي تسأل بتوتر:
وش اللي صار عقب..؟؟


هتف بسكون موجع والذكريات تستغرقه للبعيد: قالوا اللي يبي شهادة مدرب جيش معتمدة من الطراز الأول..
يسوي الاختبار الأخير..

والاختبار إنه يدخل أخطر سجن في أمريكا لمدة ست شهور.. لو قدر يهرب من السجن قبل الست شهور.. يأخذ الشهادة..

ولو استحمل الست شهور بدون ما يستخف أو يصير له شيء هناك..
هم بيطلعونه ويعطونه شهادته العادية!!

زفر بحرقة ومرارة: أغبى قرار اتخذته في حياته..
وافقت أدخل.. حسبتها مغامرة ماراح تتكرر..
وقلت لأبي إني بأطلع تخييم فوق الجبال ويمكن أطول شهور وما أقدر أتصل!!


من أول مادخلت وشفتهم جايين بيحطون لي الوسم.. صحت..
(خلاص ما أبي.. طلعوني.. أنا ماني ببهيمة تحطون علي رقم..)

لكن ماحد عبرني..

كل يوم كنت أصيح طلعوني أنا ماني بمسجون.. وخلاص ما ابي..
مهوب لأني خايف من السجن..
لكن لأني ماني بقادر أستحمل اللي أسمعه..

تخيلي المسجون اللي معي في غرفتي يتفاخر إنه اغتصب 20 طفل وذبحهم..
ما استحملت.. ما استحملت...ضربته لحد ماكسرت وجهه..
ولا حد حاسبني..
يبونا نصير وحوش صدق..


لولا الصلاة وإلا كان استخفيت..
وتخيلي الله يسامحني إني كنت أصلي ووجهي أحيانا مهوب صوب القبلة لأني كنت أصلي في الزاوية
ظهري لطوفة وجنبي لطوفة..
عشان ماحد يباغتني من وراي..
ولو كان معي حد في الغرفة سجدت وركعت بعيوني بس..
لأني عارف إنهم ينتظرون مني لحظة غفلة وحدة..

ناس الإجرام صار يمشي في دمهم.. يذبحون لمجرد المتعة!!
وتخافين على نفسش من اللي أبشع من الذبح.. وأنتي فاهمتني..

كنت قاعد في ذاك السجن عيوني في قمة رأسي..
أرقد عين مفتوحة وعين مسكرة.. عشان كذا لحد الحين ماقدرت أتجاوز ذا المرحلة.. نومي ما أرتاح فيه..
واللي بيحركني وأنا نايم ممكن أكسر يده..

و ياكثر اللي تهاديت معهم في السجن.. واللي كسرتهم.. ومافيه محاسب..
لحد ماصاروا المساجين يتجنبوني ..

كنت طول اليوم أتدرب.. وأدور في السجن.. أحاول أدرس المخارج والمداخل..
وأدرس مناوبات الحراسة..
وأصنع لي أدوات وأدسها.. وأنا على ذا الحال خمس شهور..

لحد ماعرفت الطريقة اللي ممكن أهرب فيها..
استغليت فترة تغيير المناوبات وقت ماكان المساجين راقدين..
وهربت مع فتحة تهوية كانت تطلع على جبل..
تقطعت إيدي وأرجيلي وأنا أنزل الجبل بدون معدات..



كساب لم ينتبه إلى أن كاسرة بدأت دموعها تسيل بغزارة لشدة انشغاله بحكايته وهو يتنهد:
حسيت إني ورطت نفسي في سالفة كبيرة..
طلعت من السجن للسفارة... وبلغتهم كل شيء بالتفصيل.. حسيت إني لو ماسويت كذا..
يمكن أجي أرجع للدوحة ألقى اسمي على البلاك لست..
لقيت السفارة أصلا مشغولة تدور لي.. لأن إبي جنن الخارجية في الدوحة..
والخارجية جننوا السفارة..

السفارة كانوا يبون يتأكدون من اللي انا قلته..

لكن قبل ما يتحركون أي حركة..
كانت وزارة الداخلية والدفاع والأف بي أي كلها تتصل تسأل عني..
وأنهم مهتمين يبون يعرفون أشلون هربت بالتفصيل..

أنا بداية.. رفضت أقول لهم.. من القهر اللي في قلبي عليهم..
بس السفارة طلبوا مني أعطيهم المخطط كامل..
لأنه السجن ذا فيه أخطر مساجين ولو حد منهم تبع طريقي وهرب بتكون مشكلة كبيرة..

عطيتهم المخطط وعطوني الشهادة اللي ماكرهت شيء كثرها..


رجعت للدوحة..
و ماخلوني أرجع لهلي على طول..
قعدت في التحقيقات أسبوعين وهم يتأكدون من كل شيء قلته..

وعقبها عرضوا علي أني أسوي مهام للدولة..
ولأني ماني بعسكري كنت أسويها بشكل سري..
وكنت مخلي لهم تلفون خاص بهم.. ما أسكره لا ليل ولا نهار ولا أخلي حد يقرب منه.. عشان التواصل بيننا عن طريقه..

دربت في الجيش.. وسويت مهام انقاذ.. وخذت دورات في كل شيء يطري على بالش.. وسويت الدورات هذي هنا..
وشاركت في الكوارث اللي كان تروح لها وفود قطرية..

شفت خلال أربع سنين اللي ماشافه حد..
عرفت معنى الموت والحسرة والخسارة.. شفت الناس قدامي يموتون وما أقدر أسوي شيء..
شفت اللي تحدهم الكوارث يأكلون لحم الميتين عشان يعيشون..
أشياء عمرش ماراح تقرين عنها في كتاب أو تشوفينها في تلفزيون..

شفت أشلون قسوة الحياة والإنسان تحول الإنسان لوحش مايرحم...............



كان مازال سيتكلم لولا سماعه للشهقات المتصاعدة: بس كساب بس..

كان وجهها غارقا في الدموع.. وهو لم ينتبه لنفسه كيف استغرق في الحديث وهو يحرر ذاته أخيرا من كل ثقلها...
يشعر أمامها ومعها بالحرية من كل شيء!!


استدار نحوها بجزع وهو يهتف بتهدئة: خلاص كاسرة خلاص.. أنا آسف يا بنت الحلال.. آسف



كانت تشهق بعنف ودموعها لا تتوقف عن السيلان وهي تتخيل بشاعة كل مامر به..
تتخيل بشاعة الحياة وقسوتها التي حُكم بها عليه.
كانت تمسك ببطنها بقوة: كساب.. باولد.. بأولد!!


كساب قفز برعب وقلبه يقفز لحنجرته: أشلون تولدين وأنتي في السابع..
يتهيأ لش..
غلطانة أكيد..


كاسرة بدأت تنتحب بعنف.. فالألام بدأت تداهمها منذ بداية الحكاية قبل أكثر من ساعتين..
منذ شعرت بتأثره بما فعلته به مزون.. وكأنه لشدة تأثرها تأثر جسدها كله معها:
والله العظيم باولد.. بأولد..
أبي أمي.. تكفى كلم أمي..



كساب قفز ليحضر عباءتها وهو يسب نفسه بأقسى العبارات..
يلفها بعباءتها ليحملها وهو يهتف بجزع حقيقي:
الحين بأكلمها تجينا في المستشفى.. الحين.. هدي.. هدي..

كان يهدئها وهو غير قادر على أن يهدأ..

ركض بها نحو سيارته.. وهو يتصل بعمته.. ويخبرها..

مزنة صرخت برعب: أشلون تولد وهي في السابع.. تو الناس.. يمكن إنها مهيب فاهمة.. وش عرفها هي في الولادة!!
عطني إياها..

كساب أعطى كاسرة الهاتف وهو يقود بأقصى سرعته...
كانت كاسرة تبكي ووالدتها تحاول تهدئتها: يمه بأموت.. بأموت..
ماني بخايفة على نفسي.. خايفة على ولدي!!!

كساب حين سمعها تقول ذلك شعر أنه هو من سيموت فعلا... وهو يزيد سرعة سيارته بطريقة جنونية..

ومزنة تهدئها بيأس: يأمش اذكري ربش.. وخذي نفس... وش حاسة فيه؟؟

كاسرة تشهق: ما أدري يمه.. ما أدري.. بطني يتقطع من الوجع.. نفس آلام الدورة بس أقوى..
والحين أحس الكرسي تحتي غرق ماي...


مزنة قفزت من مكانها وهي تهتف برعب: عطيني كساب..


كساب تناول الهاتف برعب ومزنة تصرخ في أذنه برعبها: لا تخليها تمشي حتى خطوة وحدة..
أنا الحين باتصل في المستشفى يجهزون سرير النقل عند الباب..
الماي نزل عليها وخطر عليها وعلى الجنين..
أنا أنتظركم عند باب المستشفى... لا تتأخرون طالبتك يأمك..


كساب ألقى هاتفه خلفه بعنف.. وهو يبحث عن كفها بلهفة ليشد عليها..
كما لو أن حياته تتوقف على أطراف هذا الأنامل..

هتف باختناق: هدي.. كاسرة.. هدي.. بسم الله عليش..
ماعليش إلا العافية.. دقايق ونكون في المستشفى..

كان يشعر أنه سيبكي من القهر..
قد يكون شعر بالكثير من القهر طوال حياته..
ولكن لا شيء يشبه هذا القهر..!!
فحياة زوجته وابنه على المحك ولا يستطيع أن يفعل شيئا.. يتمنى لو كان يستطيع أن يطير..
فالطريق طويلة.. وحتى لو قاد بأقصى سرعة لن يصل قبل 40 دقيقة..


كانت تعتصر أنامله بقوة وهي تشهق: بأموت ياكساب..
باموت..وأنا ماشفت ولدي..

كساب يصر على أسنانه حتى شعر بالألم فيهما: استهدي بالله.. وش ذا الكلام..
أنتي والولد ماعليكم شر.. وش كثر نسوان ولدوا في السابع وعيالهم طبيعين ومافيهم شيء..


تحاول أن تتماسك وهي تشد لها نفسا عميقا وتزفر بقوة.. وهي تهمس من بين صرير أسنانها:
كساب لو صار لي شيء.. امنتك بالله.. أمي هي اللي تربي ولدي تحت عينك..

كساب يشعر أن روحه تذوي وتتأكل كشمعة أحرقها اللهيب.. وهو يهتف بصرامة موجوعة:
ولدنا أنا وأنتي بنربيه.. وما أبي أسمع ذا الكلام!! فاهمة!!


الطريق طويل.. طويل...
لا يريد أن ينتهي...
وهو يشد على كفها بقوة كما لو أنها المرة الاخيرة التي يمسكها فيها..

يُكثر من الدعاء.. والرجاء.. وهو يسمع شهقاتها التي باتت تكتمها...
والتي تخترق روحه بوجعها..


تشد أنفاسها وتزفرها بقوة..
بودها لو تقول له الكثير من الكلام..الذي لم تمنحها الحياة الفرصة لقوله..

ولكن هل للكلمات معنى الآن؟؟
كلماتها لن تفعل شيئا إلا أن تؤلمه.. وتعلم أنه الآن يتألم بما يكفي!!

لكنها لابد أن تقول شيئا يريحه.. حتى لا يشعر مطلقا بأي ذنب قد يؤرق حياته فيما بعد..

همست بسكون استغربه.. بينما كانت دموعها تسيل بصمت وهي تحاول أن تتناسى آلامها التي تمزقها:
كساب أنا عمري ماندمت على دقيقة عشتها معك..
أنا ندمانة على الدقايق اللي ماعشتها معك!!
ولو رجع فيني الزمن ألف مرة.. كل مرة باختارك.. وأختار الحياة معك..


كساب قفز قلبه لحنجرته وهو يهمس بصوت مبحوح ممزق: وش لازمة ذا الكلام الغريب؟؟

شدت أنامله أكثر وهي تمسكها بيديها الاثنتين وتعتصرها كما يعتصرها الألم:
ماله لازمة على قولتك بس أنا حبيت أقوله لك..


كان يريد أن يقول هو شيئا ولكن مايريد قوله يحتاج سنوات وسنوات ليخبرها به..
لن تكفيه الثوان المتبقية وهو يدخل لداخل بوابة المستشفى..
ويرى والده ومزنة يقفان فعلا هناك.. وبجوارهما طاقم الإسعاف..

أوقف سيارته بشكل عرضي وعجلات السيارة تصر بصوت مسموع..

قفز بسرعة ليحملها هو.. وهو ينتزع غطاء سرير النقل الذي أسرعوا به نحو السيارة.. ويلفها به..
لم يرد أن يحملها سواه..

تعلقت بعنقه بضعف وشهقاتها تصبح أكثر ضعفا..
كاد يجن وهو وهو يرى مقعد السيارة مبقعا بالدم..

كان يتلوى من الأنين و يشعر أن أحشائه تتقطع من الألم..
وهو ينزلها على السرير..
و تهمس هـــي بضعف شديد في أذنه في (لحظة التماس الأخيرة) بينهما:

أحـــــــبــــــك..



كان يريد أن يصرخ لها ( وأنا أكثر) !!
لكن طاقم الإسعاف سحبوها منه بسرعة وهو يركضون بها للداخل..


ومزنة وزايد يركضان خلفهم..
بينما هو وقف لثوان عاجزا عن السيطرة على ارتعاشات جسده.. وأنفاسه المزفورة بحرقة..

ليشد نفسه ويدخل راكضا هو أيضا..
ويجد والده فقط.. هتف بهمسات مبتورة: وينها؟؟ وينها؟؟

والده يربت على كتفه بمؤازرة حانية: دخلوها داخل..
لا تحاتي.. أمها معها..
ووش كثر بزران يجون في السابع.. وهم وأماتهم بخير وسلامة..


صمت.. ابتلعه الصمت في بئر لا قرار لها..
وهو يتأخر ليلتصق بالحائط..

لا يريد كلمات مؤازرة باردة..
لا يريد أن يهدئه أحد..

يريدها هي فقط أن تخرج له سليمة..!!

لا يريد أن يقول له أحد ( لا تقلق )..
لأن ما يشعر به ليس مجرد قلق.. بل روحه تتمزق يأسا ورعبا ووجعا..

شيء في داخله ينبئه أن هذا الوجع الذي يمزق كل مافيه..هو وجع أعمق من مجرد انتظار ساعات..
وجع سنوات .. أو قرون..

قـــــــرون !! قــــــرون!!

فهذا الوجع لا حد له.. لا حد له!!
شرّح روحه تشريحا!!
عبر كل خلية في جسده بمناجله آلاف المرات...


يشعر أنه عاجز عن التنفس .. وهو يسند جبينه للحائط..
لم ينتبه حتى أنه لا غترة فوق رأسه.. وهو يهرع بكاسرة للمستشفى بثوبه الذي عليه!!


والده يقترب منه ويهتف له برفق:
كساب يا أبيك روح البيت.. اسبح وبدل ثيابك..
هذا أنا موجود عندهم..
والنسوان يبطون في الولادة..


لم يرد على والده حتى.. فالصمت ابتلع روحه في سوداويته..
يستحيل أن يبتعد عن المكان وهو مازال لم يطمئن عليها..
روحـــه هنا..
فمن يستطيع أن يبتعد عن روحه؟؟


الوقت يمضي بطيئا.. بطيئا.. بطيئا..!!!

ساعتان فقط..
ساعتان روحه تناجي روحها بيأس..
وأنفاسه تضيق وتضيق.. وتضيق!!!
يريد أن يمزق رئتيه عله يستطيع التنفس.. فلا يستطيع...
أن يفتح صدره وأضلاعه ليجلب نسمة هواء واحدة.. فلا يستطيع!!



حتى خرجت الطبيبة وجهها مسود كسواد اللحظات التي يمر بها وهي تسأل بتأثر:
وين زوج كاسرة ناصر؟؟


كساب استدار نحوها بعنف حاد.. لم يقل شيئا وهو يقترب منها.. ووالده خلفه..

وهي لم تحتج أن يخبرها من هو...
فوجهه أنبأها..!!
والوجع في عينيه أنبأها..!!
ورعشة شفتيه أنبأتها..!!

وهي تهمس بذات التأثر: أنا ما أعرف شنو أقول لك..

بس والله العظيم حاولنا جهدنا ننقذها..

بس أنتو وصلتوا متأخرين كثير..!!






#أنفاس_قطر#
.
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 29-03-11, 09:26 AM   المشاركة رقم: 108
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وثمانية

 



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح الخير والمودة والسعادة والأمن يغمر كل الأوطان والقلوب
.
الله يهون على العضوة (زوجة زوجي) ولادتها
وحفيدة المبرئة اللي تقول بتسمي بنتها علي <== أدري تنصبين علي بس بلعناها :)
.

بارت خاص وطويل جدا جدا.. ماكان ينفع يتجزأ أبد..
طوله قد طول 4 بارتات..عشان كذا انصحكم تقرونه مقطع على أجزاء..
عشان تقدرون تستمتعون فيه..
لأنه بالفعل بارت يُقرأ على أقل من مهلكم
.
.
الجزء المئة وثمانية
.
.


قراءة ممتعة مقدما..
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.


بين الأمس واليوم/ الجزء المئة وثمانية






ماعاد يسمع شيئا..
وهو يخرج راكضا.. يركض كما لو أنه يحترق والنار مازالت تشتعل في جسده..
وتذيب جلده بلهيبها..
قبل أن يتوقف على باب المستشفى وهو يركع على ركبتيه..
ويتقيأ ويتقيأ ويتقيأ..


يعلم أنه لن يبكي.. فمثله عاجز عن البكاء..!!


يتقيأ حسرته.. فلا تنتهي!!
يتقيأ وجعه.. فلا ينتهي!!
يتقيأ روحه... فلا يجدها!!

فروحه ذهبت معها..
وهو محض جسد لا روح فيه!!


رحلت دون أن يراها..
رحلت دون أن يخبرها كم يحبها..
رحلت دون أن يخبرها أن أنفاسها ما كانت تمده بعبق الحياة ومعناها!!
رحلت دون أن يقول لها أن الحياة بعدها لا تستحق أن تُعاش!!
رحلت وهو لم يشبع بعد من ضمها لصدره..
رحلت دون أن يخبرها كم من المخططات فكر فيها ليقوما بها سويا..
مخططات لم تكن الحياة كلها لتكفيها..
فلماذا رحلت قبل أن ينفذا شيئا منها حتى؟؟


كان مستمرا في التقيء.. والتقيء.. حتى بدأ يتقيأ دما..
دم قلبه.. شرايينه الممزقة!!
خلاياه التي تهاوت!!



" لو استطعت.. لتقيأت كبريائي الذي حال بيني وبينك!!
لو استطعت.. لتقيأت قسوتي التي أبعدتكِ عني!!
لو استعت.. لتقيأت الحياة كلها التي ماعاد لها معنى بعدك!!


كنت أعلم أنكِ نعمة أكثر مما أستحق..
رجل بقسوتي وسواد قلبي.. لا يستحق معجزة مثلكِ!!


أعلم أني لا أستحق أن تبقي من أجلي..
لكن لماذا ترحلين وتتركين صغيرنا يتيما؟؟
لا تبقي من أجلي.. ابقي من أجله.. من أجله هو!!

فأي تربية سأربيه أنا؟؟
وأنا رجل أثخنتني الجراح وقسوة التجارب..

كنت للتو بدأت أعالج جراحي من أجلكِ..
فإذا بك تطعنيني بالجرح الذي لن يُشفى

جراحي بعدكِ لا شفاء لها..
لا شفاء لها!!! "



أسرع نحوه المسعفون يريدون إسعافه.. انتزع نفسه منهم بقسوة..
وهو يعاود الركض..

ثم يعاود الانكفاء على ركبتيه والتقيء.. قريبا من سور المستشفى..
لا يعلم حتى أين سيارته أو أين مكانها؟؟

يوقف أحد المارة سيارته..
وينزل لإسعافه.. ثم يحمله معه خارج المستشفى..







*********************************







اليوم التالي ليلا..
.
.





" يمه كساب وينه؟؟ ليه ماجاء لين الحين..
عطيني التلفون أنا بأكلمه بنفسي!!"


مزنة تتنهد بحزن عميق وهي تمسح على شعرها:
بيأتي يأمش.. بيأتي..

مازالت دموعها تسيل بدون توقف.. لدرجة أن عينيها تورمتا من البكاء..
همست بصوتها المبحوح تماما: يمه تكفين عطيني التلفون..
خلني أكلمه..
أبيه يجيني الحين..


مزنة تحاول تهدئتها فهي لم تتوقف عن السؤال عنه مطلقا منذ فجيعتها بالخبر..
وكأن وجوده هو ما سيبعث القوة في روحها...
همست بثقة مصطنعة: قلت لش يأمش كلمته وبيجي.. ارتاحي الحين..

مزنة أشارت للممرضة أن تعطيها إبرة منومة..
فهي تعبت من وعدها بحضوره.. وهم لا يعلمون أين هو حتى.. بعد أن ترك سيارته في المستشفى.. وهاتفه بداخلها..




.
.


عودة لليلة الماضية
.
.


كانت الطبيبة توجه حوارها لكساب بتأثر: أنا ما أعرف شنو أقول لك..

بس والله العظيم حاولنا جهدنا ننقذها..

بس أنتو وصلتو متأخرين كثير..!!


لا تعلم ماذا حدث له وهو يركض ويتركها مازالت تتكلم:
كانت البنت خلاص اختنقت من قلة الأكسجين..
سبحان الله على صغر حجمها بس عمري في حياتي ماشفت مولودة أحلى منها..
كأنها ما تنتمي للأرض.. لازم تكون عصفورة من عصافير الجنة!!

زايد اقترب منها وهو ينظر لظهر كساب المغادر ركضا باستغراب.. ويسألها باهتمام:
والأم أشلونها؟؟


الطبيبة بذات التأثر: الأم منهارة بصراحة.. لأنه من أول مانزلت الطفلة وهي تصيح تبي تشوفها..
سمعت الممرضات يقولون الجنين ميت.. انهارت أكثر.. كنت أبي أبلغ الأب عشان يمتص الصدمة..
ويدخل يهديها شوي لما نطلعها الاستراحة..

بس مبدئيا وضع الأم كويس..
وممكن لو حبت.. تحمل بعد شهر شهرين.. لأن هذي ولادة مش تسقيط..
والله يعوض عليكم بطفل سليم تقر عيون أبوه وأمه فيه!!







لا يعلم لِـمَ كانت الأفكار السلبية هي ما تركزت في رأسه..

شعر أن حبا متعاظما كحبه لها.. لا يكتب له الحياة..

شعر أن الله عز وجل يريد أن يعاقبه ويحرمه منها لكثرة ما أرتكب من أخطاء..

شعر أن الله عز وجل يريد أن يتنزعها منه لأنه لم يعرف قيمتها..
لدرجة أنه شح عليها بكلمة واحدة كان يعلم جيدا لهفتها لها..

وحين قالتها هي له.. شعر أنها تودعه بها..
شعر أنها كلمة الوداع بينهما..

وما أكد له ذلك كله أن الطبيبة قالت (لم نستطع إنقاذها) وليس (إنقاذه)
وهو يعلم أن مافي بطنها هو صبي..
فهو ذهب معها بنفسه إلى موعد (التلفزيون) وهكذا أخبرتهما الطبيبة..

لذا لم يشك للحظة واحدة أن الراحلة المقصودة هي كاسرة..
روحـــه... ولا أحد سواها..

عقابا له أنه لا يعرف قيمة شيء حتى يفقده !!

وما أقسى هذا العقاب..!!
ما أقساه!!

فأنت حينما تعاقب شخصا.. تعاقبه حتى لا يكرر خطئه!!
لا تعاقبه لتأخذ روحه!!




.
.
.




" يمه.. مايصير مخليتها راقدة على طول كذا..
وكل ماصحت ساعتين خليتيهم يعطونها منوم!! "


مزنة تنهدت بروحها الممزقة وهي ترد على وضحى:
وش تبين أسوي يعني..
كل ما صحت رجعت تبكي على بنتها.. وتسأل عن كساب!!
على الأقل خلي كساب لين يجي.. يمكن يقدر يهديها..


وضحى تمسح دموعها وتهمس بسكون: والبنت متى بيدفنونها؟؟


مزنة اختنقت بعبرتها حين تذكرت رؤيتها للصغيرة البالغة الصغر:
زايد يدور لكساب.. كان يبيه يحضر دفنها والصلاة عليها..
لو مالقاه لين بكرة بيدفنها..


وضحى تنهدت باختناق حقيقي: يمه صدقيني أحسن يدفنها بدون مايشوفها إبيها...
أنا وتميم حالتنا حالة عقب ماشفناها.. أشلون إبيها وأمها؟؟
خلها تندفن قبل ما تقول كاسرة إنها تبي تشوفها بعد...
والله يعوض عليهم إن شاء الله.. ويجعلها حجاب لهم من النار!!


ثم تنهدت وهي تردف بألم: يمه لو ولدوها قيصري.. ماكان ممكن تعيش البنت؟؟
يمكن عشانها جابتها طبيعي انخنقت..


تنهدت مزنة بإيمان: يأمش اللي الله كاتبة مامنه مفر..
كاسرة يوم وصلت كان نبض البنت متوقف خلاص.. ورأسها صار في أسفل الحوض..
ماخذت حتى وقت جهزوها للولادة إلا البنت نازلة..
ياقلب أمها وش كثر تعذبت بنيتي.. بكرية ومالحقت حتى تأخذ أي نوع من المهدئات..
لا أكسجين ولا إبرة الفخذ حتى..



وضحى تقف لتطل عليها.. تطبع قبلة على جبينها وتهمس في أذنها من قرب بوجع عميق:
الله رحمته واسعة.. واللي مثلش ما يكسرها اختبار مثل ذا!!
أردفت بإبتسامة موجوعة: قومي ياقلب أختش.. شوفيني سمعت نصيحتش..
خليت البيت لنايف وخواته.. قومي عشان تقولين (عفية على أختي)..
شدي حيلش وقومي..ترا الدنيا ماتسوى من غيرش..







*********************************









" تميم حبيبي.. استهدي بالله..
هذي أختك طيبة... والله سبحانه له حكمة في كل شيء!!"



تميم يشير وهو يتنهد بوجع: كاسرة خاطري واجد أختي..
سنة كاملة وهي تنتظر ذا الحمل..
وعقبه تموت البنت ماحتى شافتها..


سميرة بحزن: يمكن الله يبغي لها الخير.. عشان ماتشوفها وتتعلق فيها..
لله عز وجل حكمة في كل شيء!!

تميم بتأثر متزايد: حارقة قلبي كاسرة.. الله يعوض عليها باللي يسر قلبها..






*************************************








يلقي غترته جواره وهو يسند ظهره بإرهاق للمقعد بعد أن أطل على كاسرة
ويهتف بإرهاق موجوع:

مزنة الله يهداش.. ليه مهوب أنتي اللي بلغتينا الخبر..
على الأقل كنتي لمحتي لي..
وأنا مهدت للولد.. الحين الولد هج..
ماخليت مكان مادورته أنا وعلي ومنصور.. وحتى موظفين شركتي كلهم.. ومالقيناه..


مزنة بإرهاق متزايد مغلف بالحزن: زايد من جدك.. أخلي بنتي وهي تبكي ومنهارة وأطلع عشان أبلغكم..؟؟
كاسرة كانت بتموت في يدي وهي تصيح خلوني أشوف بنتي..
كانت تحسبها ولد.. ويوم درت إنها بنت تأثرت زيادة..
خفت يصير لبنتي شيء الله يصبر قلبها..
أصلا الدكتورة ماطلعت عليكم إلا عقب ما يأست تهديها..


زايد تنهد بحزن: الله يصبر قلبها ويعوض عليها..
توهم صغار.. والدكتورة تقول وضعها زين..
وهي مؤمنة وعارفة قضاء ربي وقدرته!!!

مزنة صمتت.. فماباتت تعانيه أكثر من طاقتها بكثير.. تشعر أنها توشك على الانهيار فعلا..
وهي تستنزف كل طاقاتها الجسدية والنفسية!!


زايد هتف لها بحزم وهو يتذكر: مزنة ارفعي أرجيلش قدامش..

مزنة بحرج: زايد مافيها شيء؟؟

زايد تنهد: منحرجة مني؟؟ قمت أروح لبيت..


صمتت مزنة.. تعلم أنها تحتاجه لجوارها فعلا.. لكن لشدى استغراقها في مأساة ابنتها عاجزة حتى عن طلب المعونة...
ولكنها تعلم أنها لو رفضت تنفيذ أمره.. معنى ذلك أنها تقول له ضمنيا أنها تريده أن يغادر..

لذا استدارت قليلا لتمدد ساقيها أماما على الأريكة وهي تغطيها بعباءتها..
لولا أن زايد فاجأها بوقوفه وهو ينتزع العباءة عن ساقيها ليهتف بغضب حقيقي وهو يرى ساقيها وقدميها المتورمتين بشكل مأساوي:
كنت عارف إنها بتكون كذا.. أنتي ما ترحمين نفسش شوي..
حرام عليش اللي تسوينه في نفسش..
ليش ماخليتي وضحى تقعد عند أختها ورحتي للبيت..

مزنة تنهدت وهي تشد العباءة من يده بحرج لتغطي قدميها:
ما أقدر أخلي كاسرة.. ما أقدر.. مستحيل أرتاح لين ترتاح هي..


زايد تنهد وهو يعود لمقعده ويهتف بحزم: خلاص أنا قاعد عندش الليلة..
وياويلش تنزلين أرجيلش من مكانها..
اللي تبينه أنا بأسويه..


مزنة تنهدت بحرج عميق (ليتني خليت وضحى تقعد عندي بدل ما أحلف عليها تروح..
الحين وش السواة؟؟)








***********************************








" مزون حبيبتي مايصير اللي أنتي مسويته في نفسش؟؟
أنتي بروحش تعبانة..
اتقي اللي في اللي في بطنش!!
يعني البنت هذي حتى ماعاشت عشان تحزنين عليها كذا!!"


كان يمسح دموعها بأنامله وهو يتمدد جوارها مسندا ظهره لظهر الحائط..

بينما رأسها مسند للمخدة التي تضع رأسها عليه..وتنظر في الزاوية لباقة الورد الضخمة التي بدأت تذبل ومع ذلك لم تخرجها..

همست باختناق عبراتها وسيول عينيها: ياقلبي ياكساب.. ماتخيلت إنه ممكن يتأثر كذا عشان بنته ماتت..
لدرجة إنه ماحد يدري وينه..
دامني ماشفته قدامي وضميته لصدري..مستحيل أرتاح.. أو تجف دمعتي!!
ياقلبي وش كثر كان فرحان يوم درا إني حامل.. يعني مستكثر علي ذا الحين أتأثر معه..
ياقلبي يأخيي.. مالحق يفرح هو ومرته..!!


غانم يصمت وهو يمسح شعرها..
ففي الختام هي محقة.. ففرحة شقيقها بحملها جعلته يخجل من فرحته هو..
وهو ينظر مثلها لباقة الورد الضخمة التي توسطتها هدية ثمينة جدا..
مع سلة خاصة من الشكولاته وصلا كلاهما من كساب فور معرفته بخبر حملها...

تنهد بعد دقيقة صمت وهو يهتف بحزم: أوعدش بكرة أدور مرة ثانية..
وين بيروح؟؟
وبأسال عنه في المطار.. لو كان طلع برا الدوحة.. حتى لو طلع عن طريق البر..
بيكون واضح في الكمبيوترات عندنا في المطار..



غانم يشعر باستغراب عميق..
يعني حدوث أمر كهذا .. وفاة ابنته..
ليس بالأمر الذي قد يهز رجلا مؤمنا ككساب..
لدرجة أنه يهرب ويختفي بهذه الطريقة!!






**********************************






صباح اليوم التالي
.
.


" مِن مَن الورد ذا يأمش؟؟"


تنهدت وضحى وهي تعيد البطاقة لمكانها بعد أن قرأت الاسم:
من نايف يمه..

مزنة تنهدت بسكون: عادش منتي براضية تردين على تلفوناته..؟؟

وضحى بألم عميق: لا أبي أرد على تلفوناته ولا أشوفه..
موجوعة منه واجد.. واجد يمه..
تخيلي يمه قعدت في حوش بيته أكثر من 5 دقايق وأنا عيني على الباب..
أقول ماني بهاينة عليه..!!
مستحيل يخليني أطلع في ذا الليل!!.. بيلحقني الحين..!!
كسر نفسي يمه.. كسر نفسي..


مزنة تنهدت: يأمش المسكين كل شوي يدق عليش.. كلميه.. أكيد يبي يعتذر لش..


وضحى بألم: ما أبيه يعتذر لي وما أبي شيء منه..
يمه فيه شيء ينفع فيه الاعتذار.. وشيء ما ينفع..
وياكثر ماسمعت منه آسف وامسحيها في وجهي..
مابقى في وجهه مكان أمسح فيه..


بالفعل نايف أرسل لها الكثير من رسائل الاعتذار الهاتفية.. ثم طلب من عالية أن تكلمها..
حين رأى رفضها الرد على اتصالاته..








*************************************







" ها عالية.. وش قالت لش وضحى؟؟"


عالية نظرت بحدة إلى خالها الذي كان يستجوبها بلهفة.. وهمست بذات الحدة:
أنا بصراحة ماكنت أبي أكلمها.. بس من غلاك عندي..
أولا وضع أختها مايسمح كلش بكلام مثل ذا..
ثاني شيء لأنه لو أنا مكانها.. كان كسرت البيت فوق رأسك أنت وخواتك ثم طلعت!!

نايف بتأفف حازم: عالية ترا مهيب ناقصتش.. خلصيني..

عالية هزت كتفيها: طبعا مارضت حتى أفتح ثمي في الموضوع..

نايف بخيبة أمل: تقولينها وأنتي مبسوطة بعد؟؟

عالية تنهدت: وليش انبسط.. بس بصراحة غلطتك عليها مالها دوا..
ثم أردفت بنبرة أقرب للغضب: خلنا من إنك خليت خالتي نورة تجرح فيها وفي أهلها وأنت قاعد مثلك مثل الكرسي..
بس عيب عليك مخلي مرتك طالعة في نص الليل للشارع..
ولا تقول لي خالتي نورة حلفت.. لأنه الرجال ماترده حلوفة النسوان من المراجل!!


نايف قاطعها بغضب: تراش مسختيها.. عيب عليش..

عالية بغضب مشابه: الحين أنا اللي عيب علي..
تخيل إن إبي يدري بسواتك.. والله يا أقل شيء يسويه إنه يطردك من مجلسه..
وأزيدك من الشعر بيت.. سميرة بنت عمي تقول إن رجالها مصمم إنها ماعاد ترجع لك..
يقول اللي مايحافظ على أخته ما يستاهلها.. وهو خذها من بيت رجّال مهوب من الشارع..
سميرة تقول إن تميم مستوجع واجد.. إنه جا ولقاها واقفة في الحوش قريب من باب الشارع...
يعني لو أنك على الأقل وقفت معها لين يجي أخيها.. أو حلفت أنت توديها.. كان غلطتك ممكن تنبلع..
بس الحين.. خبز خبزتيه يا الرفلا اكليه...
عجزت أقول لك لازم تحط حد لخالاتي.. بس أنت كنت مبسوط بالوضع..
خلاص اشرب..


نايف تنهد بيأس حقيقي.. حياته كاملة تنهار أمامه.. وليس في يده أي حل..
فماذا يفعل؟؟
ماذا يفعل؟؟










**************************************







"دفنتوها خلاص؟؟"


علي يلقي غترته جانبا ويهمس بتأثر: دفناها.. جعلها تكون حجاب لأبيها وأمها من النار..


شعاع تمسح دمعة تأثر: ياقلبي ياكاسرة..
الله يعينها ويواجرها..
أنا وأنا حملت على طول.. لو يصير للبيبي حقي شيء بعيد الشر بأستخف..
أشلون هي .. وهي ماحملت إلا عقب سنة..
ويوم قربت خلاص.. يطلب الله أمانته..

علي يتنهد وهو يربت على كفها: الله له حكمة من كل شيء..
مهوب حارق قلبي الحين كثر أخي اللي ما أدري وين راح..
ماخليت مكان مادورت فيه.. لا هو في مستشفيات ولا سجون.. ولا طلع برا الدوحة..
وين راح؟؟ بأستخف.. بأستخف..

ثم أردف بتهيدة شاسعة: باتسبح وأرجع أدور له..

شعاع بتأثر رقيق: حبيبي أنت من أمس ما نمت ولا قعدت دقيقة في البيت وأنت تدور له..

علي يتجه للحمام وهو يهتف بحزم: ولاني بنايم لين ألاقيه..
تدرين وش اللي موجعني؟؟
إني مابعد احتجت كساب ومالقيته جنبي..
والحين يومه محتاجني ماقدرت أكون جنبه!!



حين خرج علي من الحمام..
همست شعاع وهي تناوله ملابسه: ترا تلفونك دق كم مرة..

لا يعلم لما شعر بتوتر مفاجئ وهو يركض نحو هاتفه..
حين وجد أن الاتصال من العامل المسئول عن المزرعة.. تزايد توتره ولهفته وهو يتصل باستعجال...

شعاع توترت معه لتوتره وهي تقترب منه وتسمعه يصرخ في الهاتف:
أشلون يكون عندكم وأنا سألتك بدل المرة ألف وتقول لي إنه مارجع عليكم..

........................

متأكد إنه نايم؟؟

...................

أنا جاي الحين.. لا تحركونه ولا تقومونه..


شعاع بتوتر ولهفة: لقوا كساب..؟؟

علي يرتدي ملابسه باستعجال وهو حتى لا يعلم كيف ارتداها ويهتف باستعجال مغلف بجزع ورعب حقيقين..:
عمال المزرعة لقوه نايم في غرفتي أنا.. يوم جاو يرتبون..
لأنهم أمس مارتبوا.. وماشافوه دخل.. ولا كان فيه سيارة..
يقولون إنه نايم.. والسرير عليه بقع دم..
الله يستر الله يستر..
لا تقولين لحد شيء.. لحد ما أروح بنفسي وأشوف السالفة..





.
.
.



علي لا يعلم كيف وصل إلى المزرعة حتى...
وهو يقفز من سيارته ويتركها تعمل.. ويركض نحو غرفته ليجد عمال المزرعة كلهم يتجمهرون على بابها..
طلب منهم جميعا المغادرة.. وبقي معه فقط المسئول عن المزرعة..


حين دخل.. كان كساب فعلا نائما..

والمرعب أنه كان هناك بقع دم لا يعلم من أين أتت..
وهو يدقق النظر في جسده فلا يجد إصابات..
اقترب منه ليجد أن هناك دم متخثر على أطراف فمه..


علي اقترب منه ليهتف له برفق قلق قبل أن يهزه: كساب.. كساب قوم يا أخيك..

فعلي يعلم جيدا أن كساب لا يحب أن يحركه أحد وهو نائم قبل أن يكلمه..

كساب انتفض بجزع وهو يقفز بتحفز ويمسح وجهه: بسم الله الرحمن الرحيم..
أعوذ با الله من الشيطان الرجيم..

علي بقلق: كساب الدم ذا من وين جاي؟؟

كساب عاجز عن النظر لأي وجه وهو يهتف بنبرة ميتة: يمكن من ثمي..
لأني البارحة زعت دم..

علي برعب حقيقي: زعت دم... قوم.. قوم نروح للمستشفى..

كساب رد عليه بقسوة: ما أبي أروح للمستشفى..
ثم أردف بنبرة ميتة تماما بالكاد استطاع إخراجها: أبي أروح أدفنها..

علي بتردد: دفناها خلاص..


كساب هتف بذهول: دفنتوها بدون ما أشوفها؟؟.. توها ماتت قبل الفجر.. تدفنوها بذا السرعة بدون ما أشوفها..؟؟

ثم بدأ يصرخ بشكل هستيري: تدفنونها ليه؟؟ ليه؟؟ ليه؟؟

علي يحاول تهدئته: كساب أنت مختفي من فجر أمس.. وإكرام الميت دفنه..

ولكن كساب لم يهدأ وهو يصرخ بكل هستيرية الكون: مالحد منكم حق يدفنها..
أنا بس اللي لي الحق..
أشلون هان عليكم تنزلونها في القبر..؟؟
أشلون هان عليكم توسدونها القاع؟؟
من اللي نزلها؟؟ من اللي كشف عن وجهها؟؟ من آخر من شافها؟؟
حرام عليكم.. حرام عليكم.. ليه تسوون فيني كذا..؟؟
ماحتى خليتوا لي شيء أتذكره منها!!


علي يصرخ فيه بحزم: بس كساب.. تراك مزودها..
الحين فيه اللي محتاجك أكثر.. اسبح وأمش معي..



يا الله.. ما أضيق الدنيا في عينيه..!!
أ حتى جسدها اختفى من وجه الأرض قبل أن يراها ولو لمرة واحدة..؟؟

هتف بتبلد: الولد أشلونه؟؟

علي بعدم فهم: أي ولد؟؟

كساب بذات التبلد: ولدي!!


علي يحاول أن يفهم ويجمع الصور.. لتتضح الصورة بشكل مفاجئ في عينه..
هتف علي بنبرة مقصودة: الولد زين.. في الحضانة.. ماتبي تشوفه؟؟


كساب تنهد بألم شاسع: أكيد أبي أشوفه.. وش بقى لي من ريحتها غيره..

ثم أردف بالم أشد: تكفى علي جيب لي ملابس من حجرتي.. ما أقدر أدخلها عقبها..


" يا الله.. ما اكبر ألمك يا أخي!!
لأول مرة أراك تصرخ بإحساسك بالألم بهذه الطريقة!!"


علي قرر ألا يخبر كساب.. لأنه لا يعلم كيف ستكون ردة فعله..
هذا الذي نام لأكثر من يوم وهو يظن أنه نام لساعات..
وتقيأ دما..
وكأن جسده يتصرف نيابة عنه.. لأنه عاجز عن البكاء..


حين خرج من المستشفى فجر أمس..
لم يفكر أن يذهب إلى أي مكان إلا للمزرعة.. آخر مكان جمعهما سويا..
كان يريد أن يهدأ قليلا..
لم يستطع أن يدخل لغرفتهما.. لذا توجه لغرفة علي..
لا يعلم كيف نام كل هذا الوقت..

هل كان جسده يرفض أن يصحو بعدها؟؟
أو هي رحمة الله به الذي أراد أن يرحمه من كل هذا الضغط؟؟



يتنهد بوجع وهو يدخل للحمام ليستحم..
وهو يبصق دمـــــا..!!


" فمثلها لا يُبكى بمجرد ماء بارد.. دموع تنسكب من العين..
بل تُبكى بدم ملتهب يُبصق من القلب"


فأي عشق هذا الذي أورثه هذا الرجل لابنائه؟؟


يستند على جدران الحمام بضعف.. يشعر أنه بالفعل ماعاد يريد أن ينظر حتى للحياة من بعدها..
ولكنه يبقى رجلا قويا.. في إيمانه.. قبل كيانه!!

يعلم أن هذا اختبار رب العالمين له.. لابد أن يصبر من أجل ابنه على الأقل..


" ولكن من أين أتي بالصبر؟؟
من أين أتي به؟؟


وحالي معها كما قال الشاعر:
يامن صورت لي الدنيا كقصيدة شعر....... وزرعت جراحك في قلبي وأخذت الصبر


جرح فقدها في قلبي لا قرار له..
والصبر أخذته معها.. أخذته معها..!!

كل شيء أخذته معها.. ما أبقت لي شيئا..
ماذا بقي من الدنيا بعدك ياكاسرة!!


الدنيا باهتة..
والسماء اختفت نجومها..
والهواء بعدكِ بات ثقيلا يدخل لصدري كالخناجر..

أقسم أني عرفت قيمتكِ
أقسم أني حفظت الدرس..

فهل تعودين لي الآن؟؟
هل تعودين؟؟

سأقول لكِ أحبكِ ألف مرة في كل دقيقة..
سأقول لكِ أنني كنت غبيا لأني لم أصرخ لكِ بها كل ليلة حتى أصيبك بالصداع!!


أريد أن نسافر لمكان بعيد.. فقد وعدتكِ منذ أشهر طويلة أن نسافر..
أعلم أني تأخرت كثيرا لأفي بوعدي..
فلماذا ترحلين وتتركين وعدي معلقا..؟؟
كنت اريد أن ارى الدنيا بعينيك.. وتريها بعيني...

فأي عيون سترى الدنيا من بعدك؟؟

لو كنت أعلم أن الدنيا ستكون شحيحة بكِ هكذا..
لو كنت أعلم فقط!!"



طرقات علي تتصاعد على باب الحمام بقلق: كساب وش فيك تأخرت؟؟


كساب يصحو من غيبوبته والماء ينسكب بغزارة حرقته فوق رأسه هتف بتبلد:
دقيقة وأجيك..


حين خرج كساب هتف بذات التبلد الذي يغلف فيه مشاعره:
خلني أصلي الصلوات اللي فاتتني ونمشي..



.
.
.




يخرجان خارج المزرعة وعلي يسأل بنبرة مقصودة: وين تبينا نروح أول؟؟

كساب بحزم: قبرها..

علي برجاء: زين خلنا نأجل زيارة القبر شوي.. بأوديك المستشفى أول..

كساب بحزم أشد: قلت لك ودني قبرها.. ماتبي توديني نزلني هنا وبألاقي اللي يوديني مثل مالقيت اللي جابني..

علي باستسلام: إن شاء الله.. بأوديك!!


حين أصبحا قريبين من المقبرة.. همس كساب بإجهاد: ما أقدر.. ما أقدر..
خلنا نرجع ماني بمستعد..


بدت الدنيا سوداء تماما في عينيه.. ما أن شعر باقترابه من رائحة الموت الذي انتزعها منه..

لن يحتمل رؤية التراب يحول بينه وبينها..
لن يحتمل رؤية قبرها وهو يعلم أن ظلمته احتوت جسدها..
يخشى أن يتصرف تصرفا يكدر راحتها في قبرها..

ولكن هو كيف يرتاح؟؟ كيف يرتاح؟؟


حين بدأ علي يبتعد عن المقبرة مرة أخرى.. شعر أن قلبه يقفز من بين جنبيه وعيناه تتابعان بألم سور المقبرة:
بأرجع.. صدقيني بأرجع..
بس عطيني وقت أقدر أستوعب الخسارة اللي ما أظن إني في يوم من الأيام بأقدر أستوعبها..
خسارتش أكبر من قدرتي على الاحتمال..
أكبر بواجد!!






يقتربان من المستشفى..
يرسل علي رسالة لمزنة يخبرها أنه وجد كسابا..
وأنه يريد من الجميع أن يتركوها لوحدها وينسحبوا لغرفة الجلوس..


كان علي يعلم أن الاثنين مثقلان بالجرح..
ومن حقهما أن يعالجا جراحهما بنفسيهما دون أعين تراقب!!



كساب كان يتبع علي دون إحساس.. كما لو كان جثة تتحرك..
" ماذا بقي لي سواك يا بني ؟؟
أرجوك لا ترحل أنت أيضا..

أريدك أن تكون تشبهها..
أرجوك أن يكون لك التماعة عينيها أو ابتسامة شفتيها.."


حين وقفا عند باب غرفة كاسرة..
هتف علي لكساب: ادخل..

كساب انتبه من غيبوبته التي بات يغرق فيها كثيرا: بس هذي مهيب الحضانة..


علي يتنهد: أنت ادخل الحين وبتشوف بنفسك..

كساب دخل بخطوات مترددة.. وعلي تأكد من إغلاق الباب خلفه.. ثم توجه لانتظار الطابق..


مازال عاجزا عن الاستيعاب.. هناك سرير وهناك من ينام على السرير..
(وش السالفة؟؟)


شعر بتثاقل أنفاسه وهو يقترب من النائم...
يقسم أن رائحتها قريبة.. قريبة جدا!!

(الظاهر إني استخفيت!!)

اقترب أكثر وهو يشعر بتزايد إجهاده..
يشعر كما لو كان يصعد لقمة جبل.. والهواء لشدة نقائه وكثافته بدأ يؤلمه بعد اختناق صدره ..

يصعد القمة مع اقترابه من السرير.. أضلاعه تؤلمه أكثر وأكثر..

شهق بحدة وهو يراها ممدة على سريرها نائمة بسكون..
استند على حافة السرير حتى لا يسقط.. وهو ينظر لها كالمجنون..

"حلم.. أحلم أنا..
أكيد أحلم..
بس الحلم ما يكون حلو كذا..
لأمه مافيه حلم يقدر يصورها..
هي أكثر من كل الأحلام وأجمل!!"


مال برفق وهو يستند على حافة السرير بثقل..

مال ليتنفس عبق رائحتها من قرب.. (هي.. هي.. هي!!)

مد أنامله المرتعشة ليتحسسها ( مافيه غيرها.. لا لمسته حسيت أناملي ترتعش مع رعشة قلبي!!)


كان يريد أن يتنزعها من سريرها انتزاعا بدون تفكير ليضمها لصدره بكل قوته ليدخلها بين ضلوعه ويخفيها هناك..

لولا أنه بقي في رأسه بعضا من عقل ينبئه أنها للتو أنجبت..
وأي حركة غير محسوبة ستؤلمها..

شعر أن جسده منهك منهك تماما.. وهو ينهار على المقعد قريبا منها..

ينظر لها بيأس ولهفة..

" يا الله يا ربي ما أوسع رحمتك!!
ما أوسع رحمتك!"


لا يعلم كم مضى له من الوقت وعيناه تلتهمان تفاصيلها الساكنة..
رؤيتها تبعث في روحه جرح السعادة..
جرح لا يعلمه إلا من عرفه!!

قبل أن يجرؤ أن يمد يده ليمسك بيدها..
كان يريد أن يقبل أناملها قبلة رقيقة.. قبلة واحدة فقط..
فإذا به بغمرها بعشرات القبلات المبللة باليأس والسعادة..

لم يخرجه من فوضى المشاعر التي اجتاحته.. إلا أنة ضعيفة صدرت عنها..

حينها أفلتها وهو يقفز ليقف قريبا منها..

همست بضعف دون أن تفتح عينيها: يمه.. كساب جاء..؟؟

كان الجواب هو شفتيه اللتين لم تجدا طريقة للتعبير عن حزنه عليها سوى ببصقهما دما..
لتنفثا في روحها الحياة الآن..

كاسرة شهقت وهي تفتح عينيها لتطوق عنقه بذراعيه وهي مازالت ممدة..
أفلت شفتيها.. ليلصق خده بخدها وهو يرفعها برفق..

انتحبت بشفافية وهي تغرق عنقه بدموعها: وين كنت ذا كله؟؟
أنت تعاقبني عشان بنتنا ماتت بدل ما تكون جنبي..

كساب عاجز عن التفكير لا يستوعب أي شيء سوى أنها بين يديه الآن..
وهو من كان يظن أنه لن يحتضن سوى مرارة الأيام بعدها..

همس في أذنها بكل وجع العالم: أحبش وأحبش وأحبش
وسامحيني على على كل شيء.. على كل شيء..
سوي فيني اللي تبين بس تكفين لا تفكرين تخليني مرة ثانية!!








***********************************






" يمه كساب وين راح؟؟"


مزنة همست بإبتسامة متأثرة: أكيد قريب يأمش.. راح عشان النسوان اللي جاوو يسلمون عليش..
وأكيد بيرجع..


مازالت عاجزة عن تخفيف فيض دموعها التي تأبى التوقف وهي تهمس بصوتها المبحوح الممزق:
تكفين يمه كلميه يجي..


تشعر في غيابه كما لو كانت محض طفلة فقدت أنامل والدها في خضم زحام كبير..
ولن تشعر بالأمان حتى تعود للاطباق على أنامله..
حينها ستسكن روحها من القلق والخوف والجزع..


همست مزنة بحنان: باتصل له يأمش.. مع إني ما أدري تلفونه معه وإلا لا..


قبل أن تتصل مزنة كان هو من يتصل يسأل هل مازال عندهم زائرات..
ويخبرهما أن معه مفاجأة..


مزنة أنزلت نقابها ووضعت عباءتها على رأسها.. لتخرج وترى.. حين رأت مفاجأة كساب ابتسمت بشفافية وهي تفتح الباب على اتساعه..


دخلا مع باب غرفة الجلسة ليتوجها لكاسرة التي كانت ترفع ظهرها قليلا..
حين رأت القادم تزايدت دموعها وهي تحاول النزول لتقف..

هتف لها كساب بحزم: والله ما تنزلين أنا بجيبه عندش..


اقترب الجد وهو يستند لكف كساب.. ويحاول أن يتبين ما أمامه ويهمس بتأثر عميق: وينش يأبيش؟؟

كان الرد على جوابه أن كاسرة طوقت خصره وهي تقبل كتفه بتأثر عميق حين أوقفها كساب جوار سريرها..


احتضن رأسها بحنان وهو يهمس بذات تأثره الرقيق المتجذر كجذور شخصيته وهو يشعر بتبلل كتفه من دموعها:
ياويل حالي من ذا الدموع كلها.. اذكري الله يأبيش..
الله يأخذ ويعوض بأكثر منه وأحسن..
قبل ما تجيني مزنة.. مات علي خمسة ماحد منهم كمل شهر..
ولو يخيروني بينهم كلهم وبين مزنة.. ما تخيرت حد عليها..


همست كاسرة باختناق: الحمدلله على كل حال يبه.. ما نعترض على عطاه..
بس الوجع غصبا عني..

كان كساب ينظر للمشهد.. ويشعر أن الألم يغوص في ثنايا روحه مع إحساسه بالندم من أجله..

تأثرها يهز أعماقه.. لا يعرف كيف يستطيع التعويض عليها إلا بمشاعره المنهمرة من أجلها.. وهو يبحث عن كل ماقد يرضيها أو يسعدها!!









*********************************************









" أشلون كاسرة الحين؟؟"



تميم يشير بهدوء: الحمدلله أحسن.. بكرة الصبح بتطلع من المستشفى إن شاء الله..



ابتسم فاضل: ماتبي تمرن جنحان طيورك..؟؟ خاست من القعاد في مركز الطيور..


ابتسم تميم: نمرنها هنا في الدوحة ماعليه.. بس قنص ذا السنة ما أقدر..
ثم أردف بإشارة غامضة: عندي شغل..ما أقدر أخليه..


تنهد فاضل بإبتسامة شاسعة: والله حتى أنا ماودي أطلع من الدوحة ذا السنة..
خايف مرت عبدالرحمن تولد وأنا ماني بهنا..
ذا البنات ماعاد مسكوا غرانهم في بطونهم شوي..
وأنا من شفقتي عليه ما أبي حد يشله قدامي!!


ابتسمت أم عبدالرحمن التي كانت تقطع للاثنين صحنا من الفاكهة وهي تخاطب أبا عبدالرحمن:
خاطري أدري أشلون تسولفون.. على أنه ولد أخي أنا.. أشياء واجد ما أعرف أقولها لها.. ولا أفهم عليه..


ابتسم أبو عبدالرحمن: طول العشرة خلته يفهم علي ولو أني داري إن إشاراتي كلها غلط..

أشار أبو عبدالرحمن لتميم بشيء.. فاتسعت ابتسامة وهو يشير برفض قاطع..

أم عبدالرحمن ضحكت: والله أنك منت بخالي.. إشارتك ماجازت لي..


ضحك أبو عبدالرحمن: أقول له عمتك تقول تدور لي بنية مزيونة من هل الكمبيوترات اللي يجونك..
كود نجدد الصبا..


ابتسمت أم عبدالرحمن بغيظ رقيق.. يبقى موضوعا مهما كبرت المرأة تشعر بالغيظ منه:
ومابه من صبي مزيون بعد عشان إذا خليتك أنت وبنيتك المزيونة..


أبو عبدالرحمن ضاحكا: أفا يا الصيتي.. اللي خربت الدعوى..
يا بنت الحلال.. ما أبي إلا أنتي وحسن الخاتمة..









**************************************








اليوم التالي
.
.

يدخلون أربعتهم للبيت..

كساب يحمل كاسرة التي تفجر وجهها احمرارا وهي تحاول اقناعه بإنزالها وهو يرفض بإصرار: بسش حنة.. ماني بمنزلش إلا على سريرش..
أردف بوجع: لو علي اصلا ماخليتش تبعدين من حضني دقيقة..


بينما زايد يهتف بصوت عال وبمودة غامرة: الحمدلله على سلامتش يابيش.. نورتي بيتش..


مزنة باستعجال تتجه لجناحها الذي أصبح في الأسفل:
كساب يأمك جيبها عندي..

كساب برفض قاطع وهو مازال يحملها: اسمحي لي يمه.. كاسرة بتقعد عندي..

مزنة باستغراب: يأمك مايصير.. كاسرة تبي من يراعيها.. ونفاس.. مايصير تقعد عندك..

كساب بإصرار حازم: ماعلي من ذا الكلام كله.. كاسرة بتقعد عندي..

كاسرة ستموت من الحرج وهي تهمس في أذنه: كساب خلاص نزلني..

كساب بخفوت: بس اسكتي.. ماني بمنزلش الحين..

مزنة تتنهد: يأمك ما أقدر أطلع فوق.. أشلون تقعدها فوق بروحها..

مزنة تشعر بالحرج أن تخبرهم أن زايدا حلف عليها ألا تصعد للأعلى مرة أخرى..

حينها هتف كساب بخبثه الذي لا يستطيع تركه:
خلاص روحي اقعدي مع شيبتش في جناحه.. وعطينا جناحش..


مزنة صمتت بحرج بالغ.. ليهتف زايد الذي لا يرضى أن يشعرها أحد بالحرج:
خلاص خذوا جناحي أنا.. أنا اللي بأطلع فوق..


مزنة لم تستطع إلا أن تنظر له بامتنان وكساب يتجه بكاسرة لجناح والده ويهتف بنبرة مقصودة:
كثر الله خيرك يبه.. من يومك جنتل..
خصوصا لا حضرت عمتي مزنة في السالفة..


حين أنزلها كساب على سريرها.. همست بذبولها الذي يلازمها منذ ولادها:
كساب الله يهداك أحرجتني واجد..

كساب هز كتفيه بثقة: وين الإحراج؟؟ ماشفته!!

كاسرة تاخرت قليلا بألم لتضع مخدة خلف ظهرها وهي تهمس بألم حقيقي:
ياشينه إحساس الألم وما في يدي شيء ينسيني الوجع..

كساب جلس على طرف السرير قريبا منها وهو يمسح خدها:
اذكري الله .. ربي بيعوض علينا إن شاء الله..

سالت دموعها بصمت مجروح وهي تتحسس ثديها بحرقة: تدري إن صدري فيه حليب..

همس كساب بندم عميق: أنا آسف.. كله مني!! أنا السبب أنا وسالفتي اللي كنها وجهي..


وضعت كاسرة أطراف أناملها على شفتيه: لا تقول كذا.. هذا اللي كتبه رب العالمين لنا.. وماحد يعترض على اللي ربي يكتبه..


اقترب ليحتضنها برفق وهو يهمس بحنان: سامحيني حبيبتي.. ما تخيلين وش كثر ندمان على أشياء واجد..

همست كاسرة بألم: كان لازم نخسر ذا الخسارة.. عشان اسمع ذا الكلمة..؟؟

همس وهو يغمر شعرها بقبلاته: فيني ذا الطبع الخايب على قولت إبي..
ما أعرف قيمة الشيء لين أخسره..
والحمدلله إني ما خسرتش..
ما تتخيلين وش اللي صار فيني... أنا كنت باستخف يوم تخيلت الشمس بتشرق علي من غير شوفة وجهش!!

ويمكن ياقلبي إن الله سبحانه يبي يطوي صفحة من حياتنا ونبدأ صفحة جديدة..
نجيب طفل قلت لش قبل ما تحملين فيه ألف مرة أحبش واحبش واحبش..






*************************************






" قرت عينش يمه برجعة كساب!!"

عفراء تبتسم ابتسامة باهتة: وعقبال ما تقر عينش بشوفة فهد..

جميلة تنهدت وهي تتذكر موعد عودة فهد الذي يقترب مه تزايد اشتياقها له حتى ماعاد في الاحتمال..
وهي تخجل أن تتصل به.. فيصرخ بها.. أو يقول لها كلمة تؤلمها..


تنهدت جميلة بحنان: زين يمه دام كساب رجع.. ليش متضايقة كذا؟؟


عفراء بتأثر: متضايقة عشانه هو ومرته.. من حزني عشانهم مافرحت بحملي..



جميلة اتسعت عينيها وهي تنظر لوالدتها بذهول قبل أن تقفز بصدمة حماسية: نعم؟؟ حامل يمه..؟؟ وليش ماقلتي لي..؟؟


تنهدت عفرا: توني دريت البارحة.. وما كان لي خلق أقول شيء..


جميلة تترقص بحماس طفولي: ومتى قطيتي المانع؟؟ ماقلتي لي..

عفراء هزت كتفيها: صار لي فترة.. منصور جنني من كثر ما يحن.. وأنا استحيت من كثر ما أرده..
قلت خلاص زيود كبر.. وأنا مهوب من صغري عشان أجل أكثر من كذا..


جميلة بذات حماسها الطفولي: وبما أنه عمي منصور من البارحة وهو في الزام..
معناتها مابعد درى..


ابسمت عفرا وهي تشد زايد صغيرها في حضنها وتغمره بقبلاتها: لا مابعد درا.. بأقول له لا جا..

جميلة برجاء حار: تكفين يمه.. أنا أبشره.. تكفين..

ابتسمت عفراء: هذا هو على وصول... بشريه..


ما أن أنهت عفراء كلمتها حتى كان سلام منصور المجلجل يغمر المكان بفخامته وهو يدخل بلباسه العسكري..

ردتا عليه السلام.. وهو يجلس ويشير لزايد الصغير أن يأتي له وهو يهمس بأبوية حانية:
تعال يامجند.. عط القائد بوسة كبر رأسك ..


عفراء أدارت زايد نحو والده وهي تنظر بابتسامة حانية له ولجميلة التي تبدو كما لو كانت تقلى على النار..

منصور تلقى زايد الذي كان يمشي نحوه بخطواته غير المتزنة..
وهو يمد له يديه الطويلتين ليتلقاه قبل أن يصله كما لو أنه أشفق عليه من طول المسافة التي كانت خطوتين وهو يهتف بإبتسامة حانية:
الولد هذا ذيب.. حتى مشيته مشية ذيب..


حينها همست جميلة بإبتسامة شاسعة: وماتبي لك مع الذيب ذيب ثاني؟؟

منصور استدار نحوها وهو يهتف بصدمة سعيدة: أنتي حامل؟؟

ضحكت جميلة: لو أنا حامل.. الذيب بيصير حق آل ليث..

ضحك منصور: لا ولدش أنتي وفهد حقي بروحي..

جميلة غمزت عينها بشقاوة: دور لك ذيب ثاني.. أقرب بواجد..

حينها أجلس منصور زايد جواره وهو ينظر لعفراء بإبتسامة شاسعة.. بينما كانت تخفض عينيها بخجلها العفوي الرقيق:
يعني الذيب حقنا؟؟
الحمدلله حنتي جابت نتيجة والذيب مايهرول عبث..

أردف بفخامة وهو يقف: جمول .. عادي أحب أمش قدامش لأني مافيني صبر..؟؟

جميلة قفزت بخجل وهي تلتقط أخاها وتهرب به: لا مهوب عادي..
خلني أروح وكيفكم..


منصور وقف أمام عفراء ليشدها ويوقفها..
أحتضن وجهها بين كفيه ليغمره بقبلاته وهو يهمس بخفوت: ألف مبروك ياقلبي..

همست برقة: الله يبارك فيك..

أردف وهو يبعدها قليلا لينظر لوجهها: تدرين إن فرحتي بحملش هذا أكبر..

ابتسمت: وش معنى؟؟

أردف بفخامة: لأنه حملش بزايد عاده حسرة بقلبي.. أول شيء ماعرفت الخبر بطريقة أرضتني..
وثاني شيء ماكنت معش في حملش خطوة بخطوة..
الحين هذا أبي أستمتع معش فيه بكل لحظة أنا وأنتي وزايد..







*********************************







" بسم الله عليش ياقلبي.. بسم الله عليش!!"


شدها برفق ليحتضنها بخفة حتى لا يؤلمها وهو يسمع صرخاتها الموجوعة التي دلت على كابوس كانت تحلم به..

مالت بشكل جانبي لتدفن وجهها في صدره وهي تنتحب بخفوت..
مسح على شعرها وهو يقرأ عليها الكثير من الآيات ليهدئها..
ثم أردف بحنان بعد أن هدأت قليلا: سلامات ياقلبي.. سلامات.. وش فيش..؟؟

همست كاسرة باختناق وهي تدفن وجهها أكثر في صدره : كابوس قديم.. توني أفهمه.. أو يمكن عمري مافهمته..

همس كساب بذات الحنان العذب: إذا شيء شين لا تقولينه..

كاسرة عاودت التمدد وكساب يساعدها أن تتمدد حتى لا تؤلم نفسها
وهمست بخفوت موجوع وهي تنظر لوجهه وهو يتمدد نصف تمدد ويستند على كفه لينظر لها:
من عقب مامات أبي.. يجيني حلم غريب..
إنه بيدي بنت صغيرة.. أنا ضامتها بكل قوتي.. كأن روحي متعلقة فيها..
وبعدين يجي حد ويأخذها غصبا عني.. كل ماصارت ذا اللحظة أفز من نومي أصيح كأنه حد نزع قلبي من مكانه..
عشان كذا كنت واجد أصك على أختي وضحى.. كنت أخاف عليها تكون البنت اللي بيأخذونها مني..
وأحيانا كنت أقول هذي أنا.. حد ينزع روحي من بين إيدي..

عقب ماخذتك.. سبحان الله.. ماعاد جاتني ذا الأحلام.. ما رجعت لي إلا فترة زعلتنا..

ويوم حملت.. كنت متوترة ما أبي بنت.. على كثر ماني مشتهية يكون بكري بنت..
ويوم دريت إن اللي بطني ولد تريحت..
وهذي هي بنتي راحت..


كساب مد أنامله ليمسح دموعها المتناثرة بشفافية وهو يهمس لها بعمق:
خلاص الكوابيس راحت..
وربي بيعوضنا ببنت ثانية.. وإن شاء الله تكون بكرنا بنت مثل ما تبين..
وطالبش ماتحاتين شيء وأنا جنبش..
الدنيا تصير في عيني أضيق من فتحة الأبرة لا شفتش ضايقة كذا!!



هاهو تشاركهما في الحزن وإحساس الفقد يطهرهما تماما..
مخلوقان مثقلان بالوجع والتأزر..
والعشق الذي أنضجته نار الفجيعة..
فلا شيء يقرب البشر ويصهر الخلافات ويجعلها لا قيمة لها..
مثل الــــحــــزن!!








****************************************






اليوم التالي
.
.



" ياعمي طالبك تساعدك..
تميم ماحتى رضى يقابلني.. وش اللي يرضيكم أنا حاضر له..
لاني بأول واحد ولا آخر واحد يغلط على مرته..
وأنا معترف إني غلطان.. وحقها علي..
وحاضر أراضيها باللي هي تبيه"


زايد ينظر له بعتب عميق لا يخلو من غضب: يأبيك..
الرجال لاخذ بنات أما يحشمهم.. وإلا ترا بيوت أهلهم مهيب عاجزة منهم..


