لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (12) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-01-11, 05:17 AM   المشاركة رقم: 76
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ياصباح الورد والفل والياسمين على كل الوجوه والقلوب القديمة والجديدة
.
.
للمرة الثانية خالص شكري لليلاس على التكريم
والله العظيم خجلتوني ويارب أكون عند حسن ظنكم جميع
.
.
ما أبي أطول عليكم لأنه البارت أساسا طووووووويل
.
الجزء 76
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.





بين الأمس واليوم/ الجزء السادس والسبعون





الليلة السابقة..
ملكة وضحى ونايف..
.
.
.




" يا الله وش إحساسش ياعروس؟؟ "


وضحى بتوتر خجول: ما أدري..مرحلة عدم توازن!!
ثم أردفت بحزن عميق: وحزينة واجد..
تخيلي تميم مابارك لي..!!

كاسرة هزت كتفيها بحزم: أنا ما أدري أنتي وش مزعلة تميم فيه.. بس عطيه كم يوم..
تميم قلبه كنه قلب طفل.. مسرع ما ينسى..!!


وهما تتحاوران رن هاتف كاسرة.. ابتسمت وهي تشير للهاتف: السكنية سمور تتصل..

وضحى بعتب: أنا زعلانة عليها.. ومتقصدة ما أرد على تلفوناتها..
أكلمها أقولها تعالي أنا محتاجتش.. تطنشني..

كاسرة حينها تنهدت: ردي عليها.. لا تزودينها عليها.. ظنش إنها لو روحتها طبيعية لأهلها.. كان قعدت كذا كله وفوتت ملكتش بعد..

وضحى صرت مابين حاجبيها وهي تهمس بتردد: أنا عارفة إنه فيه شيء مهوب طبيعي.. بس كل ما سالتها تقول لا
وأنا ما أتخيل سميرة تدس علي..


حينها ربتت كاسرة على خد وضحى وهمست بعمق: بكرة لا تزوجتي
دريتي إنه اللي يصير بين الأزواج بيكون سر المفروض ماحد يدري به!!
كلمي سميرة.. وخذي بخاطرها..






************************************





" يأمك ليش ما باركت لأختك؟؟
عيب عليك اللي تسويه فيها!!
وضحى ما تستاهل منك كذا!!
زين وصار اللي صار.. كانت بزر.. ونيتها صافية وغلطت دون قصد..
بس أنت عارفها زين وعارف أخلاقها.. عيب عليك تشك فيها.. ترا كنك تشك في روحك!!"


تميم يشير بألم: يمه موجوع منهما واجد.. أنتي عارفها غلاها عندي..
كن حد حرقني بالنار يوم دريت..
والله العظيم كان ودي أخذها في صدري وأبارك لها..
بس على قد غلاها وجيعتي منها!!
عطيني كم يوم يمه.. كم يوم.. أدري عظامي ما تشلني عليها!!

حينها همست مزنة بحزم: زين خلنا الحين من وضحى..
ومرتك؟؟

انتفض تميم: وش فيها سميرة؟؟

مزنة بحزم: خلاص مالك عذر.. أول تعذر أنك مشغول مع وضحى وبفحوصها..
هذي وضحى تملكت.. وخلصت..
بكرة تروح وتجيب مرتك..

حينها أشار تميم بيأس: بس يمه أنا خايف هلها يعقدون السالفة..
وأنتي عارفتني نفسي عزيزة واجد.. وأكره ما علي أقعد قدام حد يحاسبني..

حينها ابتسمت مزنة وهي تقف وتهمس بنبرة مقصودة:
زين أنت روح بكرة.. واتصل بس لمرتك وقل لها تنزل لك..
وراضها مثل ما الناس السنعين يراضون نسوانهم..
ومهوب أنا اللي أعلمك السنع..






******************************




" ها سمور.. شأخبار العروس؟؟"


سميرة تضع هاتفها جوارها وتهمس بابتسامة: مسوية روحها مستحية الأخت..
لا وزعلانة ليش إني ماجيت..

حينها نظرت لها نجلاء نظرة مباشرة وهمست بنبرة مقصودة:
وليش مارحتي.. صار لش أكثر من أسبوع هنا ترا..

سميرة تتشاغل بشيء في يدها وهي تهمس بنبرة تمثيلية: بأروح ذا اليومين..
تميم كان لاهي شوي.. وعنده مشاغل..

نجلا تنظر لها نظرة مقصودة: زين.. سلمي لي على تميم لا رحتي..

سميرة تزايد تشاغلها بما في يدها حتى لا تنفجر في البكاء..
تعلم أن أسرتها باتت تشعر بشيء مريب..
الكل بدأ يلمح لها بالسؤال إن كان هناك مشكلة بينها وبين تميم.. والدها ووالدتها ونجلاء وغانم..
وهي تصر أنه لا شيء.. وتعلم أن التلميحات ستتحول قريبا لتصريحات..
ستموت أن جابوها بشكل مباشر.. تعلم ما الذي سيحدث..

" أ ليس هذا من اخترتيه رغم تحفظنا الشديد على اختيارك؟؟
أليس هذا من أصريتي بكل قوتك عليه؟؟
فما الذي حدث الآن ؟؟"

باتت تفكر بشكل جدي أن تعود لبيتها حتى لو لم يرجعها تميم..
أ لم يقترح عليها أن تبقى كأخت لو أرادت.. وهكذا ستفعل إن لم يكن يريدها زوجة؟؟

ولكن مهما كان كرامتها تمنعها أن تتصرف هذا التصرف..
كيف سيحترمها لو تصرفت هكذا؟؟

يا الله.. تتمزق من كل هذا.. تتمزق.. ولا تستطيع طلب المعونة من أحد..
حتى خالتها مزنة.. ماذا تقول لها؟؟
اطلبي من تميم أن يرجعني..




**************************************





" عاد أنا جيت في الوقت الضايع..
لا حضرت ملكتك..
ولا حضرت روحة عالية لبيت سبع البرمبة!! "


نايف بضيق شديد: لا تذكرني.. لا تذكرت طرا علي أخنق عبدالرحمن وأبيك فوقه..

هزاع يضحك: عبدالرحمن بكيفك.. بس عاد أبو صالح دون حلقه حلوق..

نايف بذات الضيق: تلايط بس.. وأنت من يوم جيت بس تنكت أنت ووجهك..

هزاع مازال يضحك: الشرهة علي اللي جيت أبارك لك وقلت أمسي عندك وأسهر عندك ياعريس..

نايف بتحسر: الله ينكد على عبدالرحمن مثل ما نكد علي.. قال عريس قال..

هزاع بمرح: لا تخاف عليه.. عنده بير نكد الليلة.. عنده حبيبة قلبك بتقوم بالواجب وزيادة..

نايف بذات نبرة التحسر: حتى الشوفة مالحقت أشوفها..
قهروها.. قهروها.. وقهروني معها !!

حينها همس هزاع بجدية: أنا أبي أدري ليه حارق نفسك كذا.. صار لك ساعتين تأكل في روحك..
والأخت تلاقيها طابخة الطبخة مع رجالها..

نايف تفجر بغضب: ما اسمح لك تقول عنها كذا..

هزاع حينها تفجر غضبه المكتوم عارما: بلا ما تسمح لي بلا بطيخ..
الشيخة عالية.. طايحة مكالمات مع حبيب القلب وأنت بتموت من الحزن عليها

نايف بصدمة حقيقية: كذاب.. عالية ما تسويها.. كذاب
وحتى لو سوتها أنت أشلون تدري وساكت يا الرخمة..؟؟

هزاع حينها هز كتفيه وهو يتماسك: توني دريت اليوم الصبح وأنا رايح الكلية..
إبي قال لها تروح تسوي له جمر..
فهي خلت تلفونها وقامت.. خذته أبي أشوف مسجاتها..
وخصوصا إنها ذا الأيام صارت مستحيل تخليه يطيح من يدها.. واستغربت إنها خلته ذا المرة..

يوم فتحته انفجعت بالمسجات.. اعتذارات بالكوم.. والمسكين قلبه ذايب من جده..

ما قدرت افهم السالفة لأن إبي صاح علي : ماعاد إلا تلفونات النسوان تقلب فيها يا الرخمة..

حطيت التلفون وأنا مولع وأبي أروح أوريها شغلها.. بس إبي موجود وأنا كنت أبي السالفة بيني وبينها بس..
وموعد الكلية تاخرت عليه وانا عندي امتحان اليوم.. قلت خلاص لا رجعت وريتها شغلها..

ثم أردف بابتسامة: بس سبحان الله.. جيت لقيتها في بيت رجّالها..
خلاص خلهم ينلمون بدل الفضايح!!


نايف بصدمة حقيقية: عالية تكلمه وتدس علي بعد..عشان كذا كانت بتموت عشان أخذ بنت خاله..

ثم أردف بغضب كأنه يكلم نفسه:
زين ياعالية.. زين.. دواش عندي.. عطيني كم يوم بس..



***********************************





" مبروك ملكة وضحى.. جعل تشوفين عيالها "


مزنة تهمس برقة وهي تتناول غترة زايد منه: قلتها لي قبل..

ابتسم ابتسامته الفخمة المعهودة وهو يجلس على الأريكة ويشير للمكان الخالي جواره: بس وجه لوجه غير..

مزنة همست بذات الرقة وهي تجلس حيث أشار : الله يبارك فيك..
ثم أردفت بنبرة حزن مخفية: ولو أنه صعب علي أتخيل إن وضحى بتتزوج..
هذي آخر العنقود ولحد الحين في عيني أشوفها صغيرة..

زايد بذات الابتسامة وهو يستدير ناحيتها: خلي كساب وكاسرة يتشطرون ويجيبون لنا أحفاد يلهوننا عن عيالنا اللي عرسوا..

مزنة حينها ابتسمت بشفافية: الله يرزقهم برزقه..


وحينها مد زايد يده ليمسك بذقنها بين سبابته وإبهامه وهو يهمس بنبرة خافتة دافئة: استغرب وحدة لها ابتسامتش وما تكون مبتسمة على طول..

رغما عنها حضر لها شعور الارتعاش الذي يجتاح فؤادها ما أن يهمس لها زايد بهذا الدفء..
وكأنها تختبر هذا الإحساس لأول مرة..

"وكـــأنــــهـــــا؟؟؟ "


هي فعلا تختبر هذا الأحساس للمرة الأولى.

والد مهاب لم يعش معها إلا لفترة قصيرة..
أما زوجها الثاني فقد توفي وهي في نهاية العشرينات.. وهي في صباها كانت حادة الطباع نوعا ما..
حدة هدأتها مرور السنوات وزيادة التدين..
وربما كانت حدتها القديمة حاجزا فصل بينها وبينه..
عدا أنه رحمه الله كان لين الطباع لأبعد حد.. وترك لمزنة حرية التصرف كيف تشاء..

لم تشعر بهذا الإحساس بالاحتواء بالرجولي المثقل بالزخم إلا الآن..
مـــع زايــــــد!!

ثم أفسد هذا الإحساس الرائع المذهل المحلق.. ما همس به زايد بنبرة أكثر دفئا وعمقا وحنانا كأنه يحادث نفسه:
صحيح الحين ابتسامتش أحلى بدون مقارنة حتى..
بس أول كنت لا شفتش تبتسمين وحن صغار.. أحس عظامي تبرد لدرجة إني ما أقدر أتحرك من مكاني..

لا تعلم لـِمَ شعرت بضيق غريب... (أول) ليس الآن..!!!
لا تعلم لماذا بدا لها هذا الماضي كأنه حاجز غير مفهوم..
فهذه ليست المرة الأولى التي يفصل فيها في الحديث بين ماكانت في الماضي وما هي الآن.. كما لو كان يتحدث عن امرأتين مختلفتين!!

مزنة كانت على وشك النهوض.. لولا أنه منعها وهو يشدها من كفها التي احتفظ بها بين كفيه وهو يهمس بدفئه المتجذر الغريب:
زعلتي؟؟

ابتسمت ابتسامتها التي لا يعلم أتعجبه لإثارتها وحسنها؟؟.. أم تثير شجنه بذكرياتها وماضيها؟؟ :
وليش أزعل؟؟

زايد بعمق: ما أدري.. أخاف أني أحيانا يمكن أضايقش بكلامي اللي ماله معنى..

حينها همست بنبرة مقصودة: دامك تشوفه ماله معنى.. فليش أزعل من شيء ماله معنى..
إلا لو أنت شايفه شيء ثاني وله معنى..؟؟

حينها صمت.. صمته ضايقها أكثر..
كانت تريد القيام.. وللمرة الثانية يمنعها..

هذه المرة مد كفه ليدخلها في جانب شعرها المنسدل..
أنامله تغوص بين خصلاتها.. وباطن كفه على خدها..
ويشدها ناحيته ليلصق خده بخدها الآخر وهو يهمس في أذنها بنبرته التي تجمد الدماء في شرايينها حين يهمس اسمها بهذه الطريقة:
مزنة لو شفتي مني أي شيء يضايقش استحمليني شوي..
أنا مثل واحد كان طول عمره يشرب مع فتحه تنقط الماي نقطة نقطة..
وعقبه عطوه أكبر وأعذب نهر في الكون.. أشلون بتكون ردة فعله؟؟



" هل يوجد أعذب وأرقى من هذا الرجل؟؟"
كان هذا هو ما يدور في رأس مزنة وهي تمد ذراعيها لتطوق هي عنقه ولتهمس هي في أذنه بصوتها الذي يذيب أوصاله بنبرة دافئة عميقة:
الله يقدرني وأسعدك بس.. ما أبي شيء أكثر..






*******************************





" حبيبي تكفى ما تكون تضايقت من اللي صار من عبدالرحمن الليلة.."

عبدالله يتنهد ومازال رأسه مسندا لفخذها وأناملها تعبر خصلاته الكثيفة:
ما أقدر أقول أني ما تضايقت.. بس في النهاية حسيت إن ضيقي ماله معنى..
عبدالرحمن طلب حقه.. ويمكن لو كنت مكانه كان سوبت نفسه..
رجال محكور ما يطلع إلا بصعوبة والكل لاهي عنه..
من حقه تكون مرته جنبه في ذا الظروف..
واللي ضايقني عقب إنه ليش إحنا ماعرضنا عليه ذا الشيء..
ليه حديناه يحرج نفسه ويحرجننا..

جوزاء مالت لتقبل جبينه وهي تهمس بحنان: صدقني عبدالرحمن بيحطها في عيونه.. عبدالرحمن أحن مخلوق على الأرض..
بس أنت تكفى ما تتضايق..

عبدالله اعتدل جالسا ثم مد يده ليمسح على بطنها ويهمس بحنان: والله العظيم ماني بمتضايق
بس أنتي اللي طالبش لا عاد تنحنين على بطنش بذا الطريقة..

حينها همست جوزا بشيء يشغل بالها منذ فترة وبالتحديد منذ صحوة عبدالرحمن من غيبوبته:
عبدالله..

عبدالله بولع: ياعيون عبدالله اللي يروح وطي لا دعيتيه..

جوزاء حينها مالت لتحتضن ذراعه وهي تهمس بخجل رقيق:
عبدالله عادك على كلامك أنني ممكن أروح أكمل دراستي..؟؟

عبدالله بمودة غامرة ورجولة عميقة: وما أرجع في كلامي.. بس خل لين تولدين بالسلامة.. ونروح..
ولا يهمش الوظيفة مضمونة من الحين لو بغيتي..

شددت احتضانها لذراعها وهي تقبل عضده وتهمس بتأثر: ما أبي وظيفة..
أبي أتفرغ لك ولعيالي.. بس أبي أكمل دراستي..





***********************************





" كاسرة بسم الله عليش..
كاسرة قومي.. قومي.. "


كاسرة شهقت وهي تنهض بشكل حاد تمسح وجهها وهي تهمس بنفس مقطوع:
أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم..


كساب كان لم ينم بعد.. وهو يجلس جوارها مسندا ظهره للسرير يقرأ في كتاب..

وهي كانت قد نامت قبل أكثر من ساعة.. وحتى رؤية وجهها وهي نائمة حرمته منها وهي تنام وهي توليه ظهرها ..
لذا تناول كتابا يتشاغل به حتى ينام بعد أن صلى قيامه وقرأ ورده..

ثم لفت انتباهه حشرجة غريبة كانت تصدر منها.. تزايدت الحشرجة وهي تهمس بكلام غير مفهوم..

يبدو أنها تحلم بكابوس ما لأنها بدت متضايقة جدا.. وملامح وجهها تتقطب حين أدارها بخفة ناحيته..

منذ زواجهما لم يسمعها مطلقا تتكلم وهي نائمة.. أو حتى حدث معها ما حدث الليلة..

لذا أيقظها وهو يدخل ذراعه تحت كتفيها ويرفعها برفق..
همست بصوتها المقطوع: أعوذ بالله.. أعوذ بالله.. صار لي زمان ما حلمت ذا الأحلام..

همس لها بقلق: وش فيش؟؟

همست بذات الصوت المقطوع: أحلام مهيب زينة.. كنت أحلم فيها من يوم توفى إبي الله يرحمه..
بس صار لي شهور ما حلمت فيها..



منذ وفاة والدها وهي تحلم بكوابيس مرعبة من وقت لآخر.. ولكنها كانت ترفض أن تحكيها لأحد..
وهي صغيرة كانت لا تحكيها من خوفها منها.. لكنها حين كبرت كانت لا تحكيها اتباعا للسنة التي توصي بعدم رواية الكوابيس..
ولكنها من بعد زواجها وهي توقفت عن رؤية هذه الكوابيس.. لا تعلم لِـمَ عادت لها الليلة..


همس لها كساب بحزم حان: تعوذي من الشيطان واتفلي عن يسارش.. مافيه إلا الزين إن شاء الله.. نامي..

كاسرة تعوذت من الشيطان ونفثت عن يسارها ثم همست بإرهاق وهي تنهض:
باقوم أتوضأ وأصلي ركعتين قبل أرجع أنام..

كان كساب يراقبها وهي تتحرك في أرجاء الغرفة بإرهاق.. حتى أنهت الصلاة وعادت لتتمدد جواره..
هذه المرة لم توليه ظهرها.. بل أولته وجهها وهي تغمض عينيها..

تمنى بكل جوع روحه الملهوفة القلقة عليها.. أن يضمها لصدره.. وألا يتركها تنام إلا على ذراعه وقريبا من قلبه..
وهو ينظر بشجن عميق لملامح وجهها المسترخية بإرهاق شفاف..
ولكنه كتم رغباته في روحه.. فليس على استعداد أن يعرض عرضا يعلم أنها سترفضه..


وهي أولته وجهها.. وكأنه ترسل له رسالة من غير شعور منها.. أنها تحتاج بالفعل أن تنام في حضنه الليلة..
رغم كل التعقيدات غير المعقولة بينهما.. ولكنها لا تستطيع أن تنكر أنها عاجزة حتى عن مجرد محاولة كرهه..
أو حتى الأقل إيقاف طوفان مشاعرها المتزايد ناحيته..
فلماذا لا تستطيع أن تمنحه الحجم الذي يستحقه؟ ولماذا يستولي على قلبها حتى آخر نقطة وخلية وشريان بينما هي منفية خارج أسواره ومشاعره؟؟

يا الله.. تشعر أنها ستموت لتدفن وجهها بين عنقه وكتفه وتتنفس عبق رائحته من قرب..
ولكن قلبها مليء بالتعقيدات والضبابية ناحيته..

عاجزة عن مسامحته.. فعلا عاجزة.. وكيف تسامحه وهو لم يفكر أن يعتذر حتى..؟؟
وكأن كل ما فعله بها حق من حقوقه غير القابلة للنقاش..

بقيا كلاهما ساهرين.. وكل منهما معتصم في مكانه.. ومتمرس خلف حصون كبرياءه البغيض..
حتى آذان الفجر..






***********************************




اليوم التالي
.
.
.




" عالية حبيبتي.. قومي
باقي على آذان الظهر ساعة"

كان يهز كتفها برفق شديد الحنو.. وهو يجلس مسندا ظهره للسرير..

انتفضت بجزع وهي تعتدل جالسة وتشد جيب بيجامتها على عنقها.. ثم تنظر ناحيته بخجل شديد..
كان مبتسما لها بكل حنان الأرض.. وجهه مشرق دافئ ومغمور بحنان غريب..

لا تعلم ما الذي حدث لها..
لم تتمالك نفسها أن تعاود الانفجار في البكاء.. رغم أنها بالكاد سكتت عن البكاء هذا الصباح بعد محايلة طويلة منه وهو يحاول إسكاتها عن بكاءها كطفلة باكية مصرة على الصراخ..


عبدالرحمن حينها همس بألم: عالية الله يهداش.. حرقتي قلبي.. أنتي مهوب قلتي لي إنش سامحتيني خلاص.. وتونا تراضينا..
ليش تبكين الحين؟؟ وإلا ندمتي على أنش سامحتيني..

عالية بين شهقاتها: والله العظيم مافي خاطري شيء عليك.. بس أنا ماني بقادرة أسامح روحي..
ما أتخيل أشلون قدرت أكتبها أو حتى أتصورها..

حينها ابتسم عبدالرحمن: زين ما كذبتي.. أنا مهوب مكسح صدق؟؟

حينها تزايد نحيبها: طالبتك عبدالرحمن ما تذبحني كذا وأنت تعيدها..

عبدالرحمن شد كفها ليحتضنه بحنو.. وهو يهمس بحنان عميق باسم: كنتي تقولين إنش ما يبكيش شيء..
شكلي تزوجت حنفية دموع..

حينها حاولت مسح وجهها والتماسك وهي تهمس بصوت مختنق:
وربي اللي خلى خالد آل ليث أغلى خلقه.. أني عمري ماكنت صياحة كذا..
بس كله منك.. خليتني حساسة وغبية..

عبدالرحمن يقطب حاجبيه بعدم فهم تمثيلي: نعم عيدي ما سمعت..
من أغلى خلقه ذا؟؟ وأنا وين مكاني؟؟

حينها ابتسمت عالية ابتسامة مرحة من بين دموعها:
أبو صالح.. وعقبه أمي.. وعقبه خالي نايف.. وعقبه عبدالله.. وعقب صالح..
وعقب........

عبدالرحمن يقاطعها باسما: وعقبه راعي البقالة... وعقبه البنغالي اللي يكنس شارعكم.. وعقبه واحد مات في جنوب أفريقيا..

مازالت عالية تمسح وجهها وتهمس بابتسامة: نسيت واحد في نيبال..

حينها شد عبدالرحمن كفها أكثر ليجذبها ناحيته: مانسيته.. بس فيه كم واحد قبله لازم نذكرهم..

عالية ارتبكت بشدة حين شدها.. وارتبكت أكثر حين أحاط كتفيها بذراعيه وهو يهمس بدفء مرح خافت:
ترا معلق لش في رقبتي وعد..

عالية انتفضت بخجل شديد: وأنا متنازلة عنه..

عبدالرحمن شدها أكثر لحضنه وهو يهتف بذات النبرة الدافئة:
بس أنا ما تنازلت عنه..







*******************************






" ليش تأخرتي كذا؟؟
صار لي عشر دقايق من يوم اتصلت لش وقلت لي نازلة.."


كاسرة تغلق بابها وهي تهمس بنبرة أقرب للبرود: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
آسفة أستاذ كساب غصبا عني..
وعلى العموم أنت اللي مارضيت إن السواق والخدامة يجوني..

كساب بنبرة حازمة أقرب للغضب: تدرين إني ما أرضى حد يوديش أو يجيبش غيري إلا لو كنت ما أقدر..
وش اللي تغير؟؟

كاسرة بذات النبرة الباردة: ماتغير شيء.. بس أنت اللي قاعد تنافخ عشان تأخرت..
صمتت لثانيتين ثم أكملت بثقة: وعلى العموم أنا كنت نازلة.. بس اتصل لي المدير.. وعطلني بإلحاحه..

حينها نظر لها كساب نظرة حادة مباشرة وهتف بحدة مباشرة أيضا:
وحضرة المدير المبجل ليش كان يلح؟؟

كاسرة تنهدت ثم أجابته مباشرة: فيه ورشة عمل في البحرين كنت وافقت عليها يوم كنت عند هلي على أساس تميم بيروح معي..
لأنها يوم واحد بس...
وبلغتهم رفضي من فترة بس المدير مهوب راضي.. ويحاول يقنعني أروح لأنهم ما كنسلوا السفرة أساسا..

حينها سألها كساب بنبرة مقصودة: ومتى الورشة؟؟

كاسرة بسكون: بكرة من الساعة 4 لـ8 الليل.. بس أنا خلاص بلغتهم رفضي..

حينها هتف بنبرة حازمة لا تخلو من التهكم: وليش ترفضين؟؟ هذا كله عشان ما تطلبين مني؟؟

كاسرة أجابته بنبرة أكثر حزما ولا تخلو من التهكم أيضا:
وليش ما أطلب منك؟؟ أنت رجالي وملزوم فيني..
بس أنا عارفة أنك ما تقدر.. أدري إنك مشغول في تجهيزات عرس علي.. خلاص ما بقى شيء.. كلها كم يوم..
عدا إني أدري إنك بتسلم مشروعين الأيام الجاية.. وتوقع عقد مشروع جديد..
وأكيد ماعندك أي وقت فاضي عشان أشغلك بسالفتي...

حينها قطب حاجبيه وهو يسأل: من وين عرفتي أخبار مشاريعي وأنا ما قلت لش؟؟

همست بسخرية: اخبارك أعرفها من عمي زايد.. ليه أنت تتنازل تقول لي شيء؟؟

أجابها بسخرية مشابهة: والله قبل كنت أقول لش.. بس ذا الأيام أنتي حتى ما تطلين في وجهي عشان أعطيش أخبارش..

ثم أردف بثقة: وعلى العموم مشاغلي أعرف أتصرف فيها زين..
تجهزي نسافر بكرة الظهر.. والحين بأتصل في سكرتيري يحجز لنا..
وبنرجع بعد بكرة الصبح..





*************************************





" أنا رحت أصلي وتغديت مع إبي ورجعت وأنتي قاعدة هنا ما طلعتي"

عالية بخجل: والله أمك وشعاع ماقصروا.. كلهم طلوا علي وحايلوني..
بس أنا اللي مستحية..
وحتى الغدا أرسلوه لي هنا.. بس أنا مستحية.. أدري غريبة أنا مستحية كذا..
بس شأسوي.. غصبا عني..

حينها همس عبدالرحمن بتأثر: أنا عارف إني حرمتش حقتش من إنش تكونين عروس..
وأطلع أنا وأنتي ونسافر.. ...

عالية تقاطعه بابتسامة: بس لا تصير سخيف..
خلها معلقة لي في رقبتك.. عادك بتوديني لين تزهق..

حينها ابتسم عبدالرحمن بخبث: ياكثر اللي تعلقينه في رقبتي وعقبه ما تبينه..

عالية اشتعل وجهها احمرارا: ياثقل طينتك.. تعال بس خلني أساعدك تبدل ملابسك..





*******************************





" يمه وش ذا بعد؟؟ توني متغدية"

أم عبدالرحمن تضع صحن الكعك والعصير على طاولة شعاع وهي تهمس بنبرة أقرب للغضب: أي غدا؟؟ اللي ماكلتي منه إلا لقمتين..
والحين حن عقب صلاة العصر..

شعاع برقة : يمه جعلني فداش.. والله ماني بمشتهية.. اعفيني..

أم عبدالرحمن بتصميم: والله ثم والله لو ماكلتي ذا كله إني ما أحاكيش اليوم كله..

شعاع تقفز بجزع لتلقي الكتاب على الطاولة وهي تقبل رأس والدتها وتهمس بجزع عذب:
لا طالبتش.. بأكل الصحن كله.. مع إني يمه والله زايدة كيلو ونص..
خايفة يأتي يوم الجمعة الفستان مايدخل فيني..

أم عبدالرحمن رفعت برقعها لتقبل خد شعاع وهي تهمس بحنان:
وين ذا الكيلو ونص وانتي ذابحة روحش مذاكرة.. وحتى الرقاد ماترقدين..

حينها همست شعاع بيأس وهي تعاود الجلوس: يمه فصل تخرج.. عدا أني أحاول ألهي نفسي عشان ما أفكر بعرسي..

أم عبدالرحمن بحنان مصفى: يأمش لا تحاتين شيء.. رجالش يمدحونه واجد.. ويقولون رجال فيه خير ومصلي..

شعاع بعذوبة: يمه أدري ذا كله والله.. بس.. بس ماني بعارفة حتى أشلون أتعامل معه..
الرجّال مريض.. وانا مابعد أعرفه ولا أعرف طبايعه..
أخاف أضايقه.. أثقل عليه !!

أم عبدالرحمن بذات الحنان المصفى: ياويه.. ياحظه اللي ضواش.. يكفيه شوفة وجهش قدامه..

حينها ابتسمت شعاع: ياليته يشوفني بعيونش بس..

أم عبدالرحمن همست بحنان: كل من له عيون بيشوفش كذا..
خلني أنزل أشوف خويتش اللي مثلش ماكلت شيء.. يافضحي منها.. والله أني متفشلة في البنية..
وعقب بأروح أشوف تجهيزات العشا والعمال اللي يرتبون الطاولات في الحوش..
وأنتي إياني وإياش تنزلين.. أولا عندش امتحانات.. وثاني شيء عرسش الجمعة وعيب النسوان يشوفونش..





**********************************





" أنا أبي أدري أنت وأبي ليش ملزمين ما أطلع من المستشفى إلا نفس يوم عرسي
خلاص ما باقي إلا أربع أيام
بأطلع.. طلعت روحي.."

كساب يلتفت لعلي الغاضب بطريقته الباردة والحازمة: اقعد ياأخ لا ينقص فيك عرق..
السبب طال عمرك إنك لحد الحين ما تأكل مثل الأوادم..
وفي المستشفى حالك زين ونشيط ووزنك رجع مثل أول... لأنك عايش على المغذيات والفيتامينات اللي يعطونك إياها..
لكن لو طلعناك من الحين بيجي يوم عرسك وأنت حالتك حالة..
خلك متلصمق كذا لين ليلة عرسك.. لا تفشلنا في المعازيم اللي جايين من كل مكان..

حينها ابتسم علي رغما عنه: حلوة متلصمق ذي.. شايفني كرتون بيطير؟؟ (متلصمق=شي متماسك ظاهريا)

كساب يبتسم: ليتك كرتون.. إلا قرطاسة..
ثم أردف بمودة: توصي شيء من البحرين؟؟

علي يبتسم: سلامتك.. أنت أساسا بتلحق تقعد عشان أوصيك؟؟..
أنت بس خذ الوقت اللي بتكن فيه مرتك في الورشة تايم أوت عشان تريح..
واجد متعب نفسك ذا الأيام..

كساب باستنكار: يا سلام عليك..
تبيني أخليها في الورشة بروحها.. أصلا رجلي على رجلها لين نرجع..
أنا حتى الفندق حجزت نفس الفندق اللي فيه الورشة..

علي ابتسم: يا سلام ياراجل ياحمش..

كساب رد عليه بابتسامة مشابهة: أفا عليك.. لا توصي حريص...





**********************************





" يا الله سميرة يامش..
تأخرنا على عشا بنت عمش وصلوح جنني من كثر ما يشد عباتي يبي يطلع
ومهوي تشد برقعي.. خلصيني.."


سميرة تلبس عباءتها ووتأكد من وضع الملمع على شفتيها وتهمس باستعجال وهي تنظر للمرأة القريبة من المدخل: هذا أنا خلصت يمه..

حين فتحت أم غانم الباب المؤدي للباحة عادت لسميرة وهي تهمس باستغراب:
سمور يامال العافية.. رجالش برا في سيارته وشكله ينتزر..
ليش ماقلتي لي إنش بتروحين معاه.. كان رحت من زمان..

سميرة ارتبكت لدرجة أن الحقيبة سقطت من يدها وهي تهمس بذات الارتباك:
نعم؟؟ تميم؟؟

تناولت هاتفها بسرعة أ يعقل أنه أرسل شيئا وهي لم تراه لإنشغالها بزينتها؟؟
بالفعل وجدت ثلاث رسائل منه وأولها قبل 40 دقيقة..

" حبيبتي أنا أنتظرش برا..
جهزي شنطتش ولا تطولين علي!!"

سميرة شعرت برعشة حادة قسمتها شطرين وهي تشير لوالدتها أن تغادر..
رسالة بسيطة عذبة ودون تعقيدات..

ثم رسالته الثانية:

" طولتي علي يا قلبي..
لو تبين وقت زيادة.. أرسلي لي وأنا بأروح وأرجع بعدين "


ثم رسالته الثالثة.. غاضبة.. عاتبة..:

" أنا ماني برايح لين تردين علي..
ما تبين تروحين معي.. قولي لي.. مافيه داعي تنقعيني عند بابكم"


سميرة تناولت حقيبتها على عجل وهي تخرج له.. لم تستطع حتى أن تنظر لشيء حتى ركبت جواره..
دفئه الغريب يغمر المكان.. وعطره الأكثر دفئا يتسلل إلى أنفها إلى أقصى درجات السيطرة!!


