كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
بين الأمس واليوم/ الجزء المئة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مساكم أفراح ومافيه أتراح يارب...
.
.
اليوم عروستنا وضحى عروس سبيشل وهي أول عروس في بين الأمس واليوم تفوز بقصيدتين مرة وحدة..
أولها من شاعرتنا ..ذهبية... يسلم رأسك ذهبية ولا يحرمنا من إبداعاتك..
خجلتيني وربي من فرط كرمك..
والعروس صارت خدودها طماط من الوناسة!!
نور القمر ضوا..وأجهر لي العين..
سبحان من ساق القمروعدد اوطانه..
توي عرفت إن القمر يمشي برجلين..
وتوي عرفت إنه مغير مكاااااااااانه...
الله.. يازين اللي احضرت هالحين..
والله على نور سطع في كل خاااانه..
لو تطلع من الغرب..تشرق لها الصين..
ولو مرها القمري..نشد لها الحااااااانه..
وضحى ترى في اسلووبها رقه ولين..
ووضحى عن الزلالالات..تملك حصااانه..
رمز الحلا وضحى.. وهي شيخة الزين..
لو جيت ابوصفها.. احلى من الدااااااانه..
جووري.. ونرجس..فله.. ورياااااااحين..
ذي سلة بالطيب..بالحييييل..ملياااااااانه..
من قااال انا شفت فالكووون حلووووين..
وضحى حلاها غيير عن كل سكااااااانه...
والقصيدة الثانية من شاعرتنا اللي دايما تجلنا بقصايدها.. فيتامين سي
وذا المرة خجلتنا بقصيدتين... وحدة للعبدة لله أنا.. الله لا يحرمني من اللي تذكرتني مع العروس
والثانية للعروس بعد.. زاد الطماط طماط :)
القصايد كلها لك في وصوفك مستباحه
والشـعـر لاجـيت أبكـتب مايـوفي دفـتره
وضـحىى ياناس طـيب حسـن وسـماحه
أذكر اللـه ومـن بداله شـيءزين يـذكـره
جوهره من جوهره نرجسه في وسط واحه
وش أخـلي من وصوفك وش ياناس أذكـره
والعيون اللـه عليهـا ترسـل إسـهوم مباحـه
والـهـدب سـبحـان ربي مايبى لـه مسـكــره
والحكي يازينه حكي وحيا اللـه الفـصاحـه
وش لون تجمع الطفوله في تواصيف المره
الصـراحه وضحى كان تبغـين الصراحـــه
شـايفـه كـل الـحـلى أشــهـد إنك مـصــدره
..
ألف شكر لشاعراتنا وفالكم البيرق..
وخلونا نفتح باب القاعة بشويش...
بارت اليوم طويل رد على كرم شاعراتنا :)
و مليان أحداث ومشاعر تعبتني .. لكن الشيء المهم اللي فيه أبيكم تنتبهون لأشياء بتصير مع بعضها.. تمهيدية !!!
وأنا تعبت كثير لين وصلتها لذا المرحلة المشربكة وفي هذا الوقت لغرض بتكتشفونه البارت الجاي
الأحد الساعة 9 صباحا...
.
يالله الجزء 100 رقم مميز لبارت أتمنى يكون مميز
والرقم 101 بيكون مميز أكثر
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.بين الأمس واليوم/ الجزء المئة
" يأمش وين بتروحين؟؟"
شعاع بمودة: بأروح لبيتي يمه.. علي بيجي الليلة..
عالية بمرح: الحمدلله والشكر.. وأخيرا.. جاء روميو ليغني تحت شرفة جولييت..
شعاع بصوت منخفض: علوي تلايطي.. لا بارك الله في عدوينش..
عالية تضحك: يومين ومعيشتنا في كآبة.. فارقي لبيتش جعل موترش مايخرب!!
والبترول علي بعد..
مع إنه البترول غالي بس يرخص لعيون الحبايب..
أم عبدالرحمن تهتف بصوت عال: أنتو وش تقولون؟؟
شعاع ترتدي نقابها وتهمس بمودة: مافيه شيء يمه.. أنا باخلي السواق يوصلني للبيت أنا وخداماتي.. زين يمه..
أم عبدالرحمن بحنان: حلالش يأمش..
شعاع كانت تركب للتو ليرن هاتفها... اتسعت ابتسامتها وإشراق وجهها وهي ترى اسمه.. همست في الهاتف بلهفة: في المطار صح؟؟
جاءها صوته محملا بالضيق العميق: لا حبيبتي.. أنا بتأخر يومين بعد.. بس يومين..
شعاع بعدم فهم: أشلون يومين بعد؟؟ وانت قلت لي يومين..
علي بذات الضيق: المختبر تأخر في النتايج.. وما أقدر أروح وأرجع.. بقعد لين أخذ نتايجي وأشوف لو الدكتور يبي يغير لي العلاج.. وبأرجع فورا..
شعاع لم تعرف ماذا تقول.. تريد أن تبكي.. وتعلم أن شكلها سيبدو سخيفا وطفوليا إن فعلتها وبكت..
همست بإبتسامة مصطنعة مختنقة تماما: خلاص خلني أروح أدفع طعام 10 مساكين.. لأني حلفت لو تأخرت زيادة عن يومين ألحقك..
علي باهتمام عذب: صدق منتي بمتضايقة حبيبتي؟؟
شعاع باصطناع فاشل تماما: لا ياقلبي.. خل بالك من نفسك.. لازم أسكر الحين..
القت الهاتف جوارها لتبدأ دموعها بالانهمار..
" يالله استجير بك من ذا الضيقة..
يا الله احفظه من كل الشر..
هدي يا بنت.. كل السالفة يومين بعد ويرجع..
اذكري ربش!! ترا الموضوع ما يستاهل!! "
الخادمة الجالسة جوارها همست بتردد: مدام وين روح؟؟
شعاع بضعف: بنروح البيت..
لم ترد أن ترجع لأهلها وهي بهذه الحالة... تريد أن يصفو ذهنها قليلا..
وتريد أن تقوم ببعض الأعمال الشاقة حتى تلهي نفسها التفكير..
لذا ستقوم بالترتيب المؤجل مادام علي لن يعود الليلة!!!
******************************
" نورتي الدوحة بطلتش حبيبتي!!"
مزون تتنفس بعمق: يا الله وش كثر اشتقت للدوحة وأهلها..
غانم بمرح: شمي بعد.. شمي الحر والرطوبة.. شمي بعمق لين يجيش قفلة نفس!!
مزون ضحكت برقة: ياحلوها على قلبي..
ثم أردفت باهتمام: زين غانم خلنا نروح نسلم على هلك وعقب أبي أروح لهلي..
أسلم عليهم.. وأبي أبات عندهم عشان عرس وضحى بكرة بعد أذنك.. أبي أسهر معها..
غانم بحزم رقيق: وإذني يقول لا.. روحي واسهري.. بس ترجعين تباتين في بيتش..
مزون برجاء رقيق: تكفى غانم..
غانم بإبتسامة: لا تستخدمين أسلحتش ضدي.. تدرين حزتها إني أصير خرطي..
بس لا ياقلبي.. في الليل متأخر بأرجع أجيبش...
مايصير أول يوم راجعين الدوحة وأنتي بايتة في بيت هلش!!
***************************************
" جميلة قومي نروح نسلم على عمتش!!"
جميلة انتفضت بجزع: لا يمه تكفين.. ما أبي أروح هناك.. أخاف أشوف فهد..
عفراء بحزم: أنا أساسا أبي أشوفه...
أنتي سلمي على عمتش تبينهم يحكون عليش مثل المرة اللي فاتت..
وأنا وفهد بنقعد في مجلس الحريم..
جميلة تكاد تبكي: يمه تكفين..
عفراء بذات الحزم: خلصيني يا بنت... ولا تخافين بترجعين معي..
بالفعل توجهت الاثنتان لبيت إبي صالح... جميلة أعادت وضع أطنان الزينة على وجهها حتى لا يلاحظ أحد شيئا على وجهها إلا بهائها المعتاد..
وعفراء اتصلت بفهد وطلبت أن يأتي للسلام عليها في مجلس الحريم..
بحجة أن جوزاء كانت موجودة..
فهد حين ورده الاتصال.. تنهد بعمق... " يا الله مسرع صارت المشاكل!!"
توجس عميق اغتال روحه وهو يدلف لباب مجلس الحريم من الباحة..
عفراء وقفت لاستقباله وهو مال للسلام عليها.. نظراتها مثقلة بالعتب..
ونظراته متقلة بالذنب والحزن..
