الفصل الثاني
ثم أسرعت ونزلت من السيارة. وعندما حاول الإمساك بها كانت قد دخلت وأقفلت الباب وراءها.
غضب وتردد قليلا, هل يجب عليه أن يقنعها بالذهاب الي المستشفي ولكن وضعها ليس خطيرا, فعاد الي سيارته وابتعد.
ساشا بلاك.... انه اسم فيه بعض السحر مثلها تماما. لم يسبق ـن تلاعبت معه امرأة بهذا الأسلوب... و اذا كانت كل نساء المنطقة مثلها, ستكون سمعته سيئة وهذا لا يعجبه. وهو الآن يشعر ببعض الخفة, لقد نجحت ساشا بلاك في جعله ينسي همومه.
انه بحاجة لبعض التغيير, لتغيير حياته ومنزله الذي بناه مؤخرا, الصخور والتلال قد تساعده علي ذلك, و ساشا أيضا.
صرخت ساشا من الألم وهي تخلع حذاءها. واتجهت الي الحمام ورمت نفسها في المياه الساخنة.
وفورا شعرت بالتحسن, لم تكن تتصور أبدا لدي خروجها من منزل جانين و بول بأنها ستصطدم بسيارة في الطريق. ولحسن الحظ أنها كانت تضع الخوذة علي رأسها. زمن حسن حظها أن رجل المساراتي والذي لم تعرف اسمه أوصلها الي منزلها. ولكن من يكون؟ فهي لم يسبق لها أن رأته من قبل, ويبدو من ملابسه أنه من مدينة كبيرة, وجهه ونظراته القاسية والرقيقة في نفس الوقت أثرت فيها كثيرا.
منتديات ليلاس
وأغمضت عينيها وهي لا تزال في المياه الساخنة, وتذكرت يديه القويتين عندما أخذ يتحسس ساقيها ليتأكد أنه لا يوجد أية كسور, وبدون أن تشعر أخذت يداها تتلمس ساقيها بحثا عن ذلك الدفء الذي شعرت به عندما لامسها ذلك الرجل, وكل ما تعرفه عنه أنه قوي ومثير. نعم, مثير... لم يكن سام يتصرف بنفس الطريقة معها... كان يأخذها عندما يريد هو ذلك, وكانت تحضر له الطعام عندما يكون جائعا . وكانت تملأ له البانيو عندما يكون متعبا, ثم تمضي الليل وحدها وهو نائم...لم يكن سام أبدا حنونا معها...
الآن أصبحت سطور كتابها أكثر وضوحا, كانت قد فكرت بالديكور, وبصفات شخصياتها خلال أيام وأسابيع. وغدا ستضع ذلك, لقد مضت ستة شهور , وناشر كتابها منحها مهلة محددة.
انها تكتب منذ ثماني سنوات وتعرف شعور عدم الاستقرار الذي سيلاحقها خلال الأسابيع القادمة. انه تحد مثير ومقلق.
في الساعة الخامسة من صباح اليوم التالي انكبت علي آلة الطباعة, تتحقق من كل سطر أمامها, وفي الساعة التاسعة شعرت بالتعب, فنهضت وأخذت حماما ساخنا جديدا ولبست ثوبا حريريا خفيفا, ووجدت أن وجهها شاحب فوضعت بعض البودرة وأحمر الشفاه, ثم دخلت المطبخ لكي تحضر فطورها, وهي تفكر بما ستكتبه بعد قليل, وعندما دق جرس الباب انزعجت, فهي لا تنتظر أحدا , وأصدقاؤها يعلمون أنها تشتغل اليوم, وقبل أن تفتح الباب نظرت من النافذة, وبدأ قلبها يدق بسرعة عندما رأت السيارة المازيراتي متوقفة قرب منزلها.
ترددت قليلا, ثم فتحت الباب والتقت نظراتهما وكلاهما مندهش, فمساء أمس شاهدها دوغ وكانت شاحبة وثيابها ممزقة ,أما اليوم فهو يقف أمام امرأة أخري, انها تبتسم وشعرها جميل ومسترسل علي كتفيها, وتأملته ساشا ووجدت انه أكثر جمالا وذقنه ناعمة وعيونه الرمادية مشعة بالحياة.
"صباح الخير, جئت لكي أطمئن اذا كانت المستشفي تهتم بك جيدا ... يبدو أنك بصحة وعافية"
"صباح الخير, أنا بخير. وجرح يدي سيزول بعد يومين علي الأكثر "
فهز رأسه وهو يشعر بغرابة وضعه. أين هو دوغ؟ أين هو الدون جوان الساحر؟ كان يجب أن يمسك بيدها ويقبلها, أو أن يضمها بين ذراعيه....
" اذا ليس علي سوي الذهاب, وقد عرفت أنك بخير الآن... بالمناسبة لقد مررت أمام المكان الذي تركنا فيه دراجتك بالأمس ,فلم أجدها"
" لقد اتصلت بمحطة الوقود, وأسرع صديقي هانك روسي ليقدم لي هذه الخدمة".
دهش دوغ عندما لاحظ انها امرأة رقيقة وعملية بنفس الوقت, ولكن هل يوجد رجل بحياتها, انه لم ير خاتما في يدها.
منتديات ليلاس
ابتسمت ساشا عندما رأته يبتعد, وكان يرتدي بنطلون وقميص رماديين ويضع علي كتفيه جاكت أسود ,انه رجل جذاب جدا. فنادت عليه رغما عنها. وعندما التفت لم تكن تعرف ماذا تقول له.
"أنا.... لم أعرف اسمك "قالت له بخجل.
"لأنني لم أقدم لك نفسي. أنا أدعي دوغ" أجابها مبتسما.
ومرة ثانية التقت نظراتهما, وشعرت ساشا بتيار يمر بينهما لم تعرف طبيعته, وكانت تعرف ان التصرف المتعقل هو أن تدعه يرحل, ولكن قوة غريبة كانت تدفعها نحوه. " كنت أحضر فطورا خفيفا, أتريد أن تشرب شيئا؟ فنجان قهوة أو عصير الفاكهة؟" سألته متلعثمة.
" بكل سرور, ولكنني لا أريد إزعاجك" ثم تبعها دوغ الي الداخل.
أبدي دوغ إعجابه بهذا المنزل الجميل المؤلف من صالون كبير, ومطبخ واسع وغرف واسعة ومكتب.
" أتحب اللون الأبيض؟ هل لاحظت أنه لوني المفضل؟"
وكانت الجدران والأثاث كلها بيضاء, والسجاد لونه رمادي.
" من الصعب أن لا ألاحظ ذلك" ونظر اليها نظرة جعلتها ترتعش وأحست كأنها عارية أمامه, ثم نهضت فجأة وقالت" أعتقد أنه من الأفضل أن أبدل ملابسي, فأنا لم أكن أنتظر أحدا"
لكنه أمسك ذراعها" أرجوك, أنت جميلة جدا هكذا" وترك يدها آسفا, وهو مندهش لنظراتها العميقة.
"لا أريد أن أزعجك, يكفي انني فرضت نفسي عليك أثناء تحضير فطورك". وتبعها الي المطبخ.
"لا, أنت لم تفرض نفسك ... ماذا تريد أن تشرب؟"
"سأشرب الذي تحضرينه ومع أنني لست طباخا ماهرا, الا أنني بامكاني مساعدتك".
"تفضل بالجلوس, وحدثني عنك, بينما أنا أهتم بالفطور". قالت له مبتسمة. "لديك منزل جميل ويطل علي منطقة رائعة, منذ متي وأنت تسكنين هنا؟"
"منذ ثلاثة أعوام.وأنت أين تسكن؟"
" أنا منزلي يطل علي البحر وأسكن فيه منذ أسبوعين..."
واقترب وساعدها في خفق البيض, فأحست ساشا بدفء جسده فارتعشت وابتعدت عنه بسرعة.
" يبدو أنك لا تحبين الغرباء أنت أيضا؟"
"هل التقيت ب أولد ويلي صدفة؟" سألته بجفاف.
" هذا الرجل من الروكز دي مينيمشا الذي نقشته الأيام ؟ نعم, انه فظيع حقا"
"أوه ,انه ليس شريرا"أجابته مبتسمة "انه ولد في هذه الجزيرة وهو بحار, أعتقد بأنه يحب منبره الارتجالي في الروكز أكثر من اللحظات التي يقدمها للغرباء".