كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
بين الأمس واليوم/ الجزء السابع والسبعون
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياحياكم الله.. كاشخين متجهزين؟؟؟.. يالله نفتح القاعة!!
.
(بنات والله العظيم لي أكثر من ساعة أحاول أدخل المنتدى
ثم أحاول أنزل لو حرف يشوتني المنتدى برا من الضغط
سامحوني على التأخير.. غصبا عني والله العظيم
ماشاء الله ضيقتوا القاعة.. ماخليتوا لي مدخل أدخل :)...
شكله بيشيب رأسي قبل ما أقدر أحط البارت
قربت أبكي من التعب والقهر والله العظيم
بس مع ذا كله ..الله لا يخليني منكم ولا من لمتكم الحلوة)
.
.
فيه بنات يقولون يمكن شكل علي تغير وشعاع ماتعرفه
نبضات قلبي لاحظوا إنه كساب قال لعلي إن وزنك رجع مثل أول ووضعك زين دامك في المستشفى..
وأنا قصدت تمام ذا الحوار عشان تعرفون إن علي شكله ماتغير!!
عاد أنتوا تخيلوا الباقي بكيفكم :)
.
.
وفيه من نبضات القلب اللي قالت إن نايف يمكن يكون المحقق اللي حقق مع وضحى
عمر نايف الحين 26 وصار له فرنسا أكثر من سبع سنوات يدرس
وين يكون المحقق اللي حقق مع وضحى وهو في فرنسا وعمره وقتها 20 سنة
لكن هم يقولون له وكيل نيابة على اعتبار وظيفته اللي بيستلمها !!
.
بنات.. الزوجين كل ما كان بينهم شفافية كانت علاقتهم أكثر شفافية ودفء
مهما كان الحب كبير لكن بدون شفافية ومصارحة.. ماراح يروح مكان..
عشان كذا كانت الشفافية من أسباب عودة عالية وعبدالرحمن..
وانعدامها سبب طول الزعل بين كساب وكاسرة..
.
.
هل خليفة سيعود لجميلة؟؟
هناك أشياء نتمناها.. لكن هل هي ستحدث تجديد في القصة؟؟
جميلة لم تعرف قيمة خليفة.. فهل الحياة دائما ستمنحنا فرصة أخرى؟؟
خليفة إن كان سيعود للأحداث.. فهو سيعود بشكل غير متوقع أبدا!!
.
.
هل القصة سنتنهي قريبا؟؟
أم بعد الامتحانات؟؟
أقول للبنات اللي يمتحنون خذوا إجازة منا وادرسوا وبترجعون وتلقونا ننتظركم..
.
.
.
الجزء 77
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء السابع والسبعون
" يبه فديتك روح للبيت"
زايد يبتسم بحنو: مثل ما شاركتني آخر ليلة في العزوبية.. لازم أشاركك..
حزن عميق يخترم روح هذا الشاب هذه الليلة.. غدا سيحكم على روحه بأسر جديد..
ألا يكفي إحساسه بالذنب لمشاعره لحبيبته المجهولة حتى يتزايد إحساسه حين يرى زوجته التي لا ذنب لها أمامه..
والمشكلة أنه عاجز حتى عن مجرد فكرة تقبل هذه الزوجة..
كيف يتقبلها وكل ذرة في كيانه هي لامرأة أخرى؟؟
حاول أن يهمس بابتسامة: بس ليلتك كانت غير يبه.. أنت كنت تنتظر حلمك سنين..
بس أنا الله يعين ما أدري أشلون بيكون إحساسي حتى..
خايف أجرح بنت الناس وأنا ما أقصد..
زايد ربت على فخذه وهو يهمس بحزم:
ما ينخاف عليك يا أبيك..
بس الحين فيه سالفة مهمة أبي أقولها لك يا أبيك!!
بدأ زايد يخبر عليا بما قاله له الطبيب الغاضب حين أعطاه زايد بطاقة حضور حفل زفاف علي قبل يومين..
بينما كان وجه علي يحتقن شيئا فشيئا..
وحينما انتهى زايد من الحديث.. انفجر علي بغضب وهو يقفز واقفا:
أنا وجهي في وجه الدكتور كل يوم.. ليش كلام مثل هذا يقوله لك وما يقوله لي.. كلام مثل هذا خاص فيني بروحي!!
زايد بعتب: علي يأبيك وش أنا وش أنت؟؟
الدكتور ارتاع يوم عزمته على عرسك وقال لي وضعك الصحي ما يسمح لك
وإن هذا كان استعجال منا..
وكان يبي يتكلم معك بس أنا قلت له خلاص بأقول لك..
علي ألقى بنفسه جالسا على المقعد مرة أخرى.. لشدة الهم الملقى على كاهله..
هل يوجد امتهان للمشاعر والأدمية أكثر من هذا..؟؟
تفاصيله الحميمة والخاصة يتناقشون بها كعارض طبي..؟؟
امرأة لا يريد حتى مجرد النظر لوجهها.. ولكنها تبقى زوجته.. وعلاقته بها خاصة بهما وحدهما..
فكيف تقبل على رجولتك أن يأتيك طرف ثالث مهما كان قربه من روحك ويقول لك لا تقترب من زوجتك حتى تتحسن صحتك
لأن وضعك الصحي المتردي داخليا لن يحتمل!!
أي امتهان ومساس بالكرامة هذا!!
وكل هذا بسببها.. بسببها هي!! هــي !! تلك الغائبة الآسرة !!
ليس غبيا ليدرك رغم تماسكه الظاهري أن قلبه وكبده خصوصا يعانيان من ضعف شديد لذا كان إصرار والده على السفر!!
يعتبر أن هذا كله ليس أكثر من ابتلاء من رب العالمين له.. ويؤمن أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه..
ولكن هناك طرف ثالث لا ذنب له فعلا.. زوجته لا ذنب لها لتعاني معه من جنونه ويأسه وعشقه..
ربما كان يحاول أن يجاري الجميع في قضية زواجه.. وهو يحاول أن يضع والده كمثال له.. فوالده كان رجلا عاشقا ولكنه استطاع الزواج أخرى وعاش سعيدا معها..
فألا يستطيع أن يكون مثل والده؟؟
ألا يستطيع؟؟
لا.. لا يستطيع.. هذا ماهو يشعر به..
فكل يوم يمر.. يشعر أن سيطرة تلك الغائبة المجهولة تزداد على روحه.. ماعاد حتى يستطيع إزاحتها من ذاكرته ولا لثانية واحدة..
أصبحت حياته كما لو كانت تعيش على اجترار ذكراها الوحيدة الأسطورية..
ملمسها.. ملامحها.. رائحتها.. صوتها.. شذى روحها.. كل ذلك حُفر في روحه بمنجل غائر حتى أقصى وأعمق مسافة..
تتعاظم في روحه أحاسيس العشق.. والغيرة والقهر.. واليأس والندم ..
العشق لكل مافيها..لكل تفصيل صغير من تفاصيلها المحفورة في قلبه وعقله..
والغيرة لأنها لسواه.. الغيرة تنهش روحه بطريقة دموية تقتله شيئا فشيئا..
في أكثر الليالي يقفز من نومه جزعا لأنه يتخيل يد رجل مجهول تمتد إلى حسنها لينهل منه..
فيشعر حينها أن القهر يتزايد في روحه ويتزايد وهو عاجز عن التصرف بأي شيء!!
واليأس لأنه يعلم أنها لم ولن تكون له يوما.. فهذا العشق لا أمل له يوما بالقرب الذي هو دواء العاشق..
والندم لأنه يعلم أنه تعدى على حرمات غيره والذنب ينهش روحه خوفا وجزعا من العقاب رغم كثرة استغفاره وإبداءه الندم..
وما يؤلمه أكثر من أي شيء.. أنه رغم كثرة استغفاره فهو لا يستطيع نزعها من كيانه.. بل كل دقيقة تمر يزيد انغراسها في روحه!!
فهل يكون الله عز وجل غاضبا عليه فعلا ويريد معاقبته بها؟؟
*************************************
" جننوني وضحى وسميرة يبون يجون ويصحونها
أقول لهم تجون حياكم الله.. بس تصحونها لا
يقولون حن جايين نبي نسهر معها..
أقول لهم هذي منتهية تعب.. مهوب راضين يفهمون"
كانت هذه جملة جوزاء المرحة لعالية وهي مشغولة بترتيب أغراض شعاع وتكمل باهتمام:
تروحين معي بكرة الصبح الأوتيل نرتب جناح العرسان ونودي أغراض شعاع..
مزون بعد بتجي تجيب أغراض أخيها!!
عالية بحماس رقيق: نروح ليش لأ.. حلوة أجواء حوسة العرس وإن الواحد يكون عنده عروس في البيت ويدبك لها ومشغول معها..
أنا أخواني كلهم شباب ماجربت ذا الحوسة..
حتى أنا حنيتوني غصبا عني.. مع إني ما أحب الحنا..
حينها لم تستطع جوزاء إخفاء تأثرها: كان المفروض إن حن اللي رتبنا لش وانشغلنا معش وحسسناش بأجواء العرس..
مهما كانت عالية تدعي أن هذه شكليات لا تهمها..
فهي مهما كان شابة كانت تنتظر هذه الليلة وترسم لها مخططات طويلة من التجهيز والاستعداد..
وخصوصا وهي ترى هذه الاستعدادات أمام عينيها بينما هي حُرمت منها
ومع ذلك همست لجوزاء بمرح مصطنع: يا بنت الحلال الله رحمني.. يدري إني مالي بال على ذا كله..
جوزاء حينها كانت تعبث بهاتفها كما لو كانت ترسل رسالة ما وهي تهمس لعالية بمودة صافية: الله يعطيش على قد نيتش.. ويسخر عبدالرحمن لش..
قولي آمين..
ابتسمت عالية: والله يرزقش أنتي وعبدالله بولد وإلا بنوتة وأنتي بصحة وسلامة
على قد ما تعبتي مع شعاع وهلكتي نفسش..
**********************************
" كاسرة أشفيش تونين؟؟"
كاسرة تعتدل بصعوبة وهي تلتفت لكساب الذي تمدد جوارها للتو وتهمس بألم:
ظهري ذابحني.. اليوم كنت أساعد مزون في ترتيب أغراض علي..
وشلت شنظة ثقيلة وحسيت إنه فيه شيء في ظهري انعقد..
كساب حينها هتف بغضب حقيقي: ليه من قلة الخدامات في البيت عشان تشيلين الشنطة بروحش..؟؟
كان دعيتوتهم وخليتهم يتساعدون على الأغراض.. والشنطة اللي شلتيها بروحش كان شالوها ثنتين منهم..
كاسرة بضيق نابع من ألمها: كساب واللي يخليك.. اللي فيني مكفيني..
بكرة عرس أخيك وبنت عمتي ومن الصبح بأكون مشغولة.. ما أدري حتى متى بألحق أروح المستشفى..
كساب شد له نفسا عميقا حتى لا ينفجر فيها وهو يهتف لها بأمر: وين ظهرش يوجعش.. خلني أحاول فيه..
كاسرة بجزع: لا كساب تكفى.. تبي تقرطبه.. تقوم وتكسره..
كساب بأمر أكثر حزما: والله ما أقرطبه.. بس وريني ( يقرطب= يطرقع فقرات الظهر أو الأصابع بصوت مسموع)
كاسرة أشارت له أين الألم حتى تسكته وهي تهمس له برجاء مخلوط بحزمها:
كساب يا ويلك توجعني..
كساب تحسس ظهرها بدقة حيث أشارت حتى وصل إلى مكان معين ثم همس بإبتسامة:
هذي هي..
ضغط المنطقة المعقودة ضغطة بسيطة جدا فانحلت.. كاسرة شهقت وهي تعتدل وتهمس بدهشة: وش سويت؟؟ ظهري كأنه ما كان فيه أي شيء!!
ابتسم وهو يجيبها ببساطة: فكيت العضلة اللي انعقدت يوم شلتي الشنطة..
كاسرة بدهشة أشد: ووين تعلمت ذا الشيء بعد؟؟
كاسرة كان بودها أنها لم تسأل.. لأنها تعلم أنه لا جواب لسؤالها..
لذا تفاجأت أنه أجابها ببساطة غريبة: تعلمتها من ربع السجن الله لا يذكرهم بالخير ولا يرد أيامهم.. كانت ظهورنا تتعقد من النومة على البلاط..
فالصبح إذا طلعنا للساحة.. فيه واحد تايلندي كان سكنيّ.. علمني أشلون أفكها.. وأنا أشوف وش يسوي للمساجين..
كاسرة مازالت غير مستوعبة لما قاله.. فهي لم تعلم أنه قد سُجن إلا في حادثة قتل العامل قبل زواجهما وحتى تلك الحادثة لم يدخل السجن حتى..
مع ذلك أجابته باستنكار: كذاب.. السجن عندنا مايخلونهم ينامون على البلاط.. ينامون على سراير ..
اجابها بذات البساطة الغريبة: ومن قال لش انسجنت هنا.. انسجنت هناك في أمريكا..
مازالت عاجزة عن الاستيعاب: متى؟؟ متى؟؟
أجابها بذات النبرة الواثقة البسيطة: بعد تخرجي من الماجستير على طول..
كاسرة حينها كما لو كانت ضُربت على رأسها وهي تهمس بصدمة حقيقية: الخمس شهور اللي قلت إنك كنت فيها في رحلة تخييم فوق الجبال؟؟
أجابها بشبح ابتسامة: شاطرة!!
لا يعلم لماذا أخبرها بشيء لا يعلمه أحد.. ربما أراد أن يوصل لها رسالة.. لا يعلم هل وصلتها ام لا..
ولكنها لم تكتفِ بما قاله.. لأول مرة تشعر به يشاركها هكذا سر لا يعرف به احد..
شعور غريب كان يجتاح كيانها وهي تسأله بإصرار:
زين ليش انسجنت؟؟ وش سويت؟؟
أجابة حينها بحزم: ماسويت شيء أبد..
سألته بذات الإصرار: يعني انسجنت ظلم..؟؟
أجابها بذات الحزم: ولا انسجنت ظلم..
كاسرة تشعر بالتشوش: دامك ماسويت شي.. ولا انسجنت ظلم.. فليش دخلت السجن؟؟
أجابها حينها بحزم أشد: السبب مالش دخل فيه.. يكفيش إني قلت لش شيء ماحد يدري فيه ابد..
أجابته بغضب: لا.. لي دخل.. لا تقول لي نص السالفة وتسكت على نصها..
ما كان قلتها من أساسها..
حينها أجابها بتلاعب خبيث حتى يلهيها عن السؤال:
يعني ذا اللفة كلها عشان ما تعطين الدكتور اللي عالج ظهرش أتعابه..؟؟
كاسرة قفزت وهي تهمس بغضب حقيقي:
كساب لا تسخف الموضوع.. ليش يوم تقربني منك وتقول لي شيء...
ترجع تبعدني في نفس اللحظة.. هذي مهيب حياة.. حرام عليك..
معيشني في فيلم غامض ما أعرف شيء عنه!!
حينها وقف ليجابهها واقفا وهو يهتف بحزم غاضب: وليش ما تقولين إنش ما تشوفين أبعد من خشمش.. وتفكيرش محدود.. وتموتين في النكد؟؟
كاسرة تناولت روبها الموضوع على طرف السرير وهي تهمس بحزمها الغاضب:
القعدة معك تقصر العمر.. بأروح أرقد في الصالة أحسن لي..
ولكنه شدها ليثبتها في مكانها..
غاضب بالفعل.. رغم خطورة ماقاله لها ومع ذلك لم تكتفِ.. لم تنظر لما قاله لها وأهميته.. بل نظرت إلى مالم يقوله..
"يا الله.. متى ستفهمه هذه المخلوقة الغبية؟؟ " لذا هتف بغضبه المتفجر:
أنا أبي أعرف النكد يمشي في عروقش بدل الدم...؟؟
منتي برايحة مكان وبترقدين جنبي وفي حضني.. برضاش وإلا غصبا عنش..
******************************************
" هلا حبيبي مهوب كنك تأخرت شوي!!"
عبدالرحمن يحرك مقعده للداخل وهو يبتسم: بلى تأخرت بس كان عندي مشوار ضروري..
عالية بفضول: مشوار شنو؟؟
عبدالرحمن بمودة صافية: أخذي الكيس المعلق في مقبض الكرسي وتدرين..
عبدالرحمن منذ جاءت عالية لبيته وإحساسه بالذنب الرقيق يتزايد.. لا يستطيع أن يتناسى مطلقا أنه بأنانيته حرمها من حقها بالفرح كعروس..
وخصوصا وهو يرى الأيام الماضية كيف يقف البيت على قدم واحدة استعدادا لزواج شعاع..
أ لم تكن عالية تستحق استعدادا كهذا وهي وحيدة والديها المدللة؟؟!!
وماكان ينقصه لاكتمال احساسه بالذنب هو رسالة جوزا الليلة وهي توصيه أن يحاول التخفيف عن عالية لأنها حتى لو أخفت تأثرها.. فهي متأثرة وبشدة!!
يعلم أن الهدية مهما كانت ثمينة لن تكون تعويضا لها.. فالهدية أمر مستحق لها ولن تعوض النقص الذي حصل..
ولكن ماذا يفعل؟؟ ليس بيده شيء آخر!!
عالية ابتسمت بشقاوة وهي تستخرج العلبة المغلفة: هذي لي؟؟
ابتسم عبدالرحمن بحنان: لا حق حبيب قلبش اللي في جنوب أفريقيا..
افتحيها وشوفي لو ذوقي بيعجبه..
عالية شدت مقعد عبدالرحمن حتى قربته من من مقعدها ثم جلست وهي تفض غلاف الهدية حين فتحتها.. همست بتأثر:
تجنن ياقلبي.. بس واجد كلفت على نفسك..
شكلها أغلى حتى شبكتي بواجد..
ابتسم بذات الحنان: شبكتش مابعدني أعرفش..
بس الحين كل ماشفت شيء في المحل قلت والله مهوب قدرها عندي..
ولو علي كان جبت لش المحل كله..
بس هذا اللي قدرت عليه الميزانية..
عشان تلبسينه بكرة في عرس شعاع..
عالية وضعت الطقم الماسي الثمين جانبا ثم وقفت لتقبل رأسه بتأثر وهي تهمس بذات التاثر: الله يكبر قدرك ولا يحرمني منك.. قول آمين..
عبدالرحمن شدها ليجلسها على قدميه وهو يطوق خصرها ويهمس بولع حقيقي مغلف بندم شفاف:
خليني أمشي والله يمن علي.. والله لأعوضش عن اللي سويته فيش وأنا أجيبش هنا بدون عرس ..
عالية حينها طوقت عنقه ودفنت وجهه تحت أذنه وهي تهمس بدفء:
عبدالرحمن الله يهداك اشفيك واجد متحسس من ذا الموضوع..
ماراح أكذب وأقول أني ما تمنيت عرس مثل باقي البنات..
بس والله العظيم وهذا أنا حلفت.. لو خيروني بينك وبين ألف عرس..
إنك كفتك اللي ترجح بدون مقارنة..
***************************************
" عبدالله حبيبي تعبانة.. أبي أنام!!"
عبدالله بخفوت دافئ: بس كلميني عشر دقايق ياقلبي..
أشلون يجيني نوم وأنا حتى ماسمعت صوتش..
مهوب كفاية إنش من البارحة بايتة عند هلش ومخليتني..
حينها ابتسمت بشغف رغم إحساسها بالنعاس وهي تعدل المخدة تحت رأسها:
يا النصاب أنت ما تنسى حركات النصب لو مهما صار..
عبدالله ابتسم: إيه.. على قولت أخواننا المصريين.. اللي إيدو في المية مش زي اللي أيدو في النار..
وش عليش نايمة عند هلش ومبسوطة وأنا قاعد بريحاتي أعد الوردات اللي في جبس السقف..
جوزاء ضحكت برقة: صدق نصاب..
عبدالله بولع: دام أبو حسن سمع ضحكتش.. تراه راح في خرايطها .. وماعاده بممسي الليلة..
جوزاء بولع أعمق: جعل أم حسن ماتذوق حزن أبو حسن وعمره طويل لها ولعياله..
عبدالله برجاء رجولي دافئ: زين وشرايش أمرش الصبح نطلع نتقهوى سوا؟؟
جوزاء برفض مرهق: لا ياقلبي والله ماعندي وقت..
عبدالله بتأفف: حرام عليش يالظالمة يومين ما شفتش..
جوزاء برقة: خلاص بكرة في الليل راجعة لا تسوي فيها ذايب وأنت من جنبها..
عبدالله يضحك: أنا من جنبها.. زين.. بكرة أول مايزفون المعرس ترا بأجي أخذش..
خلاص لا زفوا أختش مالش في العرس عازة..
*********************************************
" أم زايد الله يهداش.. حولتيني اقعدي"
ضحكت عفراء برقة: حبيبي أنا كذا لاصار وراي شيء مهم ما أقدر أقعد..
وهذا مهوب أي شيء.. هذا عرس علي فديت قلبه..
منصور يتمدد بشكل جانبي وهو يستند على كفه ويقبل زايد الصغير اللذي مدده جواره على السرير وهو يهتف بفخامة حميمة:
زين أنا وش ذنبي؟؟ اقعدي خليني أشبع من شوفة وجهش شوي..
أنا شكلي أتبرا من عيال أخي كلهم أحسن..
شايلة همهم من قلب..
عفراء تجلس خلفه وهي تهمس برقة: يمه منك.. هذا أنا جيت.. ما يوكل عشاك لا تخاف على روحك..
منصور حينها وضع عاد للوراء وهو يتمدد على ظهره ويضع رأسه على فخذها ويبتسم:
يخسى اللي يأكل عشاي.. مابعد جابته أمه ( ما يوكل عشاه= كناية عن الرجل الذي لا يُداس له على طرف)
والحين أنتي رايحة جاية وعرس علي بكرة ليش؟؟
عفراء تمسح على شعره وتهمس برقة: ما أدري.. مشتطة ياقلب خالته..
يا سبحان الله كنت دايم أقول من اللي تستاهل علي وكفو له..
وياسبحان الله الطيبون للطيبات.. مرته مهما أقول رقيقة وطيبة ما أوفي..
منصور يبتسم: فلت مني الهيس.. لو أنه ماخذ بنت فاضل وإلا كان خليته يأخذ جميلة..
عفراء باستنكار: لا حرام عليك.. أنا أصلا ما أرضاها لعلي.. حتى لو كنت أشوف إنه مافيه أحسن منه لبنتي!!
بس جميلة آجعته واجد يوم رفضته.. نروح نغصبه عليها..
حينها أجاب منصور بغموض خيرة من الله: جميلة كلها كم يوم وتخلص عدتها وربي يرسل لها اللي أحسن منه..
عفراء بضيق: ياربي يامنصور أنت ليش مصمم على ذا الموضوع.. قلت لك ما أبي بنتي تعرس..
حينها هتف منصور بغضب: إلا بتعرس وتعرس.. وإلا تبينها تقعد على أطلال اللي باعها برخيص..
تدرين إن الشيخ عرسه كان قبل كم يوم.. اقعدي ابكي عليه.. وخلي جميلة تبكي معش..
عفراء بصدمة: عرسه قبل كم يوم؟؟
ثم أردفت بعصبية: خلاص الله يوفقه.. رجال وتملك وما عقب الملكة إلا العرس
بس هذا ما يغير من أنه بنتي ما تبي العرس وتبي تكمل دراستها وبس..
منصور اعتدل جالسا وهو يهتف بحزم: وأنا أقول إنها بتعرس..
لأن الرجّال اللي ابيه لها وش يدريني يقعد ينتظر.. ماعاده بصغير في السن.... وأنا مستحيل أخليه يضيع من يد بنتي!!
****************************************
" أي واحد أحلى؟؟ هذا وإلا هذا؟؟ "
تميم يشير لسميرة بإبتسامة مرهقة: حرام عليش حبيبتي دوختني..
أنتي أساسا موب مسوية لعرس شعاع فستان ليه ما تلبسينه وخلاص..
سميرة بتأفف: يعني هذا كله عاجز تعبر لي عن رأيك..
ابتسم تميم: ماصار رأي.. صار قضية الشرق الأوسط..
ابتسمت سميرة وهي تعيد الفستانين لداخل الدولاب.. مازالت تعترف أنها حتى بعد تواصلها الحميم مع تميم مازالت تعاني أنها لابد أن تفرغ يديها الأثنتين حتى تستطيع أن تشير..
كأبسط موقف.. الذي حدث قبل قليل.. لا تستطيع أن تحمل الفساتين بيديها وتسأله أيهما أفضل.. بل لابد أن تعلقها أولا حتى تستطيع أن تتحاور معه..
ومغ ذلك هاهي تحاول جاهدة ألا تجعل ذلك عقبة بينهما..
لذلك وحتى تعاقب نفسها على مجرد التفكير بهكذا تفكير..
أخرجت كل فساتينها وهي تعرضها أمام تميم.. حتى تعتاد أنها لابد أن تفرغ يديها كلما تحاورت معه.. وأن تراه أمرا تلقائيا لا يدعو للضيق..
ولكن مع شخصية كثيرة الكلام كما هي ترى نفسها.. يبدو الأمر أصعب بكثير..!! وسيحتاج لكثير من الجهد منها!!
************************************
" يعني ما أشوفش استئذنتيني تروحين للعرس
لا تكونين ناوية تروحين بدون استئذان!!"
نجلاء تبتسم بإرهاق وهي تعدل المخدة وراء ظهرها: إلا أفكر ما أروح من أساسه.. تعبانة واجد حبيبي..
صالح بعتب: مايصير يا قلبي هذولا جماعتنا عدا إنه بيننا وبينهم نسب..
العروس أخت مرت عبدالله ورجّال عالية..
نجلاء بذات النبرة المرهقة: أدري حبيبي بس الليلة من كثر ما أنا تعبانة حاسة مالي خلق شيء..
يمكن بكرة نفسيتي أحسن.. تلاقيني متزكرته ومرتزة وأقول لك ودني..
صالح بقلق: يا بنت الحلال توش على التعب.. توش في السابع..
نجلاء بابتسامتها المرهقة: ثقيلة يا قلبي ذا الحمل.. مع إني أوله ما حسيت فيه..
ابتسم صالح: بنتي ما تجي بالساهل.. بنتي كايدة !!
نجلاء تضحك: وأنت ليش ملزم إنها بنت ...؟؟
صالح يضحك: أنا أدري إنه من النذالة اللي فيش ماتبين تسألين الدكتورة عشان تحرقين أعصابي... بس أنا حاسس إنها بنت..
ميت أبي بنت... حتى خوات ما كان عندي إلا عالية.. لا ولابسة ثوب ولد على طول وهي صغيرة..
خاطري أشوف شعور مربطة وفساتين وألوان وردية!! جفاف وتقشف عندنا في ذا العايلة.. عساكر وجباوة !! لاعت كبدي!
نجلاء بخبث: ولو جبت ولد..
