كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
بين الأمس واليوم/ الجزء الستون
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جعلكم الله من القريبين من الله في هذا النهار المبارك الذي يتوسط أيام مباركة
أحاطكم الله بمغفرته وجعل الملائكة تحفكم بالدعوات
.
.
.
هذه الأيام أيام مباركة فأكثروا من الدعاء والتهليل والتكبير والتحميد
ويوم عرفة يقترب لصيامه فضل عظيم والدعاء فيه مُستجاب ويكثر فيه العتق من النار
أرجوكم أن تدعوا لأخواتكم في الله جميعا
ادعوا لشقيق دانة ليبية بالشفاء
وكذلك لابن ابن عزوز
ولوالدة رفيقة السهد
ادعوا لهم جميعا بالشفاء ولجميع مرضى المسلمين..
فالمسلم مادعاء لأخيه بظهر الغيب.. إلا أمنت الملائكة وقالت له: ولك مثل ذلك
.
.
موعدنا القادم سيكون يوم الثلاثاء يوم العيد إن شاء الله.. موعد غريب ولكن لنقل أني أريد أن أحتفل بالعيد معكم..
ولأني مسافرة يوم العيد ولا أعلم متى موعد عودتي يقينا..
فكل عام وأنتم بألف خير..ومن الله أقرب وأقرب
.
.
الجزء 60 جزء طويل جدا أرجو أن تستمعوا بقراءته..
.
سبحانك اللهم وبحمدك.. أشهد أن لا إله إلا أنت.. أستغفرك وأتوب إليك..
سبحانك اللهم وبحمدك.. أشهد أن لا إله إلا أنت.. أستغفرك وأتوب إليك..
سبحانك اللهم وبحمدك.. أشهد أن لا إله إلا أنت.. أستغفرك وأتوب إليك..
.
لا حول ولاقوة إلا بالله
.
.
بين الأمس واليوم/ الجزء الستون
كانت تمشي بهدوئها المعتاد..
عدا أن كاحلها مازال يؤلمها قليلا وهي لا تريد أن تثقل خطواتها عليه..
كانت في البداية تمشي بعفوية وذهنها خال تماما..
ولكنها بدأت تشعر بالتوتر لأنها شعرت أن هناك من يتبعها..
أسرعت قدر ما استطاعت.. ولكنه أسرع كذلك..
والممر بين المستشفيين طويل جدا.. وشبه خال من المارة...
حينها سمعت ذات الهمس الرجولي العميق الهادئ الذي سمعته اليوم صباحا:
تكفين اسمعيني دقيقة..
أنا والله بأموت من الحرج.. ماسويتها وأنا مراهق أسويها الحين..
شعاع أسرعت في مشيتها أكثر وهي تشعر بالرعب والخجل وتكاد تنكفئ على وجهها.. دون أن تنظر ناحيته أبدا
بينما همس لها بضيق:
تكفين لا تحرجيني أكثر.. أبي أدري بس أنتي بنت من..
والله العظيم أن قصدي شريف..
شعاع حينها بدأت تشهق وهي تحاول الهرب..
وعلي كان على وشك التهور ليخبرها ما اسمه حتى تطمئن له..
لكنه رأى هذا التصرف خال من العقلانية تماما..
فهي قد تأخذ الاسم وتقدم شكوى معاكسة ضده.. حينها كيف سيكون موقفه أمام عمله وأسرته.. وحتى أهل زوجته المفترضة!!
علي أصر عليها برجاء أشد كما لو أن حياته كلها تتوقف على جوابها:
تكفين أنا حالتي حالة من صبح.. عقلي طار مني..
تكفين بس قولي لي أنت بنت من؟؟
شعاع بصوت مكتوم بين شهقاتها: تكفى ..أنا مرة متزوجة لا تفضحني.. لا تفضحني..
علي بصدمة كاسحة والكلمات تفر منه والدنيا تعتم أمامه وتتفجر بالسواد:
مستحيل تكونين متزوجة.. مستحيل.. ماني بغبي ونفسي دنية لذا الدرجة..
وأنا دعيت ربي.. دعيته.. مستحيل يخذلني..
شعاع تزداد شهقاتها الخافتة رعبا: والله العظيم إني متزوجة..والله العظيم
تكفى لا تمشي وراي..
تكفى لا تفضحني..
حينها توقف علي تماما.. بينما أكملت هي طريقها بذات السرعة..
كما لو أن كل عفاريت الأرض تطاردها..
وقف لأنه شعر كما لو أنه ذُبح في التو واللحظة..
ذبـحـتـه.. نحرته بدم بارد..!!
أ تكون هذه آخرته؟؟ أن يتعلق بامرأة متزوجة؟؟
هو علي النقي الطاهر.. لا يجد من بين نساء الأرض إلا امرأة متزوجة ليهبها قلبه..؟!
هو تجرأ على انتهاك حرمة ما ليس له ولن يكون حتى له.. وهو كان قد طمأن نفسه بأنه سيصلح ذنب ما ارتكبه!!
فإذا كل دروب الأمل تُغلق أمامه تماما.. تماما..
شعر أن قدميه لا تحملانه فعلا.. وهو يشعر بأنفاسه تضيق وتضيق
يتسند على أطراف الممر بثقل.. ليلاحظه شابان ماران فيهبان لمساعدته
ليسقط مغمى عليه بين أيديهما..
**********************************
" هلا والله بالغالية
أشلونش يأبيش؟؟"
كاسرة تنحني على كف جدها لتقبله وهي تهمس بحنان عميق:
لا قدك طيب أنا طيبة..
هتف بشجن: مافيه امهاب صغير جاي في الطريق يأبيش؟؟
ردت عليه بشجن مشابه: مافيه يبه.. ولا بيكون فيه..
أنا جيت وبأقعد عندكم خلاص على طول
وهذا أنت أول حد أقول له.. وطالبتك ماتحلف علي.. ولا تجرب غلاك مثل المرة الأولة..
كل الناس أقدر عليهم إلا أنت...
حينها هتف بضيق عميق: ليه يأبيش تسوين كذا.. كساب رجّال مافيه مثله!!
همست بألم: أنت قلتها يبه.. رجّال مافيه مثله..
بس أنا أبي زوج بعد وأب لعيالي..
هي هكذا كاسرة.. أرادت أن تضع النقاط على الحروف..
تعبت من اللعب بين الأسطر الذي لا يشبهها...
لم ترد أن تبدو قضيتها مموهة أو غير محددة الملامح..
بما أنها قررت الخروج من بيتها فهي لا تريد أن يصلح بينهما أحد ولا أن يتدخل أحد..
لأنها لم تقرر هذا القرار وهي تريد التراجع فيه.. أبدا..
*********************************
" يا الله شعاع وش فيش؟؟
طلعنا من المستشفى وأنتي حالتش حالة
مابغيت أسألش قدام أمي"
شعاع مازالت ترتعش من أثر مقابلتها مع (الرجل الغريب) الذي أوقفها في الممر:
تدرين جوزا.. ولد آل كساب شكل وجهه نحس علي
تونا ماكملنا 24 ساعة متزوجين والمصايب تحذف علي..
أولها ضاعت الخدامة.. ثم بغت تنكسر رجلي..
ثم تسكر علي الاصنصير مع رجّال..
وعقبه الرجّال ذا نفسه لاحقني قبل شوي وأنا رايحة لعبدالرحمن
يقول لي أنت بنت من.. وغرضي شريف.. تخيلي الوقح..
جوزا بغضب: وليش ما اتصلتي لأبي يجيش ويأدبه..
شعاع بتماسك: يا أختي أبي اللي فيه مكفيه..والرجّال أصلا يوم قلت له أني متزوجة وقف وخلاني
وأنا عقب اليوم حرمت أتحرك أي مكان بروحي..
أنتي قولي لي وش الأخبار عندش؟؟..
جوزاء تشعر بتوتر تحاول إخفاءه خلف هدوء صوتها: عادي
لقيت عمتي وعالية تحت سلمت عليهم وأنا الحين في غرفتي بأرتب شوي..
الغرفة حايسة شوي وتبي ترتيب..
شعاع بعتب رقيق: أنتي مسز كلينر ماتعرفين ترتاحين..
توش طالعة من المستشفى تعبانة..
جوزاء تبتسم: إذا شفت المكان مهوب مرتب تعبت أكثر!!
***********************************
" كاسرة أنتي أكيد استخفيتي..
يعني يوم ربي هداش ووافقتي على رجّال
وهو صدق نعم الرجّال
ما صدقتي يسافر عشان تطقين من بيته
وش ذا الخبال؟؟ "
كاسرة بحزم: يمه تكفين.. ما أبي حد يناقشني..
أنا ماخذت ذا القرار وطلعت من البيت وبلغتكم أني ماني براجعة
عشان تحاولون تقنعوني أغير رأيي..
كساب رجّال والنعم.. لا ضربني ولا هانني ولا قصّر علي بشيء
بس خلاص ماصار بيننا توافق والحياة وقفت بيننا..
مزنة بغضب: إلا بناقشش وأكسر رأسش بعد..
أنتي وش فيش متفرعنة ماكن وراش كبير..
الشيء طب برأسش سويتيه.. ما قلتي أشور أمي؟؟.. أخذ نصيحتها؟؟.
صار لش شهور عند الرجّال وعمرش ما اشتكيتي منه..
على أول موقف بتخلينه مرة وحدة..
ثم أردفت مزنة بنبرة مقصودة كما لو أنه خطر لها شيء فجأة:
أو يمكن إنش ساكتة على شيء صار لش شهور..؟؟
وكرامتش ماسمحت لش تشتكين وإلا تطلبين الشور..
وخلاص الحين ماعاد فيش صبر!!
حينها أجابت كاسرة بضيق: هذا أنتي قلتيها بروحش..
تكفين يمه لا تلحين علي..
صدقيني اللي صار بيني وبين كساب شيء خاص..
لا يروح بالش بعيد وتظنين فيه شيء شين..
بس يمه خلاص أنا ما أبي أرجع
مهوب لأن صبري خلص.. أنا كان ممكن أصبر على كساب عمري كله..
بس لأن وضعنا أنا وكساب وضع غير قابل للحل صدقيني..
******************************
" هلا والله بالخال العزيز؟؟"
نايف بمودة: هلا والله ببنت أختي العزيزة اللي باريس من عقبها ماكن فيها حد..
عالية بمرح: تدري إني اشتقت لك يا الدب!! ما أدري متى تخلص ذا الشهور الثلاثة عشان أشوف خشتش الشينة..
حينها هتف نايف بضيق: يمكن تكون أقل من 3 شهور..
برفيسوري عنده مشروع بحث كبير يبي يتفرغ له
ويقول يبي يخلص من كل طلابه قبل يبدأ فيه..
فالحين بادي يغير في مواعيد مناقشاتنا..
عالية بسعادة: زين ليش تقولها وأنت محزن كذا.. المفروض تنبسط!!
نايف بضيق: أنبسط على الخنقة والاكتئاب اللي ينتظرني في الدوحة..؟؟
حينها همست عالية بتهكم غاضب: وش رأيك زين تهاجر وتعيش في فرنسا حياتك كلها..
عشانك واحد ضعيف شخصية ما تقدر توقف خواتك عند حدودهم..
نايف بغضب: علوي تلايطي واعرفي أشلون تحشمين خالش..
يعني مادة اللسان عشانش مانتي بقدامي ألتش كف على وجهش يسنعش..
عالية بذات التهكم الغاضب: إيه وش عليه.. عليّ انفخ ريشك يا نويف..
أنت أصلا ماتقدر تنفخ ريشك إلا علي..
لكن خواتك تصير عندهم فار بين قطاوة..
يا رجّال اصطلب.. والله العظيم لا تصير حياتك كلها دمار دامك معطيهم وجه كذا..
ما أقول لك اقسى عليهم.. بس مافيه حد يسوي سواتك!!
نايف بغضب: الشرهة علي اللي كلمتش أساسا..
ثم أنهى الاتصال وهو يغلق الخط في وجهها و يشعر بضيق عميق لسبيين:
الأول أنه لا يحب أن يضايق عالية أو يحزنها.. كما لو أنه يضايق نفسه..
الأمر الآخر أنه غضب منها بينما هي محقة.. محقة تماما!!
************************************
" يمه أنا بأروح لغرفة استراحة المواليد
بأطل عليهم شوي!!"
عفراء باستغراب: تروحين ليه وأخيش هنا؟؟
جميلة بابتسامة: حاسة أني صايرة عزول 24 ساعة..
عمي منصور من كثر الزوار مايقدر يقعد عندش إلا ذا الساعة ويلاقيني صاكة عليه..
عفراء بابتسامة حانية: تعالي يا بنت بلا خبال..
جميلة رقّصت حاجبيها رفضا وهي تلبس نقابها وتغادر قبل وصول منصور..
حين وصلت لاستراحة المواليد..
انزوت وجلست في زواية الغرفة.. وانخرطت في بكاء حاد...!!!
حينها كان منصور يدخل على عفراء بعد أن تأكد من عدم وجود أحد..
تلفت حوله وهو يتساءل: وين جميلة؟؟
عفراء بمودة: راحت قريب..
حينها اقترب وهو ينحني على رأسها ويهتف بفخامة حميمية: يعني أخذ راحتي!!
ابتسمت عفراء: يعني المسكينة صادقة يوم تقول إنها صاكة عليك..
منصور توجه لسرير ابنه ليشرق وجهه وهو يقبله بحرص وحنان كبيرين
ثم يشد له مقعدا وهو يقربه لأقصى حد من عفراء وهو يشد على كفها ويهتف بمودة حقيقية:
جميلة مثل بنتي.. ولو أساسا بنتي في عمرها.. باستحي أحب أمها قدامها..
خوش دروس نوريها البنية..
ثم أردف بتساؤل: ماقالت لش شيء عن خليفة؟؟
عفراء بحزن: لا.. ذا الولد بيقعد حسرة في قلبي..
خلني لين أصح شوي وأكلمه بنفسي.. أصلا لو درا أني ولدت أنا متاكدة إنه كان كلمني بنفسه..
حينها اقترب منصور من عفرا وهو يهمس بخفوت خوفا أن تسمعه جميلة لو حضرت:
تدرين إن زايد كلّم أحمد الليلة..
حينها انتفضت عفراء وهي تسأل باهتمام:
وش قال أحمد؟؟
منصور بحزم خافت: بصراحة زعلان واجد هو وعياله..
زايد حاول فيه إنه خليفة يجي ويتفاهم معنا..
بس أبوه مارضى..
قال إنها صغرت قدر ولده اللي المفروض إنها احترمت إنه ولد عمها اللي خلى كل شيء عشانها..
وقال لو هي بغت تجي بنفسها وترجع لبيتها.. خليفة بيرجعها..
لأنه أصلا المطلقة عدتها في بيتها..
حينها انتفضت عفراء بغضب رقيق:
لا منصور اسمح لي.. صحيح بنتي الغلط راكبها من ساسها لراسها
لكن إني أخليها تروح هناك بنفسها.. لا وألف لا..
خليفة رجّال ماينقص من قدره ياتي لين مجلسك.. ثم يأخذ مرته..
حزتها بأخليها تروح معه غصبا من ورا خشمها..
لكن إني باكسر نفس بنيتي واذلها وأنا أوديها لبيتهم.. لا يا منصور لا
ما عليه هي غلطانة بس الغلط ما ينحل بغلط..
البنية عقبها مهي بقادرة ترفع عينها في حد..
آسفة منصور أنا ماعينت بنتي في الشارع..
يبيها يدل بيتنا.. وحن مانبي منه عذر.. العذر من صوبنا..
لكن إني بأجبر خليفة عليها.. وأكسر نفسها لا..
هتف منصور بحزم: أصلا أنا قلت كذا لزايد.. وزايد قبلي قاله لأحمد..
قال له الغلط من صوب بنتنا اللي هي بنتكم..
بس خليفة هو اللي لازم يجي يأخذها..
حن شيبانه وهي بنيتنا اليتيمة..
هو أدبها وزيادة يوم طلقها وهم عادهم في المطار..
والحين مهوب منقص من قدره ياتي بس للبيت ويأخذها وحن اللي بنتعذر له بعد..
أنا ما أدري عن رأي خليفة.. بس إبيه عيّا بدون نقاش..
عفراء حينها همست بضيق: منصور أنا تعبت من كل ذا..
البنية صغيرة.. وتوها طالعة من مرض..
دام هذا ردهم.. ماني بضاغطة عليها بشيء.. خل بنتي عندي..
وخلها ترجع لجامعتها وتكمل دراستها .. وخليفة يدل طريقها لا بغاها..
*********************************
" علي حبيبي وش فيك؟؟
وجهك ماصع مرة وحدة؟؟
أجيب لك عشا؟؟"
علي بإرهاق: ماني بمشتهي.. بس بأنام شوي وأقوم زين..
مزون تجلس جواره وهي تضع يدها على جبينه وتبتسم بشجن وقلق:
هذي من فرحتك بالعروس سخنت.. رأسك دافي ياقلبي..
ابتسم بألم: الظاهر كذا..
مزون تقف وهي تهمس بقلق حقيقي: بأروح أجيب لك كمادات..
شد كفها ليجلسها وهو يهتف بذات النبرة المرهقة:
مافيني شيء.. اقعدي بس.. كلت حبتين مسكن وبأقوم بكرة زين..
حينها همست بضيق: تدري إن مرت كساب خلت البيت..
علي بعفوية: عادي.. رايحة لهلها لين يرجع كساب من السفر..
مزون بذات نبرة الضيق: علي أنت تتذكر مرة وحدة راحت فيها لأهلها عشان كساب مسافر..؟؟
علي يعتصر ذهنه: ما أدري صراحة.. يعني أنا وش عرفني مرت كساب راحت وإلا قعدت!!
مزون بنبرة قاطعة: عمرها ماسوتها.. حتى لو طولت السهر عندهم..
ترجع وتنام في غرفتها.. عقب ماتمر علي مثل ماكساب يسوي..
حينها اعتدل علي جالسا وهو يشعر بدوار طفيف.. لأنه لم يتناول أي شيء منذ البارحة هتف باهتمام:
وش تقصدين يعني؟؟
مزون بألم حقيقي: أنا ما أقصد شيء.. أنا متأكدة..
لأني كلمتها أبي أشوف وينها..
ردت علي بكلام ماريحني..
إنه حن دوم خوات.. وإني أنا وابي وخالتي عفرا بنظل هلها لو مهما صار..
بعدها ماسألتها عن شيء.. لأني فهمت هي وش تقصد..
حينها هز عليّ كتفيه وهتف بثقة: ما ألومها!!
مزون باستنكار: ماتلومها.. تخلي كساب وماتلومها ؟؟!!
علي بثقة: يمكن من محبتش لكساب تشوفينه خالي من العيوب..
لكن مهما كان أخينا غالي.. خلينا نعترف إنه مليان عيوب..
يعني المرة وش تبي؟؟
تبي رجّالها يحسسها باهتمامه فيها.. إن هي الأولوية في حياته..
حتى لو ماكانت هي فعلا الأولوية وش بيضره لاحسسها بذا الشعور الحلو..
رسول الله صلى الله عليه وسلم وش وصلى في وصيته الأخيرة قبل موته.. قال:
رفقا بالقوارير..
يعني المرأة قارورة أقل شيء يمكن يكسرها..
لكن أخيش كان يتعامل مع مرته كإنها مدرعة.. يضربها بصواريخه ومايبيها تتأثر..
ثم أكمل وصوته يرتفع بغضب:
يتأخر معنا في السهر عمري ماشفته رفع التلفون وقال لها أنا بأتاخر..
عمري ماسمعته يقول لها حبيبتي في التلفون ولو حتى على سبيل الغلط..
لو صار وقلبت في تلفونه عمري مالقيت في صادر رسائله رسالة غزل وحدة لها
كلها رسايل رسمية كنها رسايل مدير لموظفة عنده..
يمكن تقولين وهي مثله.. بأقول بعد ما ألومها..
لأنه هو اللي لازم يبادر.. هو اللي لازم يحسسها بأهميتها في حياته
عشان هي تتصرف بالمثل..
حينها هتفت مزون بغضب: وانت اشفيك شايل على أخيك كذا..؟؟
علي بذات نبرة الغضب: ماني بشايل منه.. بس أقول لش لا تلومينها..
البنية عداها العيب.. وزين إنها صبرت على كساب ذا كله..
غيرها ماتسويها مع معاملته الزفت.. وخصوصا أني أسمع إن شخصيتها قوية واستقلالية..
كان يرتعش فعلا وهو يتكلم..
هاهو يكاد ينفجر حبا.. ومع ذلك يستحيل أن يعثر على من يتدفق حبه لها ليغرقها في هذا الفيض الذي أغرق روحه..
بينما شقيقه الغبي كانت أمامه على الدوام من تستحق مشاعر الوله والعشق والغرام ولكنه أضاعها من بين يديه..
قاطع حوارهما الحاد صوت زايد يدخل مع الباب المفتوح أساسا
وهو يهتف بحزم صارم: وش فيكم صوتكم طالع؟؟
مزون.. علي تعبان.. ليش ترفعين صوتش عنده؟؟
مزون تراجعت بخجل بينما علي كان من هتف بهدوء مغلف بإرهاقه بعد أن أفرغ طاقة الغضب لديه:
يبه.. مزون مالها ذنب أنا اللي احتديت في الحوار شوي..
زايد بذات الصرامة الحازمة: ووش سبب الحوار الحاد أساسا؟؟
الاثنان صمتا.. فهما لا يريدان الكلام عن مشاكل شقيقهما..
زايد أعاد السؤال بصرامة أشد..
حينها همست مزون باختناق لأنها كانت تخشى غضب والدها إذا علم بخروج كاسرة من البيت:
كنا نتكلم إن مرت كساب طلعت من البيت زعلانة من كساب..
ما أدري لو دريت أو بعد..؟؟
حينها اجابها زايد بسكون واثق: عندي خبر..
هي بنفسها بلغتني وخذت بخاطري.. عداها العيب بنت ناصر..
لكن العيب راكب أخيكم من ساسه لراسه..
حينها همست مزون بغضب: يوم أنت وعلي كلكم حاطين كساب الغلطان
هي اشتكت لك إنه سوى لها شيء..؟؟
زايد بثقة: أبد.. ما قالت عنه إلا كل كلمة طيبة..
وكذا المرة الأصيلة ..لا اختلفت مع رجالها ماتروح تفضحه وتفضح روحها..
بس أخيش أعرفه.. وكنت عارف إنه مهوب مرتاح لين تطفش منه..
مزون حينها همست بيأس: زين والحل؟؟ كساب راح وهي في البيت..
يرجع مايلقاها..؟؟
زايد بحزم: بكرة بأروح لها بنفسي.. وبأحاول أرضيها..
عشانها وإلا أخيش مايستاهل...
***************************
" يا الله حبيبتي أنا آسف على التأخير
توني نزلت عبدالله في بيتهم وجايش الحين
متشفق على شوفت قصة شعرش الجديدة"
نجلاء بخبث رقيق: من قال لك فيه قصة شعر جديدة؟؟
صالح باستغراب: أنتي اليوم قلتي لي بأروح أسوي تغيير في شعري؟؟
نجلاء بذات لخبث الرقيق: التغيير مهوب لازم يكون قصة أحيانا صبغة!!
صالح بصدمة: نعم؟؟ صبغة؟؟ أنتي أكيد استخفيتي!!
نجلاء بانكماش: ليش؟؟ أنا استاذنتك وأنت رخصت لي!!
صالح بغضب متفجر: لا لا تكذبين علي.. أنا رخصت لش تغيرين قصة شعرش لو بغيتي بس.. مهوب تصبغينه..
حينها همست نجلاء بحزم غاضب: زين وأنا صبغته .. وش صار؟؟ انتهى الكون؟؟ وش بتسوي يعني؟؟
صالح انفجر تماما بغضب: أنا بجيش الحين وأرويش نهاية الكون أشلون..
زين يا نجيل..زين
إذا مارويتش شغلش الحين ما أكون ولد خالد آل ليث!!
والله وطلع لش لسان بعد..
******************************************
كان يدخل إلى غرفته بخطوات ثقيلة مرهقة وفي وقت متأخر قليلا..
البارحة عاد مبكرا من أجل حسن..
لكن الليلة لمن يعود؟؟
فهي خرجت من المستشفى الليلة وأخذت حسن معها..
وهو ليس أمامه سوى تجرّع ليالي طويلة من الوحدة والمرارة..
في استغراقه في أفكاره المؤلمة لم ينتبه كيف الغرفة تلمع كما لو أن صاحبتها فيها..
مفرش السرير الذي تم تغييره.. والذي عودته جوزا أنها لابد تغيره في الأسبوع مرتين..
الرائحة العطرية الدافئة والناعمة والخفيفة التي تفوح من مبخر الزيت العطري
والتي تحرص جوزاء على استخدامها بدلا من البخور لأنها لا تضايق تنفس حسن كالبخور..
وفي كل الأحوال حتى لو استخدمتها لابد أن تغلق باب غرفة حسن حتى تطفئها
كما هو مغلق الآن..
ولكن إن كان لم يلاحظ كل هذا فهو بالتأكيد سيلاحظ المخلوقة التي تجلس أمامه تماما على الأريكة..
كانت ترتدي فستان صيفيا مشجرا بألوان ناعمة هادئة بأكمام قصيرة ويصل طوله لمنتصف ساقيها ..
كما لو أنها بهذا الفستان الناعم المحايد ترسل له رسالة مشابهة.. هادئة ومحايدة..
لم يعلم بماذا يشعر حين رآها.. الشعور بالصدمة حصل وانتهى..
ولكنه لم يعلم هل هو سعيد أو خال تماما من الإحساس؟؟
مجروح منها مجروح حتى النخاع.. ومرهق من كل شيء في الحياة حتى نخاع النخاع!!
لماذا عادت؟؟ لماذا؟؟
هل لأنها حامل؟؟ أم حتى لا تضايق والدها؟؟
لا يريد أن يكذب على نفسه بأي أمل.. ويقول إنها عادت من أجله..
فهي قبل يومين عرفته حجمه تماما.. وهي تصفعه بطلب الطلاق في أكثر وقت احتاجها فيه في حياته ..
وهي تثبت له بذلك ضآلة قيمته عندها!!
سلّم.. وردت عليه السلام بتوتر..
سألها بسكون: أشلونش الحين؟؟ إن شاء الله أحسن..؟؟
همست بذات التوتر وهي تشعر باختناق حقيقي.. فهي توقعت أن يكون عبدالله أكثر سعادة برؤيتها:
الحمدلله زينة..
ثم أردفت بتوتر متردد: وأنت وش صار على قضيتك؟؟
حينها أجابها بنبرة سخرية مبطنة: الحمدلله انتهى كل شيء وبأسرع مما توقعت..
اليوم صدر طلاق نهائي غير قابل للاستئناف هناك في أمريكا
وراشيل رجعت نيويورك الليلة.. خلصت انتهيت منها نهائيا..
شكرا على السؤال.. ماقصرتي..
فهمت جوزا تلميحاته المبطنة.. وآلمتها.. ألمتها كثيرا..
لو أنها لم تصده قبل يومين.. لم يكن أي شيء ليتغير عليها
فهي على كل الأحوال كانت في المستشفى.. وكل ما احتاجه هو إحساسه بمؤازرتها معنويا لا فعليا..
تناول غترته عن رأسه ليضعها في السلة.. لكنها تناولتها من يده وهي تهمس بنبرة مقصودة مثقلة بالشجن:
تراني جيت وأنا ما أدري إن قضيتك انتهت..
ولا إنها سافرت.. جيت من المستشفى هنا على طول..
أجابها بسكون وهو يستعد للمغادرة : مشكورة.. ماقصرتي بعد..
أمسكت بمعصمه وهي تتساءل بألم: ليش تكلمني كذا؟؟
حينها انفجر بغضب مكتوم وهدوءه الظاهري كله ينهار:
أشلون تبيني أتكلم.. تبيني أركع وأحب أرجيلش
عشانش تكرمتي ورجعتي لبيت رجالش وأنتي تمنّين عليه بالرجعة بعد.. كنش تفضلتي عليه يوم رجعتي..
أشلون تبيني أتكلم.. تبيني أقول أنا طاير من الوناسة لأنش عبرتيني عقب مامرمطتيني ذا الشهور كلها..
أقول أنا باستخف من الفرحة لأنش فكرتي مرة وحدة فيني..
أنا تعبت يا جوزا.. تعبت.. سبع شهور وأنا بأموت في انتظار ابتسامة رضى وحدة منش وانتي شاحة فيها..
وآخرتها وش احتجت منش.. بس توقفين معي لين تنتهي مشكلتي.. طردتيني من عندش مثل الكلب..
قولي لي يام حسن.. عقب ذا كله أشلون تبيني أتكلم..
حينها انفجرت هي أيضا.. فإذا كان هو محمل بمرارة سبعة أشهر ويراها طويلة!!
فهي محملة بمرارة عشرات وعشرات الأشهر:
حرام يا أبو حسن.. تصدق كسرت خاطري.. سبع شهور تعاني مني؟؟..
صدق إني مجرمة وماعندي إحساس..
ليه؟؟ لأني أنا ماعندي سالفة..
وش جاب سبع شهور لأربع سنين.. السبع شهور أكثر بواجد..
أربع سنين وأنا في اليوم أسأل نفسي ألف مرة.. أنا وش سويت عشان تسوي فيني كذا..
أربع سنين وأنا ماتمر ليلة أشم نفسي وأقول ريحتي خايسة..عبدالله قال لي كذا.. وعقبه هرب مني..
أربع سنين وأنا أموت بحسرتي كل ليلة.. بنت صغيرة عمري كله انخطف وتبخر عشان تمثيليتك..
ترملت وضاعت دراستي.. وشخصيتي انقلبت 180 درجة.. وبيدي طفل صغير مايمل كل ليلة يسأل عنك
وأنا أحكي له عشرات السوالف عن حبيب مالقيته وعن أبو مالقاه..
عبدالله بغضب مثقل بالشجن: والأربع سنين هذي أنا كنت قاعد ألعب ومستانس؟؟
لو أني سألتي نفسش في اليوم ألف مرة أنا متت في اليوم ألف مرة وأنا أحلم بس أني أشم ريحتش ولو مرة قبل أموت..
لا صورتش ولا خيالش فارقوني دقيقة كأن ربي يعذبني بش..
ولا تحورين الحقائق.. أنا كنت أقول لش طهري جسمش مني
لأني شايفش شيء طاهر وأنا عقب راشيل مخلوق نجس..
جوزا بذات الغضب المتفجر: وأنا كنت بأفهم ذا الشيء بنفسي.. وأنت هربت وخليتني بدون ماتشرح لي شيء..
زين أنت رحت ووراك زوجة.. ما سألت نفسك هي حملت.. وش صار لها؟؟
وإلا بس كنت أنا عندك وناسة ساعة ومافكرت في اللي بيصير فيني..
يعني بعت الدنيا عشان ولدك اللي هناك..
وأنا وولدك اللي هنا مافكرت فينا..
يوم أنت رحت هناك عشان ولدك.. وتقول خايف عليه من أمه مثل ماقالت لي عالية..
ليش ماجبته هنا.. والله العظيم كنت ربيته مع حسن ومثل حسن وبدون ما أفرق بينهم لأني باعتبره طفل يتيم..
لكن لا.. ولد الأمريكية الشقرا كان عندك غير.. وش جابه جنب ولد جوزا..
عشانه بعت الدنيا وبعتني أنا وولدك فوقهم..
عبدالله بغضب: وأنا وش عرفني؟؟ وش عرفني أنش حملتي وجبتي ولد؟؟
جوزا بغضب متزايد: لا والله.. وأنا حملت من الشارع..!!
يعني ياحضرة المهندس المتعلم الفاهم.. صار بيننا اللي بيصير الأزواج..
يعني ماراح تحط في بالك لو احتمال واحد في المية عن نتيجة ذا الشيء..
لكن ليش تفكر في ذا الشيء أنت بايع بايع ومافكرت في النتايج..
زين خلك مني.. فرضا أنا ماحملت..
هلك أمك وابيك واخوانك اللي كانوا بيموتون عقبك مافكرت في حد منهم..
عبدالله بغضب مثقل بالقهر: جوزا لا تلوميني لأني لمت نفسي قبل ماحد يلومني..
ولمت نفسي ألف مرة أكثر من اي واحد فيكم..
حينها همست جوزا بمرارة: وأنت بعد لا تلومني.. لا تلومني..
عبدالله حينها انحدر صوته لهدوء عميق: زين أنتي وش تبين ذا الحين؟؟
همست بذات المرارة وهي تتجه لخزانتها وتنتزع منها بيجامة: ما أبي شيء
أنت بعد مشكور وماقصرت..
بأروح أرقد عند ولدي..
************************************************
كان ثائرا بالفعل وهو يصعد الدرج بقفزات سريعة.. ويحاول أن يتحكم بغضبه حتى لا يتهور أو يرتفع صوته فيسمعه ابنيه..
كان يحاول أن يتخيل كيف أصبح شعرها بلون مصبوغ.. بعد ان اعتاد على أمواج العسل التي يذوب فيها..
وفي ختام الأمر يعلم يقينا أن صبغها لشعرها لا يهمه لتلك الدرجة حتى ولو كان مغرما بلونه الأصلي..
فنجلا هي نجلا حبيبته وأم أولاده سواء بشعر أشقر أو أسود..
ولكن ما يغضبه هو تعمدها لإغضابه..
حين دخل كانت الصدمة الحقيقية تنتظره..
كانت أمواج العسل.. كما يسميها.. بانتظاره كما تركها اليوم عصرا..
كل ماهنالك أنها ازدادات فتنة وإغراء بلفات لولبية أنيقة تتناثر على قميص نوم جديد..
وصاحبتهما ثائرة تماما وهي تستخرج ملابس صالح وتضعها على السرير..
حين رأته صرخت بثورة:
الملابس هذي تكفيك الليلة وبكرة لين أرتب باقي ملابسك في غرفة الضيوف..
رد عليها صالح بغضب: نجلا وش ذا الخبال؟؟
نجلا بغضب مشابه: كيفي.. كيفي.. يأخي ماني بطايقة أشوفك قدامي..
وما أبيك تنام معي في غرفتي..
الحين فرضا أني استخفيت وصبغت شعري وش اللي صار..
ماعادني بنجلا.. صرت وحدة ثانية.. وإلا خلاص ماعاد فيني شيء تحبه إلا ذا الشعر..
بغيت تأكلني عشاني قلت أني صبغته..
أنا ماصبغته عشاني مهوب عشانك.. لأني استاذنتك وأنت قلت ماعليه..
مادريت أنك تدور علي سبب..
صالح بغضب أشد وهو يكتم صوته: نجلا بلا خبال صدق..
أنتي عارفة عدل إن غلاش واحد شعرش أصفر وإلا أحمر وإلا حتى قرعاء ماعندش شعر..
بس أنتي صايرة استفزازية بشكل.. ماترتاحين لين تطلعيني من طوري..
نجلاء وصل غضبها لأقصى حدوده: خلاص وش مصبرك علي..
طلقني دامني صايرة هم على قلبك كذا!!
طلقني دامني صايرة مغثة كذا وأنت منت بطايق تستحملني!!
صالح لم يرد عليها وهو يتجاوزها ويتناول ملابسه عن السرير
ويخرج وهو يغلق الباب خلفه بحزم غاضب..
لتفجر هي في بكاء هستيري غير معقول وهي تلكم كل شيء حولها..
****************************************
"أعلم أنه عاد قبل ساعة ولكنه لم يحضر إلى غرفتنا حتى الآن
هل علم بمشكلة كاسرة وهذا مايعطله في الأسفل؟؟"
سميرة منذ تلقيها لهدية تميم اليوم عصرا وهي متوترة تماما..
وتشعر أن الوقت يجري بسرعة وموعد عودته يقترب بسرعة خرافية..
فهي متوترة جدا من لقائه بعد تلقيها هديته التي تشعر أنها غير بريئة أبدا..
رغم أنها جميلة جدا ووقعت في غرامها فورا !!
تزفر بتوتر.. لا تعلم كيف ستقابله؟؟
أو ماذا ستكون ردة فعله؟؟
وحين رأته تأخر.. تمنت أن تشغله قضية كاسرة قليلا عنها..
وكان لها ما أرادت تماما.. حين دخل كان يرتسم على وجهه علائم الهم..
أشار لها بالسلام وهو شارد..
وردت عليه بإشارة متوترة..
لم يعاود الإشارة لها وهو يدخل للحمام ويستحم ثم يصلي قيامه ويقرأ ورده وهي تراقبه في كل هذا من تحت أهدابها وهي تتشاغل بتحضير بعض دروس الأسبوع القادم على الحاسوب
رغم أنها تشك أنها شرحت درس الصف الثالث للصف الثاني أو ربما خلطت الدرسين في درس جديد..
فهي لم تكن تعلم ما الذي كانت تخلطه..
حين انتهى توقعت أنه سيتمدد على أريكته بعد أن أعدتها له ورتبت فراشه..
بينما كانت هي تجلس على المقعد المنفرد..
جلس بالفعل على الأريكة ولكنه قبل ذلك انحنى عليها قليلا لترتعش سميرة بعنف
ثم ترتعش بشدة أكبر وهو يلمس نحرها بأطراف أصابعه بخفة
ثم يجلس مكانه ويشير وعلى وجهه علائم التلاعب اللطيف وهو يشعر تماما بارتعاشها: ليه ما لبستيه ؟؟ وإلا حرام علي أشوفه عليش؟؟
تجمدت تماما دون أن تشير له بشيء
وهي تشعر أنها قد تنفجر باكية في أي لحظة من شدة شعورها بالتوتر الذي خالطه الحرج..
حينها هز كتفيه وهو يشير ببساطة: مابه عجلة.. العمر قدامنا طويل إن شاء الله
أشوفه متى مابغيتي تلبسينه..
أنهى إشارته ثم تمدد رغم أنه لم يكن يريد مطلقا التمدد..
كان على الأقل يريد لو يتحاور معها قليلا..
فهو مهموم من كثير من الأشياء وآخرها مشكلة كاسرة.. ويشعر بحاجة ماسة لنفض بعض همومه
ولكنه لم يرد أن يثقلها عليها وهو يرى كيف احمرت عيناها فجأة وكأنها تريد منع نفسها من البكاء..
تنهد بألم في داخله..
"لماذا تبكي؟؟
كل ما أردته هو إسعادها.. أو ربما ماعاد شيء من ناحيتي يُشعرها بالسعادة..
بل كل ما يرتبط بي يشعرها بالألم والهم.."
سميرة نهضت بالفعل
لتندس في سريرها وتدفن وجهها في المخدة لتبكي فعلا
وهي لا تعلم فعلا لماذا تبكي..
ولكنها تشعر بالتوتر والكثير من الانفعال..
ولا تستطيع التعبير عما داخلها سوى بذرف بعض الدموع علها تريحها...
************************************
" علي يأبيك وش فيك؟؟
مهيب عوايدك ثقل النوم كذا
بالعادة ألقاك قبلي في الصالة تنتظرني عشان نروح لصلاة الفجر"
علي يفتح عينيه بتثاقل وهو يهمس بصوت مرهق تماما:
أعوذ بالله منك يا أبليس..ما أدري وش فيني.. مافيني حيل كلش..
زايد بحنان عميق بنبرته الفخمة الخاصة: زين قم.. قم يا أبيك..
قم توضأ وأنا بأنتظرك..
علي حاول الوقوف ليهوي من إحساسه بدوار حاد جعله يفقد توزانه..
زايد أسنده بقوة وهو يهتف بقلق حقيقي:
لا.. منت بطبيعي.. قوم نروح المسجد.. ومنه بنطلع للمستشفى..
علي بسكون مرهق: يبه مافيني شيء.. بس عشان آخر شيء كلته البارحة الأولة..
إذا رجعت من المسجد تريقت وبأكون زين..
زايد يتصل وهما خارجان بالخادمات ليجهزن الفطور حتى يكون جاهزا فور عودة علي..
وهما يجلسان على طاولة الفطور الذي بالكاد لمسه علي.. هتف زايد بنبرة مقصودة:
يعني أمس كله ماكلت شيء.. وهذا اللي كلته الحين..
علي بمودة: والله أني شبعت فديتك..
حينها هتف زايد بغضب: لا ما شبعت.. والله إن قد تكمل الصحن اللي قدامك..
علي ابتلع الطعام رغما عنه وهو يشعر به كما لو كان يبتلع حجارة.. براً بحلف والده..
ولكنه سرعان ماقفز ليتقيأه كله..
زايد قفز وراءه وهو يناوله كأسا من الماء ويهتف بقلق مرتعب:
أنت اشفيك.. مقروف من الأكل.. وديتك لرجّال يكويك..
علي يمسح وجهه وهو يرتشف جرعات من الماء ثم يهمس بسخرية موجوعة:
لو اللي فيني ينفع فيه الكوي.. كان قلت لك ودني.. وخلهم يكونني من رأسي لرجلي..
زايد يشد علي لغرفة الجلوس ليجلسا على الأريكة وهو يهتف بحزم أبوي بالغ:
علي قول لي الصدق.. أنت تاكل شيء يضرك؟؟
حينها ابتسم علي بإرهاق: أنت وولدك واشفيكم علي.. كنكم توكم تعرفوني
هو يقول لي أنت دروبك دروب خمل وتعرف نسوان؟؟..
وأنت تقول لي تاكل شيء يضرك... يعني ماتعرفني؟؟ أنا تربية من يازايد؟؟
زايد بألم أبوي: الدنيا مليانة بعيال وبنات الحرام.. خايف إن حد يكون جرك لشيء مهوب زين..
حالك مهوب عاجبني انقلب فجأة 180 درجة.. والدكتور أمس يقول مافيك شيء..
علي ابتسم وهو يقف ليقبل رأس والده ويهتف باحترام: تكرم لحيتك ولحيتي من الردا يأبو كساب..
حينها هتف زايد بنبرة مقصودة: أنت تملكت من هنا انقلب حالك من هنا..
يا أبيك أنا ماغصبتك على العرس.. والبنت أنت مختارها بكيفك..
وش اللي صار لك يأبيك في يوم واحد؟؟
حينها أجابه علي ببساطة موجوعة كما لو كان يقرر حقيقة أزلية لا نقاش فيها:
اللي صار أني عاشق وفي يوم واحد عن ألف سنة.. واليوم أدري إنه بيصير عن ألفين سنة..
وكل يوم بيمر أدري إن عشقها بيزيد في قلبي مقدار ألف سنة..
انتفض زايد بصدمة كاسحة كما لو كانت لسعته حية:
تحب وإلا عاشق؟؟ فيه فرق عود يا أبيك..
علي بذات البساطة الموجوعة: عاشق ومتيم ولو فيه وصف تعرفه أكثر منهم قوله لي..
حينها هتف زايد بحزم بالغ الصرامة: أنا عمري ماسمعت عن عشق يطلع في يوم واحد..
لكن دامك مقتنع فاسمع كلام يجمد على الشارب..
بنت فاضل بتأخذها بتأخذها.. وبتحشمها وتقدرها غصبا من ورا خشمك..
عقبها لو بغيت تعرس وتاخذ اللي تبي ماني برادك.. بس تكون وحدة من ثوبك وثوبنا..
ولين ذاك الوقت أنا داري أنك منت مسوي ينقص من دينك ولا أخلاقك..
علي وقف وهو يهتف بألم عميق: لا ثوبي ولا ثوبك.. أصلا البنت ذي مستحيل أخذها..
ولا تخاف بأخذ بنت فاضل الله يعينها على ما ابتلاها..
والله يغفر لي عظم خطيتي في حقها وحق ربي ونفسي قدامها..
مع وقوفه عاوده شعور الدوار ليجلس مرة أخرى بينما زايد يهتف بحزم وهو يوقفه:
قوم نروح المستشفى.. ماعلي منك.. مستحيل أخليك كذا..
خلهم يركبون عليك مغذي.. وعقب بأكويك على القرفة..
مابه علي؟؟ مابك ياعلي؟؟ ما بكِ أيها القلب الطاهر الشفاف؟؟
أ تكون قد أصبت بـ "مرض العشق" الذي تحدث عنه كثيرا أطباء العرب القدامى..؟؟
وكان أول من تحدث عنه وحدده "أبقراط" اليوناني الملقب بأبي الطب..
ثم بعد ذلك فصّل فيه أطباء العرب مثل:الرازي وابن سينا والبغدادي وغيرهم..
ويمكن تلخيص أعراض وعلامات مرض العشق كما ذكرها الأطباء المسلمون القدامى:
بالنحول وقلة الشهية وغؤور العين مع سماكة الجفن وحب العزلة وكثر التنهدات والشهقات
واضطراب النبض وتسارعه خاصة عند ذكر المعشوق أو أي شيء يتصل به...
ومشكلة علي التي لا حل لها ظاهريا أن الأطباء العرب المسلمين الذين تحدثوا عن مرض العشق
اتفقوا أن أفضل علاج لهذا المرض هو الجمع بين العاشق والمعشوق
وذلك على نحو تبيحه الشريعة حتى تسكن روح العاشق القلقة الملتاعة..
لأن كثرة تفكيره بمعشوقته وبعدها عنه يؤدي لانحدار مختلف أجهزته الجسدية والعصبية..
ولكن في حالة علي وهو يظن نفسه لن يجتمع بها أبدا..
بل يرى مشاعره ناحيتها محرمة عليه..
كيف سيكون حاله؟!!
كــيــف ســـيــــكـــون حـــالـــه؟؟
**********************************
" خوش صباح وأنتي معنا تريقين
بس كان ودنا أنش قاعدة عندنا شوي ومفارقتنا عقب..
يا العمياء وحدة عندها رجالش وتفرط فيه؟؟ "
كاسرة تحاول ارتشاف كأس الكرك وهي تشعر بجلاوته تتحول لمرارة وقفت في حلقها
وتجيب بابتسامة مصطنعة: أمي إذا هذرتي كذا الصبح.. ماتقول لش عبارتها الشهيرة (اصطبح يا صبح)؟؟
سميرة تضحك: يوووووووه كل يوم تقولها لي لين عجزت..
يا الله مافيه تهربين من الجواب.. علمينا وش سوى رجالش المزيون وزعلش عشان نقطّع أذانيه..؟؟
حينها تدخلت وضحى في الحوار وهي تجيب بثقة: سميرة شكلش مابعدتي عرفتي كاسرة
دامها ماتبي تقول وش سبب زعلها من رجّالها مستحيل تقول حتى لو قعدتي تلحين عليها مية سنة..
سميرة مازالت تضحك: إلا شكلش أنتي وأختش ماتعرفون حنة سميرة اللي على مستوى
أنا مهوب بس أحن.. أنا أدخل في المخ بحنتي لين أوصل للي أبيه..
كانت تضحك وهي ترى تميم ينزل الدرج وجبينه معقود لتشرق وتكح..
حينها ابتسمت كاسرة فعلا بشفافية: تعيشين وتأكلين غيرها
هذا كله ماتبين أخي يعرف شدوقش وش وسعها؟؟
سميرة تحاول أن تبتسم وهي تهمس باصطناع: أنتي الظاهر تبين الرجّال يطفش ويخليني لا شاف قاع بلاعة حلقي مع ضحكتي..
تميم سلم ثم جلس.. وهو يشير لكاسرة بحزم:
البارحة جيتش لقيتش تسبحين.. تحبين نقوم لمجلس النسوان نتناقش؟؟
كاسرة أشارت له بثقة: مافيه حد غريب عشان نقوم.. الثنتين خواتي..
هذا أولا..
ثانيا: مافيه شي نتناقش فيه أصلا.. أنا ما أبي أرجع لكساب وهذي حريتي الشخصية
ومع احترامي الشديد لك تميم لكن مافيه شيء بيغير رأيي..
حينها أشار تميم وهبى وجهه ترتسم علائم غضب:
يعني تبين أخليش تهدمين بيتش وماتبين حد يناقشش حتى..؟؟
كاسرة بذات الثقة الساكنة: أرجوك تميم لا تضغط علي وتحرق أعصابك
وأنت عارفني زين ما أغير قراري لا قررت شيء بعد تفكير..
حينها كانت مزنة تدخل من ناحية باب المطبخ وهي تحمل صحنا بيدها وترى إشارة كاسرة لتميم..
وضعت الصحن على الطاولة وهي تشير وتهتف بصوت مسموع ونبرة مقصودة:
إيه تميم لا تقول لها شيء ولا حتى تسألها عن شيء
لأنه حن الظاهر ساكنين في فندق ومالنا حق نسأل النزلاء عن خصوصياتهم..
سميرة شعرت بحرج ما وهي لأول مرة في هذا البيت تشهد هذا الحوار الحاد الناتج عن موقف مشكلة حقيقي..
وضحى وقفت على الحياد كعادتها احتراما لمن هم أكبر منها ويتناقشون في موضوع لا يخص أحدا سوى كاسرة..
وهي رغم إعجابها بشخصية كساب كوالدتها إلا أنها تعلم أن كاسرة لن تخرج من بيتها إلا لسبب كبير..
كاسرة أجابت بحزم: ليه يمه أنتي متضايقة مني ومن قعدتي عندكم.. رحت قعدت عند عمتي.. هذي هي في البيت بروحها مامعها إلا شعاع..
مزنة بغضب حقيقي: هذا اللي قاصر يا بنت بطني!!
اطلعي من بيتش وتعزبي العرب..!!
كاسرة بذات الحزم: وش أسوي دام أنتو ماتبون تحترمون قراري..
ثم أردفت وهي تنظر لتميم وتشير بحزم: تميم أنت متضايق من قعدتي في بيتك؟؟
تميم أشار باستنكار: أفا عليش.. أنتي الداخلة وحن الطالعين..
وإن ماشالتش الأرض أشيلش فوق رأسي..
بس أنا أبي مصلحتش!!
كاسرة بحزم: وأنا أعرف مصلحتي زين..
واسمحوا لي بأروح لدوامي..
***********************************
" يبه جعلني فدا خشمك
عطلتني عن الروحة للدوام بروحة المستشفى اللي مالها داعي
يا الله جعلني الأول نزلني في دوامي ماعندي وقت أرجع للبيت وأخذ سيارتي
وعقب بأخلي واحد من سواقين الوزارة يرجعني"
زايد يشعر بقلق عميق يخفيه خلف حزم صوته:
زين اليوم نروح نكويك على القرفة.. لأنك داري إن القرفة ماتبين في تحاليل المستشفى
علي ببساطة: إذا بيريحك ذا الشيء.. حاضر.. نروح اليوم وأكتوي..
مع أني قلت لك إن الكوي مهوب نافع..
حينها هتف زايد بشجن: اسمعني يابيك.. يمكن مافيه حد حب وعشق مثل أبيك..
أبيك عاشق قديم.. بس يأبيك أبي أدري وش علاقة الحب بالأكل..
ثم ابتسم: كنت أكل ومافيني إلا العافية وعمر الحب ماسد نفسي من الأكل..
علي ابتسم بمودة: شكلك يبه حبك في مخباك ماشاء الله..
كم هي شفافة العلاقة بين هذا الوالد وابنه!!
وهما يتحاوران كما لو كانا صديقان حميمان من عمر واحد..
وكل منهما يشعر بالآخر على ذات المستوى من القوة..
هتف زايد بحزم: دامك تقول إن ذا اللي أنت تحبها وما رضيت تعلمني من هي
منت بماخذها.. فأنت لازم تشوف حل لنفسك يأبيك
مايصير حالتك كذا!!
علي بشجن: ووش الحل عندك يبه؟؟
هتف زايد بشجن مشابه: ذكرتني ببيت الشعر القديم يم كان العاشق يسأل الأصمعي:
أيا معشر العشاق بالله خبروا.....إذا حل عشـق بالفتى ما يصنع؟
فرد عليه الأصمعي بالحل اللي لازم أي رجّال يسويه:
يداري هواه ثم يكتم سـره.....ويخشـع في كل الأمور ويخضع
ثم صمت زايد دون أن يكمل الحكاية وهو يشعر بحرقة غريبة أنه تذكر هذه الحكاية دون سواها..
حينها هتف علي بنبرة مقصودة: وش فيك يبه سكتت ماكملت السالفة..
تراني أنا بعد أعرفها.. وإلا عشان تاليها مايناسب الفكرة اللي كنت تبي توصلها لي..
الولد العاشق يبه رد على الأصمعي:
وكيف يداري والهوى قاتل الفتى ..... وفـي كل يـوم قلبـه يتقطع ؟
فالأصمعي رجع ورد على الولد:
فإن لم يجد صبرا لكتمان سره ...... فليس له سوى الموت ينفع
فلقوا الولد مات فعلا وجنبه مكتوب:
سـمعنا أطـعنا ثم متنا فبلغوا...... سـلامي لمن كان للوصل يمنع
زايد بغضب: أمحق سالفة.. وامحق رجّال يذبحه حب مرة..
علي ابتسم: يبه أنت جبت أول السالفة وأنا جبت تاليها..
ثم أردف برجاء: يبه أنا أبي أروح العمرة... ضايق خاطري وحاس الهم راكبني..
ويمكن الله يغسل نفسي من حبها لا جيته عاني لبيته..
زايد بمودة مصفاة: أبشر يأبيك.. الحين بأكلم مدير مكتبي يسوي لنا الحجز الليلة
بس خلني أول أروح لمرت كساب العصر ثم نودي أختك لبيت عمك..
وحجزنا إن شاء الله على الليل..
والحين انزل يأبيك وصلنا دوامك..
************************************
" غريبة الباشمهندس جاينا لمكتبنا..
بالعادة مكلبش في شغلك ماتطلع منه"
عبدالله يبتسم وهو يجلس على المقعد المقابل لمكتب صالح:
كان عندي شغل قريب منك قلت أمر وأسلم..
صالح يبتسم: زين شفناك تنشرح نفسي على الصبح
من يوم قمت اليوم وأنا أهاد ذبان وجهي..
عبدالله يضحك: الله يعين ذا الذبان علينا.. ومن سمعك
اليوم يمكن مابقت ذبانة في الدوحة ماتهاديت معها..
أجابه صالح بخبث: أم حسن.. صح؟؟
عبدالله بخبث مشابه: لا تذاكى علي.. لأني بأقول لك.. أم خالد.. صح؟؟
تنهد صالح: الله يعين.. نجلا صارت لا تطاق.. ما تنتحاكى..
أكيد حد طاسها عين على ثقلها وزانة عقلها..
عشر سنين من يوم خذتها.. عمري مانقدت عليها في شيء..
إلا المنقود كان من صوبي.. وهي اللي كانت صابرة علي..
عبدالله ابتسم: يمكن تكون حامل وتتوحم.. وعشان كذا شخصيتها متغيرة عليك..
تدري الهرمونات لا اختبصت خبصت المرة معها..
صالح يهز رأسه رفضا: يا ليت.. كان قلت اخبصيني على كيفش.. ولاني بمشتكي..
بس لا.. الله يرزقنا عاجلا غير آجل يمكن تقر وترتاح..
ثم أردف بتساؤل مهتم: إلا بما أن مرتك أنت اللي حامل..
الوحم هو اللي ممشكل بينكم..؟؟
جاء دور عبدالله ليتنهد: لا طال عمرك.. أنا وام حسن سالفة عويصة شويتين
الله يزينها من صوبه..
يتذكر عبدالله كيف كانا هو وهي اليوم صباحا..
وكل واحد منهما يتحاشى مجرد النظر للآخر..
مع أنه من المفروض ألا يكون بينهما كل هذا التعقيد مادام كل واحد منهما صرخ بالآخر وأخرج كل حرقته
ليصبح كل مابينهما واضحا تماما..
ولكن ماحدث أن مابينهما تحول لكتل من مشاعر متشابكة معقدة
لا يعلم كيف يستطيع تفكيكها وهو يشعر بكل هذا الإرهاق والاستنزاف الروحي..
*************************************
" الحين أبي أدري وش المصيبة اللي صارت
جايبتني من الدوام دايركت هنا"
نجلاء تنفذ عن ذراعيها وهي تهتف بهمة: مهوب عاجبني ترتيب غرفتي وغرف عيالي..
أبي أغير أماكن السراير والكباته بعد وعقب ارتب الملابس من جديد..
قلت تجين تساعديني والخدامات معنا..
سميرة تلقي حقيبتها على السرير وتتمدد وهي تهتف بتأفف مرهق باسم:
صدق إنش اسنخفيتي والفاضي يعمل قاضي..
أنا حسبت بجي بألاقي صويلح مسوي وجهش حلبة مصارعة على صبغة الشعر
لقيتش لا صبغتي ولا شيء..محزمة رأسش كنش في معركة
ولابسة لي بنطلون جينـز وكرشش ناطة قدمش شبرين..
نجلا بجزع وهي تنظر لبطنها: أنا كرشي شبرين ياقليلة الحيا..
سميرة انفجرت من الضحك: عاد لا تقولين ما لاحظتي الزرار اللي مارضى يتسكر من كبر كرشش..
وإلا السحاب اللي بينفجر ما أدري أشلون تسكر أصلا.. أكيد تسكر بعد تعذيب من الطرفين..
أنتي عذبيته وهو عذبش..
حينها همست نجلا بضيق: بس يا الخبلة.. أنا أصلا ملاحظة من فترة أني ماتنة مع أني ذبحت روحي ريجيم بس بدون فايدة..
ظنش إن صالح لاحظ أني ماتنة..؟؟ مع أني كلش ماعاد ألبس ضيق عنده..
سميرة تضحك: أكيد لاحظ.. ظني الجيران لاحظوا عن بعد كيلوين..
أنا بصراحة صار لي فترة ماسكة روحي لا أعلق.. لأني أدري تموتين لا حد طرا أنش لش كرش..
بس عاد مع بنطلون الجينـز هذا مالش حل صراحة.. ماقدرت أمسك روحي..
حينها انفجرت نجلا باكية وهي تجلس على السرير وتدفن وجهها بين كفيها..
سميرة اعتدلت بجزع وهي تقفز بجوار نجلا: أفا يأم خويلد.. هذا وأنتي أساسا دمعتش بعيدة.. وما يبكيش إلا الكايد
تضحكين من تعليقات وحدة خبلة مثلي.. خلاص سحبتها..
نجلاء بين دموعها وشهقاتها: يا الخبلة ما أبكي منش.. بس أنا متضايقة من روحي..
صايرة حساسة بشكل.. وأقل شيء يؤثر في أعصابي..
وخايفة يكون فيني مرض وإلا شيء.. لأنه وزني صاير يزيد بسرعة مع أني تقريبا ماعاد كلت..
الشهر هذا بس زايدة ثلاثة كيلو..
سميرة بمؤازرة: زين نجول يمكن تكونين حامل؟؟
نجلاء بضيق: وش حامل بعد... توني قبل أسبوع علي الدورة..
وحتى دورتي مروعتني.. ماعادت مضبوطة مثل أول.. والدم خفيف واجد..
خايفة أكون مريضة ياسميرة..
أحاول أبعد ذا الفكرة عن رأسي وأشغل نفسي عنها..
بس ترجع وتأكل تفكيري.. تعبانة سميرة تعبانة من التفكير..
حينها همست سميرة بألم وقلق: زين وليش ماقلتي لي من أول..
نجلاء عادت للبكاء: وش أقول؟؟ ما أبي أروع حد عشان شكوك في راسي
وما أبي اقول لاحد عشان ما أسوي فحوص والشكوك تتحول لحقيقة..
حينها همست سميرة بحزم: بس أنتي بتروحين معي الحين وتسوين فحوص غصبا عنش..
بأكلم سيارة بيت هلي.. وبنحط عيالش عند أمي.. وبنروح...
********************************
" زين إن الهندي المثقف ذالف لا رده ربي ذا الأذوة"
كانت عالية تهمس بذلك لعبدالرحمن وهي تشد لها مقعدا وتجلس..
وتهمس له بابتسامة صافية: اشتقت لك يالخايس من البارحة لين اليوم..
وش أخبارك اليوم؟؟
مثل البارحة.. خست من النوم.. وريحتك واصلة آخر الممر يا اللي ماتستحي...
يا أخي بسك نوم..
الناس عرسوا وجاوبو عيال.. وأنا قاعدة جنبك استاند باي..
لا تكون ناوي تطول بعد.. تراك مسختها... والصبر له حدود..
يا أخي خلصت السوالف اللي عندي وأنا كل يوم أهذر فوق رأسك
هذي تطلقت وهذي تزوجت والدكتور الفلاني سافر..
خلاص دورك تسولف علي..
ولو أني لو تبي الصدق حتى لو أنت صاحي ماراح أخلي لك مجال تفتح حلقك
لأني هذرتي أساسا ماتخلص... ويا الله الـ24 سويعة اللي في اليوم يكفوني..
حينها همست بحزن: تدري عبدالرحمن بأقول لك سالفة محزنتني واجد..
وزين أنك منت بواعي عشان ما أبي حد يعرفها.. بس جد أنا حزينة ومتضايقة
أدري بتقول أشلون حزينة وأنتي قبل دقيقة فاتحة شدوقش على أقصى اتساع بشري ممكن..
أنا كذا يا دحومي دقيقة بتلاقيني أضحك والدقيقة الي بعدها استخف وأبكي..
البارحة عبدالله وراني صور ولده اللي مات في أمريكا.. صور واجد للولد من وهو صغير لين كبّر..
قلبي قبضني يوم شفته.. لسببين.. الأول تخيلي أشلون مات.. روح طاهرة مالها ذنب..
الثاني.. الثاني هو.. إني أشك إنه يكون ولد أخي من أساسه...
لكن طبعا مستحيل أقول ذا الكلام لأحد.. الحقيقة ذي لو كانت حقيقة بتذبح عبدالله اللي ضاعت سنين عمره عشانه..
خلاص وش بيستفيد والولد مات.. حتى لو ماكان ولده هو رباه وحبه كنه ولده..
علم الجينات يقول ولد مثل هذا مستحيل يكون ولد عبدالله
لأن عيونه زرق.. والعيون الزرق أكثر صفة متنحية بين الجينات الوراثية
ومستحيل تطلع في الجيل الاول.. لكن ممكن تظهر في الجيل الثاني..
لكن أرجع وأقول لنفسي الله قادر على كل شيء.. وعبدالله يقول سوى له فحص دي إن أي في ثلاث مستشفيات
وش فايدة الحكي في شيء ماعاد له فايدة؟؟
تدري يا الدحمي خاطري أنا أجيب عيال عيونهم ملونة..
مهوب لو تزوجت ولد عمي غنوم أبو عيون عسلية كان أحسن لي بدل ما أنا قاعدة جنبك مثل الكرسي..
أقله كان جبت بزران شقران حمران وعيونهم عسلية مثل خالتي جيهان أم غنوم..
وحسنت نسلي المغبر....
عالية لشدة استغراقها في الثرثرة وهي تنظر لوجه عبدالرحمن فقط..
لم تنتبه لجهاز قياس ضربات القلب ولتغير الإشارات الحيوية وتسارعها بشكل طفيف..
منذ أن بدأت بحكايتها مع غانم..
لتعود مؤشراته للسكون والانضباط وهي تقول بابتسامة: بس وش أسوي بقلبي الخبل
اللي مالقى يتعلق إلا بواحد دب مايشبع رقاد مثلك..
ثم انتفضت وهي تنظر للساعة: ياويلي خلني أطق.. ابيك على وصول..
وهي تخرج فعلا ليدخل فاضل بعدها بثوان
*********************************
" الحمدلله على السلامة يام زايد
نورتي بيتش"
كان منصور يُدخل عفراء لبيتها وهو يسندها.. بعد أن رتبت لها مزون غرفة في الأسفل..
جميلة تدخل خلفهما وهي تحمل زايد الصغير بحرص وتهمس بمرح:
الحين أم زايد أم زايد..
وأنا الكبيرة ماعاد لي كرت.. وين أم جميلة؟؟
منصور بابتسامة أبوية: ماعليه خليها تجامل ذا الصغنون شوي..
وإلا الغلا كله لش..
جميلة تمشي خلفهم ومنصور مازال يسند عفراء باتجاه الغرفة وتهتف بذات المرح:
إيه إلعبوا علي... شايفيني مقصة..
عفراء بمودة حانية: خلاص ولا يهمش.. اللي بيقول لي أم زايد ماني برادة عليه لين يقول أم جميلة..
جميلة وضعت الصغير في سريره وهي تقبله وتهتف بذات الابتسامة الرقيقة:
لا أنا أصلا ما أرضى حد يتعدى على مكانة ولدي ورجّالنا الصغير
جعل ربي مايخلينا منه ومن زايد الكبير..
ثم قبلت أنف منصور الذي كان قد أجلس عفراء على السرير وجلس جوارها:
ولا من حضرة العقيد...
شدها منصور ليجلسها جواره من الناحية الأخرى وهو يحتضن كتفيها ويهتف بذات نبرته الابوية الجديدة الرائقة تماما:
ولا يحرم العقيد منش..
إلا قولي لي.. ماتبين تعلمين رماية؟؟
جميلة بصدمة: نعم؟؟
منصور يريد أن يشغلها بشيء عن التفكير.. فهو رآها بالامس وهي تبكي في غرفة المواليد ولكنها لم تراه..
والرماية هي مايعرفه..
ابتسم منصور: إيه الرماية..
بتستانسين.. أول نبدأ مسدسات ثم البنادق لين نوصل الرشاشات..
عفراء ضحكت وهي تتخيل ابنتها الرقيقة المدللة مع رشاش: منصور حرام عليك من جدك؟؟
منصور بجدية: والله من جدي..
تتسلى معي ونسولف أنا وإياها دامش لاهية في زايد الصغير.. لين ترجع جميلة لجامعتها
جميلة ضحكت برقة: لا عمي فديتك.. بلاها الرشاشات والمسدسات
لأنها في يد وحدة مدمغة مثلي خطر على المجتمع..
وأنا أصلا مشغولة مع أمي في زايد الصغير... وما ابي أبعد عنه أصلا..
**********************************
" وضحى.. وضحى"
وضحى تجيب كاسرة التي كانت تناديها من الاعلى وهي تطل عليها: نعم كاسرة..
كاسرة بحزم: قولي لأمي تفتح باب الحريم اللي يفتح على الحوش
عمي زايد جاي يبيني.. وصار برا
خلها تدخله..
بس أبدل ملابسي وألبس دراعة ضافية وأنزل الحين.
#أنفاس_قطر#
.
.
.
.
|