هو كان يقف في الخارج.. منذ أربعين دقيقة..
كان قد بدأ يسب نفسه أنه وافق والدته.. شعر بحرج عميق من نفسه..
رغم أن ما خفف عليه أنه يعلم أن غانما ووالده ليسا هنا ولن يحضرا قريبا لأنهما في العشاء عند بيت أبي صالح..
لذلك لن يشعر بالحرج منهما لو سألاه لماذا تقف كل هذا..
ولكن الموقف كله محرج وهي تتجاهل رسائله.. كان بوده أن يغادر..
لكنه لم يستطع.. كان يشعر أن هذه هي فرصتهما الأخيرة.. ولن يدعها تفلت بهذه السهولة..

حين رأى عمته أم غانم تخرج شعر بحرج عميق جدا وهو ينزل ليسلم عليها..
كانت تشير له أن سميرة ستخرج له حالا..
ولكنه لم يستوعب إشارتها غير الدقيقة لشدة حرجه !!

ولكنه ما أن عاد لسيارته حتى فهم ما المقصود إذ رأها تعبر الباب متجهة نحوه..
شعر حينها أن طبول الحرب أعلنت صراعها بين جنبات قلبه وروحه وشرايينه وأوردته..

أما حين ركبت جواره شعر أنه يريد أن يفتح جيبه قليلا
لأنه شعر كما لو أن كل الأكسجين المتواجد في السيارة قد فرَّ خارجها هاربا من سطوة حضورها!!


لم يشر لها بشيء ولم تشر له بشيء.. وهو يحرك سيارته مغادرا..
كانت تعبث في هاتفها بين يديها..
لتصله رسالة بعد ثوان:

" أنا آسفة
والله العظيم ماشفت رسايلك إلا الحين"


لم يرد عليها وقتها بشيء لأنه كان مشغولا بالسواقة..
لكن ما أن توقفت السيارة في الإشارة..
حتى التفت لها مشيرا بشجن عميق:

أنا اللي آسف.. وآسف على أشياء كثيرة ما أدري متى بتسامحيني عليها..
ما كفاش وش كثر عاقبتيني الشهور اللي طافت!!

سميرة حينها شعرت أنها اختنقت تماما بعبراتها وأنها قد تنفجر في البكاء بين لحظة وأخرى..
كان بودها أن تقول " كنت أعاقب نفسي قبل أن أعاقبك" ولكنها شعرت لضخامة العبرات أنها عاجزة حتى ان اختراع إي إشارة!!

كانت تدعك أناملها بعصبية.. لم تشر له بشيء.. وهي مشغولة بالتفكير..
ولكنها انتبهت بعد فترة أن الطريق طال أكثر من المعتاد..
لتصدم أنها تتجه في طريق مختلف تماما..
لم تجرؤ حتى أن تتساءل.. الهواجس والحزن واليأس والأمل.. مشاعر تصطرع في ذاتها على أقسى مستوى!!

حتى توقفا بداخل منتجع "شرق" لم يتوجه للداخل بل توجه للفلل الصغيرة في الخارج بعد أن سلم سيارته لموظف صف السيارات..

شعرت سميرة بالتوتر والترقب.. أ يعقل أن يكون قد أعد لها مفاجأة ما..؟؟
شعرت حينها بشعور طفلة مبهورة الأنفاس تترقب هديتها بفارغ الأنفاس..

كانت سميرة تراقب تحركاته وهو يفتح الباب..
أي أن حجزه حجز مسبق وسبق له الحضور..

في خلال الدقائق القليلة بعد دخولهما للمنتجع دار في رأسها عشرات الأفكار..
ولكن ما رأته أمامه فاق الوصف.. فاق الوصف تماما..
فالمكان كله كان غارقا في الأزهار والشموع بطريقة بارعة غاية في الاتقان والبراعة..
وفي المنتصف كانت تقف المضيفة بجوار طاولة طعام معدة ..

أشار لها تميم أن تغادر بينما سميرة كانت مبهوتة تماما.. شعرت كما لو كانت في حلم غير معقول..
فأي شاب تخطر له مثل هذه الأفكار؟؟!!

حينها التفت لها تميم وهو يشير بإبتسامة: أتمنى إن مفاجأتي عجبتش..؟؟
ولو فيها قصور ماعليه سامحيني توني عليمي!!

لم تستطع أن تشير بشيء حتى ..
اقترب منها ليشير بدفء: زين خليني أشوف وجهش..

سميرة أزالت نقابها وشيلتها بإرتباك.. بدت بأناقتها وحسنها كما لو كانت مستعدة لمفاجأته وحمدت الله أنها كانت متوجهة للعشاء المقام لعالية

يالله كم افتقد دفء ملامحها وبريق ابتسامتها..
شدها من كفها برفق ليجلسها ثم أشار:
حتى إشارة وحدة م أشرتي لي.. حرام عليش سميرة.. عبريني شوي..

حينها أشارت له بإشارة واحدة: مصدومة..

ابتسم بدفء: ترا أنا ما نسيت هديتش.. حطيتها في الخزنة هنا..

سميرة أشارت بارتباك: لويش الهدية؟؟

همس بدفء حان: عشان تعرفين إن زعلش مهوب رخيص عندي..
وصدقيني كل هدايا الدنيا ماتعبر..
بس اعتبري هذي شيء صغير..

حينها بدئت عيناها تترقرق بالدموع.. مد يده ليلمس أسفل عينيها وهو يمسح الدمعة التي ستسقط
ثم يشير بابتسامة: على ذا الكشخة كلها وتبكين؟؟

أشارت بابتسامة متاثرة: أي كشخة!! لو أدري أنك بتجيني الليلة
كان كشخت شيء غير..

حينها ابتسم بخبث لطيف: هذا إحنا فيها.. ملابسش فوق في شنطة جهزتها أمي من الملابس اللي كنتوا داسينها عني
وخليتو قلبي يحترق أحسبش شليتش قشش كله وخليتيني بروحي!!

حينها تفجر وجهها احمرارا.. وهي تشير بخجل: هذي فكرة أمي مزنة..

ابتسم تميم: ويازين أمي لا فكرت..
ثم أردف بما يشغل باله وحياته وفكره أشار كما لو كان يشير بما بقي من أعصابه ومشاعره: زين خلينا ذا كله!!
وخلينا من الاهم..

عاجبش حالنا كذا؟؟ من اللي ممكن يعيش حياته كذا وبذا الطريقة؟؟
أنا غلطت في حقش أول عرسنا.. وأنا آسف وحقش على رأسي..
بس عقب.. أنتي مقتنعة فيني وراضية فيني كزوج؟؟ وإلا لأ..


سميرة شعرت أن كل هذا كثير عليها.. لم تعرف كيف تعبر سوى بدموع سفحتها بين كفيها..
حينها اقترب منها ليزيل كفيها عن وجهها..
ويشدها برقة ليحتضنها بين ذراعيه وهو يشعر برعب بالغ أنها ستتقبل حضنه لدقيقة ثم ستفر منه كالعادة..
حتى عندما استكانت في حضنه وهي تدفن وجهها في كتفه ودموعها تنهمر بشفافية كان مازال إحساسه بالرعب مستمر..
فما كانت تفعله به هو مايشبه ما يحدث الآن.. تستكين في حضنه لثوان ثم تقفز كما لو كان لسعها أفعى..

ولكن الاطمئنان والسكينة بدأ يتسربان لروحه شيئا وشيئا.. وهو يراها تشدد احتضانها لخصره.. وهي تدفن وجهها أكثر في صدره حتى بدأ يشعر بتبلل ثوبه من أثر دموعها..

كان مازال عاجزا عن التصديق أو منح نفسه الأمل لطيلة ماعانى الحرمان..
كان يريد أن يشدها أكثر حتى يخبئها بين أضلاعه.. ولكنه لم يرد إثارة رعبها منه أو فقدان خيط تواصله معها الذي مازال يشعر به رقيقا هشا..

ولكن الدقائق كانت تمر وتمر وهي تهدي روحه إحساسا خرافيا بالطمأنينة.. لأنها مازالت تستكين بين جنبيه.. لم تهرب.. لم تتحجج..!!
حينها تجرأ أن يشدها إلى حناياه أكثر وأكثر رغم أنه مازال خائفا أن يجد كل هذا الإحساس المعجز يتهاوى في لحظة حين تهرب منه..

ولكن إحساس الخوف بدأ يتسرب من بينهما.. ويحل مكانه إحساس مختلف..
دافئ وعميق وحان.. ومكلل بالأمان وكثير من السكينة!!




************************************





" يعني عشان عارفة إن عمتش هنا.. لبستي اللي على الحبل كله..
وش ذا الكشخة كلها؟؟ وخر عنها.. هذا كله عشان أم غانم توصل لحضرة الكابتن!!"


كانت جميلة تهمس بذلك في أذن مزون التي ردت عليها بإبتسامة مشابهة:
والله ماحد لبس اللي على الحبل وفوق الحبل وتحت الحبل غيرش..
يعني ذا الكشخة كلها عشان قربتي تخلصين العدة.. وتبين تدورين عريس..

جميلة بإبتسامة: أي عريس حسرة!!!
البنات الآنسات مالقوا عرسان.. عشان المطلقة اللي مثلي تلقى..
خلاص أنا خلصت من موال الزواج كله.. جربت نصيبي واكتفيت..

حينها همست مزون في أذن جميلة بغضب: لا تتكلمين عن نفسش كذا..
وش مطلقته؟؟ وش خرابيطه؟؟

حينها همست جميلة بجدية خافتة: مزون خلاص سكري ذا السالفة..
أنا مطلقة وما أبي أتزوج خلاص.. وش الشيء الغريب في الكلام اللي قلته؟؟
ثم أردفت بتنهيدة: خلاص مزون أنا طالعة أغير من حبسة البيت.. وماراح أطول عشان ما أتأخر على أمي..
فخلينا ما نقلب القعدة نكد..
ثم أردفت بابتسامة وهي تحاول نسيان الشد الحاصل وتنظر ناحية عالية:
يا حليلها عالية.. كنت أنتظر شوفتها في الفستان.. ماني بمتخيلة شكلها فيه..
وسبحان الله ماصار.. بس والله إنها طالعة الليلة كيوت وتجنن وشكلها مبسوطة وهذا أهم شيء..

حينها ابتسمت مزون: أنا عاد كنت جاية مخصوص أبي أشوف شعاع.. أبي أشوف لو غيرت شيء في شكلها قبل العرس..
بس يا الله الظاهر مافيه نصيب أشوفها قبل العرس..

مازال الحوار الباسم الخافت يدور بين الاثنتين وجميلة تهمس وهي تنظر ناحية كاسرة:
والله مافيه حد يدوخ في القعدة كثر مرت أخيش.. يأختي كساب لحد الحين معقد؟؟ مافككت كاسرة عقده؟؟

مزون ضحكت بخفوت: نفس الكلام قلته لخالتي أول ماخطب كاسرة..
قلت لو هذي مافككت عقد ولد أختش.. مستحيل إنها تفكك..
بس الظاهر عقد كساب من النوع الأصلي مافيه شيء يفككها!!






****************************************





" تأخرت حبيبي!!
وأنا قاعدة بكشختي أبيك لين تجي"

كانت هذه هي عبارة عالية لعبدالرحمن وهي تتلقاه داخلا وتدفعه بكرسيه المتحرك للداخل..

همس بإبتسامة مثقلة بالولع: والله العظيم أني أبي أجي من بدري.. ميت أبي أشوفش
بس وش أسوي.. أخوانش اللي أخروني.. الظاهر يبون يعاقبوني عشان خذتش من عندش..
حلفوا إلا أقعد ألعب معهم (بيلوت) عقب العشاء..
أنا وصالح كنا فريق.. وعبدالله وهزاع فريق..
أنا اللي خسرت صالح.. لأن بالي مهوب معي.. وكل شوي غصبا عني أتفكر في الساعة..
مارحموني من تعليقاتهم..

حينها همست بنبرة مهتمة وهي تتناول غترته عن رأسه:
زين فهد ونايف وينهم؟؟

عبدالرحمن حينها شاب ابتسامته شيء من الضيق:
الاثنين كانوا مادين بوزهم شبرين تقولين ميت لهم ميت..
وعقب العشاء سروا على طول..تقولين مهوب طايقين شوفتي..

ابتسمت عالية بحنو وهي تقترب بخجل لتفتح أزرار جيبه:
ماعليك منهم.. أساسا فهد لازم يكمل سهرته عند منصور آل كساب وإلا ما يعتدل مزاجه..
ونايف لازم يوقع حضور وانصراف عند خالتي نورة وإلا بتسود عيشته!!

ابتسم عبدالرحمن بشفافية: حبيبتي عاد جيبي أعرف أفتحه بروحي..

عالية بذات النبرة الحانية: دامني موجودة كل شيء يخصك أنا أبي أسويه..
بتمنعني يعني؟؟

عبدالرحمن بمرح: ومن اللي يقدر يمنعش؟؟
هذا اللي بايع روحه لا تسوين فيه مخططات بعيدة المدى..

عالية بخجل عذب: لا يصير قلبك أسود عاد..

عبدالرحمن حينها شد كفها بين كفيه واحتضنها بحنو بالغ:
قلبي يصير أسود على الناس كلهم إلا عليش.. مايقدر !!





************************************




صباح اليوم التالي
.
.
.


نقرات ناعمة حانية كانت تلامس خده.. فتح عينيه ببطء..
ليرى شعاع الشمس يبرق بين خصلات شعرها الذهبية.. وجهها الندي الخالى من المساحيق يبدو محمرا بشفافية لشدة الصفاء..

ابتسم بشفافية غامرة كما لو كانت رؤيتها هذا الصباح أشبه بالبلسم الحاني للروح بينما كانت تشير له بابتسامة مرحة:
قوم يا الكسلان.. صرنا قريب الظهر..
قوم أنا ميتة من الجوع..

مد أنامله ليمسح خدها وهو مازال مستلقيا ثم أشار بإبتسامة:
زين عطيني شوي من العسل أول..

أشارت حينها سميرة بخجل رقيق وهي تشير لشعرها: لا تقول لي عسل ذي.. ما أحبها لسببين..
الأول إن العسل اللي عندي تايواني مهوب أصلي..
الثاني إن هذي كلمة صالح لأختي نجلاء.. دور لي كلمة حقي بروحي!!

أشار لها حينها بمرح مشابه: زين مربى وقشطة وجبن وبيض وزيتون وحمص وفول.. وكل شيء يفطرون عليه الناس..

ثم أنهى إشارته بإن شدها لجواره وهو يحتضنها بحنو بالغ..
لا تنكر أنها تتمنى وهي في حضنه لو استطاعت أن تتكلم.. أن تهمس في أذنه من قرب..
ولكنها لكي تستطيع أن تخبره بشيء لابد أن تنهض من حضنه وتبتعد لمسافة كافية حتى تشير..
أي أنها يستحيل أن تجمع الإحساسين.. فهي لابد أن تكتفي بأحدهما..!!
بدا لها هذا الأمر موجعا إلى حد كبير..
أن تتخلى عن الاستكانة في حضنه بينما هي لا تريد... ولكنها مجبرة على فعل ذلك حتى تخاطبه!!
ولكنها يجب أن تتأقلم مع ذلك.. فوجودها لجواره يكفيها عن كل كلمات العالم الباردة!!





******************************************




" طالعين الحين للمطار؟؟
اقعدوا تغدوا.. الغدا جاهز!!"


كساب يضع الحقيبتين اليدوتين الصغيرتين من يده ويميل ليقبل رأس مزنة ثم رأس والده وهو يهتف باحترام:
مافيه وقت يمه.. طيارتنا الساعة ثنتين.. يا الله نوصل ونحط أغراضنا وتروح كاسرة الورشة..


خلفه كانت كاسرة تنزل وتتوجه لزايد أولا لتقبل رأسه ثم رأس والدتها وهي تسلم وتسأل باحترام عميق:
توصون على شيء؟؟

زايد هتف بفخامته المعتادة: سلامتش يأبيش.. لا تطولون علينا..

كساب يحمل الحقيبتين وهو يهتف بحزم: بكرة الصبح حن هنا إن شاء الله..


حين غادرا هتف زايد لمزنة بإبتسامة: ليش قاعدة بعيد؟؟ تعالي اقعدي جنبي..

ابتسمت مزنة برقة: مزون صارت على وصول.. رايحة تشوف آخر ترتيبات عرس علي..
مايصير تجي تلاقيني لاصقة فيك!!

حينها اتسعت ابتسامة زايد وهو يتساءل: ليش قدام مزون أحسش تصيرين معي رسمية ومستحيل تقربين مني..

مزنة ابتسمت برقة: لأنه البنت بالذات تكون حساسة..
ولا تنسى إنك ذا السنين كلها كنت لها بروحها.. فلازم إنها بتحس بالضيق مني حتى لو ما بينت أو حتى لو كانت ماتبي تحس ذا الإحساس..
بس البنات بطبعهم حساسات واجد.. وأنا ما ابي أضايقها أو أزيدها عليها..

حينها همس زايد بعمق خافت: زين تعالي اقعدي جنبي ولا تلصقين فيني..
من قال إني باستحمل لاحسيتش قريب مني..
بس باقول لش سالفة..

مزنة رغما عنها تفجر خجل رقيق في روحها وهي تقوم لتجلس جواره مع ترك مسافة متباعدة فاصلة بينهما..

ابتسم زايد: مهوب كن المسافة كبيرة شوي..؟؟

همست مزنة برقة باسمة: لا.. زينة..

حينها همس زايد بخفوت بنبرة عميقة متجذرة دافئة: مزنة.. ماعمرش سألتي نفسش ليه سميت بنتي مزون..؟؟

مزنة أجابت بتلقائية: لا........
ثم بترت عبارتها برعب جازع.. اخترم روحها كسهم حقيقي بعثر مشاعرها بصدمة موجعة..

همست حينها باختناق فعلي.. بنبرة لأول مرة يسمعها منها:
مرتك كانت تدري؟؟

زايد بجزع: لا طبعا ما كانت تدري.. ماني بمعدوم المشاعر لذا الدرجة..
ثم أردف بدفء: بس عشان تدرين أشلون اسم مزنة لزق في روحي وماقدرت أشيله..

حينها تزايد اختناق نبرتها رغما عنها: لا.. زايد.. حرام عليك.. لا تسوي فيني كذا.. والله العظيم حرام عليك!!

لم تستطع حتى أن تكمل عبارتها وهي تقف متوجهة لجناحها كالملسوعة.. حاول زايد إيقافها ولكنها كانت قد ابتعدت عن مدى يده..


هي مشاعرها كانت مبعثرة تماما.. الخبر بعثر مشاعرها تماما.. لم تستطع أن تكون أنانية..
وهي تضع نفسها مكان وسمية.. تتخيل زوجها يسمي ابنتها باسم امرأة يحبها!!
ولكنه طمأنها أنها لم تكن تعلم..
لذلك مابقي في روحها هو إحساس أكثر ضخامة وسموا ووجعا... موجع لابعد حد..

أيكون يحبها لدرجة أن يسمي ابنته باسمها..
بينما هي كانت عاجزة حتى عن مجرد الإحساس به وهي تقذفه بالشتائم الطفولية كلما رأته؟؟؟


كانت تقف في غرفتها وهي تستند بكلتا كفيها لظهر المقعد الذي تمسك به بقوة وترتعش.. ترتعش فعلا كمصابة بالحمى!!
شعرت أنها عاجزة عن التنفس لذا انتزعت برقعها وجلالها بحركة واحدة وكأنها تريد لها مساحة للتنفس..

تشعر أن الدنيا تدور بها وتدور وتدور.. فالخبر كان صادما لها لأبعد حد..
صادما بشفافيته ورقته وعذوبته وتجذره وعمقه..
عاجزة حتى عن مجرد وصف صدمتها وهي تشعر أن إحساسها بالدوار يتزايد وكأنها تنفصل عن هذا العالم..

لذا حين شعرت بكفيه على خصرها من الخلف وهو يهمس لها بقلق "مزنة اشفيش؟؟ زعلتي؟؟"
شعرت أن قواها تخور.. وهي تكاد تسقط بين ذراعيه..

أسندها وهو يشدها ليجلسها على الأريكة ثم يجلس جوارها ويهمس بقلق اعمق:
مزنة أشفيش؟؟

لم تجبه بشيء بل احتضنت خصره وهي تقبل صدره مكان شفتيها حيث اختبأ راسها في طيات ضلوعه..

شدها إلى حضنه بيد ويده الآخرى تمسح على شعرها.. وهو لا يعلم هل كان محقا في إخبارها بخبر صدم مشاعرها هكذا..!!

واثق تماما أنها لن تخبر أحدا.. ولكن هل من حقه أن يعلقها فيه بهذه الطريقة بينما مشاعره هي ملك للماضي وحده؟؟





******************************************






" كساب وش ذا التصرف الهمجي؟؟
تسحبني من الورشة بدون ما أكملها حتى!!"

كانت هذه هي عبارة كاسرة الغاضبة التي قالتها لكساب بعد أن شدت كفها منه..فور دخولهما لجناحهما وهو يسحبها في ممرات الفندق..

كساب ببرود ملتهب: أنا ما سحبتش منها.. أنا ماخليتش ترجعين عقب ماصلينا صلاة العشاء..
وش اللي بقى نص ساعة.. خلاص انتهينا من ذا الورشة..

كاسرة بغضب: زين وش السبب؟؟ وش بيضرك لو خليتني أكمل ذا النص ساعة؟؟

كساب بذات النبرة الباردة الملتهبة: ماني بمرتاح لذا الورشة المختلطة..

كاسرة تشد لها نفسا عميقا حتى لا تنفجر فيه: شوفت عينك.. النسوان كانوا في ناحية والرجال في ناحية وأنا ما فتحت ثمي بكلمة..
وحضرتك قاعد معي كنك بودي جارد..

كاسرة قالت ذلك وهي تشد نقابها لتخلعه حتى لا يظهر غيظها وغيرتها المتزايدة رغما عنها.. وهي تتذكر معاناتها واحتراقها من نظرات النساء له...

حينها اقترب منها وهو يهمس بغضب: وليش حاطة كحل؟؟

كاسرة شدت نفسا أعمق (الصبر من عندك يارب!!) وهي تهمس ببرود متحكم:
أنا حاطة كحل؟؟ أنا لا حاطة كحل ولا ماسكرا ولا حتى فاونديشن ولا أي شيء حتى..
دامك منت بمقتنع بجيتي للورشة ليش تجيبني أساسا.. عشان تحرق أعصابي وبس..

حينها همس بذات النبرة الغاضبة: أنا اللي حرقت أعصابش.. وإلا أنا الي حاس كل اللي في الورشة عيونهم عليش..

كاسرة حينها همست بغضب: لا.. شكلك استخفيت.. أنا.. أنا ؟!!
أنا ولا حتى حد طالع ناحيتي.. وش يطالعون؟؟ سواد مهوب باين منه شيء؟؟
وليش أنا ما أقول إن اللي صار صدق إن عيون النسوان اللي في القاعة كانت بتطلع على البودي جارد اللي معي بدون احترام لي كني طوفة..
كساب أنت وش فيك الليلة؟؟ تبي لك سبب تهاد عشانه وخلاص..؟؟

حينها فوجئت به يشدها من معصمها.. وهو يثبت كفيها بقوة على صدره
ويهمس بحزم غريب مثقل بالشجن: إيه أبي أهاد لأنش وحدة ما تفهمين.. وإذا ماطلعتيني من طوري ما ترتاحين!!

ثم شدها أكثر وهو يفلت كفيها ليطوقها بذراعيه وهو يهمس في أذنها بدفء عميق مخلتلط بنبرته الحازمة:
أنا أبي أدري أنتي اللي يجري في عروقش دم مثل باقي البشر.. وإلا ماي..
دامش الإحساس ملغي من قاموسش..
لين متى وأنتي تعامليني كذا ؟؟.. كني ماني بموجود..


ليست غبية لتفهم ما الذي يريده وأنامله تشد شعرها بحنو وقبلاته تعبر محيط وجهها بشغف..
وبقدر ماقد يثيره هذا فيها من سعادة كأنثى..
يثير أضعافا مضاعفة من الحزن كأنسانة.. لأن كساب عاجز عن رؤية ماهو خارج حدود الجسد..

كان بودها أن تدفعه عنها.. لماذا يغضبها ويلف ويدور إن كان هناك ما يريده منذ البداية لماذا لم يصارحها؟؟
لماذا لا يعرف أن يكون صريحا فأي حال من الأحوال؟؟


همست باختناق توتر مشاعرها وارتباكها من قربه الموجع:
كساب أنا ما منعتك من حقوقك.. عشان تلف وتدور ذا كله..

همس في داخل أذنها تماما بنبرة موجعة لقلبها بطريقة تستعصي على الوصف:
أدري ما منعتيني من حقي السخيف.. بس أنا أبي شيء ثاني عجزتي تفهمينه!!


لماذا كل منهما عاجز عن إيصال جنون مشاعره التي تجاوزت الحد إلى الآخر؟؟
لماذا كل هذا التعقيد والضبابية بينهما لدرجة الاختناق؟؟
كيف يكون قلبها غارقا في الألم هكذا بينما هو يحاول إيصال عمق مشاعره لها؟؟
كيف.. كيف .. ولماذا.. ولماذا؟؟

عشرات من علامات الاستفهام والأسئلة تعبر المحيط والاجواء لأقصى درجات الأختناق وهي تصنع شبكة معقدة من المشاعر والأحاسيس والأوجاع!!





***************************************





بعد ثلاثة أيام
.
.
.

" جوزا تكفين مانمت من البارحة.. وتوني راجعة من الجامعة مابعد حطيت عباتي حتى تقولين لي الصالون.. خليه العصر"

جوزاء تنظر بشفقة حقيقية لشعاع التي تبدو منتهية تماما من التعب ومع ذلك شدتها بإصرار:
الحين نروح للصالون.. عشان تخلصين شغلش كله..
العصر بتجيش الحناية..
يا الله اللون يبين ويغمق على بكرة!!

شعاع تكاد تبكي: تعبانة جوزا حرام عليش!!

جوزاء بإصرار: مافيه.. إذا صليتي العشاء ارقدي لين بكرة ولا صليتي الصبح ارقدي لين الظهر..
بتشبعين رقاد وزود..




.
.
.




" يبه فديتك روح للبيت"

زايد يبتسم بحنو: مثل ما شاركتني آخر ليلة في العزوبية.. لازم أشاركك..

حزن عميق يخترم روح هذا الشاب هذه الليلة.. غدا سيحكم على روحه بأسر جديد..

ألا يكفي إحساسه بالذنب لمشاعره لحبيبته المجهولة حتى يتزايد إحساسه حين يرى زوجته التي لا ذنب لها أمامه..
والمشكلة أنه عاجز حتى عن مجرد فكرة تقبل هذه الزوجة..

كيف يتقبلها وكل ذرة في كيانه هي لامرأة أخرى؟؟

حاول أن يهمس بابتسامة: بس ليلتك كانت غير يبه.. أنت كنت تنتظر حلمك سنين..
بس أنا الله يعين ما أدري أشلون بيكون إحساسي حتى..
خايف أجرح بنت الناس وأنا ما أقصد..


زايد ربت على فخذه وهو يهمس بحزم:
ما ينخاف عليك يا أبيك..
بس الحين فيه سالفة مهمة أبي أقولها لك يا أبيك!!




.
.
.
#أنفاس_قطر#
.
.
.

يا الله جهزوا الفساتين والكشخة
معزومين على عرس علي وشعاع المنتظر
البارت الجاي كله للعرس
عشان ما أقطع عليكم الأحداث المنتظرة
وعشان يكون جو عرس صدق
خلو بارت الخميس في الليل الساعة 11 عشان الحلوين اللي في دواماتهم يحضرون معنا
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 13-01-11, 11:44 PM   المشاركة رقم: 77
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء السابع والسبعون

 




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياحياكم الله.. كاشخين متجهزين؟؟؟.. يالله نفتح القاعة!!
.
(بنات والله العظيم لي أكثر من ساعة أحاول أدخل المنتدى
ثم أحاول أنزل لو حرف يشوتني المنتدى برا من الضغط
سامحوني على التأخير.. غصبا عني والله العظيم
ماشاء الله ضيقتوا القاعة.. ماخليتوا لي مدخل أدخل :)...
شكله بيشيب رأسي قبل ما أقدر أحط البارت
قربت أبكي من التعب والقهر والله العظيم
بس مع ذا كله ..الله لا يخليني منكم ولا من لمتكم الحلوة)
.
.
فيه بنات يقولون يمكن شكل علي تغير وشعاع ماتعرفه
نبضات قلبي لاحظوا إنه كساب قال لعلي إن وزنك رجع مثل أول ووضعك زين دامك في المستشفى..
وأنا قصدت تمام ذا الحوار عشان تعرفون إن علي شكله ماتغير!!
عاد أنتوا تخيلوا الباقي بكيفكم :)
.
.
وفيه من نبضات القلب اللي قالت إن نايف يمكن يكون المحقق اللي حقق مع وضحى
عمر نايف الحين 26 وصار له فرنسا أكثر من سبع سنوات يدرس
وين يكون المحقق اللي حقق مع وضحى وهو في فرنسا وعمره وقتها 20 سنة
لكن هم يقولون له وكيل نيابة على اعتبار وظيفته اللي بيستلمها !!
.
بنات.. الزوجين كل ما كان بينهم شفافية كانت علاقتهم أكثر شفافية ودفء
مهما كان الحب كبير لكن بدون شفافية ومصارحة.. ماراح يروح مكان..
عشان كذا كانت الشفافية من أسباب عودة عالية وعبدالرحمن..
وانعدامها سبب طول الزعل بين كساب وكاسرة..
.
.
هل خليفة سيعود لجميلة؟؟
هناك أشياء نتمناها.. لكن هل هي ستحدث تجديد في القصة؟؟
جميلة لم تعرف قيمة خليفة.. فهل الحياة دائما ستمنحنا فرصة أخرى؟؟
خليفة إن كان سيعود للأحداث.. فهو سيعود بشكل غير متوقع أبدا!!
.
.
هل القصة سنتنهي قريبا؟؟
أم بعد الامتحانات؟؟
أقول للبنات اللي يمتحنون خذوا إجازة منا وادرسوا وبترجعون وتلقونا ننتظركم..
.
.
.
الجزء 77
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.



بين الأمس واليوم/ الجزء السابع والسبعون





" يبه فديتك روح للبيت"

زايد يبتسم بحنو: مثل ما شاركتني آخر ليلة في العزوبية.. لازم أشاركك..

حزن عميق يخترم روح هذا الشاب هذه الليلة.. غدا سيحكم على روحه بأسر جديد..

ألا يكفي إحساسه بالذنب لمشاعره لحبيبته المجهولة حتى يتزايد إحساسه حين يرى زوجته التي لا ذنب لها أمامه..
والمشكلة أنه عاجز حتى عن مجرد فكرة تقبل هذه الزوجة..

كيف يتقبلها وكل ذرة في كيانه هي لامرأة أخرى؟؟

حاول أن يهمس بابتسامة: بس ليلتك كانت غير يبه.. أنت كنت تنتظر حلمك سنين..
بس أنا الله يعين ما أدري أشلون بيكون إحساسي حتى..
خايف أجرح بنت الناس وأنا ما أقصد..


زايد ربت على فخذه وهو يهمس بحزم:
ما ينخاف عليك يا أبيك..
بس الحين فيه سالفة مهمة أبي أقولها لك يا أبيك!!



بدأ زايد يخبر عليا بما قاله له الطبيب الغاضب حين أعطاه زايد بطاقة حضور حفل زفاف علي قبل يومين..
بينما كان وجه علي يحتقن شيئا فشيئا..

وحينما انتهى زايد من الحديث.. انفجر علي بغضب وهو يقفز واقفا:
أنا وجهي في وجه الدكتور كل يوم.. ليش كلام مثل هذا يقوله لك وما يقوله لي.. كلام مثل هذا خاص فيني بروحي!!

زايد بعتب: علي يأبيك وش أنا وش أنت؟؟
الدكتور ارتاع يوم عزمته على عرسك وقال لي وضعك الصحي ما يسمح لك
وإن هذا كان استعجال منا..
وكان يبي يتكلم معك بس أنا قلت له خلاص بأقول لك..

علي ألقى بنفسه جالسا على المقعد مرة أخرى.. لشدة الهم الملقى على كاهله..

هل يوجد امتهان للمشاعر والأدمية أكثر من هذا..؟؟
تفاصيله الحميمة والخاصة يتناقشون بها كعارض طبي..؟؟

امرأة لا يريد حتى مجرد النظر لوجهها.. ولكنها تبقى زوجته.. وعلاقته بها خاصة بهما وحدهما..
فكيف تقبل على رجولتك أن يأتيك طرف ثالث مهما كان قربه من روحك ويقول لك لا تقترب من زوجتك حتى تتحسن صحتك
لأن وضعك الصحي المتردي داخليا لن يحتمل!!
أي امتهان ومساس بالكرامة هذا!!

وكل هذا بسببها.. بسببها هي!! هــي !! تلك الغائبة الآسرة !!
ليس غبيا ليدرك رغم تماسكه الظاهري أن قلبه وكبده خصوصا يعانيان من ضعف شديد لذا كان إصرار والده على السفر!!

يعتبر أن هذا كله ليس أكثر من ابتلاء من رب العالمين له.. ويؤمن أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه..
ولكن هناك طرف ثالث لا ذنب له فعلا.. زوجته لا ذنب لها لتعاني معه من جنونه ويأسه وعشقه..

ربما كان يحاول أن يجاري الجميع في قضية زواجه.. وهو يحاول أن يضع والده كمثال له.. فوالده كان رجلا عاشقا ولكنه استطاع الزواج أخرى وعاش سعيدا معها..
فألا يستطيع أن يكون مثل والده؟؟
ألا يستطيع؟؟


لا.. لا يستطيع.. هذا ماهو يشعر به..
فكل يوم يمر.. يشعر أن سيطرة تلك الغائبة المجهولة تزداد على روحه.. ماعاد حتى يستطيع إزاحتها من ذاكرته ولا لثانية واحدة..
أصبحت حياته كما لو كانت تعيش على اجترار ذكراها الوحيدة الأسطورية..
ملمسها.. ملامحها.. رائحتها.. صوتها.. شذى روحها.. كل ذلك حُفر في روحه بمنجل غائر حتى أقصى وأعمق مسافة..

تتعاظم في روحه أحاسيس العشق.. والغيرة والقهر.. واليأس والندم ..

العشق لكل مافيها..لكل تفصيل صغير من تفاصيلها المحفورة في قلبه وعقله..

والغيرة لأنها لسواه.. الغيرة تنهش روحه بطريقة دموية تقتله شيئا فشيئا..
في أكثر الليالي يقفز من نومه جزعا لأنه يتخيل يد رجل مجهول تمتد إلى حسنها لينهل منه..
فيشعر حينها أن القهر يتزايد في روحه ويتزايد وهو عاجز عن التصرف بأي شيء!!

واليأس لأنه يعلم أنها لم ولن تكون له يوما.. فهذا العشق لا أمل له يوما بالقرب الذي هو دواء العاشق..

والندم لأنه يعلم أنه تعدى على حرمات غيره والذنب ينهش روحه خوفا وجزعا من العقاب رغم كثرة استغفاره وإبداءه الندم..
وما يؤلمه أكثر من أي شيء.. أنه رغم كثرة استغفاره فهو لا يستطيع نزعها من كيانه.. بل كل دقيقة تمر يزيد انغراسها في روحه!!

فهل يكون الله عز وجل غاضبا عليه فعلا ويريد معاقبته بها؟؟





*************************************




" جننوني وضحى وسميرة يبون يجون ويصحونها
أقول لهم تجون حياكم الله.. بس تصحونها لا
يقولون حن جايين نبي نسهر معها..
أقول لهم هذي منتهية تعب.. مهوب راضين يفهمون"


كانت هذه جملة جوزاء المرحة لعالية وهي مشغولة بترتيب أغراض شعاع وتكمل باهتمام:
تروحين معي بكرة الصبح الأوتيل نرتب جناح العرسان ونودي أغراض شعاع..
مزون بعد بتجي تجيب أغراض أخيها!!

عالية بحماس رقيق: نروح ليش لأ.. حلوة أجواء حوسة العرس وإن الواحد يكون عنده عروس في البيت ويدبك لها ومشغول معها..
أنا أخواني كلهم شباب ماجربت ذا الحوسة..
حتى أنا حنيتوني غصبا عني.. مع إني ما أحب الحنا..

حينها لم تستطع جوزاء إخفاء تأثرها: كان المفروض إن حن اللي رتبنا لش وانشغلنا معش وحسسناش بأجواء العرس..


مهما كانت عالية تدعي أن هذه شكليات لا تهمها..
فهي مهما كان شابة كانت تنتظر هذه الليلة وترسم لها مخططات طويلة من التجهيز والاستعداد..
وخصوصا وهي ترى هذه الاستعدادات أمام عينيها بينما هي حُرمت منها

ومع ذلك همست لجوزاء بمرح مصطنع: يا بنت الحلال الله رحمني.. يدري إني مالي بال على ذا كله..

جوزاء حينها كانت تعبث بهاتفها كما لو كانت ترسل رسالة ما وهي تهمس لعالية بمودة صافية: الله يعطيش على قد نيتش.. ويسخر عبدالرحمن لش..
قولي آمين..

ابتسمت عالية: والله يرزقش أنتي وعبدالله بولد وإلا بنوتة وأنتي بصحة وسلامة
على قد ما تعبتي مع شعاع وهلكتي نفسش..






**********************************






" كاسرة أشفيش تونين؟؟"

كاسرة تعتدل بصعوبة وهي تلتفت لكساب الذي تمدد جوارها للتو وتهمس بألم:
ظهري ذابحني.. اليوم كنت أساعد مزون في ترتيب أغراض علي..
وشلت شنظة ثقيلة وحسيت إنه فيه شيء في ظهري انعقد..

كساب حينها هتف بغضب حقيقي: ليه من قلة الخدامات في البيت عشان تشيلين الشنطة بروحش..؟؟
كان دعيتوتهم وخليتهم يتساعدون على الأغراض.. والشنطة اللي شلتيها بروحش كان شالوها ثنتين منهم..

كاسرة بضيق نابع من ألمها: كساب واللي يخليك.. اللي فيني مكفيني..
بكرة عرس أخيك وبنت عمتي ومن الصبح بأكون مشغولة.. ما أدري حتى متى بألحق أروح المستشفى..

كساب شد له نفسا عميقا حتى لا ينفجر فيها وهو يهتف لها بأمر: وين ظهرش يوجعش.. خلني أحاول فيه..

كاسرة بجزع: لا كساب تكفى.. تبي تقرطبه.. تقوم وتكسره..

كساب بأمر أكثر حزما: والله ما أقرطبه.. بس وريني ( يقرطب= يطرقع فقرات الظهر أو الأصابع بصوت مسموع)

كاسرة أشارت له أين الألم حتى تسكته وهي تهمس له برجاء مخلوط بحزمها:
كساب يا ويلك توجعني..

كساب تحسس ظهرها بدقة حيث أشارت حتى وصل إلى مكان معين ثم همس بإبتسامة:
هذي هي..

ضغط المنطقة المعقودة ضغطة بسيطة جدا فانحلت.. كاسرة شهقت وهي تعتدل وتهمس بدهشة: وش سويت؟؟ ظهري كأنه ما كان فيه أي شيء!!

ابتسم وهو يجيبها ببساطة: فكيت العضلة اللي انعقدت يوم شلتي الشنطة..

كاسرة بدهشة أشد: ووين تعلمت ذا الشيء بعد؟؟

كاسرة كان بودها أنها لم تسأل.. لأنها تعلم أنه لا جواب لسؤالها..
لذا تفاجأت أنه أجابها ببساطة غريبة: تعلمتها من ربع السجن الله لا يذكرهم بالخير ولا يرد أيامهم.. كانت ظهورنا تتعقد من النومة على البلاط..
فالصبح إذا طلعنا للساحة.. فيه واحد تايلندي كان سكنيّ.. علمني أشلون أفكها.. وأنا أشوف وش يسوي للمساجين..

كاسرة مازالت غير مستوعبة لما قاله.. فهي لم تعلم أنه قد سُجن إلا في حادثة قتل العامل قبل زواجهما وحتى تلك الحادثة لم يدخل السجن حتى..
مع ذلك أجابته باستنكار: كذاب.. السجن عندنا مايخلونهم ينامون على البلاط.. ينامون على سراير ..

اجابها بذات البساطة الغريبة: ومن قال لش انسجنت هنا.. انسجنت هناك في أمريكا..

مازالت عاجزة عن الاستيعاب: متى؟؟ متى؟؟

أجابها بذات النبرة الواثقة البسيطة: بعد تخرجي من الماجستير على طول..

كاسرة حينها كما لو كانت ضُربت على رأسها وهي تهمس بصدمة حقيقية: الخمس شهور اللي قلت إنك كنت فيها في رحلة تخييم فوق الجبال؟؟

أجابها بشبح ابتسامة: شاطرة!!

لا يعلم لماذا أخبرها بشيء لا يعلمه أحد.. ربما أراد أن يوصل لها رسالة.. لا يعلم هل وصلتها ام لا..

ولكنها لم تكتفِ بما قاله.. لأول مرة تشعر به يشاركها هكذا سر لا يعرف به احد..
شعور غريب كان يجتاح كيانها وهي تسأله بإصرار:
زين ليش انسجنت؟؟ وش سويت؟؟

أجابة حينها بحزم: ماسويت شيء أبد..

سألته بذات الإصرار: يعني انسجنت ظلم..؟؟

أجابها بذات الحزم: ولا انسجنت ظلم..

كاسرة تشعر بالتشوش: دامك ماسويت شي.. ولا انسجنت ظلم.. فليش دخلت السجن؟؟

أجابها حينها بحزم أشد: السبب مالش دخل فيه.. يكفيش إني قلت لش شيء ماحد يدري فيه ابد..

أجابته بغضب: لا.. لي دخل.. لا تقول لي نص السالفة وتسكت على نصها..
ما كان قلتها من أساسها..

حينها أجابها بتلاعب خبيث حتى يلهيها عن السؤال:
يعني ذا اللفة كلها عشان ما تعطين الدكتور اللي عالج ظهرش أتعابه..؟؟

كاسرة قفزت وهي تهمس بغضب حقيقي:
كساب لا تسخف الموضوع.. ليش يوم تقربني منك وتقول لي شيء...
ترجع تبعدني في نفس اللحظة.. هذي مهيب حياة.. حرام عليك..
معيشني في فيلم غامض ما أعرف شيء عنه!!

حينها وقف ليجابهها واقفا وهو يهتف بحزم غاضب: وليش ما تقولين إنش ما تشوفين أبعد من خشمش.. وتفكيرش محدود.. وتموتين في النكد؟؟

كاسرة تناولت روبها الموضوع على طرف السرير وهي تهمس بحزمها الغاضب:
القعدة معك تقصر العمر.. بأروح أرقد في الصالة أحسن لي..

ولكنه شدها ليثبتها في مكانها..
غاضب بالفعل.. رغم خطورة ماقاله لها ومع ذلك لم تكتفِ.. لم تنظر لما قاله لها وأهميته.. بل نظرت إلى مالم يقوله..

"يا الله.. متى ستفهمه هذه المخلوقة الغبية؟؟ " لذا هتف بغضبه المتفجر:
أنا أبي أعرف النكد يمشي في عروقش بدل الدم...؟؟
منتي برايحة مكان وبترقدين جنبي وفي حضني.. برضاش وإلا غصبا عنش..





******************************************





" هلا حبيبي مهوب كنك تأخرت شوي!!"


عبدالرحمن يحرك مقعده للداخل وهو يبتسم: بلى تأخرت بس كان عندي مشوار ضروري..

عالية بفضول: مشوار شنو؟؟

عبدالرحمن بمودة صافية: أخذي الكيس المعلق في مقبض الكرسي وتدرين..

عبدالرحمن منذ جاءت عالية لبيته وإحساسه بالذنب الرقيق يتزايد.. لا يستطيع أن يتناسى مطلقا أنه بأنانيته حرمها من حقها بالفرح كعروس..
وخصوصا وهو يرى الأيام الماضية كيف يقف البيت على قدم واحدة استعدادا لزواج شعاع..

أ لم تكن عالية تستحق استعدادا كهذا وهي وحيدة والديها المدللة؟؟!!
وماكان ينقصه لاكتمال احساسه بالذنب هو رسالة جوزا الليلة وهي توصيه أن يحاول التخفيف عن عالية لأنها حتى لو أخفت تأثرها.. فهي متأثرة وبشدة!!

يعلم أن الهدية مهما كانت ثمينة لن تكون تعويضا لها.. فالهدية أمر مستحق لها ولن تعوض النقص الذي حصل..
ولكن ماذا يفعل؟؟ ليس بيده شيء آخر!!

عالية ابتسمت بشقاوة وهي تستخرج العلبة المغلفة: هذي لي؟؟

ابتسم عبدالرحمن بحنان: لا حق حبيب قلبش اللي في جنوب أفريقيا..
افتحيها وشوفي لو ذوقي بيعجبه..

عالية شدت مقعد عبدالرحمن حتى قربته من من مقعدها ثم جلست وهي تفض غلاف الهدية حين فتحتها.. همست بتأثر:
تجنن ياقلبي.. بس واجد كلفت على نفسك..
شكلها أغلى حتى شبكتي بواجد..

ابتسم بذات الحنان: شبكتش مابعدني أعرفش..
بس الحين كل ماشفت شيء في المحل قلت والله مهوب قدرها عندي..
ولو علي كان جبت لش المحل كله..
بس هذا اللي قدرت عليه الميزانية..
عشان تلبسينه بكرة في عرس شعاع..

عالية وضعت الطقم الماسي الثمين جانبا ثم وقفت لتقبل رأسه بتأثر وهي تهمس بذات التاثر: الله يكبر قدرك ولا يحرمني منك.. قول آمين..

عبدالرحمن شدها ليجلسها على قدميه وهو يطوق خصرها ويهمس بولع حقيقي مغلف بندم شفاف:
خليني أمشي والله يمن علي.. والله لأعوضش عن اللي سويته فيش وأنا أجيبش هنا بدون عرس ..

عالية حينها طوقت عنقه ودفنت وجهه تحت أذنه وهي تهمس بدفء:
عبدالرحمن الله يهداك اشفيك واجد متحسس من ذا الموضوع..
ماراح أكذب وأقول أني ما تمنيت عرس مثل باقي البنات..
بس والله العظيم وهذا أنا حلفت.. لو خيروني بينك وبين ألف عرس..
إنك كفتك اللي ترجح بدون مقارنة..





***************************************




" عبدالله حبيبي تعبانة.. أبي أنام!!"

عبدالله بخفوت دافئ: بس كلميني عشر دقايق ياقلبي..
أشلون يجيني نوم وأنا حتى ماسمعت صوتش..
مهوب كفاية إنش من البارحة بايتة عند هلش ومخليتني..

حينها ابتسمت بشغف رغم إحساسها بالنعاس وهي تعدل المخدة تحت رأسها:
يا النصاب أنت ما تنسى حركات النصب لو مهما صار..

عبدالله ابتسم: إيه.. على قولت أخواننا المصريين.. اللي إيدو في المية مش زي اللي أيدو في النار..
وش عليش نايمة عند هلش ومبسوطة وأنا قاعد بريحاتي أعد الوردات اللي في جبس السقف..

جوزاء ضحكت برقة: صدق نصاب..

عبدالله بولع: دام أبو حسن سمع ضحكتش.. تراه راح في خرايطها .. وماعاده بممسي الليلة..

جوزاء بولع أعمق: جعل أم حسن ماتذوق حزن أبو حسن وعمره طويل لها ولعياله..

عبدالله برجاء رجولي دافئ: زين وشرايش أمرش الصبح نطلع نتقهوى سوا؟؟

جوزاء برفض مرهق: لا ياقلبي والله ماعندي وقت..

عبدالله بتأفف: حرام عليش يالظالمة يومين ما شفتش..

جوزاء برقة: خلاص بكرة في الليل راجعة لا تسوي فيها ذايب وأنت من جنبها..

عبدالله يضحك: أنا من جنبها.. زين.. بكرة أول مايزفون المعرس ترا بأجي أخذش..
خلاص لا زفوا أختش مالش في العرس عازة..






*********************************************






" أم زايد الله يهداش.. حولتيني اقعدي"


ضحكت عفراء برقة: حبيبي أنا كذا لاصار وراي شيء مهم ما أقدر أقعد..
وهذا مهوب أي شيء.. هذا عرس علي فديت قلبه..

منصور يتمدد بشكل جانبي وهو يستند على كفه ويقبل زايد الصغير اللذي مدده جواره على السرير وهو يهتف بفخامة حميمة:
زين أنا وش ذنبي؟؟ اقعدي خليني أشبع من شوفة وجهش شوي..
أنا شكلي أتبرا من عيال أخي كلهم أحسن..
شايلة همهم من قلب..

عفراء تجلس خلفه وهي تهمس برقة: يمه منك.. هذا أنا جيت.. ما يوكل عشاك لا تخاف على روحك..

منصور حينها وضع عاد للوراء وهو يتمدد على ظهره ويضع رأسه على فخذها ويبتسم:
يخسى اللي يأكل عشاي.. مابعد جابته أمه ( ما يوكل عشاه= كناية عن الرجل الذي لا يُداس له على طرف)
والحين أنتي رايحة جاية وعرس علي بكرة ليش؟؟

عفراء تمسح على شعره وتهمس برقة: ما أدري.. مشتطة ياقلب خالته..
يا سبحان الله كنت دايم أقول من اللي تستاهل علي وكفو له..
وياسبحان الله الطيبون للطيبات.. مرته مهما أقول رقيقة وطيبة ما أوفي..

منصور يبتسم: فلت مني الهيس.. لو أنه ماخذ بنت فاضل وإلا كان خليته يأخذ جميلة..

عفراء باستنكار: لا حرام عليك.. أنا أصلا ما أرضاها لعلي.. حتى لو كنت أشوف إنه مافيه أحسن منه لبنتي!!
بس جميلة آجعته واجد يوم رفضته.. نروح نغصبه عليها..

حينها أجاب منصور بغموض خيرة من الله: جميلة كلها كم يوم وتخلص عدتها وربي يرسل لها اللي أحسن منه..

عفراء بضيق: ياربي يامنصور أنت ليش مصمم على ذا الموضوع.. قلت لك ما أبي بنتي تعرس..

حينها هتف منصور بغضب: إلا بتعرس وتعرس.. وإلا تبينها تقعد على أطلال اللي باعها برخيص..
تدرين إن الشيخ عرسه كان قبل كم يوم.. اقعدي ابكي عليه.. وخلي جميلة تبكي معش..

عفراء بصدمة: عرسه قبل كم يوم؟؟
ثم أردفت بعصبية: خلاص الله يوفقه.. رجال وتملك وما عقب الملكة إلا العرس
بس هذا ما يغير من أنه بنتي ما تبي العرس وتبي تكمل دراستها وبس..

منصور اعتدل جالسا وهو يهتف بحزم: وأنا أقول إنها بتعرس..
لأن الرجّال اللي ابيه لها وش يدريني يقعد ينتظر.. ماعاده بصغير في السن.... وأنا مستحيل أخليه يضيع من يد بنتي!!






****************************************




" أي واحد أحلى؟؟ هذا وإلا هذا؟؟ "


تميم يشير لسميرة بإبتسامة مرهقة: حرام عليش حبيبتي دوختني..
أنتي أساسا موب مسوية لعرس شعاع فستان ليه ما تلبسينه وخلاص..

سميرة بتأفف: يعني هذا كله عاجز تعبر لي عن رأيك..

ابتسم تميم: ماصار رأي.. صار قضية الشرق الأوسط..

ابتسمت سميرة وهي تعيد الفستانين لداخل الدولاب.. مازالت تعترف أنها حتى بعد تواصلها الحميم مع تميم مازالت تعاني أنها لابد أن تفرغ يديها الأثنتين حتى تستطيع أن تشير..
كأبسط موقف.. الذي حدث قبل قليل.. لا تستطيع أن تحمل الفساتين بيديها وتسأله أيهما أفضل.. بل لابد أن تعلقها أولا حتى تستطيع أن تتحاور معه..

ومغ ذلك هاهي تحاول جاهدة ألا تجعل ذلك عقبة بينهما..
لذلك وحتى تعاقب نفسها على مجرد التفكير بهكذا تفكير..
أخرجت كل فساتينها وهي تعرضها أمام تميم.. حتى تعتاد أنها لابد أن تفرغ يديها كلما تحاورت معه.. وأن تراه أمرا تلقائيا لا يدعو للضيق..

ولكن مع شخصية كثيرة الكلام كما هي ترى نفسها.. يبدو الأمر أصعب بكثير..!! وسيحتاج لكثير من الجهد منها!!





************************************





" يعني ما أشوفش استئذنتيني تروحين للعرس
لا تكونين ناوية تروحين بدون استئذان!!"

نجلاء تبتسم بإرهاق وهي تعدل المخدة وراء ظهرها: إلا أفكر ما أروح من أساسه.. تعبانة واجد حبيبي..

صالح بعتب: مايصير يا قلبي هذولا جماعتنا عدا إنه بيننا وبينهم نسب..
العروس أخت مرت عبدالله ورجّال عالية..


نجلاء بذات النبرة المرهقة: أدري حبيبي بس الليلة من كثر ما أنا تعبانة حاسة مالي خلق شيء..
يمكن بكرة نفسيتي أحسن.. تلاقيني متزكرته ومرتزة وأقول لك ودني..

صالح بقلق: يا بنت الحلال توش على التعب.. توش في السابع..

نجلاء بابتسامتها المرهقة: ثقيلة يا قلبي ذا الحمل.. مع إني أوله ما حسيت فيه..

ابتسم صالح: بنتي ما تجي بالساهل.. بنتي كايدة !!

نجلاء تضحك: وأنت ليش ملزم إنها بنت ...؟؟

صالح يضحك: أنا أدري إنه من النذالة اللي فيش ماتبين تسألين الدكتورة عشان تحرقين أعصابي... بس أنا حاسس إنها بنت..
ميت أبي بنت... حتى خوات ما كان عندي إلا عالية.. لا ولابسة ثوب ولد على طول وهي صغيرة..
خاطري أشوف شعور مربطة وفساتين وألوان وردية!! جفاف وتقشف عندنا في ذا العايلة.. عساكر وجباوة !! لاعت كبدي!

نجلاء بخبث: ولو جبت ولد..

صالح يهز كتفيه بمرح: عادي نعطيه عبدالله ونأخذ بنتهم اللي بيجيبونها..

نجلاء تضحك برقة: وأنت وشدراك إن عبدالله بيجي ليه بنت؟؟

صالح بإبتسامة: تحلمت إنه بيجيب بنت وكم مرة..

نجلاء تبتسم: زين فالح تحلم لعبدالله.. وماحلمت لروحك..

صالح يمد كفه ليمسح على بطنها بحنو ويهتف بإبتسامة:
من كثر شفقتي على بنتي ما قدرت أحلم فيها!!






***********************************





اليوم التالي
.
.
.



" وش فيش يأبيش قاعدة ذا الحزة؟؟"


شعاع التي كانت تجلس في الصالة وهي تجلس على الأريكة وتضم ساقيها لصدرها..
انتفضت بخفة وهو تلتفت لوالدها..
لا تعلم كيف قفزت العبرات لتزدحم في حنجرتها وهي تراه أمامها وماء الوضوء مازال يتقاطر من لحيته..

همست باختناق خجول: راقدة البارحة بدري وشبعت رقاد.. وتوني قمت وقلت بأنتظر آذان الفجر..
أنت اللي أشفيك نازل قبل الآذان حتى؟؟

أبو عبدالرحمن حينها همس بحزم مخلوط بالحنان وهو يجلس جوارها: أنا ماجاني رقاد.. البيت يأبيش عقبش بيغدي عقبش كن مافيه حد بسلامة هله..

حينها استدارت شعاع لتدفن وجهها في كفه وعبراتها المكتومة تسيل مع شهقاتها الخافتة..
أبو عبدالرحمن احتضنها بحنو وهو يهمس بذات النبرة الحانية الحازمة:
يا أبيش لا تهتمين من شيء.. رجالش رجّال فيه خير..
الله الله فيه.. تراه تعبان واجد!!

شعاع لم تستطع أن تجبه بشيء وهي تشدد احتضانها لخصره.. وشهقاتها الرقيقة تتزايد وتتزايد..
بينما صمت وهو يتنهد ويشدد احتضانه لها وهو يمسح على خصلات شعرها بحنو بالغ...







********************************************






" لا زايد أنا اللي بأقول للبنت.. ماراح أقول لأم عبدالرحمن تقول لها شيء!!"

زايد بحزمه المعتاد: بس أخاف الموضوع يكون محرج لش.. وأنا ما أبي أحرجش..
كفاية الحرج لا قلتي لأم عبدالرحمن أشلون لا قلتيه للبنت"

مزنة بمنطقية: صحيح السالفة محرجة شوي.. بس شعاع مثل بنتي..
والأحسن إني أقول لها بدون وسيط... لأن السالفة ذي كل ما قلوا اللي يعرفون بها كان أحسن..
يعني كفاية أنت وعلي وأنا وشعاع..
الموضوع فيه حرج كبير لعلي وأنا ما أبي عمته تشيل في خاطرها من أولها..

ابتسم زايد: الله يكملش بعقلش..
أنا أدري إن علي بيزعل لو درا أني وصلت الكلام للبنت..
بس أنا ما أبي البنت تتضايق يوم تشوفه كاش منها وإلا مايقرب ناحيتها!!
وهي خذته وهي عارفة أساسا إنه مريض!!

مزنة بمودة: لا تحاتي يا أبو كساب.. أنا بأوصيها ما تبين له شيء..

زايد يتناول كفها ويفتح باطنها ليقبلها قبلة واحدة دافئة شديدة العمق وهو يهمس بامتنان عميق مغلف بنبرته الواثقة:
ما أدري أشلون كنت باتصرف في الموضوع من غيرش..
مستحيل كان أقول لبنتي او عفرا مثل ذا الكلام..
وأنا واجد مهتم من موضوع علي وما أبي شيء يضايقه.. كفاية اللي فيه!!





*************************************






" وأخيرا شفت الشارع.. آخر مرة شفته قبل أسبوعين.. ليلة عرس إبي"


كساب يبتسم: اصطلب وصر رجّال.. وشوف الشارع على كيف كيفك..

ابتسم علي: يا ثقل طينتك يا ولد إبي.. تراني الليلة عريس.. يعني عاملني معاملة سبيشل.. ماعندك إلا كلامك اللي يسم..
الله يعين بنت ناصر عليك..

كساب يبتسم: أنا والله (مثل العومة ماكولة ومذمومة)... الله يعيني عليك أنت وبنت ناصر..
الحين أنا الصبح وصلتها هي ومزون للفندق.. والحين جاي أخذك أوديك لحلاق..
وعادك تبي تحاسبني على الحكي !!


علي مازال يبتسم ابتسامته الشفافة التي تغلف كثيرا من الأسى:
أنت كم جناح حجزت؟؟

كساب بثقة: أربعة.. واحد لك واحد للعروس وأهلها.. واحد للبنات يتعدلون فيه.. والرابع للعرسان.. عشان ماحد يفتح جناحكم لين الزفة..

علي تنهد: قلت لمزون إني ما أبي أنزل للكوشة اللي تحت..؟؟

كساب بعملية: قلت لها.. فهي تقول إنهم سووا لكم كوشة بسيطة في جناحكم عشان التصوير..
ثم أردف وهو يبتسم: مع أني أدعي ربي تسوي فيك مثل ما سوت مرتي فيني..
تقول مهيب طالعة لين أنت تجي وتطلعها!! عشان أتشمت فيك مثل ما تشمت فيني تيك الليلة..

حينها أجابه علي بإبتسامة مرهقة: مرتك ماشاء الله رأسها يابس.. مثلك..
لكن أنا واحد رايق.. ويقولون مرتي مثلي..
يعني كل واحد ربي يعطيه اللي مثله!!
وبعدين أنت وضعك كان غير..
أنا لو عليّ.. والله ودي ما أكسر بخاطرها في شيء..
بس لا نفسيتي ولا وضعي يساعدون..





*********************************





" مرت خالش سابقا وش فيها تزن في أذن شعاع؟؟"


جوزا بتلقائية: يمكن توصيها.. خالتي مزنة نعتبرها أمنا الثانية!!

ابتسمت عالية (بعيارة): أكيد لازم توصيها.. ولد رجّالها!!

ابتسمت جوزاء وهي تنظر لشكلها في المرآة.. فستانها الشيفون البحري المتسع قليلا من عند بطنها التي بدأت تبرز وهي تهمس بابتسامتها:
يا السكنية حرام عليش.. رجّالها يستاهل من يوصي عليه.. صبي تعبان..

عالية المتأنقة بخصوصية راقية في فستان فضي ضيق جديد اشترته للتو كانت تضحك: زين ليه ما وصيتيني على الدحمي؟؟

جوزاء تنظر لها من الأسفل للأعلى وهي تهمس بخبث باسم:
ما تحتاجين وصاة..
إلا إذا تبين أقول لش خفي شوي من اهتمامش فيه.. خنقتيه!!

عالية تكبر في وجهها بطريقة تمثيلية مرحة: الله أكبر عليش.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
والله لو فيه وحدة بيوصونها تخف اهتمامها برجالها تكون أنتي!!
اللي لو صار قاعد معش في الجلسة ما تقدرين تشيلين عينش من عليه.. تخافين تفوتش منه نظرة ولا كلمة..

جوزا تقرصها في فخذها وهي تهمس بمرح: يمه منش يا اللي ما تستحين.. حشا مهيب عيون... مشغلة أبراج مراقبة!!

.
.



في زواية الجناح..
مزنة تنتهي من حديثها مع شعاع التي كانت قد أنهت مكياجها وفرد شعرها..
وتنتظر فقط أن تلبس فستانها حتى تعمل تسريحة شعرها..
وتحمد الله أنها تضع أطنانا من البودرة والإضاءة وإلا كان احمرار وجهها ظهر صارخا متفجرا..

بينما مزنة كانت تختم حديثها بنبرة أمومية حازمة:
يأمش أدري إنه الكلام ذا ما يليق أقوله لش.. بس أنتي مثل بنتي.. وعلي مثل ولدي..
وأنا مابغيت أدخل حد في السالفة.. وعلي ترا مافيه عيب يأمش نهائي..
بس...........


شعاع قاطعتها بخجل: بس يمه تكفين.. والله أني فهمت قصدش.. والموضوع بكبره ما يهمني ولا حتى فكرت فيه..
أنا أساسا أدري إن علي مريض وماني بمنتظرة منه شيء.. تكفين يمه لا تحرجيني أكثر..
ولا تحاتين.. علي في عيوني.. وأنا معه لين يتشافى من مرضه..


مزنة تقف لتقبل جبين شعاع وهي تهمس بحنان:
الله يعطيش على قد نيتش ويجمع بينكم في خير... خلني أروح أشوف البنات خلصوا وإلا لا..



.
.
.




" يمه ليش أحس أنش ما تهضمين خالتي مزنة؟؟"


عفراء باستغراب وهي تلف زايد جيدا لتحمله: أشلون ما أهضمها..
هذا أنا قبل شوي أسولف معها عادي..

جميلة بنبرة مقصودة مع نظرتها السابرة: يمه لو دسيتي على خلق الله ما تقدرين تدسين علي..
يعني عشانها خذت رجال أختش؟؟ ترا خالتي وسمية قربت على 18 سنة من يوم توفت..

عفراء تقف وهي تهمس بحزم: ما سمعت أسخف من ذا الكلام..
هاش اخذي أخيش خلني أروح أشوف مزون خلصت وإلا لا..

عفراء غادرت غرفة النوم حيث كان زايد الصغير نائما متوجهة لصالة الجناح..
تعلم في داخلها أن جميلة محقة..
فهي مازالت غير قادرة على تقبل مزنة...لا تستطيع أن تنسى أنها كانت سببا لتعاسة أختها وحتى لو بغير قصد منها..

وما يؤلمها وآلمها.. أن مزنة مازالت حتى الآن باهرة الجمال.. وجمالها من النوع الذي يدير رؤوس أعتى الرجال..
فماذا بقي لأختها في ذاكرة زايد ومثل هذه بين يديه؟؟!




.
.
.


" يمه أنا وسميرة خلصنا ونبي نروح لشعاع.."

ابتسمت مزنة وهي تجيب وضحى: يمه منكم.. توكم كنتو عندها قبل تجيكم الكوافيرة.. ومابغيتوا تجون لين حرقتكم بالتلفونات..
روحوا الله يسهل عليكم.. واقعدوا عندها بعد لين تنزل.. ريحوني من حنتكم..

سميرة تضحك: يمه هذي ريحة عرس.. الواحد يلاقي ريحة عرس كل يوم..؟؟

كاسرة كانت من أجابت هذه المرة بإبتسامة: على شفاحتكم على العرس
تقولون مابعد عرستوا... وحدة عرست والثانية في الطريق..


وضحى وسميرة ارتدتا عبايتيهما وغادرتا... بينما كانت مزنة تلتفت لكاسرة وتهمس بحزم: يا الله يأمش تجهزي عشان ننزل.. لازم نكون في الاستقبال من بدري..

كاسرة باستعجال: خمس دقايق وأكون جاهزة!!