تنهد نايف بحزم: وبنت ناصر لها القدر والحشيمة..
لكن ياعمي من أول زعلة بتصير بيننا.. بتقوون رأسها علي..؟؟
عطوني فرصة وحدة بس.. إن رجعت عليكم زعلانة مرة ثانية.. حقكم كلكم برقبتي..
خلاص وش عاد تبون أقول أكثر.. اعتذار مابقى حد ماتعذرت منه..
وأوعدها ماعاد يصير إلا اللي يرضيها..
أنا لا كابرت على الغلط.. ولا أصريت عليه..
على الأقل خلوني أتكلم معها.. أنت إبينا كلنا..
بأكلمها قدامك..

تنهد زايد بحزم: أنا بأقول لها.. لكن ماني بغاصبها..
لأنه حقها أقول لها.. لكن أنتو أجعتوها وأجعتونا معها..
ولولا غلاك وأني شايفك متحسف.. وإلا والله لا يكون تصرفي شيء ثاني مايرضيك..





************************************







" يه عقب ماهو مستر كساب طافش طول اليوم
وأنتي تدورين وراه في السكيك..
ماعاد فارق شوي نشوفش..
اليوم كله مبلط عندش.. ماوراه دوام الأخ؟؟"


كاسرة تنظر لسميرة بإبتسامة ذابلة: حرام عليش سمور..
والله إني طلعته بالغصب عشانش..
قلت له سميرة اتصلت كم مرة تبي تجي..
تدرين وش يقول؟؟ يقول ماوراها رجال المفروض تفرغ له..

ضحكت سميرة بمرح: قولي له رجّالي طافش مني كالعادة.. الله يبارك في سوق الكمبيوترات المزدهر..
عقبال مايزدهر سوق العقارات وتفك شوي بعد..



وضحى تدور بكاسات العصير على المتواجدات بينما مزون تهمس بإبتسامة:
عاد حدش سمور.. كله ولا كساب يلحقه الحكي..

سميرة بمرحها المعتاد: احترمي بنت عم رجالش قبل ألتش كفين..
كيفي أنا ورجّال حماتي..
على قولت خالي هريدي: ياداخل بين البصلة وئشرتها.. ماينوبك منها غير ريحتها..


مزون بإبتسامة وهي توجه حوارها لمزنة: يمه قولي لمرت ولدش قبل أتوثم فيها..؟؟

سميرة تنفذ عن ذراعيها بحركة تمثيلية: تكلمي على قدش يابنت..
دنا بنت أخت هريدي والأجر على الله..

مزنة همست بإرهاق: مزون يأمش.. شاخبارش الحين عقب التعب اللي جاش..؟؟

همست مزون بمودة: طيبة.. يوم شفت كساب.. طبت والشر راح..

همست مزنة بذات الإرهاق: الله الله في نفسش.. تبين أروح معش الدكتورة؟؟


ابتسمت مزون بتأثر: والله يمه أنتي اللي تبين لش دكتورة.. شكلش منتهية من التعب..


ابتسمت مزنة بإرهاقها ذاته: هانت خلاص.. الله يهون من عنده!!


وضحى همست وهي تميل على أذن أمها: يمه فديتش قومي انسدحي شوي..
هذا أنا عند كاسرة.. لين يجي كساب..


كانت مزنة فعلا تريد أن تنهض لتتمدد.. لولا أن هاتفها رن.. تحادثت على هاتفها بخفوت لدقيقة..
ثم التفتت لوضحى وهمست بأمر: وضحى روحي لعمش أبو كساب في مجلس الحريم..


وضحى ابتلعت ريقها..
كانت تعلم أن هذا الطلب قادم.. لكنها تعلم أن إنشغال زايد الفترة الماضية لابد منعه..
تنهدت وهي تهز رأسها بغصة : إن شاء الله..


بينما سميرة ترقص حاجبيها: جاك الموت ياتارك الصلاة..

مزون تضحك: إبي الموت يا الخايسة..

ضحكت سميرة: إلا وضيحى تارك الصلاة.. قصدي تارك نايف..
يا الله استلئي وعدك ياحلوة..



وضحى تأكدت من لبس نقابها.. خشية ان تصادف كساب.. ثم توجهت لمجلس الحريم..
دخلت بسكون وأغلطت الباب خلفها..
ثم رفعت نقابها فوق رأسها لتتوجه لزايد وتقبل رأسه وتجلس قريبا منه بسكون..


هتف زايد بنبرته الأبوية الخاصة: أشلونش يأبيش؟؟

همست وضحى بخجل: لاقدك طيب أنا طيبة..

زايد بحنان فخم: جعلش طيبة وبخير..
ثم أردف بحزم: فيه ناس يبون يشوفونش يأبيش..


وضحى ارتعشت بخفة وهي تهمس باختناق: وأنا ما أبي أشوفهم..

تنهد زايد: يا أبيش ماحد بغاصبش على شيء..
ونايف غلط عليش غلطة كبيرة... بس هو تعذر لين قال بس..
ويقول جاهز للي يرضيش.. ويبي يكلمش..
عطيه فرصة ثانية.. اسمعيه بس..


وضحى باختناق: يبه هذا أمر وإلا أقتراح..؟؟
كانك تأمرني.. نفذت ولا لي حق أفتح ثمي.. وتبيني أشوفه الحين شفته..
لكن كنه اقتراح.. اسمح لي فديتك.. جرحي منه ماطاب عشان أشوفه..


ابتسم زايد: الله يكبر قدر يأبيش..
لا بالله هذي مجرد رسالة وصلتها لش منه..
فكري براحتش..
وخلني أقول لش الكلمة اللي باقولها لمزون لو هي جاتني زعلانة.. مثلش مثلها..
وكلكم بناتي..
المرة لا جاها رجّالها نادم بذا الطريقة.. تعطيه فرصة ثانية.. عشان تكسبه..
ترا ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابين..







********************************************







" يا الله ياقلبي تجهزي للسفر خلال أسبوع!!"


جوزاء تنظر لعبدالله باستغراب: أي سفر؟؟

ابتسم عبدالله: عشان تكملين دراستش.. مسرع نسيتي!!
خلاص الدراسة بتبدأ بعد عشرة أيام.. وأنا جهزت كل شيء..

جوزاء بصدمة: ماقلت لي..

ابتسم عبدالله برجولة صافية: تقدرين تقولين إنها مفاجأة.. ولو أنه ماعاد هي بمفاجأة لاني من زمان قايل لش..
لولا حادث عبدالرحمن ثم فهودي الصغير وإلا كان رحنا من السنة اللي فاتت..
الحين فهودي صار عمره 4 شهور.. خلاص خلنا نروح..
قبل يكبرون العيال وتصير السالفة أصعب..
والمدة كلها فصل واحد.. وش كثر تعبت لين قدرت أدبرها ماتكون أطول..


جوزاء بدأت تشعر بالتوتر المختلط بالتاثر: ياربي وعيالي وش أسوي فيهم..

عبدالله بحنان: بناخذ خدامة أمي الكبيرة.. صار لها عندنا 15 سنة..
مرة ثقة.. وبعدين ترا كل السالفة تروحين 3 مرات في الأسبوع مدة ساعتين بس..

جوزاء ماعادت قادرة الجلوس.. وهي تقاوم انهمار دموعها: صدق عبدالله صدق بأروح أدرس؟؟


عبدالله شدها ليجلسها ويشد على أناملها بتأثر عميق: صدق ونص..
عساني بس أقدر أكفر عن اللي سويته فيش..

جوزاء أسندت رأسها لكتفه وهي تهمس باختناق: الله لا يحرمني منك..
ويقدرني أسعدك وأرضيك مثل منت محسسني برضا ربي علي!!


قاطع جوهما الخاص دخول حسن الصغير عليهما وهو ينظر لأمه ثم يهتف بغضب:
بابا وس سويت؟؟ ليه ماما تبكي؟؟

ضحك عبدالله وهو يشده ليحتضنه: إخس يا العصبي... ترا مهوب أنت اللي سمي فهد هدي أعصابك شوي..
ماما فرحانة..و عاد يا أبيك النسوان ماينعرف لهم..
يستانسون يبكون.. يحزنون يبكون..









*****************************************





" يمه أبي أروح لبيتي.."


عفراء بابتسامة: فهد بيجي بكرة.. وش فيش مستعجلة كذا؟؟

جميلة بخجل رقيق: أبي أرتب المكان قبل يجي.. عشان أتفرغ لنفسي بكرة..


ابتسمت عفرا: تطورات ياجمول.. الله يديم نعمة العقل عليش..
تبين حد من الخدامات يروح معش؟؟

جميلة بحماس رقيق: لا فديتش.. مايحتاج.. ولو احتجت.. خدامات البيت موجودين..


تنهدت وهي تقف لتجهز أغراضها للمغادرة..

" النذل اشتقت له واجد..
وهو حتى تلفون مادق..
وش ذا القلب اللي عنده يمه منه؟؟
قلب بعير ماينسى!! "






*********************************





" ها حبيب القلب مازولا وش أخباره؟؟
عاد مرته طافشة منه؟؟"


عالية ضحكت وهي تطوق عنق عبدالرحمن المشغول كالعادة بين تحضير دروسه
ومع ذلك لا يترك دقيقة واحدة قد يقضيها معها..
قبلت خده وهي تهمس بمرح: مازولا يقول فكه من شرك يا تنكة السمن..
حاط دوبك دوبه... بدل ما تقنع بنت خالك ترجع له..


ضحك عبدالرحمن: أفهم من هذا ضمنا إنه خالش نايف بما إنه مازولا فهو خفيف على القلب وخالي من الكريسترول..
وأنا دسم على القلب وصاروخ كريسترول..


عالية بمرح: وليش ماتقول نويف سامج ومافيه نكهة.. وأنت كل النكهة..

عبدالرحمن يضع يده على قلبه: وأخيرا انصفني الزمن بمدحة من عندش..
اللهم دمها نعمة واحفظها من الزوال..

حواراتهما المرحة والعميقة والمهتمة عن كل شيء وحول كل شيء لا تتوقف..
قبل أن يضع عبدالرحمن كل أوراقه جانبه ويمد ذراعه ليحتضن كتفيها ويهتف باهتمام:
قريب بتدخلين الثامن ما تبين تأخذين إجازة ترتاحين؟؟


ابتسمت عالية وهي تسند رأسها لكتفه.. وتعبث بأنامله:
تو الناس فديتك.. أبي أخلي إجازتي عقب إجازة الوضع..
لين يصير عمر البيبي 4 شهور..

ضحك عبدالرحمن: مافيه حد يعد لحملش مثل إبي الله يعطيه العافية..
لدرجة إنه حتى القنص ذا السنة ماراح ولا هو برايح..
خايف تولدين وهو مهوب هنا..

ابتسمت عالية بشجن ودود: الله لا يخلينا منه..
ثم أردفت بمرح: ولا يهمه بأقطه عليه وخله يبزيه على كيفه..







****************************************






" نجلا حبيبتي.. وش رأيش نروح لدبي؟؟
باقي من عطلة العيال أسبوع.."


نجلا بتردد: لا صالح تكفى ما أقدر مع الاثنين الصغار..

تنهد صالح وهو يحتضن غانم الصغير الذي يجلس على ساقيه:
حبيبتي حرام عشان خاطر عزوز وخويلد.. صار لهم أكثر من سنة ماطلعوا برا الدوحة..
وبيرجعون للمدرسة ماغيروا جو..


نجلا بذات التردد: أخاف على غنوم ومهاوي حد منهم يمرض وإلا يتغير عليهم الجو..

ابتسم صالح: بسش يالوسواسية.. حرام عليش صاكة عليهم وصاكة على نفسش معهم..
يا الله يا بنت الحلال..
خلينا نسافر الحين.. نرجع قبل مايسافر عبدالله وهله عشان نواجههم..






*************************************



اليوم التالي
.
.



توترها تصاعد للذروة..
أعادت ترتيب كل شيء عدة مرات..
نظرت لنفسها في المرآة آلاف المرات..

عدلت لباسها وأحمر شفافها لمرات ماعادت تذكرها..
وكأنها تبحث عن شيء تفرغ فيها توترها..
وهذا التوتر لا ينزاح ولا ينجلي..


تنظر للساعة.. (كأنه تأخر!!)


ماعادت تستطيع الجلوس حتى.. وهي تروح وتجيء وتنظر عبر النافذة..
حتى رأت سيارة هزاع تتوقف في الباحة..
تراجعت بعنف وهي تلتصق بالحائط..

فهي تعلم أن هزاع هو من ذهب لإحضاره من المطار..
تصاعدت دقات قلبها... وشعرت بريقها جافا تماما..
جلست وهي تحاول السيطرة على ارتعاشها دون جدوى..

وضعت أناملها على جبينها (الظاهر إني مسخنة!!
جسمي مولع وارتعش.. أكيد مريضة!!)


قضت وقتا طويلا وهي مازالت تنتظر.. ارتعاشها يتزايد ومعه حرارة جسدها..
(أكيد مريضة..
خلني أنام قبل يجي..
لو عصب علي بأقول له أنا مريضة!!
وش أسوي؟؟
حد أقوى من المرض؟؟
هو أساسا معصب معصب.. لقاني صاحية وإلا نايمة..
يمكن يرحمني لا شافني مريضة!!)


جلست على طرف السرير لتخلع كعبها الأسود العالي..
وكانت ستنفذ مخططها فورا.. وتندس في الفراش قبل أن يأتي!!

لولا الباب الذي فُتح فجأة..

قفزت واقفة وهي تدعك أناملها بحدة..

وقف أمام الباب لثوان كتمثال صامت.. قبل أن يغلقه..
يعترف أنه مصدوم..
فهو ماكان يظن أنه سيجدها بعد أن هددها بمعاقبتها في الهاتف..
كان يظن أنه ستكون في بيت أهلها..
وقد تتخذ تهديده سببا لتتركه أو لتماطل في العودة إليه!!


لكن أن يجدها أمامه دون أن يتوقع..
بل بهذه الصورة الموغلة في البهاء والحسن والإبهار.. كان أكثر من احتماله بكثير..
حاول أن يحرر عنقه من ازراره بفشل.. فهو لم يكن يرتدي ثوبا..
بل كان يرتدي بدلته العسكرية الخاصة بالتشريفات بأزرارها القاسية..


كانت ترتدي فستانا قصيرا فخما خليطا من اللونين التركواز والأسود..
كل مافيها ينطق بالأناقة والفخامة والحسن الموجع..
بدءا من كعبها الاسود لساقيها المصقولتين لفستانها الاستثنائي.. لنحرها المشرق..
لشعرها... شعرها؟؟؟.. بقصته القديمة التي رأها فيها أول مرة..


اللئيمة الصغيرة.. في كل مرة يعود من سفره متحفزا ضدها.. لتصدمه بسحب تحفزه كله كالسحر!!



همس بثقل وهو يفتح فمه أخيرا: قصيتي شعرش؟؟


ردت عليه باختناق دون أن ترفع بصرها: قصيته عشانك.. عشانك قلت إن قصتي القديمة كانت تعجبك..

همس بذات الثقل: ذا الكلام قلته يمكن قبل خمس شهور..

شدت نفسا مختنقا: توني فهمته..


اقترب منها أكثر لترفع عيناها بوجل نحوه...
تعلقت عيناها به.. لأول مرة تراه وسيما هكذا.. أو ربما لأنها نظرت له بعين مختلفة هذه المرة..

همست باختناقها ذاته: ليش تأخرت؟؟.. أنتظرك من زمان..


هتف بذات نبرته الثقيلة: كان لازم نأخذ صور في المطار للدفعة كلها مع القادة..
بكرة بتطلع في الجرايد.. عشان كذا لبست بدلة التشريفات.. وتأخرت..

همست بذات النبرة المختنقة: تعشى؟؟

هز رأسه رفضا وهو يهمس بإجهاد: ما أبي..
وبسش تكفين..

تراجعت بوجل وهي تكاد تبكي: والله ماسويت شيء..

مد يده ليمسح شفتيها بولع: بسش تعضين في شفايفش.. ذبحتيني..
من أول مادخلت وأنتي مرتبكة وتعضين في شفايفش وتدعكين في أصابعش..
بسش..

همست بخجل عميق: ماقصدت..


شدها ليحتضنها بقوة حانية وهو يهمس بولع موجوع:
أدري ماتقصدين.. واللي ذابحني إنش ماتقصدين..
وياكثر ماتذبحيني وأنتي ماتقصدين..

انتفض بعنف وهو يشعر بقبلاتها على ذقنه وطرف خده وعنقه (بسم الله الرحمن الرحيم..
هذي اش فيها؟؟ استخفت؟؟)

لتنتفض روحه برعشات أعمق وهي تسكب همساتها الرقيقة قريبا من أذنه:
اشتقت لك يا الظالم.. اشتقت لك..
أسبوع كامل ماتكلمني إلا مرة وحدة عشان تعصب علي وتسكر في وجهي..
حرام عليك كنت بأموت من شوقي لك..

فهد أبعدها عنه بجزع وهو يضع يده على جبينها: مريضة أنتي؟؟

همست باختناق مبلل بالعبرات والدموع وهي تتناول كفه عن جبينها وتغمره بقبلاتها: الظاهر كذا..


عاود شدها بقوة أكبر بين أحضانه وهو يهمس برجاء عميق:
زين.. طالبش خلش مريضة كذا على طول!!





.
.
.





" فهد.. فهد.. قوم حبيبي..
وش ذا الكسل اللي عندك؟؟
الظهر قرب يأذن.. بالعادة ماتنام لذا الحزة حتى في الإجازات"


تنهد بعمق وهو مازال مغمض العينين: أخاف أفتح عيني..يكون ذا كله حلم..
وبعدين انجلط..


جميلة انحنت عليه بجزع رقيق: بسم الله على قلبك..

ثم انحنت أكثر لتغمر وجهه بقبلاتها الشقية الرقيقة: هذي قرصة عشان نصحيك من الحلم..

حينها فتح عينيه بنعاس وهو يهمس بصوت ناعس مبتسم: اقرصيني مرة ثانية..
عشان مابعد صحيت من الحلم..

قرصت خده وهي تهمس بمرح: دمك عسل.. وهذي قرصة.. قوم يا الله..

شدها ليمنعها من المغادرة وهو يعيدها لحضنه ويهمس بابتسامة: القرصة هذي بايخة..
وخاطري أدري وش صار وأنا مسافر غيرش كذا..
لو هو سفرتي.. سافرت كل يومين أسبوع.. مادمت بأرجع ألاقيش كذا..


جميلة برجاء عذب: لا طالبتك.. بلاها السفرات وأنا وأوعدك أقعد كذا على طول..
ثم أردفت بابتسامة: بالعكس لو سافرت مرة ثانية.. بترجع بتلاقيني رجعت مثل أول..

فهد ضحك: لا خلاص.. حرمنا.. بأبلط هنا في الدوحة..








*******************************







بعد أكثر من أسبوع..

.
.



" ها يا الخال... عاد مرتك طامح؟؟"


نايف بتأفف: ترا ذا المصطلح السخيف اللي كنه وجهك ماعاد حد يقوله..

هزاع يهز كتفيه بمرح: والله مهوب أنا اللي اخترعته..
سامع خواتك يقولونه..

يضحك ضحكة مجلجلة: (مرت أخينا طامح..)
خربوا بينك وبين المدام وعقبه يتمسخرون عليك!!


نايف بغضب: هزيع تلايط!!

هزاع يرفع حاجبا وينزل آخر: إيه علي انفش ريشك.. وعند خالتي النوري تنافض.. على قولت الشاعر:
أسد عليَّ وفي الحروب نعامة..


نايف وقف وهو يضع نقود الحساب على الطاولة ويهتف بغضب: الشرهة على اللي وافق يطلع معك..


هزاع أمسك بكفه وهو يهتف بحزم: اقعد ياخال اقعد.. كمل قهوتك..

نايف جلس وهو يدفع فنجانه بحدة فتنسكب بعض قطراته داخل الصحن وعلى الطاولة..

هزاع ضحك: إخس يالخال.. كني شفت نفس الحركة سواها أميتاب باتشان.. مع ميري بنت راجو..

تنهد نايف بعمق: هزاع واللي يرحم شيبانك ارحمني من ملاغتك..
أنا ماكنت أبي أطلع معك.. بس أنت قلت تبيني ضروري..
خلصني!!

حينها نظر هزاع لنايف نظرة مباشرة: صحيح مرتك طلبت الطلاق..؟؟

نايف بصدمة حقيقية قفز وكلماته تتناثر: لا.. من اللي قال كذا..؟؟

حينها شعر هزاع كما لو كان سُكب على راسه ماء باردا (أنا وش دخلني؟؟
ياشين اللقافة..!!
يعني بلفيت إني باواسيه أنا ووجهي!! )
هزاع هتف بارتباك: ماحد قال لي.. أنا بس كنت أظن كذا؟؟


نايف أمسك معصم هزاع بقوة: هزيع خلصني.. الكلام ذا مهوب من عندك..


هزاع زفر (دامني تورطت.. هو مصيرة عارف عارف):
سمعت أمي تقوله لعالية.. عشان أمي راحت تبي تراضيها بس هي قالت إنها تبي الطلاق..



نايف قفز ليغادر مسرعا.. وهو يتجه دون تفكير لأم صالح!!




.
.
.



" صافية ليش ماعلمتيني؟؟"


أم صالح بأسى: ياختك ما دريت أشلون أقول لك.. قلت لعالية تقول لك..
وبعدين الكلام أخذ وعطا..
أنا قايلة لمزنة تحاول فيها..
بس مزنة اللي فيها مكفيها.. موجوعة عشان سواتك أنت وخواتك في بنتها..
ومستوجعة عشان ضنا بنيتها الثانية اللي راح..
وبروحها تعبانة من الحمل..


نايف بأسى: الحين هم خواتي بروحي.. مهوب خواتش معي..

أم صالح تنهدت بحزن: ياقلبي يأخيي فديتك.. صحيح خواتي وخواتك وعلى رأسي..
بس أنت غلطان يامك.. عجزت أدمح زلتك ولا هيب بمدموحة..
الحين وش استفدت؟؟
أنت داري إني حاولت في نورة سلطانة يروحون معي يطيبون خاطر البنية بكلمة..
مهوب لازم يتأسفون.. كلمة تطييب خاطر... سلطانة مسكينة تبي تروح بس خايفة من نورة... تقول لا سمحت لها نورة راحت..
ونورة حلفت ماتروح..
الحين قل لي وش بينفعونك...
تبي تطلق مرتك؟؟


نايف يحزع: لا تكفين صافية.. كله ولا ذا الطاري.. أراضيها باللي هي تبيه..
بس طاري الطلاق لأ..
تكفين يأخيش.. أنتي أمي واختي.. من لي غيرش.. تكفين..
أدري الناس كلهم يعزونش.. ساعديني..
أنا أبي مرتي.. ومستحيل أطلقها لو حتى انطبقت السماء على الأرض..
وبعد ما اقدر أزعل خواتي عشانها.. هذولا عبارت أمي..
واللي مافيه خير لهله مافيه خير لمرته..


أم صالح تنهدت وهي تقف: عطني يومين وأرجع أحاكيهم مرة ثانية..


كان نايف سيخرج لولا أن هزاع دخل خلفه يبحث عنه وهو يشعر بالذنب لأنه كان من أبلغه الخبر..
هتف بهذا الندم الرقيق المغلف بابتسامته: سامحني ياخال.. أنا حسبتك تدري..

تنهد نايف : أنت وش ذنبك؟؟ العلم كان لازم يوصلني على كل حال..


تنهد هزاع بمرحه المعتاد: تدري ياخال وش الشيء الوحيد اللي ممكن ينفعك..
إنك تكون خال جدع.. وبنت آل سيف تكون حامل..
عقبها بترجع غصبا عنها..
تدري بنات اليومين ذي حساسات.. مهوب مثل عجايز أول عادي عندها تتطلق وهي وراها سبع بزران.. والقاع تربيهم على قولتها..
الحين البنت تقول: لا بعتين يتعكد ولدي ماعنده بابا.. وربعه كلهم عندهم بابا..


كانت ضحكة هزاع تنطلق مجلجلة وهو سعيد بنكتته.. بينما نايف يرد عليه بتافف: زينك ساكت بس..
وش عرفك أنت؟؟ ماتعرف كوعك من بوعك..







*****************************************





" ها سوسو هانم.. متى بتشرفينا في الدوام؟؟"


كاسرة تنهدت: مهوب قريب..

فاطمة بتردد: أنتي عارفة إنه إجازتش أسبوعين بس.. وهذي خلصت وأنا طلبت لش أسبوع زيادة..
لأنه الشهرين مايعطونها إلا بشهادة ميلاد الطفل.. والحين أنتي عبارة إجازة طبية..


كاسرة بثقة: بأقدم على إجازة بلا راتب.. مالي خلق دوام.. وبعدين كساب ملزم يبينا نسافر..
تنهدت بيأس وهي تهمس بعفوية: فديت قلبه يحاول ينسيني بأي طريقة..
جعل يومي قبل يومه..


فاطمة أمسكت قلبها بألم تمثيلي: آه ياقلبي.. ما أستحمل..
الحمدلله ربي أحياني لذي اللحظة.. الحين مستعدة أموت وأنا مرتاحة..

كاسرة ابتسمت لأول مرة منذ وفاة ابنتها: بس يا الخبلة..


همست فاطمة بمرح وهي تغلق عينيها: وابتسامة بعد... وأخيرا
أنا ودعت خلاص... الله الله في عيالي.. وقولي لأبيهم.. لا يتزوج علي طلعت من قبري وسودت عيشته..






**********************************







" وضحى ليش تفشليني كذا في أم صالح؟
المرة جاية تراضيش تقولين أبي الطلاق.."



وضحى تسيل دموعها بصمت: هي اللي زعلتني عشان تراضيني..؟؟

تنهدت مزنة: واللي زعلش راضاش بدل المرة ألف..
المسكين كم مرة يروح ويجي على زايد..
لكن ماحد ميبس رأسش إلا أخيش..

وضحى باختناق: عشان تميم مهوب راضي لي بالمذلة..

مزنة بحزم: وين المذلة؟؟
اللي أشوفه أنكم ذليتوا طوايف المسكين..
يأمش خلاص.. رجالش وجا لين عندنا وتعذر..
ووعدنا مايصير إلا اللي يرضيش.. خلاص مالنا طريقة عليه..
ارجعي وشوفي هو بيكون قد كلمته وإلا لأ..

ثم أردفت مزنة بتقصد: إلا لو كنتي ماتحبين نايف نفسه.. وعايفته..
وماصدقتي تلاقين لش سبب عشان تطفشين وتطلبين الطلاق..


وضحى بجزع: أنا يمه!!
أردفت بيأس: لو أني ما أحبه.. ماكان تأثرت كذا..

مزنة بحزم: واللي تحب رجالها تطلب الطلاق منه..؟؟

وضحى بذات النبرة اليائسة: لاصار يمه اللي بيننا أخرته بيجيب الكره..
خلنا نتفارق وحن بيننا المودة..

يمه هو مستحيل يحط لخواته حد.. وأنا ما أقدر ألومه.. خواته كل وحدة منهم بمكانة أمه..
ومن اللي بيبدي مرته على أمه إلا واحد مافيه خير..
وانا أدري نايف إنه فيه خير.. وقلبه طيب واجد..
بيقعد طول عمره متقطع بيننا يعني؟!!
وخواته مستحيل يغيرون طبايعهم عقب ذا العمر!!
وش أسوي يعني؟؟
أعيش حياتي كلها كذا.. تعبت يمه!! تعبت!!








****************************************






" خالد فديتك جعلني الأولة..
طالبتك!!"


أبو صالح التفت بوقاره المعهود وهو يهتف بأريحيته الجليلة: أفا عليش يام صالح..
أنتي تامرين ماتطلبين..

أم صالح تنهدت باحترام جزيل: طالبتك تحاكي زايد آل كساب وتوسط عندهم..
عشان ترجع مرت نايف له..


تنهد أبو صالح بعمق وهو يهتف بنبرة مقصودة: ونايف ليه ماحاكاني؟؟
بدل ماهو قد له كم يوم ماشفته..


أم صالح بحرج ودود: مستحي منك.. وهو والله ماقال لي أحاكيك.. بس أنا قلبي حارقني عليه..
مرته طالبة الطلاق ومصممة عليه.. ولو جيت للحق كلام البنية كان موزون..
قالت أنا ما ألوم نايف وأدري إنه خواته مثل أماته..
بس أنا ما أقدر أعيش حياتي كلها كذا..

وأنا حتى ماقدرت أقول له كذا.. ما أبي أحزنه..



أبو صالح وقف وهو يهتف بحزم بالغ: وأنا ما أنتظرتش لين تقولين لي..
ولا زعلت عليه إنه ماقال لي..
أنا تصرفت.. بس ماني برايح احاكي زايد.. زايد ماله دعوة..
لأنه زيتنا في مكبتنا.. المشكلة من عندنا حن.. مهوب من عندهم!!







**********************************





" حبيبي ليش مارحت لأبيك في المجلس..
سمعت إنه طالبكم كلكم؟؟"



ابتسم فهد وهو يزيل كتابها من حضنها ويضع رأسه في حضنها:
تبين الفكة مني..؟؟

ابتسمت وهي تميل على جبينه لتقبله وتحاول أن تقلد طريقته في الكلام:
ياشين الواحد لا درا بغلاه.. ويدور اللي يوجع مغليه..
ثم أردفت بشقاوة رقيقة: تدري إني ما أبي إلا قعدتك جنبي..
بس استغربت إنه عمي يبيك وما تروح..


تنهد فهد وهو يتناول أناملها بين أنامله: أنا عارف إبي وش يبي..
وهو أساسا مايبيني.. بس كان يبيني حاضر..
وأنا أخاف لو حضرت وصارت فيه حدة في الكلام.. أو حد قال لأبي شيء ..
أعصب.. وأخربها بدل ما تنحل..






**************************************






" غريبة إبي وش عنده..
مسوي اجتماع قمة لرياجيل خالاتي!! "


صالح يبتسم وهو يميل على أذن هزاع: الله أعلم.. بس كني حاسس باللي يصير..
عشان كذا حرصت أجي..
قلت لازم أشوف بنفسي..

ضحك هزاع بخفوت: إيه أكيد مايطلعك من عند شواذيك إلا الشديد القوي
وأنت قاعد تبزيهم أكثر من أمهم..

ضحك صالح: يا الكذوب.. اللي يسمعك مايقول إني محضر عندكم هنا كل يوم..

هزاع بمرح: توقيع حضور وانصراف فقط.. رفع عتب!!


أسكت حوارهما صوت أبي صالح الجهوري الحازم:
أبو سعود..

التفت أبو سعود (زوج نورة) برزانة نحو أبي صالح: سم طال عمرك..

أبو صالح بنبرة حازمة: أنت عاجز(ن) من مرتك؟؟

أبو سعود انتفض بغضب: إني ولد إبي.. لي أنا تقول ذا الحكي؟؟
وش جاك من مرتي؟؟

أبو صالح بذات الحزم: الحكي لك وللحى الغانمة..
أنا أكبركم ونسوانكم عدة خواتي.. وحن كلنا ربينا نايف..
تربى في بيوتنا كلنا مع عيالنا وعدته عدتهم..

هو عاجبكم سنع نسوانكم في مرته..؟؟ بنية(ن) يتيمة لا غلطت عليهم ولا طولت لسانها على حد منهم..
هم اللي جايينها في بيتها تالي الليل.. وعقبه تحلف أم سعود على نايف ماحتى يوديها ويخلونها تطلع تيك الحزة من بيتها..
حد منكم يرضى ذا الشيء على بنته؟؟

يعني عشان نايف من حشمته لخواته ماقدر يقول شيء.. منتو بمسنعين نسوانكم؟؟
وإلا بتفكونهم وذا في حلوق خلق الله!!
اللي منكم عاجز من مرته يوليني إياها اكوفنها بالعقال شوي..
لين تعرف إن الله حق وتقر في بيتها وتكف شرها عن الناس..


بو سعود وقف بغضب: ماحنا بعاجزين من نسواننا ولا نبي حد يربيهم بدالنا..
ووالله إني مادريت بذا كله..
ويوم نايف مستاذي ليه ما علمني أسنع أخته..
بس ذا وجهي كنها زيد فتحت حلقها عنده وإلا عند غيره..
العجوز تقر في بيتها.. تذكر ربها.. وتبزي عيال عيالها... وتقول يا الله حسن الخاتمة..






************************************





" يابو سعود الله يهداك.. وش فيك علي؟؟
مابعد عصبت علي من يوم عرفتك كثر اليوم؟؟"


أبو سعود وسط ثورته العارمة: عاجبش سواتش.. تصغريني في المجلس وقدام الرياجيل..
أنا اللي عمري كله ما أداني سوالف النسوان ولا اتسمع لها..
توصلني لين بيتي..

نورة بمهادنة: اذكر ربك.. أنا ماسويت شيء يزعلك مني؟؟

أبو سعود بغضب: يعني أبو صالح بيكذب عليش؟؟ بيكذب عليش؟؟

نورة بتراجع: محشوم أبو صالح.. بس أنا مابغيت إلا صالح أخي إللي كنه ولدي..

أبو سعود بحزم غاضب: وصالحه في اللي أنتي سويتيه؟؟
علم(ن) ياصلش ويتعداش.. ذا الساعة تركبين تروحين تعذرين لبنت ناصر آل سيف..
ولا عاد تفتحين ثمش عندها وإلا عند غيرها إلا بالزينة.. وإلا قصيت لسانش..
ترا كنش ماحشمتي عمرش.. خليتش تحشمينه غصب..

نورة بجزع: نذر علي ما أفتح ثمي.. بس طالبتك الروحة لبنت مزنة لا.. تبيني أنزل روحي لبنية أصغر من بناتي؟؟
ترضاها علي؟!!

أبو سعود بحزم: اركبي يامرة.. أنتي اللي رضيتيها لروحش يوم صغرتي روحش لذا السوالف اللي مهيب قدرش..







*************************************




" بس يأبيش شكرت"


مزون تناولت فنجان القهوة من عمها وأنزلته وهي تهمس لغانم برقة:
أصب لك..

أشار لها بعينيه برجاء (إلا أبيش تجين تقعدين جنبي!!)

فهي كانت تسكب القهوة وهي جالسة على الأرض وهو يخشى أن يتعبها الجلوس على الأرض وهي حامل..

أم غانم ابتسمت:
قومي يأمش اقعدي جنب رجالش احولت عيونه..
القهوة ذي بتطلع من بطوننا اليوم!!


ابتسمت مزون بخجل وهي تقف ولكنها تجلس بعيدا عن غانم قليلا لشدة إحساسها بالحرج لأن عمتها لاحظت..

ابتسم غانم: عاد يمه على قوة الملاحظة اللي عندش.. فشلتينا.. وماخليتي عجوزي تقعد عندي..
منتي بملاحظة إن شيبتش صابغ لحيته.. ومشاويره كاثرة!! وجهي الرادار عليه!!


أم غانم صرت عينيها وهي تنظر لأبي غانم الذي هتف ضاحكا: تهبى يا الكذوب..
أنا صابغ لحيتي.. ومشاويري كاثرة يامحراك الشر؟؟

أم غانم ابتسمت وهي تهمس بنبرة مقصودة:
إلا الظاهر يأمك عشان عوارضك بادي الشيب يكثر فيها.. صرت تحس إن أبيك صابغ لحيته..
لا تقارن نفسك براشد تتعب..


حينها همست مزون بخبث رقيق: حرام عليش يمه.. أنا ماكنت أبي أقول له أصدمه..


غانم قفز بعفوية لينظر للمرآة: أنا طالع في عوارضي شيب؟؟

تراجع وهو يجلس بجوار والده ويهمس بمرح: خلني جنبك يبه..
البنت وعمتها سوو حزب عليّ..





********************************






" وضحى.. نورة أخت رجالش هنا.. وتبيش"


وضحى قفزت بحرج وكلماتها تتناثر: نعم؟؟ نورة هنا..
وين أمي؟؟

سميرة باستعجال: وش عرفني؟؟ تبين أتصل فيها؟؟

وضحى تنهدت بتوتر: لا خلاص روحي للعجوز قهويها وأنا بجيش الحين..


وضحى أبدلت ملابسها.. ونزلت بخطوات مترددة..


مازالت غير متأكدة ماذا تريد نورة..
فالاعتذار بدا لها شيئا بعيدا جدا عن طبيعة نورة..
ربما تريدها أن تعود بطريقتها الحادة وكأنها تريد تسيير الكون..


حين وصلت لمجلس الحريم.. كانت نورة تريد أن تقف.. لولا أن وضحى حلفت عليها وهي تنحني وتقبل رأسها وتجلس بعيدا عنها..
وسميرة تتولى مسئولية سكب القهوة وتترقب ماسيحدث بفضولها المرح..

نورة صمتت لثوان.. ثم أردفت باختناق.. فالأمر كان صعبا عليها.. ولولا قسم زوجها عليها كان يستحيل أن تفعله تحت أي ظرف من الظروف:
وضحى يأمش لا تحملين نايف غلطتي.. هو كان يبي يطلع وراش بس أنا حلفت عليه..
وأنا يأمش.........


وضحى قاطعتها بأريحية لم يهن عليها أن تجعلها تذل نفسها باعتذار وهي سيدة بهذا العمر:
والله ماعاد تقولين شيء ولا تعذرين.. كفاية جيتش لين هنا..
الله يكبر قدرش!!


نورة تنهدت بارتياح أنها رحمتها من الاعتذار الثقيل.. وهي تهمس بتأثر: زين ارجعي لبيتش..
ونذر علي أنا وخواتي اللي أنا أكبرهم.. ماعاد نضايقش في بيتش..


تنهدت وضحى: مشكلتي أنا ونايف حن نحلها..






*********************************






" تعشيت ياقلبي؟؟"


كساب جلس جوارها وهو يهمس بابتسامة ولع: أنتي اللي قلبي وروحي وعيوني.. يا أنا كنت بأموت عشان أسمع ذا الكلمة منش..


ابتسمت كاسرة برقة: لو قلتها كان أنا قلتها.. أنا كنت أبي منك تلميح الله دخيلك يا البخيل..


ضحك كساب وهو يحتضن كتفيها: أصلا كنت أحسب إنش ماتعرفين تقولينها أساسا..
ثم أردف بابتسامة شجن: يوم سمعتش تقولينها حق زيود التوتو.. قلبي وقف.. كان ودي أخذه وأسويه كورة وأشوته مع الدريشة..
هذاك اليوم تعبان وكل شيء فيني ينزف.. وبأموت أبي قربش..
وأنتي قاعدة قدامي تتحببين فيه.. وتغزلين في مفاتن القرد الصغير..
وحتى بكلمة ماعبرتيني..


تنهدت كاسرة وهي تحتضن خصره: ياربي ياكساب لا تذكرني..
لو تدري بس وش كثر كنت أتعذب من بعدك وقربك..

ابتسم بخبث: تحبيني؟؟

ابتسمت بعذوبة: اللي يسأل سؤال وهو عارف جوابه.. يكون خبيث ترا..

كساب بابتسامة شاسعة: وأنا معترف إني إب الخبث وأمه.. قولي لي..

همست كاسرة بشجن عميق وهي تسند خدها لدقات قلبه: من كثر ما أحبك..
أحس أني انولدت وأنا أحبك..
أحاول أتذكر متى أول مرة حسيت بحبك.. ألقاها أول مرة شافتك عيوني..
وأنت داخل علي في مكتبي نافخ ريشك..
قلبي وقف.. وحسيت الهوا ماعاد تحرك وأنا أقول هذا إنسان وإلا أنا أتخيل..


شدها كساب لحضنه بشكل أقوى وهو يهمس بعمق مذهل:
الأكيد إني أحبش أكثر..

ثم أفلتها برقة ليتناول أناملها ويضعها على عارضه العلامة الصغيرة المختبئة تحت شعيرات عارضه وهو يردف بذات العمق:
من يوم ماخليتي علامتش هنا.. وأنتي في قلبي شيء ماقدرت أطلعه ولا أنساه!!








********************************







" نويف البشارة..
أختك نورة حنت عليك غصبا عنها ببركات أبو سعود..
وراحت لوضحى وخذت بخاطرها..
يا الله انقز عند مرتك..
لو مارجعت لك.. تكون أصلا عايفة خشتك"


قلب نايف توقف وهو يهمس لعالية بإجهاد: وليش ماحد ماقال لي..
ليش؟؟


عالية تضحك: هذا أنا قلت لك يالمشفوح..
روح طير.. والله الله في الركادة..



نايف شعر بتثاقل أنفاسه وهو يتصل برقمها بأنامل مرتعشة رغما عنه..
تعب لكثرة ما اتصل وهي لا ترد عليه..
فهل سترد عليه هذه المرة..؟؟


رنة.. رنتان.. ثلاث..
ثم جاءه صوتها الذي أضناه الاشتياق له : هلا

همس بعتب: أكثر من أسبوعين يا الظالمة.. حتى بكلمة مارديتي علي..
وإلا عشان دارية بغلاش..


تنهدت وضحى بعتب أعمق: الغالية مايخلونها تطلع من بيتها تالي الليل ماكن لها قيمة..

تنهد نايف بعمق: عاتبيني كثر ماتبين بس في بيتنا..


همست وضحى باختناق: عطني ساعة وتعال..

هتف لها برجاء شفاف: مهوب واجد ساعة..
أنتي حتى ملابسش كلها في بيتنا.. وش تبين بالساعة؟؟
عشر دقايق وأكون عندش..

وضحى لا تنكر أن رجاءه دفع في روحها ثقة محلقة ولكنها همست برجاء أعمق:
طالبتك نايف.. لازم ساعة.. بأروح أسلم على أمي وأختي وعمي..
وبعدين تميم برا وراجع الحين..





بعد ساعة..
تنزل بخطوات خجولة..
وهاهو ينتظرها في الصالة السفلية وابتسم بشجن وهو يشير لها:
مقتنعة بالرجعة؟؟

هزت رأسها وهي تشير له بشجن مشابهة: لو ماني بمقتنعة مارجعت..

احتضنها تميم بحنان غامر ثم أفلتها ليشير لها برجولة خالصة:
طالبش طلبة.. إنش ماتسمحين لأحد يضايقش وإلا يدوس لش على طرف وأنا رأسي يشم الهوا..


وضحى تطاولت على أطراف أصابعها لتنزل رأسه وتقبله ثم تغادر..





.
.
.



" مادريت إن قلبش قاسي كذا؟؟"


تنهدت وضحى وهي تستوي جالسة في مقعدها بعد تحرك السيارة:
ومن اللي قسى قلبي؟؟ مهوب فعايلك؟؟


تنهد نايف وهو يشد أناملها بقوة حانية: خلاص يا بنت الحلال..
طلعت عيني على ذا السالفة..
إن شاء الله كل شيء انحل..
يمكن فيه أشياء ماقدرت أتصرف فيها.. لأن التصرف خارج عن قدرتي..
بس الحين تدخل فيها اللي له الحل والربط..
وإن شاء الله مايصير إلا الي يرضيش..
ومافيه حياة تخلى من المشاكل..


تنهدت وضحى بشجن: المشاكل مهيب المشكلة.. المشكلة لو مالقيتك جنبي يوم تصير المشكلة..

نايف شد على أناملها أكثر وهو يهتف بعمق: وضحى.. تدرين زين وش كثر أحبش..
أنا ماحسيت في الاستقرار في حياتي إلا معش..
حرام عليش تفكرين تخليني مرة ثانية... والله العظيم حالتي حالة عقبش..
إذا شفتي البيت دريتي..


ابتسمت وضحى: عفست لي البيت صح؟؟

ضحك: وش أسوي؟؟ عزابي.. واستحيت الخدامة تقعد معي.. رجعتها لبيتكم..

تنهدت وضحى بألم: تدري إني يوم شفتها.. آجعني قلبي.. أقول ياقلبي نايف..
الحين من بيغسل له من بيطبخ له..


ابتسم بمرح: ما أبي غسل ولا طبيخ.. أبيش أنتي وبس.. ودامني كنت على بالش الله يبشرش بالخير..
ثم أردف باهتمام: تبين نجيب شيء قبل نرجع البيت..


همست وضحى بتردد: أبي الصيدلية..

نايف باستغراب: ليه عسى ماشر..؟؟

وضحى بذات التردد: أبي تيست حمل..


حينها انفجر نايف في ضحك هستيري: والله منت بهين ياهزاع..
قال لي مهيب راجعة كون كنها حامل.. وأنا أقول له إنك ماتفهم شيء..
طلع ماحد متيس غيري..


وضحى بخجل: حرام عليك نايف.. أنا أساسا كل شهر أسوي تيست كل ما تأخرت الدورة لو يوم واحد.. وأنت عارف ذا الشيء زين

والحين متأخرة يومين.. مهوب من اللازم إني حامل..


نايف بذات الضحك هستيري: لا ذا المرة إن شاء الله تصيب..
عشان الولد ذا خارق.. دام قال حامل.. خلاص حامل!!







**********************************





بعد عدة أيام
.
.
.


" أشلونش يأبيش؟؟"


مزون تميل لتقبل رأس والدها ثم تجلس جواره وهي تحتضن ذراعه وتهمس بمودة غامرة:
طيبة فديتك..


لمس بطنها بحنان مصفى: الحمل متعبش يأبيش؟؟

همست بذات المودة وهي تحتضن كفه الممدة على بطنها: لا فديتك.. نفسه خفيفة مثل أبيه..

ابتسم زايد: الله يديم المودة..
ثم أردف باهتمام: وش مخططاتش عقب ماخلصتي دراسة..

مزون ببساطة: ما أدري مابعد قررت..

زايد بنبرة رجل الأعمال المتحفز البارع: أنا عندي لش مشروع بيعجبش ويناسبش ويناسب ظروفش..
(شركة وساطة نسائية إسلامية) بتشتغل على خطين..
الحين في السوق وش كثر فيه سيدات أعمال.. ووش كثر فيه حريم عندهم فلوس يبون يشتغلون بيزنس وماعندهم خبرة أو ماعندهم وقت..
الشركة بيكون فيها وسطاء كلهم بنات بيشتغلون لهم في الاسهم الاسلامية..
والسالفة كلها بالتلفون والكمبيوتر وأنتي عارفة..
وبنعين شباب هم اللي يكونون في مقر البورصة..
هذا الخط الأول..

الثاني إنه الشركة بتسوي دراسات جدوى لأي وحدة تبي تسوي مشروع.. وتخلص لها كل التراخيص لحد مايقوم المشروع..
وراح يكون مقر الشركة وديكورتها معبرة عن خصوصية المرأة وأناقتها.. برا بنحط سيكورتي رجال وداخل حريم..
ومايدخله إلا نسوان..
وأنا بأعطيش موظفة من عندي تكون المديرة.. وحدة متمرسة جدا ومعها دكتوراة اقتصاد..
وصار لها تشتغل عندي 8 سنين.. يعني أنا اللي أضمنها لش..
يعني أنتي تعالي بس وقت ماتبين ووقت مايكون غانم في رحلاته...
يعني دوام حر ومرن..


مزون كانت تنظر لانثيال والدها المحترف بانبهار حقيقي..
بقيت لدقيقة صامتة ثم أردفت بتأثر: الله لا يحرمني منك..
بس لازم أخذ رأي غانم قبل أي شيء..


ابتسم زايد: أكيد لازم تأخذين رأيه ويكون موافق..
ومبدئيا مافيه داعي إنه يتحسس لأنه الفلوس بتكون من عندش..
لو احتجتي من عندي.. بيكون سلف.. سلف بس..


قالها وهو يحتضها بأبوية حانية ويضحك بفخامته الخاصة...







**********************************






" تميم حبيبي..
غريبة إنك قاعد لين ذا الحزة..
منت برايح للدوام؟؟"



أشار بابتسامة مقصودة: خلصت دوامي الصبح ورجعت معش..

سميرة باستغراب: ودوام المسا؟؟


تميم بذات الابتسامة المقصودة: المسا كله لش.. إلا لو احتاجوني لشيء طارئ..
خلاص دوامي بيكون صبح وبس..


سميرة تراجعت بحزن: أنت سويت كذا.. عشان تجاملني في سالفة إني ما أحمل..


مد يده ليحتضن كفها ثم يرفعها لشفتيه مقبلا بكل ولع ومودة..
ثم أفلتها ليشير بأريحية:

غلطانة.. أنا سويت كذا عشان أتفرغ لش ولعيالنا اللي بيجون..
وأنا من قبل سالفة الحمل ذي كلها..
كنت أقول لش.. أبي أرتب وضعي..
وأنا فعلا كنت أتراسل مع واحد كان يشتغل عندي هو اللي ثقة.. بس رجع لبلاده..
وكنت أنتظره يخلص عقده .. وتوه خلصه من أسبوع وجا..
تبين تأكدين..روحي افتحي ايميلي وشوفي رسايلي معه وتاريخها.. بتلاقينها من قبل سفرتنا لألمانيا..






************************************




" هلا علي..
تعشيت؟؟"


علي يجلس وهو يهمس لها بنبرتها التي لا تكون إلا لها: تعشيت ياقلب علي..
تعالي اقعدي جنبي وبس..


ابتسمت برقة وهي تجلس جواره: تعشيت مع عمي..؟؟

ابتسم وهو يحتضنها ويغمرها صدغها بقبلاته: تعشيت مع عمش..
وعمش شكله باله مهوب معي..
كنه يبيني أقوم..
وأنا فهمت السالفة وسويت نفسي جنتلمان ورحت..


ضحكت شعاع برقتها الدائمة: ياقلبي ياعمي أكيد يحاتي خالتي مزنة..
خلاص دخلت الشهر التاسع..
وهي مسكينة تعبانة كلش..







*************************************







" حبيبي هذا كله تطفي سيارتك؟؟
قلت لي أنا في الباركينغ أطفي سيارتي..
وخذت لك ربع ساعة.."


كساب يلقي غترته وهو يضحك: وش أسوي أخروني قصرانا.. مراهقين سنة 75..

كاسرة ابتسمت: لو أن الله يفكهم من عيونك كان هم بخير وسلامة..
حاط دوبك دوبهم..
وش سوو ذا المرة؟؟

كساب يجلس ويشدها ليجلسها في حضنه وهو مازال يضحك:
صدق لا قالوا شر البلية مايضحك..
تخيلي زايد آل كساب.. البزنس مان المعروف.. والرجال اللي تنهز له المجالس..
واقف على باب غرفة أمش ربع ساعة مثل اللي غرقان في كوب ماي.. يشاور روحه أدخل وإلا ما أدخل..
وأنا يوم شفته.. قعدت واقف بعيد ما أبي أدخل وأحرجه..


ابتسمت كاسرة وهي تطوق عنقه وتسند خدها لرأسه وتهمس باهتمام:
والزبدة دخل وإلا مادخل؟؟

كساب غمز بخبث وهو يشدها برفق ليحتضنها:
أفا عليش.. لو مادخل.. والله ثم والله لأسحبه على الدرج..
وأدخله عندها وأسكر الباب عليهم.. وما أبطله إلا الصبح وبكيفهم!!


همست كاسرة بشجن وهي تقبل جبينه برقة مثقلة بالشجن:
كساب.. عقب 30 سنة.. لو الله عطانا عمر...
بتحبني كثر ما إبيك يحب أمي؟؟


همس بعمق أزلي وهو يشدها ليقرب أذنها من شفتيه يغمرها بقبلاته ودفء همساته:
أكثر بكثير.. بـــكــــثـــــيــــر!!
بــــــــــــكـــــــثــــــيـــر!!












********************************************








مازال واقفا أمام الباب منذ أكثر من ربع ساعة..
يتنهد بعمق.. اليوم كله لم يستطع رؤيتها..
أضناه الشوق حتى منتهاه..
وأنضجه القلق حتى غايته... وهو يعلم أنها دخلت الشهر التاسع أخيرا..

لا يعلم إن كان يحق له اقتحام خلوتها بهذه الطريقة..
دون استئذان!!


" يحق لي كل شيء..
كل شيء!!
هي كلها حق لي وحدي!!
أي جرم ارتكبته حين أريد الاطمئنان عليها فقط!!
فقط الاطمئنان!!"


تنهد بعمق.. وهو يفتح الباب ليدلف..
ليس خائفا مطلقا.. فمثله لا يعرف الخوف..
ولكن لها في جوانحه هيبة المحب.. وأي هيبة هذه الهيبة؟؟ أي هيبة؟؟


هيبة لا يعرفها إلا رجل مثله..
قضى حياته كلها ناسكا في محراب هواها..


تفتح (صباه) على وقع خطاها.. تخطوها فوق شغاف قلبه..
لاهية لا تعلم ماذا فعلت بعيني الجار المتيم التي ماعادت تبصر سواها..

وكأن الحياة لا اسم لها سوى اسمها..
والفجر يطلع لينير بهجة صباها..
والشمس تشرق من بين التماعة خصلاتها!!


حرير (بخنقها) المطرز حين كان يطير من نسمة هواء شقية.. كان قلبه يسابقه ليطير معه..
عله حين يحط يحط مثله ليلامس حرير بشرتها..
ولكن قلبه كان يطير ويطير ولا يحط سوى بحسرات النظرات تناجيها من بعيد..


ازدهرت (رجولته) حرقة لاهبة وهو ينظر لكل رجل كانت له قبله..
ينظر له باحتراق روحه التي كواها السهد وكأنه يخاطبه:

"هل لامست شفتيها التي لا أعرف ملمسها؟؟
هل سمحت لنفسك أن تتنفس عطرها الذي أضناني التفكير فيه؟؟
كيف جرؤت أن تمد يدك لربيع جسدها؟؟
كيف تطاولت على شمسي لتخبئها عن ناظريّ؟
هل تعلم أني ماعدت أبصر الشمس بعدها؟؟
الشمس بعدها باتت مختلفة.. باهتة.. خالية من السحر!!
يا الله ما أقسى الحياة التي شحت بها عليّ ومنحتها لسواي!!"



وهاهو يحط على شواطئ (كهولته) وهي بين يديه..
نعمة لفرط ما استكثرها على نفسه.. أبعدها عن موانيه..
يتذكر الآن كل لحظة مرت من الأشهر الشحيحة التي ارتوت فيها روحه من قربها..
وكم كانت شحيحة..!!
فهو مازال لم يرتوِ.. ولن يرتوي..!!

حكاية عشق جديدة نسجها بجذور ضاربة في عمق التاريخ..
على أساس مغرق في القوة والمتانة..
حكاية تاريخه بمجمله حطت على أعتابه..
هكذا كانت مزنة..

مـــــزنــــــة!!


تاريحه الذي ماعرف له تاريخ سواه!!
عشقه الذي تجدد في كل أوان..
روحه التي ماعرف روحا غيرها من صباه حتى الآن..


أفلا يشعر في حضرة كل هذا التاريخ بهيبة أشبه بهيبة الملوك؟!


هكذا كان يشعر وهو يقترب منها بخطوات هادئة قوية كما لو كان يحفرها على تاريخه من جديد..


كانت الأضواء خافتة كأضواء ليلة سحرية خالدة..
نور أكثر إضاءة يشتعل قريبا منها..
كما لو كان يضعها في بؤرة الصورة..


وهــــي نــائــمـــة..

شعرها السرمدي.. حكاية عشقه التي لا تخفت... مسكوب على جداول مخدتها..
وهي تنام على جنبها لتوليه وجهها..

وكأنها تعلم أنه قادم..
وأنه موجوع بالشوق.. ومكلوم بالفقد!!


وقف لدقيقة صامتا...
وكأنه يقول (الصمت في حرم الجمال جمال)

" هل هناك من يفلت معجزة أرضية كهذه سوى أحمق مثلي؟!!"


شد له نفسا عميقا ليجده يتلجلج في صدره بعنف..
عاجز عن سحبه كما يجب..

"فمن يستطيع التنفس في حضرتها؟!!"


حتى إرهاق الحمل وقسوة مامرت به رغم انطباعه على تفاصيل وجهها..
لم يزدها في عينيه إلا حسنا ماعاد قادرا للوصول إلى ذروته حتى!!


" يا الله كم اشتقت لرؤية وجهك!!
تنفس أنفاسك من قرب..
الاحتراق بقربك ذلك الاحتراق الذي يطهر الروح لسموه وعمقه!!"


شد مقعد التسريحة ليجلس قريبا منها..
ملاصقا لها..

لحظات مرت.. وهو يمسح بناظريه صفحة وجهها ببطء شديد..
كما لو أنه يريد الاستمتاع بكل جزء من الثانية تعبر فيه عيناه تفاصيلها الأثيرة..
وكأنه لا يريد للحظة أن تنقضي لشدة بهائها ووطأتها على قلبه..


ارتعشت شفتيها بخفة.. ليرتعش قلبه بعنف..
كان يريد أن يمد يده ليلمس ورد شفتيها.. ولكنه نهر أنامله بقسوة..
لم يرد أن يكدر عليها نومها..
أو ربما خشي من ردة فعل تأخذه من هذه العوالم السماوية..


لم يخرجه من هذه العوالم إلا همسة رقيقة ندت من بين شفتيها بخفوت:
زايــــــد!!

انتفض بولعه الخاص وهو يهتف بعفوية قارصة موجعة:
لــــبـــيـــــه!!


حينها فتحت عينيها وهي تحاول الاعتدال بصعوبة لشعورها بالثقل..
مد ذراعه ليسندها وهي تهمس بخفوت أقرب للحرج:
كنت أحسب نفسي أحلم وأنا أشم عطرك قريب كذا!!

أسندها حتى جلست.. ولكنه لم يستطع إزالة ذراعه من خلفها.. رغم أنه حاول..
ولكنه لم يستطع.. لم يستطع..
كان سيموت ليلمسها من جديد.. فكيف يبتعد الآن؟؟

جلس جوارها..وذراعه مازالت خلفها..
لحظات طويلة مرت.. ثقيلة.. موجعة.. محلقة!!
وكل منهما إحساسه بالآخر يؤلمه في أعمق نقطة في الروح!!


كم مر عليهما وهما في منفاهما الاختياري..كل منهما بعيد عن شطآن الآخر؟!!



كان زايد هو أول من قطع الصمت وهو يهمس باهتمام رجولته الخاصة:
وينش اليوم ماشفتش كلش؟؟

صمتت.. إحساسها بالألم والاحتياج يضعفها لأقصى حد..

أعاد السؤال عليها.. همست بسكون: رحت الصبح كان عندي موعد..
ومسكتني الدكتورة عندها عشان تركب علي مغذي عشان ارتفاع الزلال..
وكانت تبيني أبات الليلة هناك بس أنا مارضيت..


عاجز حتى عن أن يصرخ بها.. وحرقته تتزايد في روحه وهو يهمس بسكون موجوع:
وأكيد ماقلتي لأحد كالعادة؟؟ وأي حد يكلمش تتعذرين له ألف عذر؟؟

همست بألم: وش تبيني أسوي زين؟؟

رد عليها بألم أعمق: لا تسوين شيء.. احرقي قلبي وبس!!


عادا لتبادلا الصمت لثوان قبل أن يهتف هو بإجهاد:
مزنة مهوب كفاية كذا؟؟
والله العظيم كفاية.. وأكثر من كفاية!!


ردت عليه بشجن مثقل بالالم: يمكن كفاية عندي .. بس أخاف مهوب كفاية عندك!!

زايد حينها حرك ذراعه التي خلف ظهرها ليحتضنها به وهو يصدر أنينا خافتا مثقلا بالوجع.. ما أن شعر برأسها بين ضلوعه:
دريتي الحين إنه كفاية..!!

همست برجاء عميق وهي تقيد كفيها.. كل كف بالأخرى:
زايد ضربتين في الرأس توجع.. ماراح استحمل منك ضربة ثانية..
ماراح استحمل إحساسك بالذنب.. ولا أنك تعاقبني بذنب غيري..
أوعدك لو جبت بنية أسميها (وسمية) كان ذا الشيء بيريحك.. بس تكفى مافيني للوجيعة..


احتضنها زايد بعمق أكبر.. لتجد أن مقاومتها تتفكك كتفكك عظامها المرتعشة بين خلاياه..
وهي تحتضن خصره بكلتا ذراعيها وتقبل صدره بوجع بللته بدموعها وانينها!!


بينما زايد يهمس بعمق كوني.. عمقه الرجولي المختلف الذي امتد من الأمس لليوم:

ما أبيش تسمين وسمية.. ما راح أغلط نفس الغلطة مرتين..

أمس.. جرحت وسمية وأنا ما أدري يوم سميت بنتها باسمش!!

مستحيل اليوم.. أجرحش وأنا أدري وأخليش تسمين بنتش باسمها!!

بنتنا أو ولدنا بنسميهم اسم جديد..
خلاص مانبي ظلال الأمس اللي غطت اليوم..

أنا وأنتي وعيالنا كلهم نبي نفتح صفحة جديدة لـــبــكـــرة!!!






#أنفاس_قطر#
.
.
.
.

تمت بحمدلله أيام (بين الأمس واليوم) ولياليها..

دعاء ختم المجلس:
" سبحانك اللهم وبحمدك... أشهد أن لا إله إلا أنت ... أستغفرك وأتوب إليك"

.

تبقى بين الأمس واليوم كما كانت حصرية في ليلاس

هذا احنا خلصنا.. ومثل ماقلت لكم لا مشهد ناقص ولا زايد..
فيه ناس لو سمعت كلامهم كان خلصت من زمان..
وناس لو سمعت كلامهم كان قعدت معكم لسنة قدام بعد :)
وحلات الشيء ينتهي مثل ماهو مخطط له تمام <== على الأقل من وجهة نظر محدثتكم الهذارة :)
.
.
وما انتهينا نهاية مأساوية ولا حزينة.. لسبب وحيد
اللي يعرفني زين كان بيعرفه
إنه أنا قلت لكم قبل إني أكتب بروح قارئة..
وأنا كقارئة فعلا أكره النهايات الحزينة...
كم قصص عجبتني ولما وصلت نهايتها ندمت إني قريتها.. لأنها حرقت قلبي على الأخير..
وأنا مثلكم أقرأ لأبحث عن فسحة من الأمل..

نعم الحزن مطلوب لتنقية الروح.. ولكن ليس لإتعاسها..

قد يرى البعض أن الكاتب الاستثنائي لايهتم بهذه الأمور..
ولكن أنا لا أرى في هذا استثنائية بل أراه نوع من التعقيد..
ولو هو الاستثنائية فأنا متنازلة عن هذا المسمى..

لماذا أتعب نفسي في رواية لعام كامل وأعطيها من روحي ووقتي وكياني
وأخذ من وقت آلاف القراء حتى أجعلهم يكرهونها في النهاية..
هل سأسعد بقصة ستموت في خيال قراءها؟؟

هذا رد على حكاية النهايات الحزينة :)
.
ودام تكلمنا عن النهايات.. فعندنا نجمة كبيرة معلقة من زمان
لـ(حنين الذكرى)
لأنها توقعت إني بأنهي القصة في تاريخ 7/3/2011
وهذا فعلا كان مخططي.. بس توقفي أيام أحداث مصر هو اللي عرقل المخطط:)

ودام تكلمنا عن النجوم..
فيه كم نجمة معلقة..
(وضيحة) أول من توقع ومن زمان إنه كاسرة بتتعب لما يحكي لها كساب كل التفاصيل..
(إرادة) توقعت جميلة تقص شعرها عشان فهد..
(الحياة) قالت مستحيل زايد يسمي وسمية..


قلبي يوجعني وأنا أوزع آخر النجمات...
كل وحدة بتمر على ذا الأسطر وأنا ماذكرت اسمها
معلق لها في قلبي الآف النجمات..
.

أمنيتي وطلبي الأخير منكم إن كل من سيمر على هذه الأسطر..
يترك لنا ولو كلمة واحدة يودعنا بها.. حتى اللي تابعونا بصمت طيلة الأشهر الماضية..

ألا تستحق منكم (بين الأمس واليوم) أن تقولوا وداعا لها؟؟

وخصوصا أنها كما قلت لكم آخر عمل لي.. كما أظن!!
لا أريد إغضابكم..
ولكن هذا هو فعلا إحساسي..
أريد استراحة محارب طويلة جدا جدا جدا جدا.. سأنقطع فيها عن الانترنت وعن عوالم الكتابة..
ولأني وعدتكم أني لو وجدت مايستحق العودة سأعود.. فأنا عند وعدي..

ولكن حتى ذلك الحين أمامي الآف المشروعات المؤجلة!!

ولكل شيء مرحلته وزمنه..

وأرجو منكم دائما أن تذكروني بالكلمة الطيبة وبدعواتكم الخالصة
أن يهديني الله إلى مايحب ويرضى... ويوفقني لمرضاته..
ويصلح ويحفظ أطفالي كلهم حتى القادمين منهم!


يعز علي فراقكم فوق ما تتخيلون..
موجوعة حتى الثمالة وحتى النخاع <== كما كنت أقول عن شخصياتي حتى أصبحت هذه المصطلحات مرادفة لهم..

سأفتقد لجمعتنا الدافئة ومشاعركم الأدفأ..


والله أني في هذه اللحظات كما يقول المتنبي:
يامن يعز علينا أن نفارقهم..... وجداننا كل شيء بعدكم عدم


ماعاد للحديث مجال.. :(
رُفعت الأقلام وجفت الصحف..

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه

سبحانك اللهم وبحمدك... أشهد أن لا إله إلا أنت... أستغفرك وأتوب إليك


.
.
أنفاسكم
أنفاس قطر
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من وحي قلم الأعضاء, أنفاس قطر, بين الأمس و اليوم, دون ردود, كاملة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t158045.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ط¨ط¹ط¯ظٹ ظ…طھط°ظƒط± ظ‡ظ…ط³ط§طھظƒ ظ…ظ† ط§ظٹط§ظ… ط§ظ„ط·ظپظˆظ„ط© This thread Refback 21-08-14 12:03 AM
Untitled document This thread Refback 19-08-14 02:15 AM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 17-08-14 07:47 PM
Untitled document This thread Refback 15-08-14 06:46 AM
ط´ط§ط¹ط± ظپط±ط§ط´ ط§ظ„ظ‚ط§ط´ This thread Refback 14-08-14 05:23 PM
ط§ط®ظ„ط§ ط·ط±ظپ ط¨ط§ظ„ط§ظ†ط¬ظ„ظٹط²ظٹط© This thread Refback 12-08-14 05:05 PM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 10-08-14 03:02 PM
ط§ظ†ظ‡ط§ ط­ظ…ط²ظ‡ ظˆط³ظ…ط§ط­ This thread Refback 10-08-14 04:33 AM
ظ…ظ†طھط¯ظ‰ ط±ظˆط§ظٹط§طھ ظ…ط§ ظˆط±ط§ ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ط© liilas This thread Refback 09-08-14 01:48 AM
Twitter meznah ظ…طµط± ظ…ط²ظ†ط© ط§ظ„ط¨ط­ط±ظٹظ† This thread Refback 03-08-14 12:01 PM
ط­ظٹظ† ط§ظ…ظˆطھ ط§ظ†ط§ ط³ظٹظ…ظˆطھ ظ…ط¹ظٹ ط­ظ„ظ…ظٹ This thread Refback 03-08-14 09:06 AM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 01-08-14 02:11 PM


الساعة الآن 05:59 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية