لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-04-11, 06:04 PM   المشاركة رقم: 41
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم

الثورة.. النيران

انزعاج مذعور ارتسم على وجوه كل قيادات النظام تقريباً، بعد أن أثبتت الأحداث أنهم جميعاً كانوا على خطأ، في أن الشعب المصري لا يثور..

انزعاج جعل الوريث يهتف، على نحو هستيري:
- مستحيل! ما يحدث مستحيل! لقد أخبرتمونا أنها ستكون تظاهرة عادية، يمكن السيطرة عليها، ولكن ما أراه الآن يفوق كل تصوّر..

أجابه أمين الحزب، وهو يحاول التظاهر بالتماسك:
- ما زال الأمر تحت السيطرة.. وزير الداخلية هذا.. لقد أصدر أوامره بقمع ما يحدث، أياً كان الثمن.

صاح به الوريث في غضب شديد:
- يقمعها أين؟! وكيف؟! لقد شاهدت على شاشات التليفزيون تظاهرات في كل مدن الجمهورية تقريباً.. القمع أدى إلى نتيجة عكسية، وأثار الشعب أكثر.

بدأ أمين الحزب يفقد أعصابه، وهو يقول:
- ليس الشعب.. إنهم الإخوان المسلمون، و....

قاطعه الوريث في شراسة:
- هذا قول تخدعون به والدي، أنت وعزمي وحبيب؛ لأنه لا يتابع ما يحدث، إلا من خلال تقاريركم، ولكنني على عكسه، أتابع ما يحدث، على شاشات كل القنوات الفضائية.. لقد بدأ الأمر بالإطاحة بإمبراطور الحديد، وهذه خسارة لنا جميعاً، ولست أدري بمن سيضمّون تالياً؛ في محاولة لتهدئة الشارع، الذي لم أشاهده على هذا النحو من قبل قط.

ظهر رئيس الديوان في هذه اللحظة، وهو ممتقع الوجه، يقول في اضطراب:
- فخامة الرئيس أصدر أمراً جديداً.

التفت إليه الاثنان في انزعاج، فتابع، وصوته يضطرب أكثر:
- لقد تم قبول استقالتكما من الحزب.

اتسعت عينا أمين الحزب في ذهول مستنكر، في حين هتف الوريث في غضب وحشي:
- ماذا؟! استقالتي أنا أيضا؟!

أومأ رئيس الديوان برأسه إيجاباً، ووجهه ممتقع، فصرخ الوريث:
- لقد جنّ بالتأكيد.

كان وجه أمين الحزب المعزول محتقناً بشدة، ولكنه غمغم، محاولاً الحفاظ على تماسكه، الذي بدأ ينهار تدريجياً:
- لا تنس أنه والدك، و...

قاطعه الوريث في غضب هادر:
- لسنا هنا في لحظة المشاعر الإنسانية.

ثم انعقد حاجباه في شدة، وهو يضيف في شراسة، منتزعاً هاتفه:
- هذا أمر لا يمكن السكوت عليه.. لا بد وأن يفعل وزير الداخلية شيئاً... أي شيء.

غمغم أمين الحزب المخلوع:
- لديه خطة.

لم يكمل حديثه؛ لأن الوريث بدأ يتحدث مع وزير الداخلية، وهو يصرخ فيه في غضب:
- الأمور تفلت يا وزير.

بدا صوت الوزير شديد التوتر، وهو يقول:
- سنبدأ على الفور تنفيذ خطة الطوارئ، التي كنا ندّخرها لغضبة التوريث.. لقد استدعيت القناصة، وأصدرت أوامري بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.

صرخ فيه الوريث، قبل أن ينهي المحادثة في عنف:
- استخدم قاذفات اللهب لو استدعى الأمر.. أحرِقهم جميعاً عن بكرة أبيهم، قبل أن يحرقونا هم.

غمغم أمين الحزب السابق في توتر بالغ، فور انتهاء المحادثة:
- بمناسبة الحديث عن اللهب، هناك أمر شديد الأهمية ينبغي تنفيذه على وجه السرعة.

التفت إليه الوريث، متسائلاً بنظرة عصبية، فأضاف في اضطراب:
- كل مقارّ الحزب الوطني تحوي وثائق شديدة الخطورة، لو وقعت في يد المتظاهرين سنحاكم بسببها محاكمة عسيرة.

سأله رئيس الديوان في قلق:
- وماذا تقترح؟!

أجاب في حزم اختلط باضطرابه:
- الفوضى أمر يرتبط بكل التظاهرات العنيفة، ولو اشتعلت النيران في مقار الحزب الوطني، سينسب هذا إلى المتظاهرين بالتأكيد.

بدا رئيس الديوان مبهوتاً، في حين تساءل الوريث في عصبية:
- هل تقترح أن نُشعل النار في مقار الحزب الوطني؟!

أشار الأمين المخلوع بسبّابته، مجيباً:
- وأن نبدأ بالمقر الرئيسي.

ثم مال على أذن الوريث، مغمغماً:
- الذي يحوي حجرة الجحيم.

انعقد حاجبا الوريث في شدة، في حين امتقع وجه رئيس الديوان، وهو يغمغم:
- الناس تطالب الآن بالتغيير، ولو نفّذنا ما تريدانه في ظل هذه الظروف قد يتحوّل الأمر إلى ثورة.

تراجع الأمين المخلوع، وهو يقول:
- هذا أدعى لسرعة التنفيذ.

زاد انعقاد حاجبي الوريث لحظات، قبل أن يقول في صرامة، حملت كل شراسته وعصبيته وانفعاله:
- نفّذ.

"الشعب يريد إسقاط النظام"..
تعالت الهتافات في ميدان التحرير في تلك اللحظات، وقد تضاعف إصرار الشعب على رحيل النظام، بعد ما شاهده من عنف الشرطة، وتجاوزات لعبة البلطجة، وتشارَك الكل في هتاف واحد، وعلاء يهتف:
- الدكتور عبد الله هنا.. لقد لمحته وسط المتظاهرين.

هتف به خالد:
- الشعب كله هنا يا علاء.. لقد حدث ما تمنّيناه ولم يتوقّعوه.

أمسكت علياء يد خالد اليسرى، وهي ترفع لافتة كبيرة بيمناها، هاتفة:
- نحن فعلناها.. نحن فعلناها.

ثم أضافت، ودموع السعادة تسيل على وجنتيها:
- تصوّروا أن فيحاء أيضا قد خرجت للتظاهر، وأنا التي كنت أتصوّر أنها لا تهتم بمثل هذه الأمور.

هتفت نهى:
- وأمي أيضا.. تصوّروا.

قال سامي، وهو يتعاون مع فتحي، في رفع لافتة، تطالب الرئيس بالرحيل:
- ما فعلته الشرطة استفزّ الناس أكثر، وبيّن لهم كم أن النظام يعتمد على القمع في سياسته.

هتف فتحي:
- آن الأوان لتغيير هذه السياسة.

أضاف أحمد في حماس شديد:
- وإلى الأبد.

نقل تامر بصره بينهم في حماس، ثم ارتفع صوته بالهتاف:
- الشعب يريد إسقاط النظام..

انتفض قلب نيفين بالحماس، وهي تتابع كل هذا على شاشات القنوات الفضائية، ووجدت نفسها تهتف، وهي تجلس داخل منزلها:
- نعم.. الشعب يريد إسقاط النظام.

فتح صفوت الباب في هذه اللحظة، وبدا مشتعلاً بالغضب، وهو يهتف بها:
- أية حماقة تردّدينها؟! لقد بلغ صوتك مدخل البناية.

التفتت إليه، هاتفة في فرح:
- الثورة اندلعت في مصر.

صرخ فيها، وهو يخلع سترته، ويلقيها جانباً:
- أيفرحك هذا؟!

استعادت روح التحدي، وهي تقول:
- بالتأكيد.

ثم سألته قبل أن ينفجر في وجهها:
- ولكن كيف عدتَ إلى المنزل في مثل هذه الظروف؟! تصوّرت أنكم في ظروف طارئة للغاية!

أجابها في حدة عصبية:
- إننا كذلك يا هانم، ولكنك لا تدركين.

وخلع سرواله، وهو يكمل، وعصبيته تتضاعف:
- الدنيا كلها في ميدان التحرير!! لست أدري من أين يتوافدون، ولا كيف يتفقون، بعد أن أوقفنا شبكات الإنترنت والاتصالات؟! كيف؟!

أجابته في تحدّ:
- الثورات تشتعل منذ الأزل بدون إنترنت ولا اتصالات.
صاح بها في لهجة آمرة:
- اسمعي.. لست مستعداً لمناقشة فلسفاتك العبيطة هذه الآن.. أعدّي لي وجبة سريعة، حتى أعود إلى العمل، بعد أن أستبدل ملابسي.

دسّت قدميها في حذاء مطاطي، وهي تقول في تحدّ:
- ليس لديّ وقت لهذا، فأنا ذاهبة.

بدا كوحش شرس، وهو يسألها:
- إلى أين؟!

أجابته، وهي تتجه إلى الباب:
- ميدان التحرير.

ارتفع حاجباه في ذهول مستنكر، وصرخ فيها، وهي تفتح الباب:
- فليكن في معلومك أنك لو عبرت هذا الباب، فأنت طالق.

التفتت إليه بنظرة ساخرة، وقالت في هدوء مستفزّ:
- أشكرك.

وعبرت الباب، وأغلقته خلفها في عنف، تاركة إياه خلفها، وقد احتقن وجهه..
بمنتهى الشدة.

يُتبَع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 13-04-11, 10:09 PM   المشاركة رقم: 42
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مميز
القلم الذهبي الثالث
روح زهرات الترجمة


البيانات
التسجيل: Feb 2010
العضوية: 155882
المشاركات: 14,420
الجنس أنثى
معدل التقييم: katia.q عضو مشهور للجميعkatia.q عضو مشهور للجميعkatia.q عضو مشهور للجميعkatia.q عضو مشهور للجميعkatia.q عضو مشهور للجميعkatia.q عضو مشهور للجميعkatia.q عضو مشهور للجميعkatia.q عضو مشهور للجميعkatia.q عضو مشهور للجميعkatia.q عضو مشهور للجميعkatia.q عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 16186

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
katia.q غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

يسلمووووووووووووووا
متابعاكي داااااااااااائما
وألف شكر علي مجهودك
(ومبروك علي الاشراف)



 
 

 

عرض البوم صور katia.q   رد مع اقتباس
قديم 14-04-11, 07:04 AM   المشاركة رقم: 43
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة katia.q مشاهدة المشاركة
   يسلمووووووووووووووا
متابعاكي داااااااااااائما
وألف شكر علي مجهودك

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة katia.q مشاهدة المشاركة
  
(ومبروك علي الاشراف)






السلام عليكم

كيف حالكـ كاتيا ؟؟؟

الله يسلمك أختي .... و إن شاء الله تستمتعي مع الدكتور نبيل

و كل محبين الدكتور نبيل متابعينه ....

العفــو أختي هذا أقل شيء عشان أحلى ناس

الله يباركـ فيك .... إن شاء الله أكون عند حسن ظن الكل بي

سلاااااااااااااام

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 14-04-11, 07:58 PM   المشاركة رقم: 44
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم

الفصل الأخيـــــــــــــــــــر

الثورة.. (الأخيرة)

تلفّت الدكتور عبد الله حوله، غير مصدق لما تراه عيناه، في ذلك الميدان الشهير في قلب العاصمة..
الشعب كله خرج بالفعل، ينادي برحيل النظام..
شباب من مختلف الفئات والأعمار..
شيوخ.. ونساء.. وحتى أطفال..
مثقفون.. وحرفيون.. وموظّفون.. وعمال..
الكل اتّفق على هتاف واحد، ينادي بالرحيل..

حتى هو، لم يصدّق يوماً أنه يمكن أن يخرج في مشهد كهذا، وهو الذي تحاشى السياسة طيلة عمره، وها هو ذا الآن وسط تظاهرة كبرى، ضمّت كل الشعب تقريباً..

حتى زوجته نوال خرجت، والحاج فؤاد وزوجته، وأبناء جيرانه، وزملاء الجامعة، ورجال الأزهر...

صحيح أن الرئيس قد أعلن عدم ترشيح نفسه للرئاسة في الانتخابات القادمة، ولكن هذا لم يُثلج قلب الشعب كما تصوّر، وإنما زاده غضباً واشتعالاً ومطالبة بالرحيل..

من بعيد لمح مجموعة خالد، وهي تهتف وسط المتظاهرين، فتهللت أساريره، وحاول أن يشقّ طريقه إليهم، و...

وفجأة، حدث أمر يفوق كل خيال..

جمال وخيول وحمير اخترقت الميدان براكبيها، واندفعت وسط المتظاهرين، وكأننا في مشهد من القرن التاسع عشر، أو في مشهد من فيلم رديء من أفلام الدرجة الثالثة وما تحتها..

وبلا رحمة، وفي اندفاع أعمى، راح من يقودون تلك الحيوانات يصطدمون بالمتظاهرين، ويدوسونهم تحت حوافر وخفاف، وساد هرج ومرج بلا حدود..

ومن أسطح البنايات، سقطت زجاجات مشتعلة، وانطلقت رصاصات حية..
وسقط شهداء..
شباب في عمر الزهور سقطوا..
دماء طاهرة أريقت في الميدان..
ثورة عارمة حلّت في المكان..

"لا تتراجعوا"
هتف خالد بالعبارة وهو يحمي علياء بجسده، ويشير إلى رفاقه، وصرخ فتحي يؤيده في حماس:
- نحن أكثر عدداً.. لا تسمحوا لهم بتفريقكم.

كانت صرخاته تضيع وسط صرخات الآخرين، ولكن سامي اندفع نحو أحد الخيول، وانضم إليه علاء، في حين خلع أحمد حزامه، وألقاه ممسكاً بطرفه، ليلتف حول قائم أحد الجمال، وساعده تامر في جذب الطرف الثاني للحزام..

واختل توازن الجمل، وسقط مع راكبه وسط المتظاهرين..
وبدأ قتال من نوع عجيب..

شباب المتظاهرين انقضّ على ركاب الخيول والجمال والحمير، وامتلأ قلبه ببسالة تشفّ عن معدنه، وبدأت الصورة تنقلب رأساً على عقب، واستعاد المتظاهرون السيطرة على الموقف..
وكانت مفاجأة للمعتدين..

لم يتصوّروا أبداً أن يكون شباب مصر بهذه البسالة..
لم يتصوّروا..
ولم يتوقعوا..

ومن أعلى أسطح البنايات، المطلة على ميدان التحرير، بدأ مجموعة من قناصة الأمن عملهم القذر، وانطلقت من بنادقهم رصاصات حية..
رصاصات أصابت الكثير من الأهداف..
الحية أيضا..
وتساقط الشهداء..

تساقطوا، وامتزجت دماء بعضهم ببعض، وتحوّل الميدان إلى ساحة حرب غير عادلة، فيها طرف يقتل بلا رحمة، وآخر يفتح صدره للنيران، ويواصل هتافه المطالب برحيل النظام، مضافاً إليه هتاف آخر، بمحاسبة من يفعل هذا..

وفي ديوان رئاسة الجمهورية، بدا الرئيس عصبياً، وهو يتساءل:
- ماذا يحدث في مصر بالضبط؟!

ناوله رئيس الديوان المذكرة الرسمية، المرسلة من وزارة الداخلية، والتي تؤكّد -رسمياً- أن الأمر كله يقتصر على ألف وخمسمائة متظاهر في مدينة السويس، وضِعفهم في ميدان التحرير، ونسبتهم جميعاً إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأكّدت القدرة على السيطرة عليهم، في غضون ساعات..

قرأ الرئيس التقرير في سرعة، ثم رفع عينيه إلى رئيس الديوان، يسأله:
- أهذا صحيح؟!

كانت مشكلة الرئيس الأساسية، هي أنه قد عزل نفسه عن شعبه تماماً، منذ أمد بعيد، بعد أن أقام الأمن حوله أسواراً عالية، بحجة حمايته من شعبه، وارتضى هو بتلك الأسوار، مولياً ثقته لأمن لا يوليه ثقته، ولا يفترض أنه هناك في شعبه من يضمر له خيراً..

ولقد أقام هو بدوره مزيداً من الأسوار حول نفسه، عندما عزف عن مطالعة الصحف، أو مشاهدة البرامج التليفزيونية العالمية، مكتفياً بالتقارير المختصرة، التي يقدّمها له رئيس الديوان، والذي حرص على إيصال صورة زائفة له طوال الوقت، كجزء من ضمان لعبة السيطرة عليه..

وحتى عندما كان الرئيس يلتقي بالصحافة والإعلام، كان رئيس الديوان ومعاونوه يطالبون رجال الإعلام بعدم ترديد ما يزعج الرئيس..
لقد كان معزولاً ومغيّباً بالفعل..
وبكامل إرادته..

وداخل قصر الرئاسة، وعلى الرغم من إدراك الجميع لما يحدث، لم يحاول شخص واحد، أو يجرؤ، على إخباره بالحقيقة..
بل على العكس تماماً، كانوا يخبرونه طوال الوقت بأن الأمور محدودة، وأنها مجرّد عاصفة مؤقتة، سرعان ما تمضي في سلام..

ولقد اكتفى الرئيس برد رئيس الديوان، وغمغم في تهالك، يتناسب مع سنوات عمره، التي اقتربت من الثمانين:
- ماذا يريدون إذن؟!

تبادل الموجودون نظرة صامتة، دون أن يجيب أحدهم بحرف واحد، فواصل وصوته يزداد تهالكاً:
- لقد أخبرتهم أنني لن أتقدّم للترشيح في الانتخابات القادمة، وقبلت استقالة ابني من الحزب، وهذا يعني إنهاء فكرة التوريث، التي كانت تغضبهم، فماذا يريدون؟!

تجرأ أحدهم، وغمغم:
- يريدون إسقاط النظام كله.

تساءل الرئيس، وقد انكشف قناع الثبات الزائف عنه، وبدا على حقيقته، كشيخ عجوز:
- ولماذا يريدون إسقاط النظام؟! لقد وعدتهم بإصلاح كل الأمور، في الشهور المتبقية.. سأقوم بتعديل الدستور، وحذف المواد التي يرفضونها، وسأطلق الحريات، و.....

غمغم ذلك الشخص، دون أن ينتبه إلى ما في هذا من مجافاة للرسميات:
- يبدو أن القرار قد جاء متأخراً للغاية يا سيادة الرئيس.

التفت إليه الرئيس بنظرة غاضبة، فأمسك رئيس الديوان بيد الرجل، وقال في صرامة:
- انصرف فوراً.

لم يكتفِ بالقول، وإنما جذبه من يده إلى الخارج، وهو يهمس في صرامة:
- ما كان ينبغي أن تقول هذا في مثل هذه الظروف.

أجابه الرجل في عصبية:
- بل هذا ما كان ينبغي أن تقوله أنت في مثل هذه الظروف.. البلد في حالة ثورة، ولا توجد سوى طريقة واحدة لتهدئتها.

سأله رئيس الديوان في غضب:
- وما هي؟!

توقّف الرجل فجأة، والتفت إليه، مجيباً في حزم:
- تنحّي الرئيس.

ولم يعترض رئيس الديوان..
بل لم ينبس بحرف واحد..

"لقد هزمناهم"..
هتف بها خالد في حماس، بعد إتمام السيطرة على ركاب الخيول والجمال، وهتفت معه علياء، في حماس أكثر:
- لن نتراجع حتى يرحل الرئيس.

بدأ الفريق كله يردّد الهتافات بسقوط الرئيس، واحتضنت علياء كفّ خالد، وكأنها تجد فيه الدفء والأمان، وهي تهتف بكل الحماس، هتاف شاركها فيه الشعب كله..

ومن سطح بناية عالية لمح أحد القناصة من خلال عدسة منظار بندقيته الغادرة، أيديهما المتشابكة، فصوّب بندقيته إلى رأس خالد، مدفوعاً برغبة وحشية في هدم تلك العاطفة الشريفة..
وبلا تردّد.. ضغط الزناد..
وانطلقت رصاصته..

وفي نفس اللحظة كان الدكتور عبد الله قد اقترب من المجموعة، ولمح ذلك الوميض أعلى البناية، فصرخ وهو يندفع نحوهم:
- احترسوا.

حمى خالد بجسده، دون أن يدري حتى أنه الهدف المنشود..
ولكن الرصاصة واصلت طريقها.. وأصابت هدفاً..
أصابت جسد الدكتور عبد الله.. مباشرة..

واتسعت عينا الأستاذ الجامعي، وهو يسقط بين أيدي تلامذته، فهتف خالد، وهو يلتقطه بذراعيه مذعوراً:
- دكتور عبد الله!!

رفع الرجل عينيه إليه، متسائلاً في وهن:
- أأنتم بخير؟!

هتف سامي:
- أنت مصاب يا دكتور.

أشار الدكتور عبد الله بيده في ضعف، قائلاً بابتسامة تُحتضر:
- المهم أنكم بخير.. أنتم المستقبل.

كانت آخر عبارة خرجت من بين شفتيه، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بين أيديهم..

وفي ذهول ملتاع حدّق أفراد المجموعة كلهم في جسده الطاهر، وفي دماء الشهادة، التي سالت منه؛ لتروي أرض ميدان التحرير، ثم تبادلوا نظرة قوية، حلّ الإصرار فيها محلّ الذهول والألم، قبل أن ترتفع رؤوسهم عالية..

كانت الرصاصات الغادرة ما زالت تنطلق، والدماء ما زالت تراق من أجل الحرية، ولكنهم، وبلا كلمة واحدة، اتخذوا قراراً واحداً حاسماً..
لقد فتحوا صدورهم للنيران، وأطلقوا صرخة رجل واحد..
وانقضّوا..
واشتعلت الثورة كاملة..
حتى النصر.

تمت بحمد الله



 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 15-04-11, 06:15 PM   المشاركة رقم: 45
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 164947
المشاركات: 858
الجنس أنثى
معدل التقييم: alaagalal عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 25

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
alaagalal غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 

ازيك عهد عمله ايه
مبروك على تكملة القصة
هى القصة بجد جميلة فى الفصول الاولى واخرتها مؤثرة بس حسة ان فى حاجة ناقصة

 
 

 

عرض البوم صور alaagalal   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثورة, الثورة المصرية, الدكتور نبيل فاروق, عهد amsdsei
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:22 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية