كاتب الموضوع :
أم طيبة
المنتدى :
مدونتي
ما زلت أذكر ذاك اليوم ..
كانت أول مرة أشاهد فيها فلم رعب ، وأي فلم ، إنه "التعويذة" الذي أرعب الكثيرين وأحاطت بكواليس تصويره وفريق عمله لعنته _كما يحكى. دخلت دخلت غرفة الضيوف في بيت جدي الكبير بخطى مترددة تتثاقل قدماي خجلا وخوفا بخطى طفل في سن العاشرة ، لكن ابتسامته المشرقة بعثت الطمأنينة في نفسي. وجلست سعيدة أتوسط عمي وأصحابه الاثنان ، أراقب بإنبهار أحداث هذا الفلم ، ومن الصدف ال غريبة اني علمت لاحقا أن هذا الفلم قد تم تصوير جزء من احداثه في مدينتي. لذلك هذا الفلم رغم ما يحمله من خوف وألم يمثل لي ذكرى جميلة ترسم البسمة على شفاهي.
كان عمي محمد اصغر اخوانه وأخواته ، أخر العنقود ومحبوب من الجميع ، كان شابا يضج بالحياة وصخبها ، فكأنه اختصر حياته القصيرة ليبث في كل لحظة منها فيضا من النشاط اللامتناهي. كم كان يضحكني عندما يتسلل الى المطبخ ليسرق صحنا صغيرا من اللحم المفروم وحين تراه جدتي تصيح به: ألن تكف يا محمد!! أهناك من يفعل فعلتك هذه؟!
كان يحب القطط ولا يتوانى عن اطعامها كل ما لذ وطاب ، وان كان سيتخلى عن غدائه في ذلك اليوم.
لم يكن عمي محمد طويلا بل كان ميالا للقصر أكثر ، لكن كان يملك ساعدين قويين ويدان رجوليتان ، إن ضمك اليه تحس أنه رمز للحماية ، مزيج من الحنان والقوة. لم تكن الابتسامة لتفارق وجهه يوما ، ذاك الوجه مازالت ملامحه محفورة في ذاكرتي. عيناه الخضرواتان تشعان ببريق الذكاء تغطيهما رموش كثيفة ملتفة تعانق ضوء النهار ، وشاربان سوداوان يزينان ثغره الباسم بتناسق محبب تخالط أطرافهما شعيرات شقراء ، وتشوب خداه حمرة خفيفة تجبرك على التحديق في ملامحه.
ــــــــــــــ يتبع ــــــــــــ
|