بعد السلامات المعتادة وقبل تتكلم عفراء كان فهد من استلم زمام المبادرة وهو يهتف بحزم بالغ:
أدري إني غلطت على جميلة واجد... ومافيه داعي تعاتبيني لأني في اليوم أعاتب نفسي ألف مرة...
بس والله العظيم إني شاريها..
أبيها بس تعطيني فرصة وحدة.. والله العظيم لأحطها فوق رأسي..
عفراء بهتت.. فهو لم يترك لها مجالا لتقول لها شيئا وهو يختصر كل شيء في عبارات حادة قصيرة.... واضحة مستقيمة/ مثله تماما!!
عفراء تنهدت وهي تهمس بتاثر: أنا يأمك لا جيت للحق.. ماكنت أبي أزوجها الحين.. كنت أبيها تقعد عندي لين تخلص دراستها..
بس منصور لزم يزوجها لأنه شاريك أنت.. ما أبي أقول إن منصور ماعرف يختار.. أكيد إنه أخبر بمعادن الرياجيل..
بس يأمك أنا كنت خايفة على بنتي من حدتك... وكنت على حق..
بنتي مهيب مثلي.. عادها لينة.. وسنها صغير..
الحين أنت خلها عندي.. وما أبيك تقول لمنصور إن بينكم أي مشاكل..
ولا خلصت دورتك.. إن شاء الله يكون طاب خاطرها..
فهد صمت ثانيتين ثم هتف بحزم يخفي خلفه رجاء عميقا: زين خليها ترد على تلفوناتي لا كلمتها على الأقل!!
عفراء تنهدت: بأقول لها.. بس ما أقدر أجبرها.. هي مجروحة منك واجد!!
عفراء غادرت لتعود لصالة الحريم.. لتسلم على أم صالح وتاخذ ابنتها وابنها لتغادر..
بينما فهد بقي لدقائق جالسا في مجلس الحريم.. كما لو كان عاجزا عن حمل ثقل الهموم الغريبة التي يشعر بها..
أو ربما كان يخطط عن قصد ليخرج في ذات لحظة خروجهم.. ليقابلها في باحة البيت..
حين رأته أدارت وجهها كأنه لم تراه وهي تتوجه للسيارة.. بينما عفراء وقفت لتعطيه زايد ليسلم عليه..
همس برجاء لعفراء وهو يعيد زايد لها ويغلف رجاءه بالحزم: عمتي تكفين..
قولي لها ليش ذا الجفا كله..؟؟ كنها ما تشوفني!!
عفراء تنهدت بعمق.. لا تجهل هذه النظرة.. تعرفها في عيني منصور..
نظرة محب مشتاق عاتب.. همست بمودة: لا تحاتي يامك.. بأحاول!!
***********************************
" أنا أبي أعرف وش ذا المصممة؟؟ مواعيدها كلش مهيب مضبوطة..
الحين عرسش بكرة واحنا تونا بنجيب الفستان
وهي أساسا واعدتنا قبل أمس..
الحين يمكن ماخلصته بعد!!"
وضحى ابتسمت وهي تنظر لكاسرة التي تجلس مجاورة لها في انتظار المصممة التي ذهبت لإحضار الفستان:
الحين أنتي معصبة كذا عشان الفستان.. وإلا عشان الشيخ كساب وصل وأنتي ما أنتي في شرف استقباله..؟؟
كاسرة بغيظ باسم: يعني أنتي شايفته سنع إنه يجي البيت عقب سفر.. وأنا برا..؟؟
عز الله راح فيها حضرة وكيل النيابة!!
وضحى ضحكت: أنا كنت ابي أخذ أمي.. بس أنتي حلفتي ماحد يروح معي غيرش..
حتى مارضيتي إنها تدري عشان هي ماتحلف عليش!!
كاسرة بإبتسامة: خلي أمي في حالها.. كفاية عليها ضغط بكرة...
المصممة نادت وضحى لكي تلبس الفستان في صورته النهائية..
في وقت انتظارها لوضحى رن هاتفها..
حين رأت اسم كساب.. شعرت بالحرج المختلط باشتياق غريب..
ردت بنبرة غريبة حملت كلاهما: هلا كساب..
كساب باستغراب: كاسرة وينش؟؟
كاسرة بذات النبرة: أنا مع وضحى تأخذ فستانها..
كساب بعتب مختلط بنبرته الحازمة: ويعني ماقدرتي تأخذين فستانها قبل ما أجي؟؟
كاسرة تنهدت: كساب يعني ظنك لو أني قدرت أخذه قبل.. كان رحت وأنت جاي..
تنهد بعمق.. فهي مطلقا لم تفعل ذلك إلا مرة واحدة.. يكره مجرد تذكر تلك المرة..
وهو يدخل البيت ليتفاجأ بعدم وجودها رغم أنها لم تفعلها مطلقا قبل ذلك..
كم كانت مرارة الأيام وقسوتها بعيدا..
قفزت كل الذكريات المرة لذاكرته وهو يدخل الليلة ولا يجدها!!
رغم أنه وجد غاليته مزون تنتظره في الأسفل.. ورغم فرحته العارمة برؤيتها إلا أنه بقي يشعر بنقص غريب وفراغ غير مفهوم..
كما لو كان طفلا يبحث عن أمه بين الحشود.. لن يهدأ جزع روحه حتى يراها..
هتف بحزم: زين خلاص أنا رايح لشغلي الحين!! فيه عندي شغل مهم عشان العقود اللي وقعتها واجتماعات مع المهندسين ويمكن أتأخر..
حينها همست بهدوء تخفي خلفه وجع اشتياقها له: زين متى بأشوفك؟؟
وأنا أبي أنام الليلة عند وضحى..
حينها زفر بتأفف غاضب: وتبين تنامين عندها بعد؟؟
كاسرة حينها همست بغضب رقيق: كساب قصر صوتك لا تصيح علي..
هذي آخر ليلة لها قبل عرسها.. عيب أخليها.. من كثر خواتي يعني..
هي أخت وحدة.. وليلة وحدة ماراح تكرر!!
كساب زفر بغضب: خلاص خليني أنا..!!
انتهينا.. مثل ماتبين.. النفس وما تهوى..!!
كاسرة أنهت الاتصال وهي تتنهد بعمق (يموت لو مالقى له سبب يعصب عليه!!)
كانت كاسرة تتأفف بغضب ليتحول تأففها لابتسامة شاسعة وهي تقف لتدور حول وضحى بانبهار..
ثم تضحك بصوت عال: وضحى أنتي في كامل قواش العقلية؟؟ فكرتش وإلا فكرة المصممة؟؟
المصممة بلباقة رقيقة: لا والله فكرة الدموزيل.. أنا بالبدايي ماكنت كتير مئتنعة فيها وخصوصا إنه فيه موديلات من ئبل بنفس الطريئة..
بس عالتنفيز.. عن جد وااااااو.. وسبيسال!!
وضحى تبتسم: ماعجبش؟؟
كاسرة مازالت تضحك: من حيث عجبني فهو جد عجبني لدرجة إني ماني بقادرة أبطل ضحك..
شكلش فيه بكرة بيطلع فوق الخيال..
بس الله يعينش على التعليقات اللي ما يعجبها العجب!!
************************************
" اشعيع اشفيش يا أبيش
وجهش ماصع ولونش مهوب زين!!"
شعاع انتفضت بجزع رقيق: مافيني شيء يبه فديتك!!
عالية مالت على شعاع بهمس خافت: ترا عمي صادق.. اليوم الصبح رحتي الابتسامة شاقة من فرحتش بفراقنا..
ورجعتي لنا حالش أشين من حالش البارحة.. كنه ميت لش ميت!!
شعاع باختناق: مافيني شيء عالية بس تعبانة شوي..
عالية بمرح: هذا كله حزن عشان سبع البرمبة بيتاخر يومين بعد..
ترا والله ياشعاع حالتش صعبة.. حلو تعطين رجالش حقه .. بس في نفس الوقت تأخذين حقش!!
شعاع شعرت أنها ستبكي فعلا حين ذكرت عالية علي.. فالجرح عميق.. عميق لا حدود عمقه..
ولمن هي في مثل رقتها.. بدا الأمر لا يحتمل إطلاقا!!
تحاول أن تضع سيناريوهات متعددة تفسيرا لما رأته.. وكل السيناريوهات بدت مؤلمة وجارحة ومهينة..
تحاول أن تبرأه بقلبها ودفق مشاعرها .. فإذا هذا القلب يدينه أكثر وأكثر!!
عالية كانت ستتكلم لولا أن هاتف شعاع رن.. عالية استغربت تماما وقررت أن تصمت..
لأن الرنة كانت الرنة الخاصة بعلي ومع ذلك شعاع كتمت الصوت بسرعة ثم أغلقت هاتفها!!
