ورفعت نيستا بصرها عندما سمعت وقع اقدام خفيفة تهبط السلم ببطء, بدت اشبه بخطوات كارول.. وايضا لا تشبه خطواتها, واحست بشعور غريب يغمرها لم تستطع تعريفه عندما دخلت الفتاة الغرفة. كان الثوب الاسود المخملي رائع الخطوط وكان يشكل الجسم النحيل بطريقة جعلت الفتاة التي كانت ترتديه غريبة تماما, وابتسمت كارول ببطء وكانت هذه الابتسامة ايضا مختلفة عن الابتسامة المعتادة, وقالت:
"هل يعجبك ثوبي؟"
تبدين مختلفة.. قاسية."
"فيليب جعلني قاسية."
"لا تمادي كثيرا في اتخاذ شكل مخالف لطبيعتك يا كارول."
ثم اصطبغ صوتها بالتحذير الحاد وهي تقول:
"هذه الاسابيع الاخيرة الاقسى احتمالا, الان كل التعقل انتهى, وكل االاوهام تلاشت ولكن اياك ان تفقدي نفسك, احتفظي بايمانك يا عزيزتي, لا تكوني مورغانا لو فاي."
منتديات ليلاس
"ربما كان علي ان اتصرف بطريقة اقرب الى طريقة الاسم اللذي احمله, حينئذ ياتي فيليب الي حتما زاحفا مثل جرو صغير لاربت عليه اذا كان مزاجي رائعا, او اصرفه بعيدا عند اللزوم."
وما كان لذلك ان يدوم طويلا فقد كانت كارول شديدة الصدق مع نفسها ولكن ربما كانت على صواب, ربما كانت هذه الليلة بحاجة الى مورغانا لو فاي للتعامل مع فيليب لايلند الذي كان على ما يظهر قد وصل, وفي تلك اللحظة احست نيستا نحوه بشيء من الاسف, لقد كان يعرف مورغانا لو فاي كارول فقط, لا الشخصية التي اصبحت عليها الليلة, جامدة قاسية وذات جمال خرافي.
وانتقلت نظراتها عندما ظهر في الغرفة ولمحت تعبير الصدمة الذي على وجهه عندما راى الفتاة في الثوبب الاسود المخملي, وبصوت تمتزج فيه السخرية بالتعالي قالت كارول:
"تاخرت فيليب, كنت تستطيع بالتاكيدد ان ترتب حضورك في الموعد تماما لاهمية المناسبة, اني على ثقة بانك متلهف مثلي لمناقشة الماضي."
وقال بلهجة مقتضبة كما لو كان مضطرا الى ذلك للسيطرة على شعوره بالانزعاج:
"اسف يا كارول على تاخيري, نستطيع ان ننصرف حينما تكونين مستعدة, حجزت مائدة في مطعم ديسكاني."
وارتفع حاجبا نيستا عند سماع الاسم وقالت:
"ديسكاني هو مطعم خواماسا الاول."
"ولكنها مناسبة ذات اهمية أليس كذلك يا فيليب؟"
ورمقها فيليب بنظرة حذرة لم تصل الى عينيها وسأل بصوت مرتفع:
"هل نذهب؟"
واشارت كارول براسها بدون ان تتكلم وكانت حركة سواء متعمدة ام لا شعورية, تنطق بالاستعلاء والاستبداد كما لو كانت ملكة تهب معروفا.
وكان مطعم ديسكاني شانه ليلة المهرجان, لكن كارولل في هذه الليلة بدت كانها تراه من خلال غلالة المصابيح المعلقة بين الاشجار اشياء من عالم اخر, ورائحة النباتات المزهرة بين الموائد اشبه بالبخور العتيق والشاب الداكن النحيل ذو الصوت المخملي ما زال يتجول بيين الموائد مترنما باغانيه العاطفية ولكن في تلك الليلة احست كانها حبيسة قوقعة جامدة حقا مورغانا لو فاي, برغم رغبتها في ان تهرب لتعود مجرد مورغانا كارولل البسيطة من جديد.
وبدا ان فيليب شفي من ارتباكه واخذت عيناه تفحصانها بتقدير جديد وقال: "انك ترتدين ثوبا غير عادي."
"اجل اعتقد ذلك, ولكنني الان امتلك مجموعة من الملابس الجديدة لانني انفقت كل مدخراتي قبل اتي الى هنا."
"اعتدت ان تكوني دائما مقتصدة, ما الذي دهاك اذن؟"
"اكتشفت انني لم اعد بحاجة الى المدخرات, وقصدت ان اجعل هذه الرحلة اجازة اتذكرها طول العمر."
"اتعرفين, اعتقد انك تغيرت يا كارول."
"حقا, كم تبدو سريع الملاحظة يا فيليب. كان من المحتم ان اتغير فاشياء كثيرة حدثت لي كما تعرف."
"اجل اعتقد ذلك."
"حسنا يا فيليب, اعنقد اننا تكلمنا بما فيه الكفاية دعنا ندخل مباشرة في موضوع الرسالة التي بعثت بها لماريتا هل تفعل؟"
"ليس بعد, الوقت ما زال مبكرا."
"ولكنه متاخر بما فيه الكفاية لما يجب ان يقال وليس في نيتي ان اطيل فترة هذا العشاء تعرف جيدا انني تردت في القبول عندما طلبت ذلك مني من قبل, في المعسكر."
"ومع ذلك جئت."
"تحت التهديد, لا تخدع نفسك يا فيليب, لم يكنن ذلك عن طيب خاطر مني, والان اخبرني عن شروطك لاعادة هذه الرسائل."
"لا شيء يثير الفزع او يستعصي على الاستجابة, ستحصل ماريتا على خطاباتها حينما تعطيني انت وعدا بالا تتجنبيني وان تقبلي دعواتتي, وساعطيك خطابا في كل مرة نتعشى فيها معا."
"وماذا بعد؟ وفي بحر ذلك الوقت يكون من المفروض اناقع تماما تحت تاثير سحرك لارتمي في احضانك من جديد."
"تصوير الامر على هذا النحو يظهره نوعا من الغرور."
"حسنا ألست مغرورا؟ وهل هناك سبب اخر لارغامي على مقابلتك ضد ارادتي؟ انك لا تتوقع مني ان اصدق انك جاد في حبك لي أليس كذلك؟"
"وكيف تعلمين انني لست واقعا في حبك؟ استطيع ان اكون كذلك الان في منتهى السهولة."
"لانني تغيرت واستطيع ان ارى حقيقتك بوضوح."
"آوه ليس.
"نعم يا فيليب كنت مجنونة بحبك والان اجدني انال من غرورك أليس كذلك؟"
"صفي لامر كما يحلو لك, هل ستوافقين على شروطي ام لا؟"
"لن اوافق واعتقد انك انت الذي ستوافق على شروطي."
"شروطك؟ تذكري ان رسائل ماريتا اكواراس في حوزتي."
"اجل يا فيليب اعرف ذلك جييدا, ولكنني ما زللت اعتقد انك ستعطيني هذه الرسائل وستوافق على اي شيء اخر اقترحه."
"واي شيء اخر تقترحيينه؟"
"ستعطيني الرسائل ولن تتفوه بكلمة لاحد عن حماقة ماريتا ولن تحاول ايضا مضايقة ماريتا او مضايقتي مرة اخرى."
"ما الذي يرغمني على ذلك؟"
"لان هناك شيئا ما زلت لا تعرفه يا فيليب وما زلت اكره ان اعرفك به, في الماضي حميتك من معرفته لانني اعتقدت انني كنت احبك."
وكان صوتها باردا للغاية حينما اتجهت يناها نحو وجهه محذرة وقالت:
"لو كان عندك ضمير ومن اجل راحة بالك لا تسالني عن ذلك الشيء لانني متاكدة انك ستندم لا تجعلني اخبرك وكذلك بقية الجزيرة بل وافق على شروطي."
"هل تتوقعين مني جادة ان اوافق بدون ان اعلم حقيقة ما تهددينني به؟"
"هذه فرصة يجب ان تتمسك به."
"حسنا ليس في نيتي ان افعل."
"حسنا جدا هل تذكر الخطاب الذي ارسلته الي يا فيليب؟"
واكدت ايماءته انه يذكر, فاستطردت هي قائلة:
"تستطيع ان تتصور اذن انه صدمني عندما تلقيته, خاصة انه كتب بطريقة جافة, حتى انني في الواقع تصرفت بشيء من الحماقة."
"يا الهي يا كارول, انك لم تحاولي الانتحار؟"
وكان رعبه مضحكا للغاية, حتى انها ضحكت ضحكة جوفاء بدون طرب, وقالت:
"لا تكن مغرورا الى هذا الحد لا بد انني لا شعوريا ادكت حتى في ذلك الحين انك لا تستحق ذلك"
"يجدر بك الا تكوني عنيفة في حكمك علي."
"انها غلطتك, اما زلت تريد مني الاسترسال؟"
"اعتقد ذلك."
"لو حاولت الانتحار كنت ستصير مسؤولا ادبيا لانك خذلتني قبيل زواجنا ببضعة ايام فقط, ودون ان تكون لديك الشجاعة على ان تخبرني وجها لوجه. اذا كنت حاولت الانتحار, فما اظنك كنت تريد لاهل الجزيرة ان يعرفوا شيئا عن ذلك فاني اعتقد انني بدات اعرف البرتغاليين جيدا لانني لا اعنيهم شخصيا في شيء, ولكنهم متطرفون فيي عاطفتهم, وتعاطفهم سيكون كله معي واعتقد انك على الارجح ستصير منبوذا خلال اقامتك في الجزيرة."
"ولكنك لم تقدمي على ذلك, وفي اية حال كان يمكنني الانكار حتى ولو كان ذلك صدقا."
"ولكنك لا تستطيع ان تنكر حقيقة حتمية, هل تريد ان تسمع المزيد؟"
واوما بالايجاب واستمرت هي مدركة ومتقبلة اخيرا انها يجب ان تخبره:
"يوم تلقيت رسالتك فوجئت وصدمت حتى صرت في حالة اشبه ببالذهول, فوقعت لي حادثة نزلت عن الرصيف ولم ار السيارة المقبلة."
"ولكنك في اية حال شفيت وااعتقد انك مخطئة قليلا في حكمك على اهل الجزيرة, انهم لا يعجبون بالجبن اذي تنطوي عليه محاولة الانتحار."
ومن جديد تحطمت القوقعة الصلبة وتلقى نظرة مشتعلة من كارول الغاضبة لاقصى حد اذ قالت:
"ربمما كان ذلك جبنا, ولكني لاا اعتقد ان الامر كان كذلك,كنت من الذهول وقت الحادث بحييث لم اشعر بشيء حتىى في التفكير بالانتحار."
"الى اي شيء تهدفين؟"
واحس بشيء يحذره بالا يتمادى في حثها على الاسترسال وان يقبل شروطها دون ان يعرف ما كانت تخفيه عنه, لكنه من ناحية اخرى لم يكن يستطيع الاقتناع بانه كان امرا جادا, وقالت كارول بوضوح:
"لم اشف من الحادث وسوف اموت بعد اقل من شهر."
هكذا اعلنته بوضوح تام وحزم.
نهاية الفصل الثامن
قراءة ممتعة