أنتفضت لدى سماعها طرقا على الباب فهتفت:
" أدخل".
دخل بيري , توقف على عتبة الباب مترددا , ثم نظر اليها نظرة ثانية وقال:
" كيف تشعرين اليوم؟".
تلألأت أبتسامة واسعة على وجه سارة فأجابت:
" أشعر بتحسن كبير , شكرا , وأنت, كيف حالك؟".
أطلق بيري زفرة أمتنان وقال:
" وأنا أيضا , أخذت يوم عطلة وبأمكاننا أن نقضيه معا , ما رأيك بنزهة في الجبل وبغداء في الحانة".
" آه ,أنها فكرة رائعة ,يا بيري , هل تعرف مكانا معينا؟".
" أعرف حانة في تودور , حيث الطعام لذيذ ونظيف , تقع قرب ساقية صغيرة , فتقوم بالنزهة قبل الغداء لتفتح شهيتك".
صفقت وقالت:
" رائع!".
سألها بيري محدقا بثوبها االأسود:
" كم يلزمك من الوقت لتصبحي جاهزة؟".
منتديات ليلاس
" أنك تعتبر ما أرتديه غامقا ,أليس كذلك؟".
" " حبيبتي , ربما أعتقدت أنني أنسان جاف لكن سام كان يكره الحداد ولا يحب أن يراك بثياب سوداء , تبدين شاحبة كالشبح".
تنهدت وأجابت:
"أنت على حق , سام لم يكن يريدني أن ألبس الحداد , فهو يحب الألوان الفاقعة , قال لي مرة , أن الحياة صنعت للأحياء , والحسرة الدائمة تسبب الأألم".
وضع بيري ذراعه حول كتفيها ونظر اليها بحنان وقال:
" ماذا لو ترتدين بزتك الرمادية؟ أنها تليق بك وتكونين هكذا بلباس نصف حداد".
أبتسمت وقالت :
" يا لك من دبلوماسي شاطر! حسنا , سأكون جاهزة بعد ربع ساعة".
أضاف بيري وهو يتوجه الى الباب:
" لا أصدق قبل أن أراك".
كانت بزتها الرمادية مصنوعة من القماش الصوفي الخفيف , السترة تصل الى الخصر والتنورة مكسر , ولما رآها بيري أطلق صفرة أعجاب , ثم أبتسم لها فسألته:
" ما رأيك؟".
" أنت رائعة!".
كانت الشمس تلمع وتحيط المنظر الخريفي بهالة ذهبية , بينما كانت السيارة تجوب الطرقات الضيقة المتعرجة , الأشجار بلا أوراق أول الشتاء تبرز جذوعها العارية بأناقة وسحر , الطيور السوداء تبحث عن الطعام في الحقول , ثم تطير من حقل الى آخر , أحتل سارة حزن وقنوط وقالت:
"الشتاء على الأبواب ".
وكذلك عيد الميلاد , أحب مراسم هذا العيد والأحتفالات , وأنت؟ أتعرفين أن والدتي ما زالت تقدم لي حذاء العيد ؟".
" آه , يا بيري ! صحيح؟".
" نعم , تتسلل الى غرفتي بالسر وتضعه تحت سريري خلال الليل , في الماضي كانت تملأه ألعابا , أما الآن فأرى في داخله مناديل أو عطورا , أو جوارب ,ودائما هناك برتقالة ملفوفة بالورق المذهب , بالنسبة اليّ , الميلاد .........يعني رائحة البرتقال وحفيف الورق حوله ".
" والداك أنسانان رائعان , يا بيري ! أنت محظوظ , أتعرف ذلك ؟ وأنتم جميعا متفقون داخل العائلة وهذا نادر في أيامنا , لم تعد العائلة كما كانت عليه من زمان".
" آه , لا شك أن العائلات السعيدة عددها كبير , أكثر مما تتصورين , في الصحف , لا يتحدثون ألا عن العائلات المنشقة".
" أنت على حق , أنا أيضا كنت سعيدة مع سام, وكنا متفقين تماما".
أوقف بيري السيارة قرب مجموعة منازل قديمة العهد تمتد أمامها حديقة واسعة , ثم قال:
" على أصحاب هذه المنازل أن يقطعوا العشب المكدس".
راحا يتمشيان ويتمتعان بهدوؤ وسكينة المكان , عرجا على كنيسة صغيرة مبنية من حجر , ثم وصلا الى طريق يؤدي الى النهر , الماء تنساب بكسل فوق المراعي المكسوة بالعشب الكثيف , الممر موحل , يتعرج تحت أشجار الحور فوق هوة عميقة ينبت فيها البيلسان وثمار العنب.
كانا يمشيان بصمت وبطء ويتأملان مياه النهر الخضراء , أحيانا تبرز سمكة من خلال تعرجات المياه والهواء يعبق برائحة الأوراق الميتة والأرض الرطبة .
فجأة توقف ببيري ونظر الى سارة وقال:
" هكذا أذن, عاد أيليوت الى الولايات المتحدة الأميركية ؟".
منتدي