صالح يهز كتفيه بمرح: عادي نعطيه عبدالله ونأخذ بنتهم اللي بيجيبونها..
نجلاء تضحك برقة: وأنت وشدراك إن عبدالله بيجي ليه بنت؟؟
صالح بإبتسامة: تحلمت إنه بيجيب بنت وكم مرة..
نجلاء تبتسم: زين فالح تحلم لعبدالله.. وماحلمت لروحك..
صالح يمد كفه ليمسح على بطنها بحنو ويهتف بإبتسامة:
من كثر شفقتي على بنتي ما قدرت أحلم فيها!!
***********************************
اليوم التالي
.
.
.
" وش فيش يأبيش قاعدة ذا الحزة؟؟"
شعاع التي كانت تجلس في الصالة وهي تجلس على الأريكة وتضم ساقيها لصدرها..
انتفضت بخفة وهو تلتفت لوالدها..
لا تعلم كيف قفزت العبرات لتزدحم في حنجرتها وهي تراه أمامها وماء الوضوء مازال يتقاطر من لحيته..
همست باختناق خجول: راقدة البارحة بدري وشبعت رقاد.. وتوني قمت وقلت بأنتظر آذان الفجر..
أنت اللي أشفيك نازل قبل الآذان حتى؟؟
أبو عبدالرحمن حينها همس بحزم مخلوط بالحنان وهو يجلس جوارها: أنا ماجاني رقاد.. البيت يأبيش عقبش بيغدي عقبش كن مافيه حد بسلامة هله..
حينها استدارت شعاع لتدفن وجهها في كفه وعبراتها المكتومة تسيل مع شهقاتها الخافتة..
أبو عبدالرحمن احتضنها بحنو وهو يهمس بذات النبرة الحانية الحازمة:
يا أبيش لا تهتمين من شيء.. رجالش رجّال فيه خير..
الله الله فيه.. تراه تعبان واجد!!
شعاع لم تستطع أن تجبه بشيء وهي تشدد احتضانها لخصره.. وشهقاتها الرقيقة تتزايد وتتزايد..
بينما صمت وهو يتنهد ويشدد احتضانه لها وهو يمسح على خصلات شعرها بحنو بالغ...
********************************************
" لا زايد أنا اللي بأقول للبنت.. ماراح أقول لأم عبدالرحمن تقول لها شيء!!"
زايد بحزمه المعتاد: بس أخاف الموضوع يكون محرج لش.. وأنا ما أبي أحرجش..
كفاية الحرج لا قلتي لأم عبدالرحمن أشلون لا قلتيه للبنت"
مزنة بمنطقية: صحيح السالفة محرجة شوي.. بس شعاع مثل بنتي..
والأحسن إني أقول لها بدون وسيط... لأن السالفة ذي كل ما قلوا اللي يعرفون بها كان أحسن..
يعني كفاية أنت وعلي وأنا وشعاع..
الموضوع فيه حرج كبير لعلي وأنا ما أبي عمته تشيل في خاطرها من أولها..
ابتسم زايد: الله يكملش بعقلش..
أنا أدري إن علي بيزعل لو درا أني وصلت الكلام للبنت..
بس أنا ما أبي البنت تتضايق يوم تشوفه كاش منها وإلا مايقرب ناحيتها!!
وهي خذته وهي عارفة أساسا إنه مريض!!
مزنة بمودة: لا تحاتي يا أبو كساب.. أنا بأوصيها ما تبين له شيء..
زايد يتناول كفها ويفتح باطنها ليقبلها قبلة واحدة دافئة شديدة العمق وهو يهمس بامتنان عميق مغلف بنبرته الواثقة:
ما أدري أشلون كنت باتصرف في الموضوع من غيرش..
مستحيل كان أقول لبنتي او عفرا مثل ذا الكلام..
وأنا واجد مهتم من موضوع علي وما أبي شيء يضايقه.. كفاية اللي فيه!!
*************************************
" وأخيرا شفت الشارع.. آخر مرة شفته قبل أسبوعين.. ليلة عرس إبي"
كساب يبتسم: اصطلب وصر رجّال.. وشوف الشارع على كيف كيفك..
ابتسم علي: يا ثقل طينتك يا ولد إبي.. تراني الليلة عريس.. يعني عاملني معاملة سبيشل.. ماعندك إلا كلامك اللي يسم..
الله يعين بنت ناصر عليك..
كساب يبتسم: أنا والله (مثل العومة ماكولة ومذمومة)... الله يعيني عليك أنت وبنت ناصر..
الحين أنا الصبح وصلتها هي ومزون للفندق.. والحين جاي أخذك أوديك لحلاق..
وعادك تبي تحاسبني على الحكي !!
علي مازال يبتسم ابتسامته الشفافة التي تغلف كثيرا من الأسى:
أنت كم جناح حجزت؟؟
كساب بثقة: أربعة.. واحد لك واحد للعروس وأهلها.. واحد للبنات يتعدلون فيه.. والرابع للعرسان.. عشان ماحد يفتح جناحكم لين الزفة..
علي تنهد: قلت لمزون إني ما أبي أنزل للكوشة اللي تحت..؟؟
كساب بعملية: قلت لها.. فهي تقول إنهم سووا لكم كوشة بسيطة في جناحكم عشان التصوير..
ثم أردف وهو يبتسم: مع أني أدعي ربي تسوي فيك مثل ما سوت مرتي فيني..
تقول مهيب طالعة لين أنت تجي وتطلعها!! عشان أتشمت فيك مثل ما تشمت فيني تيك الليلة..
حينها أجابه علي بإبتسامة مرهقة: مرتك ماشاء الله رأسها يابس.. مثلك..
لكن أنا واحد رايق.. ويقولون مرتي مثلي..
يعني كل واحد ربي يعطيه اللي مثله!!
وبعدين أنت وضعك كان غير..
أنا لو عليّ.. والله ودي ما أكسر بخاطرها في شيء..
بس لا نفسيتي ولا وضعي يساعدون..
*********************************
" مرت خالش سابقا وش فيها تزن في أذن شعاع؟؟"
جوزا بتلقائية: يمكن توصيها.. خالتي مزنة نعتبرها أمنا الثانية!!
ابتسمت عالية (بعيارة): أكيد لازم توصيها.. ولد رجّالها!!
ابتسمت جوزاء وهي تنظر لشكلها في المرآة.. فستانها الشيفون البحري المتسع قليلا من عند بطنها التي بدأت تبرز وهي تهمس بابتسامتها:
يا السكنية حرام عليش.. رجّالها يستاهل من يوصي عليه.. صبي تعبان..
عالية المتأنقة بخصوصية راقية في فستان فضي ضيق جديد اشترته للتو كانت تضحك: زين ليه ما وصيتيني على الدحمي؟؟
جوزاء تنظر لها من الأسفل للأعلى وهي تهمس بخبث باسم:
ما تحتاجين وصاة..
إلا إذا تبين أقول لش خفي شوي من اهتمامش فيه.. خنقتيه!!
عالية تكبر في وجهها بطريقة تمثيلية مرحة: الله أكبر عليش.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
والله لو فيه وحدة بيوصونها تخف اهتمامها برجالها تكون أنتي!!
اللي لو صار قاعد معش في الجلسة ما تقدرين تشيلين عينش من عليه.. تخافين تفوتش منه نظرة ولا كلمة..
جوزا تقرصها في فخذها وهي تهمس بمرح: يمه منش يا اللي ما تستحين.. حشا مهيب عيون... مشغلة أبراج مراقبة!!
.
.
في زواية الجناح..
مزنة تنتهي من حديثها مع شعاع التي كانت قد أنهت مكياجها وفرد شعرها..
وتنتظر فقط أن تلبس فستانها حتى تعمل تسريحة شعرها..
وتحمد الله أنها تضع أطنانا من البودرة والإضاءة وإلا كان احمرار وجهها ظهر صارخا متفجرا..
بينما مزنة كانت تختم حديثها بنبرة أمومية حازمة:
يأمش أدري إنه الكلام ذا ما يليق أقوله لش.. بس أنتي مثل بنتي.. وعلي مثل ولدي..
وأنا مابغيت أدخل حد في السالفة.. وعلي ترا مافيه عيب يأمش نهائي..
بس...........
شعاع قاطعتها بخجل: بس يمه تكفين.. والله أني فهمت قصدش.. والموضوع بكبره ما يهمني ولا حتى فكرت فيه..
أنا أساسا أدري إن علي مريض وماني بمنتظرة منه شيء.. تكفين يمه لا تحرجيني أكثر..
ولا تحاتين.. علي في عيوني.. وأنا معه لين يتشافى من مرضه..
مزنة تقف لتقبل جبين شعاع وهي تهمس بحنان:
الله يعطيش على قد نيتش ويجمع بينكم في خير... خلني أروح أشوف البنات خلصوا وإلا لا..
.
.
.
" يمه ليش أحس أنش ما تهضمين خالتي مزنة؟؟"
عفراء باستغراب وهي تلف زايد جيدا لتحمله: أشلون ما أهضمها..
هذا أنا قبل شوي أسولف معها عادي..
جميلة بنبرة مقصودة مع نظرتها السابرة: يمه لو دسيتي على خلق الله ما تقدرين تدسين علي..
يعني عشانها خذت رجال أختش؟؟ ترا خالتي وسمية قربت على 18 سنة من يوم توفت..
عفراء تقف وهي تهمس بحزم: ما سمعت أسخف من ذا الكلام..
هاش اخذي أخيش خلني أروح أشوف مزون خلصت وإلا لا..
عفراء غادرت غرفة النوم حيث كان زايد الصغير نائما متوجهة لصالة الجناح..
تعلم في داخلها أن جميلة محقة..
فهي مازالت غير قادرة على تقبل مزنة...لا تستطيع أن تنسى أنها كانت سببا لتعاسة أختها وحتى لو بغير قصد منها..
وما يؤلمها وآلمها.. أن مزنة مازالت حتى الآن باهرة الجمال.. وجمالها من النوع الذي يدير رؤوس أعتى الرجال..
فماذا بقي لأختها في ذاكرة زايد ومثل هذه بين يديه؟؟!
.
.
.
" يمه أنا وسميرة خلصنا ونبي نروح لشعاع.."
ابتسمت مزنة وهي تجيب وضحى: يمه منكم.. توكم كنتو عندها قبل تجيكم الكوافيرة.. ومابغيتوا تجون لين حرقتكم بالتلفونات..
روحوا الله يسهل عليكم.. واقعدوا عندها بعد لين تنزل.. ريحوني من حنتكم..
سميرة تضحك: يمه هذي ريحة عرس.. الواحد يلاقي ريحة عرس كل يوم..؟؟
كاسرة كانت من أجابت هذه المرة بإبتسامة: على شفاحتكم على العرس
تقولون مابعد عرستوا... وحدة عرست والثانية في الطريق..
وضحى وسميرة ارتدتا عبايتيهما وغادرتا... بينما كانت مزنة تلتفت لكاسرة وتهمس بحزم: يا الله يأمش تجهزي عشان ننزل.. لازم نكون في الاستقبال من بدري..
كاسرة باستعجال: خمس دقايق وأكون جاهزة!!
ثم أردفت مزنة كمن تذكرت لها شيئا: كاسرة يأمش فيزتش خلصت وإلا؟؟
كاسرة بتلقائية: خلصت بس ماراح نروح مع علي.. وكساب يقول إن سفر علي أساسا تأجل يومين
لأنه عمي زايد هو اللي بيروح مع علي!! ما رضى يخليه بروحه!!
حينها تصاعد ضيق عميق عميق في روح مزنة..
أ يقرر أن يسافر دون أن يعطيها خبرا حتى..؟؟
بالتأكيد لا مشكلة لديها مطلقا أن يسافر مع ابنه.. ولكن المشكلة أنها تعلم خبرا مثل هذا من سواه..
وهي كانت قد رأته للتو هذا الصباح حين عاد من المستشفى وطلب منها إخبار شعاع بوضع علي الصحي!!
أ لم يجد حينها الوقت أيضا ليخبرها أنه سيسافر مع ابنه؟!!!!
أو بمعنى أصح لم يجد دقيقة واحدة ليخبرها؟؟
ماذا يقصد بذلك؟؟
أنها غير ذات أهمية في حياته لدرجة أن يتجاهل إخبارها بهذا الموضوع الشديد الأهمية؟؟؟
***********************************
" يبه تبي تكسر عليّ؟؟
قاعد جنبي ولابس بشت أسود تقول أنت العريس..
عرسك قبل أسبوعين ما لبست بشت جاي تلبس الحين!!"
زايد يبتسم برزانة محترفة وهو ينظر لعلي بمودة غامرة: من جدك؟؟
أنا ملكة بس وفي مجلسي.. وأنت جاي لك أمة لا إله إلا الله.. تبيني أقعد قدامهم بدون بشت..؟؟
ثم أردف باهتمام: ترا يأبيك سفرنا عقب يومين إن شاء الله.. أنا غيرت في الجدول شوي.. عشان الدكتور اللي حن رايحين له تغيرت مواعيده..
علي حينها أجاب بنبرة أقرب لعدم اهتمام: مهوب مشكلة.. بكيفك..
ولماذا يهتم؟؟ أو حتى يشعر أو يحس؟؟
يشعر كما لو كان أشبه بأحد ممثلي الكومبارس الذين يمثلون أنهم أفراد من جيش ما في مسلسل تاريخي..
لا يمكن أن ينتبه لهم أحد ولا أهمية لهم سوى تكثير أفراد الجيش..
كل شيء يتم تقريره في حياته دون أن يعودوا له.. زواجه.. حياته.. وحتى علاقته بزوجته!!
فما الذي سيهتم له بعد؟؟
لم يكن هكذا مطلقا من قبل.. بل كان رغم هدوءه وسماحة أخلاقه حين يقرر قرارا لا يتراجع عنه..
مثلما قرر أن يسافر ليعمل في مكاتب التمثيل الخارجي ولم يستطع أحد ردعه..
لــكــــــن...
من بعدها هي... أحواله كلها تغيرت..
دخلت في حياته لمجرد دقائق حتى تقبلها رأسا على عقب!!
في أحيان كثيرة بات يظن أن ما رآه مجرد شبح أو طيف أرسله الله له ليعاقبه على ذنب لا يعلم ماهو !!
ولكنه في ذات اللحظة رغما عنه تستعيد ذاكرته المثقلة بالشجن واليأس..
ملمس ليونة جسدها ورقة عظامها وعبق رائحتها.. ليعلم أنه لا يمكن أن توجد حقيقة أقوى منها!!
تبدو كما لو كانت الحقيقة الوحيدة في حياته التي باتت ضبابية من بعدها!!
يزفر بحرارة تنهيدة بضخامة المجرة... حتى في هذه الليلة التي يجب أن يكون تفكيره محصور في امرأة واحدة هي زوجته..
لا يستطيع أن يفكر في شيء سواها.. حبيبته المجهولة!!
هي.. الحلم.. الذي يبدو أنه سيموت وهو يلهث وراءه!!
يستغفر ويكثر من الاستغفار.. لتدمي روحه أكثر..وأكثر!!
لأنه كلما استغفر كلما تزايد تفكيره بها..
"يبدو أنها فعلا عقوبة من الله عز وجل لي!!
فمتى ترحمني يارب؟؟ متى؟؟
تعبت يا الله!! تعبت!! "
.
.
.
زاوية أخرى من حفل الزواج الضخم..
" أبو زايد اقعد شوي الله يهداك
استقبال واستقبلت.. وترحيب ورحبت.. والمعازيم كل واحد قاعد في مكانه وانتفخ من كثر ما تقهوى وكل حلى..
اقعد خلاص.."
كساب يتنهد وهو هو يجلس جوار غانم: هي ليلة وحدة.. يعني أخي بيتزوج كل يوم..
غانم يبتسم وهو يهمس بمرح: والحين ليلة عرسي كنك بتسوي لي كذا
كبرت المخدة ورقدت لين أجي في الزفة بس..
كساب يبتسم: أنا ليلة عرسي.. علي سوى لي أكثر من كذا..
وأنت ماشفت وجهك إلا مع المعازيم يوم جاو..
غانم يضحك: والله تيك الليلة ماكنت نسيبي.. لو أنك كنت نسيبي كان لقيتني في العرس من فجر..
كساب يضحك: يا الكذوب.. هذا علي نسيبك وماشفنا وجهك إلا مع المعازيم بعد..
غانم مازال يضحك: والله العظيم توني جاي من رحلة يا الله لحقت أبدل..
كساب بابتسامة: مهوب شغلنا كان اعتذرت عن الرحلة..
مهوب تاخذ أختنا وتبينا نرتب عرسك بعد..
احنا أساسا بنجي نخربه عشانك خذت شمعة بيتنا...
ابتسم غانم ابتسامة مقصودة: هذا أنتو منتو بمقصرين علي بالنكد
حتى موعد عرس.. منتو براضين تبلون ريقي بموعد..
كساب ينظر له نظرة مقصودة باسمة: شين الطفاقة ياناس.. اركد يا ولد الناس قدام نغير رأينا.. أختنا وكيفنا!!
غانم يضحك: مايسوى علي أختك.. ذليت أبو طوايفنا!!
.
.
.
زاوية ثالثة من الحفل..
" ماشاء الله.. ماهقيت بأشوف علي كذا..
صار لي مدة مازرته .. بس حالته تحسنت واجد عن أول..
تقريبا راجع لحالته الطبيعية"
منصور بفخامة: الحمدلله على كل حال..
فهد يبتسم: والله شوفته بالبشت شهوتني على العرس..
منصور يرد بابتسامة مشابهة: أنت كل عرس نحضره تقول شوفت المعرس بالبشت تشهويك على العرس ولا حصل ذا العرس..
فهد يضحك: وش أسوي.. بأنتظر عشرين سنة لين تكبر بنتك اللي أنت وعدتني فيها..
حينها همس منصور بنبرة حازمة مقصودة: وليش تنتظر 20 سنة وأنا عندي بنت عمرها 20 وجاهزة..؟؟
فهد بمرح: ماشاء الله على بنتك نازلة من بطن أمها عمرها 20...
يالله حاضرين متى الملكة؟؟
أجابه منصور بجدية : عقب أسبوعين تعال اخطب مثل الناس.. وعقبها انشد متى الملكة..
فهد مستغرب نوعا ما.. حتى وإن كان حضرة العقيد من النوع الحاضر البديهة المرح بتوازن.. ولكنه مطلقا لا يبالغ في المزح كما يفعل هذه الليلة..
لذا خشي لاحترامه الشديد له أن يتمادى معه في المزح.. فصمت!!
لكن (حضرة العقيد) لم يصمت وهو يردف بنبرة شديدة الحزم:
فهد أنا ما أرخص بنتي يوم أعرضها عليك.. ولو أنه حد غيرك ماعرضتها عليه..
بس أنت عارف غلاك عندي.. أنا اعتبرك مثل ولدي.. عشان كذا أبيك لبنتي..
فهد بدأ يتشوش لأبعد حد.. ولا يعلم حتى عن ماذا يتكلم.. عن أي بنت يتحدث وهو ليس لديه سوى ولد عمره أشهر قليلة؟؟
ولكنه فهم مايقصده العقيد لتتبعثر مشاعره من الصدمة تماما ومنصور يكمل بذات النبرة الحازمة:
أدري مايصير نتكلم في موضوعها الحين لين تخلص عدتها.. وعدتها بتخلص عقب أسبوع..
بس الكلام جر بعضه.. وإلا أنا ماكنت ناوي أتكلم معك الحين..
فهد بهت تماما من الصدمة.. بهت.. تبعثر تماما..
" أ يقصد بكل هذا الحديث ابنة زوجته المطلقة؟؟
أ هي من يقصدها بابنته؟؟
متى أصبحت ابنته وهو للتو تزوج من أمها من سنة واحدة؟؟ "
" لذا الدرجة أرخصتني يا حضرت العقيد وأنت اللي أغلى علي من خلق الله..
تبي تزوجني مطلقة؟؟ ولا هيب من قبيلتنا حتى؟؟
لذا الدرجة هنت عليك عشان بنت مرتك؟؟ "
فهد أغلق عينيه وفتحها وكأنه يحاول نفض الصدمة التي لا تنتفض..
" مطلقة؟؟ كانت لرجال قبلي؟؟ "
فهد ارتعش بعنف ارتعاشة لم تتعد داخله إلى ملامحه المتحكمة الخارجية..
قد يكون لم يفكر بالزواج كفكرة قريبة الوقوع..
ولكنه كأي شاب كان في خياله مواصفات معينة.. ولم تكن امرأة كانت لرجل قبله من ضمن خياراته أبدا..
لماذا يتزوج من فتاة ليس هو الأول في حياتها وهو من لم يسبق له حتى مجرد الاحتكاك بامرأة؟؟
لم يهاتف فتيات.. ولم يرفع جتى طرف عينه إلى امرأة..
فكيف تكون نصيبه امرأة على جسدها آثار رجل آخر.. وعلى نحرها آثار أنامله.. وعلى شفتيها رائحة أنفاسه..؟؟
يشعر أنه سيتقيأ فعلا..
كما لو كان أحدهم يجبره على استعمال شيء مستعمل..
كما لو أن أحدهم يطلب منه مثلا أن يغسل أسنانه بفرشاة استعملت قبله عشرات المرات.. ومع ذلك ليس حقه الرفض.. بل لابد أن يقبلها..
رغم بشاعة المثال... ولكن هذا ماشعر به فهد هذه اللحظة!!
شعور بالقرف يتزايد في روحه إلى درجة الاختناق!!
يعلم أن مثل هذا التفكير لا يجوز.. ومثل هذه المقارنة لا تجوز.. ولكن هذا هو تفكيره.. وهو هكذا!! هكذا خلقه الله!!
هو يرى نفسه كصقر حر لا يقبل بالفضلات.. وتأبى نفسه أن يلمس شيء لمسه سواه..
وحتى بعيدا عن كونها مطلقة.. وعن كونها ختاما من قبيلة مختلفة تماما..
هي.. كيف هي؟؟
فهو رجل على حدود الثلاثين بشخصية حادة جدا..
وأكثر ما يكرهه في العالم هي الأنثى المدللة .. لا يستطيع ابتلاعها حتى..
بينما هي من أطراف الحديث الذي كان يصله من منصور بدون قصد يعرف أنها مدللة جدا..
بل إنه في أحد المرات وهو مع منصور في سيارته اتصلت بعمها ففتح منصور الميكرفون دون قصد.. فوصله صوتها:
" عمي حبيبي وينك؟؟ تأخرت علي.. صار لي ساعة لابسة وأنتظرك!!"
منصور أغلق الميكرفون بغضب وهو ينزل من السيارة كاملة.. ولكن صوتها وصله بوضوح وأثار قرفه..
صوت بالغ النعومة إلى درجة تثير الغثيان.. وطريقتها في الحديث مدللة إلى درجة تثير الصداع..
فكيف يبتلي بمثل هذه في بيته؟؟
ومن ناحية ثالثة أو ربما رابعة.. يتخيل شكل من تضطر حضرة العقيد أن يتنازل عن كبرياءه وبرجه العالي ليخطب لها..
لابد لأنه يعلم أنها يستحيل أن تجد عريسا لبشاعتها.. لذا قرر أن يصتاده لها..
هذه التي فر زوجها منها وهما مازالا في المطار..
لابد أنه كان لزوجها المبرر القوي ليفعل ذلك في ابنة عمه!!
"مطلقة وشينة ودلوعة !!
والله العظيم ثلاث ضربات في الرأس مهيب توجع
إلا تذبح !!"
كانت هذه أفكار فهد التي غرق فيها الثوان التي تلت عرض منصور عليه قبل أن يقطع منصور عليه أفكاره بحزمه: فهد وشفيك سكتت؟؟
فهد نظر لمنصور بمودة غامرة واحترام جزيل..
رغم كل شيء هذا حضرة العقيد.. لو طلب منه أن يلقي نفسه في النار سيفعلها دون تردد..
فكيف والمطلوب أهون من ذلك.. زواج !!!... من أجله مستعد أن يتزوج الغولة حتى!!
لذا هتف بحزم بالغ: وليش ننتظر أسبوعين... عقب أسبوع تخلص عدتها ونكون عندك نخطب ثاني يوم..
*************************************
" يمه الله يهداش.. بسش دموع.. شعاع بروحها متوترة.. تكفين لا تشوف دموعش تحوس الدنيا"
أم عبدالرحمن بتأثر: هذا أنا قاعدة برا عشان ماتشوفني..
جوزاء بتأثر رقيق: بس هي كل شوي تسأل عنش.. وتقول أمي وينها.. تكفين يمه تعالي بس عقب ما تمسحين دموعش..
أم عبدالرحمن تنهدت بحرارة: زين يأمش خلني أروح الحمام أغسل وجهي وأجيش..
.
.
زاوية أخرى من حفل النساء..
" تدرين ماهقيت الأحمر بيطلع عليش يجنن كذا"
مزون تبتسم: ولا أنا..
ماتعودت صراحة على الألوان الجريئة كذا..
جميلة برقة: ياحلوه الأحمر.. ولو أنه ما يناسبني.. بس عليش خيال ورب العالمين..
مزون بمرح: يعني أروح أتمصلح عند أم غانم..؟؟؟
جميلة بمرح مشابه: تمصلحي والئلب داعي لك والعتبة خضراء
وكلها على قولت هريدي خال سميرة..
مزون بتردد: جد شايفته حلو علي؟؟
جميلة بابتسامة: ياملغش بس!! يجنن وربي يا البايخة!!
.
.
.
.
في غرفة العروس الملحقة بالقاعة
.
.
" يالبي قلبها طالعة تجنن.. تجنن !!"
سميرة بتأفف باسم تجيب وضحى التي كانت تنظر لشعاع بتأثر بالغ والدموع تترقرق في عينيها:
هذا كله معجبة ببنت عمتش..
لوعتي كبدي هذي المرة العشر طعش عقب الألف اللي تقولينها..
يأختي خلي للعريس شيء يقوله.. خلصتي الغزل كله عليه!!
وإلا تدرين خلصي الكلام على العريس لأنه المسكين يقولون مريض..
يشوف شعيع الليلة.. بيطب ساكت..
وضحى باستنكار: يمه منش.. فاولي على المسكين..
سميرة تضحك: أنا الحين اللي أفاول عليه.. شعيع دارية المسكين تعبان وقلبه مايستحمل وشو له تكشخ كذا..
ما ألومه يطب ساكت!!
على قولت خالي هريدي: دا يبئى موت وخراب ديار..
وضحى بغضب مرح: لو أن الله يفكنا منش أنتي وأمثال خالش كان حن بخير!!
.
.
" شعاع ياقلبي.. ترا ابي كلمني.. يقول اطلعي فوق
العريس واصل بعد شوي"
حينها أمسكت شعاع يد جوزا بقوة وبدأ ذقنها يرتعش: أمي وينها؟؟ أمي وينها؟؟
" هذا أنا يأمش هنا.." جاءها صوتها الحاني ولمسة يدها الأحن .. شعاع حينها أمسكت ذراع والدتها بقوة وكل مافيها يرتعش..
أم عبدالرحمن ربتت عليها بحنو وهي تسمي عليها وتدعو لها وتقرأ عليها آيات من القرآن الكريم..
ثم التفتت وهي تهمس بحزم أمومي حتى تمنع نفسها من البكاء: جوزا هاتي عباة أختش..
وأنتي ياوضحى روحي ادعي أمش تطلع معنا فوق..
**********************************
دقائق مرت منذ غادرهما الجميع وأغلقوا باب الجناح خلفهم..
وكلاهما معتصم بمكانه دون أن ينظر للآخر مطلقا..
حين دخل للجناح تلقته خالته وأخته وعمته مزنة وأجلسوه بجوار العروس..
التي كانت وصلت قبله بدقائق ورتبوا شكلها وجلست..
ولم يبق معها سوى والدتها التي كانت توصيه بابنتها بصوت بالغ الاختناق..
لم يستطع حتى أن يتكلم.. شعر أنه يختنق فعلا.. لذا هز رأسه بهزة حاول جعلها واثقة..
كانوا يباركون له وهو يشعر أنه في عالم آخر.. آخر!!
أبعد مايكون عنهم... وعن أجواءهم..
لم يرد على أحد..
خشي أن ينفجر..
أن يقول لهم لماذا تباركون لي؟؟ المفترض أن تعزوني لأن روحي تموت.. تموت..!!
كان كلاهما يجلسان على المقعد الطويل.. يشعر بأطراف ثوبها الأبيض المتسع بعفوية تلامس بشته الأسود..
ومع ذلك يشعر أن بينهما مسافة ككل محيطات الأرض!!
لم يستطع حتى أن ينظر ناحيتها..
كان كل ما اقتحمه منها هو رائحة عطرها وبخورها الفاخر تزكم أنفه من هذا القرب!!
أما كل مالمحه منها فهو عضدها النحيل المطرز بنقوش الحناء..
شعر حينها بألم غير مفهوم يغوص في حناياه..
كل شيء يعود ليذكره بها رغما عنه!!
فهي أيضا كان عضدها نحيل.. وعظامها غاية في الرقة..
حينها عاوده الشعور بالذنب يعتصر روحه..
يعتصره من الناحيتين.. هاهي حلاله جواره... وهو يفكر في حلال سواه..
"يا الله ما كل هذا الألم!! ماكل هذا الألم!!
يارب ماعاد في القلب مكان!!
ماعاد في القلب مكان.. ارحمني
ارحمني!!"
هي مازالت تعتصم بمكانها ترتعش بخجل شديد.. لم تستطع مطلقا أن ترفع عينيها له..
وهي تمسك بمسكتها وتفرغ توترها فيها.. وهي تشدد قبضتها حولها
وحين جلس جوارها كادت تقفز من مكانها خجلا وهي تشعر بحفيف بشته يلامس عضدها العاري..
وتشعر أنها ستنتختنق فعلا.. وعاجزة عن سحب الأكسجين !!
ففستانها كان برقبة عالية (هاي نك) على الطريقة الفيكتورية يزين منتصفه (بروش) دائري من الألماس..
وأسلاك الكورساج الحديدية تشعر بها تطبق على أضلاعها و أنفاسها أكثر وأكثر..
ورغم بساطة الفستان ونعومته ورقيه إلا أنها شعرت أن كل مافيه يطبق على أنفاسها ويخنقها..
ومازادها اختناقا.. تجاهل هذا الجالس جوارها لها..
لا تعلم لِـمَ قفز لذاكرتها برعب ليلة جوزاء الأولى مع عبدالله...
أ يعقل أن يكتب عليها ذات المصير الذي قلب حياة أختها؟؟
كانت الدقائق تمر وتمر وتمر وهو يتجاهلها.. دون أن يتحرك من مكانه أو يوجه لها كلمة واحدة..
بينما هو لم يكن مطلقا يقصد تجاهلها ولكنه لم يشعر بمرور الوقت وهو غارق في أفكاره.. ويخشى أن يقول لها شيئا فيضايقها!!
مشاعره الرقيقة ممزقة بين عمق مشاعره في تلك الآخرى..
وخوفه من إيذاء من تجلس جواره!!
شعاع حين يأست أنه قد يبادر بشيء.. قررت أن تنهض فهي ماعادت قادرة على احتمال الفستان..
شعرت بضيق عميق أنه دفعها لتجاهل خجلها الطبيعي..
بينما هو حين رأى خيالها يعبر أمامه ... كان بوده أن يقول لها أي شيء حتى لو كانت مجاملة باردة لا تقدم ولا تؤخر..
فهي مهما يكن صبية ليلة زفافها.. ولا تستحق التجاهل..
لكنه حين رآها تتجه للحمام.. قرر أن يتركها حتى تنتهي من الحمام قبل أن يحاول محادثتها..
شعاع دخلت الحمام.. استندت للمغسلة بكفيها وهي تشد لها نفسا عميقا..
وتهمس لنفسها بتجلد عذب:
ماني باكية.. ماني باكية.. لازم أقدر إنه تعبان ونفسيته تعبانة..
وأكيد الموضوع اللي قالته لي خالتي مزنة متعب نفسيته أكثر..
لازم أراعي ذا الشيء..
شعاع لا تعلم إن كان رأى زينتها حتى.. لكنها تتوقع أنه رآها حين دخل..
كان بودها أن تجلس معه بزينتها قليلا.. فلمن تزينت هذه الليلة؟؟
لكنها خشيت أن يسيء فهمها وخصوصا مع تجاهله لها..
لذا خلعت ثوبها رغم صعوبة الأمر..
ثم مسحت زينتها بعناية بالغة.. ثم فككت تسريحتها اللولبية لتتناثر اللفات بنعومة على كتفيها..
كانت تريد أن تستحم ولكنها رأت أنها بذلك ستستغرق وقتا طويلا.. ولا يليق أن تتركه كل ذلك..
ارتدت فستانا أبيضا ناعما خفيفا من الشيفون يصل طوله لمنتصف ساقها كانت طلبت من جوزا أن تعلقه لها في الحمام..
ولكنها حين رأت كشفه ساقيها تمنت لو أنها اختارت فستانا طويلا..
ولكن لم يكن هناك سواه هو وقميص نومها الذي لم تكن تريد أن ترتديه أبدا..
لذا لبست صندلها الشفاف الذي يكشف عن نقوش الحناء التي كانت تصل
لأسفل ركبتيها ..
ثم وضعت ماسكرا وأحمر شفاه مشمشي اللون واكتفت بهما.. وقررت الخروج..
وقفت لوقت طويل أمام باب الحمام الذي كانت فتحته أساسا.. ولكنها لم تستطع الخروج عبره لشدة إحساسها بالخجل..
حتى سمعت الهمس الرجولي العميق الهادئ والقريب: شعاع تعالي لا تستحين..
بدا لها الصوت مألوفا لحد ما.. لكنها لم تستطع التعرف عليه..
ولكنها تعترف في ذاتها أنها شعرت برعشة حادة دافئة وهي تسمع اسمها بنبرته الرجولية العميقة!!
خرجت وهي تكاد تتعثر في خطواتها..
هو كان قد خلع بشته وغترته ويجلس بثوبه فقط في الجلسة القريبة من الحمام..
عاود الهمس لها بذات نبرته الهادئة العميقة: تعالي اقعدي.. قلت لش لا تستحين!!
صرت جبينها قليلا "الصوت غير غريب.. كأني قد سمعته قبلا.. لكن لا أعلم أين!!"
تقدمت باستيحاء وجلست مقابلا له على الأريكة...
هو لم يكن يشعر بأي رغبة لا في محادثتها ولا في النظر إليها ولكن إحساسه بالذنب من ناحيتها كان يجبره على ذلك..
حينها رفع عينيه لها بينما كانت هي تخفض رأسها بشدة.. فلم يرى إلا خصل شعرها الملتوية بعذوبة تتناثر للأمام..
لا يعلم حينها لِـمَ شعر برعشة حادة صارخة تجتاح روحه حتى أقصاها حين نظر لها..
شيء غير مفهوم يحصل له.. !!
شيء لا يعقل يحصل له!!
لماذا ترتعش يداه هكذا؟؟
وريقه لماذا جف هكذا؟؟
وأنفاسه لماذا تتثاقل هكذا؟؟
ودقات قلبه لماذا تتزايد بعنف هكذا؟؟
إحساس شعر به مرة واحدة فقط.. واحدة فقط في حياته كلها!!
المرة الثانية التي تبع فيها حبيبته المجهولة في ممر المستشفى!!
فلماذا يعود له الآن؟؟ لماذا؟؟
حينها همس باختناق لا يعلم له سببا: ترا العشا جا من أول مادخلتي الحمام.. تعشين؟؟
همست باختناق خجلها الرقيق دون أن ترفع رأسها: شكرا.. ما أبي..
كلمتان..
كـــــلــمتــــان
كــلـــمـــتــــــان فقط!!
أحرف معدودة من بين شفتيها..!!
بل لو همست بحرف لعرفها.. بينما هي سمعت كل هذه الجمل ولم تعرفه..
فكيف تعرفه وهي نحرته ومضت..؟؟
كيف تعرفه وهي ارتكبت جريمتها فيه ثم ارتحلت؟؟
كان يكفيه حرف واحد من صوتها الذي سكن روحه ليعرفها..
كان يكفيه همسة واحدة من همساتها التي رافقت أحلامه ويقظته طيلة الوقت الماضي ليعرفها..
كيف كانت جواره طوال الساعة الماضية ولم يعرفها..؟؟
كيف لم يتعرف على رائحتها حتى لو غطتها أطنان البخور والعطور؟؟
كيف كانت جواره ولم يروي ضمأ روحه لروحها منذ الدقيقة الأولى؟؟
كيف سمح أن يضيع دقيقة واحدة من بين يديه؟؟
لم يسأل لحظتها كيف ولماذا؟؟
فالحقيقة بدت واضحة كوضوح الشمس.. وهكذا كان يجب أن تكون منذ البداية..!!
هي له منذ البداية ولم تكن أبدا لسواه..
وكان يستحيل أن تكون لسواه!!
هكذا العدالة تقول.. وهكذا الحق يقول..
يستحيل أن يحبها كل هذا الحب.. ويعشقها كل هذا العشق.. وترتبط روحه بها إلى درجة التمازج ثم تذهب لغيره..
فهو لم يعشقها هكذا إلا لأن روحه نادت نصفه الثاني في حناياها!!
كانت له.. له وحده.. منذ البداية.. لــــــه!!
لـــــــــــه هو فقط!!
هي أنهت همستها القصيرة وصمتت لتتفاجأ بعد ثانية واحدة بيديه الأثنتين تنتزعانها من مكانها ليوقفها..
شهقت برعب لأنها لم تعرف لماذا تصرف هكذا.. وهي ترفع عينيها له..
وبقدر الرعب الصارخ الذي ارتسم على ملامحها وهي تتعرف على الواقف أمامها..
على الضد كانت ترتسم على محياه أضعاف مضاعفة من مشاعر الشجن والوجع واليأس والألم والولع والعشق اللامحدود..
وعيناه تلتهمان بعطش قرون وقرون تفاصيلها تفصيلا تفصيلا..
تلتهم بشوق سرمدي لا نهائي كل انحناءات وجهها التي حُفرت في روحه وعلى مجاري دمه..
هي ..بدأت ترتعش بعنف.. حين رأته ينقل كفيه من عضديها إلى وجهها ويتحسسه بأصابع يديه الأثنتين..
كانت روحه تبكي وتنزف طوفانا تلو طوفان.. وهو يتحسس مخمل وجهها بأنامله المرتعشة..
يريد أن يتأكد أنها أمامه فعلا.. أمامه فعلا!!
"يا الله.. ما أكبر رحمتك.. ما أكبر رحمتك!!
أنا كنت على أبوب قبري خلاص"
كان ارتعاشها يتزايد وعيناها الجزعتان تمتلئان بالدموع..
أ يكون هذا هو نصيبها؟؟ ومع هذا الرجل بالذات؟؟
بينما هو كان مشغوف بالنظر لها وكأنه لن يشبع مطلقا من النظر..
وهو ينقل يديه من وجهها ليدفنهما في طيات شعرها ..
وهو يقترب منها برفق.. ليدفن رأسه بين خصلاتها ويتنفس..
يتنفس بعمق موجوع.. وكأنه يتنفس كل أكسجين الحياة بعد اختناق..
يتنفس بعد التصقت رئتاه من الجفاف واليأس..
يتنفس بعد أن جف الهواء في مسارب جسده وروحه!!
" يالله.. أشعر أني سأموت الآن..
أحقا هاهي بين يدي؟؟"
حينها شدها بحنو ليحتضنها بكل قوته.. وهو يدفنها بين أضلاعه.. بين حناياه..
بين خلايا جسده الذي جف شوقا لها.. وآن له يزهر ويرتوي برؤيتها وقربها!!
" هي.. هي..
ملمسها.. وعظامها.. وعبق روحها..
هي.. هي!!"
شعاع بدأت تشهق بخفة وهي تحاول إبعاد نفسها عنه دون جدوى..
لم تعد المشكلة لديها أنه شاب عابث أو يطارد الفتيات..
ولكن المشكلة أصبحت أنه اقتحم خجلها دون تمهيد.. وأنه كسر حياؤها الرقيق دون اهتمام!!
أما حين أفلتها ليمسك بوجهها بين كفيه ليقبلها بكل شغف العالم وولعه..
شعرت أنها ستنهار فعلا من شدة الصدمة والخجل..
بينما هو كان يحلق في عالم آخر..آخر..
يشعر أنه يعود ليتنفس الحياة عبر أنفاسها الداخلة إلى صدره..
رائحة أنفاسها التي تربعت في روحه ولم تغادر أبدا.. وهي تستنزف الحياة منه رويدا رويدا..
هاهي تعيد له الحياة الذاهبة مرة أخرى!!
شدت نفسها بقوة من بين ذراعيه لتسقط للخلف على الأريكة..
وهي تتراجع لأقصى الخلف وترفع قدميها للأعلى وهي تضمهما لصدرها وتنتحب..
حينها زالت الغيبوبة اللذيذة التي كان غارقا فيها إلى مافوق أذنيه..
انتبه إلى أنه صدمها بتصرفه غير المعقول بالنسبة لها..
فالصورة التي ظهرت لها أنه هجم عليها دون مقدمات..
شعر أنه عاد للتعبثر وهو يسمع نحيبها الذي عاد لتمزيق روحه من جديد..
" لا يمكن أن أسمح للدموع أن تجدا طريقا لعينيها!!"
علي جلس جوارها وهو يضع كفيه على كتفيها المنحنيين على ركبتيها ويهمس بوجع عميق مغلف بسعادته الأعمق:
شعاع حبيبتي.. لا تلوميني.. والله العظيم ماحسيت بنفسي..
أنا ماكنت في وعيي.. أنا ماصدقت أشوفش..
أنا من عقب سالفة الأصنصير وأنا لا ليلي ليل ولا نهاري..
أنا كل المرض اللي جاني من سبة فرقاش.. مادريت إنش أساسا مرتي وحلالي..
ياقلبي أنا كنت مثل واحد ميت عطش وعقبه لقى الماي قدامه...
تكفين لا تبكين!!
شعاع هزت كتفيها لتبعد كفيه عنها.. وهي ترفع رأسها وتبتعد أكثر لطرف الأريكة..
بينما علي اقترب أكثر منها وهو يتناول كفيها ويدفن وجهه بينهما
وهو يغمرهما بقبلات ملهوفة وموجوعة ومشتاقة ويهمس بمقدار وجع قبلاته وشوقها:
حبيبتي تكفين لا تبكين.. واللي يرحم والديش لا تحرقين قلبي..
سوي فيني اللي تبينه.. أنا ما أبي إلا شوفتش قدامي..
بس تكفين لا تبكين.. لا تبكين..
شعاع تراجعت أكثر وهي تشد كفيها منه وملامح الرعب تتزايد على وجهها..
لم تعد المشكلة لديها أنه عابث أو يطارد الفتيات!!
ولم تعد المشكلة في اقتحامه الجريء لخجلها الرقيق..
بل المشكلة باتت أخطر... أخــطــر من ذلك بكثير..!!!
والفكرة تقفز لبالها بكل وضوح ومنطقية... ورعب !!!
#أنفاس_قطر#
.
.
.
خالص اعتذاراتي يا نبضات القلب لكل وحدة تضايقت من كلام فهد
بس يا بنات هذا رأي الشخصية مهوب رأيي
في الرواية هذي امهاب كان بيتزوج أرملة وهو شاب ما تزوج وماسمعتوا هالكلام عنده
منصور وزايد كلهم تزوجوا أرامل
.
في أسى الهجران راكان اللي كان أحسن شخصية في الشباب تزوج مطلقة بس ماسمعتوا منه ذا الكلام
لأنه كلام فعلا يدل على جلافة وانحطاط في التفكير
وأنا شخصيا والله العظيم ثم والله العظيم لو أخوي أو ابني عقبه بغى مطلقة إني لأشجعه بدون تردد
.
.
لكن يا بنات أنا قصدت أبين وجهة نظر الشخصية بكل حدتها وغرابتها
أنا شخصيا سمعت واحد من قرايبي كانت أمه تعرض عليه بنت مطلقة يوصفها بوصف أسوأ من وصف الفرشاة
أنا يصراحة حسيت رأسي بينفجر من العصبية والغيظ منه
ودعيت ربي إنه يتزوج مطلقة ويذوب في هواها..
بس ماصار.. تزوج بنت وهو اللي طلقها.. وعاده عزابي الحين
.
.
يعني ياقلبي لا تسقطون رأي الشخصيات علي
والله إن قلبي يوجعني وأنا أكتب كلامه
بس الكاتب لازم يخلي كل شخصية تتصرف من منطق شخصيتها موب شخصية الكاتب عشان يكون فيه مصداقية في الأحداث
أنا والله لي رسالة هامة من ذا الشيء..
والرسالة بتتضح لكم بعدين .. :)
.
.
البارت الجاي يوم الأحد موعدنا الصباحي المعتاد الساعة 7 ونص صباحا
.
.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
.
.
|