الفصل التاسع
المعجزة
رغم ان كارول لم تكن ترى فاليب كثيرا, لكنها وجدت ان مجردد علمها بانه لم يكن في الجزيرة سلب اشعة الشمس الكثير ن توهجها الذهبي, وجعل سماء خواماسا اقل زرقة, لقد ذهب الى البرتغال في رحلة عمل قد تطول اطولل مما قد تبقى لها.
وزفرت قائلة لنفسها: ما اقصر الوقت
فالان وقد اقتربت اللحظة كثيرا كان عليها ان ترتب امورها, ووجدت من الصعوبة اتخاذ قرار بشان ما يجب فعله, فان تتقبل ما يجب ان يحدث شيء, وان تستقر على ما يجب فعله شيء اخر, ولم تستطع الوصول الى قرار قاطع حتى كان ذلك الصباح الذي فاتحتها فيه نيستا بالامر قائلة:
"ذكرت مرة انك تنوين حجز تذكرة الى الوطن ثم تختفين ليلا فوق ظهر سفينة, منذ ذلك الحين اتساءل ما اذذا كنت تقصدين ذلك حقا؟"
"حتى لا يتكلف احد مشقة الجنازة."
"ولكن كيف تتصورين شعوري اتجاه ذلك, انا اعلم انك تواجهين النهاية وحدك؟ ابقي هنا يا كارول واذا كنت ما زلت حريصة على الا يعرف احد فسوف نرتب الامر, بالطبع يجب ان نخبر كارل ولكن ليس هناك حاجة لان يعرف احد غيره, اذا كنت ترغبين في ذلك."
وراقبت وجه كارول, لكنها لم تستطع ان تقرا عليه شيئا, وعادت تقول وهي تلعب اخر ورقة:
"اعتقد انك كنت تعنين ما قلته حينذاك, لكنني لن ادعك ترحلين وحدك, اذا ذهبت ساذهب معك."
ورمقتهاا كارول بنظرة ذاهلة وسالتها:
"لكن ما الذي يضطرك الى ذلك؟ انا في الحقيققة لا شيء بالنسبة اليك. اقصد لست مرتبطة بي على اي نحو؟"
"اعتقد يا عزيزتي ان كلا منا مرتبطة بالاخرى وانت ستبقين هنا اطول وقت ممكن, أليس كذلك؟"
"سابقى, في الواقع لم اقم باية تترتيبات, لم اكن ااعرف ماذا افعل, كنت افزع من الرحيل, ولكنني لم اكن اريد ان اسبب اي ازعاج لاحد."
وقالت نيستا وهي تقاوم دموعها: "لا تكوني مضحكة."
وبسرعة غيرت الموضوع وسالتها: "هلل استرددت رسائل ماريتا من فيليب؟"
منتديات ليلاس
"في اليوم التالي مباشرة وقد حرصت ان اعيدها اليها بدون ان يرتاب احد في الامر, ثم تلقيت منها رسالة يتدفق منها المرح لارتفاع روحها المعنوية."
"انها طفلة لطيفة وانني مسرورة لانك انقذتها من مازقها, ولكنك لم تخبريني عما حدث باالضبط."
وابتسمت كارول ابتسامة خفيفة وقالت:
"كان رد فعله بالطريقة التي تصورناها."
وسردت النقاط الرئيسية للمناقشة التي دارت بينها وبين فيليب, وهزت كتفيها قائلة في النهاية:
"بعد مكالمته الهاتفية عدنا لتونا الى البيت بددون ان نتبادل كلمة تقريبا."
واحست نيستا كالعادة بان كاارول لم تفصح بكل شيء وسالت بهدوء:
"هناك شيء اخر, أليس كذلك؟"
وساورها الشك في ان الامر يتعلق بفاليب, فما كان من فيليب لايلند يستطيع ابدا ان يحدث هذا التغيير الملحوظ في الفتاة, وبدت كارول متحفظة قليلا عندما قالت:
"ليس شيئا ذا اهمية خاصة, اذ قمت لاتمشى وسط الاشجار عندما ذهب فيليب ليرد على المكالمة التلفونية."
"ووجدت فاليب هناك؟"
كيف عرفت؟"
"من السهل معرفة متى تفكرين بفاليب, على الاقل بالنسبة الي."
"تقصدين بنظرة مورغانا لو فاي التي تعتريني؟"
كلا يا عزيزتي, انك تحبينه أليس كذلك؟"
وبدا للحظة ان مورغانا ستنكر, ثم اومات براسها قائلة:
"نعم, ودون جدوى على الاطلاق بالطبع, ولكن ذلك ما حدث."
"ماذا حدث في تلك الليلة؟"
كل منا قال اشياء فظيعة, وذهب هو الان الى البرتغال كارها مجرد رؤيتي."
وبدا لنييستا كما لو ان فاليب قد تصرف عن شعور بالغيرة, واستكانت للفكرة وان كان من العسير تصديقها, وتساءلت اذا كان الرجل الساخر الذي كان يعتقد انه محصن ضد الهجوم, قد وقع اخيرا ضحية؟ سيكون امرا فظيعا لو كان ذلك حدث لان حياة اخرى قد تتحطم عندما يسمع...
وكفت عن التفكير فجاة اذ اطلقت كارول زفرة الم مباغت وامسكت راسها بيديها وشحب وجهها شحوب الموتى, وارتسمت تقطيبة فزع بينن عينيها اللتين ظهر فيهما شيء من الدهشة كما لو كان الامر قد جاءها دون تحذير.
وسالت نيستا بسرعة وهي لا تجرؤ على التفكير في ان ذلك يمكن ان يحدث هكذا سريعا: "ماذا بك؟"
وكان مجرد انين خافت هو كل رد كارول, وهي تقاوم للسيطرة... من قسوة الطعنة الي احست بها في مخها, الم حاد عنيف كانت موجته تنحسر عن اختلاجة خافتة لتعاود من جديد مهاجمتها وتوترت في انتظار الموجة التالية, وعندما عصفت بها لم تستطع هذه المرة ان تمنع نفسها من ان تصرخ.
وهرعت نيستا اليهاا بسرعة متحركة بسهولة بعدما تحسنت ساقها كثيرا, وطوقت الفتاة بذراعها وسالتها:
" اين اقراصك؟"
وردت كارول الكلمات وهي ترنو بعينيها نححو السيارة الكبيرة محاولة التركيز عليها لكن بصرها كان غائماا, وفي مكان ما من عقلها كانت فكرة الاقراص التي اعطيت لها من مستشفى سان كريستوفر. وعلمت انها اذا استطاعت الوصول اليها فان الالم المفزع سيهداو ولكن اين كانت؟
وعادت نيستا تسال: "اين هي؟"
واقفلت كارول عينيها مرتعبة من شدة الالم ثم تذكرت واصغت نيستا الى كلماتها اللاهثة وبرفق قادتها الى الاريكة ثم صعدت بسرعة الى الطابق العلوي لتحضر الاقراص. وعندما عادت نيستا كانت كارول جالسة وراسها بين يديها, وتبينت نيستا عندما قربت كوب الماء من شفتي الفتاة وجعلتها تبتلع الاقراص ان كارول لم تعد في وعيها تماما.
ومددتها برفق فوق الاريكة, ووقفت تتامل باهتمام الوجه الشاب المتقلص الما, وتترقب بلهفة سريان مفعول القرص. وبالتدريج بدات الخطوط المتقلصة تلين وعاد بعض اللون الى وجهها, واستردت عينا كارول القدرة على التمييز واستطاعت ان ترسم ابتسامة ضعيفة على شفتيها وقالت بصوت ضعيف هامس كانه ات من مكان سحيق:
"شكرا يا انسة بروتون اسفة على ما بدر مني ولكنني لم اكن اتوقع مثل هذه البداية."
واسرعت نيستا باخفاء عبرات هددت بالانهمار من عينيها فلم يكن هذا وقت للدموع وسالت بصوت حاد: "كيف الحال الان؟"
"احسن كثيرا, كل ما استطيع الاحساس به هو اختلاجات ثقيلة في الخلف, قالوا ان ذلك قد يبدا قبيل الاوان."
"لن تجادليني ثانية يا فتاتي, سنذهب الى كارل بمجرد ان تشعري بالقدرة على ذلك, كان يجب علينا ان نذهب اليه ممن قبل. انها غلطتي اذذ تركتك تقنعيننيي بعدم اخباره حتى الان."
واستلقت كارول وهي تشعر باعياء غريب وان لم يكن في الحقيقة غريبا نظرا لما عانته, واحست بهدوء مريح حتى الاختلاجات لم تعد شيئا يذكر بالمقارنة بما كانت عليه الحل في البداية. كان كل شيء يبدو غير حقيقي بتاثير القرص حتى خيل اليها انها رات فاليبب واقفا على عتبت الباب, ما كان يمكن ان يكوون هو بالطبع, ولكنه فقط هذيان عقلها وشوق قللبها, كان فااليب في البرتغال ولم يكن سيعود الا بعد ان ينتهي كل شيء.
وقالت لاوهامها المحمومة:
"مرحبا يا فاليب عدت بسرعة انني ما زلت هنا ولكنني لن ابقى طويلا."
وبدا ذلك لذهنها المسترخي المخدر دعابة عظيمة وضحكت له, او بالاحررى لطيفه في هذيانهها غير مدركة على الاطلاق لما كانت تتفوه به وهي تتكلم مطمئنة محاولة ان تبتسم ومتعجبة للالم الذي يصاحب ذلك.
"لا تقلق, اعرف انك لا تستلطفني لكنك لنن تكون مضطرا الى التعامل معي طويلا لانني ساموت سريعا."
وقال الطيف الذي ظهرامامها في هذيانها بلكنة فاليب البرتغالية الحادة الجذابة: "لا تمزحي في مثل هذا الامر."
"اوه. لكنني لا امزح, كلهم قالوا انه لا جدوى, كان من المفروض ان اموت في الحال لكن ذلك لم يحدث انه نوع من تاجيل تنفيذ الحكم."
وظهر شخص اخر على عتبة الباب وقهقت كارول بضعف قائلة:
"اوه مرحبا نيستا هل عدت؟ اننك لست طيفا ايضا اعرف انك حقيقة, ولكن طيف فاليب هنا؟ هل تستطيعين رؤيته؟"
ثم تكاثف الضباب وتراجعت اصواتهم بعيدا في الاغوار ووجدت نفسها تسبح من جديد في الكلمات الناعمة التي كانت سبحت فيها حينما وقعت الحادثة, وابتسمت وهي تفقد الوعي كانها عائدة الى مكان عزيز عليها حيث لا شيء يحدث ولا شيء يؤلم, ارض من الظلمات الناعمة لا يستطيع احد او شيء ان يصل اليها.
ام انهم كانوا يستطيعون؟ احست ان شخصا يرمقها وكانت تستطيع ان تقسم انه فاليب. هل يمكن الاحساس بالطيف تماما كما يممكن سماعه من الاغوار السحيقة سمعت ايضا صوت نيستا يصل بغير وضوح الى اذنيهها, كانت تخبره عن الحادثة ونتائجها, وبين الحين والاخر عندما كانت نيستا تسكت لتلتقط انفاسها, كانت هي تضيف لمحات صغيرة متسائلة لماذا كان طيف فاليب مستمرا في ترديد بعض العبارات البرتغالية... ولماذا كان وجهه ما زال على رماديته العجيبة.
وقالت بضحكة واهنة: "انك تبدو مضحكا للغاية يا فاليب هل انت مريض؟"
واختنق صوت فاليب بشيء قاله وبعناية تنحى لنييستا حين استقرت الاثنتان على المقعد الخلفي لسيارته وبسرعة استدار وجلس امام عجلة القيادة, واحست كارول بتحرك السيارة لكنها بدت سيارة وهمية, في عالم الخيال السحري وبين الحين والاخركان الم حاد يطعنها ويرسم عبوسا بين حاجبيها.
وقالت نيستا حينما بدات السيارة اسوداء الفخمة تنطلق:
"اعتقد ان مفعول القرص بدا يضعف او ان الالم يزداد سوءا."
ولم يرد فاليب وكانت عيناه تحدقان في الطريق خايتين تماما من التعبير وبدا الوقت ابديا لنيستا وهي تحتضن الفتاة الغائبة تقريبا عن الوعي بين ذراعيها, خاصة حينماا عاد اانين الخافت الموجع للقلب يخرج عنوة من بين شفتي كارول, لكن اخيرا ظهرت جدران المستشفى البيضاء ووقفت االسيارة, وحمل فاليب كارول التي فقدت الوعي تماما ودخل بها المستشفى وقابلهم كارل, ونظر الى وجه كارول الابيض وفي كلمات سريعة خافتة اخبرته نيستا بماا حدث. ومدت له لفافة سميكة وقالت: