المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
أنفاس أخيرة
استيقظ و التعب يملأ كل ذرة في جسده و بالكاد استطاع أن يحرك عضلات عينية ليستخدمها في فتح عينية , لم تكن الأمور كما توقعها فكل شيء حدث بالصدفة أو ربما خُطط له , و كان عليه القيام بدور البطل المهزوم, عاد و أغمض عينية مجدداً بقوة و هو ممدد على الفراش و حاول أن يعيد شريط الذكريات في ذهنه بشكل سريع.
بدأ كل شيء عندما جاءه عقد عمل في مدينة الخطايا كما يطلق عليها إصطلاحاً و هي كذلك بما تعتمد عليه من اقتصاد خفي أكبر مما هو معلن , حيث يدعم كل ذلك رئيس الوزراء المعروف بالفساد و باني نهضة الفساد في المدينة.
كان العرض فرصة ليس لأنه يحب أن يجرب و يتعرف على العوالم المختلفة و لكن لأن العالم بأسره يأن تحت ألم الكساد الإقتصادي الذي اجتاح العالم فجأة, و كان هو أحد الضحايا و لو كان بشكل جزئي فمهارته بإستخدام حدسه في العمل كان في إعتقاده الأمر الذي ميزه عن بقية أقرانه و هو ما جعل فرصته في البروز جيدة و لكن الحياة لا تستمر على هذا النحو دائماً فالتميز يخلق لك أعداء خبثاء في كثير من الأحيان.
تذكر كيف سافر على متن باخرة من مسقط رأسه في سيدني أستراليا إلى مدينة الخطايا و هو يحمل روح الحماس و الإنفعال اتجاه الحياة و يملأ رأتيه من رائحة البحر مع كل ميل بحري تقطعه الباخرة, تجربة السفر و العمل في بيئة أخرى تجربة ممتعة فلماذا لا تقترن بسفر غير تقليدي؟
كان الطعام الفاخر على متن السفينة أمر مميز و التنظيم المذهل واضح لكل من هو على الباخرة فلابد و أن الإدارة قد إعتنت بهم خير عناء و كانت المحافظة على صحتهم هي مقصدها الأول , فالأمر كما بدى له يتعلق بالسمعه أولاً و أخيراً.
هي كذلك رحلات الأحلام تحمل في طياتها تجارب لا تنتهي, كان أبرزها عندما نزل من على متن الباخرة إلى مدينة الخطايا معتزاً بأصله الاسترالي و يبحلق في وجوه أولائك الذين يلبسون الثوب الأبيض و يبادلونه الإبتسامه و يدعونه إلى الداخل , لكنه لم يرتح كثيراً لطريقة تعامله الخالية من اللباقه و لكن من هذه هي ضريبة تغير أي بيئة.
حاول أن يعيد فتح عينية و يتحسس مكان الأم الشديد الذي يعاني منه و تلك البقع الحمراء التي بجانبه.
ها هو ملقى تحت درجة حرارة لا تطاق فرغم أنه قد جرب بعض الحر في سيدني إلا إن هذا الحر من النوع الذي يذكرك بجهنم, و ذكره الحر بنزوله أول مرة في أرض الخطايا عندما, كان من الحمق أنه إرتدى بدلته الصوفيه بكل أناقتها و تبختر نازلاً في عز أيام الصيف هنا فتحول ألم الغربة إلى ألم جسدي حقيقي و عملت مكيفات جسده بكامل طاقتها عل و عسى تغلب هذا اللهيب!
كل نداءات الاستغاثة ما فلحت, الشعور المرير بالخيانة كان أكبر آلامه, الآن عرف لماذا لا يعود الذين يسافرون إلى هنا. الآن عرف..
الآن استطاع ربط الأحداث ببعضها البعض و كانت النتيجة الأخيرة هي سقوطه وسط بركة الدماء هذه مغدوراً. لم يكن له ذنب إلا إنه كان يحمل بعض أفكار التغيير بالذهاب إلى مثل هذا النوع من المدن..
ربما كانت نيته السيئة هي التي أدت إلى قتله, أو حمقه العظيم..
نعم إن أقرانه جميعاً لم يعودون و لكن الطمع زين له أنهم لم يعودوا بسبب جمال الحياة هناك ..
تذكر شريط حياته و قد مر بأسرع من هذا , ولادته , والديه , ركضه في الحقول , سماء سيدني , نسيم بحرها , عائلته الصغيرة و ..
مع نزول الكثير من الدماء و قبل لفظ أنفاسه الأخيرة سمع الصوت الذي يردده الجميع ..
تكبيرات عيد الأضحى , و وجه الجزار الذي كان يبحلق يبتسم بوجهه و على وجهه تعلو محايا السعادة الشرير , الجوع لوجة دسمة من خروف استرالي آخر.
تمت بحمد الله.
|