والغريب أن إغلاقها لهاتفها ليس غضبا بقدر ماهو خوف عليه..
والغضب الأكبر هو من نفسها.. تشعر أن حبه استعبدها تماما..
لدرجة أنه مع كل هذا الذنب العظيم.. بل الجريمة التي ارتكبها.. ترى أن صحته هي الشيء الأهم!!
فهي لو تركت الأمر لرغبتها.. فكل ما ترغب به هو أن تصرخ به وتصرخ به وتصرخ به... تقتله ربما لو استطاعت!!
ومع ذلك هي تؤجل كل ذلك حتى يعود.. تخشى إن أفرغت غضبها فيه أن يترك علاجه ويعود...
أبو عبدالرحمن الذي كان هو أيضا يتحدث مع أم عبدالرحمن.. هتف بصوته الحازم: عالية يابيش وين رجالش.؟؟
عالية باحترام: داخل يبه... يحضر مادته اللي هو بيدرسها الفصل الجاي.. خلاص ماعاد باقي إلا أسبوعين على فتح الجامعة!!
أبو عبدالرحمن وقف ليغادر وهو يهتف بذات نبرته الحازمة المعتادة:
خليه يجيني في المجلس يتعشا معي... أنا عازم تميم بعد على العشاء..
أبو عبدالرحمن غادر وعالية وقفت لتتوجه للداخل لتخبر عبدالرحمن.. لولا أن عبدالرحمن قاطعها بخروجه فعلا وهو يهتف لشعاع بمودة:
شعاع.. علي يتصل على تلفونش مسكر..
يبي يقول لش إنه قابل الدكتور خلاص.. وحجز الليلة متأخر وبكرة الصبح بيكون هنا!!
************************************
رنين آخر..
قاطعته يد رقيقة أخرى لتصمته..
عفراء همست بحزم: ردي عليه..
جميلة بتأفف: يمه ما أبي أرد عليه.. ماني بطايقة أسمغ صوته..
عفراء بذات الحزم: عيب عليش يا بنت... الرجال شاريش..
جميلة بإصرار : وانا بايعته..
عفراء بغضب: وش العلم ياجمول... اشوفش رديتي على طير يا اللي... عقب ماقلت بنتي عقلت..
رجعت ريمة لعادتها القديمة..
طفشتي الأول تبين تطفشين الثاني..
همست حينها جميلة بحزن: عندش شيء ثاني يمه.. تبين توجعيني فيه؟؟
عفراء تنهدت وهي تقف لتجلس جوار جميلة وتحتضن كتفيها بحنان:
يأمش أنا أبي مصلحتش..
تبين تصيرين مطلقة مرة ثانية؟؟
جميلة انتفضت بجزع: مطلقة؟؟ لا لا..
عفراء بأمومة: زين أشلون ماتبين وأنتي حتى منتي براضية تتفاهمين معه؟؟
جميلة بإصرار: عادي يخليني وينساني.. الله محلل له بدل الوحدة أربع..
يتزوج ثلاث.. ما أبي منه شيء إلا إنه يخليني على ذمته لين أتخرج على الأقل!!
بس أرجع أعيش معه لا.. وألف لا...
*******************************
" ها ياعريس... كيف إحساسك بأخر ليلة عزوبية؟؟"
نايف بمرح: إحساسي إنها ماتبي تخلص.. وخصوصا وأنا مقابل وجيهكم اللي تجيب الهم ياعيال أختي..
والله مافيكم صاحي غير عبدالله جعل عمره طويل أبوحسن!!
شوف صالح قاعد على جنب وكل شوي مطلع تلفونه.. أكيد يشوف صورة الفأرة.. يخاف ينسى ملامحها!!
وأبو الهول من يوم راح لمصر صار أبو الهول صدق!!
وأنت عكسه حلقك 24 ساعة شغال حكي على غير فايدة!!
هزاع يضحك: على كذا طلعتنا كلنا عاهات..
نايف يضحك: لأنكم كلكم عاهات ماجبت شيء من عندي..
هزاع بخبث: الولد على خاله ياخال..
هزاع يلطم كتفه بمرح: تخلخلت حنوكك قول آمين.. الحين غديت خالك عشان تسبني..؟؟
الحوار المرح مستمر بين الإثنين كالعادة.. بينما فهد وصالح صامتان كل منهما مشغول بهمه الخاص..
وعبدالله كان مستغرق في الحديث مع والده كعادتهما أيضا.. رغم أن أبا صالح لا يحب أن يُكثر الحديث بعد أن يصلي العشاء..
لكنه كان يتأكد من ترتيبات حفل زواج نايف في الغد.. الذي حلف أن يتولاه كاملا.. لأنه يعتبر نايفا أحد أولاده..
ولكن ما أن غادر أبو صالح.. حتى قام عبدالله ليجلس بجوار فهد..
عبدالله وضع كفه على معصم فهد وهو يهتف بمودة صافية:
صحيح من أول وأنت منت بكثير حكي.. لكنك على الأقل لا تجمعنا كنت دايم تبتسم تمزح.. تسولف..
الحين تقعد ساكت وتقوم ساكت..
حينها فهد هتف بعمق موجع بكلمات أكثر وجعا جعلت عروق عبدالله تنتفض تأثرا وجزعا وهو يكاد يقفز من مكانه:
لأني ماني بكفو قعدة الرياجيل... عشان أسولف معهم!!
فهد شعر بكف عبدالله التي ارتعشت بعنف وهو يهتف بصرير من بين أسنانه:
أفا عليك يافهد.. وش ذا الكلام؟؟
فهد بذات النبرة الموجعة: اللي يذل له بنية يتيمة ويقهرها ويوجعها بالكلام.. وش يكون في نظرك؟؟
عبدالله تنهد بعمق: فهد يأخيك.. ماحد منزه من الخطأ..
حتى الرسول صلوات الله وسلامه عليه أخطأ وعاتبه الله عز وجل من فوق سبع سموات!!
بس مشكلتك الازلية إنك ماتشوف إلا لونين الأبيض والأسود.. وإنك مستقيم بزيادة..
يعني أنا يوم رجعت من امريكا.. ماحد عاتبني بقسوة مثلك.. مع إن الكل كانوا يحاولون يراضوني..
عاتبتني وأنت ماتدري ولا دريت بالبلاوي اللي أنا سويتها!!
عاتبتني لأنك ماترضى بالحال المايل.. وأنا فعلا كنت حال مايل..
ما أقول لك لا تعاتب نفسك.. فخير النفوس النفس اللوامة.. والله عز وجل أقسم بها..
بس أقول لك ارحم نفسك... أشين شيء ممكن الواحد يسويه في نفسه إنه يجرح نفسه قبل ماغيره يجرحه..
ماراح أسألك عن مشاكل مع مرتك... بس بالرواقة والتفاهم وطولة البال... كل شيء ينحل..
طالبك يا أخيك توسع خاطرك..
فهد تنهد بعمق: يجيب الله خير من عنده.. !!
***********************************
" هذه كله عند وضحى؟؟
وش تسوين عندها؟؟"
سميرة أشارت بإبتسامة: خبرك عروس.. ولازم نهتم فيها..
أشار تميم بحنان: وعسى مافيه شيء قاصرها؟؟
سميرة بعذوبة: أبد كل شيء تمام التمام.. ألسطة وميه وميه على قولت خالي هريدي!!
تميم ابتسم وهو يشير لها: زين تجهزي.. بعد بكرة الظهر طيارتنا..
سميرة بحماس: صدق بنسافر!!
تميم بأريحية: أنا وعدتش.. بنسافر ألمانيا.. بنسوي فحص في بون.. وعقبه بنروح ميونخ نتمشى هناك 5 أيام..
وعقب نرجع بون نأخذ نتايج الفحوص.. ونرجع الدوحة..
عاجبش الجدول.. وإلا تبين نغيره شوي؟؟
سميرة تعلقت في عنقه بمرح ثم افلتته لتشير له: عاجبني ونص..
ثم أشارت بتردد: وجدك زين من اللي عنده؟؟
تميم بتلقائية: أساسا حتى لو كنا موجودين.. أمي اللي قايمة فيه وهي سليم..
والليل ماينام عنده إلا سليم..
أمي كانت تبي تجي تنام عنده.. بس أنا حلفت عليها ماتقعد في البيت بروحها..
تقعد عنده كثر ماتبي في النهار.. وفي الليل ترجع لبيتها!!
جدي لو بغى شيء بيخلي سليم يدق عليها!!
***********************************
هاهي تتمدد على سرير وضحى في انتظار انتهاء وضحى من صلاتها..
مازالت لم تره حتى الآن..
رغم أنها بالفعل ذهبت إلى بيتها.. وانتظرته لأكثر من ساعتين..
ثم اضطرت للعودة إلى أختها لأن لديها الكثير من الترتيبات التي لابد أن تنجزها قبل أن تنام..
رغم أن سميرة أيضا لم تتوقف عن العمل.. لكن كلتاهما باتتا تشعران بتوتر أكثر من وضحى.. وهما تعيدان عمل الشيء الواحد عدة مرات!!
رنة رسالة تصل هاتفها.. كانت منه.. توجست (لماذا رسالة وليس اتصال؟؟)
" نمتي؟؟"
كاسرة توجست أكثر (ليش السؤال؟؟).. أرسلت له:
" لا.. مابعد!! "
لتتفاجأ بعد ثوان باتصاله..
في حالة الأزواج الطبيعيين ..هذا الاتصال أكثر من عادي!!
لكن في حالتهما ابعد ما يكون عن الطبيعية..
تنهدت كاسرة قبل أن ترد (أكيد يبي يغسل شراعي شوي.. عاد في خاطره لغو) ردت بهدوء متمكن: هلا كساب..
رد عليها بنبرة دافئة مقصودة : تدرين إن عليش بحة صوت تذبح!!
كاسرة كادت تلقي الهاتف من يدها وهي تكتم كحتها وشهقاتها..
لولا أنها متأكدة إنه صوت كساب وإلا كانت قالت أن المتصل شخص آخر..
كاسرة همست بثبات قدر الامكان رغم أن جملته البسيطة أحدثت فوضى هائلة في مشاعرها..
ولكنها بداخلها كانت تخشى أن يكون يسخر منها.. ليس شكا في نفسها.. لكن شكا في نواياه..
ولكنها همست بثبات خافت حتى لا يصل صوتها لوضحى التي تصلي في زاوية الغرفة:
لنا أكثر من سنة متزوجين وتوك تكتشف إنه بحة صوتي تذبح على قولتك؟؟
جاءها صوته باسما متلاعبا دافئا لدرجة تثير الجنون .. الجنون بمعناه الإيجابي لا السلبي:
تدرين فيه أشياء من حلاتها تبين وقت لين تحسين بحلاوتها عدل من قد ماهي حلوة...
لأنه عقلش يعجز يستوعب ذا الحلاوة.. يحتاج له وقت للاستيعاب لا يستخف..
مثل الشكولاته الفاخرة ماتبين حلاوتها إلا على آخرها.. لا ذابت في الثم..
صوتش كذا.. من قد ماهو حلو..
وتخيلي أشلون حلو.. لأني احتجت سنة كاملة عشان أستوعب حلاته!!
كاسرة شعرت برعشة حادة تجتاح خلاياها خلية خلية.. وخلاياها تكاد تُنسف من شدة التأثر والانفعال!!
أ ليس من المثير للشفقة أن تكون متزوجة طوال هذه الفترة وتشتاق لكلمة غزل واحدة.. فإذا به ينثال بهذا الغزل المثير المكثف وبلا مقدمات!!
كما لو كانت أرض بور تشققت من الجفاف.. تنتظر قطرة ماء واحدة.. قطرة واحدة فقط..
فإذا بالماء ينسكب فوقها إنسكابا.. وتحتاج وقتا لتستطيع تلقي هذا الماء وامتصاصه!!
صمتت.. عجزت عن الكلام.. لأول مرة تعجز عن الرد لأنه أشعرها بأنوثتها حتى ذروة الذورة..
لم يستفزها لكي ترد عليه ردودها الحادة ردا برد!!
كساب همس بذات نبرته الدافئة الباسمة: وين راح صوتش؟؟.. تونا نقول حلو ويدوخ!! بتحرمينا منه يعني؟؟
حينها همست كاسرة بنبرة أقرب للتبلد: أنت متأكد إنهم ما سوو لك عملية غسيل مخ في سفرتك ذي؟؟
همس بنبرة تلاعب مدروسة: واحد مسكين قاعد في غرفته بروحه.. ويعد الطوف والثريات واللمبات وخطوط السقف..
لا حد يسولف معه.. ولا زول يشوفه!!
وش توقعين يصير فيه؟!! زين ما يستخف!!
حينها ضحكت كاسرة برقة: لا شكلها مهوب عملية غسيل مخ.. شكلهم بدلوا مخك كامل بمخ جديد!!
همس بدفء عميق لا يخلو من نبرة تلاعبه الدائمة:
زين تعالي خمس دقايق بس.. أبي أشوفش بس..
كاسرة بصدمة: من جدك... ما أقدر .. وضحى عندي وش أقول لها؟؟
ابتسم: زين أنا أجيش.. مثل ذكريات الأيام الخوالي.. والتعلبش على الجدران مثل القرود..
ضحكت كاسرة وهي تشعر بروح مرح غريبة: لا واللي يرحم والديك..
خل عرس أختي يعدي على خير.. لا تسوي لنا أفلام.. وتطيح من فوق السطح!!
حينها همس بعمق خافت.. آلمها حتى عمق روحها: أبي أشوفش بس.. ما تبين تشوفيني؟؟!!
كاسرة أغلقت عينيها وفتحتها.. شعرت بريقها جاف.. والكلمة لا تريد الخروج..
لكنها علمت أنها إن لم ترد عليه بما تشعر به فعلا.. فهي ستفسد هذه اللحظة التاريخية التي قد لا تتكرر أبدا..
فكساب الليلة يبدو أغرب من الغرابة.. تخشى فعلا أن غرابته هذه لن تتكرر..
وكم تمنت لو يبقى غريبا هكذا طوال عمره!!
همست بصوت مبحوح مثقل بالدفء والعذوبة: بلى والله أبي أشوفك..
بس الليلة ما أقدر.. أنت اللي تأخرت علي مع إني انتظرتك في البيت كثير..
بكرة الصبح بدري أنا بأرجع للبيت أساسا..
حينها همس بخيبة أمل يخفيها خلف حزم صوته:
وأنا بأكون من عقب صلاة الفجر مع العمال عشان صب أساسات مشروع مهم..
حينها ضحكت كاسرة : وأنا عقبها بأنشغل مع وضحى.. خلاص أشوفك في الليل عقب العرس!!
ضحك كساب: تدرين كأننا قطو وفأر.. وذا الشوفة مهيب راضية تتيسر..
انتهت المكالمة.. ولكن ابتسامة كاسرة مازالت مرتسمة وهي مازالت تحتضن الهاتف ملاصقا لأذنها..
لم يقاطع أجواءها السماوية سوى نحنحة مرحة ووضحى تضع يدها على خصرها:
احم احم نحن هنا..
كاسرة أنزلت هاتفها وهي تهمس بحرج: من متى وأنتي واقفة؟؟
وضحى همست بمرح: أممممم خلني أتذكر... من ( وأنا والله أبي أشوفك).. قالتها بطريقة تمثيلية مرحة..
كاسرة بحرج: صدق إنش قليلة أدب.. وليش تتسمعين؟؟
وضحى هزت كتفيها بمرح: وأنا اللي تسمعت؟!! الكلام جا لين عندي..
ثم همست بمودة: أول مرة أسمعش تكلمين كساب وتضحكين..
يا الله فزي لبيتش.. روحي لرجالش..
كاسرة ابتسمت وهي تشير للمكان الخالي جوارها وتهمس بحنان: تعالي.. نامي وراش بكرة عفسة!!
والليلة حقتش بروحش أنتي وبس..
وضحى تسللت لجوار كاسرة وابتسامتها المرحة المرتسمة قبل ثوان تتبخر وهي تهمس بتوتر:
كاسرة.. أنا خايفة ومتوترة!!
كاسرة مررت أناملها عبر خصلات وضحى وهي تهمس بحنان حازم باسم:
مافيه شيء يخوف.. الله يستر على نايف بس لا تأكلين القطوة اللي هو جاي يبي يذبحها...
************************************
يدخل بيته صباحا مبكرا..
مع أنه أبلغ عبدالرحمن البارحة بوصوله إلا انه لم يتوقع أن تكون شعاع موجودة..
لأن الوقت مازال مبكرا.. وهي يستحيل أن تنام في البيت لوحدها..
لكنه يتوقع أن تصل بعد لحظات..
(على ما أخذ شاور.. بتكون وصلت..!!!)
كان البيت يبدو أكثر ترتيبا ونظافة من المعتاد.. (ياقلبي ياشعاع.. كانت متوقعتني أجي أمس!!)
وحين دخل إلى غرفته..
كانت غرفته تبدو كما لو رُتبت بالمسطرة.. وكل شيء في مكانه..
إلا شيئا واحدا ..لذا لفت نظره.. لوجوده في غير مكانه المعتاد.. وبطريقة غير معتادة!!
كان ثوبا من ثيابه ملقى على السرير.. حين اقترب ليحمله ويلقيه في سلة الغسيل..
تراجع بصدمة حادة.. وهو يشهق بعنف (أشلون نسيته؟؟ أشلون؟؟صدق إني غبي ومافيني مخ!!
من فرحتي بشوفتها نسيت كل شيء!!)
علي تراجع وهو يجلس بجوار ثوبه الذي مازال اللون الزهري واضحا على جيبه!!
تنهد بعمق وهو يلقي غترته جواره بغيظ أشبه بالاحتراق!!
كان يعلم أن هذه السعادة غير المعقولة التي يغرق فيها حتى مافوق أذنيه..
لا يمكن أن تكون إلا حلما لفرط روعتها..
والأحلام لابد أن نصحو منها يوما.. ليصفعنا الواقع!!
كيف سيشرح لها؟؟
وماذا سيشرح لها؟؟
كل التفسيرات والمبررات حتى الصادقة منها.. ستكون محرجة له ومؤلمة لها!!
فشعاع تظن أن ماحدث في المصعد لا يتجاوز رؤيته لها بدون غطاء!!
لا يعلم كيف ستصدق إن هذه الأثار لها هي.. وإن صدقت.. كيف ستتقبل ذلك!!
تبدو القضية معقدة وفلسفية لحد بعيد..
أين المشكلة؟؟ فهي في ذلك الوقت كانت زوجته.. كما هي الآن!!
المشكلة أنه لم يكن يعلم!! وهرطقات الإحساس المختلف بها وشعوره العميق بأحقيته بها لن تقنع امرأة مجروحة مثلها!!
فكيف سمح لنفسه أن يتجاوز كل الخطوط ويفعل ذلك!!
فهي سامحته على نظرة لم يسعى هو لها... فكيف ستسامحه على ضمة هو من سعى لها ؟!!
ولكنه يعلم أنها مغرمة به.. كما هو مغرم بها.. وأنها لن تصبر على فراقه..
لذا سيحاول أن يدخل لها من هذا المدخل..
فكل شيء جائز في الحب والحرب!!
علي تناول هاتفه.. ليتصل بها..
فهما يكن قلبه لا يقواه أن يتركها تعاني أكثر من ذلك..
يعلم أنها لابد أهدرت طنا من الدموع من البارحة حتى اليوم!!
يريدها أن تصرخ به.. إن كان الصراخ سيريحها!!
يريدها أن تؤنبه وتجرح فيه كما تشاء لأنه تجرأ على جرح مشاعرها الغالية!!
لكن هاتفها كان مغلقا..
حاول لمرتين أخريين.. ومازال مغلقا..
ألقاه جواره بغيظ مختلط بالأسى وهو يقرر أن يستحم ويتوجه إليها بنفسه!!
************************************
" شعاع وش مقعدش في الصالة كذا بدري؟؟"
شعاع تجيب عالية وهي تتلهى في جهاز التحكم حتى لا تلاحظ انتفاخ وجهها من البكاء: ماجاني نوم عقب صلاة الصبح.. قلت بأقعد أشوف الأخبار
أنتي وش مقومش بدري لا ولابسة عباتش بعد..
عالية في موقف آخر كانت لتلاحظ فورا مظهر شعاع المزري.. لكن لأن رأسها كان مشغولا بألف شيء.. لم تنتبه وهي تنهمر بالكلمات:
أبي أروح لبيت نايف.. أرتب كل شيء على ذوق وضحى وبأغراضها.. وعقب أقفله لين الزفة..
خلي خالاتي يحترقون..
تخيلي شعاع البيت ترتب أكثر من مرة.. ومفرش السرير تغير أكثر من مرة..
كل وحدة تبي تحط مفرشها اللي هي اشترته..
وتخيلي الأذواق عاد!!
العروس جايبة مفرش يجنن.. أمها حطته على السرير.. ورتبت كل شيء قبل أمس يوم جابت أغراضها..
نايف وداني وشفت الترتيب كان خيال وراقي صدق..
تخيلي البارحة في الليل متأخر يتصل علي.. يقول لي جاء غرفته لقا خالاتي قالبين الدنيا فوق حدر..
وهو مستحي تسأل البنية عن أغراضها يقول لها ما أدري..
شعاع همست بمودة رغم انشغالها بما فيها: تبين مساعدة؟؟
عالية تلبس نقابها باستعجال: تسلمين ياحلوة.. روحي لبيتش أكيد رجالش على وصول..
أنا أساسا بأخذ خدامة من بيت هلي.. وخدامة من هنا.. وبنخلص بسرعة..
حينما خرجت عالية للسيارة التي تنتظرها في البارحة.. كان هناك شاب طويل نحيل ينتظر خارجا.. يبدو شكله محرجا وهو يتصل في هاتفه ولا مجيب..
عالية عرفته فورا.. وهو حينما رأى السيدة التي تخرج.. استدار بحرج ليعود لسيارته..
لولا أن عالية أوقفته بطريقتها القوية في الكلام: أبو زايد تفضل داخل..
الصالة مافيها إلا شعاع..
علي هتف بلباقة رغم أنه ليس متيقنا من هي: صبحش الله بالخير يابنت خالد..
أنا تفشلت.. الوقت بدري.. وأدق على شعاع وعبدالرحمن ماحد يرد منهم..
عالية هتفت باحترام : عبدالرحمن راقد .. تبيه رجعت أقومه؟؟
علي يشعر بحرج متزايد: لا سلامتش.. جاي أسلم على عمتي وأخذ شعاع..
عالية تغادر للسيارة وهي تهتف بذات نبرة الاحترام القوية: اقلط مابه حد داخل إلا شعاع بس!!
شعاع حينها كانت تمرر أناملها عبر جهاز التحكم.. وعيناها المغرقتان بالدموع تعبر شاشة التلفاز ..
وأفكارها المرة تحفر في روحها حفرا... تحاول إبعادها عنها.. فتجدها تعود لتحيط بها إحاطة السوار بالمعصم!!
لا تتخيل أن عليا به من الدناءة أن يخونها ثم يحتفظ أيضا بعلامة خيانته داخل صندوق مغلق كما لو كان يفتخر بها!!
لا تتصور مطلقا كيف من الممكن أن يفعل ذلك..!!
رغما عنها شهقت بعنف وهي تتخيل الأخرى التي ضمها لصدرها.. تمنت أن يكونا كلاهما أمامها لتمزقهما تمزيقا...
" بسم الله عليش!!"
صوته الحاني كان قريبا كحلم.. تزايدت شهقاتها العنيفة رغما عنها..
(الخاين حتى صوته ملازمني!!)
فوجئت باليدين الحانيتين تمسكان كتفيها من الخلف يتبعهما صوته الجزع:
بسم الله عليش ياقلبي.. اخذي نفس..
شعاع قفزت بحدة لتستدير ناحيته.. بينما علي هتف بعتب: شعاع الله يهداش وش ذا النطة؟؟ راعي اللي في بطنش!!
شعاع تنظر له بذهول.. وعيناها متسعتان من الألم والصدمة: مهتم من اللي في بطني عقب اللي سويته..؟؟
علي يتنهد: شعاع حبيبتي امشي معي للبيت وبأفهمش كل شيء..
شعاع بألم شاسع: ما ابيك تفهمني شيء ولا تقول لي شيء..
لو هي وحدة غيري أصلا ماكانت طاقت تتفكر في وجهش!!
لو سمحت اطلع..
علي اقترب منها أكثر ليشد كفها ليجلسها.. لكنها شدت يدها بعنف منه.. وهي تهمس بحدة: لا تقرب مني!!
علي يتنهد: شعاع تكفين.. المكان مهوب مناسب للكلام.. تعالي زين مجلس الحريم..
شعاع تدير وجهها جانبا: علي لو سمحت.. اطلع برا.. ما أبي أسمع شيء!!
أشلون قادر تحط عينك في عيني وأنت خايني!!
علي يحاول أن يبعث أكبر قدر من الهدوء في صوته.. حتى شجارهما مثلهما.. هادئ.. شفاف.. راق:
ياقلبي ياحبيبتي.. والله العظيم.. ثم والله العظيم.. ثم والله العظيم... إن هذا ثوبي يوم تسكر علينا الأسنصير..
شعاع مازالت لم تستوعب: وهو كل شيء في حياتنا بتعلقه على سالفة الأصنصير!!
ثم شهقت وهي تتراجع أكثر: وبعد خايني في يوم ملكتنا بعد.. وتكذب علي إنك تعلقت فيني من ذاك اليوم..
علي هز رأسه بيأس: شعاع ما تذكرين لون الروج اللي أنتي كنتي حاطته ذاك اليوم..؟؟
وقبل ماتعصبين.. حطي نفسش مكانش.. ودوري لي عذر..
ولو مالي عذر.. أنا رجّالش وأب ولدش...
لو حتى ذنبي كبير.. قلبش أكبر..
وأنا معترف إني غلطان وطالب السماح.. ومافيه حياة زوجية تخلى من المشاكل
شعاع كانت تسمع انهماره والطعنات تتعمق في قلبها.. همست باختناق حقيقي:
وهذي تسميها مشكلة زوجية...
علي لو سمحت.. لو ما طلعت.. أنا اللي بأروح وبأخلي المكان كله لك..
علي تنهد ليزفر بحرارة: أنا بغيت أشرح لش كل شيء.. ماهان علي تقعدين تحترقين كذا بروحش..
خلش وارتاحي وفكري زين.. وبكرة عقب العرس باجي أخذش..
شعاع لم تستطع حتى أن ترد عليه.. وهي تنهار جالسة!!
بينما علي كان يشعر أنه يتمزق فعلا وهو يتركها خلفه.. ويخرج رغما عنه!!
ليشعر بالتمزق بأقصى معانيها وأشدها قسوة ووحشية.. وهو يصل لسيارته لتصله رسالة منها:
" علي لو سمحت.. لا تحرج نفسك ولا تحرجني!!
لا تجي بكرة ولا بعده...
وأنا لو حد سألني بأقول وحامي جا في البيت وفيك..
مهوب يقولون اللي تحب رجالها يجي وحامها فيه...؟!!
انبسط بالغلا !!"
******************************
نايف يعيد عالية لبيتها بعد صلاة الظهر.. حتى يتوجه للحلاق..
يهتف بقلق: علوي أخاف خواتي يزعلون..
عالية بحزم: لا والله معطي كل وحدة منهم نسخة من مفاتيح بيتك عشان ماتزعلهم..
وأنا أقول أشلون يقدرون يدخلون ويخربون على كيفهم..
نايف يزفر بضيق: بس تروحين تغيرين مفاتيح البيت كلها..!!
عالية بذات الحزم الأقرب للغضب: إيه بأغيرها ولو وحدة منهم عندها نص كلمة.. خلها تكلمني..
أصلا أنا أبيهم يكلموني..
نعنبو دار عدوك... هذا بيتك بروحك... ما لوحدة منهم فيه ريال...
كل وحدة منهم خذت حقها وزيادة في بيت إبيها.. وش يبون ببيتك؟؟
اللي طفشت بنت الناس.. ماحتى بتقعد أسبوع على ذا الحالة..
حينها هتف نايف بنبرة مقصودة: مهوب أنتي تقولين إنها مرنة وبتحط خواتي على رأسها؟!!
عالية بنبرة جدية تماما: فيه فرق بين مرنة وتحط خواتك على رأسها..
وبين هبلة ورقلة وماعندها شخصية وخواتك يركبون على رقبتها!!
أصلا لو مرتك ماحطتهم عند حدهم.. والله ماحد يأكلها غيرك.. وتعيش حياتك كلها بين ثمان طباين..
يعني الواحد يكون عنده زوجتين يطلعون روحه... أشلون واحد عنده ثمان!!
نايف تنهد بعمق وهو يسند ظهره للخلف ويتمسك بالمقود..
أي هموم تشغل بال شاب مثله.. وفي ليلة زفافه التي من المفترض أن تكون أسعد ليلة في حياته...!!
ممزق بين شقيقاته وبين زوجة يخشى أنها ليست مرنة حتى!!
بل يخشى أن تكون حادة ومتصلبة لدرجة الصدام المشترك مع شقيقاته!!
********************************
" ياعزتي لخالي عزاه..
اللي راح فيها نويف.. وين كانت وضيحى داسة ذا الحلا كله؟؟
صدق صراحة طلتها إبهار.. عرفت أشلون تبرز نفسها!!"
سميرة بمرح مشابه لمرح ابنة عمها: خلي خالاتش يحترقون..
سامعتهم بأذني يقولون أخينا الوحيد مالقى له إلا ذي.. وش الزود اللي فيها!!
عالية تضحك: خلش من خالاتي.. لو مالقوا شيء يحشون فيه حشو في أنفسهم..
التفتي عليهم وشوفيهم وهم متزاحمين عند الاستقبال.. كل وحدة منهم كأنها تبي تقول أنا الكل في الكل..
ثم أردفت بخفوت: إلا عمتش وش فيها؟؟ مهوب عوايدها.. بالعادة منورة وتهلي وترحب.. الحين ماتبي تبعد من جنب وضحى..
سميرة بتأثر: حتى أنا ماهقيتها بتتأثر كذا.. تدرين وضحى أخر العنقود.. وفراقها صعب..
بالفعل كانت مزنة لا تكاد تبتعد خطوة من جنب وضحى.. لأنها ما ان تفكر أن تبتعد حتى للسلام على إحداهن..
حتى ترى عيني وضحى تبحث عنها بوجع.. يزيدها وجعا!!
تنظر لها... فلا ترى كل الهالة حولها.. كل ماتراه هو ظفيرتين مجدلتين في أسفلهما شريطة بيضاء.. وهي في يومها المدرسي الأول..
كانت في ذلك اليوم تماما مثل ما هي اليوم.. طهر مجلل بالنقاء.. وعيناها تبحثان عن أنامل والدتها.. وتفيضان بدمع يأبى الإنسكاب..
تزيدها ذكريات ذلك اليوم وجعا... كلما تذكرت كيف أصر مهاب على أن يذهب معهما بنفسه...
وهو يشد على أناملها الصغيرة حتى أدخلها باب المدرسة.. ويرجو أمه أن تبقى معها قليلا...
تنظر لها.. فلا ترى عروسا.. بل ترى طفلتها هي.. أصغر الأبناء..
وككل الأمهات يظنون أن هؤلاء الصغار لن يكبروا..
سيبقون صغارا نرتشف معهم خربشات طفولتهم!!
كاسرة قاطعت أفكار أمها وهي تربت على كتفها برجاء خافت: يمه طالبتش اقعدي شوي..
اقعدي جنبها لو تبين.. بس بلاها ذا الوقفة!!
مزنة لم ترد عليها حتى.. لا تريد أن تجلس.. لأنها لا تريد أن يفوتها لفتة من لفتاتها ولا نظرة من نظراتها..
تريد أن تطرز ناظرها برؤيتها طفلتها وحدها قبل أن تذهب بأخر ذكريات طفولتها إلى عالم النضج!!
**************************************
" أنت صدق طالع المطار الحين؟؟"
فهد باحترام: إيه طال عمرك.. يا الله الحق..
منصور بتساؤل مهتم: والوضع بينك وبين مرتك أشلونه..؟؟
أنا سألتها تقول كل شيء زين..
فهد هتف بشجن مخفي خلف حزم صوته: زين إن شاء الله!!
ثم أردف بثقة: وعلى طاري جميلة أبيك توصل لها ذا الظرف طال عمرك..
لأني مالحقت أشوفها اليوم..
(كنت أتمنى أشوفها..
بس هي ماردت على تلفوناتي!!)
منصور أعاد الظرف لفهد بغضب: تبي تصرف على بنتي وهي في بيتي!!
فهد أعاد الظرف بإصرار أكبر: والله ماتقول شي.. إلا أنت ترضاها علي؟!!
ترضى إن حد غيري يصرف على مرتي حتى لو كان إبيها؟!!
منصور ابتسم فهذا الشاب غال جدا على قلبه.. لأنه لطالما عرف كيف أن له قلبا لا يعرف التلون :
باعطيها الظرف عشان خاطرك.. بس ياويلها تصرف منه وهي عندي!!
ابتسم فهد ردا على ابتسامته: وياويلها تصرف من غيره حتى لو هي عندك!!
ثم أردف بمودة: خلني أقوم أسلم على خالي.. لأنهم بيزفونه الحين.. وأنا بأطلع للمطار..
منصور بأريحية: أنا بأوصلك..
فهد بإصرار حازم: لا والله ماتوصلني.. حتى أخواني عييت حد منهم يخلي العرس عشان يوصلني..
سواق البيت ينتظرني برا.. وهو اللي بيوصلني!!
*******************************
نايف يشعر بالتوتر وهو في السيارة مع قطبين صامتين... وهو لا يستطيع الحديث في حضرتهما
تميم صامت.. لأنه صامت!!
وزايد صامت.. لأن هيبته تتحدث عنه!!
