خرج هنري وأقفل الباب وراءه , أقتربت سارة من النافذة لتتأمل الحديقة , فرأت أمرأة ترتدي الملابس الكحلية وتمشي ببطء مع أبنتين بين أشجار الفاكهة وتلال الورد , فقالت السيدة أيليوت التي أقتربت منها:
" هذه سوزان وبيتسي مع المربية , أنها فتاة حمقاء , على ما أظن , لكن ليس من السهل هذه الأيام العثور على مربية بسهولة , وأندريا لا تعرف الأهتمام بالأولاد".
" فهمت من هنري أنها حامل من جديد".
" آه , نعم! وتتدلل علينا كثيرا , هنري وحده قادر أن يتحمل أمرأة من هذا النوع! أنها تسبب لنا المشاكل العديدة".
أجابت سارة بجفاف:
" أخشى أن يكون حظك مع كنتيك أمرا يصعب تحمله!".
نظرت السيدة أيليوت الى سارة في حذر وقالت:
" طلب مني لوك ألا أتدخل بشؤونك ولذلك لن أرد على كلامك".
فقالت بلهجة ساخرة:
" طبعا , لا أحد بأمكانه ألا يطيع لوك!".
منتديات ليلاس
أجابت السيدة أيليوت بفخر وأعتزاز:
" كان لوك يبلغ الثانية عشرة من العمر عندما توفي والده , ثم أصبح هو رب العائلة".
وبنظرة آمرة من عينيها الزرقاوين , سمّرت سارة مكانها , تتحداها أذا تكلمت أو تحركت , ثم أضافت تقول:
" هذا الصبي عمل ساعات عديدة ليتمكن من أعلة عائلته ,وفي المساء عندما يسقط في سريره , يكون متعبا الى درجة أنه لا يقدر على خلع ملابسه أو تذوق أي طعام , وهذا النمط من الحياة كاد أن يقتله لو لم يكن يتمتع بقوة الأسد ,ولوك لا يرضى أبدا الخسارة! لقد جاهد وعمل وأقتصد حتى نتمكن من تدبير أحوالنا , ثم بدأ يبني ثروته , لقد قضى حياة قاسية يا سارة , والأحترام الذي نكنه له يستحقه تماما".
شعرت سارة بالخجل وقالت:
" أنا آسفة , أعرف كم بذل جهده من أجل أسعاد عائلته".
أسترخت السيدة أيليوت قليلا ثم قالت:
" ما أطلبه منك , يا سارة , هو ألا تثبطي عزيمته وسلطته , لوك يشبه جميع الرجال ولا يحب المرأة التي تحتقره , خاصة أذا كانت زوجته".
أحمّرت سارة بقوة وقالت:
" هل نسيت أنني عشت معه سنة بكاملها , وتعلمت أن أتعرف اليه؟".
منتديات ليلاس
هزّت سارة رأسها وقالت:
" ورحلت لأن لوك كان بحاجة الى مضيفة وليس لزوجة , أنا لم أكن أراه ألا في المناسبات , وأحتفالات العشاء , كان يبدو لطيفا أمام الناس , لكن زواجنا كان جحيما , بلا أي معنى".
كادت السيدة أيليوت أن تقول شيئا , لكنها تماسكت وتنهدت وقالت:
" لقد وعدت لوك ألا أتكلم بالموضوع ولذلك أرجو تغيير الحديث , سأتركك لتتدبري أمورك , العشاء يكون جاهزا في السابعة والنصف , لماذا لا تأخذين دوشا وترتاحين قليلا ؟ لا شك أن الرحلة في الطائرة متعبة ".
همست سارة وهي تنظر اليها متوجهة الى الباب:
" شكرا".
أخذت سارة حماما وأرتدت ثوبا خفيفا ثم تمددت على السرير وبيدها كتاب أخذته عن الرف فوق سريرها , راحت الكلمات تتأرجح أمام عينيها , وضعت الكتاب جانبا وأخذت تحدق في السقف , أنفتح الباب , فأنتفضت وقالت:
" لوك! ماذا تريد ؟ ألا يمكنك أن تطرق الباب قبل الدخول ؟".
أغلق الباب وراءه ثم أتكأ عليه وهو يرمقها بنظرة باردة , ثم سألها :
" هل ينقصك شيء؟".
" كلا , شكرا , كنت على وشك أن أنتزع ملابسي من الحقائب ".
" لا تهتمي بالأمر فالخادمة ستقوم بذلك".
" أفضل أن أفعل ذلك بنفسي , أريد أن أجلب فستانا أرتديه".
شعرت بتوتر , فنهضت ووضعت المئزر حولها وتوجهت نحو الحقائب المكدسة كيفما وضعها هنري , أقترب لوك لمساعدتها ولشدة توترها أوقعت حقيبة بكاملها على كاحلها , فأطلقت صرخة ألم وذعر , سألها لوك بسرعة مقتربا منها:
" ماذا فعلت بنفسك؟".
أنحنى قربها وراح يتفحص قدمها , ثم بدأ يمسّدها بلطف , فأحتجت وقالت مرتجفة:
" لا شيء يستحق هذا الأهتمام ".
سيزرق كاحلك غدا , لماذا لم تسأليني أن أساعدك في حمل هذه الحقائب؟ هنري لا يعرف أن يفعل شيئا تأن , يخطر في بالي أحيانا أن أخلع رقبته".
وبينما كان يتحدث معها , كان يواصل التدليك , فأمرته بصوت ثاقب:
" توقف , أرجوك , هذا يكفي".
فقال بصوت قاس:
" المعذرة , نسيت كم تكرهين أن ألمسك".
وقف ووضع الحقائب الواحدة قرب الأخرى على السرير وأشار برأسه قائلا بأقتضاب:
" سأراك وقت العشاء , ألا أذا كانت رؤيتي تزعجك".
ثم خرج من الغرفة مسرعا وصفق الباب وراءه , راحت سارة ترتجف وأرتمت قرب الحقائب , ستكون أقامتها قاسية أكثر مما تتصور , يجب عليها أن تحدثه في المساء عن رغبتها الملحة في الطلاق.فهي غير قادرة أن تواجه وجوده مطولا في هذا المنزل.