ثم أردفت مزنة كمن تذكرت لها شيئا: كاسرة يأمش فيزتش خلصت وإلا؟؟

كاسرة بتلقائية: خلصت بس ماراح نروح مع علي.. وكساب يقول إن سفر علي أساسا تأجل يومين
لأنه عمي زايد هو اللي بيروح مع علي!! ما رضى يخليه بروحه!!


حينها تصاعد ضيق عميق عميق في روح مزنة..
أ يقرر أن يسافر دون أن يعطيها خبرا حتى..؟؟

بالتأكيد لا مشكلة لديها مطلقا أن يسافر مع ابنه.. ولكن المشكلة أنها تعلم خبرا مثل هذا من سواه..
وهي كانت قد رأته للتو هذا الصباح حين عاد من المستشفى وطلب منها إخبار شعاع بوضع علي الصحي!!

أ لم يجد حينها الوقت أيضا ليخبرها أنه سيسافر مع ابنه؟!!!!
أو بمعنى أصح لم يجد دقيقة واحدة ليخبرها؟؟
ماذا يقصد بذلك؟؟
أنها غير ذات أهمية في حياته لدرجة أن يتجاهل إخبارها بهذا الموضوع الشديد الأهمية؟؟؟







***********************************





" يبه تبي تكسر عليّ؟؟
قاعد جنبي ولابس بشت أسود تقول أنت العريس..
عرسك قبل أسبوعين ما لبست بشت جاي تلبس الحين!!"


زايد يبتسم برزانة محترفة وهو ينظر لعلي بمودة غامرة: من جدك؟؟
أنا ملكة بس وفي مجلسي.. وأنت جاي لك أمة لا إله إلا الله.. تبيني أقعد قدامهم بدون بشت..؟؟

ثم أردف باهتمام: ترا يأبيك سفرنا عقب يومين إن شاء الله.. أنا غيرت في الجدول شوي.. عشان الدكتور اللي حن رايحين له تغيرت مواعيده..

علي حينها أجاب بنبرة أقرب لعدم اهتمام: مهوب مشكلة.. بكيفك..


ولماذا يهتم؟؟ أو حتى يشعر أو يحس؟؟
يشعر كما لو كان أشبه بأحد ممثلي الكومبارس الذين يمثلون أنهم أفراد من جيش ما في مسلسل تاريخي..
لا يمكن أن ينتبه لهم أحد ولا أهمية لهم سوى تكثير أفراد الجيش..

كل شيء يتم تقريره في حياته دون أن يعودوا له.. زواجه.. حياته.. وحتى علاقته بزوجته!!
فما الذي سيهتم له بعد؟؟

لم يكن هكذا مطلقا من قبل.. بل كان رغم هدوءه وسماحة أخلاقه حين يقرر قرارا لا يتراجع عنه..
مثلما قرر أن يسافر ليعمل في مكاتب التمثيل الخارجي ولم يستطع أحد ردعه..



لــكــــــن...
من بعدها هي... أحواله كلها تغيرت..
دخلت في حياته لمجرد دقائق حتى تقبلها رأسا على عقب!!
في أحيان كثيرة بات يظن أن ما رآه مجرد شبح أو طيف أرسله الله له ليعاقبه على ذنب لا يعلم ماهو !!

ولكنه في ذات اللحظة رغما عنه تستعيد ذاكرته المثقلة بالشجن واليأس..
ملمس ليونة جسدها ورقة عظامها وعبق رائحتها.. ليعلم أنه لا يمكن أن توجد حقيقة أقوى منها!!
تبدو كما لو كانت الحقيقة الوحيدة في حياته التي باتت ضبابية من بعدها!!


يزفر بحرارة تنهيدة بضخامة المجرة... حتى في هذه الليلة التي يجب أن يكون تفكيره محصور في امرأة واحدة هي زوجته..
لا يستطيع أن يفكر في شيء سواها.. حبيبته المجهولة!!
هي.. الحلم.. الذي يبدو أنه سيموت وهو يلهث وراءه!!


يستغفر ويكثر من الاستغفار.. لتدمي روحه أكثر..وأكثر!!
لأنه كلما استغفر كلما تزايد تفكيره بها..


"يبدو أنها فعلا عقوبة من الله عز وجل لي!!
فمتى ترحمني يارب؟؟ متى؟؟
تعبت يا الله!! تعبت!! "




.
.
.

زاوية أخرى من حفل الزواج الضخم..





" أبو زايد اقعد شوي الله يهداك
استقبال واستقبلت.. وترحيب ورحبت.. والمعازيم كل واحد قاعد في مكانه وانتفخ من كثر ما تقهوى وكل حلى..
اقعد خلاص.."

كساب يتنهد وهو هو يجلس جوار غانم: هي ليلة وحدة.. يعني أخي بيتزوج كل يوم..

غانم يبتسم وهو يهمس بمرح: والحين ليلة عرسي كنك بتسوي لي كذا
كبرت المخدة ورقدت لين أجي في الزفة بس..

كساب يبتسم: أنا ليلة عرسي.. علي سوى لي أكثر من كذا..
وأنت ماشفت وجهك إلا مع المعازيم يوم جاو..

غانم يضحك: والله تيك الليلة ماكنت نسيبي.. لو أنك كنت نسيبي كان لقيتني في العرس من فجر..

كساب يضحك: يا الكذوب.. هذا علي نسيبك وماشفنا وجهك إلا مع المعازيم بعد..

غانم مازال يضحك: والله العظيم توني جاي من رحلة يا الله لحقت أبدل..

كساب بابتسامة: مهوب شغلنا كان اعتذرت عن الرحلة..
مهوب تاخذ أختنا وتبينا نرتب عرسك بعد..
احنا أساسا بنجي نخربه عشانك خذت شمعة بيتنا...

ابتسم غانم ابتسامة مقصودة: هذا أنتو منتو بمقصرين علي بالنكد
حتى موعد عرس.. منتو براضين تبلون ريقي بموعد..

كساب ينظر له نظرة مقصودة باسمة: شين الطفاقة ياناس.. اركد يا ولد الناس قدام نغير رأينا.. أختنا وكيفنا!!

غانم يضحك: مايسوى علي أختك.. ذليت أبو طوايفنا!!




.
.
.


زاوية ثالثة من الحفل..



" ماشاء الله.. ماهقيت بأشوف علي كذا..
صار لي مدة مازرته .. بس حالته تحسنت واجد عن أول..
تقريبا راجع لحالته الطبيعية"

منصور بفخامة: الحمدلله على كل حال..

فهد يبتسم: والله شوفته بالبشت شهوتني على العرس..

منصور يرد بابتسامة مشابهة: أنت كل عرس نحضره تقول شوفت المعرس بالبشت تشهويك على العرس ولا حصل ذا العرس..

فهد يضحك: وش أسوي.. بأنتظر عشرين سنة لين تكبر بنتك اللي أنت وعدتني فيها..

حينها همس منصور بنبرة حازمة مقصودة: وليش تنتظر 20 سنة وأنا عندي بنت عمرها 20 وجاهزة..؟؟

فهد بمرح: ماشاء الله على بنتك نازلة من بطن أمها عمرها 20...
يالله حاضرين متى الملكة؟؟

أجابه منصور بجدية : عقب أسبوعين تعال اخطب مثل الناس.. وعقبها انشد متى الملكة..

فهد مستغرب نوعا ما.. حتى وإن كان حضرة العقيد من النوع الحاضر البديهة المرح بتوازن.. ولكنه مطلقا لا يبالغ في المزح كما يفعل هذه الليلة..
لذا خشي لاحترامه الشديد له أن يتمادى معه في المزح.. فصمت!!


لكن (حضرة العقيد) لم يصمت وهو يردف بنبرة شديدة الحزم:
فهد أنا ما أرخص بنتي يوم أعرضها عليك.. ولو أنه حد غيرك ماعرضتها عليه..
بس أنت عارف غلاك عندي.. أنا اعتبرك مثل ولدي.. عشان كذا أبيك لبنتي..


فهد بدأ يتشوش لأبعد حد.. ولا يعلم حتى عن ماذا يتكلم.. عن أي بنت يتحدث وهو ليس لديه سوى ولد عمره أشهر قليلة؟؟

ولكنه فهم مايقصده العقيد لتتبعثر مشاعره من الصدمة تماما ومنصور يكمل بذات النبرة الحازمة:
أدري مايصير نتكلم في موضوعها الحين لين تخلص عدتها.. وعدتها بتخلص عقب أسبوع..
بس الكلام جر بعضه.. وإلا أنا ماكنت ناوي أتكلم معك الحين..


فهد بهت تماما من الصدمة.. بهت.. تبعثر تماما..
" أ يقصد بكل هذا الحديث ابنة زوجته المطلقة؟؟
أ هي من يقصدها بابنته؟؟
متى أصبحت ابنته وهو للتو تزوج من أمها من سنة واحدة؟؟ "


" لذا الدرجة أرخصتني يا حضرت العقيد وأنت اللي أغلى علي من خلق الله..
تبي تزوجني مطلقة؟؟ ولا هيب من قبيلتنا حتى؟؟
لذا الدرجة هنت عليك عشان بنت مرتك؟؟ "

فهد أغلق عينيه وفتحها وكأنه يحاول نفض الصدمة التي لا تنتفض..

" مطلقة؟؟ كانت لرجال قبلي؟؟ "

فهد ارتعش بعنف ارتعاشة لم تتعد داخله إلى ملامحه المتحكمة الخارجية..
قد يكون لم يفكر بالزواج كفكرة قريبة الوقوع..
ولكنه كأي شاب كان في خياله مواصفات معينة.. ولم تكن امرأة كانت لرجل قبله من ضمن خياراته أبدا..

لماذا يتزوج من فتاة ليس هو الأول في حياتها وهو من لم يسبق له حتى مجرد الاحتكاك بامرأة؟؟
لم يهاتف فتيات.. ولم يرفع جتى طرف عينه إلى امرأة..
فكيف تكون نصيبه امرأة على جسدها آثار رجل آخر.. وعلى نحرها آثار أنامله.. وعلى شفتيها رائحة أنفاسه..؟؟

يشعر أنه سيتقيأ فعلا..
كما لو كان أحدهم يجبره على استعمال شيء مستعمل..
كما لو أن أحدهم يطلب منه مثلا أن يغسل أسنانه بفرشاة استعملت قبله عشرات المرات.. ومع ذلك ليس حقه الرفض.. بل لابد أن يقبلها..

رغم بشاعة المثال... ولكن هذا ماشعر به فهد هذه اللحظة!!
شعور بالقرف يتزايد في روحه إلى درجة الاختناق!!


يعلم أن مثل هذا التفكير لا يجوز.. ومثل هذه المقارنة لا تجوز.. ولكن هذا هو تفكيره.. وهو هكذا!! هكذا خلقه الله!!
هو يرى نفسه كصقر حر لا يقبل بالفضلات.. وتأبى نفسه أن يلمس شيء لمسه سواه..


وحتى بعيدا عن كونها مطلقة.. وعن كونها ختاما من قبيلة مختلفة تماما..
هي.. كيف هي؟؟
فهو رجل على حدود الثلاثين بشخصية حادة جدا..
وأكثر ما يكرهه في العالم هي الأنثى المدللة .. لا يستطيع ابتلاعها حتى..
بينما هي من أطراف الحديث الذي كان يصله من منصور بدون قصد يعرف أنها مدللة جدا..
بل إنه في أحد المرات وهو مع منصور في سيارته اتصلت بعمها ففتح منصور الميكرفون دون قصد.. فوصله صوتها:
" عمي حبيبي وينك؟؟ تأخرت علي.. صار لي ساعة لابسة وأنتظرك!!"

منصور أغلق الميكرفون بغضب وهو ينزل من السيارة كاملة.. ولكن صوتها وصله بوضوح وأثار قرفه..

صوت بالغ النعومة إلى درجة تثير الغثيان.. وطريقتها في الحديث مدللة إلى درجة تثير الصداع..
فكيف يبتلي بمثل هذه في بيته؟؟


ومن ناحية ثالثة أو ربما رابعة.. يتخيل شكل من تضطر حضرة العقيد أن يتنازل عن كبرياءه وبرجه العالي ليخطب لها..
لابد لأنه يعلم أنها يستحيل أن تجد عريسا لبشاعتها.. لذا قرر أن يصتاده لها..
هذه التي فر زوجها منها وهما مازالا في المطار..
لابد أنه كان لزوجها المبرر القوي ليفعل ذلك في ابنة عمه!!

"مطلقة وشينة ودلوعة !!
والله العظيم ثلاث ضربات في الرأس مهيب توجع
إلا تذبح !!"


كانت هذه أفكار فهد التي غرق فيها الثوان التي تلت عرض منصور عليه قبل أن يقطع منصور عليه أفكاره بحزمه: فهد وشفيك سكتت؟؟

فهد نظر لمنصور بمودة غامرة واحترام جزيل..
رغم كل شيء هذا حضرة العقيد.. لو طلب منه أن يلقي نفسه في النار سيفعلها دون تردد..
فكيف والمطلوب أهون من ذلك.. زواج !!!... من أجله مستعد أن يتزوج الغولة حتى!!

لذا هتف بحزم بالغ: وليش ننتظر أسبوعين... عقب أسبوع تخلص عدتها ونكون عندك نخطب ثاني يوم..






*************************************






" يمه الله يهداش.. بسش دموع.. شعاع بروحها متوترة.. تكفين لا تشوف دموعش تحوس الدنيا"

أم عبدالرحمن بتأثر: هذا أنا قاعدة برا عشان ماتشوفني..

جوزاء بتأثر رقيق: بس هي كل شوي تسأل عنش.. وتقول أمي وينها.. تكفين يمه تعالي بس عقب ما تمسحين دموعش..

أم عبدالرحمن تنهدت بحرارة: زين يأمش خلني أروح الحمام أغسل وجهي وأجيش..



.
.

زاوية أخرى من حفل النساء..



" تدرين ماهقيت الأحمر بيطلع عليش يجنن كذا"

مزون تبتسم: ولا أنا..
ماتعودت صراحة على الألوان الجريئة كذا..

جميلة برقة: ياحلوه الأحمر.. ولو أنه ما يناسبني.. بس عليش خيال ورب العالمين..

مزون بمرح: يعني أروح أتمصلح عند أم غانم..؟؟؟

جميلة بمرح مشابه: تمصلحي والئلب داعي لك والعتبة خضراء
وكلها على قولت هريدي خال سميرة..

مزون بتردد: جد شايفته حلو علي؟؟

جميلة بابتسامة: ياملغش بس!! يجنن وربي يا البايخة!!

.
.
.
.

في غرفة العروس الملحقة بالقاعة
.
.



" يالبي قلبها طالعة تجنن.. تجنن !!"

سميرة بتأفف باسم تجيب وضحى التي كانت تنظر لشعاع بتأثر بالغ والدموع تترقرق في عينيها:
هذا كله معجبة ببنت عمتش..
لوعتي كبدي هذي المرة العشر طعش عقب الألف اللي تقولينها..
يأختي خلي للعريس شيء يقوله.. خلصتي الغزل كله عليه!!
وإلا تدرين خلصي الكلام على العريس لأنه المسكين يقولون مريض..
يشوف شعيع الليلة.. بيطب ساكت..

وضحى باستنكار: يمه منش.. فاولي على المسكين..

سميرة تضحك: أنا الحين اللي أفاول عليه.. شعيع دارية المسكين تعبان وقلبه مايستحمل وشو له تكشخ كذا..
ما ألومه يطب ساكت!!
على قولت خالي هريدي: دا يبئى موت وخراب ديار..

وضحى بغضب مرح: لو أن الله يفكنا منش أنتي وأمثال خالش كان حن بخير!!



.
.


" شعاع ياقلبي.. ترا ابي كلمني.. يقول اطلعي فوق
العريس واصل بعد شوي"

حينها أمسكت شعاع يد جوزا بقوة وبدأ ذقنها يرتعش: أمي وينها؟؟ أمي وينها؟؟


" هذا أنا يأمش هنا.." جاءها صوتها الحاني ولمسة يدها الأحن .. شعاع حينها أمسكت ذراع والدتها بقوة وكل مافيها يرتعش..
أم عبدالرحمن ربتت عليها بحنو وهي تسمي عليها وتدعو لها وتقرأ عليها آيات من القرآن الكريم..
ثم التفتت وهي تهمس بحزم أمومي حتى تمنع نفسها من البكاء: جوزا هاتي عباة أختش..
وأنتي ياوضحى روحي ادعي أمش تطلع معنا فوق..




**********************************





دقائق مرت منذ غادرهما الجميع وأغلقوا باب الجناح خلفهم..
وكلاهما معتصم بمكانه دون أن ينظر للآخر مطلقا..


حين دخل للجناح تلقته خالته وأخته وعمته مزنة وأجلسوه بجوار العروس..
التي كانت وصلت قبله بدقائق ورتبوا شكلها وجلست..
ولم يبق معها سوى والدتها التي كانت توصيه بابنتها بصوت بالغ الاختناق..
لم يستطع حتى أن يتكلم.. شعر أنه يختنق فعلا.. لذا هز رأسه بهزة حاول جعلها واثقة..

كانوا يباركون له وهو يشعر أنه في عالم آخر.. آخر!!
أبعد مايكون عنهم... وعن أجواءهم..
لم يرد على أحد..
خشي أن ينفجر..
أن يقول لهم لماذا تباركون لي؟؟ المفترض أن تعزوني لأن روحي تموت.. تموت..!!


كان كلاهما يجلسان على المقعد الطويل.. يشعر بأطراف ثوبها الأبيض المتسع بعفوية تلامس بشته الأسود..
ومع ذلك يشعر أن بينهما مسافة ككل محيطات الأرض!!

لم يستطع حتى أن ينظر ناحيتها..
كان كل ما اقتحمه منها هو رائحة عطرها وبخورها الفاخر تزكم أنفه من هذا القرب!!

أما كل مالمحه منها فهو عضدها النحيل المطرز بنقوش الحناء..
شعر حينها بألم غير مفهوم يغوص في حناياه..
كل شيء يعود ليذكره بها رغما عنه!!

فهي أيضا كان عضدها نحيل.. وعظامها غاية في الرقة..
حينها عاوده الشعور بالذنب يعتصر روحه..
يعتصره من الناحيتين.. هاهي حلاله جواره... وهو يفكر في حلال سواه..


"يا الله ما كل هذا الألم!! ماكل هذا الألم!!
يارب ماعاد في القلب مكان!!
ماعاد في القلب مكان.. ارحمني
ارحمني!!"



هي مازالت تعتصم بمكانها ترتعش بخجل شديد.. لم تستطع مطلقا أن ترفع عينيها له..
وهي تمسك بمسكتها وتفرغ توترها فيها.. وهي تشدد قبضتها حولها


وحين جلس جوارها كادت تقفز من مكانها خجلا وهي تشعر بحفيف بشته يلامس عضدها العاري..
وتشعر أنها ستنتختنق فعلا.. وعاجزة عن سحب الأكسجين !!

ففستانها كان برقبة عالية (هاي نك) على الطريقة الفيكتورية يزين منتصفه (بروش) دائري من الألماس..
وأسلاك الكورساج الحديدية تشعر بها تطبق على أضلاعها و أنفاسها أكثر وأكثر..

ورغم بساطة الفستان ونعومته ورقيه إلا أنها شعرت أن كل مافيه يطبق على أنفاسها ويخنقها..

ومازادها اختناقا.. تجاهل هذا الجالس جوارها لها..
لا تعلم لِـمَ قفز لذاكرتها برعب ليلة جوزاء الأولى مع عبدالله...
أ يعقل أن يكتب عليها ذات المصير الذي قلب حياة أختها؟؟

كانت الدقائق تمر وتمر وتمر وهو يتجاهلها.. دون أن يتحرك من مكانه أو يوجه لها كلمة واحدة..
بينما هو لم يكن مطلقا يقصد تجاهلها ولكنه لم يشعر بمرور الوقت وهو غارق في أفكاره.. ويخشى أن يقول لها شيئا فيضايقها!!
مشاعره الرقيقة ممزقة بين عمق مشاعره في تلك الآخرى..
وخوفه من إيذاء من تجلس جواره!!



شعاع حين يأست أنه قد يبادر بشيء.. قررت أن تنهض فهي ماعادت قادرة على احتمال الفستان..
شعرت بضيق عميق أنه دفعها لتجاهل خجلها الطبيعي..
بينما هو حين رأى خيالها يعبر أمامه ... كان بوده أن يقول لها أي شيء حتى لو كانت مجاملة باردة لا تقدم ولا تؤخر..
فهي مهما يكن صبية ليلة زفافها.. ولا تستحق التجاهل..
لكنه حين رآها تتجه للحمام.. قرر أن يتركها حتى تنتهي من الحمام قبل أن يحاول محادثتها..


شعاع دخلت الحمام.. استندت للمغسلة بكفيها وهي تشد لها نفسا عميقا..
وتهمس لنفسها بتجلد عذب:
ماني باكية.. ماني باكية.. لازم أقدر إنه تعبان ونفسيته تعبانة..
وأكيد الموضوع اللي قالته لي خالتي مزنة متعب نفسيته أكثر..
لازم أراعي ذا الشيء..


شعاع لا تعلم إن كان رأى زينتها حتى.. لكنها تتوقع أنه رآها حين دخل..
كان بودها أن تجلس معه بزينتها قليلا.. فلمن تزينت هذه الليلة؟؟
لكنها خشيت أن يسيء فهمها وخصوصا مع تجاهله لها..

لذا خلعت ثوبها رغم صعوبة الأمر..
ثم مسحت زينتها بعناية بالغة.. ثم فككت تسريحتها اللولبية لتتناثر اللفات بنعومة على كتفيها..
كانت تريد أن تستحم ولكنها رأت أنها بذلك ستستغرق وقتا طويلا.. ولا يليق أن تتركه كل ذلك..


ارتدت فستانا أبيضا ناعما خفيفا من الشيفون يصل طوله لمنتصف ساقها كانت طلبت من جوزا أن تعلقه لها في الحمام..
ولكنها حين رأت كشفه ساقيها تمنت لو أنها اختارت فستانا طويلا..
ولكن لم يكن هناك سواه هو وقميص نومها الذي لم تكن تريد أن ترتديه أبدا..
لذا لبست صندلها الشفاف الذي يكشف عن نقوش الحناء التي كانت تصل
لأسفل ركبتيها ..
ثم وضعت ماسكرا وأحمر شفاه مشمشي اللون واكتفت بهما.. وقررت الخروج..


وقفت لوقت طويل أمام باب الحمام الذي كانت فتحته أساسا.. ولكنها لم تستطع الخروج عبره لشدة إحساسها بالخجل..

حتى سمعت الهمس الرجولي العميق الهادئ والقريب: شعاع تعالي لا تستحين..

بدا لها الصوت مألوفا لحد ما.. لكنها لم تستطع التعرف عليه..
ولكنها تعترف في ذاتها أنها شعرت برعشة حادة دافئة وهي تسمع اسمها بنبرته الرجولية العميقة!!


خرجت وهي تكاد تتعثر في خطواتها..
هو كان قد خلع بشته وغترته ويجلس بثوبه فقط في الجلسة القريبة من الحمام..

عاود الهمس لها بذات نبرته الهادئة العميقة: تعالي اقعدي.. قلت لش لا تستحين!!

صرت جبينها قليلا "الصوت غير غريب.. كأني قد سمعته قبلا.. لكن لا أعلم أين!!"

تقدمت باستيحاء وجلست مقابلا له على الأريكة...
هو لم يكن يشعر بأي رغبة لا في محادثتها ولا في النظر إليها ولكن إحساسه بالذنب من ناحيتها كان يجبره على ذلك..

حينها رفع عينيه لها بينما كانت هي تخفض رأسها بشدة.. فلم يرى إلا خصل شعرها الملتوية بعذوبة تتناثر للأمام..


لا يعلم حينها لِـمَ شعر برعشة حادة صارخة تجتاح روحه حتى أقصاها حين نظر لها..
شيء غير مفهوم يحصل له.. !!
شيء لا يعقل يحصل له!!


لماذا ترتعش يداه هكذا؟؟
وريقه لماذا جف هكذا؟؟
وأنفاسه لماذا تتثاقل هكذا؟؟
ودقات قلبه لماذا تتزايد بعنف هكذا؟؟

إحساس شعر به مرة واحدة فقط.. واحدة فقط في حياته كلها!!

المرة الثانية التي تبع فيها حبيبته المجهولة في ممر المستشفى!!
فلماذا يعود له الآن؟؟ لماذا؟؟


حينها همس باختناق لا يعلم له سببا: ترا العشا جا من أول مادخلتي الحمام.. تعشين؟؟

همست باختناق خجلها الرقيق دون أن ترفع رأسها: شكرا.. ما أبي..



كلمتان..
كـــــلــمتــــان
كــلـــمـــتــــــان فقط!!


أحرف معدودة من بين شفتيها..!!
بل لو همست بحرف لعرفها.. بينما هي سمعت كل هذه الجمل ولم تعرفه..

فكيف تعرفه وهي نحرته ومضت..؟؟
كيف تعرفه وهي ارتكبت جريمتها فيه ثم ارتحلت؟؟

كان يكفيه حرف واحد من صوتها الذي سكن روحه ليعرفها..
كان يكفيه همسة واحدة من همساتها التي رافقت أحلامه ويقظته طيلة الوقت الماضي ليعرفها..


كيف كانت جواره طوال الساعة الماضية ولم يعرفها..؟؟
كيف لم يتعرف على رائحتها حتى لو غطتها أطنان البخور والعطور؟؟
كيف كانت جواره ولم يروي ضمأ روحه لروحها منذ الدقيقة الأولى؟؟
كيف سمح أن يضيع دقيقة واحدة من بين يديه؟؟


لم يسأل لحظتها كيف ولماذا؟؟
فالحقيقة بدت واضحة كوضوح الشمس.. وهكذا كان يجب أن تكون منذ البداية..!!
هي له منذ البداية ولم تكن أبدا لسواه..
وكان يستحيل أن تكون لسواه!!
هكذا العدالة تقول.. وهكذا الحق يقول..
يستحيل أن يحبها كل هذا الحب.. ويعشقها كل هذا العشق.. وترتبط روحه بها إلى درجة التمازج ثم تذهب لغيره..
فهو لم يعشقها هكذا إلا لأن روحه نادت نصفه الثاني في حناياها!!
كانت له.. له وحده.. منذ البداية.. لــــــه!!
لـــــــــــه هو فقط!!


هي أنهت همستها القصيرة وصمتت لتتفاجأ بعد ثانية واحدة بيديه الأثنتين تنتزعانها من مكانها ليوقفها..

شهقت برعب لأنها لم تعرف لماذا تصرف هكذا.. وهي ترفع عينيها له..
وبقدر الرعب الصارخ الذي ارتسم على ملامحها وهي تتعرف على الواقف أمامها..


على الضد كانت ترتسم على محياه أضعاف مضاعفة من مشاعر الشجن والوجع واليأس والألم والولع والعشق اللامحدود..
وعيناه تلتهمان بعطش قرون وقرون تفاصيلها تفصيلا تفصيلا..
تلتهم بشوق سرمدي لا نهائي كل انحناءات وجهها التي حُفرت في روحه وعلى مجاري دمه..


هي ..بدأت ترتعش بعنف.. حين رأته ينقل كفيه من عضديها إلى وجهها ويتحسسه بأصابع يديه الأثنتين..

كانت روحه تبكي وتنزف طوفانا تلو طوفان.. وهو يتحسس مخمل وجهها بأنامله المرتعشة..
يريد أن يتأكد أنها أمامه فعلا.. أمامه فعلا!!


"يا الله.. ما أكبر رحمتك.. ما أكبر رحمتك!!
أنا كنت على أبوب قبري خلاص"


كان ارتعاشها يتزايد وعيناها الجزعتان تمتلئان بالدموع..
أ يكون هذا هو نصيبها؟؟ ومع هذا الرجل بالذات؟؟


بينما هو كان مشغوف بالنظر لها وكأنه لن يشبع مطلقا من النظر..
وهو ينقل يديه من وجهها ليدفنهما في طيات شعرها ..
وهو يقترب منها برفق.. ليدفن رأسه بين خصلاتها ويتنفس..
يتنفس بعمق موجوع.. وكأنه يتنفس كل أكسجين الحياة بعد اختناق..
يتنفس بعد التصقت رئتاه من الجفاف واليأس..
يتنفس بعد أن جف الهواء في مسارب جسده وروحه!!


" يالله.. أشعر أني سأموت الآن..
أحقا هاهي بين يدي؟؟"


حينها شدها بحنو ليحتضنها بكل قوته.. وهو يدفنها بين أضلاعه.. بين حناياه..
بين خلايا جسده الذي جف شوقا لها.. وآن له يزهر ويرتوي برؤيتها وقربها!!

" هي.. هي..
ملمسها.. وعظامها.. وعبق روحها..
هي.. هي!!"


شعاع بدأت تشهق بخفة وهي تحاول إبعاد نفسها عنه دون جدوى..
لم تعد المشكلة لديها أنه شاب عابث أو يطارد الفتيات..
ولكن المشكلة أصبحت أنه اقتحم خجلها دون تمهيد.. وأنه كسر حياؤها الرقيق دون اهتمام!!


أما حين أفلتها ليمسك بوجهها بين كفيه ليقبلها بكل شغف العالم وولعه..
شعرت أنها ستنهار فعلا من شدة الصدمة والخجل..


بينما هو كان يحلق في عالم آخر..آخر..
يشعر أنه يعود ليتنفس الحياة عبر أنفاسها الداخلة إلى صدره..
رائحة أنفاسها التي تربعت في روحه ولم تغادر أبدا.. وهي تستنزف الحياة منه رويدا رويدا..
هاهي تعيد له الحياة الذاهبة مرة أخرى!!


شدت نفسها بقوة من بين ذراعيه لتسقط للخلف على الأريكة..
وهي تتراجع لأقصى الخلف وترفع قدميها للأعلى وهي تضمهما لصدرها وتنتحب..


حينها زالت الغيبوبة اللذيذة التي كان غارقا فيها إلى مافوق أذنيه..
انتبه إلى أنه صدمها بتصرفه غير المعقول بالنسبة لها..
فالصورة التي ظهرت لها أنه هجم عليها دون مقدمات..


شعر أنه عاد للتعبثر وهو يسمع نحيبها الذي عاد لتمزيق روحه من جديد..

" لا يمكن أن أسمح للدموع أن تجدا طريقا لعينيها!!"


علي جلس جوارها وهو يضع كفيه على كتفيها المنحنيين على ركبتيها ويهمس بوجع عميق مغلف بسعادته الأعمق:
شعاع حبيبتي.. لا تلوميني.. والله العظيم ماحسيت بنفسي..
أنا ماكنت في وعيي.. أنا ماصدقت أشوفش..
أنا من عقب سالفة الأصنصير وأنا لا ليلي ليل ولا نهاري..
أنا كل المرض اللي جاني من سبة فرقاش.. مادريت إنش أساسا مرتي وحلالي..
ياقلبي أنا كنت مثل واحد ميت عطش وعقبه لقى الماي قدامه...
تكفين لا تبكين!!


شعاع هزت كتفيها لتبعد كفيه عنها.. وهي ترفع رأسها وتبتعد أكثر لطرف الأريكة..
بينما علي اقترب أكثر منها وهو يتناول كفيها ويدفن وجهه بينهما
وهو يغمرهما بقبلات ملهوفة وموجوعة ومشتاقة ويهمس بمقدار وجع قبلاته وشوقها:
حبيبتي تكفين لا تبكين.. واللي يرحم والديش لا تحرقين قلبي..
سوي فيني اللي تبينه.. أنا ما أبي إلا شوفتش قدامي..
بس تكفين لا تبكين.. لا تبكين..


شعاع تراجعت أكثر وهي تشد كفيها منه وملامح الرعب تتزايد على وجهها..
لم تعد المشكلة لديها أنه عابث أو يطارد الفتيات!!
ولم تعد المشكلة في اقتحامه الجريء لخجلها الرقيق..


بل المشكلة باتت أخطر... أخــطــر من ذلك بكثير..!!!
والفكرة تقفز لبالها بكل وضوح ومنطقية... ورعب !!!




#أنفاس_قطر#
.
.
.


خالص اعتذاراتي يا نبضات القلب لكل وحدة تضايقت من كلام فهد
بس يا بنات هذا رأي الشخصية مهوب رأيي
في الرواية هذي امهاب كان بيتزوج أرملة وهو شاب ما تزوج وماسمعتوا هالكلام عنده
منصور وزايد كلهم تزوجوا أرامل
.
في أسى الهجران راكان اللي كان أحسن شخصية في الشباب تزوج مطلقة بس ماسمعتوا منه ذا الكلام
لأنه كلام فعلا يدل على جلافة وانحطاط في التفكير

وأنا شخصيا والله العظيم ثم والله العظيم لو أخوي أو ابني عقبه بغى مطلقة إني لأشجعه بدون تردد
.
.
لكن يا بنات أنا قصدت أبين وجهة نظر الشخصية بكل حدتها وغرابتها
أنا شخصيا سمعت واحد من قرايبي كانت أمه تعرض عليه بنت مطلقة يوصفها بوصف أسوأ من وصف الفرشاة
أنا يصراحة حسيت رأسي بينفجر من العصبية والغيظ منه
ودعيت ربي إنه يتزوج مطلقة ويذوب في هواها..
بس ماصار.. تزوج بنت وهو اللي طلقها.. وعاده عزابي الحين
.
.
يعني ياقلبي لا تسقطون رأي الشخصيات علي
والله إن قلبي يوجعني وأنا أكتب كلامه
بس الكاتب لازم يخلي كل شخصية تتصرف من منطق شخصيتها موب شخصية الكاتب عشان يكون فيه مصداقية في الأحداث
أنا والله لي رسالة هامة من ذا الشيء..
والرسالة بتتضح لكم بعدين .. :)
.
.
البارت الجاي يوم الأحد موعدنا الصباحي المعتاد الساعة 7 ونص صباحا
.
.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
.