" ليتني رحت مع هزاع..
أبوك يالذرابة إلا أروح معهم..
أقله كان قعدنا ننكت أنا وهزاع وشلنا التوتر شوي"
حين وصلوا للقاعة.. هتف زايد بحزم أبوي: انزل يأبيك..
حالما نزل نايف شد زايد على كفه بقوة وهو يهمس في أذنه بحزم خافت:
اسمعني زين يا أبيك.. أدري إنك رجّال من عرب أجواد..
بس النصيحة لازمة.. لا يطري على بالك ولا حتى لثانية وحدة إنك تقهر وضحى وإلا تضيمها.. وتقول ماوراها ظهر يرد عنها!!
تميم عن ألف رجال من غير قصور فيه..
لكن حسابك وقتها بيكون معي أنا... وأظني إنك تعرف زايد آل كساب لو حد داس على طرف بنته وش هو بيسوي فيه!!
(مهوب كفاية إني متوتر... يخض بطني بعد!!)
نايف هتف باحترام جزيل: وضحى على رأسي من فوق.. ازهلها!!
زايد استخرج هاتفه ليخبر مزنة أنهم أصبحوا في الخارج.. بعد ان أتصل بها وأخيرها بخروجهم من موقع الحفل..
حتى يتجهزن..
.
.
.
" يمه تكفين.. لا تخليني.."
كانت وضحى تشد كف والدتها قريبا من قلبها بعد أن بقيت هي وحدها معها..
وقريبا من الباب ثمانية أشباح مسربلة بالسواد..!!
مزنة أكثرت من قراءة الأذكار عليها وهي تهمس لها بحنان:
ياقلبي مافيه شيء يخوف... اذكري ربش وبس...
وضحى باختناق متعاظم: يمة خايفة.. خايفة..
مزنة احتضنت كتفيها وهي تقرأ وتنفت عليها ثم ابتعدت عنها قليلا حين رأت طرف البشت الاسود الداخل..
فقد كان العريس وزايد كلاهما يرتديان بشتين سوداوين..
نايف كان يتقدم بحرج لا يعرف له سببا.. لتتعلق عيناه بالمشهد المبهر قبل أن يكتمل حتى..
كانت وضحى تقف ورأسها مخفض للأرض وهي ترتعش بعنف..
كان فستانها غريبا... والأغرب طرحتها..
ليس غريبا كفكرة ولكنه غريب كتنفيذ محكم دقيق!!
فالفستان الأبيض الناصع تخلل قماشه في مناطق مختلفة منه لون أخضر فاتح جدا هو جزء من لون القماش!!
وأعلاه كان عبارة عن أغصان خُضر نحيلة تلتف ببراعة على الصدر والذراعين.. لينبثق منها الأوراق وزهرات مختلفة الألوان كلها بألوان فاتحة هادئة جدا..
وهي تنحدر لأسفل وتتفرع حتى تختفي!!
أما الطرحة التي وُضعت بشكل الشيلة.. فهي أشبه بشبك الصيادين.... ولونها... أخضر فاتح بالكامل!!
وكوشتها الصغيرة الناعمة صُممت تماما وفقا لهذه الفكرة والوانها..
الأبيض ..والأغصان الخضر الفاتحة..والزهور الناعمة الألوان ..
ومثل ذلك مسكتها التي تمسك بها الآن وارتعاشها واضح في ثناياها..
حين اكتملت الصورة في عيناه.. لم يجد وصفا يصفها به سوى "مبهرة"
مبهرة فعلا...!!
زايد تقدم أولا ليقبل جبينها وهو يهمس في أذنها بحنان ومودة: الف مبروك يأبيش!!
نايف رجال فيه خير.. الله الله فيه.. وأنا وصيته فيش.. ومايقصر!!
وضحى همست باختناق: الله لا يحرمني منك.. ما تتخيل أشلون أنا فرحانة بشوفتك جنبي ذا الليلة..
زاد اختناقها وهي ترى تميم خلفه.. يشير لها بالتهنئة.. وهي عاجزة عن الإشارة.. لأن يداها مشغولتان بالمسكة..
أشار لها بشجن وتأثر وهو يرى كيف امتلئت عيناها بالدموع:
وصلني الرد يأخيش.. لا تحاتين..
العريسان.. كلاهما متوتر من لحظة اللقاء..التي اقتربت..
زايد هتف لنايف بحزم: سلم على هلك.. وحن ننتظرك برا..
ليخرج هو وتميم...
كان نايف للتو تتملأ عيناه من رؤيتها.. كان يريد أن يتمعن في كل تفصيل من تفاصيلها..
وخصوصا أن ذقنها كان يرتعش بشكل بالغ العذوبة أثر فيه حتى عمق العمق..
كان يريد أن يرى عينيها المسبلتين بخجل وهو يتقدم ليقف جوارها..
ليتفاجأ بهجوم الدبابات الكاسح الذي كاد يطرحه أرضا!!
" مبروك يأختك.. مبروك"
" ماتخيل فرحتي فيك!!"
" منك المال ومنها العيال!!"
"جعلني أشيل عيالك بين إيدي ياريحة الغالي!!"
شقيقاته أحطن به.. لدرجة أن مزنة تدخلت لتشد ابنتها وتجلسها..
قبل أن يوقعوها أرضا.. أو على أقل تقدير يمزقن مسكتها أو يفسدن فستانها لأنها كانت تقف ملاصقة لنايف..
ثوان ليصل الصوت الحازم العالي: خالاتي حبياتي... سوو مثل أمي.. سلمت ونزلت..
خلوا العريس يصور مع عروسه صورة عدلة الله يرحم والديكم..
نورة نزلت وهي ترمق عالية بنظرة حادة وتهمس لها بخفوت: دواش بعدين يا بنت صافية على سواياش كلها..
ما بغيت أخرب عرس نايف وإلا كان وريتش شغلش الحين!!
عالية بإبتسامة مصطنعة: خالتي تعالي في بيتنا وأنا كلي حلالش... المهم لا تحربون على نايف فرحته..
سلطانة نزلت أيضا ووصلت لتتدخل بخفوت: وش فرحته ياحظي؟؟... حديقة الورد اللي جنبه؟!!
عالية بابتسامة ونبرة مقصودة تماما: مالقوا في الورد عيب.. قالوا يا أحمر الخدين..
نورة بنبرة حادة هامسة: إيه أكيد بتقولين كذا.. دام ذي مسافيطش لخالش اللي ست سنين وهو ضامش.. وهذا جزاه عندش!!
عالية حينها شعرت أنها قد تنفجر من شدة الغضب فعلا..
ومع ذلك تماسكت وهي تصعد لتقبل جبين نايف ثم أجلسته جوار عروسه ..
وهي تهمس في أذنه بخفوت: اقعد صور لك كم صورة مع مرتك..
وعقبه هج لبيتك... سكر البيان وقفل تلفونك.. واطلع بكرة للمطار قبل موعد رحلتك..
اسمع شوري طالبتك!!
خلك أنت ومرتك بروحكم أسبوع وإلا أسبوعين لين تعرفون على بعض بدون تدخل من حد...
نايف شعر بالصداع فعلا.. في الوقت الذي يجب أن يكون شاغله هو عروسه..
يجد له مشاغل أخرى..
يسترق النظرات نحو ارتعاشها الرقيق ويتمنى لو يقول كلمة لتهدئتها..
ولا يستطيع إلا أن يفكر بالهرب بها لوحدهما.. قبل أن يُصاب بالجنون!!
***********************************
" خلاص زفوا وضحى الحين..
وأنا وأمي بنرجع البيت الحين..
مالنا نفس في القعدة عقبها!!
أنتظرك في البيت!!"
كساب كان ينظر لرسالة كاسرة ويبتسم.. وكان على وشك القيام ليتوجه للبيت فعلا..
لولا اليد الحانية التي شدت معصمه تبعها الصوت الهادئ العميق:
وقف باروح معك... أبيك في موضوع!!
كساب تنهد بعمق (أنا قلت الله يستر من شفقتي على شوفتها!! شكلها تعسرت!!)
كساب هتف لعلي بحزم: يالله امش.. أساسا وجهك مهوب عاجبني من يوم شفتك..
وسألتك.. وقلت لي مافيه شيء.. أثر عندك علوم!!
يا الله امش.. نروح نتقهوى في أي مكان ونسولف..
كساب وهو خارج.. أرسل لكاسرة أنه سيتأخر قليلا..
بعد حوالي الساعة في أحد مقاهي سوق واقف.. كانت القهوة قد بردت تماما..
وعلى يحكي لكساب خلافه مع زوجته..
فهو بالفعل متضايق.. ويريد أن يفضفض فقط.. لأن آخر من قد يحتاج منه نصيحة زوجية هو كساب!!
كساب كان يرتعش من الغضب وهو يقاطع علي بحدة: صدق مع شينه قوات عينه.. الحين أنت مهبب لك مصيبة كبر رأسك..
وربك ستر عليك ومافضحك... تفضح روحك بروحك ليه؟؟.. تخلي الثوب عندك ليه؟؟
هذا المفروض ثوب نجس ترميه في أقرب زبالة.. مهوب تحتفظ فيه كنك مستانس فيه يا الخمام..
جزاك وأقل من جزاك..
والله ماسوته فيك بنت فاضل إنه حلال.. وإنها هي خسارة فيك..
يعني عقب ماكانت هي عقب الله سبب في تحسن صحتك ونسيان خبالك القديم
تجرحها بذا الطريقة؟؟ أخييييييه منك!!
علي صمت.. وكساب مستمر في تجريحه بقسوة.. لا يستطيع حتى أن يخبره أن جنونه القديم هي ذاتها جنونه الجديد..
يشعر أن هذا سر خاص به وحده.. وإخباره والده به وكأنه يخبر نفسه!!
لم يشتكي لوالده.. لأنه يشعر أن والده مهموم بهم لم يشعر به سواه..
هم جديد يخفيه في أعمق أعماقه..!!!
وما أكد له ذلك.. أن والده لم ينتبه لتغيره..
وهو من كان يلتقط خلجات أنفاسه قبل أن يتنفسها..
كان في حاجة إلى حدة كساب وتأنيبه وقسوته.. لأنه يريد أن يعاقب نفسه على تجريحه لشعاع .. التجريح الذي هي احتفظت به لنفسه..
ولم تتلفظ به شفتاها حتى!!
*********************************
دخل لجناحه بهدوء.. لم يتوقع أنه قد يجدها مبكرا هكذا.. وخصوصا أن الليلة حفل زواج ابنتها..
لذا كانت صدمته بوجودها... وهي تجلس على السرير..
وأمامها عشرات الصور المنشورة.... كلها لشخص واحد.... وضحى!!
لم تشعر بدخوله حتى وقف فوق رأسها وسلم..
انتفضت بحرج وهي ترد السلام.. وتحاول إخفاء دمعة خائنة فرت من عينيها!!
همس زايد بتأثر وهو يجلس جوارها: أفا عليش يامزنة... تبكين؟؟
حينها لم تستطع أن توقف سيلا رقيقا من دموع صامتة.. سكبتها وهي تستدير ناحيته لتسند رأسها لكتفه..
لم تتحدث.. ولم يقل شيئا.. احتراما لحزن مهيب..
حقها أن يشاركها أساها.. كما شاركته أساه..
لحظات من زمن مسروق مضت وهي مازالت تنثر دموعها على صمود صدره قبل أن تبتعد وهي ترفع أحد الصور وتهمس باختناق كأنها تحادث روحها:
هذي صورتها وعمرها سنة!!
وهذي يوم خلصت الابتدائي!!
وهذي يوم خذت الطالبة المثالية!!
لم تستطع أن تقاوم مزيدا من انهمار دموعها.. وهي تلقي الصور وتطوق عنقه وتبكي هذه المرة بصوت مسموع..
زايد احتضنها بتأثر عميق وهو يهمس بخفوت قريبا من أذنها:
أنتي سويتي كذا يوم عرست كاسرة؟!!
أجابته بصوت مبحوح: لا.. يوم عرست كاسرة مهاب كان حي..
موت مهاب كسر فيني شيء مهوب راضي ينجبر..
وخصوصا إن وضحى كانت دايما تظن إني ما أغليها مثل أخوانها..
ومع كذا ماعمرها اشتكت.. ساكتة وراضية..
مادرت إن لكل واحد غلاه..
وهي غلاها بزود لأنها حشاشتي.. لين الليلة ما أشوف قدامي غير بنتي الصغيرة..
أحاتيها من الدنيا وقسوتها..
زايد صمت وهو يشدها أكثر إلى حضنه.. واختناق متزايد يكتم على أنفاسه..
كان يؤجل الحديث في موضوعه حتى زواج وضحى..
لكنه يرى الليلة غير مناسبة إطلاقا..
فهي بحاجته الليلة أكثر من حاجته لها..
ولا يمكن أن يدير وجهه لها!!
****************************************
مضى لهما دقائق منذ وصلا لغرفتهما...
صامتان.. متوتران.. متوجسان على ذات المستوى من الحدة والتكاثف..
نايف يسترق النظرات لها.. ويريد أن ينهض ليجلس جوارها فيجد أن قدميه لا تحملانه!!
وهي يتزايد اختناقها كلما تزايد صمته... تخشى أن كل تعبها لتبدو طلتها مبهرة أمامه ذهبت أدراج الرياح..
لأنه لم ينطق بكلمة واحدة إطلاقا منذ رأته...
" الظاهر إني ماعجبته.. أو مصدوم في شكلي..
ويقول وش ذا الخبلة على ذا اللبس اللي كنه لبس المهرجين؟؟
وبعدين وين جرأته وهو مرسل لي يبي يكلمني..
وحتى كلمة أشلونش ماقالها لي لين الحين !! "
هو يشعر بتوتر متزايد.. لانه يخشى من ردة فعلها..
قد يكون فعلا لم يعد غاضبا منها من أجل ماحدث بينهما سابقا حين أخبرت تميم..
ولكن الموقف كشف له حدة شخصيتها وأن ردود فعلها قد تكون محرجة له..
يخشى أن يقترب منها فتصرخ..
يقول لها كلمة غزل ما.. كما يُفترض فتسخر منه!!
ولكن خجلها البادي بشكل واضح جعله يتشجع قليلا ليقوم بالمبادرة..
وهو يقف ليلقي بشته جانبا...
ثم يقترب منها ليجلس جوارها على الأريكة التي كانت تجلس عليها وفستانها الضخم منتشر عليها..
لدرجة أنه جلس على طرف الفستان.. وهو يهمس بترحيب دافئ:
نورتي بيتش!!!
لم تستطع أن ترد والكلمات تقف في حنجرتها كما لو كانت تقف على مشانق تنتظر لحظة الخلاص الأخير..
تشجع أكثر ليهمس بذات الدفء: قلنا نورتي بيتش.. عبرينا بنص كلمة..
لم يصدر عنها سوى حشرجة خافتة لا تكوّن أي معنى..
همس حينها بإبتسامة: لا يكون شكلي يروع بس؟؟ وإلا صوتي...
لأنش منتي براضية تطلين في وجهي.. ولا حتى تردين علي!!
مازالت معتصمة بالصمت.. ليتشجع أكثر وأكثر وهو يمد يده ليلمس بعض الأزهار الصغيرة المتشابكة على عضدها:
تدرين إن فستانش خيال.. واعتبري هذي شهادة من واحد خبير..
عاش طول عمره بين بنات.. وعقبه 7 سنين في باريس.. الناس هناك يتنفسون موضة..
وضحى ابتعدت عنه بجزع ودقات قلبها تتصاعد وهو يمنحها أخيرا الغزل الذي تمنت سماعه..
ومع ذلك تمنت ألا يقوله!!
نايف كلما رأها تزداد خجلا.. ازداد تشجعا.. لأنه كان بذلك يكتشف أنها محض صبية خجولة.. لا تختلف عن أي صبية أخرى!!
مد يده مرة اخرى ولكن هذه المرة إلى وجهها وهو يلمس ذقنها بنعومة ليدير وجهها ناحيته ويهمس بدفء:
زين خليني أشوف وجهش!!
وضحى كان بودها أن تهرب من المكان كاملا.. لكنها شعرت أنها بذلك ستبدو متصلبة... وغير متقبلة له..
وهي من كانت تخشى ألا يتقبلها.. فإذا به يفاجئها بهذا الفيض من الدفء..
كانت عيناها مثبتتان للأسفل.. لذا عاود مد يده ليرفع وجهها..
ولم تعد يده لمكانها هذه المرة.. بل مررها برفق على تفاصيل وجهها برقة مقصودة..
شعرت وضحى حينها أن وجهها يشتعل.. وهو شعر بالفعل بدفء وجهها لأن الدم تدافع بعنف إلى وجهها ..
همس حينها بحنان رجولي فخم: ترا أنا حاس فيش أشلون مستحية.. وما أبي أزودها عليش..
قومي الحين بدلي وتوضي وخلينا نصلي ركعتين أول..
يشرح ربي صدر كل واحد منا للثاني ويبارك لنا في ليلتنا..
#أنفاس_قطر#
.
.
.
.
|