[CENTER]كانت في الحديقة تجمع ازهارا للبيت, عندما جذب انتباهها صوت عجلات سيارة تهم بالوقوف, لم تكن واحدة من السيارات الفاخرة اللامعة التي راتها تقف هناك من قبل لكنها كانت سيارة اصغر, واقل شانا بكثير, بل وبدت بحاجة الى التنظيف, وتاملت صاحب السيارة, وحينما لمعت الشمس فوق راس اشقر, ارتفعت يدها نحو فمها في حركة دفاعية غريزية وهتفت:
"فيليب."
كانت صرخة فزع, لكن بعد لحظات كان كيانها مشدودا ومتيقظا,
"كارول."منتديات ليلاس
ولمحت على وجهه ذهول وعدم تصديق, ثم شيئا اخر لم تستطع ان تتبينه حينما اصبحت تعابيره غير مقروءة, وتحرك بارتباك وقال:
"كارول, كيف؟"
قالت وهي تصطنع عدم الاهتمام.
"كيف جئت الى هنا؟ جئت مع مريضة ولم اكن اتوقع ابدا ان اجدك في خواماسا, يا فيليب."
واحست انها بذلك افهمته انها لم تتبعه الى الجزيرة وتفحصت عيناه الزرقاوان وجهها وقال:
"ولا انا كنت امل ابدا ان اراك هنا, انك لن تعرفي ابدا ماذا يعيني ذلك لي."
ربما كان الافضل لكارول الا تعرف, فمن الواضح انه سمع ان نيستا بروتون جاءت معها بممرضة شابة جذابة, ولما كان قد ضاق بتحفظ الفتيات البرتغاليات كان مستعدا لاي لقاء جديد لعلاقة اخرى مما كان يسميه حبا, وبدت ضربة حظ غير متوقعة ان تظهر في الافق في ذلك الوقت الصغيرة الوردية كارول التي احبته دائما, وعاد يقول:
"دعوت ان تجمعنا فرصة اخرى من جديد لكني لم اجرؤ ابدا على ان امل في تحقيق ذلك."
"وما جدوى هذا اللقاء؟ انتهى كل شيء بيننا يا فيليب."
"هل انتهى حقا؟"
"انت انهيت كل شيءيا فيليب."
"كنت مجنونا."
"لانك فضلت فتاة اخرى؟ انك حر تماما في ان تغير رايك."
"دعني اشرح قبل ان تقولي شيئا اخر, حدث ذلك في قطار, بدانا نتكلم كما يحدث عدة في الرحلات الطويلة واكتشفنا اننا مرتبطان بالهدف نفسه وعندما وصلنا كنت ماخوذا تماما واعتقدت اني واقع في حبها وهي لم تكن تعرف شيئا عنك؟"
قالت كارول وهي عاجزة عن ان توقف زحف المرارة الى صوتها:
"كم يبدو ذلك مناسبا للغاية."
فقال: "لا تكوني قاسية, امنحيني فقط فرصة, واعد بان افعل كل ما بوسعي لازيل اسابيع الشقاء."
واستدارت كارول لتواجهه وسالته:
"هل تقول انك نادم على فسخ خطوبتنا."
وتجنب ردا مباشرا وقال: "اعرف اني بعت الذهب بالنفاية, لم يكن ذلك حبا, انفجرت العواطف ثم انتهت... ان لا اطلب منك الان ان ترتبطي بي, اسمحيلي فقط ان اراك ثانية حتى اجعلك تستردين ثقتك بي."
واوشكت كارول ان تقتنع اذ اكتشفت انها لا تزال تحبه, ثم تبينت ان ذلك لن يكون عدلا, انه لم يكن يعرف شيئا عن الحادث ولا عن الفترة القصيرة التي تبقت لها في الحياة, وهزت كتفيها قائلة:
"الانفصال حدث يا فيليب والجرح اندمل ولا جدوى من تحريك الرمد."
واشاحت عنه من جديد لان الجرح لم يكن قد اندمل وكان من السهل ان تلقي بنفسها اليه وان تبكي عذابها بسبب ذلك الخطاب وما فعله بها, ولكن فيليب يجب الا يعرف حتى لا يلوم نفسه على نتيجة الحادث, ولذلك لن تسمح للحب الذي كان بينهما ان يشتعل من جديد.
"عواطفنا لم تصبح رمادا يا كارول, لم تمت, تعرفين ذلك مثلما اعرفه, اني اعيش في كرب منذ كتبت ذلك الخطاب, بعد ذلك كنت مرتبكا لا ادري ما افعله, اردت ان اكتب اليك ثانية, وان اطلب منك ان تقبلي عودتي اليك, ولكني اكتشفت اني لا استطيع, لم اتصور انك يمكن ان تغفري لي, وكنت اعلم انني استحق ان افقدك."
"كيف عرفت انني هنا؟"
"لم اكن اعرف, سمعت ان الانسة بروتون اصيبت بكسر في ساقها في انجلترا, وجئت لاسال عنها, وعندما رايتك هنا تيقنت انها الفرصة الثانية التي تمنيتها كثيرا."
ثم اضاف وهو اقرب اليها: "ستغفرين لي, اليس كذلك يا كارول؟"
وحاول ان يديرها لتواحهه لكنها قاومت وقالت:
"ساغفرلك اذا كان ذلك ما تريد, لن يكون بيننا شيء اكثر من ذلك, كما كان من قبل مات, ومن الافضل ان الامر تم على ذلك النحو, كان من الممكن ان نتزوج ثم نكتشف بعد ذلك باننا في الحقيقة غير منسجمين."
وابتسم فجاة واثقا من شدة تاثيره القديم عليها انك تهذين يا حبيبتي, هل تعتقدين انني لم ار ما كان في عينيك عندما وقع بصرك علي اول وهلة؟ اني لم اصدق في البداية وخشيت انه امل اكثر من اللازم, ولكني الان متاكد."
واخيرا صدقته ومرة اخرى قاومته لانه كان يجب الا يحبها وقالت بغضب مصطنع:
"لا استطيع ان اقرر ما اذا كنت مخدوعا او مجرد اعمى يا فيليب, فمهما كان ما تصورته في عيني فهو ليس الحب."
وحاول من جديد ان يضمها بين ذراعيه ولكنه كف عندما انتزعت مفسها منه بتصميم وقالت:
"من فضلك يا فيليب, اذهب لا جدوى من الاستمرار في هذه المناقشة اطول مما فعلنا."
وتركها عائدا الى سيارته, لم تعد المسالة قضاء على الملل, فالصغيرة كارول تتخيل انها تطرده؟ في الماضي كانت اشبه بالعجينة بين يديه ولم يستطع ان يفهم القوة العميقة التي تصدت له الان, كان يعرف انه لا يحبها ولم يحبها ابدا, ولكن ذلك لم يمنعه من ان يخطط لوقوعها في حبه من جديد, كانت قد نسيت ان نيستا ممدة على الاريكة امام النافذة التي تطل على الحديقة, وادركت كارول فور دخولها البيت ان المراة قد رات ما حدث بينها وبين فيليب, حتى ولو لم نكن قد سمعت ما قيل. وقالت نيستا وهي ترمق كارول بنظرة حادة:
"اذن فقد جاء لايلند, ماذا كان يريد؟"
"ان انسى ما حدث."
"وماذا قلت له؟"
"قلت له ان يترك الامور على ما هي."
وتنفست نيستا في ارتياح وسكتت, ثم قالت بهدوء شديد: "هل يعرف؟"
"تقصدين عن الحادث؟"
وهزت كارول راسهابالنفي وعادت تقول:
"كلا, تركنه يعتقد انني لا استطيع الوثوق به."
واحست باللهفة لان تذهب اليه وتخبره الحقيقة: بانها لا تشك فيه, وانها ما زالت تحبه ولكن ذلك كان مستحيلا, واستطردت قائلة:
"لا استطيع ان اخبره, قد يلوم نفسه على ما حدث."
"الواقع ان اللوم يقع عليه."
"كلا, اللوم لا يقع عليه, لو لم اكن جبانة مستغرقة في عذابي, ما كان يمكن ان اندفع دون ان ادري وجهتي."
"في اي حال انه ملوم خلقيا."
"ربما يكون ملوما خلقيا, ولكنني ما زلت لا اريده ان يعرف."
"ولكنه سيعرف يا عزيزتي في وقت ما."
"قد لا يحتاج, استطيع ان اجعل كل شيء يبدو لو كان حادثا, استطيع ايضا ان اعود ادراجي الى انجلترا اذا اختفيت ذات ليلة فان ذلك سينقذ الجميعمن متاعب الجنازة."
"لا اعرف ان كان علي ان اطيب خاطرك, او ان اصرخ في غضب, انه هو الذي تسبب في كل ذلك, وانت تبذلين كل ما في وسعك لتمنعي اكتشافه الحقيقة, لماذا؟"
"لانني ما زلت احبه, لذلك تركته يذهب بعيدا, اعرف من الطريقة التي تكلم بها انه قد يحبني من جديد, ولكنني لا اريد ان اعيد النبض الى حبه, وبهذه الطريقة لن يكون موتي صدمة عنيفة له."
"احيانا اعتقد انك حمقاء طيبة القلب."
"انا مجرد انسانة تحب."
مجرد كلمات قليلة ناعمة, ولكنها تخفي عذاب قلب محطم, كانت نيستا تعرف كيف يكون حال الفتيات من نوع كارول.
قد يخلصن لرجل ليس على ذرة من الطيبة معهن, ثم يخفين تعاستهن وضياعهن وراء ابتسامة, ولكن كم منهن يمكن ان يمضي شوطا بعيدا مثل كارول.
نهاية الفصل الثالث
/CENTER]