المنتدى :
التاريخ والاساطير
الكوميديا الالهيه
قراءة في الكوميديا الإلهية
للشاعر دانتيولد دانتي في فلورنسا عام 1265 كان من أبناء الطبقة الوسطى أحب وهو في التاسعة من عمره طفلة تقاربه في السن فكان لهذا الحب دوره الحاسم في حياته كلها تلقى دانتي تعليماً سطحياً وغير كاف ولكنه طور هذا العلم عن طريق التفاني والعمل حتى بلوغه سن النضج في الرابعة والعشرين من عمره اشترك في المعارك التي خاضتها فلورنسا ضد الدول المجاورة
حيث كانت فلورنسا تعيش حالة أزمة سياسية واقتصادية حادة تزوج عام 1296 .وأمضى أعوام حياته الأخيرة في فيرونا ودفن فيها استمر دانتي في كتابة الكوميديا الالهية أربعة عشر عاماً وقد أضيفت كلمة الالهية الى عنوانها بعد موت الشاعر من قبل المعجبين به .أما بالنسبة لعمله هذا فقد كان رؤيا للوجود غير الأرضي وقد كتب الباحثون كثيراً حول تأثر دانتي بالفلسفة الاسلامية ومضى بعضهم الى البحث عن تأثر دانتي في كتابة الكوميديا الالهية بكتاب الشاعر ابي العلاء المعري رسالة الغفران والبعض استبعد ذلك وأكدوا تأثره بقصةالعراج التي ترجمت الى اللاتينية في حياته فلاشك أن دانتي سعى الى غايات تعليمه فلم يكتب عملاً أخلاقياً ودينياً فحسب ،بل علمياً أيضاً أضف الى ذلك أن الكوميديا الالهية عمل شخصي يصور فيه حب باتريشيا المدرك والمصوغ حسب قوانين الاتجاه الشعري الجديد .
تنقسم الكوميديا الالهية الى ثلاثة أجزاء هي «الجحيم ،المطهر ، الجنة » ويتألف كل جزء من ثلاث وثلاثين أغنية وينقسم كل جزء الى تسعة فصول وفصل عاشر إضافي والقصيدة كلها مكتوبة على شكل مقاطع «ثلاثيات» وينتهي كل جزء منها بكلمة النجوم .
نقول : إن دانتي بنى الكوميديا الالهية على شكل رواية من روايات المغامرات التي تجري أحداثها في بلاد لم ترها عين انسان .
1- الجحيم: يصف لنا دانتي كيف يجري تعذيب «المترددين» الذين لم ينضموا الى أي حزب من الاحزاب المتصارعة حيث يظهر الناس عراة يلسعهم النحل والذباب وتسيل من عيونهم الدموع الممزوجة بالدم وتزحف تحت أقدامهم الديدان المقززة ومنذ ذلك الوقت لاتنقطع لحظة عن رؤية المعجزات والفضائع ،حيث نمر عبر الجحيم لنرى في مدينة دانتي الملتهبة فرانشيشكا الجميلة ونتعرف الى تفاصيل التعذيب ونستمع الى وصف الآلام التي تنتظر بونيفاس والاوجاع التي يتعرض لها لوتسيفير العملاق ،وذلك كان من أجل وصف مركز الارض ومن أجل اعداد وتهيئة القارئ لدخول المطهر.
2- المطهر :مكان لايوجد فيه ليل ولانهار بل هدوء وحزن وتحرر من عبء الذكريات الأرضية الذي يرزح تحته أسرى الجحيم إن الامل المنبعث في قلوب الموجودين في المطهر وفرحهم وهم في وسط اللهيب يتلاءم مع مزاجهم المتحمس الذي يؤكده صعودهم المستمر الى أعلى في بداية طريق المطهر المتعرج يرسم ملاك على جبين دانتي الحرف الأول من كلمة (إثم) سبع مرات إلا أن الملائكة تمسح بأجنحتها هذه الحروف واحداً بعد آخر في أثناء صعوده وتطهره من الآثام .
3- الفردوس : تمتاز تصوير الفردوس عند دانتي بالروعة والغموض حيث يظهر الناعمون في الفردوس الكلية الالهية إنهم جميعاً يشكلون وردة العرش ويحتلون في مدرج واسع جداً اماكن كبيرة تتناسب مع أعمالهم البطولية وأمجادهم الى جانب ذلك يستطيعون الظهور في المدن السماوية في القمر والمريخ وغيرها من الكواكب .
تعقيب على الكوميديا الإلهية :
لقد باتت موهبة دانتي الخلاقة وقدرته المدهشة على انتقاء الرمز المحدد الذي يحتاج إليه أشد مضاء بسبب ميل الشاعر الى الايجاز .فمثلاً في الجحيم يرى عذاب محبي اللذة ثمة اعصار عاصف يرمز للأهواء حيث يجرف المعذبين وكأنهم أوراق الخريف المتساقطة تطاردها الريح ،حيث يلفت انتباه دانتي ظلان يتعانقان في رقة لايفترق أحدهما عن الاخر ولوللحظة من الزمن فيتحدث اليهما فيسمع قصة فرانشيسكا التي أحبت أخا زوجها فقتل الزوج الاثنين معاً .لقد صور دانتي هذه القصة من خلال فرانشيسكا التي أحبت أخا زوجها من خلال عاطفتها الجياشة فالمحبان كانا كاثنين أرضيين قبل الموت يعانيان آلامهما ويرشفان كؤوس المرارة فالزوج القاتل سيلقى جزاءه في السماء ،أما باولو فلن يفترق عن فرانشيسكا أبدا ولكي يؤكد الشاعر ذلك الشعور بالتعاطف مع فرانشيسكا يروي القصة على لسانها أما باولو فيظل صامتاً يؤيد أقوالها بنشيج مكبوت وينهي دانتي هذه القصة بصيغة غامضة حيث تروي فرانشيسكا حادثة موتها ملمحة الى مصرعها المذل المهمين .فالعاشقان قتلا في اللحظة التي أدرك كل منهما حبه للآخر ،ثم تأتي الخاتمة فبعد أن يسمع دانتي الذي عرف قلبه آلام الحب ،قصة فرانشيسكا يسقط على الأرض فاقد الوعي ويلفنا من جديد صوت الاعصار الذي يجرف العاشقين في باطن الأرض ليواصلا الدوران في الجحيم الى الأبد .
دمتم بــــود...,,
|