.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 16-01-11, 06:52 AM   المشاركة رقم: 78
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء الثامن والسبعون

 




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياصباح الخير والبركة والاجتهاد على كل اللي يدرسون
دعواتي لكم بالتوفيق والنجاح..
ووللمرة الألف طالبتكم ماتخلون الرواية تشغلكم عن الدراسة
ويأما أنكم تعتبرون النص الساعة اللي بتقرون فيها البارت نوع من البريك ترجعون عقبه للدراسة
ويأما أنكم تودعوننا بالسلامة وتسكرون اللابتوبات لين عقب الامتحانات

وإذا حسيتوا بضيقة من الدراسة أمنتكم الله توضون وتصلون ركعتين وتقروون صفحتين بس من القرآن
وشوفوا المفعول العجيب لذكر الله سبحانه على النفس والجسد
.
.
.
ثانيا وللمرة الثانية والثالثة
خالص اعتذاري لكل وحدة تضايقت من كلام فهد لأني والله ما أحب حد يأخذ على خاطره مني!!

بس يا بنات هذا رأي الشخصية مهوب رأيي أنا..
في الرواية هذي امهاب كان بيتزوج أرملة وعندها ولد وهو شاب ما تزوج وماسمعتوا هالكلام عنده..
.
في أسى الهجران راكان تزوج مطلقة وكانت ثيب موب بكر عشان يقولون إني أصر إنه المطلقات كلهم لازم أبكار قبل يتزوجون عزابي ماسبق له الزواج!!
.

وكلام فهد كلام فعلا يدل على جلافة وقسوة وانحطاط في التفكير

وأنا شخصيا والله العظيم ثم والله العظيم –للمرة الثانية أعيد نفس الكلام- لو أخوي أو ابني عقبه بغى مطلقة إني لأشجعه بدون تردد
.
.
لكن يا بنات أنا قصدت أبين وجهة نظر الشخصية بكل حدتها وقسوتها وغرابتها
وللعلم أنا لن أتردد في إكمال ذات الفكرة كما قررتها تماما لأن لي هدف كبير من ذلك وسيفاجئكم تماما!!


البعض يقول لي الوصف جارح... فهل كان يجب أن أصف وجهة نظر فهد بأقل مما هي وأخف حتى لا تغضبوا...؟؟

يا نبضات قلبي أنا أتكلم عن وجهة نظر واقعة وبشعة جدا في حق المطلقات
ولم أخترعها أنا.. إنما موجودة في الواقع وأنا لي هدف من عرضها بهذه الطريقة..

أنا شخصيا وبأذني سمعت واحد من قرايبي كانت أمه تعرض عليه بنت مطلقة يوصفها بوصف أسوأ وأبشع وأحقر من وصف الفرشاة الذي أغضبكم..
لو ذكرته لكم قد تتقياؤون والله العظيم!!
مع إنه شاب مثقف وخلوق ومتعلم..

أنا بصراحة حسيت رأسي بينفجر من العصبية والغيظ منه
ودعيت ربي ومن قلبي إنه يتزوج مطلقة ويذوب في هواها..
بس ماصار.. تزوج بنت وهو اللي طلقها.. وعاده عزابي الحين
يعني يمكن يرجع يتزوج مطلقة دامه مطلق :)
.
.
يعني ياقلبي لا تسقطون رأي الشخصيات علي
والله العظيم إن قلبي يوجعني وأنا أكتب كلام فهد
بس الكاتب لازم يخلي كل شخصية تتصرف من منطق شخصيتها موب شخصية الكاتب عشان يكون فيه مصداقية في الأحداث

يعني يا بنات الواقع أحيانا يكون جارح.. وجارح جدا بعد.. ويصعب تقبله..
أنتم كرهتم مجرد وصف في رواية خيالية.. فكيف بمن سمعت الأسوأ بأذنها
.
.
يا الله قدامي على البارت
78
وموعدنا الجاي الساعة 8 صبح الثلاثاء إن شاء الله
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.






بين الأمس واليوم/ الجزء الثامن والسبعون





مازالت تنظر له برعب متزايد..
بينما هو ينهمر بالكلمات بيأس.. ماعاد حتى قادرا على الصمت..
ولماذا يصمت وكيف يصمت؟؟

تعب من الصمت.. تعب من الكتمان..!!
تعب من الحرمان!!
يعلم أنه تهور في تصرفها معها.. ولكن أ يمكن أن يُلام على ذلك؟؟


فالذي حدث له لا يمكن تخيله ولا تصوره...
كما لو أنك سافرت لبلد بعيد.. وبقيت تعمل في هذا البلد لـ 40 عاما متواصلة بلا راحة..
وتواصل الليل بالنهار.. وحرمت نفسك من كل متع الحياة وأنت تعاني بصمت لا تشتكي حتى عما تعانيه.. لتجمع لك مالا يريحك حين تعود لبلدك..

ثم في رحلة العودة.. فقدت حقيبة المال وسط شارع مزدحم..
فكيف سيكون حالك وأنت تبحث وتبحث وتبحث وتمر الأشهر ولا تجد مالك..؟؟
ثم تعود لبلدك البعيد مقهورا منحورا يائسا.. أشبه بجسد ميت أنهكه العمل دون فائدة!!

ثم تفتح باب غرفتك......

لتجد حقيبة المال تتربع على سريرك..

كيف ستكون ردة فعلك؟؟ كيف؟؟

فرحة هذا الرجل بماله.. لن تكون قطرة واحدة في محيطات فرحة علي برؤية شعاع أمامه..
أ تلومه حينها على تعبيره عن فرحته؟؟!!


فهو كان مخنوقا على آخر رمق يزفر أنفاسه الأخيرة.. فأرسلوا له الهواء!!

كان عطشانا تشققت روحه من العطش.. فأرسلوا له أعذب ماء في الكون!!

كان محموما تجاوزت حرارته الأربعين.. ووضعوه في درجة حرارة تجاوزت الخمسين..
وحين تحمص من الحرارة.. سكبوا عليه ثلجا رقيقا باردا !!

فكيف ستكون ردة فعله؟؟ كيف؟؟

يعلم أنه فاجاءها وصدمها.. ولكن هل كان بيده شيء آخر!!
مازال حتى الآن لم يروي حتى واحدا من مليارات شوقه لها وهي مرعوبة منه هكذا..
فكيف لو سكب لها ما تبقى!!


اقترب منها أكثر وهو يلتصق بركبتيها المطويتين ويهمس بكل وجعه ويأسه وولعه:
سامحيني يا قلبي.. والله العظيم غصبا عني.. ماقصدت أخوفش كذا..
بس أنا كنت ميت بكل معنى الكلمة..
فاهمة أشلون ميت؟؟ ميت من تفكيري فيش وشوفي لش..
وأنا كنت أظنش حلم مستحيل مستحيل ألقاه يوم!!
تكفين لا تخافين مني..


مازالت تنظر له بذات الرعب والجزع..
وهي في داخلها لا تصدق حرفا واحدا مما يقول.. فهناك فكرة مرعبة واحدة اجتاحت تفكيرها وتغلغلت فيه ولم تسمح لها بالتفكير بشيء آخر سواه!!


مد يده بيأس ليمسح طرف خدها بظهر أنامله..
سيموت ليضمها إلى صدره.. ليتنفس رائحتها من قرب.. ليرتشف أنفاسها التي أضناه الشوق لها..

ولكنها قفزت عن الأريكة كاملة وهي تهمس بارتعاش:
أنت الدكتور ماقال لك لا تقرب مني..؟؟
لا تقرب مني!! لا تقرب مني!!

حينها قفز علي بغضبه المتفجر المصدوم المفجوع: من اللي قال لش ذا الكلام؟؟ من؟؟

شعاع بدأت تنتحب: مهوب مهم من اللي قال لي.. بس أنت لا تقرب مني..
لا تقرب مني..
والله العظيم لو حاولت تقرب مني مرة ثانية.. إني لأصيح مع الدريشة.. وأفضحك في الأوتيل كله!!

علي تنهد بعمق وقهر عظيم يتصاعد في روحه.. كيف يسمحون لأنفسهم أن يتدخلوا في حياته ويفسدوها بهذه الطريقة؟؟

تنهد بعمق أكبر.. لا يريد منها شيئا.. يكفيه رؤيتها أمامه..
لكنه تمنى أن تسمح له ببعض القرب فقط.. بعضه.. لا يريد شيئا أكثر..
بعضا من القرب يروي روحه المجدبة..
بعضا من القرب ينسكب بنداه على صحراء خلاياه القاحلة..

ولكن كيف يقترب وهي جافلة هكذا!!

تنهد وهو يهمس لها بحنان عميق:
خلاص حبيبتي لا تخافين.. ماني بجاي جنبش.. أنا الحين بأتوضأ أصلي قيامي..
وأنتي هدي.. هدي..


حين غادرها عادت للانهيار على الأريكة وهي تنفجر في النحيب بصوت مسموع..
" قال يصلي.. تعرف ربك أنت؟؟
يا الله.. ليه ياربي كذا.. ليه؟؟
اللهم لا اعتراض.. سامحني يارب..
بس ماسويت في دنيتي اللي أستاهل عليه تعاقبني بواحد مثل هذا..
يارب سامحني..
اللهم لا اعتراض..
إنا لله وإنا إليه راجعون!! "



لم يعلم زايد ومزنة أن تدخلهما الحاني.. قلب الأمور رأسا على عقب..
فربما لو لم تقل مزنة لشعاع ماقالته.. لربما كان لعلي بصيص أمل في مسامحتها له..
فهي كانت ستظنه شاب عابث ككثير من الشباب.. ولكنه حين تسمع تبريراته قد تصدقها بحسن نيتها..
أو ربما تغضب منه لأيام..وترضى مع تعرفها على شخصيته العذبة الشفافة..


ولكن ماسمعته من مزنة.. مع ماحدث الليلة.. مع أحداث مرضه.. مع ماحدث لها معه في مقابلتهما الأولى في المستشفى ...
مع معرفتها بعمله في الخارج لسنوات...
كل هذه المعطيات صنعت من علي شخصية بشعة.. بل غاية البشاعة في عينيها..!!


فالصورة التي تكونت لديها..
أن علي شاب تجاوز عبثه كل حدود.. لدرجة الانغماس في الخطيئة التي من المؤكد أنها نقلت له مرضا خطيرا معديا.. ناتج عن علاقاته غير المشروعة..

وإلا كيف تفسر هجومه عليها إلا بكونه شاب لا يهمه غرائزه..؟؟
ولأن مزنة كانت تخاف عليه منه.. أو أن يجرها معه أو يصيبها بالعدوى..
حذرتها بطريق غير مباشر أن لا تسمح له بلمسها..

لا تشك في نوايا أهله.. أو أنهم زوجوها ابنهم وهو مريض بهكذا مرض..
فمن المؤكد أنهم لم يكتشفوا مرضه إلا في الأيام الأخيرة.. وسيكون إلغاء الزواج فضيحة مدوية..
لذا أخبرتها مزنة بشكل غير مباشر.. فعلي لم يبدو لها مريضا للدرجة التي وصفتها لها مزنة..
لكن لأنها خائفة عليها.. ألفت كل هذه الحكاية عن أن صحته لا تحتمل.. حتى تحميها منه..


ومازاد في بشاعة الصورة أمامها.. أنه أراد منذ اللحظة الأولى أن يجرها معه لإشباع رغباته دون اهتمام بما سيجلبه لها من مصائب..
بل ويؤلف لها حكاية لا تصدق عن عشقه لها ليقنعها بما يريد..
فأي رجل بشع هذا!!
أي رجل بشع !!






**************************************





" مزنة.. اشفيش الليلة؟؟ مزاجش كنه مهوب رايق..أول مرة أشوفش كذا"

مزنة تترك المشط الذي كانت تمشط بها شعرها وتضعه على التسريحة لتلتفت لزايد الذي كان يجلس على طرف السرير
وتهمس بنبرة مقصودة: لا أبد.. وليش مايروق مزاجي..
أنت سويت شيء يعكر المزاج يا أبو كساب؟؟

ليس جاهلا كي يجهل أن نبرتها تحمل الكثير من الغضب.. هتف بحزم بالغ:
وأبو كساب وش سوى يعكر مزاجش؟؟
توني كنت عندش اليوم الصبح ومافيش شيء..

حينها أكملت بذات النبرة المقصودة الحادة:
إيـــــه !! اليوم الصبح !! قلت لي كلام واجد اليوم الصبح..
تدري من كثرته.... نسيته!!

حينها وقف زايد ليقترب منها (هذي وش فيها الليلة؟؟ أبد مهيب عوايدها!!) وهتف بغضب حازم:
مزنة عندش شيء تقولينه.. قوليه لا تلفين وتدورين كذا!!
بروحي تعبان من الصلبة في عرس علي..

حينها وقفت مزنة لتقابله وهي تهمس بحدة حازمة: ليه أنت قلت لي شيء..
عشان أقول لك شيء..

ثم حين أنهت عبارتها استدارت لتغادر.. لتوقفها قبضة زايد التي انتزعت عضدها بقوة وهو يشدها ليديرها ناحيته بطريقة حادة آلمتها في عضدها
وهو يهتف بغضبه الحازم المتماسك:
ما اسمح لش تعطيني ظهرش وأنا أكلمش..

حينها تفجر غضب مزنة المتجمع منذ بداية الليل وهي تشد عضدها بقوة من يده وتهتف بغضبها الحاد المتفجر:
وأنا ما أسمح لك تمسكني بذا الطريقة.. وذا المرة بأعديها عشان خاطر علي بس وأنك تعبت في عرسه...
لكن لو تكررت إنك تمد يدك علي بأي طريقة.. بيكون تصرفي شيء مايخطر على بالك أبد..
مهوب أنا اللي تنمد علي يد عقب ذا السنين كلها..
وإن كنت عديتها لك وأنا بزر..
ما أعديها لك الحين!!

بعثرت الصدمة تفكير زايد وهو ينظر لها بذهول حقيقي: مزنة تهدديني..؟؟

مزنة ابتعدت لتجلس على طرف السرير وهي تهمس بحزم واثق:
ما أهددك.. محشوم يا أبو كساب.. بس أحط النقط على الحروف..
ثم أردفت بذات الحزم الواثق وبنبرة مقصودة جدا:
ومتى ما بغيتني أرتب شنطتك قل لي.. إلا لو أنت مرتبها من زمان ومخليها في المطار!!


حينها علم زايد سبب غضبها.. ولكنه بالفعل مازال مذهولا.. مذهولا بمعنى الكلمة.. ذهوله منعه من التصرف كما يجب..

فهو من ناحية ... كان يشعر بدغدغة لذيذة ما..
وهو يرى حدتها القديمة وسلاطة لسانها تتدفق أمامه.. تماما كما كانت في صباها..
وكأن الأيام لم تنقضي!!
كأنها لم تنقضي!!


ولكن الغريب.. الغريب..!!
من ناحية أخرى..أن تصرفها المتحدي مطلقا لم يرضيه ولم يعجبه..
يكره أن تتصرف معه زوجته بهذه الطريقة الحادة وهي تضع رأسها برأسه..
وخصوصا أن مزنة عودته الأيام الماضية على أقصى درجات اللطف والاحترام بل والتبجيل!!
فأين كانت تخفي هذه الحدة كلها؟؟





****************************************





" عسى ماتعبتي الليلة؟؟ "

كان هذا سؤال كساب لكاسرة التي تمددت جواره بعد أن أنهت قيامها ووردها..

أجابته بسكون: لا ماتعبت.. بالعكس.. العرس كان رايق ويجنن مثله مثل المعاريس..


مد ذراعه لها دون أن يتكلم.. فاقتربت هي أيضا دون تتكلم ووضعت رأسها على عضده.. ليحتضنها بخفة..

لا فائدة من المعارضة.. فهذا الرجل غير قابل للإصلاح...
عدا أنها تعلم مهما كان فرضه لرأيه يضايقها.. فهي لن تستطيع النوم براحة إلا قريبا منه..
وإلا فأنها ستعاني الأرق والكوابيس التي تعانيها بعيدا عنه!!

همست برجاء ووجهها يختبئ قريبا من عنقه: كساب قل لي تكفى.. ليش انسجنت؟؟
والله العظيم ما أقول لأحد.. تشك إني ممكن أطلع أسرارك..؟؟
بس تكفى ريحني..

كساب أجابها بحنان مرهق وهو يمسح على شعرها: أدري إنش ماراح تقولين لأحد..
بس صدقيني السالفة كلها ماتهمش.. لا تلحين يا بنت الحلال..
أنا ما أدري متى بتصيرين تأقلمين مع طبايعي..
أنتي تدرين إني لو عندت في شيء ما أحب حد يناقشني.. ليش دايما تبين تطلعيني من طوري؟؟

حينها همست كاسرة بعمق: وأنت متى بتفهم إني ما أقدر أتأقلم مع حياة الغموض اللي أنت معيشني فيها..
أشلون نعيش حياة طبيعية وأنت حاط بيننا ذا الحواجز كلها؟؟

كساب صمت بيأس وهو يشدها أكثر لصدره..
وهي متى ستفهم أن يريدها أقرب من أنفاسه دون أي حواجز..

ولكن هذا مايقدر عليه..!!
فعلا هذا مايقدر عليه مع كل التعقيدات في شخصيته وحياته!!






********************************************





كانت مستغربة من طول صلاته فعلا..
فهي استحمت وصلت وقرأت وردها.. وهو مازال قائما يصلي..ويدعو ويبتهل.

ومضى له أكثر من نصف ساعة الآن وهو يقرأ القرآن
كيف يستوي أن شخصا عابثا مثله يصلي هكذا صلاة ويعرف الورد؟؟


" تمثيل يا الخبلة.. يمثل.. وإلا واحد مثل هذا يعرف صلاة وإلا قرآن!!"


كانت تجلس على الأريكة وهي ترتدي لها قميصا حريريا بأكمام طويلة بأطراف من الدانتيل..
فهي يستحيل أن تلبس عند هذا المخلوق المنحط الهمجي قميص نوم أو حتى بيجامة!!


هو كان يختم ورده وصلاته بعد أن أكثر من شكر الله الذي منّ عليه بالمغفرة وبنعمة وجود شعاع جواره..

ثم التفت لها.... ليبتسم وتبتسم روحه وهو يراها كزهرة ندية في غلالتها الزهرية وشعرها المبلول مازال يتناثر على كتفيها..
بدت له أشبه بلوحة خيالية لا يمكن أن توجد على أرض الواقع!!
فكيف يكون على أرض الواقع هذا الحسن.. وهذه البراءة.. وهذه الفتنة؟؟


اقترب ليجلس قريبا منها.. لتتأخر هي بجزع..
حينها تأخر هو قليلا وهو يشعر أنه يقهر روحه لأقصى درجات القهر ليبعد نفسه عنها..
بينما يشعر أنها كالمغناطيس الذي رغما عنه لابد أن يلتصق به..


همس علي بيأس: شعاع ياقلبي أنتي.. يانور عيوني.. أدري إني غلطت يوم خوفتش مني.. بس غصبا عني..
لا تخلين ذا الشيء حاجز بيننا.. تكفين.. أنا ماهقيت إني بشوفش قدامي..
لا تخربين علينا شهر عسلنا عشان غلطة صغيرة والله ماقصدت أضايقش فيها..

شعاع بصدمة: غلطة صغيرة؟؟ وشهر عسل؟؟
أي عسل هذا اللي في ظنك إني ممكن أعيشه وياك؟؟

ثم أردفت برجاء طفولي عميق: تكفى علي.. أنا بسافر معك لعلاجك.. وماراح أقول لأحد شيء..
بس تكفى لا تجي جنبي.. وإذا رجعنا طلقني.. تكفى!!

علي قفز وهو يرتعش بشدة.. وكلماته تتبعثر بصدمة كاسحة: نعم .. نعم؟؟
أطلقش؟؟ أنتي صاحية؟؟
أخليش عقب ما لقيتش؟؟

شد له نفسا عميقا وهو يحاول التماسك رغم أنه يشعر أنه سينهار..
وكل الطاقة التي في جسده كما لو كانت سُحبت فجأة ككقنديل سُحب ضوءه فجأة..

همس بنبرة تهدئة مرهقة: اسمعيني زين شعاع..
ماراح أجي جنبش إلا برضاش...
بس تكفين طاري الطلاق ذا ما تجيبينه حتى لو كنتي ماتقصدينه.. سمعتيني..
لا تستعجلين.. يمكن تكونين أرملة أقرب..


شعاع انتفضت بجزع..

" يعني عارف إنه مريض لدرجة إنه ممكن يموت
ومع كذا يركض وراء شهواته لين آخر لحظة!!
أعوذ بالله من مثل ذا الإنسان!!
أعوذ بالله!! "


علي أنهى عبارته ثم توجه للسرير وأندس فيه وهو يتمتم بالأذكار..
مثقل بإرهاق غير طبيعي...
إرهاق نزع منه إحساس الحياة المذهل الذي شعر به يتدفق إلى عروقه إلى درجة الأمتلاء المتفجر حين رآها أمامه..
فالطاقة الروحية المتدفقة التي شعر بها جابهها الآن رغما عنه يأسه وصدمته وضعف جسده فعلا..
فآخر غذاء دخل لعروقه هو الجلوكوز الذي عُلق عليه هذا الصباح!!


"يا الله.. وش فيها عليّ؟؟
يعني تهورت وضميتها وحبيتها.. يكون سبب عشان تطلب مني الطلاق؟؟..
والله العظيم ما أبي منها شيء.. تكفيني شوفتها..
بس شوفتها برضاها وهي مبسوطة .. مهوب وهي مجبورة وتبكي!!
يا ربي...
تكون وافقت علي مغصوبة؟؟!!
أو زعلت لأني مهما كان عرضت على وحدة الزواج وهي على ذمتي؟؟!!

بس هي ماقالت لي وش سبب زعلها؟؟
ما على لسانها إلا.. لا تقرب مني!!
ياقلبي ما أبي أقرب..
.
إلا أبي أقرب وأبي أكون أقرب أنفاسش!!
يا ربي بأستخف.. بأستخف "


تنهد بعمق وهو يحاول إراحة جسده المنهك..
ورغم كل شيء.. كان يغلق عينيه وعلى شفتيه إبتسامة شفافة..
فهو لم يتخيل ولا حتى في أكثر أحلامه جموحا وبعدا عن التصديق أنه قد ينام وهي معه في ذات المكان..
إنه قد ينام وروحه قد سكنت بمعرفتها.. بل بضمها لصدره بعد كل أيام الشقاء والقهر واليأس..

لا بأس.. لتخف منه الليلة..
الايام طويلة.. ومادامت أنفاسه تردد..
تكفيه بالفعل رؤيتها أمامه رغم كل التضادات والتعارضات!!






******************************************





كان يهز كتفها برفق وهو يهمس قريبا من أذنها:

" مزنة.. مزنة !! "

انتفضت بعفوية وهي تهمس بحميمية عفوية ناعسة: لبيه حبيبي..

ابتسم هو أيضا بشكل عفوي عميق عميق عميق.. وهو يراها تعتدل بحرج أو ربما بعتب عليه وعلى نفسها قبله..
وهي تشد روبها من جوارها لتلبسه.. شد روبها من يدها وهو يقبل رأس كتفها ثم يهمس في أذنها بدفء:
أول مرة تقولين لي حبيبي..!!

مزنة شدت الروب من يده وهمست بحزم وهي ترتديه: وحدة قايمة من النوم نعسانة وماعليها شرهة..

ابتسم زايد وهو يحيط كتفيها بذراعه: زين خلي الشرهة علي..
وأنا آسف لأني ماقلت لش على السفر.. بس السالفة جات بسرعة
توها ترتبت أمس عقب ماطلعت من عندش ومالحقت أقول لش..

مزنة شدت نفسا عميقا لتهمس بعدها بحزم مختلط بالرقة:
أنا ما أبيك تعتذر زايد.. بس أنا جد تضايقت إني سمعت الخبر من بنتي!!
يعني كساب لقى وقت يقول لها.. وأنت مالقيت..؟؟
أنا اللي آسفة.. بس أنا لا قفلت.. صرت شينة ومخي يقفل..

ابتسم زايد وهو يشدد احتضانه لكتفيها: وعسى التقفيلات ذي مهيب واجدة بس؟؟

ابتسمت مزنة وهي تحتضن خصره: الله كريم.. أنت وحظك!!


" أما إنك غريب يازايد..!!
مهوب هذا اللي تبيه.. مزنة المقفلة الحادة!! مثل مزنتك في شبابها!!
ليه الحين ماعجبك تصرفها؟؟
.
ما أدري.. ما أدري..
مـــــا أدري!!..
يمكن ما قدرت أتقبل ذا الشيء من مزنة الحين
اللي عرفتها رايقة وهادية ورزينة!!
وبشكل عام ماقدر أتقبل إن مرتي ترادني.. وتطول صوتها عندي..
صدق إنك غريب يازايد!! "


زايد هتف بحزم حان: زين مزنة.. أبيش تتصلين بشعاع وتسألينها عن حال علي لو زين.. أو بأمر أوديه المستشفى..
لأني لو كلمته بيقول مافيني شيء...

ابتسمت مزنة وهي تقف: شوي زايد بأتصل فيهم عقب ساعة..
يمكن مابعد قاموا الحين!!






************************************************






تنهدت بعمق وهي تنهي اتصالها مع مزنة..
أكثرت مزنة عليها من الوصايا التي أرهقت روحها البريئة الشفافة..
" علي مريض.. وما يأكل
وهذا سبة مرضه..
حاولي فيه يأكل.. لأنه لو ماكل بيجي أبيه يوديه المستشفى يركبون عليه مغذي.."


مع إنهاءها للاتصال كان علي يخرج من الحمام وهو يستند بإرهاق على باب الحمام..
كان يبتسم بإرهاق وابتسامته تتسع وهو يراها أمامه إشراقها أكثر من إشراق شمس هذا الصباح..
وبهجة رؤيتها تبعث في روحه سعادة أكثر من أقطار الأرض الأربعة!!

كان على وشك سؤالها من كان يتصل بها .. لولا أنه ترنح ثم سقط مغشيا عليه دون مقدمات..
شعاع قفزت بجزع ناحيته وهي تجلس على الأرض وترفع رأسه إلى حضنها..
كانت تربت على خده برفق وهي تهمس برفق جازع: علي.. علي..

لا تعلم كيف بدأت الأفكار المتعارضة تتوارد إلى بالها بجنون وهي تنظر لملامح وجهه وتحاول إيقاظه بجزع روحها المتزايد:

" ياربي أشلون واحد له ذا الوجه الحلو السمح اللي ماينشبع من شوفته ويكون كذا؟؟
صدق إنه تحت السواهي دواهي!!
.
يا ترا المرض اللي معه ممكن يكون ينتقل بالنفس؟؟!!
لا... لا ما ظنتي..
لأنه أكثر الأمراض هذي ما تنتقل إلا بالإتصال!!
.
يا ربي هذا وش فيه ما يقوم؟؟"


همست برقتها الجزعة: علي.. علي تكفى قوم..

فتح عينيه بضعف ليجد رأسه مسندا لحضنها وقريبا من صدرها..
كان بوده أن يدير رأسه ليدفن وجهه في ثنايا صدرها.. ولكنه منع نفسها حتى لا يخيفها منه ..
كل ما أستطاع فعله أنه همس بيأس مثقل بالولع:
ليتش تعرفين بس وش كثر أحبش...
أنا مهوب بس أحبش.. أنا أتنفس هواش..
عشان كذا الفترة اللي راحت كلها ماكنت قادر أتنفس..
توني قدرت أتنفس من البارحة بس!!
يا الله ياشعاع حرام عليش اللي سويتيه فيني قبل.. واللي تسوينه الحين..


رغم أنها تعلم أنه يكذب.. ولكنها لم تستطع منع قلبها البريء الغبي من الارتعاش..!!
فهي لأول مرة تسمع مثل هذا الكلام.. وبهكذا نبرة تذيب القلب فعلا!!

همست بتوتر خجول: ما تبي تتريق؟؟

ابتسم بإرهاق: ما أبي.. تكفيني شوفة وجهش قدامي ياقلبي!!

حينها شعرت شعاع بالصداع وهي تهمس له بنبرة خجولة رقيقة:
خلاص ما تبي تأكل.. ماني بماكلة.. مع إني بأموت من الجوع..

حينها همس بحنان وهو يعتدل جالسا: لا خلاص بأتريق بس تعالي سنديني مافيني حيل أقوم..

لا يعلم هل هو فعلا يحتاج لمن يسنده؟؟ أم هي حيلة العاشق غير المقصودة؟؟

شعاع همست بخجل عميق وهي تخشى أنها قد لا تستطيع أسناده:
خلاص حط يدك على كتفي..

أحاط كتفيها بذراعيه.. وهو يقف معها متوجهان للجلسة..
الرحلة القصيرة كانت بالنسبة لها أشبه برحلة عذاب كريهة وهو ملتصق بها هكذا..
وماخفف عنها لا تعلم كيف.. رائحة عطره.. كانت رائحة تسبب الدوار الأشبه بالغيبوبة العذبة..
شمت رائحة عطور والدها وعبدالرحمن وكلها من العطور الفخمة الفاخرة..
ولكن لم يكن لهما ذات تأثير عطره... شفاف.. أثيري.. فخم.. حنون!!
فما هو سر عطره؟؟؟ ماسره؟؟


هو كان يشعر أنه سيذوي فعلا وهو يشتم عبق رائحتها من هذا القرب...
ويشعر بليونة عظامها تحت ذراعه..
تمنى هو ألا تنتهي هذه الرحلة أبدا..
ولكنها انتهت وهي توصله للمقعد وتبتعد عنه هاربة وهي تجر أنفاسها المحتبسة!!


كانت تنظر له بيأس..
يبدو اليوم مريضا فعلا..
ستقوم بواجبها ناحيته كما يفترض من اي زوجة..
لكن كل ماتريده ألا يفكر أن يقترب منها أبدا!!


همست برقتها التلقائية وهي تقرب طاولة الفطور : دام أنك ماكنت تاكل الأيام اللي فاتت..
كل بس شيء خفيف.. واشرب حليب طازج وبس..

ابتسم علي بولع شفاف: إذا شفتش تأكلين.. بأكل اللي بتعطيني إياه..
حتى لو عطيتيني المخدات كليتها بدون ما احس!!






********************************************





" وش عندش مصحبتنا من بدري يا المزعجة؟؟
إيه وش عندش سريتي البارحة من بدري مع أبو الشباب وجيتي تزعجينا الحين..
مهوب كفاية توني خلصت من أختش البارحة واقول بأسيطر على الشيبان ألاقيش ناطة!! "


جوزاء تضع حقيبتها وهي تشد حسن لتجلسه وتهمس لعالية بخفوت:
ياكثر بربرتش..
أمي شأخبارها؟؟

عالية حينها هزت كتفيها وهمست بسكون: ما أدري ماشفتها.. أنا قاعدة هنا من بدري عشان أقهويها.. بس هي مانزلت من غرفتها..
واستحيت أطلع لها..
بس مر علي أبيش يهاد ذبان وجهه..

جوزا بتاثر: إذا أبي يهاد وجهه.. أجل أمي وش مسوية؟؟
أنا بأطلع أشوفها.. حطي عينش على حسون..

عالية تشد حسن لحضنها وهي تهمس بنبرة مرعبة تمثيلية مضحكة:
خليه عندي لأني أبي أكله.. جوعانة ماتريقت!!

جوزاء صعدت لغرفة والديها وهي تسمع صوت ضحكات حسن المتعالية لأن عمته كانت تدغدغه...
طرقت باب الغرفة بخفة.. وفتحت الباب فلم تجد أحدا..
حينها علمت أين ستجدها..


توجهت لغرفة شعاع.. لتجدها هناك فعلا.. تضع ملابس شعاع المتبقية في حقائب.. وتبدو عيناها الباديتان من خلف فتحات برقعها متورمتان من البكاء..

جوزا جلست جوار والدتها على الارض وهي تضم كتفيها وتقبل رأسها وتهمس بتاثر عميق:
يمه الله يهداش ترا بنتش ماهاجرت.. ترا كلها خطوتين..
ثم حاولت أن تردف بمرح فاشل: الظاهر اشعيع أغلى مني بواجد..
ماسويتي كذا يوم رحت أنا..

أم عبدالرحمن لم تجبها حتى وهي مستمرة في وضع الملابس في الحقائب..
همست حينها جوزاء بذات النبرة المتأثرة:
زين أنتي الحين وش تسوين؟؟

أم عبدالرحمن أجابت باختناق: أبيش كان يفكر يسوي الطابق الثاني كله لعبدالرحمن.. بس حادث عبدالرحمن أجل الفكرة..
خلاص خليني الحين ألهى في ذا السالفة لا أستخف!!
بأنزل أغراضنا كلها في الغرف اللي تحت!!

جوزا تشد أمها بلطف: زين فديتش خلاص أنا والخدامات بنرتب الأغراض ونخلي العمال ينزلونهم..

أم عبدالرحمن برفض حازم: لا أنا أبي أشتغل بروحي!!








***************************************





" ياربي عليش ياجميلة..
يعني إلا تجيبني هنا وصباحية عرس أخي..
حاسة إني بأموت من التعب"

جميلة تبتسم وهي تخلع نقابها وتضعه جواره: أي صبح حن الحين عند الظهر..
وبنشرب الحين كوفي وبتصحصحين..

مزون بتأفف: تدرين بعد إني ما أطيق اللاندمارك بكبره..

جميلة تبتسم: شأسوي متعودة أفصل عباياتي في المتحجبة هنا.. تعودت شأسوي..
خلينا الحين نتقهوى.. وعقب نأخذ عباتي ونمشي على طول..

مزون تبتسم بإرهاق: زين ماكان ينفع بكرة.. أنا عطلت خلاص بأوديش أي وقت..

جميلة تبتسم: لا ماينفع.. بكرة رفيقاتي مسوين لي بارتي صغير..
كانوا ينتظرون يخلصون امتحانات الجامعة وتوهم خلصوها.. وأبي ألبس عبايتي الجديدة..

مزون بذات النبرة المتأففة: زين كنت بأوديش الصبح.. والبارتي أكيد عقب العشاء..

ابتسمت جميلة: لا البارتي العصر.. لأنه أمي مارضت يكون في الليل..
وبعدين أنا بكرة من الصبح مشغولة..
أبي أسوي لنفسي حمام مغربي وأدلع نفسي صايرة خبيرة حمامات مغربية من القعدة البطالية..
وعقب بتجيني الكوافيرة تسوي شعري وتسوي لي بديكير منيكير يالله ألحق أخلص على العصر..

ضحكت مزون: أما أنا بصراحة ماشفت وحدة تهتم بنفسها كثرش..
وش الحمام المغربي اللي صايرة تسوينه لروحش كل أسبوعين..
لو منتي بملاحظة جلدش قرب يسيح من النعومة.. وانتي أساسا ذايبة على روحش من خلقتش!!

قالتها مزون وهي تشد معصم جميلة البالغ النعومة تتحسه بمرح.. جميلة شدت معصمها وهي تهمس بمرح: الله أكبر عليش..
قولي ماشاء الله.. خليني أهتم بنفسي وش وراي..
أنا أساسا كنت أنتظرش تخلصين جامعة عشان أستلمش شوي..
إذا ماخليت كابتن غانم يستقيل ويقعد جنبش.. قولي جميلة ماقالت!!

مزون بخجل: صدق قليلة أدب.. تحشمي يا بنت.. أنا أكبر منش بـ3 سنين ياقليلة الحيا!!


كان الحوار مستمر بين الاثنتين وهما ترتشفان قهوتيهما في مقهى أوبرا القسم النسائي..
كانتا على وشك الانتهاء حين دخلت فتاتين.. أحدهما تدفع عربة طفل صغير عمره حوالي 9 أشهر..

انتفضت جميلة بشفافية وهي تتعرف على الطفل..
الذي عرفته من الصور الكثيرة التي رأتها.. وعرفته كذلك من عربته وملابسه!!
فهذه العربة بل حتى الملابس التي يرتديها والتي تشكل طقما مع العربة هي من اشترتها له من محل لايوجد أبدا في قطر !!

والغريب أنهما جلستا في أقرب طاولة لمزون وجميلة..
مزون همست لجميلة باستغراب: وش فيش كن القطوة كلت لسانش؟؟

جميلة باختناق متوتر: مزون خلاص خل نحاسب ونطلع..

أشارتا للنادلة أن تأتيهما بالفاتورة..
بينما كانت الفتاة الثانية تهمس بتأفف رقيق لأم الطفل: الله يهداج أم أحمدوه.. أخاف أطول على خليفة.. قلت لج خل نأخذ أغراضي ونطلع..
بس أنتي إلا تيين هني..

جميلة شعرت بالصداع وهي تسمع حوارهما بهذا الوضوح ومع سماعها لاسم خليفة زاد صداعها..

ابتسمت أم أحمد: يعني أنتي ساحبتني معاج تقولين تبين أغراض.. وحتى قهوة حرام تشربيني..
أنتي مامليتي من مجابل ويه خليفة طول هالأسبوع اللي فات.. حتى سفر ماسافرتوا..
خلاص فكي عنه خله يتوله عليج يا المسبهة..

ابتسمت العروس برقة: ياربي منج.. صج الرازق في السما والحاسد في الأرض..
ما ألوم جاسم يشرد من ويهج النكد..


جميلة قفزت وهي ترتدي نقابها وتهمس لمزون باختناق: خلاص أنتي ادفعي وتعالي لي في المتحجبة..


مزون كانت تنظر لها باستغراب وهي تهرب متعثرة في خطواتها.. وهي تركض باتجاه الدرج..
كانت تهمس في داخلها.. " لن أبكي.. لن أبكي.."


(خلاص الله يهنيه!!
دامه مبسوط.. أنا ما أبيه إلا مبسوط
أنا ماقدرت أسعده ولا أملأ عينه..
الله يهنيه!!
الله يهنيه!! )


كانت تكرر عبارة (الله يهنيه) دون أن تشعر بانحدار دموعها الشفافة التي أغرفت نقابها..
مشاعر حزن شفافة تغزو قلبها.. وكأنها تُجبر على أن تطوي صفحة من حياتها لم تكن تريد أن تطويها بعد!!






***************************************






" أنت من جدك سقت سيارتك من الفندق لين هنا؟؟"


علي ببساطة: إيه وش فيها؟؟

زايد بغضب: لا والله منت بصاحي.. لو أنك دعمت في الطريق لا قدر الله..
أنت فيك حيل تسوق؟؟

علي يبتسم: ما أشين فالك يبه..

زايد يتنهد: يأبيك ما أفاول.. بس أنا تروعت يوم طلعت ومالقيت سيارتك..
وتروعت أكثر يوم قالوا لي العمال إنك اتصلت وطلبت واحد منهم يجيب سيارتك للفندق..

علي بذات الابتسامة الودودة: زين مرتي تبي تروح تشوف أهلها.. أوديها على تاكسي؟؟

ابتسم زايد بأبوية: يا النصاب.. السواق اللي جاب لك السيارة كان جابك أنت وياها..

علي بذات ابتسامته المحلقة: يعني أول مشوار لي أنا ومرتي ويودينا سواق...
شايفها حلوة في حقي؟؟

إحساس دافئ غريب يتعاظم في روح زايد بدأ منذ رأى علي يدخل عليه هذا المساء.. هتف بدفء حان:
يأبيك وجهك متغير.. وضحكتك ماشاء الله مافارقت وجهك...
الظاهر إن شوفة بنت فاضل جايبة نتيجة غير متوقعة..؟؟

ابتسم علي وهمس بنبرة مقصودة تماما: فوق ما تتصور يبه!!

زايد مستغرب تماما.. الفتى كان سيموت من العشق وفور رؤيته لزوجته بدأ يتحسن..
أما مازاد في استغرابه فعلا أن عليا أشار للمقهوي: يا ولد قرب الفوالة..
وصب لي قهوة أنا وعمك زايد..

كان زايد ينظر له بذهول حقيقي وهو يراه يلتهم نصف حبة المعمول ويرتشف فنجانين من القهوة..
ثم يضع فنجانه وهو يهتف بمودة باسمة: لو علي أنا كان كلت الصحن كله.. وشربت الدلة كلها..
حاس لي سنين ماشربت قهوة..
بس ما أبي أثقل على بطني وأنا توني ماتعودت على الأكل..


زايد سأل بصدمة سعادته غير المعقولة: يأبيك أنا أفرح ماعلي أشوفك تأكل وتشرب..
وأنا اللي كنت بأموت عشان أشوفك تشرب ربع قلاص عصير..
بس يأبيك ماحد يتغير في يوم وليلة.. إلا لو صارت له معجزة..

علي بنبرة مقصودة جدا: ويمكن اللي صار معي معجزة!!

زايد يتنهد بعمق سعادته المحلقة التي شعر توشك أن تفجر حناياه: الله يديم المعجزات عليك يأبيك.. وش معجزتك أنت؟؟

علي بأبتسامة مقصودة: تقدر تقول إن مرتي دخلت مزاجي وعقب عدلته لين آخر جد..

زايد بصدمة: يأبيك حدث العاقل بما يعقل.. هو مزاجك مثل الزر اللي يشغلونه ويطفونه..
ثم قطع زايد كلامه وهو يردف بسعادة حقيقية وابتسامة متسعة جدا:
خله يكون زر.. مايهمني.. المهم إنك مبسوط..
مبسوط يأبيك؟؟

علي بسعادة حقيقة: مبسوط شوي على اللي أنا حاس فيه!!

شعر زايد حينها أن شرايين قلبه تكاد تتهاوى من فرط ضغط السعادة وهو يهمس بتأثر رجولي:
لازم أقوم أصلي ركعتين شكر الحين!!

وفعلا نهض من مكانه قبل أن يردف باهتمام : شوفتك نستني وش كنت أبي أقول لك..
خلاص رحلتنا بكرة العصر إن شاء الله..

ابتسم علي: تقصد رحلتي أنا ومرتي..؟؟

زايد ضحك: ماتبي خوتي يا الهيس؟؟

علي بمرح: خوتك على الرأس والعين.. بس حد يأخذ أبيه في رحلة شهر عسل..

حينها تغير وجه زايد للقلق الجدي: علي الله يهداك وضعك الصحي أنت عارف إنه تعبان.. ولازم يكون معك حد...
لو تعبت هناك..البنية المسكينة بتبلش فيك!!

علي بإصرار: يبه أنا أعرف أتصرف زين.. أنا واحد شغلي كله كان برا.. ماني بعارف أتصرف يعني..

زايد يحاول اقناعه: يأبيك ماقلت إنك منت بعارف تتصرف..
بس أنا ما أقدر أخليك وأنت وضعك كذا..

علي بإصرار حازم: أرجوك يبه.. خلاص.. قلت بسافر بروحي..
وأوعدك أخلص فحوصي كلها لا تحاتي..







******************************************





كانت شعاع غاية في التألق والتأنق وهي تبالغ في التزين حتى لا يلاحظ أهلها شحوب لونها..
أما توترها فهي تعلم أنهم سيرجعونها لخجل العرائس الطبيعي!!

جوزاء تقرص جنبها بمودة وهي تهمس بحنان: العرس يخلي البنات حلوين كذا؟!!

همست شعاع بذبول فسروا نبرته المنخفضة بأنه خجل: مثلش..
هذا أنتي من عقب رجعتش لعبدالله وأنتي محلوة بزيادة!!

همست جوزاء في أذنها بخفوت: علي شأخباره معش؟؟

شعاع تتلاهى عن إجابة سؤالها بسؤال آخر: أمي وين راحت؟؟

جوزاء بحنان: أمي شكلها بتسوي لش العشاء بنفسها.. ياربي نفسيتها زفت من الصبح توها زانت يوم شافتش..

شعاع بتأثر: فديت قلبها.. زين علوي أم لسانين مامنها فايدة تخفف عن أمي..

جوزاء تبتسم: المسكينة تحاول.. بس أمش مقفلة من الضيقة..

شعاع قطبت جبينها بتساؤل: إلا عالية وين راحت؟؟

جوزاء بتلقائية: اتصل فيها عبدالرحمن وقال لها إن خالها بيجي يسلم لها وراحت له في مجلس النسوان..






*****************************************





وإن كانت شعاع تأنقت للتظاهر.. فهناك عروس أخرى تأنقت لإحساسها الحقيقي بالألق والسعادة..


نايف ينظر لها بنظرة مقصودة من تحت أهدابه: ماشاء الله نفسيتش جايه على العرس..
منورة من قلب وشدوقش تقولين إعلان معجون أسنان!!

عالية تضحك: تنظلني يا الدب؟؟ يعني غاط من يوم عرسي.. ويوم طلعت جاي عشان تنظلني..

نايف بذات النبرة المقصودة تماما: والله ماشفتش فقدتيني.. ولا كلمتيني..؟؟
مشغولة الله يعينش..

عالية بعفوية: لا تزعل مني فديت عينك.. بس والله لهيت مع البنات في تجهيز عرس حماتي وتوها تزوجت البارحة...


نايف بذات نبرته المقصودة المريبة: مبروك إن شاء الله.. وعقبال مايصير عندكم عرس ثاني..

ضحكت عالية: خلاص خلصوا.. إلا لو عمي فاضل يبي يجدد شبابه..

نايف يكمل بذات النبرة: فيه من هو أصغر من فاضل..
تدرين علوي الطبخة عجبتني مـــــوت!!

عالية باستغراب: أي طبخة؟؟

نايف بتلاعب: يووووه أقصد حركة عبدالرحمن يوم أحرج خالد.. وحركة عطني وجهك وتم..
ذكرتني بسوالف أمي الله يرحمها...

عالية شعرت بخجل رقيق فلم تعرف ماذا تقول وصمتت ولكن نايف لم يصمت فهو لديه ماخطط تماما ليقوله:
تدرين علوي.. عبدالرحمن على حركته المنقرضة.. خلاني أشتهي أسوي حركة أكثر انقراض..

عالية باستغراب: أي حركة؟؟

نايف بنبرته المقصودة المتلاعبة الحازمة:
تذكرين يوم كانت أمي تسولف لنا.. عن إن الرجال أول كان أحيانا إذا طلق مرته.. يقول (ترا فلانة طالق من وجهي في وجه فلان)
عشان يجبر الرجّال الثاني إنه يأخذ مرته... وفضيحة عليه لو ماخذها وطليقها علقها في وجهها...

عالية لم ترتح مطلقا لنبرة نايف وهي تهمس بغضب: وش لازمة ذا الحكي الفاضي..؟؟

نايف بحزم بالغ مرعب: مهوب فاضي.. لأني باطلق وضحى وبأطلب من عبدالرحمن يأخذها!!
وبأحرجه وأحده على أقصاه عشان يأخذها!!






#أنفاس_قطر#
.
.
.
يا الله نجمتنا اليوم للحلوة (يا الله الخيرة) لأنها اللي جابت سبب خوف شعاع من علي
فيه بالضبط ثنتين غيرها قالوه بس هي كانت أول وحدة...
مبروك ياحضرة الملازم.. علقتي النجمة !!
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 18-01-11, 06:43 AM   المشاركة رقم: 79
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والسبعون

 





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ياصباح الخير والمودة على قلوبكم يا هل الخير والمودة
.
.
جميلة من قبيلة ومن ناس معروفين.. للي تسأل
أدري فيه ناس مايحبون سالفة حضر وبدو
بس هي سالفة عند بعض ناس مازال لها حضور كبير
مع إنه -عشان نكون منطقيين- ماعادت مثل أول
.
.
يا نبضات قلبي أنا أرتب للأحداث منذ زمن طويل.. منذ البداية..
وهذا بيكون جواب لسؤالين سألوهم البنات
السؤال الأول: ليش أهل خليفة ماحاولو أبد يتصلون بجميلة وكأن الموضوع انتهى؟؟

أحمد أبو خليفة.. ترا مو عم جميلة لكن ابن عمها.. يعني خليفة ولد ولد عمها..
ولاحظوا لما زايد في بداية الرواية قال لعلي بسأل أحمد ولد عم جميلة عن رأيه..
فعلي زعل وقال متى صاروا أهلها وهم ما يسألون عنها؟؟
فزايد قال له إن أحمد دايم يسأله عنها.. يعني مجرد سؤال لأنها مهما كان بنت عمه يعني حتى مو حلال إنه يشوفها أو يسلم عليها..
ولاحظوا إني خليت مرته متوفية وماعنده بنات.. عشان يصير التواصل فعلا شبه مقطوع..
يعني رجال وعياله شباب وكلن لاهي في حياته.. ليه يهتمون يسألون.. حتى لو بغوا يسألون.. بيستحون!!
ولا تقولون مايصير.. لأنه أحيان كثيرة ممكن تمر سنين ماشفتي جماعتكم إلا في المناسبات..
يعني أنا قصدت قلة التواصل هذي لسبب.. :)
.
.
السؤال الثاني: أشلون فهد يوافق على جميلة عشان منصور وهو كاره لهالدرجة للفكرة؟؟
عاد هذي واضحة جدا.. من بداية الرواية وأنا أبين قرب منصور من فهد لدرجة إنه يدخل عشان خاطره مدرسة السواقة ويصير مسخرة الفرقة
لأنه عندنا على قولتهم مايدخل مدرسة السواقة إلا البزارين والنسوان والسواقين :)
.
.
فيه بنات استغربوا موقف علي من شعاع يعني ماتوقعوا إنه يعبر عن شوقه بطريقة جسدية مفاجئة يعني؟؟
وإنه هالشي ما يتناسب معه..
بصراحة أنا شفت إنه هذا هو التصرف العقلاني الوحيد.. إلا لو تبونه يطب ساكت مثل ما توقعوا أكثر البنات؟؟؟ :)

أنتي فرضا لو غايب عنك شخص عزيز جدا جدا لفترة طويلة وبعدين دخل عليك فجأة..
هل بتوقفين بعيد وتقولين يامرحبا وأشلونك واشتقنا لك؟؟.. وإلا بتاخذينه بالحضن بدون تفاهم؟؟
أعتقد إنه كلكم عارفين الجواب... وهالكلام بتسمعونه على لسان علي في بارت اليوم
وعلى فكرة كل ماكانت الشخصية رقيقة وشاعرية وعاطفية كان اندفاعها أكبر..
كلام موثوق منه نفسيا :)
وفعلا التصرف المنتظر من علي يا هذا التصرف.. يأنه ينجلط :)
ولو أنه انجلط وماعبر لها عن فرحته بشوفتها.. أشلون كان دارت الفكرة اللي أنا كنت مقررتها في بال شعاع ؟؟
.
.
يا الله الجزء 79..
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.

بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والسبعون






نايف بنبرته المقصودة المتلاعبة الحازمة:
تذكرين يوم كانت أمي تسولف لنا.. عن إن الرجال أول كان أحيانا إذا طلق مرته.. يقول (ترا فلانة طالق من وجهي في وجه فلان)
عشان يجبر الرجّال الثاني إنه يأخذ مرته... وفضيحة عليه لو ماخذها وطليقها علقها في وجهها...

عالية لم ترتح مطلقا لنبرة نايف وهي تهمس بغضب: وش لازمة ذا الحكي الفاضي..؟؟

نايف بحزم بالغ مرعب: مهوب فاضي.. لأني باطلق وضحى وبأطلب من عبدالرحمن يأخذها!!
وبأحرجه وأحده على أقصاه عشان يأخذها!!



عالية قفزت بغضب شديد: تدري أسخف من ذا الكلام وأحقر ماسمعت..

نايف وقف أمامها بتحدي ونبرة حازمة: لا والله يا بنت أختي..
الحقارة إن البنت تطبخ الطبخة مع حبيب قلبها.. وعقبه تلعب على خالها وتخليه مثل البهيمة اللي تنفذ مخططاتها بدون تفكير..
هذي هي الحقارة!!

عالية تفجر غضبها أكثر: أنت وش تبربر وش تقول؟؟

نايف ضحك بسخرية: وش أبربر؟؟ لا والله البربرة هذرتيها مع حبيب القلب من ورا هلش..

عالية تراجعت خطوة للخلف وهي تهمس بصدمة مختلطة بنبرتها الغاضبة:
نعم؟؟

ولكن نايف شدها بقوة من عضدها وهو يهتف بقسوة حازمة:
الله ينعم عليش ياحبيبة خالش..
يا اللي ماتدسين عليه شيء.. يا اللي أسراركم وحدة..

يعني كنتي تكلمين عبدالرحمن من ورا هلش.. صحيح إنه منقود.. لكن لا هو حرام ولا عيب عشان تدسين علي أنا سالفة مثل ذي..
وأنتي تلفين وتدورين عشان تزوجيني بنت خاله...

يعني وش فيها لو قلت لي كل شيء بصراحة.. من متى وأنا وأنتي بيننا حواجز..
لكن دامش حطيتي الحواجز وخدعتيني وأرخصتيني وضحكتي علي..
جزاش مثل ماسويتي فيني..

وحدة خذتها بالخدعة وعشانش.. مالي حاجة فيها... خل عبدالرحمن يأخذها!!
وانبسطي أنتي وإياها.. وصيروا ربع.. وانتوا في بيت واحد.. ضراير وش حليلكم..

حينها همست عالية باختناق حقيقي وعيناها تمتلئان بالدموع:
نايف أنت جدك؟؟

نايف أفلتها وهو يدفعها بحدة ويهتف بحدة قاسية:
ومابعد كنت من جدي مثل الليلة!!






**************************************





" يبه.. علي وش فيه؟؟
أنتو غيرتوا له العلاج وأنا مادريت؟؟
أو عطيتوه فاتح شهية قوي؟؟"


ابتسم زايد ابتسامته الفخمة باتساع: ليه تسأل يعني؟؟

كساب بصدمة: ليش أسأل؟؟.. أنا قربت أنسى شكل علي وهو يمد يده لثمه ويأكل..
انصدمت إنه قام معنا على العشاء.. صحيح كل أكل خفيف.. بس أنا ماهقيت إنه بيأكل حتى!!

ابتسم زايد : يقول إن شوفت بنت فاضل فتحت نفسه..

لم يستطع كساب إلا أن يضحك لفرط سعادته: والله إن بنت فاضل تستاهل السمن يصب إيديها كانها اللي خلته يأكل..

منصور العائد من الحمام ليغسل يديه بعد العشاء جلس جوار زايد وهو يشده ناحيته ويهمس في أذنه بذات سؤال كساب..

بينما علي توجه ليجلس جوار كساب من الناحية الآخرى وهو يهمس في أذنه بمرح:
مايسوى علي ذا العشاء اللي تعشيته
بتطلعونه من بطني أنت وعمك وعيونكم طايرة فيني وأنا أكل.. تقولون مابعد شفتوا ناس يأكلون؟؟

كساب يبتسم: شنسوي كنا خايفين تأكل عشانا وتخلينا ماشبعنا..
ثم أردف بمودة: تبيني أوصلك للأوتيل؟؟

علي برفض باسم: مشكور طال عمرك.. بأروح بنفسي.. وتكفى ماترادني عجزت من المرادد مع أبيك..
وعلى طاري المرادد.. أنت وأبيك لين متى منشفين ريق غانم المسكين..؟؟
خلوا المسكين يحدد موعد عرسه..
أنا طيب مافيني شي.. ولا تخلوني عذر لكم..
ومزون خلصت الفصل.. على الأقل خلهم يتزوجون ذا الصيفية قبل ما ترجع الجامعة الفصل الجاي..





**************************************






" عالية وش فيها من يوم رجعت من عند خالها وهي مكتمة مرة وحدة!!"

جوزاء تجيب شعاع باستغراب: ما أدري وش فيها؟؟

حينها سألتها شعاع برقة: منتي برايحة لبيتش زين؟؟

جوزاء بتردد: ما أدري.. ودي أرقد عند أمي.. بس لو أقول لعبدالله بيذبحني!!

شعاع بيأس رقيق: لذا الدرجة أمي متضايقة؟؟

جوزا تبتسم: مهيب متضايقة بس تبي تتدلع على أبيش شويتين..
لا تهتمين خلي ذا السالفة علي وقومي تجهزي..
رجالش مهوب كلمش وقال إنه جايش الحين..؟؟

شعاع بضيق: بلى جاي..

جوزاء بمرح: وليش لاوية بوزش.. قومي البسي عباتش.. عيب تنقعينه في السيارة..


شعاع سلمت على أمها وعالية وخرجت ترتدي عباءتها عند مرآة المخرج ومعها جوزاء التي كانت تحمل حقيبتها حتى تنتهي من لبس نقابها..

رنة رسالة تصل لهاتف شعاع فتهمس جوزاء بخبث: عادي نقراها وإلا صار عندنا أسرار..؟؟

شعاع بعفوية : افتحيه تلاقينه مسج من كيوتل يقولون ادفعوا الفاتورة لا نحوسكم حوس!!

جوزاء بابتسامة متلاعبة: الرقم سبيشل والكلام سبيشل.. والله من بهينة يا بنت فاضل..
وأنا اللي أقول اشعيع بريئة.. جبتي رأس الرجال من أول ليلة!!
"طعون" مرة وحدة.. خفي اللعب عالمسكين..

شعاع انتزعت الهاتف والحقيبة من يد جوزا ووجهها يتفجر حرجا وتختنق بغصات خجلها وضيقها
وهي تلمح الرسالة التي مازالت الشاشة مفتوحة عليها قبل أن تضع الهاتف في الحقيبة وتخرج:


" أنت الوحيد اللي بقلبي تمكنت..
تمون !!.. لكن لا تكثر طعونك!! "


ركبت جوار علي وهي تتمتم بسلام خجول متوتر ثم تلتصق بالباب
وهي تتمنى لو استطاعت البقاء في حضن أهلها وأمانهم بعيدا عن الرعب المجهول الذي تعيشه مع هذا الرجل المجهول المتلاعب..

همس علي بدفء حقيقي: هلا والله إني صادق ومن جدي..
اشتقت لش ياقلبي.. والله العظيم كني قاعد على مقلى من شوقي!!


كان بود شعاع أن تصرخ به.. (لا تقول لي ذا الكلام ولا تكذب علي..)
وكان بودها أن تبكي.. وتنزف كل هذا الحزن المكتوم في روحها..
ولكنها صمتت بيأس وهي تبتلع غصاتها.. بينما علي لم يتوقف مطلقا عن الكلام..

حينا يتغزل بها غزلا شفافا عميقا موجعا..
وحينا يحكي لها عن بعض الأماكن الي يمرون بها عن ذكرياته فيها أو معلوماته الخاصة عنها..

كان يحادثها وكأنها شخص يعرفه منذ قرون.. بينما هي عاجزة عن مجرد التواصل معه..


بموضوعية تامة.. كان حديثه غاية في المتعة والدفء ونبرة صوته الهادئة العميقة والدافئة أشبه ما تكون بمهدئ فعّال للأعصاب..
ولكنها عاجزة عن الإحساس به أو بما يقوله.. وإحساس الرعب منه يسيطر عليها تماما..


حتى وصل في محور حديثه إلى قوله: حبيبتي ترا بكرة سفرنا على طيارة العصر..

حينها همست باختناق خجول: ومن اللي بيسافر معنا؟؟ كاسرة ورجّالها؟؟

ابتسم علي: ماحد مسافر معنا.. فيه حد يأخذ معه مرافقين في شهر العسل..؟؟

شعاع بصدمة تتخيل حالها وهي معه لوحدهما.. كيف يتركونها معه وهو أشبه مايكون بقنبلة موقوتة تخشى تفجرها فيها في أي وقت..؟؟
كيف تفعل بها خالتها مزنة ذلك؟؟
كيف تتركها معه لوحدهما؟؟


صمتت... ماذا لديها لتقوله..؟؟
ليس لديها إلا الله عز وجل تدعوه أن يحميها منه!!

بينما كان علي يكمل بقية حديثه بهدوء واثق: بكرة قبل الظهر بنسوي شيك آوت من الأوتيل وعقب بنروح نتغدى عند هلي..
وعقب بأمر بش هلش تسلمين عليهم قبل نطلع المطار..
وقبل أنسى.. هاش خذي.. هذا مفتاح بيتنا.. عطيه أمش لو تبينهم يرتبون أغراضش قبل نرجع من السفر..

همست حينها شعاع باختناق أشد: أنا وأنت بنسكن بروحنا؟؟

ابتسم علي بمودة: عندي بيت وش كبره.. وين نسكن يعني؟؟
صحيح إبي لو عليه يبيني معه في البيت.. بس الحين معه كساب..
وأنا أبي نكون بروحنا وبراحتنا...

شعاع بتبعثر: قصدي.. بس......

شعاع تريد أن تبكي فعلا.. بماذا يفكر هذا الرجل؟؟
أيفكر بجعلها سجينة له طوال عمرها وهو يرسم هكذا مخططات طويلة الأمد..
ماعادت تعرف ماذا تقول.. أصبحت مشوشة تماما.. وبدأت تنتابها حالة اكتئاب يبدو أنها ستتعمق!!






**********************************






" حبيبتي حرقتي قلبي..
طالبش تقولين لي وش مضايقش؟؟ "


عالية بذبول: مافيني شيء حبيبي صدقني..

عبدالرحمن بيأس: عالية ياقلبي نشفتي ريقي.. صار لي ساعتين ألح عليش وأنتي تقولين ولا شيء..
مستحيل مافيه شيء..
نايف وش قال لش؟؟ جوزا تقول إنش من عقب ماراح من عندش وأنتي متغيرة..

حينها قفزت عالية بجزع: نايف ماقال لي شي.. ماقال شي..
تكفى لا تسأله عن شيء.. طالبتك.. لا تسأله..

ثم بشكل مفاجئ جلست على الأرض.. ودفنت وجهها في السرير قريبا من ساقيه الممدتين على السرير.. وهي تشهق بخفة!!

عبدالرحمن فُجع منها.. وهو يمد يده ليمسح على شعرها..ويهمس بقلق شديد:
والله العظيم حرقتي قلبي.. تعالي هنا.. تعالي..

عالية رفعت رأسها لتدفن وجهها في حضنه وهو يحتضنها بخفة.. لم يسألها عن شيء.. لأنه يعلم أنها لن تخبره..

عالية كانت شبه محطمة.. ليس خوفا من أن عبدالرحمن قد يفعلها ويتزوجها..
ولكن من صدمتها في نايف.. توأم روحها.. ونبضها..

لم تتخيل أنها بسبب خطأ بسيط قد ارتبكته قد يعاقبها هكذا عقاب.. وبهكذا قسوة..
لم تتخيل أن قلب نايف الحاني قد يقسو عليها هكذا..

فنايف دائما كان ملاذها حين تُغلق كل الأبواب في وجهها..
للحظات ظنت أنه يمزح.. ولكنه كان غاضبا منها فعلا.. وهددها بطريقة فاجعة وصارمة..
" معقولة يا نايف أنا تسوي فيني كذا!!"


عبدالرحمن ظل محتضنا لها بكل حنو حتى أفرغت طاقة بكائها.. حتى رفعت رأسها وهمست باختناق وهي تمسح وجهها..
وتهمس بذبول مختنق: آسفة حبيبي.. أشغلت بالك معي.. سامحني..
بأروح أتسبح عشان أهدأ شوي وبأجيك..


فور مغادرتها له.. تناول عبدالرحمن هاتفه.. فهو كان ينتظر مغادرتها بفارغ الصبر ليقوم بهذا الاتصال..


فور أن رد الطرف الثاني هتف عبدالرحمن بمودة: مساء الخير نايف..

نايف بمرح: قده صبح طال عمرك..

ابتسم عبدالرحمن: وش نسوي بك وانت مسهرنا لين الصبح؟؟

نايف بحرج: أنا؟؟

حينها همس عبدالرحمن لنايف بحزم: نايف أنت وش قلت لعالية؟؟.. من يوم طلعت من عندها وهي حالتها حالة..

حينها انفجر نايف في الضحك المجلجل وهو يتناثر بالكلمات بين ضحكاته:
خلها تستاهل.. أنا كنت أبي أثقل العيار عليها..
بس قلبي ما يطاوعني عليها الحمارة.. مع إنها تستاهل.. وأنت معها تستاهل مع احترامي لك...
لو خليتها تنكد عليك يومين زيادة بعد أحسن..
بس يا الله.. بأحتسب أجري عند رب العالمين..


عبدالرحمن ضحك مع تهديد نايف المرح له.. ومن يغضب من نايف؟ :
وليه وش سويت أنا بعد.. خلني بعيد عنك أنت وبنت أختك ماني بحملكم..

نايف مازال يضحك: قلها تفتح تلفونها وتقرأ المسج اللي بيجيها بعد شوي..
وأنت على قولتك.. اطلع من بيننا.. لأنه حن اثنين خبلان..


عبدالرحمن سمع بالفعل صوت رنة الرسالة التي وصلت هاتفها الموضوع على التسريحة..
كان بوده أن يقرأ الرسالة ولكنه كتم رغبته لسببين:
الأول أنه ليس من حقه التدخل بينها وبين خالها.. فقد يكون هناك سر ما بينهما..
الثاني أنه حتى لو فكر أن يفعلها.. فحتي يقوم على كرسيه المتحرك.. ويصل هناك ستكون قد خرجت من الحمام.


لذا انتظر حتى خرجت تلف شعرها بفوطتها بعد أن ارتدت بيجامتها..
كان وجهها ذابلا فعلا وهي تستدير لتنام جوار عبدالرحمن..
ولكن عبدالرحمن أوقفها وهو يهمس بإبتسامة: افتحي تلفونش جاش رسالة..


عالية توجهت لهاتفها بذات الخطوات الذابلة تناولته لتفتحته.. تفاجأت أن الرسالة من نايف فتحتها بتوتر..

لتتغير ملامحها للنقيض تماما... من ملامح ذابلة ساكنة.. إلى ملامح متفجرة بالحياة والحدة والصراخ والغضب:
الحيوان النذل.. خالي الزفت.. خال العازة..
يا من يجيبه عندي أعضه لين أقول بس..
أشلون أمسي الحين من الحرة!!
زين يانويف.. زين.. دواك عندي.. والله ما أعديها لك!!


عبدالرحمن انفجر في الضحك لأنه كان يراها تسبه وتشمته وهي تضحك بشكل هستيري:
والله أنك أستاذ يانايف بس عاد مهوب على الدكتورة عالية...
انا ماحد آكلني الأونطة قدامك.. والله لاردها لك دبل..


عبدالرحمن استغل أنها اقتربت منها حتى يتنزع الهاتف من يدها لأنه علم أن في الحكاية مقلب وأراد أن يعرفه..
عالية تركت الهاتف له وهي تستدير لتجلس جواره وهي تحتضن عضده بقوة سعادتها وهي تقرأ معه الرسالة للمرة الثانية:

" والله كان ودي أخليش تحترقين يوم يومين..
بس ماتهونين علي يا الدبة..

نسيت اقولش يوم جيتش ..
إني اليوم رحت لتميم في شغله عشان يسأل هله متى يبون موعد العرس بالتحديد
لأني مستعجل شويتين.. وأبيه على أبعد حد عقب شهر ونص شهرين...
.
تعيشين وتأكلين غيرها "


عبدالرحمن ضحك: بصراحة مافهمت شيء.. يعني أنتي زعلانة ذا الزعل كله عشان نايف ماقال لش متى يبي موعد عرسه؟؟
ما أشوفه سبب بصراحة!!


عالية احتضنت عضده أكثر وهي تهمس بسعادة حقيقية لأن نايف لم يخذلها:
لا.. النذل نويف ما ادري أشلون اكتشف إني كنت أكلمك..
وقال لي أنتي خدعتيني.. وإنه يبي يطلق مرته ويورطك تزوجها عشان يأدبني..


ضحك عبدالرحمن: وأمانة عليش صدقتي سالفة خبلة مثل هذي..
نايف رجّال فيه خير.. أنا اللي ماعشت معه مستحيل أصدق لو قال لي..
أشلون أنتي؟؟

عالية بمرح: ما أدري.. مخي اختبص.. وهو بين شكله جدي ويروع من قلب..

حينها همس عبدالرحمن بغرور تمثيلي: وذا كله وبغيتي تموتين.. عشانش غيرانة علي لأجيب على رأسش وحدة..

عالية تفلت ذراعه وهي تهمس بمرح: روح بس... شايف روحك على الفاضي..
عادي عندي.. أنا ووضحى ربع أصلا..

عبدالرحمن رقص حاجبيه: زين ولو جبت لش كتكوتة من بنات الجامعة اللي كاشخين تقولين رايحين عرس مهوب للجامعة..

حينها همست عالية بغيظ فعلي: والله لأقطعك وأحطك في أكياس نايلون..
وخل الكتكوتة تشبع فيك حزتها..






**************************************





" يا أختي أنتي وش جابش عندي لغرفتي.. فارقي لرجالش!!
أبي أنام.. زهقتيني!!"

سميرة تتمدد على سرير وضحى وهي تضحك: من زين خشتش بس..
لو علي ما أبي إلا شوفة تيمو..
بس شأسوي هو مشغول بكمبيوتر صاحبه يقول يبيه ضروري بكرة الصبح..
وطردني لأني كل شوي مدخلة يدي مع يده أهندس معه.. ما أقدر أقعد فاضية يدي تأكلني!!

وضحى بتأفف باسم وهي تتمدد جوارها: أنتي كل شيء فيش يأكلش..
أول مرة أشوف وحدة تهذر على الجهتين مثلش.. بإيديها ولسانها..

سميرة بمرح: زين خلينا من ذا الهذرة وقولي لي وش قررتي في اللي قاله لش تميم؟؟

وضحى بخجل: ما أدري مابعد فكرت.. أنتي وش رأيش؟؟

سميرة بمرح مختلط بالجدية: تبين رأيي.. مابدهاش.. عقب شهر وعشرين يوم بالضبط..

وضحى ضحكت برقة: وش معنى ذا التحديد الدقيق؟؟

سميرة بإبتسامتها العذبة: لأنه هذا وقت رجعتنا للدوام.. فليش تضيعين على نفسش إجازة الزواج..
يعني استغلي إجازة الصيف تتسوقين وأنتي مرتاحة.. وعقب خذي إجازة الزواج الأسبوعين من عيون الشغل..

وضحى تضحك: يمه منش يالسكنية.. ولا حتى طرى على بالي ذا كله..

سميرة قفزت بحماس: يعني أقول لتميم يقول لنايف..؟؟

وضحى بجزع خجول: لا لا.. لازم تقولين لأمي أول وهي بتقول له..






****************************************






البارحة بعد أن تمدد على السرير.. وعاود فتح عينيه ليجدها مازالت تجلس على الأريكة
حلف عليها أن تنام هي على السرير ونام على الأريكة..
ولكن هل يتكرر هذا الليلة أيضا؟؟


بالفعل لايريد منها شيء مما يخطر ببالها.. يريدها أن تطمئن له فقط..
ولكن مادامت لا تريد أن تتقبل قربه ولا بأي طريقة فكيف ستبدأ تعتاد عليه!!

كانت تجلس على الأريكة بعد أن أنهت وردها.. جاء وجلس قريبا منها حين انتهى هو أيضا وهو يهمس لها بولعه الحقيقي:
حبيبتي شعاع الليلة بعد تبين تنيمني على الكنبة؟؟

شعاع دعكت يديها بتوتر.. بينما علي يهمس لها بعمقه الواله:
والله العظيم أدري إنش مصدومة من تصرفي البارحة..
بس خلني أسالش شيء..
لو أبيش الله يحفظه لش.. غاب عنكم سنين ماتدرون عنه شيء.. وعقب رجع فجأة وشفتيه قدامش..
هل بتوقفين قدامه وتقولين له ياحياك الله يارجّال.. ووين الغيبة..؟؟
وإلا بتلوين عليه بدون مقدمات أو كلام؟؟

شعاع لا تعرف طبعا ماذا يقصد بكل هذا لكنها أجابته بعفوية:
طبعا بأتلوى عليه.. من اللي له قلب يحكي ذاك الوقت من الصدمة؟؟

ابتسم علي: زين هذي حالتي بالضبط.. شفتش قدامي وأنا كنت أظن إني مستحيل أشوفش حياتي كلها..
تبين أقعد أخذ وأعطي معش في الكلام وأنا عقلي طار مني..


شعاع لا تصدقه إطلاقا لذلك لم تفكر حتى أن تسأله.. كيف إذن تتزوج واحدة وقلبك مع واحدة أخرى؟؟.. او كيف تتجرأ أن تخطب واحدة في يوم ملكتنا؟؟
فبالها في أمور أعمق وأهم الآن..
أن تحمي نفسها منه!!

همست شعاع برقتها التلقائية: زين أنت الحين ليش تضرب ذا المثال؟؟ وش بتستفيد منه يعني؟؟

علي بدلا من أن يجيبها همس بولع: أنتي مخلوقة حقيقية وإلا حلم؟؟
أنتي الحين تتكلمين وإلا تنثرين شهد وسكر من بين شفايفش؟؟

شعاع اختنقت بالفعل ووجهها يتفجر احمرارا من الخجل..
حتى إن كانت لا تصدقه.. فهي لا تستطيع احتمال مثل هذا الكلام.. لا تستطيع..
براءتها لا تستطيع.. شفافية قلبها لا تستطيع.. نقاء روحها لا يستطيع!!

علي حينها ضغط جانبي رأسه وهو ينظر بكل ولعه اللامتناهي إلى احمرار وجهها المتفجر:
شعاع ياقلبي خفي علي.. أنا واحد ذايب بدون شي.. ارحميني..


شعاع بيأس: أرجوك علي لا تقول لي ذا الكلام.. أنا ماسويت لك شيء؟؟

علي باستنكار واله: ماسويتي لي شيء..؟؟!!
أنتي مابقى شي من التعذيب ماسويتيه فيني من أول دقيقة شفتش فيها لين الحين..
حتى شوفت خدودش وهي مولعة حمر كذا يعذبني..
حتى وأنتي ساكتة تعذبيني.. وحتى يوم تحنين علي وأسمع همستين من بين شفايفش تعذبيني..


شعاع صمتت واحمرار وجهها يتزايد.. " يا الله هذا وش يبي مني بعد؟؟"
همست باختناق: الحين علي.. وش اللي تبي توصل له من ذا الكلام كله؟؟

همس علي بشفافية عميقة: ما أبي شيء.. أبي أعبر عن مشاعري بس لا أموت من الكبت..
أنا ما أدري وين أفكارش موديتش.. بس صدقيني ..شوفتش قدامي تكفيني عن كل شيء..

ثم أردف بمرح شفاف: بس بعد حبيبتي لا تصيرين صكة مرة وحدة.. يعني مافيها شيء لو نمتي جنبي.. خليتيني أمسك يدش على الأقل..
عشان تتعودين علي شوي شوي.. مايصير ذا الحاجز اللي حاطته بيننا..

حينها همست شعاع بجزع: ولو أنت تهورت..؟؟

ابتسم علي: زين وتهورت.. صارت مصيبة يعني؟؟
ماعليش من كلام الدكتور.. لا تخافين عليّ.. هو وش عرفه إني لقيت دواي خلاص ..

شعاع تكاد تبكي.. "هذا أكيد مهوب صاحي.. معقولة لذا الدرجة ماعنده إنسانية؟؟
أو هو مايدري بحقيقة مرضه؟؟ "






*******************************************






" تميم الليلة قال لي إن نايف يبي يحدد موعد العرس
خلال شهر ونص شهرين بالكثير... وش رأيك؟؟"


زايد يضع الكتاب الذي كان يقرأ فيه جانبا ويلتفت لمزنة التي أنهت قيامها ووردها للتو.. وتمددت جواره..
ويهمس بمودة صافية: الرأي رأيش أنتي وبنتش..

مزنة بأريحية راقية: ورأيك بعد.. وخصوصا إنك بتسافر بكرة..
وأكيد الموعد بيتحدد وأنت مسافر..

زايد بثقة: الموعد اللي بيناسب وضحى ودوامها براحتها..
وأنا بعد أبي أحدد موعد عرس بنتي لأنه غانم حرقنا بالإلحاح..
وأما السفر.. مابه سفر.. قاعد عندكم..

مزنة بتساؤل باسم: أفرح ماعلي تقعد عندنا.. بس علي من بيروح معه؟؟

زايد بإبتسامة شامعة: ماحد.. على قولته .. من اللي يأخذ معه مرافقين في شهر العسل..
ثم أردف بسعادة ودودة: تدرين يامزنة.. صرت متشفق على شوفت شعاع...
علي ماشفتيه البارحة أشلون منقلب حاله؟؟
أبي أشوف اللي قدرت تغير مزاج علي كذا..

ابتسمت مزنة بسعادة: الله يبشرك بخير.. لا والله ماشفته.. لأنه يوم جا البارحة.. كنت عند إبي أعشيه..
أما على شعاع.. فسبحان الله يازايد.. على إن عيال فاضل كلهم غالين علي..
بس شعاع من أول مرة شلتيها في يدي وهي مولودة تحسها تشرح القلب وترّبع فيه..
الله يجمع بينهم في خير وعلى خير!!






******************************************







" اليوم حاولي تطلعين من الدوام بدري شوي
بأمر عليش 11 ونص"


كاسرة باستغراب وهي تلتفت ناحيته بينما نظره مثبت على الطريق:
ليه فيه شيء؟؟

كساب بثقة: لا مافيه شيء.. بس علي ومرته بيتغدون عندنا قبل يطلعون المطار.. وأبيش تكونين موجودة!!

كاسرة بهدوء: إن شاء الله.. 11 ونص بأكون جاهزة..

كساب صمت لثوان ثم أردف بحزم: وترا عندي سفرة عقب كم يوم.. ويمكن أطول فيها شوي..
أنا كنت مأجلها على أساس أني يمكن أسافر مع علي..
بس الحين ما أقدر أأجلئها..

رغما عنها ارتعشت أناملها التي أمسكت بها بقوة وأخفتها بداخل أكمام العباءة وهي تهمس بحزم صوتها المعتاد:
تطول كم يعني؟؟ أسبوع؟؟ أسبوعين؟؟

كساب بذات النبرة الحازمة ويداه مثبتتان على مقود السيارة: شهر ويمكن أكثر..

حينها لم تستطع أن تمنع عبرتها من القفز لتقف في منتصف حنجرتها وتتضخم (شهر يالظالم!! ويمكن أكثر!!)

لم ترد عليه وهي تعتصم بالصمت..
بينما زفر هو بداخله بيأس.. لو كان الأمر بيده لم يكن ليغيب عنها وخصوصا أن الوضع غير مستقر أبدا بينهما..

ولكن ماذا يفعل؟؟ لديه مهمة مؤجلة من فترة وماعاد يستطيع التأجيل أكثر!!

هتف بحزم: وش فيش سكتي؟؟ ماعلقتي يعني؟؟

ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تجيب بخفوت حتى لا يفضحها ارتعاش صوتها:
خلاص صار عندي خبر.. وش تبيني أقول؟؟
تروح وترجع بالسلامة..






************************************





لم يناما حتى صليا الفجر.. هي لتوترها ولكثرة ما سألها..
وهو لاستمتاعه بمراقبتها وسماع همساتها..

يا الله لم يتخيل أن مراقبة إنسان ستكون ممتعة ومبهجة للروح إلا معها..
وكل حركة تقوم بها.. تذيب قلبه الذائب منذ أمد..

دعكها لأناملها.. لفها لخصلات شعرها على أصابعها.. عضها لشفتيها..

أما حين تهمس ردا على أسئلته التي لا تنتهي لأنه لا يريدها أن تصمت.. فهمساتها كانت تنحره نحرا..

سألها عن كثير من الأشياء.. وأجابته بشفافية متوترة.. وهي لا تعلم ماذا يستفيد من معرفة كل هذا؟؟
ماذا يستفيد من معرفة اسم مدرستها الابتدائية؟؟
أو متى فكرت أن تقص شعرها لأول مرة؟؟
أو ماهو طعامها المفضل؟؟

هو كان يريد أن يعرف كل مافعلته في حياتها قبل أن تلتقيه.. أراد أن يغوص في ثنايا حياتها بكل دقائقها وتفاصيلها..
ولكنه بدأ يسأل عن حياتها الخارجية قبل أن يغوص للعمق.. ويعلم أنه مازال أمامه الكثير.. ولكنه مستمتع جدا برحلة المعرفة هذه..

وهو يقدم لها البديل الفوري مباشرة.. حتى يكون كل منهما على ذات المستوى من معرفة الآخر..
فإن سألها عن شيء وأجابته.. أجاب لها عن ذات الشيء عن نفسه..
أخبرها عن يومه الأول في المدرسة.. وعن أول شجار..
أحاديث عامة.. لم يغص فيها إلى العمق بعد حتى يكسب ثقتها التي أصبحت حلما له!!


وكان مازال يشعر أنه يريد أن يقول الكثير ويسألها عن الكثير لولا أنه وجدها نامت فعلا حين عاد من صلاة الفجر..

وإن كان لم يستطع مراقبتها وهي نائمة حين عاد.. بسبب عتمة الفجر..
فهاهو يقترب منها الآن في ضوء النهار الساطع.. بعد أن نام مجبرا على أريكته..


بدت له أشبه ما تكون بحلم غافٍ... لا يعلم كيف يغفو الحلم.. ولكن من المؤكد أنه هكذا يغفو!!
سماوي.. عذب.. مثقل بالروعة والحسن والبهاء!!


كانت مستغرقة من النوم لا تعلم عن العينين الوالهتين اللتين كانتا تراقبانها بشغف..
ملامحها الغافية كانت تتسلط على روحه بقسوة حانية.. كيف تكون القسوة حانية؟؟ لا يعلم أيضا!!

فعلى اعتابها.. اجتمعت التضادات في روحه.. الهجير والنسيم العليل..
الوجع والرضى.. الألم والاطمئنان..

انحنى قليلا ليمد يده ليمسح على أناملها الغافية جوارها برفق عاشق..
همست برقة ناعسة: أممممم يمه.. أبي أنام..

همس بحنان عميق: حبيبتي قومي.. نبي نسوي شيك آوت نطلع..

شعاع حينها انتفضت بجزع وهي تجلس بحدة وتتراجع للخلف حتى تبتعد عنه
وهي تشد جيبها عى عنقها بحركة دفاعية.. رغم أنها تلبس قميصا بجيب مغلق تماما..

علي شعر بضيق عميق من حركتها وهو يعتدل واقفا ويهمس بضيقه الشفاف:
شعاع تراني ماني بهمجي ولا متوحش عشان تخافين مني كذا!!


لم تقل شيئا وهي تتمنى لو استطاعت أن تبكي فقط..
هل لكل هذا من آخر؟؟ هل له آخر؟؟





***************************************





" حبيبتي وين بتروحين ذا الحزة..
أشوفش ملبسة زايد وتلبسين "

كان منصور العائد من عمله يجلس على الاريكة وهو يراقب عفراء التي كانت تتانق أمام المرآة..

عفراء أجابته برقة: أم امهاب عازمتني على الغدا.. بتجيهم مرت علي..
وأبي أسلم على علي ومرته قبل يسفرون..

منصور بعتب: وبدون ماتقولين لي حتى؟؟

عفراء اتسعت ابتسامتها برقة شديدة.. تتخيل لو أن هذا الموقف حدث في أول أيام زواجهما.. كان منصور ليثير عليها زوبعة.. قبل أن يسمع ردها

مالت لتقبل رأسه وهي تهمس برقة: افتح تلفونك شوف كم اتصال جايك..
ويوم يأست إنك ترد علي.. أرسلت لك مسج..

منصور يستخرج الهاتف من جيبه: يوووووووه.. نسيته على الصامت.. كنا في اجتماع مهم شوي..

ابتسمت عفراء وهي تنظر للمرآة وتسأل بعفوية: خير إن شاء الله؟؟ وإلا أسرار عسكرية..؟؟

ابتسم منصور: عندنا تدريبات للفرق وتراني بألهى معهم شوي الأيام اللي بتجي..
فلا تحاتيني لو صرت أتأخر بدون ما أتصل لش..

عفراء حينها استدارات لتقترب منه وتهمس برجاء عميق:
لا منصور طالبتك.. بلاها تتأخر بدون اتصال ذي.. على الأقل أرسل لي مسج..
إلا لو تبيني استخف..

منصور وقف وهو يميل ليقبل جبينها ويهمس بمودة عميقة: بأحاول.. بس بعد أقول لش لا تحاتين..
خلاص عطيني دقايق أسبح وأبدل وأنا بأوديش.. زايد عازمني على الغدا بعد..
وطالبش تقولين لجميلة تكون جاهزة قبل أخلص.. لا أنتف شعر رأسي..





************************************





" حبيبتي ليش تبكين كذا؟؟"

همست شعاع بشفافية بين شهقاتها الخافتة: مشتاقة لهلي..

ابتسم علي بحنان: لا تحاتين ياقلبي.. أسبوعين بالكثير وحن راجعين..

ثم أردف وهو يحاول إلهائها عن التفكير: تدرين إبي معجب فيش بشكل..
ما أدري وش سويتي بالشيبة وولده؟؟

شعاع لم ترد عليه وهي مازالت تحاول كتمان شهقاتها..
حينها سألها سؤال آخر: متى آخر مرة رحتي لندن؟؟

أجابته باختناق: مارحت لندن من قبل..

علي باستغراب: أبدا مارحتي؟؟

شعاع تحاول أن تتماسك: أبد..

ابتسم علي: أحسن عشان تشوفينها بعيوني.. لندن أنا حافظها مثل كف يدي..
زين متى آخر مرة رحتي فيها أوربا..؟؟

شعاع كان بودها أن تضربه بحقيبتها على رأسه (صدق إنك بايخ وسخيف) شدت لها نفسا عميقا:
أنا مارحت برا الدوحة إلا للسعودية رحت للعمرة كم مرة وبس..

علي بصدمة: من جدش؟؟

حينها همست شعاع بنبرة مقصودة: والله مهوب كل الناس هايتين برا على غير سنع !!

علي لم ينتبه لنبرتها وهو يهتف بأريحية: ولا يهمش.. معي بتشوفين العالم كله..

شعاع صمتت لثوان ثم أردفت بذات نبرة الاختناق التي عادت لها:
علي .. أنا مابعد ركبت طيارة في عمري..

حينها هتف علي بصدمة حقيقة: نعم؟؟ من جدش عاد؟؟

حينها انفجرت في البكاء ومخاوفها تختلط قديمها وجديدها وهي تخبره بما منعها خجلها منه:
أنا خايفة من الطيارة.. وأخاف من الأصنصيرات.. وأخاف من كل شيء مرتفع ومسكر..
أنا خايفة.. ما أبي أسافر.. ما أبي!!





#أنفاس_قطر#
.
.
.
موعدنا الجاي
الخميس بيكون الساعة وحدة ونص الظهر لأنه الصبح بيكون عندي ظرف صغنون..
أشوفكم على خير..
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 20-01-11, 01:00 PM   المشاركة رقم: 80
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 




آسفة يانبضات قلبي.. نص ساعة تاخير ووقعت تحت الخط
مثل أيام زمان.. أيام توقيع المدرسات القديمات


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
يامساكم الخير العميم اللي عقب المطر
الجو صافي وبارد ومنعش ويفتح النفس
ياجعلنا نتهنا بالمطر وخيره من عند رب العالمين
.
.


ليه علي ماقال لأبوه عن شعاع؟؟
أكيد عنده أسبابه اللي بتسمعونها على لسانه بس بعدين!!

.

بنات أدري أنكم تمتحنون.. وحد مايبي بارت.. وحد يبي بارت طويل طويل
وأنا والله أبي أرضي الجميع
بس رضا الناس غاية لا تدرك
.
وعلى العموم يانبضات القلب
الرواية موجودة لين ترجعون من امتحاناتكم
بس لو وقفت الباقين بيزعلون
.
اليوم بارت متوسط الطول نقف فيه على أعتاب أحداث مهمة وقفلة خفيفة جدا عشان ماتزعلون من القفلات
.
وبكرة بعد بارت صغنون في الليل.. بس والله ما أقدر أعطيكم ساعة معينة
لأنه احتمال نطلع البر وما أدري متى نرجع..
فأنتو لا تنتظرون.. على العموم بيكون فيه بارت هدية تقرونه قبل بارت الأحد
.
ويا الله الجزء 80
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولاقوة إلا بالله
.
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء الثمانون





" حبيبتي شعاع هدي شوي..
أنا قلت لش بأكنسل السفر بس أنتي مارضيتي"

شعاع بين رعشات جسدها وشفتيها: أشلون نكسل والناس كلهم عارفين إنه حن طالعين المطار
وأنت مرتبط بمواعيد مع الدكتور..
أنا خلاص مافيني شيء.. مافيني شيء..


شعاع كانت تشعر في هذه اللحظات التي جلست فيها على مقعد الطائرة برعب حقيقي مختلط بمشاعرها الشديدة التعقيد..

كشخص لم يسبق له ركوب الطائرة مطلقا لم تفكر أنها ستخاف منها..
فالإنسان لا يخاف من شيء لم يجربه أو يفكر فيه.. لأنه حتى التفكير في الرحلة لم تجد له وقتا..
فموعد زواجها تحدد مع امتحاناتها وكانت مشغولة تماما.. وهي في رتم متسارع بين الدراسة والتجهيز..

حتى حين طلب والدها جواز سفرها لينجز لها الفيزة.. لم تسأله أين سنسافر.. أو ربما منعها الخجل!! ففي بالها أمور كثيرة !!

ثم صدمتها ليلة زواجها والأحداث تتلاحق لتجد نفسها بعد ذلك في السيارة متجهة مع علي للمطار..
وخلفهم سيارة أخرى فيها والدها وكساب ومعهم أحد سائقين شركة كساب ليعيد سيارة علي..


فهل تفضح نفسها أمام الناس وتقول أنها لن تسافر.. ؟؟
وخوفها الحقيقي ليس من علي.. ولكن من والدها.. رغم أن والدها بعد حادث عبدالرحمن أصبح حنونا كثيرا..
ولكنها تعلم أنه ما أن يغضب.. فأنه سيجلجل ويثور دون رحمة!!
تتخيل منظرها أمام علي وفي الشارع حين تقول إنها لن تسافر.. وما الذي سيفعله لها والدها؟؟
لذلك رأت أن الطائرة أهون الشرين..


وخصوصا أنها تعلم أن علي لديه موعد غدا صباحا.. فهل تربك كل ذلك من أجل خوف لا مبرر له..
ومن ناحية ثالثة لا تريد أن يتكلم عليها أحد.. وتتخيل شكل الإشاعات التي ستظهر عليها حين تعود من المطار...
لن يقول الناس خائفة من الطائرة... بل كل لسان سيخترع له حكاية!!

ومن ناحية رابعة.. لا تريد أن يشعر علي أنه صاحب فضل عليها حين يلغي كل شيء من أجلها..
لأنه حين يقدم لها جميلا.. فهو بالتأكيد سيريد مقابلا له..
وتشعر بالرعب الأشد من رعب الطائرة حين تفكر بالمقابل!!



لذلك جمدت مشاعرها كلها حتى أنهت كل الإجراءات.. وصعدت للطائرة..
وجلست في مقعدها.. لتبدأ حينها في الارتعاش!!

كانت تشبك يديها في حضنها وصوت اصطكاك أسنانها يبدو واضحا بخفة..
علي شد يدها بحنان ليمسك بكفها وهو يحتضنها بين كفيه ويدعكها بخفة حانية ويهمس لها بحنان مصفى:
سمي بسم الله.. وتعوذي من الشيطان.. وادعي دعاء السفر..

كانت شعاع تحاول التكلم لتجد لسانها مرتبطا.. علي همس لها بخفوت في أذنها وهو مازال يشد على كفها: يا الله قولي وراي..

كان يدعو وهي تكرر ورائه كما لو كان أبا يعلم ابنته ويهدئها..
شعرت بنوع من الهدوء النسبي والراحة النفسية.. وهي تترك كفها بين يديه دون أن تنتزعها كما كان يظن أنها ستفعل..
فهي في هذه اللحظات أشد حاجة له من حاجته لها..!!

حينها ولأول مرة وجد الفرصة ليتأمل رقة أناملها.. ويشعر بمتعة وروعة وسماوية وجودها بين يديه..
ورقتها ونعومتها تذوي كالزبد بين أنامله.. شعر بشعور أشبه بالصداع ناتج عن رغبته الشديدة إلى رفع كفها إلى شفتيه ليغمرها ببعض من قبلاته الوالهة..
ولكنه لم يستطع إلا أن يكتم رغبته.. فليس الوقت ولا المكان بالمناسبين!!
كما أنه لا يريد استعجالها بشيء فترعب منه!!
هذه المرة تركت يدها له.. فليرضى بالقليل الذي تقدمه برضاها إن كان يريد أن يحصل على الكثير!!
فالسياسة علمته الصبر والدبلوماسية!!

وماصارت تقدمه برضاها بات أكثر من المتوقع.. لأنه ما أن بدأت الطيارة تتحرك حتى صرخت شعاع بخفوت: وش فيها؟؟ وش فيها؟؟

ابتسم وهو يشد على كفها مطمئنا: لا تخافين ياقلبي.. الحين تتحرك عشان تتوجه للمدرج.. دقيقتين بالكثير ونطير..
ماراح تحسين بشيء أبد!!

أما حين بدأت بالتحرك بسرعة على أرض المدرج.. انتزعت كفها من بين يديه وهي تصرخ بذات الخفوت المكتوم: يمه.. يمه.. بأموت ياعلي.. يمه بأموت..

لتستدير ناحية علي لتحتضن عضده بذراعيها الاثنتين وتخفي وجهها فيه..
كاد يغمى عليه وهو يشعر بحرارة أنفاسها المتصاعدة تلفح عضده..

مد يده ليمسك بعضدها وهو يربت عليه ويقرأ عليها آيات القرآن الكريم بصوت رخيم جدا وبالغ الحنان لدرجة تُشعر بالنشوة النفسية العميقة!!

شعاع بقيت على هذه الوضعية وصوت علي الحاني بالفعل يطمئن روحها
حتى شعرت أن الطائرة هدأت تماما وكأنها لا تتحرك...
وكل ماشعرت به هو بعض الألم في أذنيها الذي زال مع ابتلاعها ريقها الذي جف في حنجرتها..

أفلتت يده ليشعر حينها كما لو أن قلبه قفز من مكانه.. لأنه لم يكن يريدها أن تفلته..
بينما كانت تهمس باختناق: شا اللي صار؟؟

ابتسم بحنان: شفتي!! ماصار شيء.. الطيارة طارت.. وهذا أنتي مافيش إلا العافية !!

همست باختناق أشد: ريقي ناشف أبي ماي.. إذا ممكن..

هتف بذات الحنان وهو يشير للمضيفة: أكيد ممكن..






****************************************





" عبدالله.. أبيك تساعدني في موضوع.. طالبك!!"

ابتسم عبدالله وهو يضع فنجانه: غريبة!! مهيب عوايد!!

فهد بتأفف: عبدالله لا تزيدها علي.. يعني بتذلني قبل ماتساعدني..

عبدالله ضحك: وش مذلته يا الكذوب؟!! مابعد فتحت حلقي!!

فهد بحزم: اسمعني وش بأقول لأبي.. ولو أنا احتجت مساعدة أرجوك عبدالله ساعدني..
وعلى العموم إبي ماني بخايف منه.. إبي رجال راعي دين..
لكن النسوان أنت تعرف تفكيرهم!! عشان كذا أنت عقب اللي بتكلم أمي!!

عبدالله حينها شعر بالقلق: فهد وش السالفة؟؟

فهد يقوم من مكانه ليجلس جوار والده وهو يهتف لعبدالله بثقة: الحين بتعرف..


حينها كان أبو صالح يرتشف قهوة العصر.. ويشاهد الأخبار قبل أن يجلس فهد جواره وهو يربت على فخذه ويهتف باحترام:
يبه أبيك في سالفة!!

أبو صالح بحزم: وأنا ما أسمع.. ولا لك عندي سمع ولا جابه!!

فهد بصدمة: أفا يا أبو صالح.. ليه كذا؟؟

أبو صالح بذات الحزم والصرامة: مسرع نسيت من سواتك الشينة ليلة راحت عالية لبيت رجالها!!

فهد قفز ليقبل رأس والده ثم أنفه ثم يده وهو يهتف باحترام حقيقي:
أفا يبه.. أنت عادك شايل في خاطرك.. حزة شيطان وراحت..
وأنت عارفني دمي حامي والذبانة ما تمر من قدام خشمي..
ماهان علي تروح أختي لبيتها ونفسها مكسورة..
بس يوم شفتها ذا الأيام مبسوطة ومستانسة.. والله إني استانست لها..

حينها هتف أبو صالح بشبح ابتسامة: والله ما أدري وش عندك يا الهيس في صفصاف ذا الحكي!!
شوف... كن السالفة أنك تبي تعرس.. أنا حاضر..
كنه شيء ثاني.. قم فارقني في السعة!!

ابتسم فهد: أنت اللي قلتها!! أنت حاضر!!

اتسعت ابتسامة أبي صالح: مابغيت يا أبيك.. شابت رموش عيني وأنا أحن عليك..
تبي تخطب عند حد تعرفه.. وإلا تبينا ندور لك؟؟


عبدالله كان يستمع للحوار الدائر ويبتسم متسائلا لماذا طلب فهد مساعدته.. فهو يبدو غير محتاج للمساعدة أبدا..
ولكنه حين رأى تغير وجه فهد بعد سؤال والده... تجهز عبدالله للمساندة لأنه علم أن المشكلة هي في اسم العروس شخصيا!!

تنحنح فهد : لا.. فيه حد معين في بالي.. (قالها وهو ينظر لعبدالله بنظرة معناها استعد للمساعدة)

هتف أبو صالح بتلقائية: بنت من؟؟

فهد شد له نفسا عميقا ثم هتف بحزم: بنت مرت منصور آل كساب!!

أبو صالح تغير وجهه قليلا ولكنه شد له نفسا عميقا أيضا ثم هتف بحزم حان مختلط بالصرامة البالغة:
اسمعني يا أبيك.. أنا عارف غلا منصور عندك.. بس لاتخلي الغلا يحدك على شيء ماتبيه!!
أنا ماني بقايل لك كلام الجهّال وأقول لك حضرية.. لأنها من عرب أجواد وفيهم خير وأنا كنت أعرف أبيها وجدها..
ولاني بقايل مطلقة مع إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك؟"
بس البنت كانت مريضة وبغت تموت.. وأنا بنفسي متذكر وش اللي جا زايد وهو يراكض من مكان لمكان عشانها..

وش يدريك إن مرضها مايرجع.. وإلا يكون أثر عليها وتكون ماتجيب عيال؟؟
الرجال لا عرس يبي له صيب.. وذي سنة ربي في الحياة!!

فهد بتصميم: وأنت بعد يبه وشيدريك إنها ماتجيب عيال.. هذا كله قسمة ربك!!

أبو صالح بتصميم: وأنت وشيدريك بعد أنها تجيب..
والله يا أبيك ما أشوف شيء يحدك تأخذها.. كون غلا منصور.. وهي حتى مهيب بنته!!

فهد بتصميم أشد وأشد: إذا جالي عيال.. مهوب خوالهم عيال منصور آل كساب؟؟

أبو صالح بانتصار: هذا أنت رجعت إنك تبغي عيال.. وهي يمكن ماتجيب لك!!

حينها تدخل عبدالله بنبرته الهادئة الحازمة: يبه الله يهداك.. وش فيك تعضل على فهد..
دام البنت ماينرد في أخلاقها ولا دينها شيء.. مايصير ترده منها..

أبو صالح بثقة: أنا أبي له الزين.. وأنا وش أبي إلا توفيقه.. بس أبيه يأخذ وحدة تملأ عينه.. مهوب عشان (ياخال أبوي حك ظهري)..

حينها هتف فهد بحزم بالغ: وأنا لو ماخذتها.. ما أبي العرس خلاص..
والبنت بتخلص عدتها عقب كم يوم.. وما أبي حد يسبقني عليها!!





**********************************************






" يبه تبي فنجال بعد؟؟"

الجد جابر يهز كفه المعروقة هامسا بحنان: لا يأبيش شكّرت..

ابتسمت كاسرة: أحسن.. كثر القهوة مهوب زين لك..

الجد حينها هتف بإصرار: أجل صبي لي فنجال.. كم مرة قلت لش أنا ماني ببزر تحاكيني كذا..

كاسرة وقفت لتقوم عن الأرض حيث كانت تجلس وهي (تقهوي) جدها لتجلس جواره على سريره بعد أن قبلت رأسه وهي تهمس بابتسامة:
خلاص أنا البزر وأنا اللي ما أفهم.. السموحة يبه!!

الجد ابتسم بحنان وهو يسألها: زين رجالش وينه؟؟ قد لي يومين ماشفته!!

ابتسمت كاسرة: يبه كان لاهي في عرس أخيه وتو أخيه راح اليوم راح يوصله للمطار وأكيد عقب راح لشغله.. شغله قريب من المطار..
وبيجيك الليلة.. أبشر!!

الجد جابر بعفوية: بأروح لمجلس زايد أتقهوى عندهم عقب المغرب.. بأشوفه هناك على خير..
أربكم يأبيش حالكم زين؟؟

كاسرة تنهدت: الحمدلله يبه.. ماشي الحال..

الجد جابر بقلق: تقولينها كنش منتي براضية؟؟

ابتسمت كاسرة: إلا راضية.. ومن اللي يشوف وجهك الزين ولا يرضى!!

ابتسم الجد: يا الكذوب ماعليش من وجهي!! أنشدش من كساب؟؟

ضحكت كاسرة بمرح رقيق: وعاد وجه كساب أزين الله لا يخليني منه!!



" آمـــــــيــــــــن"

كاسرة قفزت واقفة وشهقت وهي تسمع الصوت ثم ترى الخيال الذي دخل مع الباب الخارجي ثم أغلقه وراءه بالمفتاح..
كاسرة همست بغضب تغطي به على حرجها المتفجر: أنت أشلون تدخل كذا بدون استئذان حتى؟!!

كساب تقدم وهو يسلم وينحني على رأس الجد ثم يشدها من عضدها وهو يهمس بحدة بالغة وبصوت منخفض:
إلا أنتي اللي أشلون قاعدة كذا وحتى شعرش مفكوك.. والباب اللي من صوب الحوش مفتوح.. لو سليم اللي داخل عليش الحين؟؟
بس ماعليه.. حسابش في البيت..

كاسرة بصوت غاضب منخفض: والله سليم عمره مادخل بدون مايدق الباب لين توجعه يده.. وأنا بالعادة أصلا أسكر الباب..
وليش ماتقول أنت أشلون داخل كذا.. لو وحدة من البنات هي اللي عند جدي وأنت داخل مدرعم كذا ؟!!

كساب غاضب بالفعل: لا يا بنت ناصر.. أنا أعرف الأصول زين..
أنا رحت لمجلسنا حسبت بأعين أبي جابر مثل عادته.. بس مالقيته..
اتصلت في أمش أسأل عنه لأنه لي يومين ماشفته..
قالت لي في حجرته وماعنده إلا مرتك.. مادريت إن مرتي ماخذه راحتها بزيادة!!


الجد جابر قاطع الشرارات المتفجرة بين نظراتهما وهو يهتف بتساؤل متأفف:
أنتو وش تهذرون ماسمعتكم؟؟

كساب يجلس جواره وهو يهتف باحترام مختلط بغضبه من كاسرة: أبد يبه..
أنشد كاسرة عنك!!

ابتسم الجد: انشدني من روحي.. وإلا نشدة كاسرة أزين؟؟

حينها ابتسم كساب بخبث: أكيد يبه.. وش جاب صوتك عند صوتها اللي أروح عنده وطي!!

حينها ضحك الجد بصوت مسموع: الله يهني سعيد بسعيدة ويعوض علي..
هي شايفة وجهك أزين.. وأنت شايف صوتها أزين..
ها وش الي مقعدكم عندي؟؟

كاسرة وجهها احمر فعلا من الحرج والغضب.. وهي تسب نفسها لأنها لم تغلق الباب.. وتسب كساب لأنه تعمد إحراجها هكذا!!

همست بحزم وهي تستعد للمغادرة : المكان مكانك.. أنا باروح داخل..

ولكن كساب أمسك كفها بقوة وهو يهتف بحزم مازال يتخلله الغضب:
اقعدي قهويني.. مابعد تقهويت..

الجد الذي كان نظره ضعيفا لذا هو يرى مايحدث بضبابية فقط.. هتف بغضب:
أفا ياكاسرة أنتي ماقهويتي رجالش..؟؟

كاسرة همست من بين أسنانها: حاضر يبه.. بأقعد أقهويه!!

كاسرة جلست على الأرض لتصب لكساب القهوة.. كساب تناول منها الفنجان بذات حدته..
كان يرتشف قهوته ببطء .. وعيناه ترتشفان ببطء أيضا ملامح حسنها الغاضبة.. أمواج شعرها الغافية على كتفيها..
وغضبه يتزايد كلما تخيل أنه كان من الممكن أن تلمحها عين رجل سواه..

بعد أن أنهى فنجانه.. هزه دلالة على انتهاءه بينما كاسرة همست بغيظ: مقعدني قدامك عشان فنجال واحد بس..؟؟

أجابها بنبرة مقصودة تماما: شوفتش قدامي تسوى فناجيل!!

وقفت وهي تهمس بحزم: خلاص أترخص..

أكمل وهو يقول للجد باحترام: بنترخص كلنا..

ثم أردف لكاسرة بحزم: يا الله معي للبيت..

كاسرة لا تريد أن تذهب معه.. لأنها تعلم ما الذي سيحدث.. سيصرخ عليها قليلا ويؤنبها لأنها تركت الباب مفتوحا..
وهي تشعر فعلا بالحرج ولا تحتاج للمزيد!!
همست بصوت منخفض: كساب ما أبي أروح الحين..

كساب شدها من كفها وهو يهتف بحزم بالغ: غطي وجهش بجلالش وامشي..
خلصيني..

كاسرة شدت كفها وهي تهمس بغضب حقيقي من بين أسنانها:
كساب أظنك تعرف إني مستحيل أروح معك بذا الطريقة..

حينها أفلتها وهو يهتف ببساطة تثير الغيظ: خلاص براحتش..
بس عشان ماتزعلين وتقولين ماقلت لي.. أنا بأروح أرتب أغراضي وبأطلع المطار عقب المغرب لأن طيارتي بعد العشا..

كاسرة تراجعت نصف خطوة وهي تهمس بصدمة حقيقية: أنت مهوب قلت لي عقب كم يوم؟!!

هز كتفيه وهو يفتح الباب ويستعد للخروج : تقدمت الرحلة.. فيه مانع يعني؟؟

وخرج فعلا وهو يغلق الباب وراءه.. ثم يتنهد خلفه بعمق لاسع!!
يتخيل أنه قد يمنعها عنادها من اللحاق به.. وأنه قد يسافر دون أن يودعها..
دون أن يضمها لصدره.. ويتزود من عبق أنفاسها!!

شعر حينها أن قلبه يُعتصر بقسوة... ولكنه مضى..
مــا الـجــديــــد؟؟
قهر نفسه وأمنياته ورغباته شيء اعتاد عليه حتى غاص بوجعه في خلاياه!!


لذا لم يستطع منع نفسه من الابتسام وهو يراها تدخل خلفه إلى غرفتهما بعد دخوله بدقيقتين..
كان قد وضع حقيبته على السرير وفتحها..
همست دون أن تنظر ناحيته وهي تشد الحقيبة ناحيتها: ملابسك ذا المرة ملابس شغل واجتماعات؟؟ وإلا كالعادة؟؟

هتف بذات ابتسامته التي لم يستطع منعها من الاتساع: كالعادة..

همست بحزم: خلاص افتح لي الدولاب السري.. خلني أرتب ملابسك..

غريبان هذا الزوجان.. غريبان بالفعل!!
يخفي سرا كبيرا.. وتعلم هي ذلك.. ويعلم هو أنها تعلم!!
أحيانا حين يسافر تكون هي من ترتب ملابسه كما يحب هو.. بطريقة منظمة جدا.. بنطلونات وقمصان وأحذية رسمية للعمل واجتماعات رجال الأعمال

أحيان أخرى يكون هو من يرتب حقيبته.. دولاب مغلق مفتاحه معلق مع مفتاح سيارته.. الملابس معلقة في أكياس قماشية داكنة.. وكذلك الأحذية!!
يكون هو من يستخرجها ويصفها في الحقيبة!!


فما الغريب أن ترتبها هي اليوم.. مادامت لا تعرف ماهية هذه الملابس ولا شكلها!!

كساب فتح لها الدولاب فعلا.. ووقف جانبا.. وكأنه بهذه الطريقة يريد أن يريها كم أصبحت قريبة منه..
كاسرة همست بسكون: كم لبسة تبي؟؟

أجابها بحزم: كلهم..

شعرت حينها أنها اختنقت تماما.. اختنقت بالفعل.. (كلهم؟!!)..
كم يريد أن يطيل هذا القاسي المتحجر؟!!

كانت تضع الملابس بآلية دقيقة..حتى انتهت.. كانت تريد أن تغلق الحقيبة..
لولا أنه أمسك بها من عضديها وأدارها ناحيته وهو يهمس بعمق:
أنتي الحين ليش زعلانة مني؟؟؟.. من يوم دخلتي حتى عينش ماحطيتها في عيني!!

همست بسكون ودون أن تنظر لوجهه: كساب ماني بزعلانة.. والله العظيم ماني بزعلانة!!

حينها همس برفق وهو يمد سبابته ليرفع ذقنها قليلا: زين خلني أشوف عيونش
عشان أدري إنش منتي بزعلانة..

حاولت رفع عينيها ولكنها لم تستطع.. لا تعلم ما الذي حل بها..
لكنها تخشى أن تنفجر باكية.. وهي تفضل أن تموت على أن يراها تبكي!!

كساب تنهد.. لا يعلم ما بها.. ولكن يبدو أنها غاضبة فعلا لذا لا تريد أن تنظر له بشكل مباشر..
شدها برفق ليحتضنها بقوة.. كانت ذراعيه تحيطان بها بقوة حانية..
بينما مدت هي ذراعيها لتحيط بعنقه وهي تتطاول على أطراف أصابعها وتهمس في عمق أذنه بنبرة عميقة خاصة:
لا تتأخر..

نثر قبلاته العميقة على أذنها قبل أن يهمس لها بعمق خالص: بأحاول.. بس أنتي خلي بالش من نفسش..
صمت لثانية ثم أردف: وأنتي تدرين ياكاسرة وش كثر أغار عليش..
أمنتش بالله.. الشيء اللي كان يزعلني وأنا موجود.. ماتسوينه وأنا غايب!!





*********************************







" الحمدلله على السلامة!!"


شعاع همست بتوتر وهي تنظر للجناح حولها: الله يسلمك!!

ابتسم علي بمودة: شفتي الرحلة انتهت على خير بدون إصابات ولا رعب..

شعاع بضيق خجول: انتهت عقب ماجننتك.. وأنت بروحك تعبان!!

علي بولع: أنا كلي حلالش.. المهم أنش تحاولين تتخلصين من خوفش شوي شوي..
ثم أردف بمرح: وياكثر اللي تخافين منه.. الطيارات والأصنصيرات...... وأنـــا !!

شعاع تراجعت بخجل شديد وهي تخلع عباءتها وتعلقها وتهمس باختناق:
أبي أتسبح عشان أصلي..

هتف علي بعفوية: خلاص تسبحي براحتش.. بأنزل أخلص كم شغلة في الريسبشن وبأجي..

شعاع تعلقت في ذراعه بجزع: لا لا تخليني.. خلاص بأروح معك.. وباتسبح عقب..

علي همس بقلق: حبيبتي أنتي ليش تخافين كذا.. مافيه شيء يخوف كذا!!

شعاع جلست وهي تنهمر ببكاء رقيق:
أنا آسفة.. بس غصبا عني.. أنا عمري ماقعدت بروحي.. وإبي حتى ماكان يرضى أعتب البيت بدون مايكون معي حد..
وأنا الحين في بلد غريبة.. وما أعرف إلا أنت.. أخاف حد يدق علي الباب.. يطلع لي شي يروعني وأنا بروحني!!

علي شعر أن قلبه يذوب مع بكاءها.. كما لو كان يرى أمامه طفلة جزعة تخاف من كل شيء..

جلس جوارها وهو يحيط كتفيها بذراعه ويهمس لها بحنان: طالبش ماتطقين..

رغم شعور شعاع بالجزع وبالخجل ولكنها ويا الغرابة.. كانت تظن أنها من ستكون سندا لعلي في رحلة علاجه فإذا بها من تحتاج للسند والحماية اللذين يقدمهما لها علي بكل أريحية!!

مشاعرها مختلطة بجزع عظيم.. ولكن حاجز حمايتها الذي تظنه.. أن مرض علي الذي تظنه لن ينتقل لها إلا بطريقة واحدة..
طبعا من المستحيل أن تسمح بها!!

لذا لم تكتفي أنها لم تهرب من ذراعه الموضوعة على كتفيها بل استدارت لتدفن وجهها في منتصف صدره وهي تحيط خصره بذراعيها..
وهي تظن أنها بذلك تنال إحساس الحماية الذي تظنه.. وفي ذات الوقت تمنح علي دعما معنويا يحتاجه..و أنها لا تشعر بالجفول منه.. وأنها لا تخشاه كما يظن!!
وهي تظن أنها بذلك أيضا تعبر لها عن امتنانه لما فعله لها طوال الرحلة وهو يحتملها بصبر عظيم.. وهي حينا تبكي وحينا تهذي بخوف..
تتخيل أنه حتى عبدالرحمن الحنون لن يحتملها هكذا!!
شيء في روحها بدأ يذوب من أجله لا تعلم كيف.. لدرجة أنها بدأت تظن أنه ربما المرض انتقل له عن طريق خطأ ما..
فهل يعقل أن مثل هذا الملاك قد يرتكب هكذا أخطاء؟؟
ولكنها تعود وتقول أنها رأت جرأته البالغة بنفسها.. أفكارها مشوشة تماما..

ولكن ماتعلمه جيدا أنها تشعر نحوه بشعور امتنان عميق مغلف بتأثر عميق من أجله وهي ترى مدى إرهاقه وتعبه ومع ذلك هي في المقام الأول عنده!!
لذا كان تعبيرها عن ضغط كل هذه المشاعر بهذه الطريقة..!!


لم تعلم بما فعلته بهذا الذائب المتيم الذي شعر أن هناك قنبلة قد تفجرت في منتصف صدره..
لدرجة شعوره بألم أضلاع صدره المفتتة من الإنفجار وهو يراها ترتمي على صدره بإرادتها!!

همس بثقل موجوع مغمور بألم فعلي ونبراته تتقطع.. وهو يشدد احتضانها قريبا من قلبه:
لا تخافين من شيء حبيبتي.. وربي اللي خلقش وخلاش تمكنين من القلب لين أقصاه..
إنه مايجيش شيء ولا يضايقش شيء وأنتي معي..

شعاع حينها تفلتت منه بشكل مفاجئ وهي تهمس بجزع: علي وش فيك؟؟

هتف بذات النبرة الثقيلة: مافيني شيء!!

شعاع بجزع أشد وصوتها يتغرغر بالبكاء: أشلون مافيك شيء.. أنت ولسانك ثقيل كذا..؟؟

همس بذات النبرة وهي يمسك بالناحية اليسرى من صدره: مافيني شيء حبيبتي بس قلبي يوجعني شوي.. خليني آخذ نفس وبأكون زين!!

شعاع قفزت تبحث عن الثلاجة حتى وجدتها واستخرجت قنينة ماء..
ثم ركضت ناحيته وهي تميل عليه وتهمس بصوتها الباكي: علي تكفى اشرب شوي ماي..

علي ارتشف قليلا من الماء بينما كانت تميل عليه وهي تفتح أزرار قميصه العلوية وأناملها ترتعش بشدة وهي تتنشج بطريقة طفولية..
علي أنزل القنينة جانبا وهو يمسك بيدها ويلصق باطن كفها بصدره ويهمس بإرهاق:
حبيبتي مافيني شيء.. أنا مرهق شوي بس..
ولا شفتش كذا تعبت أكثر!!

همست بين موجات نشيجها الرقيق: كم رقم الدكتور خل نتصل فيه!!

همس بذات الإرهاق: ماله داعي.. أنا أساسا بكرة الصبح عندي موعد..

تزايد نشيجها: وأنت بعد ماكلت شيء الليلة.. ولا حتى كلت شيء في الطيارة!! وكله مني!!

علي شدها بضعف ليجلسها جوارها وهو يهمس بنبرة تهدئة: ياقلبي هدي شوي..
أشلون تبيني أكل وأنتي ماكلتي..

شعاع قفزت وهي تمسح وجهها بطريقة طفولية وتهمس باختناق:
أنا أبي أتعشى الحين.. بأطلب الروم سرفس الحين..

شعاع كانت تشعر أنها لو تناولت لقمة واحدة فهي سترجعها فورا.. لشدة اختناقها بالجزع والارتباك والتوتر..
تتخيل لو ساءت حالة علي وهي معه لوحدها.. كيف ستتصرف وهي تشعر أن حاجتها له تتزايد أكثر من حاجته لها..
ومع ذلك ستأكل.. من أجله.. وحتى يأكل هو!!









**************************************







طرقات خافتة ترتفع على بابها.. أم صالح تضع طرف جلالها على وجهها وهي تهمس بهدوء: تعالي..

فهي ظنت الطارق جوزا أو أحد الخادمات.. لذا تفاجأت أنه عبدالله.. التفتت تبحث عن برقعها..
لولا أن عبدالله هتف بإبتسامة حانية: والله ما تلبسينه... حرام عليش يمه مانشوف وجهش إلا بالسراقة..

ابتسمت أم صالح: عيب عليك يأمك.. تبيني أقعد قدامك فاتشة خشتي..؟!!

عبدالله مال على رأسها مقبلا وهو يهتف بمودة صافية: بأموت ماشبعت من شوفة ذا الخشة!!

أم صالح بجزع حنون: بسم الله عليك يامك.. يومي قبل يومك أنت وأخوانك..


" لا ما أنا ما أرضى.. قدام عبدالله بكيفش أنتي وإياه..
بس أنا لا!! "

أم صالح ابتسمت وهي ترى فهد يدخل خلف عبدالله: وش عندكم الليلة؟؟
دخلتوا علي كلكم ماععلي برقع..

ابتسم فهد وهو يميل ليقبل رأسها ثم كتفها:
أبي أدري وش معنى القرد هزيع كل مادخلت عليش عينته منسدح في حضنش وبرقعش فوق رأسش..
يعني حلال عليه شوفة وجهش الزين وحن حرام..

أم صالح بإبتسامة حانية: كلكم غلاكم واحد.. بس هزيع حشاشتي.. عندي لين الحين إنه ماكبر..

فهد ضحك وهو يجلس جوارها: يمه قده بيسوي انفجار في البيت من كثر ماكبر.. ماعاد فيه حتى سرير على طوله!!

أم صالح بجزع حنون: اذكر ربك يامك.. العين حق..

فهد بابتسامة: ماشاء الله تبارك الله على الدبش العود.. لا تخافين على الجريو..

أم صالح بغضب: ولدي مهوب جريو.. إلا ذيب.. (الجريو= صغير الكلب)

عبدالله حينها ابتسم: الله يستر على الذيابة لا يأكلها ولدش..

أم صالح بغضب: أنتو وش فيكم الليلة.. جايين حاطين على هزاع!!

عبدالله مال ليقبل راسها مرة ثانية وهو يهمس بحنان:
زين يمه خلينا من هزاع ومن الذيابة والجراوة... ما تبين تشوفين عيال ذا العتوي اللي قاعد جنبش؟؟

حينها أشرق وجه أم صالح بشكل جذري وهي تشهق وتلتفت لفهد بحماس أمومي: صدق يامك تبي تعرس؟؟

فهد هتف بحذر: إذا أنتي تبغين!!

أم صالح بإبتسامة شاسعة: أكيد أبغي.. وابغي.. وابغي.. من اللي أنت تبي تناسبهم ونروح لهم من بكرة..؟؟

عبدالله حينها همس بحذر: يمه أنتي أكيد تدرين إن فهد هو اللي بيعيش مع المرة..
ولازم يكون مقتنع فيها ويبيها.. وخص إنه كان رافض العرس ذا السنين كلها..

أم صالح بتوجس: أكيد.. بس وش لازمة ذا الحكي.. قلبي نغزني منه!!
المرة اللي يبي من هي؟؟

فهد بذات النبرة الحذرة: بنت خليفة بن أحمد..

أم صالح باستغراب للاسم: من بنت خليفة بن أحمد؟؟

فهد أكمل بذات حذره: بنت مرت منصور آل كساب..

أم صالح بجزع: جميلة بنت عفرا؟؟ وليه يامك خلصوا البنات؟؟

عبدالله يشد كف أمه بحنو: ليه يمه وش تردين في البنت؟؟

أم صالح بغضب: ما أرد فيها شيء.. بنت أجواد.. وأمها ماحد(ن) بمثلها.. تنحط على الجرح يبرأ..
بس الشيخ فهد وش طير سكونه في وحدة مطلقة ولا حتى هي من بنات جماعته عشان ندور له عذر.. ؟؟

فهد كان سيتكلم.. لولا أن عبدالله أشار له بالصمت.. لأنه يخشى أن يغضب فهد ويُغضب أمه..
عبدالله أكمل بمنطقية هادئة: يمه النفس وما تشتهي.. وفهد مشتهي إن خوال عياله يكونون آل كساب..

أم صالح بغضب: وأنا وش عليّ من آل كساب... أنا يهمني ولدي وبس..
وأنا ما أنا براضية.. وقوموا يا الله.. خلصنا..

فهد وقف وهو يهتف بغضب ذات ماقاله لأبيه: يمه لو ماخذتها.. ما أبي أعرس خلاص!!

أم صالح بحزم غاضب: لا تعرس يأمك.. مكانك زين جنبي!!






*************************************







هاهو يتمدد أخيرا بإرهاق شديد.. بعد أن صلى قيامه وقرأ ورده.. ولم يستطع حتى أن يطيل الليلة لأن جسده خال تماما من الطاقة التي استنزفتها الرحلة الطويلة..

همست شعاع بحنان وهي تقف بجوار السرير وتميل عليه: علي تبي أجيب لك شيء؟؟

علي بإرهاق: لا حبيبتي.. وش أبي؟؟ لحد الحين حاس إني ما أقدر أتنفس من كثر ماكليت..

ابتسمت شعاع برقة: لازم تأكل زين عشان مايصير فيك نفس اللي صار الليلة..
يمه.. صبيت قلبي..

علي ابتسم بإرهاق: بسم الله على قلبش.. ياحظي اللي لي شوي اهتمام فيه!!

حينها احمر وجه شعاع خجلا وهي تهمس بارتباك: أنا قاعدة قريب منك إذا بغيت شيء؟؟

علي همس بعمق خافت وهو يستوقفها ويمسك بكفها: لا حبيبتي تعالي نامي جنبي.. أو أنا بأقوم عندش.. مستحيل أنام وأنتي قاعدة..

شعاع تزايد توترها وهي تتنهد بيأس.. تريد أن ترضيه فعلا ولكن ليس على حساب نفسها..
همست باختناق شفاف: زين بأنام جنبك.. بس توعدني ماتجي جنبي!!

ابتسم علي: أمنتش بالله.. شايفة شكلي شكل واحد يقدر يقرب أو يبعد!!
تعالي.. أبي أحسش قريبة مني وبس!!

شعاع استدارت وهي تجلس على أقصى طرف السرير الثاني بخجل شديد مختلط بتوتر أشد..

همس لها علي بحنان مصفى: ياربي ياشعاع.. لو أدري بس ليش خايفة كذا..
ريحي ظهرش ونامي.. والله ما أجي جنبش..
بس خلينا نسولف لين ننام..
ما أبي إلا أسمع صوتش واحسش قريب.. ياعمري أنتي!!





*******************************************





صباح اليوم الثاني
.
.
.


هذا الصباح يشعر فعلا بالانتعاش والنشاط بعد أن أخذ كفايته من النوم..
ويشعر بجوع شديد وبرغبة شديد لتناول الإفطار.. ولكنه لابد أن يجري فحوصاته وهو صائم..
لم يكن يريد أن يوقض شعاع من نومها.. فهو يستطيع إجراء الفحوص والعودة وهي مازالت نائمة..
لكنه يخشى أن تنهض من نومها وتشعر بالرعب حين ترى نفسها وحيدة!!

التفت ناحيتها.. ليجد مكانها خاليا..
نهض عن فراشه وهو يبحث عنها في أرجاء الجناح.. ليجدها تخرج للتو من باب الحمام..
انتفضت بجزع وهي تراه واقفا أمامها بعد أن كانت تركته نائما ويهمس لها بحنان: صباح الخير حبيبتي.. ماتوقعت تقومين بدري كذا.. خصوصا إنه شكلش يوم صلينا الصبح ميتة تعب!!

شدت روبها أكثر على جسدها وهي تشعر بتوتر خجول.. وتهمس باختناق: هلا.. خفت أعطلك عن موعدك.. قلت بأقوم أسبح وأتجهز!!

علي اقترب خطوة منها وهو يهمس بضيق: على فكرة شعاع.. أنا أتضايق واجد من ذا الحركة.. لو سمحتي لا تكررينها إلا لو أنتي قاصدة فعلا إنش تضايقيني..

شعاع بخجل: اي حركة؟؟

علي بضيق لا يخلو من نبرة عتب عميقة: لما تشدين ملابسش عليش كذا!!
كأنش تبين تتسترين عني..
أولا أنا رجالش لو أنتي ناسية.. ثانيا أنا لاني همجي ولا متوحش وقلتها لش قبل..
يعني لا تخافين إني لو شفت شيء ظاهر منش باهجم عليش..
يعني تبين تحسسيني بالندم يوم تهورت وعبرت عن فرحتي بشوفتش..؟؟
خلاص أنا ندمان.. مافيه داعي تعذبيني أكثر!!

علي أنهى عباراته القارصة.. ثم تجاوزها ليدخل الحمام..
بينما شعاع شعرت بضيق عميق أيضا.. لأنها ضايقته.. لم تكن تريد أن تضايقه أبدا..
فهي رغما عنها باتت تشعر بحنان عميق ناحيته..
لم تعرف كيف من الممكن أن تعبر له عن أسفها.. وضيقها من أجله!!

وبطريقة عفوية لم تقصدها أبدا.. وكأنها سترضيه بذلك..
بالغت في التأنق والزينة... وهي ترتدي فستانا أنيقا باللون السماوي بجيب واسع وبدون أكمام..

علي حين خرج من الحمام لم يتخرج لغرفة الجلوس أولا.. بل صلى ضحاه أولا ثم استبدل ملابسه استعدادا للخروج..

حين خرج كانت تنتظره في غرفة الجلوس..
ابتسم لرؤيتها.. كما لو أن رؤيتها أشبه بدواء قوي المفعول..
جلس بجوارها وهو يمد يدها ليمسح خدها بحنو بالغ:
الله لا يحرمني من عيونش الحلوة..
بس غيري لبسش وامسحي الميك آب ياقلبي.. عشان اللبس ذا ما يصلح للمستشفى..

همست شعاع باختناق خجول: وأنا ماتعدلت للمستشفى.. تعدلت لك..
ومتى مابغيتنا نمشي.. غيرت لبسي ومسحت مكياجي في دقيقتين بس..

حينها همس بتثاقل متأثر: حبيبتي شعاع قلت لش أنا ما استحمل شيء من طرفش.. خفي علي ياقلبي..

شعاع باختناقها الخجول المتزايد: علي.. أبي أرضيك.. وأدري إنه فيه أشياء مستحيل اقدر أرضيك فيها..
فأنا أحاول اللي أقدر عليه..

علي بذات التثاقل: لا تحاولين شيء ياقلبي عشان ترضيني وهو مايرضيش..
قلتها لش قبل.. شوفتش قدامي تكفيني..






***************************************





" هلا ياعمي!! كساب كلمني البارحة وقال لي إنك تبيني..
وماعندي وقت فاضي إلا الحين.. قلت أمرك قبل أروح المطار عندي رحلة!!"


ابتسم زايد وهو يشير لغانم أن يجلس في المقعد المقابل لمكتبه:
لك عندنا حاجة ماعطيناك إياها..
نبي نشوف متى تبغيها؟؟

اتسعت ابتسامة غانم: والله حاجتنا نبيها متى ما حنيتوا علينا!!




#أنفاس_قطر#
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من وحي قلم الأعضاء, أنفاس قطر, بين الأمس و اليوم, دون ردود, كاملة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t158045.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ط¨ط¹ط¯ظٹ ظ…طھط°ظƒط± ظ‡ظ…ط³ط§طھظƒ ظ…ظ† ط§ظٹط§ظ… ط§ظ„ط·ظپظˆظ„ط© This thread Refback 21-08-14 12:03 AM
Untitled document This thread Refback 19-08-14 02:15 AM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 17-08-14 07:47 PM
Untitled document This thread Refback 15-08-14 06:46 AM
ط´ط§ط¹ط± ظپط±ط§ط´ ط§ظ„ظ‚ط§ط´ This thread Refback 14-08-14 05:23 PM
ط§ط®ظ„ط§ ط·ط±ظپ ط¨ط§ظ„ط§ظ†ط¬ظ„ظٹط²ظٹط© This thread Refback 12-08-14 05:05 PM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 10-08-14 03:02 PM
ط§ظ†ظ‡ط§ ط­ظ…ط²ظ‡ ظˆط³ظ…ط§ط­ This thread Refback 10-08-14 04:33 AM
ظ…ظ†طھط¯ظ‰ ط±ظˆط§ظٹط§طھ ظ…ط§ ظˆط±ط§ ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ط© liilas This thread Refback 09-08-14 01:48 AM
Twitter meznah ظ…طµط± ظ…ط²ظ†ط© ط§ظ„ط¨ط­ط±ظٹظ† This thread Refback 03-08-14 12:01 PM
ط­ظٹظ† ط§ظ…ظˆطھ ط§ظ†ط§ ط³ظٹظ…ظˆطھ ظ…ط¹ظٹ ط­ظ„ظ…ظٹ This thread Refback 03-08-14 09:06 AM
ظˆط§ظ…ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط±ط§ط± ط§ظ„ظƒط¨ظٹط± ط¬ط¨ظ†طھ This thread Refback 01-08-14 02:11 PM


الساعة الآن 01:19 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية